• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. أمين بن عبدالله الشقاوي / درر منتقاه
علامة باركود

الجنة والنار كأنهما رأي العين

د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/10/2013 ميلادي - 27/11/1434 هجري

الزيارات: 44294

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجنة والنار كأنهما رأي العين


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

وبعد:

فقد خلق الله الجن والإنس ليعبدوه ويوحدوه ويطيعوه، ووعد من أطاعه بالجنة فضلاً منه، وتوعد من عصاه بالنار عدلاً منه.


والجنة والنار مخلوقتان، قال تعالى في الجنة: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]. وقال في النار: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 24].


روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنهما - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ"[1].


فالجنة ثواب أولياء الله المطيعين له ولرسله، والنار عقاب أعداء الله العاصين له ولرسله، ولا يظلم ربك أحداً، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والسيئة بمثلها أو يعفو الله عنها.


وقد أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم - عن شدة حر هذه النار فقال: " نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ"[2] متفق عليه.


وجهنم عظيمة مخيفة، روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا"[3].


قال تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23]. وجهنم قعرها بعيد، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم - إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً فَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم -: "تَدْرُونَ مَا هَذَا؟" قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الْآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا"[4].


والعصاة في النار على دركات، روى مسلم في صحيحه من حديث سمرة بن جندب- رضي الله عنه -أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال عن النار: "مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حُجْزَتِهِ[5]، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى تُرْقُوَتِهِ"[6][7]. والحجزة مقعد الإزار.


روى البزار وأبو يعلى في مسنديهما من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "لَو كَانَ فِي هَذَا المَسجِدِ مِئَةُ (أَلفٍ) أَو يَزِيدُونَ، وَفِيهِ رَجُلٌ مِن (أَهلِ) النَّارِ فَتَنَفَّسَ فَأَصَابَ نَفَسُهُ، لَاحتَرَقَ المَسجِدُ وَمَن فِيهِ"[8].


وَ"أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ يَلْبَسُ نَعْلَينِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ".


روى مسلم في صحيحه من حديث العباس- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ"[9]. وطعام أهل النار الضريع، قال تعالى: ﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴾ [الغاشية: 6]. والضريع شجر ذو شوك عظيم قد بلغ غاية الحرارة والمرارة وقبح الرائحة، وكذلك الزَّقُّوم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ﴾ [الدخان: 43 - 46]. والزقوم: شجرة خبيثة المنظر، كريهة الرائحة، مرة الطعم.


روى الإمام أحمد في مسنده من حديث مجاهد: أَن الناسَ كانوا يطوفونَ وابنُ عباس جالس معه محجن، فقال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، وَلَو أَنَّ قَطرَةً مِنَ الزَّقُومِ قَطَرَت لَأَمَرَّت عَلَى أَهلِ الأَرضِ عَيشَهُم، فَكَيفَ مَن لَيسَ لَهُم طَعَامٌ إِلَّا الزَّقُومُ؟!"[10].


وكذلك طعامهم الغسلين: وهو صديد أهل النار، والقيح، والدم، والعرق.


قال تعالى: ﴿ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ ﴾ [الحاقة: 35 - 37].


وشراب أهل النار الحميم الذي بلغ غاية الحرارة إذا قُرِّبَ من وجوههم شواها حتى يتساقط اللحم، فإذا شربوه قطع أمعاءهم: ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29].


والماء المهل كالزيت المحروق أسود غليظ منتن، قال تعالى: ﴿ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15]. وكذلك الغَسَّاق، قال تعالى: ﴿ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ﴾ [النبأ: 24، 25]. والغَسَّاق: قال ابنُ الأثير: الغساق: بالتخفيف والتشديد، ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم، وقيل: ما يسيل من دموعهم، وقيل: هو الزمهرير[11]، فهو باردٌ لا يُستطاعُ مِن برده، ولا يُواجَه مِن نتنه[12]، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "لَو أَنَّ دَلوًا مِن غَسَّاقٍ يُهرَاقُ فِي الدُّنيَا، لَأَنتَنَ أَهلَ الدُّنيَا"[13] فجهنم لها ألوان من العذاب، قال تعالى: ﴿ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴾ [ص: 57، 58].


وأما الجنة فإن نعيمها يفوق الوصف، ويقصر دونه الخيال ليس لنعيمها نظير فيما يعلمه أهل الدنيا، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لَيْسَ في الجَنَّةِ مِمَّا فِي الدُّنْيَا إِلَّا الأَسْمَاءُ، هِيَ وَاللَّهِ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ وَقَصْرٌ مَشِيدٌ، وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ، وَفَاكِهَةٌ نَضِيجَةٌ، وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ، وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبَدًا، فِي دُورٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ. وَلَمَّا سُئِلَ- صلى الله عليه وسلم - عَنْ صِفَةِ بِنَائِهَا، قَالَ: "لَبِنَةُ ذَهَبٍ وَلَبِنَةُ فِضَّةٍ، ومِلَاطُهَا[14] الْمِسْكُ الأَذْفَرُ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ، وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ، مَنْ يَدْخُلْهَا يَنْعَمْ لَا يَبْؤُسُ، ويَخْلُدُ لَا يَمُوتُ، وَلَا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ"[15].


قال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾ [الإنسان: 20]. وما أخفاه الله عَنَّا من نعيم الجنة عظيم لا تدركه العقول ولا تصل إلى كنهه الأفكار، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]"[16].


وأول من يدخل هذه الجنة نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم -، روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ"[17].


وأول زمرة يدخلون الجنة جاء وصفهم في الصحيحين من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - قال النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتْفِلُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ"[18].


وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا[19] مُرْدًا بِيضًا جِعَادًا مُكَحَّلِينَ، أَبْنَاءَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى خَلْقِ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا"[20].


قال ابن القيم- رحمه الله -: "وفي هذا الطول والسن من الحكمة ما لا يخفى فإنه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذات لأنه أكمل سن القوة مع عظم آلات اللذة وباجتماع الأمرين يكون كمال اللذة وقوتها، بحيث يصل في اليوم الواحد إلى مائة عذراء"[21].


وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه - عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ[22] ظُفُرٌ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ بَدَا، لَتَزَخْرَفَتْ[23] لَهُ مَا بَيْنَ خَوَافِقِ[24] السَّمَاوَاتِ وَالَأرْضِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَ فَبَدَا أَسَاوِرُهُ لَطَمَسَ ضَوْءَ الشَّمْسِ، كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ"[25].


ومكان هذه الجنة كما قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ [المطففين: 18]. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: الجنة، وقيل: عليون في السماء السابعة تحت العرش، وذكر بعض السلف آثاراً تدل على أن الجنة فوق السماء السابعة كما في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ"[26].


والجنة لا موت فيها، ولا هَمٌّ، ولا حزن، بل قال بعض أهل العلم: أهل الجنة لا ينامون لأن النوم أخو الموت، ولا يكون إلا من تعب، والجنة لا تعب فيها ولا نصب، قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ [فاطر: 34، 35].


روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]"[27].


قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "والجنة ليس فيها شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار، لكن تعرف البكرة والعشية بنور يظهر من قبل العرش"[28].


والجنة درجات بعضها فوق بعض وأهلها متفاضلون بحسب منازلهم، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا ﴾ [طه: 75]. وقال تعالى: ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 21].


روى مسلم في صحيحه من حديث المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، قَالَ: رَبِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ[29]، قَالَ: وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِڬ: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17].


أما حورها فإن الله تعالى قال عنهن: ﴿ وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾ [الواقعة: 22، 23]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ [الواقعة: 35 - 37]. وقال تعالى: ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ﴾ [البقرة: 25]. قال جمع من المفسرين: مطهرة من الحيض والبول، والنفاس، والغائط، والمخاط، وغير ذلك من الأقذار والأذى[30]. روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا - يعني الخمار - عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"[31].


أما رؤية المؤمنين لربهم في الجنة ورضاه عنهم، فإن ذلك من أفضل النعم التي يكرم الله بها أهل الجنة، روى مسلم في صحيحه من حديث صهيب الرومي- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْڬ"، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26][32].


وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه - قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ؟ فَيَقُولُ: أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ! فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا"[33].


وبعد ما عرف المؤمن ما أعد الله للكفرة والعصاة من العذاب والنكال، وما أعده كذلك للمؤمنين المتقين من الكرامة والنعيم، فإنه يجب عليه أن يسعى لفكاك نفسه من النار، قال- صلى الله عليه وسلم -: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ"[34]. والمسارعة بالطاعات والقربات لينال الدرجات العلى، قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].


قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا ﴾ [طه: 75].


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] برقم 2662.

[2] برقم3265 وصحيح مسلم برقم 2843.

[3] برقم 2842.

[4] برقم 2844.

[5] الحجزة: مقعد الإزار.

[6] التروقة: العظم الذي عند ثغرة النحر وللإنسان ترقوتان جانبي النحر.

[7] برقم 2845.

[8] (البزار) البحر الزخّار برقم 9623، وأبو يعلى برقم 6670 واللفظ له، وصححه الألباني- رحمه الله - في السلسلة الصحيحة برقم 2509.

[9]برقم 3883 وصحيح مسلم برقم 209.

[10] (4/467) برقم 2735، وقال محققوه إسناده صحيح على شرط الشيخين.

[11] النهاية في غريب الحديث (3/366).

[12] تفسير ابن كثير (14/233).

[13] (17/231) برقم 11230، وقال محققوه حديث حسن لغيره.

[14] الملاط: المادة التي توضع بين اللبنتين.

[15] مسند الإمام أحمد (13/410) برقم 8043 وقال محققوه حديث صحيح بطرقه وشواهده.

[16] برقم 3244 وصحيح مسلم برقم 2824.

[17] برقم 197.

[18] برقم 3245 وصحيح مسلم برقم 2834.

[19] جرداً مرداً: قال السندي: الأول جمع أجرد وهو من لا شعر على جسده، والثاني جمع أمرد وهو من لا شعر على ذقنه، والجعد في صفات الرجال يكون مدحاً وذماً، فالمدح معناه أن يكون شديد الأسر والخلق، أو يكون جعد الشعر وهو ضد السبيط لأن السبوطة أكثرها في شعور العجم، وأما الذم فهو القصير المتردد الخلق. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (1/256-257).

[20] (13/315) برقم 7933 وقال محققوه حديث حسن بطرقه وشواهده.

[21] حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص104 بتصرف.

[22] يُقِلُّ: أي يحمل.

[23] تزخرفت: تزينت.

[24] خوافق: جمع خافق وهو الأفق.

[25] (3/57) برقم 1449 وقال محققوه حسن.

[26] برقم 7423.

[27] برقم 2837.

[28] الفتاوى (4/312).

[29] برقم 189.

[30] تفسير ابن كثير (1/63).

[31] برقم 2796.

[32] برقم 181.

[33] برقم 7518 وصحيح مسلم برقم 2859.

[34] جزء من حديث في صحيح مسلم برقم 1016.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجنة والنار
  • وجبت له النار!
  • الجنة والنار مخلوقتان الآن
  • خطبة عن الجنة والنار
  • الجنة والنار عند المسلمين
  • صور من تكريم الله لأهل الجنة
  • حديث: تحاجت الجنة والنار
  • فضل قدر الذراع من الجنة

مختارات من الشبكة

  • من تمام النعيم في الجنة مرافقة الصفوة من الخلق في الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة...(مقالة - ملفات خاصة)
  • الجنة دار الطيبين (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا يدخل أهل الجنة الجنة أبناء ثلاث وثلاثين؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • من نعيم الجنة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاهيم ومصطلحات دراسة: ألفاظ الجنة في القرآن الكريم(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الجنة والنار وبعض ما يتعلق بهما(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب