• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

عداوة الكفار للمؤمنين (خطبة)

عداوة الكفار للمؤمنين (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/11/2024 ميلادي - 12/5/1446 هجري

الزيارات: 8315

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عداوة الكفار للمؤمنين


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ خَلَقَ الْبَشَرَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، وَإِلَيْهِ مَرْجِعُهُمْ وَمَعَادُهُمْ، وَعَلَيْهِ حِسَابُهُمْ وَجَزَاؤُهُمْ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِوَصْفِهِ وَمَكْنُونِهِ وَعَاقِبَتِهِ، وَلَا يُجَاوِزُ الْإِنْسَانُ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ رَبُّهُ؛ ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ‌الْوَرِيدِ ﴾ [ق:16]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَاءَ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَأَمَرَ بِالْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَدَعَا إِلَى الْقُوَّةِ وَالْعِزَّةِ؛ فَكَانَ إِمَامَ الْحُنَفَاءِ، وَسَيِّدَ الرُّحَمَاءِ، وَمُقَدَّمَ الْأَقْوِيَاءِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُمْ؛ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، وَلَا يَسْتَزِلَّكُمُ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لَكُمْ، وَلَا تَغْتَرُّوا بِزِينَةِ الدُّنْيَا فَلَيْسَتْ مَقَرَّكُمْ، وَاعْمَلُوا لِلْآخِرَةِ فَإِنَّهَا دَارُكُمْ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ ‌الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فَاطِرٍ:5-6].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أُصُولِ اعْتِقَادِ الْمُؤْمِنِ إِيمَانُهُ بِعَدَاوَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ وَالْبَرَاءَ يُبْنَى عَلَيْهَا، وَهِيَ عَدَاوَةٌ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ:

أَمَّا كَوْنُهَا أَزَلِيَّةً: فَإِنَّ الْكُفَّارَ مِنْ كُلِّ الْأُمَمِ، وَعَلَى مَرِّ الْأَزْمَانِ؛ نَابَذُوا الرُّسُلَ وَأَتْبَاعَهُمْ، وَوَصَفُوهُمْ بِأَبْشَعِ الْأَوْصَافِ، وَحَارَبُوهُمْ أَشَدَّ مُحَارَبَةٍ، فَأَوَّلُهُمْ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ سَخِرَ قَوْمُهُ مِنْهُ، وَرَمَوْهُ بِالضَّلَالِ، وَهَدَّدُوهُ بِالرَّجْمِ؛ ﴿ قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ‌الْمَرْجُومِينَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ:116]، وَلَمَّا أَغْرَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى شَفَعَ نُوحٌ لِابْنِهِ، فَلَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالَى شَفَاعَتَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ وَالْعَدَاءِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ ‌الْجَاهِلِينَ ﴾ [هُودٍ:46]، فَانْصَاعَ نُوحٌ وَانْقَادَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَوَصَفُوا هُودًا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالسَّفَاهَةِ، وَبَالَغُوا فِي تَكْذِيبِهِ حَتَّى أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى؛ ﴿ وَتِلْكَ ‌عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [هُودٍ:59]. وَتَحَالَفُوا عَلَى قَتْلِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ ﴿ قَالُوا ‌تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [النَّمْلِ:49]. وَهَدَّدُوا شُعَيْبًا بِتَشْرِيدِهِ مِنْ بَلَدِهِ؛ ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ‌لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ﴾ [الْأَعْرَافِ:88]، وَكَادُوا أَنْ يَرْجُمُوهُ حَتَّى الْمَوْتِ فَقَالُوا: ﴿ وَلَوْلَا رَهْطُكَ ‌لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ﴾ [هُودٍ:91]، وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:124]، وَفَعَلَ مَا هَدَّدَهُمْ بِهِ وَهُمْ ثَابِتُونَ صَابِرُونَ.

 

وَالْكُفَّارُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلُوا الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَآذَوْا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَذًى شَدِيدًا، وَعَيَّرُوهُ وَاتَّهَمُوهُ كَذِبًا وَزُورًا؛ ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ ‌تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ﴾ [الصَّفِّ:5]، وَلَمَّا أُوذِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «‌رَحِمَ ‌اللَّهُ ‌مُوسَى، لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَاوَلُوا قَتْلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ، وَحَرَّقُوا الْمُؤْمِنِينَ بِرِسَالَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْأُخْدُودِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَطَارَدُوا الْمُؤْمِنِينَ بِرِسَالَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

 

وَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ وَآذَوْهُ، وَعَذَّبُوا أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَتَلُوا عَدَدًا مِنْهُمْ؛ كَمَا عَذَّبُوا بِلَالًا وَخَبَّابًا، وَمَاتَتْ سُمَيَّةُ وَزَوْجُهَا يَاسِرٌ تَحْتَ التَّعْذِيبِ، وَسَخِرُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَصَمُوهُ بِالْجُنُونِ، وَاتَّهَمُوهُ بِالسِّحْرِ وَالْكِهَانَةِ، وَضَرَبُوهُ فَأَدْمَوْهُ، وَخَنَقُوهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَمُوتَ، وَتَآمَرُوا عَلَى قَتْلِهِ فَنَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ؛ ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ‌وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الْأَنْفَالِ:30].

 

وَكَذَلِكَ كَذَّبَهُ الْيَهُودُ وَآذَوْهُ مَعَ عِلْمِهِمْ بِصِدْقِهِ وَنُبُوَّتِهِ كَمَا بَشَّرَتْ بِهِ كُتُبُهُمْ، وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مَوْقِفِهِمْ هَذَا فِي عَدَدٍ مِنَ الْآيَاتِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:89]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:146]؛ وَلِذَا حَاوَلَ بَنُو النَّضِيرِ قَتْلَهُ فَنَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ، فَأَجْلَاهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَنَقَضَتْ بَنُو قَيْنُقَاعَ وَقُرَيْظَةُ الْعَهْدَ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَ السُّمَّ لَهُ يَهُودُ خَيْبَرَ، فَمَاتَ مِنْ أَثَرِهِ بَعْدَ سَنَوَاتٍ أَرْبَعٍ مِنَ الْأَلَمِ، هُوَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَهَذِهِ عَدَاوَةُ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ مُنْذُ الْأَزَلِ، وَمَعَ كُلِّ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ.

 

وَأَمَّا بَقَاءُ عَدَاوَتِهِمُ الْأَبَدِيَّةِ: فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ الْبَشَرِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا فِي صُدُورِهِمْ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا ‌مُبِينًا ﴾ [النِّسَاءِ:101]، وَفِي كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ ‌يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [الْبَقَرَةِ:109]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى ‌تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ:120]، سَوَاءٌ كَانَتْ مِلَّتَهُمُ الْمُحَرَّفَةَ، أَمْ كَانَتْ مِلَّتَهُمُ الْمُخْتَرَعَةَ، وَهِيَ الْمَذَاهِبُ الْمَادِّيَّةُ الْإِلْحَادِيَّةُ الَّتِي دَانُوا بِهَا فِي نَهْضَتِهِمُ الْحَدِيثَةِ، وَفِي الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ بِخُصُوصِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ ‌لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [الْمَائِدَةِ:82].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِذَا كَانَتِ الْعَدَاوَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ مُتَأَصِّلَةً فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ الْوَثَنِيِّينَ وَفِي قُلُوبِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَكَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَحْدَاثُ التَّارِيخِ الْمَاضِي، وَالْوَاقِعِ الْمُعَاصِرِ؛ فَإِنَّ عَدَاوَةَ الْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا تَقِلُّ عَنْ عَدَاوَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ؛ فَهُمْ قَوْمٌ يُظْهِرُونَ النُّصْحَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَقُلُوبُهُمْ مَعَ أَعْدَائِهِمْ، وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَكْشِفُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغَيْظِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَالْكَيْدِ لَهُمْ، وَالْوُقُوفِ مَعَ أَعْدَائِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا ‌عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:119-120]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي ‌قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:167].

 

وَغَايَةُ الْمُنَافِقِينَ فِي الْكَيْدِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ هِيَ غَايَةُ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَهِيَ إِخْرَاجُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِينِهِمْ، وَالْقَضَاءُ عَلَى الْإِسْلَامِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ‌كَمَا ‌كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ [النِّسَاءِ:89].

 

وَحَذَّرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَأَنْزَلَ سُورَةً بِاسْمِهِمْ، بَيَّنَ فِيهَا جُمْلَةً مِنْ صِفَاتِهِمْ وَأَقَوْالِهِمْ، وَكَشَفَ فِيهَا شَيْئًا مِمَّا تُكِنُّهُ صُدُورُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَحَذَّرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ هُمُ ‌الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ:4]، فَمَنْ نَفَى عَدَاوَةَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ يُكَذِّبُ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ، وَيَخْدَعُ أَهْلَ الْإِيمَانِ، وَيُخَالِفُ حَقِيقَتَهُمْ فِي الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ، وَهَذَا يَسْتَوْجِبُ الْحَذَرَ مِنْهُ وَمِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُمْ يُضْمِرُونَ الشَّرَّ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ؛ ﴿ ‌يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ:8].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غيض من فيض وقليل من كثير ونقطة من بحر عداوة الكفار للمسلمين
  • عجائب القدر في الصراع بين البشر
  • تقوية القلب على لزوم الحق (خطبة)
  • محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • اليهود في القرآن الكريم (5) أشد الناس عداوة للمؤمنين(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عداوة المنافقين للمؤمنين(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من صفات اليهود: شدة العداوة للمؤمنين وتحريف الكتاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عداوة اليهود للإنسانية عامة وللمؤمنين خاصة(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • تفسير قوله تعالى: { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال ... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكفار بعضهم أولياء بعض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم السفر إلى بلاد غير المسلمين لأجل السياحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حال الكفار في يوم القيامة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • خطبة: عداوة الشيطان في القرآن (باللغة البنغالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عداوة الشيطان في القرآن (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/12/1446هـ - الساعة: 21:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب