• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

فاحشة قوم لوط عليه السلام (4) الإسراف في الفواحش

فاحشة قوم لوط عليه السلام (4) الإسراف في الفواحش
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/12/2022 ميلادي - 15/5/1444 هجري

الزيارات: 11875

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فاحشة قوم لوط عليه السلام (4)

الإسراف في الفواحش

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ هِدَايَةً لِلنَّاسِ فِي عَقَائِدِهِمْ وَعِبَادَاتِهِمْ، وَتَزْكِيَةً لَهُمْ فِي أَخْلَاقِهِمْ وَسُلُوكِهِمْ، وَمَوْعِظَةً لِقُلُوبِهِمْ ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الْجُمُعَةِ: 2].

 

وَمِمَّا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ خَبَرُ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قَوْمِهِ الَّذِينَ فُتِنُوا بِفَاحِشَةٍ لَمْ يُسْبَقُوا إِلَيْهَا، وَشُهِرُوا بِهَا، وَعُذِّبُوا عَلَيْهَا، بَعْدَ أَنْ وَعَظَهُمْ لُوطٌ فَلَمْ يَسْتَمِعُوا لِمَوَاعِظِهِ، وَأَصَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَفَوَاحِشِهِمْ. وَمِنَ اللَّافِتِ فِي قِصَّتِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِالْإِسْرَافِ عَلَى لِسَانِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 80- 81].

 

«وَالْإِسْرَافُ مُجَاوَزَةُ الْعَمَلِ مِقْدَارَ أَمْثَالِهِ فِي نَوْعِهِ، أَيِ: الْمُسْرِفُونَ فِي الْبَاطِلِ وَالْجُرْمِ... أَيْ: أَنْتُمْ قَوْمٌ تَمَكَّنَ مِنْهُمُ الْإِسْرَافُ فِي الشَّهَوَاتِ؛ فَلِذَلِكَ اشْتَهَوْا شَهْوَةً غَرِيبَةً لَمَّا سَئِمُوا الشَّهَوَاتِ الْمُعْتَادَةَ. وَهَذِهِ شَنْشَنَةُ الِاسْتِرْسَالِ فِي الشَّهَوَاتِ حَتَّى يُصْبِحَ الْمَرْءُ لَا يَشْفِي شَهْوَتَهُ شَيْءٌ، وَنَحْوَهُ قَوْلُهُ عَنْهُمْ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 166]. وَوَجْهُ تَسْمِيَةِ هَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ فَاحِشَةً وَإِسْرَافًا أَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ: مِنْهَا اسْتِعْمَالُ الشَّهْوَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ الْمَغْرُوزَةِ فِي غَيْرِ مَا غُرِزَتْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِي الْإِنْسَانِ الشَّهْوَةَ الْحَيَوَانِيَّةَ لِإِرَادَةِ بَقَاءِ النَّوْعِ بِقَانُونِ التَّنَاسُلِ، حَتَّى يَكُونَ الدَّاعِي إِلَيْهِ قَهْرِيًّا يَنْسَاقُ إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ بِطَبْعِهِ، فَقَضَاءُ تِلْكَ الشَّهْوَةِ فِي غَيْرِ الْغَرَضِ الَّذِي وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَجْلِهِ اعْتِدَاءٌ عَلَى الْفِطْرَةِ وَعَلَى النَّوْعِ... وَلِأَنَّ فِيهِ امْتِهَانًا مَحْضًا لِلْمَفْعُولِ بِهِ؛ إِذْ يُجْعَلُ آلَةً لِقَضَاءِ شَهْوَةِ غَيْرِهِ عَلَى خِلَافِ مَا وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِي نِظَامِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ مِنْ قَضَاءِ الشَّهْوَتَيْنِ مَعًا؛ وَلِأَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى قَطْعِ النَّسْلِ أَوْ تَقْلِيلِهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَجْلِبُ أَضْرَارًا لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ؛ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ مَحَلَّيْنِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَا لَهُ».

 

إِنَّ وَصْفَ قَوْمِ لُوطٍ بِالْإِسْرَافِ وَصْفٌ يَنْبَغِي لِقَارِئِ الْقُرْآنِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ وَيَتَدَبَّرَهُ، وَأَنْ لَا يَمُرَّ عَلَيْهِ وَيَتَجَاوَزَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِسْرَافَ يُؤَدِّي إِلَى الضَّرَرِ، وَاللَّهُ تَعَالَى نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 141]. قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: «نُهُوا عَنِ الْإِسْرَافِ فِي كُلِّ شَيْءٍ». وَالْإِسْرَافُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَ قَوْمَ لُوطٍ فِي ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ، وَعَمَلِ الْخَبَائِثِ. وَالْإِسْرَافُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ هُوَ الَّذِي أَوْصَلَ الْبِلَادَ الْغَرْبِيَّةَ إِلَى مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الِانْحِلَالِ الْأَخْلَاقِيِّ، وَالتَّفَكُّكِ الْأُسَرِيِّ. وَلَا يَقِفُ الْمُسْرِفُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ عِنْدَ حَدٍّ مُعَيَّنٍ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْعَجَائِبِ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تُصَدَّقُ، لَوْلَا أَنَّهَا وَقَعَتْ، ثُمَّ دُوِّنَتْ فِي مَوْسُوعَاتِ الْأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ وَالْجِنْسِيَّةِ.

 

وَالْغَرْبُ حِينَ أَسْرَفَ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ انْتَشَرَتْ فِيهِ الْفَوَاحِشُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي السَّالِفِينَ مِنَ الْبَشَرِ. وَبِسَبَبِ الْإِسْرَافِ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ عِنْدَ الْغَرْبِيِّينَ تَقَلَّصَ الزَّوَاجُ وَانْتَشَرَ الزِّنَا، ثُمَّ انْتَقَلُوا مِنَ الزِّنَا الْفَرْدِيِّ إِلَى الزِّنَا الْجَمَاعِيِّ. وَبِسَبَبِ الْإِسْرَافِ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ انْتَقَلُوا مِنَ الزِّنَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ إِلَى زِنَا الْمَحَارِمِ، ثُمَّ إِلَى تَبَادُلِ الزَّوْجَاتِ، ثُمَّ إِلَى فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ، وَتَلَذُّذِ الرِّجَالِ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ بِالنِّسَاءِ، فِي إِبَاحِيَّةٍ مَمْجُوجَةٍ، وَدِيَاثَةٍ مَمْقُوتَةٍ. وَانْتَشَرَ الِاغْتِصَابُ مَعَ أَنَّ الزِّنَا مُيَسَّرٌ وَمُتَاحٌ، وَلَكِنَّ اغْتِصَابَ الضَّحِيَّةِ فَصْلٌ جَدِيدٌ مِنْ فُصُولِ طَلَبِ اللَّذَّةِ. وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْكَبْتَ الْجِنْسِيَّ فِي الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ سَبَبٌ لِلِاغْتِصَابِ أَوْ لِتَفَشِّي فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ؛ إِذْ إِنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْمُمَارَسَاتِ الْجِنْسِيَّةِ مُتَاحَةٌ فِي الْعَالَمِ الْغَرْبِيِّ، وَمَعَ ذَلِكَ يَكْثُرُ فِيهِ اغْتِصَابُ النِّسَاءِ، وَتَكْثُرُ فِيهِ فَاحِشَةُ قَوْمِ لُوطٍ. وَالسَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ لِذَلِكَ هُوَ الْإِسْرَافُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ.

 

وَإِبَّانَ الثَّوْرَةِ الْجِنْسِيَّةِ الْكُبْرَى الَّتِي كَانَتْ فِي الْغَرْبِ قَبْلَ نَحْوِ سِتَّةِ عُقُودٍ انْتَقَلَ الْغَرْبُ مِنْ مُمَارَسَةِ الْفَاحِشَةِ إِلَى صِنَاعَتِهَا وَتَرْوِيجِهَا عَبْرَ الْأَفْلَامِ الْإِبَاحِيَّةِ الَّتِي تَعْرِضُ الْفَوَاحِشَ بِأَنْوَاعِهَا. وَمَعَ تَطْبِيعِ النَّاسِ فِي الْغَرْبِ عَلَى الْجِنْسِ بِأَنْوَاعِهِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَنَشْرِ ثَقَافَتِهِ وَقِصَصِهِ وَأَخْبَارِهِ فِي أَفْلَامٍ وَمَجَلَّاتٍ؛ أُصِيبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِهَوَسٍ جِنْسِيٍّ لَا حَدَّ لَهُ، فَانْتَقَلَ بَعْضُهُمْ إِلَى اغْتِصَابِ الْعَجَائِزِ، وَإِلَى مُعَاشَرَةِ الْأَطْفَالِ، حَتَّى أَوْصَلَهُمْ إِلَى اشْتِهَاءِ الرُّضَّعِ، وَأَيُّ شَهْوَةٍ فِي الرَّضِيعِ؟ وَيَا لَهُ مِنَ انْتِهَاكٍ صَارِخٍ لِحُقُوقِ الْأَطْفَالِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَتِ الْقَوَانِينُ تَمْنَعُهُ فَإِنَّ صُنَّاعَ اللَّذَّةِ يُوَفِّرُونَهُ لِمَنْ يُرِيدُهُ بِالْمَالِ عَبْرَ اخْتِطَافِ الْأَطْفَالِ، أَوْ شِرَائِهِمْ مِنَ الدُّوَلِ الْفَقِيرَةِ. وَلَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ حَتَّى وَصَلَ الْأَمْرُ بِجَمَاعَاتٍ مِنْهُمْ إِلَى مُعَاشَرَةِ الْحَيَوَانَاتِ، وَصُنِعَتْ أَفْلَامٌ إِبَاحِيَّةٌ تُرَوِّجُ لِكُلِّ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنَ الْفَوَاحِشِ الْمُسْتَقْذَرَةِ وَالْمُسْتَخْبَثَةِ عِنْدَ الْأَسْوِيَاءِ مِنَ الْبَشَرِ. نَاهِيكُمْ عَمَّا تَعِجُّ بِهِ الْمَوْسُوعَاتُ الْمُتَخَصِّصَةُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ غَرَائِبَ فِي مُمَارَسَةِ الْفَوَاحِشِ؛ كَالسَّادِيَّةِ، وَهِيَ تَعْذِيبُ الضَّحِيَّةِ أَثْنَاءَ الْمُمَارَسَةِ الْجِنْسِيَّةِ، وَتَصِلُ إِلَى الْقَتْلِ، وَكَمْ مِنْ فَتَاةٍ قُتِلَتْ وَمُزِّقَتْ لِإِشْبَاعِ شَهْوَةِ حَيَوَانٍ بَشَرِيٍّ لَا تَكْتَمِلُ لَذَّتُهُ إِلَّا حِينَ يُقَطِّعُ فَتَاةً أَوْ تُقَطَّعُ أَمَامَهُ. وَبَحَثُوا عَنِ اللَّذَّةِ فِي أُمُورٍ مُسْتَقْذَرَةٍ؛ كَمُبَاشَرَةِ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ. وَلَنْ يَنْتَهِيَ بِهِمُ الْإِسْرَافُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ إِلَى حَدٍّ مُعَيَّنٍ.

 

إِنَّ مَنْ يَكْتَفِي بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ اللَّذَّةِ، فَيَسْتَمْتِعُ بِالزَّوَاجِ، وَلَا يُجَاوِزُهُ إِلَى غَيْرِهِ، يَرْتَاحُ وَيُرِيحُ؛ فَتَسْتَقِرُّ نَفْسُهُ، وَيَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ، وَتَسْتَقِيمُ حَالُهُ، وَيَتَفَرَّغُ ذِهْنُهُ لِمَا يَنْفَعُهُ. بِخِلَافِ مَنْ أَسْرَفَ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ؛ فَإِنَّهُ دَائِمُ الْفِكْرِ فِي الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَتَدْعُوهُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ، وَيُزَيِّنُهَا لَهُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَلَا يَكْتَفِي بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الزَّوَاجِ حَتَّى يَقَعَ فِي الْحَرَامِ، وَلَا يَشْبَعُ وَلَوْ عَاشَرَ مِائَةَ امْرَأَةٍ، كَشَارِبِ مَاءِ الْبَحْرِ لَا يُرْوَى أَبَدًا. وَيَظَلُّ يَبْحَثُ عَنِ اللَّذَّةِ حَتَّى يَأْتِيَ الْفَوَاحِشَ كُلَّهَا. وَكُلَّمَا جَرَّبَ نَوْعًا جَدِيدًا مِنَ اللَّذَّةِ مَهْمَا كَانَ مُسْتَقْبَحًا وَمُسْتَقْذَرًا انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِهِ فِي سُعَارٍ شَهْوَانِيٍّ لَا يَنْتَهِي. وَصَدَقَ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ خَاطَبَ قَوْمَ لُوطٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ فَاللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123-124].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْغَرِيزَةُ الْجِنْسِيَّةُ حَاجَةٌ فِطْرِيَّةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْحَيَوَانِ وَالطَّيْرِ وَالْحَشَرَاتِ، وَسَائِرِ الْأَحْيَاءِ؛ لِلْحِفَاظِ عَلَى النَّسْلِ، وَمَا أَفْسَدَ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كَإِفْسَادِ الْإِنْسَانِ. وَكُلُّ الْخَبَائِثِ الْجِنْسِيَّةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ فُعِلَتْ فِي الْحَضَارَةِ الْمُعَاصِرَةِ، وَأَتَتْ بِجَدِيدٍ لَمْ يَكُنْ فِي السَّالِفِينَ بِسَبَبِ الْإِسْرَافِ فِي الْبَحْثِ عَنِ اللَّذَّةِ، وَإِشْبَاعِ الشَّهْوَةِ، وَهَذَا الْإِسْرَافُ فِي الْبَحْثِ عَنِ اللَّذَّةِ حَوَّلَ الْعَلَاقَةَ الْجِنْسِيَّةَ إِلَى سِلْعَةٍ اسْتِهْلَاكِيَّةٍ، فَحُوِّلَتْ مَعَهَا الْمَرْأَةُ إِلَى سِلْعَةٍ اسْتِعْرَاضِيَّةٍ اسْتِهْلَاكِيَّةٍ، تَسْتَعْرِضُ مَفَاتِنَهَا، وَتُسْتَغَلُّ مِنْ أَرَاذِلِ الرِّجَالِ. ثُمَّ جَاوَزُوا ذَلِكَ إِلَى السَّعْيِ فِي تَحْوِيلِ الرِّجَالِ إِلَى سِلْعَةٍ اسْتِهْلَاكِيَّةٍ بِنَشْرِ فَوَاحِشِ قَوْمِ لُوطٍ فِي النَّاسِ.

 

وَالسَّبَبُ الْأَهَمُّ لِلْإِسْرَافِ فِي الْبَحْثِ عَنِ اللَّذَّةِ ضَعْفُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْعَيْشُ لِأَجْلِ الدُّنْيَا. وَهِيَ النَّظْرَةُ الَّتِي سَادَتْ فِي الْغَرْبِ إِبَّانَ إِسْقَاطِ الْكَنِيسَةِ، وَرُكُوبِ الْعَلْمَانِيَّةِ، ثُمَّ تَسَرَّبَتْ مِنْهُ إِلَى بَقِيَّةِ الْعَالَمِ. وَإِلَّا فَإِنَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يَعْلَمُ أَنَّ ثَمَّةَ بَعْثًا وَحِسَابًا وَجَزَاءً، فَيَضْبِطُ شَهْوَتَهُ بِضَابِطِ الشَّرْعِ، وَلَا يَتَجَاوَزُ الْحَلَالَ إِلَى الْحَرَامِ، فَيَسْلَمُ مِنَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. وَإِذَا وَقَعَ فِي فَاحِشَةٍ أَوِ ارْتَكَبَ خَطِيئَةً فَإِنَّهُ لَا يُصِرُّ عَلَيْهَا، وَلَا يَسْتَحِلُّهَا، وَلَا يُشِيعُهَا فِي النَّاسِ. بَلْ يُبَادِرُ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَمَحْوِهَا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 135- 136].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (1) عظم المنكر.. وانتكاس الفطرة
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (2) تزييف المصطلحات لتطبيع المنكرات
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (3) من الاستتار والتحريم إلى المجاهرة والتحليل
  • لوط عليه السلام (1)
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (5) الأسرة السوية.. والأسر البديلة
  • خطبة: التحذير من الإسراف في الماء والهدر الغذائي
  • الإسراف ذنب وإتلاف (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مذهب الصحابة رضي الله عنهم قتل من عمل فاحشة عمل قوم لوط(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • أيها الأنام أفشوا السلام تدخلوا دار السلام بسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسألة النظر إلى مصطلح (الفاحشة أو الفحشاء أو الفواحش)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تشجير نسب الأنبياء عليهم السلام من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عيسى ابن مريم عليه السلام (5) رفع عيسى عليه السلام إلى السماء(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة داود عليه السلام (3) وفاة داود عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة داود عليه السلام (2) أخبار داود عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 15:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب