• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ دبيان محمد الدبيان / بحوث ودراسات
علامة باركود

بيع ما ليس عند البائع

الشيخ دبيان محمد الدبيان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/11/2010 ميلادي - 21/12/1431 هجري

الزيارات: 188131

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بيع ما ليس عند البائع

الشيخ دبيان محمد الدبيان

dobayan1@hotmail.com

 

بيع ما ليس عند البائع تدخل فيه صور كثيرة جداً، وقد كان محل عناية لي في بحث خاص، وقد جاءت أمهات مسائله أكثر من أربعين مسألة فقهية، منها القديم، ومنها المعاصر، وتأتي مجموع مسائله الفرعية أكثر من مائة مسألة فقهية، وسوف أختار تحت هذا العنوان ما هو ألصق به من هذه المسائل، وأقسمه إلى فصول، ومباحث، ومن أراد أن يطلع على صور بيع ما ليس عند البائع فليرجع إلى الكتاب الخاص، أسأل الله أن ييسر لي طبعه، لينفع الله به.

 

الفصل الأول

الأحاديث الواردة في النهي عن بيع ما ليس عند البائع

الحديث الأول:

روى أحمد من طريق أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام، قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك.

 

ورواه أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله إني اشتري بيوعاً، فما يحل لي، وما يحرم علي؟ فقال لي: إذا بعت بيعاً فلا تبعه حتى تقبضه[1].

 

ورواه ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تبع طعاماً حتى تشتريه وتستوفيه. رواه الشافعي، وأحمد، والنسائي، والبيهقي وغيرهم، واللفظ للنسائي[2].[المحفوظ في إسناده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى] [3].

 

الحديث الثاني:

روى أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن[4].

[إسناده حسن] [5].

 

الحديث الثالث:

رواه الطبراني من طريق موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله ابن عبيدة.

 

عن عتاب بن أسيد، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له حين أمره على مكة، هل أنت مبلغ عني قومك ما آمرك به، قل لهم: لا يجمع أحد بيعاً ولا سلماً، ولا بيع أحد بيع غرر، ولا بيع أحد ما ليس عنده[6].

[ضعيف جداً] [7].

 

الحديث الرابع:

ما رواه أحمد، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، ثنا مطر الوراق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يجوز طلاق، ولا بيع، ولا عتق، ولا وفاء نذر فيما لا يملك[8].

 

ورواه أبو داود من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد به، بلفظ: (لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك..)الحديث.

 

[ذكر بيع ما لا يملك تفرد بها مطر الوراق، وهو سيء الحفظ، وقد رواه غيره عن عمرو بن شعيب ولم يرد فيه ذكر النهي عن بيع ما لا يملك] [9].

 

الفصل الثاني

خلاف العلماء في تفسير حديث (لا تبع ما ليس عندك)

 

اختلف الناس في تفسير حديث:  «لا تبع ما ليس عندك» إلى ثلاثة أقوال، ذكرها ابن تيمية في مواضع من كتبه، ونقله عنه موافقاً له تلميذه ابن القيم[10]، خلاصتها:

القول الأول:

ذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أن حديث حكيم بن حزام إنما ينهى عن بيع الأعيان المعينة، ليكون بيع الموصوف في الذمة ليس داخلاً تحته مطلقاً، لا حالاً، ولا مؤجلاً، ويستدل لذلك بأنه إذا جاز بيع السلم المؤجل بالإجماع، مع كونه ليس عند البائع، وقت العقد، جاز السلم الحال من باب أولى [11].

 

وأجاب ابن تيمية:

بأن هذا ضعيف جداً، فإن حكيم بن حزام ما كان يبيع شيئاً معيناً، هو ملك لغيره، ثم ينطلق فيشتريه منه، ولا كان الذين يأتونه يقولون له: نطلب عبد فلان أو دار فلان، وإنما الذي يفعله الناس أن يأتيه الطالب، فيقول: أريد طعام كذا، وكذا، وثوباً صفته كذا وكذا، فيقول: نعم أعطيك، فيبيعه منه، ثم يذهب، فيحصله من عند غيره إذا لم يكن عنده، ولهذا قال: يأتيني، فيطلب البيع ليس عندي، لم يقل: يطلب مني ما هو مملوك لغيري.

 

فالطالب قد طلب الجنس، ولم يطلب شيئاً معيناً، كما جرت عادة الطالب[12].

 

وأرى أن قول الشافعي أقوى، وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك.

 

القول الثاني:

ذهب الجمهور إلى أن النهي عن بيع ما ليس عند البائع يشمل أمرين:

بيع المعين مما ليس مملوكاً له.

وبيع الموصوف في الذمة إذا كان حالاً، وهو ما يسمى بالسلم الحال[13].

 

قال الجصاص:  «ومنه ما روي أن حكيم بن حزام قال: يا رسول الله، إني أرى الشيء في السوق ثم يطلبه مني طالب، فأبيعه، ثم أشتريه، فأسلمه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: لا تبع ما ليس عندك. فهذا عموم في كل بيع لما ليس عند الإنسان سواء، كان عيناً أو في الذمة»[14].

 

ورأى الجمهور أن عموم حديث لا تبع ما ليس عندك يقتضي النهي عن بيع ما في الذمة إذا لم يكن عنده، وهو يتناول النهي عن السلم مطلقاً، لكن جاءت الأحاديث في جواز السلم المؤجل، فبقي النهي عن السلم الحال.

 

قال ابن العربي:  «المراد بقوله في الحديث: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع ما ليس عندك، يعني في ملكك»[15].

 

وقد انتقد ابن تيمية المنع من بيع السلم الحال إذا كان المبيع في ملك البائع، والبائع قادر على تسليم المبيع، وبين أن حكيم بن حزام إنما سأله عن بيع شيء في الذمة يبيعه حالاً؛ لأنه قال: أبيعه، ثم أذهب فأبتاعه، فقال له: لا تبع ما ليس عندك، فلو كان السلم الحال لا يجوز مطلقاً، لقال له ابتداء: لا تبع هذا، سواء كان عنده أو ليس عنده، فإن صاحب هذا القول يقول: بيع ما في الذمة حالاً لا يجوز، ولو كان عنده ما يسلمه [16].

 

القول الثالث:

يرى ابن تيمية أن النهي في حديث لا تبع ما ليس عندك، يشمل أمرين:

الأول: النهي عن بيع المعين إذا لم يكن عنده.

الثاني: النهي عن بيع السلم الحال إذا لم يكن عنده، فإن كان عنده وقت العقد جاز.

 

قال ابن تيمية: أظهر الأقوال: أن الحديث لم يرد به النهي عن السلم المؤجل ولا الحال مطلقاً، وإنما أريد به النهي عن بيع ما في الذمة مما ليس مملوكاً له، ولا يقدر على تسليمه، ويربح فيه قبل أن يملكه، ويقدر على تسليمه، فقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث حكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» العندية هنا ليست عندية الحس والمشاهدة، وإنما هي عندية الحكم والتمكين، ولهذا جاز بيع المعدوم الموصوف في الذمة إذا كان وقت التسليم قادراً على تسليمه كبيع السلم، فمعنى حديث حكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك، أن يبيعه شيئاً موصوفاً حالاً، وهو لم يملكه، ويربح فيه قبل أن يدخل ضمانه، وقبل أن يكون قادراً على تسليمه، أما إذا باعه موصوفاً في الذمة حالاً، وهو عند بائعه قادراً على تسليمه، فلا حرج إن شاء الله تعالى.

 

وإذا لم يكن جائزاً بيع ما في الذمة مما ليس هو مملوكاً للبائع، ولا يقدر على تسليمه، فبيع المعين الذي لم يملكه أولى بالمنع[17].

 

فتلخص لي أن ابن تيمية يرى أن بيع ما ليس عند الإنسان، إن كان معيناً ليس مملوكاً له، فهو ممنوع، وإن كان موصوفاً في الذمة اشترط أن يكون عنده في ملكه.

 

فتلخص من هذا: أن الأقوال متفقة على منع بيع المعين الذي لا يملكه الإنسان، فيبيعه، ثم يذهب يشتريه.

 

وأما بيع الموصوف في الذمة مما ليس عند البائع، فإن كان مؤجلاً جاز بالإجماع، وهو السلم المؤجل.

 

وإن كان حالاً، فقد اختلفت الأقوال:

فقيل: يجوز مطلقاً، وهو قول الشافعي.

وقيل: لا يجوز مطلقاً، وهو قول الجمهور.

وقيل: يجوز إن كان عنده في ملكه، ولا يجوز إن لم يكن عنده، وهو اختيار ابن تيمية.

 

الراجح:

أرى أن الراجح في ذلك قول الشافعي رحمه الله، والذي حمل ابن تيمية على منع السلم الحال إذا لم يكن عند البائع هو لفظ حديث حكيم بن حزام: (أبيعه، ثم أذهب فأبتاعه، فقال له: لا تبع ما ليس عندك) قال ابن تيمية: فلو كان السلم الحال لا يجوز مطلقاً، لقال له ابتداء: لا تبع هذا، سواء كان عنده، أو ليس عنده[18]. وإذا عرفنا أن حديث حكيم بن حزام بهذا اللفظ ليس محفوظاً- كما بينته عند الكلام على أحاديث الباب في المبحث السابق- لم يكن في المسألة حرج من حمل حديث: (لا تبع ما ليس عندك) على الشيء المعين؛ ولأن السلم الحال كالسلم المؤجل مضمون على صاحبه، فلا حرج في الربح فيه؛ لأن الربح إنما نهي عنه، إذا كان في شيء لم يضمنه، أما إذا كان عليه ضمانه، فالغنم بالغرم، وكونه قد لا يقدر على تسليمه، فهذه العلة موجودة في السلم المؤجل، بل هي أظهر منها في السلم الحال، ولم يمنع ذلك من جواز المعاملة، وسوف يأتي إن شاء الله تعالى مزيد بسط لهذه المسألة في بحث: خلاف العلماء في السلم الحال، في هذا البحث.

 

الفصل الثالث

في بيع ما لا يملكه البائع


بيع ما لا يملكه البائع يقع على صفتين:

الصفة الأول: أن يبيعه سلعة موصوفة في الذمة، وليست معينة.

 

الصفة الثانية: أن يبيعه سلعة معينة بعينها، وهو لا يملكها، فيذهب ليشتريها، ويسلمها له. وهذا يقع على طريقتين:

الطريقة الأولى: أن يبيع ملك غيره لحظ مالكه، وهذا ما يسمى لدى الفقهاء في بيع الفضولي، فقد يحتاج الإنسان إلى بيع ملك غيره أو يشتري منه ماله قبل أن يرجع إلى المالك، بحيث لو انتظر ورجع إلى المالك لفاتت الصفقة على المالك، ويكون الباعث على ذلك تحقيق مصلحة للمالك، بحيث يلحظ المتصرف غبطة للمالك في البيع، أو يغلب على ظنه أنه يسر بذلك، وهذا نوع من الوكالة بدون تفويض.

 

الطريقة الثانية: أن يبيع ملك الغير لحظ نفسه، وليس لحظ المالك، وهذا يقع على ضربين: غاصب يبيع عيناً مغصوبة ليست ملكه.

 

وتاجر يبيع ملك غيره، ثم يذهب ليشتريها من المالك.

 

وهذا يقع على صورتين:

الصورة الأولى: أن يبيعه عيناً معينة يملكه الغير، ثم يذهب ليشتريها، وهذا يصدق عليه أنه باع ما لا يملكه، وما ليس عنده.

 

الصورة الثانية: أن يأخذ البائع وعداً من المشتري على الشراء إذا اشتراها من مالكها، وهو ما يسمى في عصرنا (بيع المرابحة للواعد بالشراء). وأكثر ما يمارس هذه الصورة المصارف الإسلامية والتقليدية.

 

هذه قسمة ما يبيعه الإنسان مما لم يملكه.

 

المبحث الأول

في بيع سلعة ليست عنده موصوفة في ذمته

الفرع الأول

أن يكون المبيع حالا


إذا كان المبيع حالاً، والسلعة المباعة موصوفة، وهو ما يسمى اصطلاحاً بالسلم الحال، فقد اختلف العلماء في مثل هذا البيع على أربعة أقوال:

القول الأول:

لا يجوز البيع مطلقاً، سواء كانت السلعة عنده أو ليست عنده، وهذا مذهب الجمهور[19].

 

القول الثاني:

البيع جائز مطلقاً، وهو مذهب الشافعي[20].

 

القول الثالث:

يجوز البيع إن كانت السلعة عنده، ولا يجوز إن لم تكن عنده، وهذا اختيار ابن تيمية[21].

 

القول الرابع:

يجوز السلم الحال بلفظ البيع، ولا يجوز بلفظ السلم، اختاره القاضي أبو يعلى من الحنابلة[22].

 

دليل من قال: لا يجوز السلم حالاً:

الدليل الأول:

ما رواه البخاري ومسلم من طريق سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عبدالله بن كثير، عن أبي المنهال، عن ابن عباس، قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: من أسلف في تمر، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم[23].

 

وجه الاستدلال:

أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوجب مراعاة الأجل في عقد السلم كما أوجب مراعاة القدر فيه (في كيل معلوم ووزن معلوم)، فإذا كان القدر المعلوم شرطاً في عقد السلم، وجب أن يكون الأجل شرطاً فيه أيضاً.

 

وأجاب النووي:

بأن ذكر الأجل في الحديث ليس من أجل اشتراط الأجل في العقد، وإنما معناه: إن كان هناك أجل، فليكن معلوماً، كما أن الكيل والوزن ليس بشرط، بل يجوز السلم في الثياب بالذراع، وإنما ذكر الكيل بمعنى: أنه إن أسلم في مكيل، فليكن كيله معلوماً، وإن كان في موزون، فليكن وزنه معلوماً، وإن كان مؤجلاً، فليكن أجله معلوماً، ولا يلزم من هذا اشتراط كون السلم مؤجلاً، بل يجوز حالاً[24].

 

الدليل الثاني:

روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عن بيع ما ليس عند البائع، ورخص في السلم.

 

وعليه فعقد السلم بيع معدوم ليس عند البائع وقت العقد، ولكنه شرع رخصة؛ ليدفع به حاجة كل من المتعاقدين، فصاحب رأس المال محتاج إلى أن يشتري الثمرة بأرخص من قيمتها ليربح فيها، وصاحب الثمرة محتاج إلى ثمنها قبل إبانها لينفقه عليها، فظهر أن بيع السلم من المصالح الحاجية، وقد سماه بعض الفقهاء بيع المحاويج، فإذا جاز حالاً بطلت هذه الحكمة، وارتفعت هذه المصلحة، ولم يكن لاستثنائه من بيع ما ليس عند البائع فائدة[25].

 

يجاب عن ذلك بجوابين:

الجواب الأول:

قوله:ورخص في السلم لا أصل له بهذا اللفظ، وهو لا يثبت إلا من كلام الفقهاء [26].

 

الجواب الثاني:

قولكم: بأن السلم لم يشرع إلا رخصة، إن كنتم تقصدون بذلك كما يقول بعضهم: إن السلم على خلاف القياس؛ لأنه بيع معدوم، وبيع المعدوم لا يجوز، وإذا كان الحال كذلك اقتصر بالسلم على صفته، فلم يجز حالاً، فيقال:

القول بأن السلم على خلاف القياس غير صحيح، بل يقال: من رأى شيئاً من الشريعة مخالفاً للقياس، فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه، وليس مخالفاً للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر. نعم في الشريعة ما يخالف القياس الفاسد، وإن كان من الناس من لا يعلم فساده، فالسلم جار على وفق القياس، وذلك أن السلم المؤجل دين من الديون، فكما أن الثمن قد يؤجل في الذمة، وهو أحد العوضين، فكذلك المثمن قد يؤجل في ذمة البائع، فأي فرق بين كون أحد العوضين يصح أن يكون مؤجلاً في الذمة، ولا يصح أن يكون العوض الآخر مؤجلاً في الذمة.

 

فالسلم بيع مضمون في الذمة، موصوف، مقدور على تسليمه غالباً، فهو كالمعاوضة على المنافع في الإجارة، فقياس السلم على بيع العين المعدومة التي لايدرى أيقدر على تحصيلها، أم لا؟ والمشتري منها على غرر من أفسد القياس، وقد فطر الله العقلاء على الفرق بين بيع الإنسان ما لا يملكه، ولا ما هو مقدور عليه، وبين السلم إليه في مغل مضمون في ذمته، مقدور في العادة على تسليمه، فالجمع بينهما كالجمع بين الميتة والمذكى[27].

 

وقد عقدت فصلاً مستقلاً في عقد السلم بينت الأدلة على أن هذا العقد جار على وفق القياس فراجعه مشكوراً.

 

وأما قولكم: إذا جاز حالاً بطلت الحكمة من مشروعية السلم، فيقال: على التسليم بقولكم، فإن الحكمة إذا بطلت من مشروعية السلم، فلم تبطل حكمة الشرع من مشروعية المعاوضة، فإن البائع انتفع بالثمن، والمشتري انتفع بالمبيع بعد استلامه، وهذا هو المقصود الأعظم للشرع من إباحة تبادل الأموال عن طريق المعاوضة، وما جاز في المعاوضات مؤجلاً جاز حالاً، وليس العكس، فإن هناك من المعاملات ما لا تصح إلا حالة مقبوضة في مجلس العقد.

 

الدليل الثالث:

الحلول في السلم يخرج العقد عن اسمه ومعناه:

أما إخراجه عن اسمه، فظاهر، فإن معنى السلم والسلف: أن يعجل أحد العوضين، ويتأخر الآخر، فإذا لم يكن هناك تأجيل، وكان حالاً خرج السلم عن اسمه.

 

وأما خروجه بالتعجيل عن معناه: فإن الشارع إنما أرخص فيه للحاجة الداعية إليه، كما بينت فيما سبق، ومع حضور ما يبيعه حالاً لا حاجة إلى السلم، فإن البائع والحالة هذه لا يبيع إلا معيناً، لا يبيع شيئاً في الذمة، وهذا لا يقال له سلم[28].

 

ويجاب عنه:

قال ابن تيمية: «بيع الأعيان الحاضرة التي يتأخر قبضها يسمى سلفاً إذا عجل له الثمن، كما في المسند عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه نهى أن يسلم في حائط بعينه إلا أن يكون قد بدا صلاحه»[29].

 

فإذا بدا صلاحه، وقال: أسلمت إليك في عشرة أوسق من تمر هذا الحائط جاز[30]. مع أن السلم في شيء معين لا يجوز.

 

فإن قيل: ما فائدة العدول من البيع إلى السلم الحال؟

أجيب: بأن في ذلك أكثر من فائدة:

الفائدة الأولى:

في باب الضمان، فإن المشتري إذا اشترى سلعة معينة، ولم تكن بحاجة إلى استيفاء من كيل أو وزن، فهلكت قبل قبضها، فإن ضمانها على المشتري، وإذا اشترى شيئاً موصوفاً في ذمة البائع، فهلكت قبل قبضها كان ضمانها على البائع.

 

الفائدة الثانية:

أن الشافعية يمنعون بيع العين الغائبة، ولو كانت موصوفة ما دامت معينة، فإذا كانت السلعة المعينة غير حاضرة عند العقد لم يصح العقد عليها عندهم، لكنهم يجوزن السلم الحال مع غيبة المبيع، لأن المبيع في مثل هذا لا يكون متعلقاً بسلعة معينة، بل يكون موصوفاً، متعلقاً في ذمة البائع، مضموناً عليه[31].

 

دليل الشافعي على جواز السلم حالاً:

الدليل الأول:

قالوا: إذا جاز السلم مؤجلاً مع الغرر، فجواز الحال أولى؛ لأنه أبعد عن الغرر، أو نقول بلفظ آخر: كل بيع صح مع التأجيل، ينبغي أن يصح مع التعجيل؛ لأن التعجيل زيادة مطلوبة، تحقق الغرض من مقصود البيع، وهو انتفاع البائع بالثمن، وانتفاع المشتري بالمبيع.

 

وأجاب الجمهور:

لا نسلم عدم الغرر مع الحلول؛ لأنه إن كان عنده فهو قادر على بيعه معيناً، فعدوله إلى السلم قصد للغرر، وإن لم يكن عنده، فالأجل يعينه على تحصيله، والحلول يمنع ذلك، فبقي الغرر[32].

 

ويرد على هذا:

بأن يقال: قد أجبنا عن فائدة العدول إلى السلم في بيع الحال، فإن المشتري والبائع مستفيدان من هذه الصيغة، فالمشتري يريد أن يتعلق الضمان بعين موصوفة، ليكون ضمانها على البائع، والبائع إن كانت سلعته موجودة عنده، فقد لا تكون حاضرة في مجلس العقد، وإن كانت ليست عنده كان له من الوقت ما يذهب، ويحضرها، والحلول لا يعني وجوب التقابض في مجلس العقد، كما لو باعه عيناً معينة غائبة موصوفة، فإن البيع يعتبر حالاً، ويعطى من الوقت ما يمكنه من إحضار السلعة، وأخطر ما في ذلك أن يعجز البائع عن تحصيل المبيع، فإن عجز انفسخ العقد، كما أن العقد ينفسخ في السلم المؤجل إذا عجز البائع عن تحصيل المبيع، والضرر في السلم الحال أخف، لأن المشتري في السلم المؤجل قد ينتظر السنة والسنتين، ويعجز البائع عن تسليم المبيع، فينفسخ العقد، أو ينتظر إلى حين تمكن البائع من تحصيل المبيع، ففي الحالة هذه يكون الضرر أبلغ على المشتري، ومع هذا الاحتمال لم يمنع ذلك من صحة البيع، فكذلك لا يمنع صحته في السلم الحال.

 

الدليل الثاني:

عقد السلم الحال عقد من عقود المعاوضات، وعقود المعاوضات ليس من شرط صحتها التأجيل كالبيع.

 

الدليل الثالث:

البيع نوعان: بيع عين، وبيع صفة، وبما أنه يصح بيع العين حالاً، فإنه يجب أن يصح بيع الصفة حالاً مثله، غاية ما في ذلك أن بيع الصفة لا يتعلق المبيع فيه بسلعة معينة، وإنما يكون تعلقها بذمة البائع، وهذا لا يوجب فرقاً مؤثراً في صحة البيع.

 

دليل ابن تيمية على اشتراط كون المسلم فيه مملوكاً:

استدل الشيخ رحمه الله بعدة أدلة، منها:

الدليل الأول:

ما رواه أحمد من طريق أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام، قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك[33].


وقد وجه ابن تيمية رحمه الله هذا الحديث على تحريم السلم الحال إذا لم يكن عنده بالآتي:

الأول: الحديث في النهي عن بيع شيء في الذمة، وليس النهي عن بيع شيء معين يملكه زيد أو عمرو، وبينا فيما سبق أن حكيماً لم يكن يبيع شيئاً معيناً يملكه غيره، ولا كان الذي يأتيه يقول: أريد سلعة فلان، أو سيارة فلان، وإنما كان الذي يأتيه يقول: أريد طعام كذا وكذا، ثم يذهب فيحصله من غيره، فدل على أن النهي إنما هو في بيع شيء في الذمة ليس عنده.

 

الثاني: أنه يبيعه حالاً، وليس مؤجلاً، فإنه قال: أبيعه، ثم أذهب فأبتاعه، فقال له: لا تبع ما ليس عندك، فلو كان السلم الحال لا يجوز مطلقاً، لقال له: لا تبع هذا، سواء كان عنده أو ليس عنده، فلما قال: لا تبع ما ليس عندك، كان هذا دليلاً على جواز السلم الحال إذا كان عنده، وكان الحديث دليلاً على اشتراط وجود المسلم فيه مملوكا له وقت العقد، فهو نهي عن السلم الحال إذا لم يكن عند المستسلف ما باعه، فيلزم ذمته بشيء حال، ويربح فيه، وليس هو قادراً على إعطائه[34].

 

المناقشة:

كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يصح توجيهه لو كان حديث حكيم ابن حزام محفوظاً باللفظ الذي استشهد به ابن تيمية رحمه الله، وإذا كان المحفوظ في حديث حكيم - كما بينته عند تخريج الحديث - إنما هو بالنهى عن بيع الطعام حتى يستوفى لم يكن فيه دليل على اشتراط وجود المسلم فيه مملوكاً عند البائع، وإنما النهي عن بيع ما ليس عندك ثبت من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وليس فيه القصة التي ذكرها حكيم، وهو مطلق، ويمكن حمله على النهي عن بيع شيء معين لا يملكه، كما حمله الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.

 

وأما قوله «فيربح فيه، وليس هو قادراً على إعطائه».

 

فيقال: نحن نشترط ألا يسلم في شيء حال إلا إذا كان يغلب على ظنه وجوده، وما غلب على الظن وجوده كان قادراً على تسليمه، ولذلك أجاز بعض الفقهاء السلم في الخبز واللحم يأخذ منه كل يوم أجزاء معلومة، إذا غلب على الظن وجوده عنده، وهذا يمكن إلحاقه بالسلم الحال ؛ لأنه يمكن له أن يشرع في قبض الحصة الأولى مع العقد.

 

وأما قول الشيخ رحمه الله «فيربح فيه وليس هو قادراً على إعطائه» أما الربح فيه فليس منهياً عنه ما دام مضموناً عليه؛ لأن المحذور أن يربح فيما لم يضمن، كما لو باعه شيئاً معيناً لم يدخل ملكه، فيربح فيه قبل أن يدخل في ضمانه، وأما السلم الحال والمؤجل فهو بيع شيء موصوف في ذمته، مضمون عليه، فلا حرج في الربح فيه.

 

وأما قول الشيخ: «وليس هو قادراً على إعطائه».

 

إن كان المقصود ليس قادراً على إعطائه في مجلس العقد فمسلم، وهذا لا يمنع صحة السلم؛ لأن حلول السلم لا يعني وجوب التقابض في مجلس العقد، كما لو باعه عيناً معينة غائبة موصوفة، فإن البيع يعتبر حالاً، ويعطى من الوقت ما يمكنه من إحضار السلعة، وإن كان المقصود ليس قادراً على إعطائه مطلقاً فغير مسلم؛ لأننا نشترط في السلم الحال أن تكون السلعة موجودة في السوق، فلا يسلم حالاً في وقت الصيف في فاكهة لا توجد إلا في الشتاء أو العكس.

 

الدليل الثاني لابن تيمية:

ذكر رحمه الله بأن السلعة إذا لم تكن عنده، فقد يحصل عليها، وقد لا يحصل عليها، وهذا نوع من الغرر، وإن حصله، فقد يحصله بثمن أعلى مما تسلفه، فيندم، وقد يحصله بسعر أرخص من ذلك، فيندم المسلف؛ لأنه كان يمكنه أن يشتريه هو بذلك الرخص، فصار هذا من نوع الميسر والقمار والمخاطرة، كبيع العبد الآبق، والبعير الشارد،، يباع بدون ثمنه، فإن حصل ندم البائع، وإن لم يحصل ندم المشتري[35].

 

المناقشة:

قول ابن تيمية رحمه الله: السلعة إذا لم تكن عنده فقد يحصل عليها، وقد لا يحصل عليها، وهذا نوع من الغرر:

يقال: هذا الغرر موجود في السلم المؤجل من باب أولى، فإن البائع قد يحصل على المبيع وقد لا يحصل عليه، والتأجيل: ليس مظنة الحصول عليه، ولأن الشأن في حال السلم المعجل قد يتصل البائع بالمورد، ويسأله عن وجود البضاعة، ويتأكد من وجودها قبل دخوله في الصفقة، بخلاف المؤجل فإنه غيب لا يعلمه إلا الله، وعلى كل حال نحن نشترط لصحة السلم الحال أن تكون البضاعة موجودة، وفرق بين اشتراط وجود البضاعة في السوق، وبين اشتراط وجودها في ملكه.

 

وأما قول الشيخ: بأنه قد يحصل عليها بثمن أقل، فيندم المشتري إذ كان يمكنه تحصيل السلعة من المصدر، وقد يحصل عليها بثمن أكثر من قيمتها، فيندم البائع، فيكون هذا كبيع العبد الآبق، والجمل الشارد.

 

فيقال: قد يكون كلام الشيخ رحمه الله مناسباً للعصر الذي كان فيه، أما اليوم فقد يحرص المشتري أن يحصل على البضاعة من خلال التاجر، ولا يرغب في الحصول عليها من خلال الموزع، وذلك ليستعين بخبرة التاجر من خلال معرفته للسلع الجيدة من السلع المقلدة، فهو يعرف السلع جيداً والفروق بينها، ومدى جودة كل سلعة، وملاءمتها للظروف، كما يرغب المشتري أن يكون الضامن للسلعة رجلاً معروفاً في السوق يستطيع أن يرجع إليه إذا تبين وجود عيب أو خلل، أو قامت حاجة إلى قطع غيار ونحوه، كما أن في الناس من لا يعرف قيمة الأشياء، فيستعين بمن يعرفها، فالتاجر يستطيع أن يشتري البضاعة بأقل سعر ممكن مما لو اشتراها الرجل العادي، فيطيب المشتري نفساً أن يدفع ربحاً معلوماً فوق الثمن الذي دفعه البائع، ومع كل هذا فإن العرف التجاري اليوم، أن المنتج إذا باع بضاعته على الباعة أعطاهم إياها بسعر الجملة، وإذا باع على الأفراد كان لها سعر آخر، وهو سعر الاستهلاك، فلو رجع المستهلك إلى المصدر وجد تطابقاً بالسعر بين البائع والمنتج أو الموزع، وهذا عرف يحترمه التجار بينهم، لينتفع أهل السوق من جهة، ويكون سعر البضاعة موحداً من جهة أخرى.

 

دليل من قال: يصح بلفظ البيع، ولا يصح بلفظ السلم.

ربما استدل صاحب هذا القول بأن الألفاظ لها دور كبير في توصيف المعاملة من الإباحة إلى التحريم، فمن دفع درهماً، وأخذ درهماً بدلاً عنه: إن كان ذلك بلفظ البيع اشترط التقابض في مجلس العقد، وإن كان بلفظ القرض جاز التأجيل، والذي فرق بينهما هو اللفظ، فالسلم اسمه ومعناه: أن يسلم الثمن، ويتأخر المثمن، فهو أخص من البيع، فإذا جرت المعاوضة بدفع الثمن، وكان المثمن حالاً لم يصدق عليه أنه من باب السلَم، وصدق عليه أنه بيع، فنشترط أن يكون بلفظ البيع، ولا يكون بلفظ السلم.

 

فيقال: فرق بين عقد القرض، وعقد المعاوضة، فعقد القرض من عقود الإرفاق والإحسان، لم يقصد به الربح، بخلاف عقود المعاوضات، والسلم والبيع من عقود المعاوضات، فما يشترط في البيع يشترط في السلم، من العلم في المبيع والعلم بالثمن، وانتفاء الجهالة والغرر... الخ شروط البيع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن العبرة في ألفاظ العقود بمعانيها لا بألفاظها، وقد قدمت فصلاً مستقلاً بأنه: إذا تعارض اللفظ والمعنى، قدم المعنى على الصحيح من أقوال أهل العلم، وقد انتقد ابن تيمية من فرق بين السلم الحال بلفظ البيع وبين السلم الحال بلفظ السلم، فقال: «مستند هذا الفرق ليس مأخذاً شرعياً، فإن أحمد لا يرى اختلاف أحكام العقود باختلاف العبارات، كما يراه طائفة من أصحابه.... يُجَوُّزن بيع ما في الذمة بيعاً حالاً بلفظ البيع، ويمنعونه بلفظ السلم؛ لأنه يصير سلماً حالاً، ونصوص أحمد وأصوله تأبى هذا كما قدمناه عنه بصيغ العقود، فإن الاعتبار في جميع التصرفات القولية بالمعاني، لا بما يحمل على الألفاظ، كما تشهد به أجوبته في الأيمان والنذور، والوصايا، وغير ذلك من التصرفات، وإن كان هو قد فرق بينهما كما فرق طائفة من أصحابه، فيكون هذا التفريق رواية عنه مرجوحة...» [36].

 

الراجح من الخلاف: بعد استعراض الأقوال أجد أن أقوى الأقوال في المسألة هو مذهب الشافعية، وهو جواز السلم الحال مطلقاً، سواء كان عند البائع، أو ليس عنده، بشرط أن يغلب على الظن وجوده في السوق، وإذا كان السلم المؤجل لا يدخل في قوله: لا تبع ما ليس عندك، لم يدخل السلم الحال من باب أولى، والله أعلم.

 

الفرع الثاني

أن يكون المبيع مؤجلا


[م-336] تبين لنا خلاف العلماء في بيع ما ليس عند الإنسان، إذا كان المبيع موصوفاً في الذمة، حالاً، وفي هذا المبحث نريد أن نقف على حكم بيع الإنسان ما ليس عنده، إذا كان المبيع مؤجلاً موصوفاً في الذمة، والثمن مقدم في مجلس العقد، وهو ما يسمى لدى الفقهاء بالسلم، فهذا البيع جائز بالاتفاق، قال القرطبي رحمه الله: «والسلم بيع من البيوع الجائزة بالاتفاق، مستثنى من نهيه عليه السلام، عن بيع ما ليس عندك...» [37].

 

وقال النووي: «أجمع المسلمون على جواز السلم» [38].

 

وقال ابن حجر: «اتفق العلماء على مشروعيته إلا ما حكي عن ابن المسيب»[39].

 

وممن حكى الإجماع ابن قدامة في المغني[40]، وابن رشد في بداية المجتهد[41]، وغيرهم. وفيه خلاف شاذ سوف نعرض له في عقد السلم إن شاء الله تعالى.

 

المبحث الثاني

في بيع الرجل سلعة معينة لا يملكها

الفرع الأول

أن يبيع ملك غيره لحظ مالكه

قد يتقدم الرجل للسلعة، فلا يجد صاحبها، ويسأل عنها، فيتطفل بعض الناس، فيبيعه إياها دون تفويض من صاحبها، وهو ما يسميه الفقهاء (تصرف الفضولي)، وقد اختلف العلماء في حكم هذا التصرف، هل يحرم، أو يجوز؟


وإذا قلنا: بالجواز، هل يترتب على هذا التصرف أثر، أو هو تصرف ملغى باعتبار أنه صادر من رجل لا يملك السلعة؟

 

هذا ما سوف نبحثه إن شاء الله في المسائل التالية:

 

المسألة الأولى

في حكم بيع الفضولي

المطلب الأول

في تعريف الفضولي


تعريف الفضولي في الاصطلاح[42]:

هو من لم يكن ولياً، ولا أصيلاً، ولا وكيلاً في العقد[43].

 

وقيل: بيع الفضولي: هو الذي يبيع مال غيره ممن لا ولاية له عليه، وليس وكيلا له، وعلى ما يشبه ذلك من التبرع بمال الغير بهبة أو عتق أو نحوهما، ومن استفادة الزوج مال زوجته، وهي ساكنة، ومن حضور رب الدين لقسم تركة مدينه[44].

 

وإذا عرفنا بيع الفضولي، فلنعرف حكمه التكليفي وحكمه الوضعي.

 

 

المطلب الثاني

في الحكم التكليفي لتصرف الفضولي


[م - 109] الحكم التكليفي لتصرف الفضولي قد اختلف فيه الفقهاء على أقوال:

القول الأول:

يحرم بيع الفضولي وشراؤه، قال القرافي: وهو المعتمد يعني في مذهب مالك[45].

 

القول الثاني:

أنه مطلوب؛ لأنه من باب التعاون على البر والتقوى، اختاره بعض المالكية[46].

 

القول الثالث:

يمنع في العقار، ويجوز في العروض[47].

 

الراجح:

الراجح من الخلاف ما قاله الحطاب، قال:  «الحق أن ذلك يختلف بحسب المقاصد، وما يعلم من حال المالك أنه الأصلح له» [48].

 

ولأن الناس يطلبون الربح في العادة، ويتطلعون له، فإذا باع أحد مالهم نيابة عنهم وكان ذلك في صالحهم لم يكن في ذلك اعتداء على حقهم، ولا ضياع لمالهم، فإن المالك هو من سوف يباشر قبض ماله، والأمر متوقف على إجازته، فإن أجازه، وإلا فحقه محفوظ. وهذا أرجح.

 

وأما الحكم الوضعي لتصرف الفضولي فسوف نبحثه في المبحث التالي إن شاء الله تعالى، يسر الله ذلك بمنه وكرمه.

 

المطلب الثالث

خلاف الفقهاء في صحة بيع الفضولي


جاء في مجلة الأحكام العدلية: البيع الذي يتعلق به حق الغير كبيع الفضولي وبيع المرهون ينعقد موقوفاً على إجازة ذلك الغير [49].

 

وجاء في موسوعة القواعد والضوابط الفقهية: الإجازة إذا لاقت عقداً موقوفاً صحت [50].

 

الموقوف قبل الإجازة لا يفيد الملك [51].

 

[م -110] اختلف الفقهاء في صحة بيع الفضولي على قولين:

القول الأول:

ينعقد بيع الفضولي، ويكون موقوفاً على إجازة المالك.

 

وهذا القول هو مذهب الحنفية[52]، والقديم مـن قـولي الإمـام الشافعي[53]، ومذهب المالكية[54]،، وأحمد في رواية عنه[55]، اختارها ابن تيمية[56]، وابن القيم[57].

 

القول الثاني:

بيعه باطل، وهو قول الشافعي في الجديد[58]، والمشهور من مذهب الحنابلة[59]، واختيار ابن حزم[60].

 

دليل من قال: يصح بيع الفضولي ويكون موقوفاً على إجازة المالك.

الدليل الأول:

استدلوا بقوله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ﴾ [البقرة: 275]، وقوله  عز شأنه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29] وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10] فشرع - سبحانه وتعالى - البيع، والشراء، والتجارة، وابتغاء الفضل من غير فصل بين ما إذا وجد هذا من المالك بطريق الأصالة، وبين ما وجد منه عن طريق الإجازة، وبين وجود الرضا في التجارة عند العقد أو بعده، فيجب العمل بإطلاقها إلا ما خص بدليل.

 

فالأصل في المعاملات الحل حتى يأتي دليل صحيح صريح على ثبوت النهي عن معاملة بخصوصها، ولا يوجد نهي صريح في عدم بيع الفضولي.

 

ونوقش هذا:

بأن هذه الآيات عامة، ومخصصة بالنهي عن بيع ما ليس عند الإنسان، وبالنهي عن بيع ما لا يملكه البائع.

 

وسيأتي الجواب على هذا الاعتراض عند أدلة القائلين بالبطلان إن شاء الله تعالى.

 

الدليل الثاني:

قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2] فعقد الفضولي فيه مصلحة للعاقدين، مصلحة للبائع حيث تم له بيع بضاعته بمبلغ له فيه مصلحة وغبطة، وقد يذهب المشتري ولا يعود، وفيه مصلحة للمشتري بحيث تيسر له حصوله على السلعة في وقت حاجته دون مشقة، والفضولي لم يبع لنفسه حتى يكون متهماً، وإنما باع لغيره.

 

ونوقش هذا:

بأن بيع مال الغير ليس من البر والتقوى، بل هو من الإثم والعدوان.

 

ورد هذا:

بأن العدوان لو كان باعه على وجه الغصب، أما لو باعه لمالكه، فأين العدوان في هذا، وهو موقوف على إجازة صاحبه، فإن أجازه وإلا لم يرتفع ملكه.

 

الدليل الثالث:

ما رواه البخاري من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله.

 

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم، حتى أووا المبيت إلى غار، فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، وفي الحديث:

فقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء، فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد، ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أد إليَّ أجري، فقلت له: كل ما تراه من أجرك من الإبل، والبقر، والغنم، والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله، فاستاقه، فلم يترك لي منه شيئاً، فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة.. الحديث[61].

 

وجه الاستدلال:

أن الرجل قد عمل على إنماء مال الغير بغير إذنه، فدل على جواز تصرف الفضولي، وهو وإن كان في شرع من قبلنا إلا أنه لم يأت في شرعنا ما يدل على منعه[62].

 

الدليل الرابع:

(ح -49) ما رواه البخاري من طريق سفيان، حدثنا شبيب بن غرقدة، قال: سمعت الحي يحدثون.

 

عن عروة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه.

 

وجه الاستدلال:

أن عروة قد أذن له الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشراء شاة واحدة، ولم يأذن له بالبيع، فاشترى شاة أخرى، وباع، وكل ذلك كان من قبيل تصرف الفضولي، فأجازه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ودعا له بالبركة.

[الحديث ضعيف بهذا الإسناد، حسن بطرقه] [63].

 

نوقش هذا الحديث:

الحديث ليس على شرط البخاري، ومقصود البخاري في ذكره ما كان موصولاً منه، وهو حديث (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)[64].

 

الدليل الخامس:

أن عقد الفضولي إذا أجازه المالك جاز قياساً على الوصية بأكثر من الثلث، فإنها تصح وتكون موقوفة على إجازة الورثة.

 

دليل من قال: بيع الفضولي باطل.

الدليل الأول:

ما رواه أحمد من طريق أبي بشر، عن يوسف بن ماهك.

عن حكيم بن حزام، قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك[65].

[منقطع يوسف لم يسمعه من حكيم] [66].

 

وروى أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه.

 

عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن[67]. [إسناده حسن].

 

وجه الاستدلال:

المقصود من النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان: أي ما ليس في ملكه وحيازته عند قيام العقد، وبيع الفضولي يصدق عليه أنه ليس ملكاً للبائع، ولا في حيازته، فيكون منهياً عنه.

 

ويجاب عنه:

بأن تصرف الفضولي في حقيقته، هو وكالة معلقة على الإجازة، فهو يبيع المال لمصلحة مالكه، وليس لمصلحته هو حتى يقال: كيف يبيع ما ليس عنده، وإذا كان يبيعه نيابة عن صاحبه فإنه لا يصح أن يقال: إن المبيع ليس مملوكاً لبائعه، ولو باع الفضولي السلعة المعينة لحظ نفسه بناء على أنه سوف يشتريها من صاحبها فيما بعد لم ينعقد البيع إجماعاً؛ لأنه باع ما لا يملك.

 

قال ابن قدامة: «ولا يجوز أن يبيع عيناً لا يملكها، ليمضي، ويشتريها، ويسلمها رواية واحدة، وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفاً... ثم ذكر حديث حكيم: لا تبع ما ليس عندك»[68].

 

وقد أجاب بعضهم عن حديث حكيم بن حزام وحديث عبد الله بن عمرو، بأن النهي عن بيع ما ليس عندك يقصد به النهي عن البيع النافذ الذي تجري فيه أحكام البيع بمجرد انعقاده، أما البيع الموقوف على إجازة المالك فلم يتضمنه[69].

 

وقد اختلف الناس في تفسير حديث: «لا تبع ما ليس عندك «إلى ثلاثة أقوال، ذكرها ابن تيمية في مواضع من كتبه، ونقله عنه تلميذه ابن القيم موافقاً له[70]، خلاصتها:

أحدها:ما ذهب إليه الشافعي رضي الله عنه إلى أن حديث حكيم بن حزام إنما هو في النهي عن بيع المعين والربح فيه قبل تملكه [71]. وهذا لا يختلف الفقهاء في منعه، وقد سبق نقل الإجماع.

 

الثاني: اختيار الجمهور، وهو أن النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان، يشمل:

بيع المعين مما ليس مملوكاً له. وفي هذا موافقة للشافعي رحمه الله.

 

وبيع الموصوف في الذمة إذا كان حالاً، وهو ما يسمى بالسلم الحال[72].

 

قال الجصاص: «ومنه ما روي أن حكيم بن حزام قال: يا رسول الله، إني أرى الشيء في السوق ثم يطلبه مني طالب، فأبيعه، ثم أشتريه، فأسلمه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: لا تبع ما ليس عندك. فهذا عموم في كل بيع لما ليس عند الإنسان سواء، كان عيناً أو في الذمة»[73].

 

الثالث: يرى ابن تيمية أن بيع ما ليس عند الإنسان، إن كان عيناً معينة ليست مملوكة له، فهو ممنوع، وإن كانت موصوفة في الذمة اشترط أن تكون عنده في ملكه.

 

قال ابن تيمية: أظهر الأقوال... أن معنى حديث حكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك، أن يبيعه شيئاً موصوفاً حالاً، وهو لم يملكه، ويربح فيه قبل أن يدخل ضمانه، وقبل أن يكون قادراً على تسليمه، أما إذا باعه موصوفاً في الذمة حالاً، وهو عند بائعه قادراً على تسليمه، فلا حرج إن شاء الله تعالى.

 

وإذا لم يكن جائزاً بيع ما في الذمة مما ليس هو مملوكاً للبائع، ولا يقدر على تسليمه، فبيع المعين الذي لم يملكه أولى بالمنع[74].

 

وسوف تأتي مناقشة الراجح من هذه الأقوال عند الكلام على مسألة (بيع ما ليس عند البائع).

 

وكل هذه الأقوال في تفسير حديث حكيم بن حزام (في النهي عن بيع ما ليس عند البائع) لا يدخل فيها تصرف الفضولي؛ لأن الفضولي لا يبيع ما ليس  عنده لحظه هو، وإنما يبيع المبيع من أجل حظ صاحبه، إلا أنه لم يأخذ تفويضاً منه بذلك، فهو يتصرف كوكيل من غير تفويض، فإذا أجازه مالكه، كان ذلك قبولاً لتوكيله.

 

الدليل الثاني:

ما رواه أحمد، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، ثنا مطر الوراق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه.

 

عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يجوز طلاق، ولا بيع، ولا عتق، ولا وفاء نذر فيما لا يملك[75].

 

ورواه أبو داود من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد به، بلفظ: «لاطلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك.. الحديث[76].

 

[ذكر بيع ما لا يملك تفرد بها مطر الوراق، وهو سيء الحفظ، وقد رواه غيره عن عمرو بن شعيب ولم يرد فيه ذكر النهي عن بيع ما لا يملك وسبق تخريجه].

 

الدليل الثالث:

قال النووي: ولأن الفضولي «باع ما لم يقدر على تسليمه، فلم يصح، كبيع الآبق، والسمك في الماء، والطير في الهواء» [77].

 

ويجاب:

بأن الطير في الهواء ليس عليه ملك لأحد قبل البيع، وما لا يقع عليه ملك، وليس مملوكاً لأحد لا يكون محلاً للبيع، ولهذا لو كان الطير مملوكاً، وكان يطير، ثم يعود إلى مكانه، وكان بإمكانه أن يمسكه جاز بيعه، وكذلك السمك في الماء لو كان في بركة محصورة، وكان مملوكاً، وكان يمكنه إخراج السمك جاز بيعه، وهو في الماء.

 

الراجح:

بعد استعراض أدلة الفريقين أجد مذهب الحنفية والمالكية القائلين بأن بيع الفضولي جائز، ويكون موقوفاً على إجازة المالك أقوى حجة من أدلة المانعين، والله أعلم.

الفرع الثاني

أن يبيع ملك غيره لحظ نفسه


إذا كان المبيع معيناً، أي ليس موصوفاً، ولم يملكه البائع، ولم يبعه لصاحبه، وإنما باع البائع تلك السلعة قبل تملكها طلباً للربح، ثم يذهب ليشتريها، ويعطيها المشتري، فالعلماء متفقون على عدم جواز بيعه.

 

وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على بطلان البيع، قال الزيلعي: «والمراد بالنهي عن بيع ما ليس عند الإنسان ما ليس في ملكه، بدليل قصة الحديث – يعني حديث حكيم بن حزام – ثم قال: أجمعنا على أنه لو باع عيناً حاضرة غير مملوكة له لا يجوز، وإن ملكها فيما بعد»[78].

 

وقال ابن الهمام: «أما النهي عن بيع ما ليس عندك، فالمراد منه ما ليس في الملك اتفاقاً...»[79].

 

وقال ابن قدامة: «ولا يجوز أن يبيع عيناً لا يملكها، ليمضي، ويشتريها، ويسلمها رواية واحدة، وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفاً... ثم ذكر حديث حكيم: لا تبع ما ليس عندك»[80].

 

وقال ابن حزم عن حديث حكيم بن حزام بعد أن صححه، قال: «وبه نقول، وهو بين كما تسمع، إنما هو نهي عن بيع ما ليس في ملكك، كما في الخبر نصاً، وإلا فكل ما يملكه المرء فهو عنده، ولو أنه بالهند...» [81].

 

وذكر ابن عبد البر أن بيع ما ليس عند الإنسان من الأصول المجتمع على تحريمها [82].

 

ومستند الإجماع:

ما رواه أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن[83]. [إسناده حسن، وسبق تخريجه].

 

وفي الباب حديث حكيم بن حزام وغيره، وقد سبق تخريجه في الفصل الأول.

 

وفي هذا البيع محذوران شرعيان:

الأول: أنه باع ما لا يملك، ومن شروط صحة البيع أن يكون المبيع مملوكاً للبائع، أو مأذوناً له في بيعه، ومثل هذا البيع لا يجوز؛ لأنه قد يحصل على المبيع، وقد لا يحصل عليه، فيكون في ذلك نوع من الغرر.

 

قال ابن القيم: «وأما قوله: «لا تبع ما ليس عندك» فمطابق لنهيه عن بيع الغرر؛ لأنه إذا باع ما ليس عنده فليس هو على ثقة من حصوله، بل قد يحصل له، وقد لا يحصل، فيكون غرراً، كبيع الآبق والشارد، والطير في الهواء، وما تحمله ناقته»[84].

 

وعلى تقدير تحصيل السلعة، فقد يكون بثمن مثل الأول، أو أقل، أو أكثر، فإن أخذها من صاحبها بأكثر مما باعها به للأجنبي، فيضيع عليه الزائد، وهو سفه، وإن اشتراها من صاحبها بأقل مما باعها به، فإن الحزن يدخل على المشتري إذ كان يمكنه تحصيل السلعة بأقل مما اشترها به.

 

الثاني: أنه ربح فيما لم يضمن.

 

وقد روى أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن[85]. [إسناده حسن].



[1] مسند أبي داود الطيالسي (1318)، ومن طريق أبي داود الطيالسي أخرجه الخطيب البغدادي في تالي تلخيص المتشابه (320).

[2] سيأتي العزو إليهم إن شاء الله تعالى في ثنايا التخريج.

[3] جاء الحديث بثلاثة ألفاظ كما قدمتها بالمتن:

الأول: في النهي عن بيع ما ليس عند البائع، رواه يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام، وهذا إسناده منقطع، يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام.

الثاني: النهي عن بيع الشيء قبل قبضه، وهذا من رواية يوسف بن ماهك، عن عبد الله ابن عصمة، عن حكيم بن حزام.

الثالث: النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، جاءت من ثلاثة طرق:

- من رواية عطاء بن أبي رباح، عن عبدالله بن عصمة، عن حكيم بن حزام.

- ومن رواية عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن موهب، عن عبد الله بن محمد بن صيفي، عن حكيم بن حزام.

- ومن رواية عطاء بن أبي رباح، عن حزام بن حكيم، عن أبيه، بلفظ:  «ابتعت طعاماً من طعام الصدقة، فربحت فيه قبل أن أقبضه، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت له ذلك، فقال: لا تبعه حتى تقبضه».

وإليك بيان ما أجمل من هذه الطرق.

الحديث رواه أبو بشر، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام، قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق ؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك.

أخرجه ابن أبي شيبة (20499)، وأحمد (3/402)، والترمذي (1232)، والنسائي في المجتبى (4613)، والسنن الكبرى (6206)، والطبراني في المعجم الكبير (3099)، والبيهقي في السنن (5/317) من طريق هشيم بن بشير.

وأخرجه أبو داود (3503) والطبراني في الكبير (3098) من طريق أبي عوانة،

وأخرجه أحمد (3/402) وابن ماجه (2187)، والطبراني في الكبير (3097)، والبيهقي في السنن (5/267)، وابن عساكر في تاريخ دمشق عساكر (15/107) من طريق شعبة،

ثلاثتهم عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام.

وتابع أيوب أبا بشر متابعة تامة .

فقد أخرجه أحمد (3/402) والترمذي (1233، 1235)، والطبراني في الكبير (3100، 3102، 3103، 3104، 3105)، وفي الصغير (770)، واليهقي في السنن (5/267، 339) من طريق أيوب، عن يوسف بن ماهك به.

وأخرجه الطبراني في الكبير (من 3137 إلى 3146) من طرق عن محمد بن سيرين، عن حكيم بن حزام به. قال الترمذي: وهذا حديث مرسل، إنما رواه ابن سيرين عن أيوب، عن يوسف ابن ماهك، عن حكيم بن حزام.

وأخرجه عبد الرزاق (14212) أخبرنا معمر، عن أيوب، عن يوسف بن ماهك، عن رجل أن رسول الله قال لحكيم بن حزام، وهذا مرسل أيضاً.

والحديث بهذا الطريق إسناده منقطع، يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام، كما ذكره أحمد . انظر جامع التحصيل (ص: 377)، ويكون حديث حكيم بلفظ:  «لاتبع ما ليس عندك» ضعيف بهذا الإسناد.

وقد خالف يعلى بن حكيم، أبا بشر وأيوب، فرواه عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله ابن عصمة، عن حكيم بن حزام، فزاد في إسناده: عبد الله بن عصمة.

وكما خالف يعلى بن حكيم في إسناده، فقد خالف في متنه، فرواه بلفظ: إني أشتري بيوعاً، فما يحل لي، وما يحرم علي ؟ فقال لي: إذا بعت بيعاً فلا تبعه حتى تقبضه.

رواه يحيى بن أبي كثير، واختلف عليه:

رواه عنه هشام الدستوائي، واختلف على هشام فيه:

فرواه معاذ بن فضالة كما في المنتقى لابن الجارود (602) عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعلى هو ابن حكيم، قال: حدثني يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام.

وخالف يحيى بن سعيد معاذ بن فضالة، فرواه أخمد (3/402): حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا هشام، قال: يعني الدستوائي، حدثني يحيى بن أبي كثير، عن رجل، أن يوسف بن ماهك أخبره، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم ابن حزام.

ومن طريق أحمد أخرجه المزي في تهذيب الكمال (12/309)، في ترجمة عبد الله بن عصمة.

وأخرجه ابن حزم في المحلى (8/519) من طريق خالد بن الحارث الهجيمي، عن هشام الدستوائي به.

وإذا حملنا الرجل المبهم على أنه يعلى بن حكيم لم يكن فيه فرق بين رواية معاذ بن فضالة عن هشام، وبين رواية يحيى بن سعيد، عن هشام.

وعلى فرض الاختلاف فالصحيح رواية معاذ بن فضالة، فقد تابع شيبان وأبان العطار هشاماً على ذكر يعلى بن حكيم:

فقد أخرجه أحمد كما في تهذيب الكمال (15/310)، وتنقيح التحقيق (1505)، وابن الجاورد كما في المنتقى (602)، والبيهقي (5/313) كما في السنن من طريق شيبان، عن يحيى به بذكر يعلى بن حكيم، وعبد الله بن عصمة.

ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/41)، والدارقطني (3/8) من طريق أبان العطار، حدثني يحيى، عن يعلى به.

وخالفهما كل من أبي داود الطيالسي كما في مسنده (1318)

وعبد الوهاب بن عطاء كما في سنن البيهقي (5/131)، والتمهيد لابن عبد البر (13/332)، فروياه عن يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام.

فهنا في هذا الطريق يرويه يحيى بن أبي كثير عن يوسف، دون ذكر يعلى بن حكيم.

وتابع عبد الوهاب وأبا داود الطيالسي كل من: عمر بن راشد، كما في مصنف عبد الرزاق (14214) قال: أخبرنا عمر بن راشد أو غيره، عن يحيى بن أبي كثير، عن يوسف به.

وحرب بن شداد كما في تاريخ بغداد (11/425) قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني يوسف بن ماهك.

والتصريح بالتحديث هنا وهم، لم يذكر إلا في هذا الطريق.

قال البيهقي: لم يسمعه يحيى بن أبي كثير من يوسف، وإنما سمعه من يعلى بن حكيم، عن يوسف.

ورواه همام بن يحيى، عن يحيى بن أبي كثير، واختلف عليه فيه:

فرواه ابن الجارود (602) والدارقطني (3/9) من طريق أبي جعفر الدارمي أحمد بن سعيد ابن صخر.

وابن حبان (4983) من طريق العباس بن عبد العظيم، كلاهما، عن حبان بن هلال، عن همام، أخبرنا يحيى بن أبي كثير، أخبرنا يعلى بن حكيم، أن يوسف بن ماهك حدثه، أن عبد الله ابن عصمة حدثه، أن حكيم بن حزام حدثه .. وذكر الحديث.

فهنا همام يروي الحديث بذكر يعلى بن حكيم بين يحيى ويوسف، وبذكر ابن عصمة بين يوسف وحكيم بن حزام.

وخالفهما زهير بن حرب، فرواه ابن حزم في المحلى (8/519) من طريق قاسم بن أصبغ، أخبرنا أحمد بن زهير بن حرب، أخبرنا أبي، أخبرنا حبان بن هلال، أخبرنا همام، أخبرنا يحيى ابن أبي كثير، أن يعلى بن حكيم حدثه، أن يوسف بن ماهك حدثه، أن حكيم بن حزام حدثه ..».

فهنا صرح يوسف بن ماهك بسماع هذا الحديث من حكيم مباشرة دون ذكر عبد الله ابن عصمة، فخالف زهير بن حرب، رواية أبي جعفر الدارمي والعباس بن عبد العظيم وروايتهما أرجح، لموافقتهما رواية هشام الدستوائي وشيبان وأبان بن العطار عن يحيى بن أبي كثير بذكر عبد الله بن عصمة .

وقد ذكر عبد الحق في أحكامه طريق زهير بن حرب، فقال (3/237):  «وروى همام، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، أن يعلى بن حكيم حدثه، أن يوسف بن ماهك حدثه، أن حكيم بن حزام حدثه فذكره، هكذا ذكر يعلى سماع يوسف بن ماهك من حكيم بن حزام، وهشام الدستوائي يرويه عن يحيى، فيدخل بين يوسف وحكيم عبد الله بن عصمة، وكذلك هو بينهما في غير حديث، وعبد الله بن عصمة ضعيف جداً، ذكر هذا الحديث الدارقطني وغيره».

وقد بين ابن القطان الفاسي في كتاب الوهم والإيهام (2/318) أن هذه الرواية نقلها  عبد الحق من كتاب ابن حزم في المحلى، ولم ينقلها من كتاب الدارقطني؛ لأن الموجود في سنن الدارقطني من طريق همام، أو من طريق هشام الدستوائي ليس فيه ذكر سماع يوسف بن ماهك من حكيم بن حزام، كما أن في روايتهما (همام وهشام) ذكر عبد الله بن عصمة في الإسناد.

فصار الحديث عن يحيى بن أبي كثير:

تارة يرويه يحيى بن أبي كثير، عن يعلى بن حكيم، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله ابن عصمة، عن حكيم بن حزام، وهذا أرجحها. وقد رجحه البيهقي.

وتارة يرويه يحيى بن أبي كثير، عن رجل، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام. وهذا الرجل المبهم حملناه على أنه يعلى بن حكيم.

وتارة يرويه يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم ابن حزام. دون ذكر يعلى بن حكيم.

وقد اتفقت الطرق عن يحيى على ذكر عبد الله بن عصمة إلا في طريق لدى ابن حزم، وأظنه وهماً.

كما اتفقت الألفاظ على أنه في النهي عن بيع الشيء قبل قبضه، ولم يرد في طريق منه ذكر: الرجل يأتيني يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه من السوق، فقال: لا تبع ما ليس عندك.

وبناء عليه فالحديث اشتمل على لفظين: لفظ: لا تبع ما ليس عندك، لم يرد في جميع طرقه عبد الله بن عصمة، وهو لفظ أبي بشر وأيوب، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام.

ولعل هذا الطريق هو الذي جعل ابن حبان والله أعلم يقول في صحيحه (4983): «وهذا الخبر مشهور عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام، ليس بينهما ابن عصمة، وهو خبر غريب». اهـ

والحديث بهذا الطريق إسناده منقطع، يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام، كما ذكره أحمد، انظر جامع التحصيل (ص: 377)، ويكون حديث حكيم بلفظ: (لاتبع ما ليس عندك) ضعيفاً بهذا الإسناد.

ولفظ آخر ليس فيه النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان، وإنما فيه: النهي عن بيع الشيء قبل قبضه، وهو طريق يحيى بن أبي كثير، عن يعلى بن حكيم، عن يوسف بن ماهك، وهذا الطريق هو المحفوظ فيه ذكر عبد الله بن عصمة في إسناده، ولم يرد طريق واحد يجمع اللفظين حتى أقول يحمل هذا على هذا، رواه بعضهم مختصراً، وبعضهم تاماً، فإن وقف أحد من الباحثين على طريق واحد صحيح يجمع اللفظين كان القول بأنهما حديث واحد قولاً صحيحاً، وإلا كان الحديث بلفظ (لا تبع ما ليس عندك) على الانقطاع، والله أعلم.

وهناك اختلاف آخر على عبد الله بن عصمة في لفظ الحديث،

فرواية يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عصمة فيها النهي عن بيع الشيء قبل قبضه، وهذا يشمل الطعام وغير الطعام،

ورواه عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عصمة به في النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، وهذا هو اللفظ الثالث في الحديث.

فقد رواه ابن جريج، واختلف عليه فيه:

فأخرجه أحمد (3/403) عن روح بن عبادة،

والنسائي في المجتبى (4602)، وفي الكبرى (6194) من طريق حجاج بن محمد.

والشافعي في مسنده (ص: 239)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (8/107) عن سعيد ابن سالم.

والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/38) من طريق عثمان بن عمر، أربعتهم عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تبع طعاماً حتى تشتريه وتستوفيه . هذا لفظ النسائي.

وخالف فيه كل من

روح كما في مسند أحمد (3/403).

وسعيد بن سالم كما في مسند الشافعي (ص: 238) والبيهقي في المعرفة (8/107).

وحجاج بن محمد كما في سنن النسائي المجتبى (4601)، وفي الكبرى (6196) .

وعاصم بن الضحاك بن مخلد كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (4/38) والطبراني في الكبير (3096)، والبيهقي في السنن (5/312) كلهم عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن صفوان بن موهب، عن عبد الله بن محمد بن صيفي، عن حكيم بن حزام به، ولفظ أحمد:  «عن حكيم بن حزام، قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألم يأتيني – هكذا بإثبات الياء – أو ألم يبلغني أو كما شاء الله من ذلك أنك تبيع الطعام ؟ قال: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فلا تبع طعاماً حتى تشتريه وتستوفيه» .

وصفوان بن موهب وعبد الله بن محمد بن صيفي لم يوثقهما أحد، وذكرهما ابن حبان في الثقات، وقد توبعا في لفظ الحديث كما عرفت من رواية عطاء، عن عبد الله بن عصمة

ومع هذا الاختلاف في إسناده على ابن جريج، عن عطاء إلا أن الطريقين كليهما محفوظان فيما أرى، والله أعلم؛ لأن أحمد جمع الطريقين في إسناد واحد، فحين فرغ من إسناد عطاء الذي فيه عبد الله بن محمد بن صيفي، قال: قال عطاء: وأخبرنيه أيضاً عبد الله بن عصمة الجشمي، أنه سمع حكيم بن حزام يحدثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. فدل على أنهما محفوظان.

وخالف عبد العزيز بن رفيع، ابن جريج وعبد الله بن محمد بن صيفي، فرواه عن عطاء ابن أبي رباح، عن حزام بن حكيم، عن أبيه.

أخرجه ابن أبي شيبة (21328)، والنسائي في المجتبى (4603)، وفي الكبرى (6195)، والطبراني في الكبير (3110) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي رباح، عن حزام بن حكيم، عن أبيه، ولفظه: (ابتعت طعاماً من طعام الصدقة، فربحت فيه قبل أن أقبضه، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت له ذلك، فقال: لا تبعه حتى تقبضه).

وعبد العزيز بن رفيع ثقة لكن تفرده بذكر حزام بن حكيم، ومخالفته لابن جريج، وهو من أخص أصحاب عطاء، واختلاف الناس في حزام بن حكيم، يجعل هذا الطريق شاذاً، والله أعلم.

واللفظ في هذه الطرق أخص من لفظ يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عصمة، لأن فيه النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، وهو أمر مجمع عليه لم يختلف فيه أحد.

قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه، نقل ذلك ابن القيم، وقال: وحكي ذلك عن غير واحد من أهل العلم إجماعاً، انظر حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (9/276).

فتلخص في لفظ الحديث ثلاثة ألفاظ:

الأول: في النهي عن بيع ما ليس عند البائع. وهذا إسناده منقطع، يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام.

الثاني: النهي عن بيع الشيء قبل قبضه، وهذا من رواية يوسف بن ماهك، عن عبد الله ابن عصمة، عن حكيم بن حزام.

الثالث: النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، جاءت من ثلاثة طرق:

من رواية عطاء بن أبي رباح، عن عبدالله بن عصمة، عن حكيم بن حزام.

ومن رواية عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن موهب، عن عبد الله بن محمد بن صيفي، عن حكيم بن حزام

ومن رواية حزام بن حكيم، عن أبيه.

وعبد الله بن عصمة، قد اختلفوا فيه:

فقال فيه عبد الحق في أحكامه الوسطى (3/238): «عبد الله بن عصمة ضعيف جداً».

ولم يتعقب ابن القطان الفاسي عبد الحق في كتابه بيان الوهم والإيهام (310) بل قال في نفس الكتاب (2/320): مجهول.

ونقله الحافظ عنه في تهذيب التهذيب (5/281).

وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (2/546):  «رواه النسائي، ولكن في رجاله عبد الله ابن عصمة مجهول» . اهـ

وقال ابن حزم في المحلى (8/519):  «عبد الله بن عصمة متروك» .

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد على إسناد فيه عبد الله بن عصمة (9/124):  «رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عصمة، وهو ثقة يخطئ» . اهـ

وقال ابن عبد البر في الاستذكار:  «وما أعلم لعبد الله بن عصمة جرحة إلا أنه ممن لم يرو عنه إلا رجل واحد، فهو مجهول عندهم، إلا أني أقول: إن كان معروفاً بالثقة والأمانة والعدالة فلا يضره إذا لم يرو عنه إلا واحد» .

قلت: عبد الله بن عصمة روى عنه أكثر من واحد، منهم يوسف بن ماهك، وعطاء بن أبي رباح وصفوان بن موهب، وكلهم رووا حديث البيع على خلاف بينهم في لفظه.

كما أن هذا الكلام من ابن عبد البر لم يشف صدري لأنه علق الحكم بكونه لا يضره إذا لم يرو عنه إلا واحد بشرط أن يكون معروفاً بالثقة والأمانة والعدالة، وكيف نعرف هذه الأمور إلا إذا صدر ذلك من إمام من أئمة الجرح والتعديل بالتوثيق، وعبد الله بن عصمة لم يوثقه إمام معتبر، وليس له إلا هذا الحديث وتوثيق الرواة ليس له إلا طريقان: أن ينص أحد أئمة الجرح والتعديل على أنه ثقة، وهذا غير متوفر هنا .

والطريق الثاني: أن ينظر في مروياته، وتقارن بمرويات غيره، فإذا وجد منه أنه يوافق الثقات في مروياته كان ذلك داعياً إلى الاطمئنان إلى مروياته، فأما إذا خالف الثقات، أو كانت مروياته يسيرة وقد تفرد فيها، فلا يوثق من هذا حاله، وصاحبنا هذا أحاديثه يسيرة جداً لا تكفي لسبر حاله عن طريق مروياته، والله أعلم.

وقال فيه الحافظ في التقريب: مقبول، يعني حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، وقد توبع في هذا الحديث، فقد روى الحديث حزام بن حكيم عن أبيه، وسبق تخريجه إلا أن العلماء اختلفوا، هل لحكيم ولد يقال له حزام،

قال البخاري في التاريخ الكبير (3/116):  «أنكر مصعب أن يكون لحكيم ابن يقال له حزام» . اهـ ولم يتعقبه بشيء .

وفي الإكمال لابن ماكولا (2/415): «حزام بن حكيم بن خويلد، يحدث عن أبيه حكيم ابن حزام، روى حديثه عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن زيد بن رفيع، عنه.

قال مصعب الزبيري: لم يكن لحكيم ابن يقال له حزام. وروى أبو الأحوص: سلام ابن سليم، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي رباح، عن حزام بن حكيم، عن أبيه حديثاً في البيوع» اهـ

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/298):  «حزام بن حكيم بن حزام، روى عن أبيه حكيم بن حزام، روى عنه زيد بن رفيع، سمعت أبي يقول ذلك» .

قلت: أبو حاتم لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وابن حبان وحده ذكره في ثقاته (4/188).

كما تابع عبد الله بن محمد بن صيفي عبد الله بن عصمة أيضاً، إلا أن لفظ هاتين المتابعتين إنما هو في النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، وهي توافق لفظ عبد الله بن عصمة من رواية عطاء بن أبي رباح، ولهذا أجدني أميل إلى أن الراجح من لفظ حديث حكيم بن حزام إنما هو في النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، لما يلي:

أولاً: لأن عبد الله بن عصمة قد اختلف عليه في لفظه، والحديث واحد، والقصة واحدة، وقد رواه عن عبد الله بن عصمة عطاء بن أبي رباح وجعله في النهي عن بيع الطعام، كما رواه حزام ابن حكيم وعبد الله بن محمد بن صيفي كذلك.

ثانياً: أن عبد الله بن عصمة لم يشهد له في الإتقان، فلعله تصرف في لفظه، فاللفظ الموافق لرواية غيره أولى بالقبول من اللفظ المختلف فيه.

ثالثاً: أن النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى مجمع عليه، أو هو كالمجمع عليه، وهو محفوظ من أحاديث أخرى ثابتة سنأتي على ذكرها إن شاء الله في بابها من هذا الكتاب، بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه.

رابعاً: أن ابن عباس كان إذا روى حديث النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى كان يقول: وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام، فهذا ابن عباس على جلالة علمه وقدره لم يكن عنده شيء محفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن بيع غير الطعام، ولو كان فيه شيء محفوظ عنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن ابن عباس بحاجة إلى قياس غير الطعام على الطعام.

[4] مسند أبي داود الطيالسي (2257).

[5] الحديث مداره على عمرو بن شعيب، فرواه أيوب، واختلف عليه فيه،

فقد أخرجه الطيالسي كما في إسناد الباب، والبيهقي في السنن الكبرى (5/267)، من طريق حماد بن زيد.

وأخرجه النسائي في المجتبى (4631) وفي الكبرى (6227) من طريق معمر.

وأخرجه الحاكم (2/17) من طريق يزيد بن زريع.

وأخرجه البيهقي (5/336) من طريق يزيد بن إبراهيم، كلهم رووه عن أيوب، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، وبعضهم قال: عن عبد الله بن عمرو بدلاً من قوله (عن جده).

وخالفهم ابن علية، فرواه أحمد (2/178)، وأبو داود (3504)، والترمذي (1234)، والنسائي في المجتبى (4630) وفي الكبرى (6226) وابن الجارود في المنتقى (601) والبيهقي في السنن (5/267) وابن عبد البر في التمهيد (13/333) من طريق ابن علية، عن أيوب، عن عمرو ابن شعيب، حدثني أبي، عن أبيه، قال: ذكر عبد الله بن عمرو ....

ورواه ابن ماجه (1288) من طريق حماد بن زيد وابن علية جمعهما، فقال: عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وهذا إنما هو إسناد حماد.

والصواب ما رواه حماد بن زيد، ومعمر، ويزيد بن زريع، عن أيوب،

فقد رواه جماعة عن عمرو بن شعيب، ولم يذكروا ما ذكره ابن علية، وإليك ما وقفت عليه منهم.

أخرجه أحمد (2/174-175) من طريق الضحاك بن عثمان.

وأخرجه أيضاً (2/205)، من طريق ابن عجلان.

وأخرجه النسائي في المجتبى (4629)، وفي السنن الكبرى (6225)، والدرامي (2560) من طريق حسين المعلم.

وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2777) من طريق مطر الوراق.

وأخرجه الطحاوي (4/46)، والدارقطني (3/74-75) من طريق عامر الأحول.

وأخرجه الطحاوي (4/46) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان .

وأخرجه الطحاوي (4/47)، والبيهقي في السنن (5/348) من طريق داود بن قيس، كلهم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ولم يذكروا ما ذكره ابن علية، عن أيوب.

ورواه داود بن أبي هند، واختلف عليه فيه:

فرواه الطحاوي (4/46) من طريق حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع وسلف، وعن شرطين في بيعة.

ورواه ابن فضيل كما في مصنف ابن أبي شيبة (22033) عن داود بن أبي هند، عن عمرو ابن شعيب، أن جده كان إذا بعث تجارة نهاهم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن ربح ما لم يضمنوا.

وهذا الطريق فيه مخالفتان: الأولى الوقف، والثانية: الانقطاع. والطريق الأولى أولى بالحفظ لموافقته رواية الجماعة.

ورواه ابن أبي شيبة (4/451)، من طريق حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،

عن جده، قال: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- عتاب بن أسيد إلى أهل مكة، فقال: تدري إلى أين بعثتك ؟ بعثتك إلى أهل الله، ثم قال: إنههم عن أربع: عن بيع وسلف، وعن شرطين في بيع، وعن ربح ما لم يضمن، وعن بيع ما ليس عندك.

وهذا إسناد ضعيف، فيه حجاج بن أرطأة، وهو مشهور بالضعف.

ورواه البيهقي بإسناد أصح من هذا، (5/399) من طريق العباس بن الوليد بن مزيد، عن أبيه، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،

عن جده، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل عتاب بن أسيد إلى أهل مكة أن بلغهم عني أربع خصال، فذكرها، إلا أنه قال: وعن بيع ما لا يملك بدلاً من قوله: «وعن بيع ما ليس عندك».

كما رواه الطبراني وغيره من مسند عتاب بن أسيد، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.

[6] المعجم الكبير (17/162).

[7]قال الهيثمي في المجمع (4/85): «رواه الطبراني في الكبير، وفيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف».

قلت: موسى بن عبيدة، قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء . الكامل (6/333).

قال أحمد: لا تحل عندي الرواية عن موسى بن عبيدة، فقلت: يا أبا عبد الله لا تحل ؟ قال: عندي. قلت: فإن سفيان يروي عن موسى بن عبيدة، ويروي شعبة عنه، يقول: أبو عبد العزيز الربذي، قال: لو بان لشعبة ما بان لغيره ما روى عنه. المرجع السابق.

قلت: والجرح مقدم على التعديل.

وقال يحيى القطان: كنا نتقي موسى بن عبيدة تلك الأيام. الجرح والتعديل (8/151).

ورواه أبو يعلى الموصلي كما في إتحاف الخيرة المهرة (3708) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن عطاء، عن عتاب بن أسيد، رضي الله عنه، قال: لما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهاه عن سلف وبيع، وعن شرط وبيع، وعن بيع ما ليس عندك، وشف ما لم يضمن. وذكره في المطالب العالية (1398).

قال ابن حجر في المطالب: هذا منقطع بين عطاء وعتاب، مع ضعف ليث بن أبي سليم.اهـ

وروى ابن ماجه منه:  «وشف ما لم يضمن» بالإسناد نفسه.

كما سبق تخريجه من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل عتاب بن أسيد إلى أهل مكة ... الحديث .

[8] المسند (2/190).

[9] الحديث مداره على عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وقد رواه عن عمرو جماعة، هذا ما وقفت عليه منهم:

الأول: مطر الوارق، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه أحمد (2/189) حدثنا محمد بن جعفر وعبد الله بن بكر، قالا: حدثنا سعيد، عن مطر به. ومن طريق سعيد بن أبي عروبة أخرجه الدارقطني (4/14).

واختلف على سعيد، فرواه عنه من سبق كما تقدم.

وخالفهم عباد بن العوام، فرواه عن سعيد، عن أبي رجاء، عن مطر الوراق، فجعل بين سعيد ومطر أبا رجاء. أخرجه النسائي في المجتبى (4613) بلفظ: (ليس على رجل بيع فيما لا يملك).

وأخرجه أحمد (2/190)، وابن أبي شيبة (7/305) وأبو داود (2190) عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، عن مطر به، بلفظ: (لا يجوز طلاق ولا بيع، ولا عتق، ولا وفاء نذر فيما لا يملك)، واقتصر ابن أبي شيبة على لفظ (لا طلاق إلا بعد ملك).

وأخرجه أبو داود (2190) ومن طريقه البيهقي (7/318) من طريق هشام الدستوائي، عن مطر به.

الطريق الثاني: عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه عبد الرزاق (11456)، وأحمد في مسنده (2/190)، وسعيد بن منصور في السنن (1020)، والترمذي (1181)، وابن ماجه (2047)، وابن الجارود في المنتقى (743)، والدارقطني (4/15)، والحاكم (2/204) من طريق عامر به، بلفظ: (لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك).

واقتصر ابن ماجه على لفظ: (لا طلاق فيما لا يملك).

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/63) بلفظ: «(لا طلاق إلا بعد نكاح).

قال الدارقطني: لم يذكر فيه البيع. يعني عامراً الأحول.

الطريق الثالث: حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب به.

أخرجه أبو داود الطيالسي (2265)، ومن طريقه البيهقي في السنن (7/318) بلفظ: «لاطلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك» ولم يذكر فيه لفظ البيع.

الطريق الرابع: عبد الرحمن بن الحارث.

أخرجه ابن ماجه (2047) والدارقطني (4/15) من طريق عبد الرحمن، عن عمرو ابن شعيب به، ولفظ ابن ماجه (لا طلاق فيما لا يملك) وساقه الدارقطني مطولاً، وليس فيه ذكر البيع.

وأخرجه أحمد (2/185) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث به، بلفظ: (لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله عز وجل، ولا يمين في قطيعة رحم).

وأخرجه أبو داود (3273) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، حدثني أبو عبد الرحمن، وهو خطأ، صوابه: حدثني أبي عبد الرحمن بن الحارث به.

الطريق الخامس: حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب.

رواه الحاكم (2/204، 205) ومن طريقه البيهقي (7/317، 318) بلفظ: (لا طلاق قبل النكاح) وليس فيه ذكر البيع.

الطريق السادس: محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه أحمد (2/207) بلفظ: (لا طلاق فيما لا تملكون، ولا عتاق فيما لا تملكون، ولا نذر فيما لا تملكون، ولا نذر في معصية الله). ولم يرد فيه ذكر البيع.

الطريق السابع: أبو إسحاق الشيباني، عن عمرو

أخرجه أبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان (1/295) قريب من لفظ أبي إسحاق.

فتبين من جمع الطرق تفرد مطر الوراق، وهو ضعيف بلفظ: (ولا بيع فيما لا يملك) فتكون زيادة منكرة، والله أعلم.

وقد قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع (9/317): «رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم من طرق كثيرة بأسانيد حسنة، ومجموعها يرتفع عن كونه حسناً، ويقتضي أنه صحيح، وقال الترمذي: هو حديث حسن». اهـ

[10] نقل ابن القيم رحمه الله كلام شيخه موافقاً له في زاد المعاد (5/811)، وخالف الشافعي في قوله بأن حديث حكيم بن حزام في بيع الأعيان .

وقال في إعلام الموقعين (2/19):  «قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لحكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك، يحمل على معنيين:

أحدهما: أن يبيع عيناً معينة، وهي ليست عنده، بل ملك للغير، فيبيعها، ثم يسعى في تحصيلها، وتسليمها إلى المشتري.

والثاني: أن يريد بيع ما لا يقدر على تسليمه، وإن كان في الذمة، وهذا أشبه، فليس عنده حساً ولا معنى، فيكون قد باعه شيئاً لا يدري هل يحصل له أم لا ؟ ....»

إلا أنه في تهذيب السنن (9/299) رجع إلى قول الشافعي، قال رحمه الله:  «ظن طائفة أن السلم مخصوص من عموم هذا الحديث – يعني حديث حكيم بن حزام – فإنه بيع ما ليس عنده، وليس كما ظنوه، فإن الحديث تناول بيع الأعيان، وأما السلم فعقد على ما في الذمة، بل شرطه أن يكون في الذمة، فلو أسلم في معين عنده كان فاسداً».

فهذا ذهاب من ابن القيم إلى أن الحديث في بيع الأعيان، وهو خلاف ما اختاره شيخه رحمه الله كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فإنه ضعف أن يكون المشتري قد اشترى من حكيم عبد فلان أو سلعة فلان، وإنما اشترى شيئاً موصوفاً في ذمته، حالاً، وهو ليس عند البائع، وقاس عليه النهي عن بيع الأعيان إذا لم تكن عنده.

[11] قال الشافعي كما في مختصر المزني (ص: 553):  «أما حديث حكيم بن حزام فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهاه والله أعلم عن أن يبيع شيئا بعينه لا يملكه، والدليل على أن هذا معنى حديث حكيم ابن حزام - والله أعلم - حديث أبي المنهال عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر من أسلف في تمر سنتين أو ثلاثا، أن يسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم. وهذا بيع ما ليس عند المرء، ولكنه بيع صفة مضمونة على بائعها، وإذا أتى بها البائع لزمت المشتري وليست بيع عين، بيع العين إذا هلكت قبل قبض المبتاع انتقض فيها البيع، ولا يكون بيع العين مضمونا على البائع فيأتي بمثله إذا هلكت».

وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (3/178):  «الصورة الرابعة دل عليها قوله ق (ولا بيع ما ليس عندك) مثاله: أن يبيع منه متاعاً لا يملكه، ثم يشتريه من مالكه، ويدفعه إليه، وهذا فاسد؛ لأنه باع ما ليس في ملكه حاضراً عنده، ولا غائباً في ملكه، وتحت حوزته، قال العلامة البغوي في شرح السنة: هذا في بيوع الأعيان، دون بيوع الصفات، فلذا قيل: السلم في شيء موصوف، عام الوجود عند المحل المشروط يجوز، وإن لم يكن في ملكه حال العقد...». وانظر الأم (3/97)، ومختصر المزني (ص: 90).

[12] انظر تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء (2/690-691).

[13] انظر في مذهب الحنفية: الحجة محمد بن الحسن (2/614)، الهداية شرح البداية (3/73).

وأما في مذهب المالكية، فجاء في المدونة (4/30):  «قال مالك: كل من اشترى طعاماً أو غير ذلك، إذا لم يكن بعينه، فنقد رأس المال، أو لم ينقد، فلا خير فيه، طعاماً كان ذلك أو سلعة من السلع إذا لم تكن بعينها، إذا كان أجل ذلك قريباً يوماً أو يومين أو ثلاثة فلا خير فيه، إذا كانت عليه مضمونة؛ لأن هذا الأجل ليس من آجال السلم ... فإن كانت سلعة بعينها وكان موضعها قريباً اليوم واليومين، ونحو ذلك طعاماً كان أو غيره فلا بأس بالنقد فيه».

وجاء في المعونة (2/988):  «وإنما قلنا: إن الأجل شرط في السلم، وأنه لا يجوز أن يكون حالاً خلافاً للشافعي لقوله -صلى الله عليه وسلم-: فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم». وانظر الذخيرة (5/253)، والجامع لأحكام القرآن (3/379).

وفي بلغة السالك (3/172):  «والحاصل أن السلم لا بد أن يؤجل بأجل معلوم، أقله نصف شهر ...».

وفي مذهب الحنابلة، قال في الإنصاف (5/98):  «فإن أسلم حالاً، أو إلى أجل قريب كاليوم ونحوه لم يصح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب.

وذكر في الانتصار رواية: يصح حالاً، واختاره الشيخ تقي الدين إن كان في ملكه، قال: وهو المراد بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام لحكيم بن حزام رضي الله عنه، " لا تبع ما ليس عندك، أي ما ليس في ملكك، فلو لم يجز السلم حالاً، لقال: لا تبع هذا، سواء كان عندك أولا ..». وانظر الكافي (2/112)، المبدع (4/189).

[14] الفصول في الأصول (1/345).

[15] أحكام القرآن لابن العربي (2/255).

[16] انظر تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء (2/692).

[17] انظر تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء (2/691-692)..

[18] انظر تفسير آيات أشكلت (2/692).

[19] انظر في مذهب الحنفية: الحجة (2/614)، بدائع الصنائع (5/212)، عمدة القاري (12/63)، البحر الرائق (6/174)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/195)، أصول السرخسي (2/152).

وفي مذهب المالكية: جاء في المدونة (4/30): « قال مالك: كل من اشترى طعاماً، أو غير ذلك، إذا لم يكن بعينه، فنقد رأس المال، أو لم ينقد، فلا خير فيه طعاماً كان ذلك، أو سلعة من السلع، إذا لم تكن بعينها، إذا كان أجل ذلك قريباً يوماً، أو يومين، أو ثلاثة أيام، فلا خير فيه، إذا كانت عليه مضمونة؛ لأن هذا الأجل ليس من آجال السلم، ورآه مالك من المخاطرة، وقال: ليس هذا من آجال البيوع في السلم، إلا أن يكون إلى أجل تختلف فيه الأسواق تنقص وترتفع، فإن كانت سلعة بعينها، وكان موضعها قريباً اليوم واليومين، ونحو ذلك طعاماً كان، أو غيره فلا بأس بالنقد فيه، وإن تباعد ذلك فلا خير فيه في أن ينقده».

وانظر الذخيرة للقرافي (5/251)، وقال في الفروق (3/289): " السلم الجائز ما اجتمع فيه أربعة عشر شرطاً، فذكرها، وقال:

التاسع: أن يكون مؤجلاً، فيمتنع السلم الحال. اهـ

وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/379-381)، شرح الزرقاني على موطـأ مالك (3/414)، المنتقى للباجي (4/297).

هذا هو المشهور من مذهب مالك، أن السلم لا يجوز حالاً، وقد خرج بعضهم من بعض الروايات عنه جواز السلم الحال.

جاء في الذخيرة (5/253): « روى ابن عبد الحكم: السلم إلى يوم، فقيل: هي رواية في السلم الحال، وقيل: بل المذهب لا يختلف في منعه، وإنما هذا خلاف في مقداره».

وفي المنتقى للباجي (4/297): « روى ابن عبد الحكم وابن وهب عن مالك: يجوز أن يسلم إلى يومين أو ثلاثة .

وزاد ابن عبد الحكم: أو يوم .

قال القاضي أبو محمد: واختلف أصحابنا في تخريج ذلك على المذهب: فمنهم من قال: إن ذلك رواية في جواز السلم الحال، وبه قال الشافعي .

ومنهم من قال: إن الأجل شرط في السلم قولاً واحداً، وإنما تختلف الرواية عنه في مقدار الأجل ..».

وفي مذهب الحنابلة انظر: المغني (4/193)، الإنصاف (5/98)،

[20] الأم (3/95)، شرح النووي على صحيح مسلم (11/41)، معرفة السنن والآثار (4/405)، روضة الطالبين (4/7)، كفاية الأخيار (2/248)، مغني المحتاج (2/105).

[21] قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (5/393): « ويصح السلم حالاً إن كان المسلم فيه موجوداً في ملكه وإلا فلا ...». وانظر الإنصاف (5/98)، تفسير آيات أشكلت (2/694).

[22] الإنصاف (5/98)، تفسير آيات أشكلت (2/694).

[23] صحيح البخاري (2086)، ومسلم (3010).

[24] انظر شرح النووي على صحيح مسلم (11/41).

[25] تفسير القرطبي (3/379).

[26] قد بينت ذلك والحمد لله في كتاب السلم فانظره هناك.

تفسير القرطبي (3/379).

[27] انظر مجموع الفتاوى (20/529)، زاد المعاد (5/811)، إعلام الموقعين (1/350) و (2/19).

[28] المغني (4/193-194).

[29] لم أقف عليه في المسند بهذا اللفظ، وإنما روى أحمد (2/51) من طريق أبي إسحاق، سمعت رجلاً من أهل نجران، قال: سألت ابن عمر عن السلم في النخل، وفيه مرفوعاً: « نهى عن السلم في النخل حتى يبدو صلاحه». وهذا إسناد ضعيف لجهالة النجراني.

[30] تفسير آيات أشكلت (2/694).

[31] انظر مغني المحتاج (2/105)، وانظر في هذا البحث بيع العين الغائبة الموصوفة.

[32] انظر الذخيرة للقرافي (5/252-253).

[33] سبق تخريجه، انظر (ح 231).

[34] انظر تفسير آيات أشكلت (2/691-692).

[35] انظر تفسير آيات أشكلت (2/699).

[36] مجموع الفتاوى (29/121).

[37] تفسير القرطبي (3/379)، وانظر الذخيرة للقرافي (5/224).

[38] شرح النووي على صحيح مسلم (11/41).

[39] فتح الباري (4/428).

[40] المغني (4/185).

[41] بداية المجتهد (2/151).

[42] الفضولي من الفَضْلَ أي الزيادة، والجمع  فُضُولٌ مثل فَلْسٍ و فُلُوسٍ، و قد استعمل الجمع استعمال المفرد فيما لا خير فيه، و لهذا نسب إليه على لفظه فقيل (فُضُوِلُّي) لمن يشتغل بما لا يعنيه؛ لأنه جعل علماً على نوع من الكلام، فنزل منزلة المفرد، وسمي بالواحد و اشتق منه (فَضَالَةٌ) مثل جهالة، وضلالة وسمي به ومنه (فَضَالَةُ بنُ عُبَيْد) و (الفُضَالَةُ) بالضم: اسم لما يفضل و(الفَضْلَةُ) مثله و (تَفَضّلَ) عليه و (أَفَضلَ) (إفضَالاً) بمعنى و(فَضّلتُهُ) على غيره (تَفْضِيلاً) صيرته أفضل منه، و(اسْتَفْضَلْتُ) من الشيء و (أَفْضَلْتُّ) منه بمعنى و (الفَضِيلَةُ) و (الفَضلُ) الخير. انظر المصباح المنير (ص475)

[43] تعريفات الجرجاني (ص: 215).

[44] شرح ميارة (2/8).

[45] انظر أنواع البروق في أنواع الفروق (2/168)، ومواهب الجليل (4/43).

وقال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير (2/543): حين شرح كلمة «وطلاق الفضولي كبيعه» قال: «التشبيه في توقف كل على إجازة المالك، لا في أصل القدوم، فإنه اتفق على عدم جواز قدوم الفضولي على الطلاق، بخلاف البيع، فقيل بالحرمة، وقيل بالجواز، وقيل بالاستحباب، والمعتمد الحرمة، والفرق بينه وبين الطلاق: أن الناس شأنهم يطلبون الأرباح في سلعهم بالبيع، بخلاف النساء». وانظر منح الجليل (4/45)

[46] مواهب الجليل (4/270).

[47] حاشية الدسوقي (3/12).

[48] المرجع السابق.

[49] انظر المادة (368).

[50] موسوعة القواعد والضوابط الفقهية ـ الندوي (2/11) نقلاً من شرح الزيادات (2903).

[51] الهداية مع فتح القدير (9/235).

[52] بدائع الصنائع (5/150)، المبسوط (13/153)، البناية للعيني (7/399)، شرح فتح القدير (7/50)، تبيين الحقائق (4/102-103).

ويشترط الحنفية لإجازة عقد الفضولي شرطين، هما:

الأول: أن يكون للعقد مجيز عند وقوعه، فما لا مجيز له حال العقد لا ينعقد أصلاً.

مثاله: صبي باع مثلاً، ثم بلغ قبل إجازة وليه، فأجازه بنفسه، جاز ؛ لأن له ولياً يجيزه حالة العقد، بخلاف ما لو طلق أو أعتق مثلاً، ثم بلغ، فأجازه بنفسه، لم يجز ؛ لأنه وقت العقد لا مجيز له، فيبطل. انظر حاشية ابن عابدين (5/107)، وهذا بناء على أن طلاق الصبي وعتقه لا يقع، وقد تقدم تحرير الخلاف.

الشرط الثاني: قيام العاقدين، والمالك، والمعقود عليه، فلو هلك العاقدان، أو أحدهما قبل الإجازة لم تلحق العقد الإجازة؛ لأن قيامهما ضروري في قيام العقد، فقيام المشتري مثلاً ليلزم الثمن، وبعد الموت لا يلزمه شيء، ما لم يكن لزمه حال حياته، وقيام البائع ليلزمه حقوق العقد، ولا تلزمه إلا حياً، وقيام المالك ؛ لأن الإجازة لا تكون  إلا منه دون ورثته. وقيام المعقود عليه؛ لأن الملك إنما ينتقل بعد الإجازة، ولا يمكن أن ينتقل بعد الهلاك. انظر فتح القدير (7/54-55).

وهذان الشرطان فيما إذا كان الثمن ديناً كالدراهم، فإن كان الثمن عروضاً، فلا بد من توفر شرط آخر، وهو قيام الثمن. انظر بدائع الصنائع (5/152).

[53] حاشيتا قليوبي وعميرة (2/201)، المجموع (9/312).

[54] مواهب الجليل (4/270)، التاج والإكليل (4/270)، القوانين الفقهية (ص: 163)، حاشية الدسوقي (3/12)، الخرشي (5/18)، ويشترط عند المالكية أن يكون الفضولي غائباً غيبة بعيدة لا يمكن فيها إعلامه حال العقد، فإن كان حاضراً، وسكت حال العقد، فإن العقد يلزمه، وكذا إذا كان غائباً قريباً من مكان العقد، بحيث يتسنى إعلامه.

[55] المحرر في الفقه (1/310)، الإنصاف (4/283).

[56] مجموع الفتاوى (29/249).

[57] أعلام الموقعين (2/35)، زاد المعاد (5/157).

[58] قال النووي في المجموع (9/312): «لو باع مال غيره بغير إذن، ولا ولاية، فقولان، الصحيح: أن العقد باطل، وهذا نصه في الجديد، وبه قطع المصنف، وجماهير العراقيين، وكثيرون، أو الأكثرون من الخراسانيين...

والقول الثاني: وهو القديم: أنه ينعقد موقوفاً على إجازة المالك إن أجاز صح البيع، وإلا لغا..».

وقال السيوطي في الأشباه والنظائر (ص: 285): «بيع الفضولي، وفيه قولان، أصحهما، وهو المنصوص في الجديد، أنه باطل». ونظر حاشيتا قليوبي وعميرة (2/201)

[59] الإنصاف (4/283)، شرح منتهى الإرادات (2/9)، دليل الطالب (ص: 106)، مجموع الفتاوى (30/64)، كشاف القناع (3/157).

[60] قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (4/434): «ولا يحل لأحد أن يبيع مال غيره بغير إذن صاحب المال له في بيعه، فإن وقع فسخ أبداً، سواء أكان صاحب المال حاضراً يرى ذلك، أو غائباً، ولا يكون سكوته رضا بالبيع، طالت المدة أو قصرت».

[61] البخاري (2272).

[62] وهذا الحديث قد لا يتأتى على شريعتنا، لأن أجرة العامل إن كانت مثلية لم تتعين كالدراهم والدنانير، فهي في ذمته، وما عمله في عين ماله فهو له، لأنه ضامن لما وجب في ذمته لصاحبه، وما تصرف فيه في عين ماله فهو ماله، له غنمه، وعليه غرمه، وإن كانت أجرة العامل قد تعينت، فعمل بها بغير إذن صاحبها، فالنماء له أيضاً ؛ لأنه ضامن لأجرته، والخراج بالضمان، ويكون هذا من باب التعدي على الأمانة، لأن يده يد أمانة، وإن كان ذلك بإذن صاحبها كان مضارباً، فالربح بينهما، والخسارة على رأس المال.

[63] سيأتي من خلال مناقشة الحديث بيان طرق الحديث، والكلام عليه إن شاء الله تعالى.

[64] جاء في تهذيب السنن (9/171): «انفرد بإخراجه البخاري، وقد استدرك عليه روايته له عن الحي، وهم غير معروفين، وما كان هكذا فليس من شرط كتابه».

وبين ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام أن البخاري لم يقصد إخراج هذا الحديث، وإنما كان مقصوده إخراج حديث عروة المتصل، والذي هو على شرطه: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، فجرى في سياق القصة من قصة الدينار ما ليس من مقصوده، ولا على شرطه مما حدث به شبيب، عن الحي، عن عروة، وهذا نص ابن القطان رحمه الله تعالى في بيان الوهم والإيهام (5/164-165):

«يجب أن تعرف أن نسبة الخبر إلى البخاري كما ينسب إليه ما يخرج من صحيح الحديث خطأ، فإنه رحمه الله قد يعلق ما ليس من شرطه إثر التراجم، وقد يترجم بألفاظ أحاديث غير صحيحة، ويورد الأحاديث مرسلة، فلا ينبغي أن يعتقد في هذه كلها أن مذهبه صحتها، بل ليس ذلك بمذهب إلا فيما يورده بإسناده موصولاً على نحو ما عرف من شرطه.

ولم يعرف من مذهب البخاري تصحيح حديث في إسناده من لم يسم، كهذا الحديث، بل يكون عنده بحكم المرسل، فإن الحي الذي حدث شبيباً لا يعرفون، ولا بد أنهم محصورون في عدد، وتوهم أن العدد الذي حدثه عدد يحصل بخبرهم التواتر، بحيث لا يوضع فيهم النظر بالجرح والتعديل يكون خطأ، فإذن الحديث هكذا منقطع؛ لإبهام الواسطة فيه بين شبيب وعروة، والمتصل منه هو ما في آخره من ذكر الخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، ولذلك أتبعه الأحاديث بذلك من رواية ابن عمر، وأنس، وأبي هريرة، وكلها في الخيل، ولنورد ما أورده بنصه ليكون تبيين ذلك ما أمكن:

ذكر في باب سؤال المشركين أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر أحاديث فيها إخباره عما يكون، فكان منها: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا شبيب بن غرقد، قال: سمعت الحي يتحدثون عن عروة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه ديناراً، يشتري له به شاة، فاشترى له شاتين، فباع إحداهما بدينار وشاة، فاشترى له شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه. قال سفيان: كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه، قال: سمعه شبيب من عروة، فأتيته، فقال شبيب: إني لم أسمعه من عروة، قال: سمعت الحي يخبرونه عنه، ولكن سمعته يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، قال: وقد رأيت في داره سبعين فرساً.... وبعده عنده (أي البخاري) عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.

وبعده عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)

وبعده عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الخيل ثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر....) فقد ترى من هذا أن الأحاديث تتضمن الخيل في نواصيها الخير، فأورد به حديث عروة، وما بعده، واعتمد في إسناد سفيان، عن شبيب بن غرقدة، قال: سمعت عروة، وجرى في سياق القصة من قصة الدينار ما ليس من مقصوده، ولا على شرطه مما حدث به شبيب عن الحي، عن عروة، فاعلم ذلك» انتهى كلامه رحمه الله، وهو كما قال.

وساق المنذري دليلاً آخر على أن مراد البخاري ليس قصة الدينار، وإنما حديث الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، لو أراد البخاري مسألة بيع الفضولي لأوردها في كتاب البيوع.

وتعقب الحافظ ابن حجر رحمه الله كلام ابن القطان والمنذري، وهذا نصه:

«زعم ابن القطان أن البخاري لم يرد بسياق هذا الحديث إلا حديث الخيل، ولم يرد حديث الشاة، وبالغ في الرد على من زعم أن البخاري أخرج حديث الشاة محتجاً به؛ لأنه ليس على شرطه؛ لإبهام الواسطة فيه بين شبيب وعروة، وهو كما قال، لكن ليس في ذلك ما يمنع تخريجه، ولا ما يحطه عن شرطه؛ لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، ويضاف إلى ذلك ورود الحديث من الطريق التي هي الشاهد لصحة الحديث؛ ولأن المقصود منه الذي يدخل في علامات النبوة، دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لعروة، فاستجيب له، حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه، وأما مسألة بيع الفضولي فلم يردها، إذ لو أرادها لأوردها في البيوع، كذا قرره المنذري، وفيه نظر؛ لأنه لم يطرد له في ذلك عمل، فقد يكون الحديث على شرطه، ويعارضه عنده ما هو أولى بالعمل به من حديث آخر، فلا يخرج ذلك الحديث في بابه، ويخرجه في باب آخر؛ لينبه بذلك على أنه صحيح، إلا أن ما دل ظاهره عليه غير معمول به عنده، والله أعلم».

وأنا أميل إلى ترجيح كلام ابن القطان، فإن البخاري في صحيحه لم يخرج حديثاً قط على شرطه اعتماداً على تلقي الناس له بالقبول، أو اعتماداً على كثرة العدد في الإسناد، مع العلم أن القطع بأن العدد كثير جداً هو من باب الظن لا أكثر، بل كان اعتماد البخاري على الإسناد، ولعل الحافظ لم ير أن الحديث على شرط البخاري، ولذلك قال الحافظ تعقيباً على كلام ابن القطان: «وهو كما قال» وقد نقلنا عبارته فيما سبق، فإن كان قوله: وهو كما قال: بأن الحديث ليس على شرط البخاري فهذا هو ما أردت بيانه، وإذا حكمنا على أن الحديث ليس على شرط البخاري، وأن في إسناده مبهماً، كما قال الحافظ: «الصواب أنه متصل في إسناده مبهم» وبمقتضى القواعد يكون إسناد الحديث ضعيفاً، ويبقى النظر في صحة الحديث بالنظر إلى الطرق الأخرى، والتي سوف نستكشفها إن شاء الله تعالى في السطور التالية.

فالحديث أخرجه سفيان بن عيينة، واختلف عليه فيه:

فأخرجه الشافعي في مسنده (1/252).

وأحمد (4/375) في مسنده.

والحميدي (841) في مسنده، ومن طريق الحميدي، أخرجه الطبراني في الكبير (17/158) برقم 411، 412.

والبخاري (3642) حدثنا علي بن المديني، ومن طريق البخاري أخرجه البيهقي (6/112).

وأبو داود (3384) حدثنا مسدد.

والبيهقي (6/111) من طريق سعدان بن نصر، كلهم عن سفيان بن عيينة، عن شبيب ابن غرقدة، حدثني الحي، عن عروة.

وخالفهم أبو بكر بن أبي شيبة، فرواه في مصنفه (7/303) رقم: 36293، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن ماجه (2402)، والطبراني في الكبير، عن سفيان، عن شبيب بن  غرقدة، عن عروة البارقي، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

«وشبيب قد صرح بأنه لم يسمعه من عروة، كما ذكر البخاري في صحيحه، وإن كان قد سمع منه حديث الخيل معقود في نواصيها الخير، وقد سبق الكلام في هذا فلا حاجة إلى إعادته.

الطريق الثاني: الحسن بن عمارة، عن شبيب، عن عروة.

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (14831) أخبرنا الحسن بن عمارة، قال: أخبرنا شبيب ابن غرقدة، عن عروة بن أبي الجعد البارقي.

قال البخاري في صحيحه: قال سفيان: كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه، قال: سمعه شبيب من عروة، فأتيته، فقال شبيب: إني لم أسمعه من عروة، قال: سمعت الحي يخبرونه عنه..».

فتبين من هذا أن إسناد الحسن بن عمارة إسناد منكر لمخالفة الحسن من هو أوثق منه، ولكون شبيب أنكر ما رواه عنه، وقد قال الحافظ في الحسن بن عمارة: «هو أحد الفقهاء المتفق على ضعف حديثهم». فهذا الإسناد لا يزيد الحديث قوة، لأن مداره على شبيب، وقد صرح شبيب بأنه لم يسمعه من عروة.

الطريق الثالث: سعيد بن زيد، عن الزبير بن خريت، عن أبي لبيد، عن عروة.

أخرجه أحمد (4/376)، وأبو داود (3385)، وابن ماجه (2402)، والترمذي (1258)، والطبراني في الكبير (17/421)، والبيهقي في السنن (6/112) من طريق سعيد بن زيد به.

وسعيد بن زيد هو أخو حماد بن زيد، وقد ضعفه جماعة، وقواه آخرون، جاء في ترجمته:

قال أحمد: ليس به بأس. الجرح والتعديل (4/21).

وقال علي بن المديني: سمعت يحيى يعني القطان ضعف سعيد بن زيد أخا حماد بن زيد في الحديث جداً. المرجع السابق.

قال سليمان بن حرب: حدثنا سعيد بن زيد، وكان ثقة. المرجع السابق.

وقال ابن حبان: كان صدوقاً حافظاً، ممن كان يخطئ في الأخبار، ويهم في الآثار، حتى لا يحتج به إذا انفرد. المجروحين (1/320).

وقال النسائي: ليس بالقوي. الضعفاء له (275).

وقال الذهبي في الكاشف: قال جماعة ليس بالقوي، ووثقه ابن معين.

قلت: قال عثمان بن أبي شيبة: سألت يحيى بن معين عن سعيد بن زيد، فقال: ضعيف. ضعفاء العقيلي (2/105).

وقال العجلي: ثقة. معرفة الثقات (590).

وقال البخاري: قال مسلم: حدثنا سعيد بن زيد، أبو الحسن، صدوق حافظ. التاريخ الكبير (3/472).

وقال ابن عدي: ولسعيد بن زيد غير ما ذكرت، أحاديث حسان، وليس له متن منكر لا يأتي به غيره، وهو عندي في جملة من ينسب إلى الصدق. الكامل (3/377).

ولخص حاله الحافظ في التقريب، فقال: صدوق له أوهام.

وفي الإسناد أيضاً أبو لبيد لمازة بن زبار، جاء في ترجمته:

قال أحمد بن حنبل: كان أبو لبيد صالح الحديث، وأثنى عليه ثناء حسناً. الجرح والتعديل (7/182).

وقال ابن سعد: كان ثقة. تهذيب التهذيب (8/410).

وفي التقريب: صدوق ناصبي، فالإسناد حسن إن شاء الله تعالى.

وقد رواه الترمذي أيضاً (1258) من طريق هارون الأعور المقرئ، عن الزبير بن خريت به. وهارون ثقة، وهي متابعة قوية لسعيد بن زيد.

وله شاهد من حديث حكيم بن حزام،

أخرجه أبو داود (3386) حدثنا محمد بن كثير العبدي، أخبرنا سفيان، حدثني أبو حصين، عن شيخ من أهل المدينة، عن حكيم بن حزام، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث معه بدينار يشتري له أضحية، فذكر نحو حديث عروة.

ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي (6/112).

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (7/303) ومن طريقه أخرجه الطبراني في الكبير (3/205) رقم 3134 حدثنا وكيع، عن سفيان به.

وأخرجه الدارقطني (3/9) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، نا سفيان به.

وفي سنده مجهول كما ترى.

وخالف أبو بكر بن عياش الثوري، فرواه عن أبي حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حكيم.

أخرجه الترمذي (1257) حدثنا أبو كريب،

والطبراني في الكبير (3/205) من طريق إسحاق بن إبراهيم الشهيدي، كلاهما عن أبي بكر ابن عياش به.

قال الترمذي: حديث حكيم بن حزام لا نعرف إلا من هذا الوجه، وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع عندي من حكيم بن حزام.

قلت: الثوري مقدم على أبي بكر بن عياش، فالظاهر أن طريق أبي بكر بن عياش وهم. فلا يثبت عندي حديث حكيم بن حزام، ويبقى حديث عروة حديث حسن إن شاء الله تعالى، وطريق أبي لبيد يشد من طريق شبيب بن أبي غرقدة، والله أعلم.

[65] مسند الإمام أحمد (3/343)، ورواه أحمد (3/402) من طريق هشيم بن بشير، أخبرنا يوسف بن ماهك به.

[66] سبق تخريجه.

[67] مسند أبي داود الطيالسي (2257) وسبق تخريجه.

[68] المغني (4/145)، وانظر الكافي (2/20-21)، الذخيرة (5/134)، المهذب (1/262).

[69] انظر المبسوط (13/14)، فتح القدير (6/52).

[70] زاد المعاد (5/811)، أعلام الموقعين (2/19).

[71] قال الشافعي كما في مختصر المزني (ص: 553): «أما حديث حكيم بن حزام فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهاه والله أعلم عن أن يبيع شيئا بعينه لا يملكه، والدليل على أن هذا معنى حديث حكيم بن حزام - والله أعلم - حديث أبي المنهال عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر من أسلف في تمر سنتين أو ثلاثا، أن يسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم.  وهذا بيع ما ليس عند المرء، ولكنه بيع صفة مضمونة على بائعها، وإذا أتى بها البائع لزمت المشتري وليست بيع عين، بيع العين إذا هلكت قبل قبض المبتاع انتقض فيها البيع، ولا يكون بيع العين مضمونا على البائع فيأتي بمثله إذا هلكت».

وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (3/178): «الصورة الرابعة دل عليها قوله -صلى الله عليه وسلم- (ولا بيع ما ليس عندك) مثاله: أن يبيع منه متاعاً لا يملكه، ثم يشتريه من مالكه، ويدفعه إليه، وهذا فاسد؛ لأنه باع ما ليس في ملكه حاضراً عنده، ولا غائباً في ملكه، وتحت حوزته، قال العلامة البغوي في شرح السنة: هذا في بيوع الأعيان، دون بيوع الصفات، فلذا قيل: السلم في شيء موصوف، عام الوجود عند المحل المشروط يجوز، وإن لم يكن في ملكه حال العقد...». وانظر الأم (3/97)، ومختصر المزني (ص: 90).

[72] انظر في مذهب الحنفية: الحجة محمد بن الحسن (2/614)، الهداية شرح البداية (3/73).

وانظر في مذهب المالكية، (4/30)، المعونة (2/988) والجامع لأحكام القرآن (3/379)، بلغة السالك (3/172).

وفي مذهب الحنابلة، قال في الإنصاف (5/98): «فإن أسلم حالاً، أو إلى أجل قريب كاليوم ونحوه لم يصح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب.

وذكر في الانتصار رواية: يصح حالاً، واختاره الشيخ تقي الدين إن كان في ملكه، قال: وهو المراد بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام لحكيم بن حزام رضي الله عنه، (لا تبع ما ليس عندك)، أي ما ليس في ملكك، فلو لم يجز السلم حالاً، لقال: لا تبع هذا، سواء كان عندك أولا..». وانظر الكافي (2/112)، المبدع (4/189).

[73] الفصول في الأصول (1/345).

[74] انظر تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء (2/692).

[75] المسند (2/190).

[76] سنن أبي داود (2190).

[77] المجموع (9/317).

[78] تبيين الحقائق (4/24-25)، وانظر المبسوط (13/155) و (14/36) بدائع الصنائع (5/147) و (5/163).

[79] فتح القدير (6/336).

[80] المغني (4/145)، وانظر الكافي (2/20-21)، الذخيرة (5/134)، المهذب (1/262) .

[81] المحلى (مسألة: 1508).

[82] التمهيد (14/216)، وانظر في مذاهب الأئمة ما يأتي:

مذهب الحنفية: فتح القدير (6/336)، المبسوط (13/70)، بدائع الصنائع (5/147).

وفي مذهب المالكية: الفواكه الدواني (2/101-102)، كفاية الطالب (2/236)، الذخيرة (5/134).

وفي مذهب الشافعية: انظر المهذب (1/262).

وفي مذهب الحنابلة: انظر المغني (4/145)، الكافي (2/20-21).

[83] مسند أبي داود الطيالسي (2257) .

[84] تهذيب السنن (9/299).

[85] مسند أبي داود الطيالسي (2257) ، وقد سبق تخريجه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإجارة المنتهية بالتمليك (WORD)
  • بائع البالونات

مختارات من الشبكة

  • الفرق بين بيع المضطر وبيع المكره وبيع التلجئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم بيع غير المقدور على تسليمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع الوفاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم بيع الوفاء(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • بيع الاستجرار (بيع أهل المدينة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع الدين بالدين(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تعريف البيع بالتقسيط وحكمه وأدلة الجمهور على جوازه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث حكيم بن حزام في النهي عن بيع ما ليس عند البائع(مقالة - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • حديث النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سود أخيه(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)

 


تعليقات الزوار
3- سؤال
طلال ملاط - السعودية 18-03-2017 07:04 AM

السلام عليكم ورحمة الله
سؤال لو تكرمتم
ما أقوال الفقهاء والقضاة في رجل اشترى أرضاً ودفع ثمنها ويوجد شهود على البيع وقبل استلام الصك قام البائع ببيع الأرض لآخر وسلمه الأرض.
فهل يرجع المشتري الأول على البائع ويطالبه بالأرض التي اشتراها، أم يرجع على المشتري الثاني ويطالبه بالأرض ثم المشتري الثاني يرجع على البائع
بارك الله فيكم.

2- استفسار
سعود بن ناصر - السعودية 23-12-2016 12:17 AM

رجل اشتريت منه أرض بوثيقة مكتب عقار وكان فيها شرط أنه يحميني من أي اعتداء ما عدا البلدية

وبعد الشراء بشهر قامت البلدية بإزالة المبنى القائم على الأرض بحجة أن الارض بدون صك وهي ملك للدولة

هل البيع صحيح في أصله

هل يحق لي مطالبة البائع بفسخ العقد

1- مادة قوية وغزيرة
أبوالبراء الفلسطيني - فلسطين - غزة 01-04-2011 08:13 PM

جزاك الله خيرا ونفع الله بك
أنا عندي درس لطلبة العلم في شرح بلوغ المرام , وقد استفدت من بحثك هذا كثيرا , عندما شرحت لهم بيع ما لا تملك
ما كنت أفرق بين بيع ما لا تملك وبين السلم إلا بصعوبة
وما كنت أعرف السلم الحال الذي انفرد الشافعي بإجازته
ما شاء الله عليك ياشيخ, والحمد لله أن في الأمة من مثلك
فمسائل المعاملات قليل من يتقنها من أهل العلم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب