• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. علي أبو البصل / مقالات
علامة باركود

القضاء بشاهد ويمين

القضاء بشاهد ويمين
أ. د. علي أبو البصل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/1/2016 ميلادي - 25/3/1437 هجري

الزيارات: 147961

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القضاء بشاهد ويمين


أولاً: تَصوير المسألة:

أ- تَنقسِم الدعاوى إلى ثلاثة أقسام، قسم يتعلَّق بالحقوق الجزائية، وهي جرائم الحدود والقصاص، وقسم يتعلَّق بالحقوق المدنية؛ كالبيع والإجارة والرهن وغيرها من العقود، وقسم يتعلَّق بالحقوق الشخصية؛ كالزواج والنفقة.

 

ب- إن وسائل الإثبات للحقوق السابقة في الإسلام محدَّدة ثابتة، منها ما هو متَّفق عليه؛ كالشهادة، واليمين والإقرار، ومنها ما هو مختلف فيه، كالشاهد واليمين، فهل تَثبت الحقوق المدنية والمالية منها بشهادة الشاهد الواحد، ويَمين المدَّعي، أم لا تثبت؟[1]

 

ثانيًا: تحرير محل النزاع:

أ- اتفق الفقهاء على أنه لا يُقضى باليمين مع الشاهد في الحقوق الجزائية، وبشكل خاص جرائم الحدود.

ب- اتفق الفقهاء على أنه لا يُقضى باليمين مع الشاهد في الدماء والقصاص، وشذَّ في ذلك الظاهرية.

جـ- انحصرَ خلاف الفقهاء في الحقوق المالية، هل تثبت بشهادة الشاهد الواحد ويَمين المدَّعي، أم لا؟[2]

 

ثالثًا: منشأ الخلاف في هذه المسألة بين العلماء:

يرجع الخلاف بين العلماء في هذه المسألة إلى الأسباب التالية:

أ- الأدلة الواردة في هذه المسألة أدلة ظنية، يتطرَّق إليها الاحتمال، والدليل الذي يتطرق إليه الاحتمال، يتسع للرأي والرأي الآخر، وفيه مجال واسع للاجتهاد بالرأي.

 

ب- تعارض الأدلة الواردة في هذه المسألة مع أدلة إثبات الحقوق المدنية الواردة في القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ... ﴾ [البقرة: 282] الآية[3].

 

جـ- الاختلاف في قاعدة الزيادة على النص، وهي قاعدة أصوليَّة مُختلَف فيها بين الحنفية وجماهير العلماء؛ حيث يرى الحنفية أن الزيادة على النص نسخ؛ ولذا فإن القول بالقضاء بشاهد ويمين، زيادة على قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ﴾ [البقرة: 282]، والزيادة نسخ، ونسخ القرآن بأخبار الآحاد لا يَجوز، ويرى جماهير العلماء أن الزيادة على النص تقرير وضم وإضافة؛ ولهذا تثبت الزيادة الواردة في خبر الآحاد؛ لأنها زيادة مستقلة بحكم مستقل، إذا ثبَت سنده وجب القول به[4].

 

رابعًا: آراء الفقهاء في القضاء بالشاهد واليمين:

اختلف الفقهاء في حكم القضاء بيمين المدَّعي مع شاهده إلى فريقين:

الأول: يرى أنه يُقضى بيمين المدعي مع شاهده، وينسب هذا الرأي إلى أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وبه أخذ المالكية والشافعية والزيدية والظاهرية والحنابلة[5]، واستدلُّوا على رأيهم بالأدلة التالية:

أ- روى عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد"[6].

 

ب- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشَهادة شاهد واحد، ويَمين صاحب الحق"[7].

 

جـ- رُوي عن أبي هريرة قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد"[8].

 

وجه الاستدلال بهذه الأحاديث:

تفيد الأحاديث بوضوح أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد واليمين، فدلَّ ذلك على جواز القضاء بهما؛ لأنه ليس أدل على الجواز من الوقوع.

د- روي أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم كانوا يقضون بشهادة الشاهد الواحد، ويمين المدعي[9].

 

هـ- رُوي عن سعد بن عبادة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما: جواز القضاء بالشاهد واليمين[10].

 

وجه الاستدلال بهذه الآثار:

تفيد هذه الآثار بوضوح أن كبار الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقضون باليمين مع الشاهد الواحد، وهم لا يفعلون ذلك إلا عن توقيف وسَماع من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا مدخل للرأي في ذلك، وهذا دليل واضح على جواز القضاء بالشاهد واليمين.

 

و- المعقول:

إن اليمين تُشرع في حق من قوي جانبه في الدعوى؛ ولذلك شرعت في حق المُنكِر؛ لأن موقفه في الدعوى أقوى من موقف المدعي؛ لأنَّ الظاهر يؤيد المُنكِر، وكذلك الأمر في حق المدعي؛ لأن جانبه في الدعوى يقوى بشهادة الشاهد على جانب المدَّعى عليه، فتُشرع اليمين في حقه، تأكيدًا لرجحان موقفه في الدعوى، ونفيًا للتهمة، وهذا يكفي في إثبات الدعوى[11].

 

والفريق الثاني: يرى عدم جواز القضاء باليمين مع الشاهد، ويُنسب هذا الرأي إلى الثوري والنخعي والأوزاعي وابن شبرمة والليث بن سعد، وبه قال الحنفية وبعض المالكية[12]، واستدلُّوا على ذلك، بما يلي:

أ- قال تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ [البقرة: 282].

 

وجه الاستدلال بالآية الكريمة:

تُشير الآية الكريمة إلى نِصاب الشهادة، ولم يرد في الآية الكريمة ذكر للشاهد واليمين، والآية مُحكمة، والقول بالقضاء بالشاهد واليمين زيادة على هذه الآية، والزيادة عليها نسخ لها، والقرآن الكريم لا يُنسخ بأخبار الآحاد.

 

ب- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((البيِّنة على المدَّعي واليمين على المدعى عليه))[13].

 

جـ- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه))[14].

 

د- عن الأشعث بن قيس، قال: كان بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((شاهداك أو يَمينه)) فقلت: إنه إذًا يحلف ولا يُبالي، ويضيع حقي، فقال: ((من حلف على يمين يَقتطِع بها مال امرئ مسلم، هو فيها فاجر، لقيَ الله وهو عليه غضبان))[15].

 

وجه الاستدلال بهذه الأحاديث:

الاستدلال بالأحاديث من وجهين:

الأول: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أوجب اليمين على المدَّعى عليه، ولو جعلت حجة المدَّعي، لا تبقى واجبةً على المدَّعى عليه، وهو خلاف النص؛ لأن النص جعل كل جنس اليمين حجة المدعى عليه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام ذكر اليمين بلام التعريف، فيَقتضي استغراق كل الجنس، فلو جعلت حجة المدعي لا يكون كل جنس اليمين حجة المدعى عليه، بل يكون من الأيمان ما ليس بحجة له، وهو يمين المدعي، وهذا خلاف النص[16].

 

والثاني: الأحاديث لم تُشر إلى شهادة الشاهد مع يمين المدَّعي، فدلَّ ذلك على عدم جواز القضاء بالشاهد واليمين.

 

هـ- القضاء بالشاهد واليمين لا يَصدق عليه اسم البيِّنة؛ لأنَّ الله تعالى أوجب الحق للمدَّعي بشهادة رجلين، ونقله عند عدمهما إلى شهادة رجل وامرأتين، فالنقل إلى غيره خلاف الكتاب[17].

 

خامسًا: رأي قانون المعاملات الإماراتي والمدني الأردني[18]:

حدد القانون المدني الأردني أدلة الإثبات في المادة (72)، وحدَّدها قانون المعاملات المدنية الإماراتي في المادة (112)، وعلى النحو الآتي:

أ- الكتابة.

ب- الشهادة.

جـ- القرائن.

د- المعاينة والخبرة.

هـ- الإقرار.

و- اليمين.

 

وبهذا يكون القانون المدني الأردني والإماراتي، قد حسم الأمر في تحديد وسائل الإثبات في الحقوق المدنية، فلا مجال للخروج عليها أو الزيادة، وهذه الوسائل متسمدَّة من مجموع المذاهب الإسلامية، وخاصة مذهب الحنفية؛ ولهذا لا تثبت الحقوق المدنية بالشاهد واليمين في القانون؛ لأن المشرِّع أخذ برأي الحنفية، والحنفية لا يقولون بالشاهد واليمين، وهذا مخالف لرأي جماهير العلماء.

 

سادسًا: المواضع التي يُقضى فيها بالشاهد واليمين[19]:

يقضى بالشاهد واليمين عند القائلين به، في الحقوق المالية، وما يقصد به المال؛ كالبيع والشراء، والإجارة، والجعالة، والمساقاة، والمضاربة، والشركة، والهبة، والوصية، والوقف، والإقرار بالمال، والصلح، والقرض، والصداق، وعوض الخلع، ودعوى النسب، وتسمية المهر، ولا يقضى بالشاهد واليمين في الحدود والطلاق.

 

أما الظاهرية، فقد عمَّموا جواز الحكم بشاهد ويمين في غير المال من الدماء والقصاص، والنكاح والطلاق، والرجعة؛ وبذلك خالف ابن حزم جمهور الفقهاء بجواز الحكم بشاهد ويمين؛ ليشمل الحقوق المدنية، المالية وغير المالية[20]، وهذا ما أميل إليه؛ من أجل التوسعة في وسائل الإثبات، حفظًا للحقوق وتحقيقًا للعدالة ما أمكن.

 

سابعًا: هل العبرة في الحكم لليمين أو للشاهد؟

اختلف القائلون بالقضاء بالشاهد واليمين في تكييف اليمين مع الشاهد، فذهب المالكية والشافعيَّة إلى أن اليمين بمَثابة شاهد ثان، والحكم يكون بالشاهد واليمين معًا، وذهب الحنابلة إلى أن الحكم بالشاهد فقط، واليمين تقوية وتوكيد، وهذا هو منصوص مذهب أحمد.

 

وتظهر ثمرة الخلاف في ذلك إذا رجع الشاهد عن شهادته، فعلى قول الشافعية والمالمكية يغرم الشاهد النصف، وصاحب الحق يغرم النصف الثاني، وعلى قول الحنابلة، يغرم الشاهد الكل[21].

 

ويؤيد ابن القيم رأي الحنابلة، بالأمور التالية:

1- إنَّ الشاهد حجة الدعوى، فكان منفردًا بالضمان.

2- إن اليمين قول الخصم، وقوله ليس بحجة على خصمه، وإنما هو شرط للحكم، فجرى مجرى مطالبة الحكم به.

3- أنَّا لو جعلنا اليمين حُجة، لكنا إنما جعلناه حجة بشهادة الشاهد.

4- أنها لو كانت كالشاهد، لجاز تقديمها على شهادة الشاهد الآخر.

 

والمُتتبِّع للأدلة الشرعية الواردة في القرآن والسنة، يلاحظ أن الشارع قد بيَّن الشاهدَين ببيانات مختلفة؛ فبيَّن أنهما رجلان، أو رجل وامرأتان، أو أربع نسوة، أو شاهد ويمين، وعليه فإن اليمين يكون شاهدًا، وقد سمى القرآن الكريم اليمين شاهدًا؛ قال تعالى: ﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 6]، وعليه، تكون اليمين بمثابة شاهد، وهذا ما نصَّ عليه الشافعية والمالكية، وهو ما نَميل إليه.

 

ثامنًا: القضاء بشهادة امرأتين ويمين[22]:

اختلف الفقهاء القائلون بالقضاء بشاهد ويَمين المدَّعي في مسألة القضاء بشهادة امرأتين ويمين المدعي إلى فريقين.

1- المانعون؛ وهم الشافعية والحنابلة، وعلَّلوا رأيهم هذا بأنَّ شهادة المرأتين ضعيفة، وتقبل للحاجة والضرورة، والضرورة تقدَّر بقَدرها، ولا يزاد عليها، وانجبرت بانضمام الرجل إليها، والإثبات باليمين ضعيف، والإثبات بامرأتين ويمين، هو ضم ضعيف إلى ضعيف، وهذا لا يقبل في مجال إثبات الحقوق، وهذا من باب أولى رأي الحنفية؛ لأنهم لا يقولون أصلاً بالقضاء بالشاهد واليمين.

 

2- المجيزون؛ وهم المالكية وابن حزم وابن تيمية، وعلَّلوا رأيهم هذا، بأن المرأتين أقيمتا مقام الشاهد الواحد في القرآن والسنَّة، وبقياس شهادة المرأتين مع يمين المدعي، على جواز القضاء بالشهاد الرجل ويمين المدَّعي، فقاسوا شهادة المرأتين على شهادة الرجل، وإذا قامت المرأتان مقام الرجل، فيجوز القضاء بشهادتهما مع اليمين، وهذا ما رجحه ابن قيم الجوزية؛ حيث قال: "وظاهر القرآن والسنة يدل على صحة هذا القول"[23]، وهذا ما نميل إليه؛ لأن الضعف في شهادة المرأة، رُفع بانضمام امرأة أخرى إليها؛ ولهذا أقام سبحانه وتعالى المرأتين مقام الرجل الواحد في الشهادة.

 

تاسعًا: المناقشة والتَّرجيح:

1- مناقشة أدلة المجيزين، وهم جماهير العلماء، وقد وجه الحنفية إلى أدلتهم الطعون التالية:

أ- القضاء بشاهد ويمين مخالف لما جاء في كتاب الله تعالى؛ لأنه تعالى أوجب الحق للمدعي بشهادة رجلين، نقله عند عدمهما إلى شهادة رجل وامرأتين، فالنقل إلى غيره خلاف الكتاب، أو نُقول الزيادة عليه خلاف الكتاب.

 

ب- القضاء بالشاهد ويَمين المدعي، ورَد في حادثة عامة مختلفة بين السلف، فلو كان ثابتًا لارتفع الخلاف، فلما لم يرتفع دلَّ على عدم ثبوته.

 

جـ- القضاء بشاهد ويمين ثبت بخبر آحاد، فلا يقوى على معارضة قوله عليه الصلاة والسلام "البيِّنة على المدَّعي"؛ لأنه مشهور قريب من التواتر، وخبر الآحاد إذا ورد معارضًا للخبر المشهور يرد.ُّ

 

د- حديث القضاء بشاهد ويَمين طعَن فيه يحيى بن معين، وقال: لم يصحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاء بشاهد ويمين، وكذا روي عن الزهري لما سُئل عن اليمين مع الشاهد، فقال: بدعة، وأول من قضى بهما معاوية رضي الله عنه، وكذا ذكر ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح، أنه قال: كان القضاء الأول ألا يقبل إلا شاهدان، وأول من قضى باليمين مع الشاهد عبدالملك بن مروان، مع أنه ورد مورد الآحاد ومخالفًا للمشهور فلا يقبل.

 

هـ- روي عن بعض الصحابة، أنه قضى بشاهد ويمين في الأمان، وعندنا يجوز القضاء في بعض أحكام الأمان بشاهد واحد، إذا كان عدلاً، بأن شهد أنه أمَّن هذا الكافر، تُقبل شهادته حتى لا يُقتل، لكن يُسترَقُّ، واليمين من باب ما يُحتاط فيه، فحمل على هذا توفيقًا بين الأدلة، صيانة لها عن التناقض، وبهذا يتبين بطلان رأي القائلين بالقضاء بالشاهد واليمين[24].

 

2- مناقشة أدلة القائلين بعدم جواز القضاء بالشاهد واليمين، وهم الحنفية ومَن معهم، وقد وجه جماهير العلماء إلى أدلتهم الطعون التالية:

أ- الاستدلال بالآية الكريمة: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [البقرة: 282] استدلال غير صحيح؛ لأن الآية الكريمة تتحدَّث عن وسيلة من وسائل الإثبات متَّفق عليها؛ ولهذا تكون الآية خارج محل النزاع، ولا يجوز الاستدلال بها في هذه المسألة؛ لأنها لم تتعرَّض للقضاء بالشاهد واليمين لا من قريب ولا من بعيد؛ يقول ابن قدامة: "لا حجة لهم في هذه الآية؛ لأنها دلت على مشروعية الشاهدين، والشاهد والمرأتين، ولا نزاع في هذا".

 

ب- الاستدلال بحديث: ((البينة على مَن ادعى، واليمين على من أنكر)) استِدلال غير صحيح؛ لأن الحديث خارج محل النزاع؛ لأنه يبين أصل الدعوى، ولم يتعرَّض للشاهد واليمين، لا بنفْيٍ ولا بإثبات، وجاءت السنة بإثباته، كما أنه لا يُفيد الحصر؛ بدليل أن اليَمين تُشرع في حق المودع لديه، إذا ادَّعى ردَّ الوديعة أو تلَفَها، وفي حق البائع والمُشتري إذا اختلفا في الثمن والسلعة قائمة.

 

جـ- لا يوجد تعارض بين أدلة المجيزين، وأدلة المانعين؛ لأنَّ التعارض وجد من مفهوم العدد "شهيدين" أو مفهوم المخالفة، والذي يفيد عدم قبول شهادة الواحد، ولكن يشترط للعمل بمفهوم المخالفة عدم وجود دليل خاص يبين الحكم في المسكوت عنه؛ لأن الدليل الخاص منطوق، والمنطوق أقوى من المفهوم؛ لذا يقدم عليه عند التعارض، وقد ورَد دليل خاص صحيح من السنة يُفيد بمنطوقه جواز القضاء بالشاهد واليمين، وبهذا انتفى التعارض، وتم الجمع والتوفيق بين الأدلة؛ وذلك من خلال القول بالقضاء بالشاهد واليمين[25].

 

د- القول بأن الزيادة على النص نسخ غير صحيح؛ لأن النسخ هو الرفع والإزالة، والزيادة في الشيء تقرير له لا رفع؛ أي: زيادة مستقلَّة بحكم مُستقلٌّ، إذا ثبَت سنده وجب القول به؛ كما هو الحال في الشاهد واليمين، وأيضًا فإن الناسخ والمنسوخ، لا بدَّ أن يتوارَدا على محلٍّ واحد، وهذا غير متحقِّق في الزيادة على النص، كما أن الزيادة لو كانت متصلة بالمزيد عليه لم ترفعه، ولم تكن نسخًا، وكذلك إذا انفصلت عنه؛ ولأن الآية الكريمة واردة في التحمل دون الأداء؛ ولهذا قال سبحانه: ﴿ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ [البقرة: 282]، والنزاع في الأداء لا في التحمُّل، وبهذا تكون الآية الكريمة خارج محل النزاع، فلا يجوز الاحتجاج بها في القضاء بالشاهد واليمين[26].

 

3- التَّرجيح:

أرى بعد استعراض أدلة الفقهاء الأربعة في هذه المسألة ومناقشتها أن رأي جماهير العلماء والذي يقول بالقضاء بالشاهد واليمين أولى بالقبول والاتباع، وللأسباب التالية:

أ- الأحاديث الواردة في القَضاء بالشاهد واليمين أدلة صحيحة في مجملها ومَشهورة، رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نيِّف وعشرون نفسًا، فأي شهرة تزيد على ذلك، والحجة الشرعية تقوم بما هو دون ذلك، فكيف بمثله.

 

ب- القول بالشاهد واليَمين، يؤدي إلى الجمع والتوفيق بين الأدلة الواردة في وسائل الإثبات؛ ليكمل بعضها بعضًا دون تعطيل أو تأويل.

 

جـ- القول بالشاهد واليمين يؤدي إلى التوسع في وسائل الإثبات، حفظًا للحقوق، وتحقيقًا للعدالة في أوسع صُوَرِها.

 

د- الطعون التي أوردها الحنفية، لا تستند إلى دليل، وإذًا لا تُعتمَد من الناحية الشرعية.

 

وفي الختام أُوصي المشرِّع الأردني والإماراتي، بضرورة تعديل نص المادة (72) من القانون المدني الأردني، والمادة (112) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي؛ ليضاف إليها القضاء بالشاهد واليمين؛ ليكون بذلك وسيلة من وسائل الإثبات المعتمَدة قانونًا، كما هو معتمَد لدى جماهير الفقهاء، وخاصة أن رأي المالكية والحنابلة رأي مُعتمَد في القانونين.



[1] الشوكاني: نَيل الأوطار (9 / 190)، وابن رشد: بداية المجتهد (2 / 467) وما بعدها، وابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 138) وما بعدها، وابن فرحون: تبصرة الحكام (1 / 215).

[2] الشافعي: الأم (7 / 3) وما بعدها، وابن قدامة: المغني (9 / 151).

[3] وابن رشد: بداية المجتهد (2 / 468)، وابن العربي: أحكام القرآن (1 / 251) وما بعدها.

[4] الزنجاني: تخريج الفروع على الأصول (ص: 51، 52)، والآمدي: الإحكام في أصول الأحكام (3 / 184، 185)، والغزالي: المستصفى من علم الأصول (1 / 117)، والتفتازاني شرح التلويح على التوضيح (2 / 36) وما بعدها، وابن رشد: بداية المجتهد (2 / 468)، وابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري (5 / 137، 138)، والسرخسي أصول السرخسي (2 / 82)، وَد. مصطفى الخن: أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء (ص: 266).

[5] ابن جزي: القوانين الفقهية (ص: 204)، والشاشي القفال: حلية العلماء (8 / 280)، وابن قدامة: المغني (9 / 151)، وابن حزم: المحلى (9 / 403) وما بعدها، والشوكاني: نَيل الأوطار (9 / 193)، والشوكاني: السيل الجرار (4 / 187).

[6] ابن حجر العسقلاني: فتح الباري (5 / 136)، والنووي: شرح صحيح مسلم (6 / 244).

[7] أبو داود: سنن أبي داود (2 / 119)، وابن ماجه: سنن ابن ماجه (2 / 792)، وابن العربي: عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي (6 / 91)، والدارقطني: سنن الدارقطني (4 / 212)، والشوكاني: نَيل الأوطار (9 / 190).

[8] الدارقطني: سنن الدارقطني (4 / 214)، وابن العربي: عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي (6 / 89).

[9] البيهقي: السنن الكبرى (10 / 173)، والدارقطني: سنن الدارقطني (4 / 215).

[10] البيهقي: السنن الكبرى (10 / 173)، وابن العربي: عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي (6 / 89).

[11] ابن قدامة: المغني (9 / 152).

[12] الكاساني: البدائع (6 / 225)، والكمال بن الهمام: فتح القدير (7 / 369)، وابن عابدين: رد المحتار على الدر المختار (5 / 401)، وابن رشد: بداية المجتهد (2 / 467)، وابن فرحون: تَبصرة الحكام (1 / 268)، ود. محمد الزحيلي: أصول المُحاكمات الشرعية (ص: 159)، وأحمد إبراهيم: طرق القضاء (ص: 270)، ود. عبدالكريم زيدان: نظام القضاء في الشريعة الإسلامية (ص: 189)، والموصلي: الاختيار (2 / 11).

[13] البيهقي: السنن الكبرى (10 / 252).

[14] النووي: صحيح مسلم بشرح النووي (6 / 243)، وابن العربي: عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي (6 / 86)، والبيهقي: السنن الكبرى (1 / 252).

[15] البخاري: صحيح البخاري (3 / 245)، وأبو داود: صحيح سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم (2 / 121).

[16] الكاساني: البدائع (6 / 225)، والسرخسي: المبسوط (17 / 28).

[17] الموصلي: الاختيار لتعليل المختار (2 / 112).

[18] جمعية الحقوقيين: قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، (ص: 31)، ونقابة المحامين: المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني (1 / 85).

[19] الشافعي: الأم (7 / 3) وما بعدها، وابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 141) وما بعدها، والشربيني: مغني المحتاج (4 / 443)، وابن رشد: بداية المجتهد (2 / 467)، والخرشي على مختصر سيدي خليل (8 / 296).

[20] ابن حزم: المُحلَّى (9 / 403) وما بعدها.

[21] ابن فرحون: تبصرة الحكام (1 / 217)، والشربيني: مغني المحتاج (4 / 443)، وابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 139، 140).

[22] ابن رشد: بداية المجتهد (2 / 468)، وابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية (ص: 159)، والبهوتي: كشاف القناع (6 / 434)، وابن فرحون: تبصرة الحكام (1 / 237)، وابن جزي: القوانين الفقهية (ص: 199)، وابن قدامة: المغني (9 / 153)، 154)، وابن حزم: المحلى (9 / 405)، والشوكاني: نَيل الأوطار (9 / 195).

[23] الطرق الحكمية (ص: 159).

[24] الكاساني: البدائع (6 / 225)، والموصلي: الاختيار (2 / 111، 112).

[25] ابن حزم: المحلى (9 / 404)، والشوكاني: نَيل الأوطار (9 / 195)، ود. سعيد الزهراني: طرائق الحكم المتفق عليها والمختلف فيها (ص: 144)، ود. محمد رأفت عثمان: النظام القضائي في الفقه الإسلامي (ص: 292) وما بعدها، ود. عبدالكريم زيدان: نظام القضاء في الشريعة الإسلامية (ص: 190).

[26] الشوكاني: السيل الجرار (4 / 162)، والشوكاني: نَيل الأوطار (9 / 193، 194).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إجراءات الإثبات (3) اليمين (1)
  • إجراءات الإثبات (4) اليمين (2)
  • توقير اليمين
  • خطبة عن أحكام اليمين
  • مجالس القضاء بين الأرض والسماء

مختارات من الشبكة

  • استقلال القضاء: ورقة مقدمة لندوة دور القضاء في حماية حقوق الإنسان (PDF)(كتاب - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)
  • استقلال القضاء: ورقة مقدمة لندوة دور القضاء في حماية حقوق الإنسان (WORD)(كتاب - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)
  • تعريف القضاء لغة واصطلاحا(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • القضاء الجماعي والقضاء الفردي: دراسة فقهية قانونية مقارنة (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • القضاء المبرم والقضاء المعلق(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • القضاء الجماعي والقضاء الفردي في النظام القضائي السعودي (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • مراتب القضاء والقدر التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقضاء والقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة والقضاء(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • تعريف الإيمان بالقضاء والقدر ومراتبه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القضاء والقدر وحكم الإيمان به(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب