• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات
علامة باركود

شرح العقيدة الواسطية (37)

شرح العقيدة الواسطية (37)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/5/2016 ميلادي - 6/8/1437 هجري

الزيارات: 11153

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح العقيدة الواسطية (37)


أهل السنة والجماعة - كما أن لهم عناية بأمر المعتقد وتصحيحه وتنقيته من الشوائب والبدعِ والأخطاء، ولا سيما توحيد العبادة، ويليه توحيد الأسماء والصفات، ويليه توحيد الربوبية، ويُنافحون عنه، ويَردُّون على المنحرفين فيه والمخالِفين له - لا يُغفِلون الشعائر الأخرى مِن شعائر الإسلام، بل يَعتقدون العمل بها، وإظهارَها دينًا؛ لأن عقيدتَهم أن الإيمان قول واعتقاد وعمل، لا يؤدِّي بهم أمرُ الاعتقاد إلى إهمالِ وتهميشِ أمر العمل، كما ظهر ذلك عن بعض المتأخرين ممن يَنتسب إلى أهل السنة والجماعة، وهذا الظهور ناشئٌ مِن جهلهم بحقيقة اعتقادِ أهل السنة، وجهلهِم بحقيقة مَنهجهم وطريقتهم، فكما أنهم يُعنَون بأمر الاعتقاد، ويولونَه العناية الفائقة، فإنَّهم لا يهملون أمور العبادات وأمور العمل؛ لأنها هي المتمِّمة والمطبِّقة لأمر الاعتقاد، فلا يفصلون بين الاعتقاد والعمل، ولا بين القول والعمل؛ كما هو آثار مذاهب الإرجاء، أو من تأثر بالمرجئة.

 

ثُمَّ هُمْ مَعَ هَذِهِ الأُصُولِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ:

مِن أصول المعتقَد عند أهل السُّنة أنهم يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وهذه الشعيرة العظيمة مِن آكَدِ الشعائر؛ ولهذا جعَلها مَن جعَلها مِن العلماء في مكانتها ورتبتها كالرُّكنِ السادس من أركان الدين، ونلاحظ أن الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر تقوم عليه كلُّ أركان الدين؛ كما قال تعالى في آل عمران: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، فقَدَّم الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر - على الإيمان بالله؛ مِن باب الاهتمام، وهي من باب عطف العامِّ على الخاص، فالخاصُّ هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعام هو الإيمان على ما توجبه الشريعة ليس على ما يوجبُه الأهواءُ والعاداتُ والأعراف، ورغباتُ الناس واستحساناتهم وأذواقهم، وإنما على مُقتضى الشريعة؛ ولهذا فالقيام بهذا الأمر يُسمَّى عند العلماء قديمًا بالحِسْبة، وكانت مهمَّة العلماء أنهم يَحتسبون على الناس؛ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في مجامعهم في الأسواق، وفي المجامع العامة في المساجد، وهي وظيفة الشُّرَط، ووظيفة جهاز الهيئات الآن؛ ولهذا فإن مِن أخص خصائص هذه البلاد التي وفَّقها الله لها - وبها تَظهر على غيرها مِن الدول، مع تحكيم الشريعة وقيامها بها - أنها تُولي الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر المكانةَ اللائقة، ولهذا فإنَّ هذا الجهاز وهذا المرفق بمثابة وزارة في هذه الدولة المباركة؛ الدولة السعودية، وليس هذا مِن باب الخيرة، وإنما هذا أمرٌ أوجبَتْه الشريعة، وقام بذلك وُلاتها، فصار ذلك مِن خصائصهم التي يُمْدَحون بها على الملأ، ويَمتازون بها عن غيرها من الدول.

 

وَيَرَوْنَ إِقَامَةَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ:

هذه مِن الشعائر العامة: الحج والجهاد، كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مِن الشعائر العامة الظاهرة، والحج هو الحجُّ إلى بيت الله العتيق، وأنه ركنُ الإسلامِ الخامسُ، والجهاد الذي هو ذِروةُ سَنَام الإسلام، والجهاد مشروعٌ في ديننا؛ سواء جهاد الدفع، أو جهاد الطلَب، لكن بضوابطه وأصوله، وقواعدِه المقرَّرةِ في جميع كتب العلماء؛ سواء الفقهاء أو المحدِّثين، وكلهم يَجعل كتابًا مُستقلاًّ في الجهاد، كما يجعلون كتابًا مستقلاًّ في الحج، والزكاة، والصيام، والصلاة.

 

وَالْجُمَعِ وَالأَعْيَادِ:

الجُمَع جمع جمُعَة، وهي صلاة الجمعة في الأسبوع، والأعياد صلاة العيَدين، إذ لا ثالثَ للعيدين عند المسلمين.

 

مَعَ الأُمَرَاءِ؛ أَبْرَارًا كَانُوا أَوْ فُجَّارًا:

أي: الذين يُقيمون الجُمَع والأعياد؛ لأنها شعائرُ عامة تحتاج إلى الإيمان، وكل هذه العبادات - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - تَفتقر إلى إذنه، وكذلك إقامة الجُمَع؛ أي: تعيين المسجد الفلاني بإقامة الجُمَع يَفتقر إلى إذنِ الإمام، لا أن الصلاة والشعيرة يُفتقَر في إقامتها إلى إذنه، وهذا أمرٌ التبَس على كثيرٍ مِن الناس وعلى بعض الطَّلَبة؛ فالعُلماء إذا قالوا: الجُمَع تَفتقر إلى إذنِ الإمام؛ فإنَّهم يَعنون: تعيين المسجد الذي تُقام فيه الجمعة. أما الشعيرة بذاتها فلا تَفتقر إلى إذن الإمام، ومثال ذلك أنه لو عيَّن الإمامُ في بلدٍ ما لهم خطيبًا يُصلِّي بهم؛ فإنهم لا يَتركون الصلاة ويُصلونها ظهرًا، بل يُقيمونها، وإذا لم يُعيِّن فإنَّ هذا مِن تقصيره وتقصيرِ نُوَّابه.

 

وكذلك الأعياد وهي صلاةٌ مَشهودة يُقيمونها مع الأمراء؛ لأن الأمراء هم الذين كانوا يُقيمون هذه الشَّعيرة، يُصلُّون بالناس بها ولو كان عندَهم فُجورٌ أو نقصٌ أو ضعف، يصلونها معهم؛ لأن هذا مِن دَواعي الاجتماع ودَواعي الائتلاف، فيتَحمَّلون ما يكون مِن فُجور هذا الإمام وضعف إيمانه ونقصه مقابل المصلحة العليا في الاجتماع، ويتركون الصلاة معه إذا أتى الكفر البواح، الذي لهم فيه من الله برهان؛ ولهذا صَلَّى ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه خلفَ الوليدِ بن عُقبة، صلَّى بهم الفجرَ أربعَ ركعات[1]؛ لأنه كان سكرانًا، ومع ذلك صلَّوا خلفه، وهذا عُنوان يجب أن يُظهَر ويُعلم ويُعرف، ويُعرَّف به الناسُ - مِن طريقة ومِنهاج أهل السنة والجماعة؛ لأنهم يحافظون على الجماعات.

 

وَيُحَافِظُونَ عَلَى الْجَمَاعَاتِ:

وقال الشيخ رحمه الله: "على الجماعات" عطفًا على "الجُمَع"، ولم يقل: على طريقةِ الجماعة؛ وذلك لأنَّ الجماعات متنوِّعة، فمنها: جَماعة الفريضة، وجماعة الجمعة، وجماعة العيد، وجماعة الحج، وجماعةُ الجهاد، وجماعةٌ هي الاجتماع حول الإمام الأعظم، الذي له على الناس ولايةٌ بالسَّمع والطاعة، فقال: جماعات؛ أي: إن أهل السنة أشد ما يكونمحافظة على هذه الجماعات بإقامتها، وهم بالتالي أشد ما يكون تحذيرًا وتنفيرًا وإنذارًا مما يثلب ويُفرِّق أمر الاجتماع، حتى ولو ترتب على ذلك بعضُ المعاصي والذنوب والكبائر، يحتملونها في مقابل المصلحة.

 

نعم لا يتَغاضَون عن هذه المنكرات، ولا يَسكُتون عن إنكارها، ولا يُهملونها، وإنما لا يترتب على هذه المعاصي خروجٌ على هؤلاء الوُلاةِ لأجل هذه المعصية الدُّنيا، التي يترتب عليها مفسدة عُظمى، وهذه مِن أصولها العامة التي بها صلاحُ دُنياه، وصلاح دينهم ودنياهم.

 

وَيَدِينُونَ بِالنَّصِيحَةِ لِلأُمَّةِ:

أي: إن مِن دينهم الذي يتقرَّبون به لربهم ويتعبدون به إلى الله: النصيحة؛ أي: نُصْحَ مَن ولَّاهم الله أمرَهم، وليست النصيحةُ لفئةٍ دون فئة، بل للأمة جميعًا، وهذا كما جاء في حديث أبي رقيَّة تَميمِ بن أوسٍ الداري رضي الله عنه - عند مسلم - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدّينُ النَّصِيحَةُ))، قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((للهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ))[2].

 

النصيحة لله بالقيام بدينه، وعدم التعبُّد بغير ما تعبَّدَنا به، والنصيحة لكتابه القرآن بتَعلُّمه وحفظه، والعمل به، وتعليمِه ونَشرِه بين الناس، والنصيحة للرسول باتباعه، وألا يُقدَّم هَديُ غيرِه على هَديِه، والنصيحة لإمام المسلمين بالسمع والطاعة له بالمعروف، والنصيحة لعامَّتِهم بحَملِه على هذه الأصول الثلاثة - الكتاب والسنة والإجماع - وما دلَّت عليه.

 

في حديث جَريرِ بن عبدالله رضي الله عنه وهو في الصحيحين قالت: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ[3].

وكلُّ مسلم - مَهما عَلا في رتبته أو نقَص - له على إخوانه حق النصيحة.

 

وهناك فرقٌ بين النصيحة وبين التَّعيِير، واقرؤوا بسنَدِ الحافظ ابن رجب الفرقَ بين النصيحة والتعيير؛ فإنَّ مِن الناس مَن يُعيِّر غيره ويسمِّيها نصيحة، وهذه ليست نصيحة، وتُعْرَفُ تعييرًا عند أولي الأفهام وأولي الغير، الذين يَعرِفون النصيحة ومُؤدَّاها، والتعييرَ والتشهيرَ وبَواعِثَه وآثارَه.

 

وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا))، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ[4]:

أي: إن هذا اللفظ كما أنه لفظٌ يتعبَّدون لله به فإنَّهم أيضًا يعتقدون معناه، وهو معنى الأخوة الإسلامية، وأن حال المسلمين يجب أن يكون بعضهم مع بعض كالبنيان الذي يشتد بعضه ببعض، وإن نأَت ديارُ المسلمين بعضهم مع بعضهم، وإن تباينَت ألوانهم، وتفرَّقَت لُغاتهم، لكن يجب أن يَكون في قلوبهم من المودة والرحمة والموالاة تُجاه بعضهم البعض ما مَثَّله النبيُّ بهذا مثلاً عظيمًا، فقال في حديثه الآخر:

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ))[5]:

توادهم: محبتهم، وتراحمهم: رحمة بعضهم بعضًا، وتعاطفهم: بعطف بعضهم على بعض؛ كمَثَل الجسد الواحد، فلننظُرْ إلى روعة هذا المثال النبوي: ((إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ))؛ إذا انجرح إصبعك الصغير في رجلك فإنك تجد ألَمَه في رأسك! وهكذا يجب أن يكون حالُ المسلم مع إخوانه - وإن نأت ديارهم، وابتعدوا عن عَينه، ولم يَسمع بهم، أو صاروا بَعيدِين عنه - يجب أن يكون قلقُه لقلَقِهم، وحزنُه لحزنهم، وفرحُه لفرحهم؛ كهذا المثل الذي ضرَبه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى وإن كان يَخبو ويَضعُف فإن خُبوَّه وضعفه مرتبطٌ بضَعف الإيمان، فإذا ضَعف الإيمانُ ضَعفت هذه الآثارُ؛ النصيحة، ورحمة المؤمنين، وموالاتهم، وظهر ضدها بآثار ضعف التوحيد، وضعفِ الإيمان.

 

وَيَأْمُرُونَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلاءِ:

ومِن طريقة أهل السُّنة أنهم يَأمرون بالصبر عند البلاء؛ لأن البلاءَ لا بد منه وهو الابتلاء، وقد يكون البلاءُ في الدنيا، وقد يكون في المال، وقد يكون في الدِّين، وأشدُّه وأعظمُه البلاءُ في الدين؛ فالبلاء في الدين هو أشد أنواع البلاء، والبلاء مَنوطٌ بقوة الإيمان؛ يَزيدُ كلَّما زاد الإيمان، قال تعالى: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3]، وجاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: لَمَّا سأله سعدُ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه: أيُّ الناس أشَدُّ بلاءً؟ قال: ((الأنبياءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثمَّ] الأَمْثَلُ فَالأَمثْلُ، مِنَ النَّاسِ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، وَمَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ]))[6].

 

والبلاء متنوِّع بتنوُّع الفتنة؛ فتكون أحيانًا بالسراء، وأحيانًا بالضرَّاء: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35]؛ أي: إنه يُنوَّع البلاء؛ ليكون شأنُ المؤمن مع ذلك الصبرَ، والصبرُ هو شِعار أهل السُّنة الذي يَستقبِلون به مُرَّ الحياة وأسبابَ البلاء فيها، يقول الإمام أحمد: "ذَكَر الله الصبر في القرآن في نيِّفٍ وتسعين آيةً؛ من باب التنويه، والتأكيد على شأنِه وعِظَمِه"، وكل أمرٍ وكل بلاءٍ ما عُولجِ بعلاجٍ أنفعَ ولا أنجعَ من الصبر.

 

وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ:

ويأمرون الناس بالشكر، وهو الاعتراف بالمنعم باللسان وبالقلب والجوارح، والشكر عند الرخاء، وذلك عندما يصيبهم الرَّغد وتَتوالى عليهم النِّعم يأمرون الناس بشكر الله وحَمدِه؛ ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28]، ((إِنَّ اللهُ يُحِبُّ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمُ الأَكْلَةَ أَنْ يَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، وَإِذَا شَرِبَ الشَّرْبَةَ أَنْ يَحْمَدَهُ عَلَيْهَا))[7]، ومما أَذكُر أنَّ شيخَنا ابنَ باز عزمَنا على العشاء، فلاحظتُ أنه كلما أكل أكلةً أو أكلتَينِ حَمِد الله، وإذا شرب من الماء شربة، ثم وقف للنَّفَس حمد الله، فسألتُه وقلتُ له: يا سماحة الشيخِ، ما الدليل على هذا؟ فقال: الحديث: ((إِنَّ اللهُ يُحِبُّ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمُ الأَكْلَةَ أَنْ يَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، وَإِذَا شَرِبَ الشَّرْبَةَ أَنْ يَحْمَدَهُ عَلَيْهَا))؛ ولهذا فالمؤمن شأنُه أعظم شأنًا مِن غيره مِن المكلَّفين؛ فهو حامدٌ شاكرٌ لله في الضرَّاء وفي السراء؛ ولهذا كلما كان حمده وشكره أعظمَ بقلبه قبل جوارحه كان شأنه في الإيمان وعند الله تعالى أعلى.

 

وَالرِّضَا بِمُرِّ الْقَضَاءِ:

مُرُّ القضاء بالنسبة لما يقع على الناس، أما بالنسبة لفعل الله فكلُّ أفعال الله كاملةٌ وجميلةٌ وجليلة، وذاتُ حِكَم عظيمة، لكن هذا القضاء المرَّ بالنسبة لك - يا أيها الإنسان - بموت صديق، أو حبيب بابتلائه بالمرض، بالنقص، بالهم، بالغم، بأنواع البلايا... هذا مُر، وقد جاءت الشريعة بتسمية هذه كما في حديث أصول الإيمان عند مسلم؛ قال: ((وَأَنْ تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حُلْوِهِ وَمُرِّهِ مِنَ اللهِ عز وجل))[8]، فالحلو والمرُّ باعتبار مَن يقع عليهم القضاء، لا باعتبار مجرَّدِ ومَحضِ أفعال الله وأقداره.

 

وَيَدْعُونَ إِلَى مَكَارِمِ الأَخْلاقِ وَمَحَاسِنِ الأَعْمَالِ:

ومِن منهجهم، ومن أصولهم التي تُضاف إلى تلك الأصول: أنَّهم يَدْعون الناسَ إلى مَكارم الأخلاق ومَحاسن الأعمال، فلَيسوا جُفاة، ولا قُساة، ولا مُتعالين، ولا مُتغطرِسين، وإنما أهل السنة مِن آثار استمساكهم بالكتاب والسنة أنَّهم أولى بالناس بمَكارم الأخلاق ومَحاسن الأعمال، يَدْعون إليها بأنفُسِهم تطبيقًا وقدوة، وإلى غيرهم بألسنتهم وبأفعالهم.

 

وهذا الجانب قد يَخبو ويخفت عند من يَنشغِل بالرد على المخالفين، فيغفل عن هذه المعاني، وربما يستطيل على هذه المخالف، أما علماء أهل السُّنة الذين تمثَّلوا هذا المنهجَ فتجدهم أرحَمَ الناس على مُخالِفيهم وإن كانوا مِن أشَدِّ الناس بِدَعًا وضلالاً، فموسى وهارون عليهِما السَّلام رَسولا ربِّ العالمين أرسَلَهما الله إلى أطغى بَني آدم؛ إلى فرعون، فقال تعالى: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44]؛ وذلك لأنَّ المقصود الهداية، وليس المقصودُ مجرَّدَ بَراءةِ الذمَّة؛ فأهل السنَّة هم أليَقُ بذلك، فإذا وُجِدَ عند بعض أهل السنة قَسوة أو شدَّة في جانبٍ مع إغفال هذا الجانب فإن هذا دليلٌ على تشدُّدهم في أنفسهم، وعلى ضيق أفقِهم، وضعف فقههم، وقلة علمهم، رد على أهل السنة؛ لأنهم يدعون الناس إلى مكارم الأخلاق؛ إلى الكرم، إلى الشجاعة، إلى الإيثار، إلى المحبة، إلى الصبر، وإلى محاسن الأعمال؛ وذلك لأنهم:

وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا))[9]:

يَعتقدون معنى مدلولِ ومضمونِ قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا)). وهذا من أدلة أهل السنة على أنَّ العمل يؤثِّر في الإيمان؛ لأن الخلُق عملٌ؛ إما باللسان، وإما بالجوارح، أما الخلُق في القلب فلا أحدَ يعلمه حتى يَظهر أثرُه على اللِّسان بالأقوال، وعلى الجارحة بالأفعال.

 

وإذا حَسنَت أخلاقه عَلا إيمانه، ولو كان العمل لا يؤثر في الإيمان لم يزدَدِ الإيمان بحُسنِ الخلق، فمِن آثار هذا أنَّ أهل السنة والجماعة هم أعدل الناس في أحكامهم تجاه الناس، أهل عدل، أهل إنصاف، وليسوا أهل غَمْط وظُلم، ومن كان عِندَهم غمطٌ لغيرهم وظلمٌ لغيرهم فهو راجع على نفسِه بالنقيصة، لا على مذهب أهل السنة بفعلته.



[1] أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (6/ 398)، وفي معرفة السنن والآثار (13/ 51)، وليس فيهما ذكرُ عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

[2] رواه مسلم (55)، من حديث تيم بن أوس الداري رضي الله عنه.

[3] رواه البخاري (57)، ومسلم (56)، من حديث جرير بن عبدالله رضي الله عنه.

[4] رواه البخاري (6026)، ومسلم (2585)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

[5] رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

[6] أخرجه أحمدُ في مسنده (1481)، والنَّسائي في السنن الكبرى (7638)، وابن ماجه في سننه (4023)، والترمذي (2398)، وغيرُهم، من حديث سعد بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه.

[7] رواه مسلم (2734)، من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ: ((إن الله ليرضى)).

[8] تقدم تخريجه.

[9] رواه أحمد (2/ 250)، والترمذي (2612)، وأبو داود (4682)، وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح العقيدة الواسطية (31)
  • شرح العقيدة الواسطية (32)
  • شرح العقيدة الواسطية (34)
  • شرح العقيدة الواسطية (35)
  • شرح العقيدة الواسطية (36)
  • شرح العقيدة الواسطية (38)
  • شرح العقيدة الواسطية (39)

مختارات من الشبكة

  • العناية بشروح كتب الحديث والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية العلماء بالعقيدة الواسطية(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فوائد من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سعد بن ناصر الشثري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح العقيدة الواسطية(محاضرة - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • شرح العقيدة الواسطية (30)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (29)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (28)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)(كتاب - موقع الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض)
  • شرح العقيدة الواسطية (27)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب