• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

اليهود والحصون

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

المصدر: ألقيت بتاريخ: 14/2/1431هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/2/2010 ميلادي - 18/2/1431 هجري

الزيارات: 20596

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اليهود والحصون

 

الحمد لله القوي العزيز، قاصم الجبابرة المتكبرين، وناصر المستضعفين من المؤمنين؛ ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَِ ﴾ [الروم: 47]، نحمده على آلائه، ونشكره على نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ يبتلي عباده بالسَّراء والضَّراء، ويتابع عليهم الفتن والبلاء؛ ليختبر صدقهم وصبرهم، ويستخرج دعاءهم؛ ﴿ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [محمد: 4]، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ خير من قام بأمر الله - تعالى - ودعا إلى دينه، وصبر على الأذى فيه، حتى أظهره على أعدائه، فأعلى ذكره، ونشر به دينه، وأعزَّ به مِلَّته، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، واعلموا أنكم إليه ترجعون، وعلى أعمالكم تحاسبون؛ ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18]، فخذوا لذلك اليوم أهبته، وأعدُّوا له عُدَّته، واعتبروا باختبار الدنيا لاختبار الآخرة، فكما أنَّ في الدنيا رابحًا وخاسرًا، فكذلك في الآخرة شقيٌّ وسعيدٌ؛ ﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 71 - 72].

 

أيها الناس:

من حِكْمَة الله - تعالى - في قدره وشرعه أنه ضرب الذِّلة على بني إسرائيل عقوبةًً لهم على كفرهم بالله - تعالى - وقتلهم أنبياءهم؛ ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61]، فهم مذلولون قدرًا من الله - عز وجل - ما داموا على دينهم المحرَّف، ومذلولون شرعًا بفرض الجزية عليهم وهم صاغرون، لا يخرجون من ذِلَّتهم، ولا يستقوون من ضعفهم إلا بعهدٍ شرعيٍّ وهو عهد الأمان والذِّمَّة، أو بنصرةٍ من الناس؛ ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 112]، فالذِّلَّة والمسْكنة لازمة لليهود في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، وقد فقدوا البأس والشجاعة، وبدا عليهم سيما الفقر والحاجة، مع وفرة ما أنعم الله - تعالى - عليهم؛ فإنهم لما سئموها، صارت لديهم كالعدم، ولذلك صار الحرص على الحياة والمال لهم سجيَّةً باقيةً فيهم؛ فهم أجبن الناس وأبخلهم، وهم عُبَّاد الحياة والمال؛ ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾ [البقرة: 96].

 

والمتتبِّع لتاريخهم منذ البعثة النبويَّة يجد أنَّ هذا الإخبار الربَّّاني دليل من دلائل نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - إذ لم تنفك عنهم ذِلَّتهم ومسكنتهم، ولم يتخلَّصوا من جُبْنهم وبُخْلهم، ولم يحاربوا قط إلا بمعونة غيرهم لهم.

 

ولا تُعرف أمةٌ في تاريخ البشر اشتُهرت بكثرة الحصون والجُدُر كأمَّةِ اليهود، وصدقَ فيهم إخبار الله - تعالى – عنهم: ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ﴾ [الحشر: 14].

 

وفي العهد النبويِّ كانت قبائل اليهود في المدينة، وعاهدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم ما لهم، وبيَّن لهم ما عليهم، ولكنهم أهلُ غدرٍ وخيانة، فنقضوا عهودهم قبيلةً بعد أُخرى، والملاحظ في سيرتهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم لم يحاربوا ولا مرةً واحدةً، وتحصَّنوا في حصونهم في كلِّ مرات الغزو، ونزلوا على حُكْمه في جميعها، أو اقتحمها المسلمون عليهم كما في خيبر، ولا يُذكر اليهود في السيرة النبويَّة إلاَّ وتُذكر حصونهم، ويُذكر عدم قتالهم، ويُذكر خضوعهم لحكم أعدائهم.

 

وأول قبيلة نقضت العهد منهم: بنو قينقاع، نقضوه عَقِبَ غزوة بدر، فسار لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فتحصَّنوا بحصونهم فحاصرهم خمس عشرة ليلةً، لم يصمدوا بعدها من الخوف ولم يقاتلوا، بل نزلوا على حُكْمه - صلى الله عليه وسلم - فتولاهم المنافق (ابن سلول) وشفع فيهم، فاكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجلائهم، وفي تولِّي المنافق لهم نزل قول الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51].

 

وبعد غزوة أحد نقض بنو النضير عهدهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وحاولوا قتله، وأغراهم المنافق (ابن سلول) أن يتحصَّنوا بحصونهم ولا يستسلموا، ووعدهم بإعانتهم بالمنافقين معه وببني قريظة، فحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ستًّا وعشرين ليلةً، ولم يفِ لهم (ابن سلول) حين ورَّطهم، فخافوا ونزلوا على حُكْم النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع أن المسلمين حين حاصروهم كانوا في العراء ومؤونتهم قليلة، وكان اليهود في حصونهم ومنازلهم وعندهم من المؤونة ما يكفيهم سنةً، ولكنه الجبن والحرص على الحياة؛ ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ﴾ [الحشر: 2].

 

وأثناء غزوة الأحزاب حين حاصر المشركون المدينة نقضت بنو قريظة عهدها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أشدِّ الساعات حرجًا وضيقًا، فلمَّا فكَّ المشركون الحصار، وعادوا إلى مكة خائبين، أمر الله - تعالى - نبيَّه أن يعاقبَ بني قريظة على خيانتهم، فسار إليهم فلم يقاتلوا، بل تحصَّنوا بحصونهم، فحاصرهم خمسًا وعشرين ليلةً، حتى نزلوا على حُكْم حليفهم من قبلُ سعد بن معاذ - رضي الله عنه - فقال سعد - رضي الله عنه -: "قَدْ آنَ لسعد أَلا يُبَالِي في الله لَوْمَةَ لائِمٍ"، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ هؤلاء نزلوا على حُكْمِكَ))، قال سعد: فَإِنِّي أَحكُمُ أَن تُقْتَلَ المُقَاتِلَةُ، وأن تُسبَى الذُّريَّة، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد حَكَمْتَ فيهم بِحُكْمِ الملِك))؛ رواه الشيخان.

 

ونزل فيهم قول الله - تعالى -: ﴿ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ﴾ [الأحزاب: 26].

 

ولم يبقَ من اليهود في المدينة وما حولها إلا يهود خَيْبَر، وقد سكنها بعض بني النضير لما أُجلوا عن ديارهم، فأخذوا يحرِّضون أهل خيبر على معاداة النبي - صلى الله عليه وسلم - وينطلقون منها إلى أهل مكة لتحريضهم والوعد بمعونتهم على المسلمين، حتى كان من أسباب غزوة الخندق تحريض بني النضير في خيبر للمشركين على غزو المدينة، فلمَّا تمَّ صُلح الحديبية تفرَّغ النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل خيبر فغزاهم، وكانوا أشجع اليهود وأشدَّهم بأسًا، وأكثرهم سلاحًا وعتادًا، وأمنعهم قلاعًا وحصونًا، فلمَّا نزل بساحتهم وأصبحوا، فتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم، فَخَرَجُوا بِمَكَاتِلِهِم وَمَسَاحِيهِم فلمَّا رَأَوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: محمد والله، محمد والخَمِيس - أي: الجيش - قال: فلمَّا رَآهُم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الله أكبر، الله أكبر، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إذا نَزَلنَا بِسَاحَةِ قَومٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ، فهربوا إلى حصونهم، فحاصرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبلى المسلمون في اقتحامها حتى سقطت حصنًا بعد حصن، سمَّى أهلُ السِّيَر منها ستةَ حصون، فخاف يهود فَدَك وصالحوا النبي - صلى الله عليه وسلم.

 

ولم تقم لليهود قائمةٌ بعد ذلك، بل كانوا أذلةً مستضعفين، نَعِموا بالأمن والحماية بعهد الذِّمَّة في بلاد الشام أثناء الخلافة الراشدة، ثم في الدولتين الأمويَّة والعباسيَّة، حتى احتلَّ الصليبيون بلاد الشام، فنكَّلوا باليهود وأحرقوهم أحياءً، فهربوا إلى الأندلس ونعموا بالأمن فيها تحت حُكْم المسلمين، فلمَّا سقطت (قُرطبة) في يد الصليبيين نكَّلوا باليهود وعذَّبوهم، فهربوا إلى الدولة العثمانيَّة التي آوتهم وحمتهم، فلمَّا نشأت (الحركة البروتستانتيَّة النصرانيَّة) والت اليهود، وتحالفت معهم، فتآمروا على دولة بني عثمان حتى أسقطوها، وكانت مكافأتهم إقامة دولتهم في فلسطين بعد قرون من الذِلَّة والاستضعاف، ولم يتغيَّر شيءٌ من طباع يهود العصر عن طباع سالفيهم، حيث الجبن والبخل وشدة الحرص على الحياة والمال، وبقيت عادة التَّترُّس خلف الجُدُر والحصون كما هي من قبل، رغم تطور الأساليب القتاليَّة، والمعدات العسكريَّة، إذ بعد انتصارهم بمعونة حلفائهم من الغرب فيما سُمِّي بالنكسة قبل أربعة عقود، بنوا حصنًا اقترحه رئيس أركانهم آنذاك (حاييم بارليف) فسُمِّي باسمه، وهدفه تأمين الضَّفة الشرقية لقناة السويس، وفي الدراسات العسكريَّة كان هو أقوى خطٍّ دفاعيٍّ في العسكريَّة الحديثة، وكان اليهود منتشين به، زاعمين أن أيَّ جيشٍ يحاول عبوره ستكون الإبادة مصيره، وفي معركة رمضان عام ثلاثة وسبعين ميلاديًّا اقتحمه المصريون ودمروه.

 

وعقب انتفاضة الأقصى ابتنى اليهود الجدار العازل بارتفاع يصل لتسعة أمتار، بطول يُقارب سبعمائة كيلو مترًا؛ ليحميهم من هجمات الفلسطينيين العُزَّل.

 

وعَقِب النصر المؤزَّر في غَزَّة العام الماضي يبتني لهم حلفاؤهم الجدار الفولاذي تحت الأرض بعمقٍ يصلُ إلى ثلاثين مترًا في بعض المناطق، وطول عشرة كيلو مترات، وصفائح حديديَّة بسُمْك نصف متر، وهي سابقة تاريخيَّة ستكون نكتةً للأجيال القادمة، أن أمَّةً عجزت وعجز حلفاؤها عن حمايتها، وإزالة الذُّعر من قلوب أفرادها حتى ابتنوا لهم جدرانًا فوق الأرض، وجدرانًا تحتها، هذا غير الملاجئ والأقبية والمخابئ المجهَّزة للطوارئ، وأُمَّة هذه نفسيَّة أفرادها، فلن تنتصر على من يطلبون الموت في سبيل الله - تعالى - وصدق ربُّنا - سبحانه -: ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾ [البقرة: 96]، ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ﴾ [الحشر: 14].

 

نسأل الله - تعالى - أن يكبتهم وحلفاءهم، وأن ينصر المستضعفين عليهم، وأن يجعل جُدُرهم وحصونهم وبالاً عليهم؛ ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126].

 

وأقول ما تسمعون وأستغفر الله.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا طيِّبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربُّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، واحذروا المعاصي؛ فإنها رافعةُ النِّعم، وجالبة النِّقم، وسببُ البلاء والفتن.

 

أيها المسلمون:

مع لجوء اليهود إلى الحصون والجُدُر التي لم تغنِ عنهم شيئًا لا في القديم ولا في الحديث، فإن خبث اليهود ومكرهم يظهر في قدرتهم على اختراق الحصون العقديَّة والفكريَّة والأخلاقيَّة لخصومهم، ففي القرن السادس عشر الميلادي اخترق اليهود عقيدةَ النصارى بنشوء البروتستانتيَّة المستمدَّة من تراث اليهود، التي تَحوَّل فيها العداء النصرانيُّ اليهودي إلى وفاق، واستطاع اليهود أن يُسخِّروا النصارى لخدمتهم، وتحقيق أهدافهم، وفي القرن الماضي اخترق اليهود الكاثوليكيَّة فطوَّعوها لهم، وأسس مفكرو اليهود المذاهب الماديَّة في الغرب التي اعتنقها كثيرٌ من الغربيين، فوالت أحزابُها اليهود بعد ذلك، فسَخَّر اليهود في الغرب الشِّقَّين (الديني والعلماني) لخدمة مصالحهم، وهو الحبل الإنسي الذي يمدُّ دولتهم بالبقاء والقوة إلى يومنا هذا؛ ﴿ إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 112].

 

وقبل أقل من أربعة عقود من الآن، استطاع اليهود اختراق الحصون العربيَّة العلمانيَّة في (كامب ديفيد) الأولى، وما تَبِعها من اتفاقيات جائرة صارت بعض نخب العرب السياسيَّة، وأبواقها الإعلاميَّة العلمانيَّة تدافع عن الصهاينة أكثر من دفاعها عن أوطانها؛ لأنه زُيِّن لها أنها تستمدُّ قوتها منها، وبها تحقِّق مكاسبها السياسيَّة الخاصة على حساب الأمة عامَّةً، وبسفك دماء إخوانهم في غَزَّة خاصَّةً.

 

ومن المفارقات العجيبة أن الذين حطَّموا جدار (بارليف) اليهودي بجهد آبائهم وتضحياتهم قبل سبعة وثلاثين عامًا، هم الذين يبنون الآن الجدار الفولاذي تحت الأرض لخنق إخوانهم في غزَّة، ومعونة اليهود عليهم في عدوان جديدٍ بات وشيكًا بعد أن دُحِروا في عدوانهم السابق.

 

إنه الاختراق اليهوديُّ لحصون الأمة العقديَّة والفكريَّة والأخلاقيَّة، حين فرَّقوا المسلمين، وزعزعوا أُخوَّتهم الإيمانيَّة، ونزعوا من قلوب بعضهم الولاء لإخوانهم والبراء من أعدائهم، وأحلُّوا فيهم الأفكار الماديَّة النفعيَّة التي أدَّت إلى التضحية بالإخوة والأوطان والأمة جمعاء في سبيل مصالح آنيةٍ خاصَّة، وألغوا من أوساطهم أخلاقَ الرحمة والنجدة والإغاثة للمستضعفين والمُضامين من المسلمين.

 

ورغم تأزُّم الوضع، وعجز أكثر الأمة عن نجدة إخوانهم، وانتشار داء الخُذلان في أفرادها، والغثائيَّة في مجموعها، فإن الأمل بعد الله - عز وجل - في رجال صبروا لله - تعالى - ودحروا العدوان السابق، وسيدحرون كلَّ عدوان بإذن الله - تعالى - وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزالُ من أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بأمر الله لا يَضُرُّهم من خَذَلَهم ولا من خالفهم حتى يَأْتِيَهم أمرُ الله وهم على ذلك))؛ رواه الشيخان، وفي رواية للطبرانيِّ بإسنادٍ ضعيف: قيل: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ((بأكنافِ بَيت المَقْدِس)).

 

اللهمَّ فثبِّتهم وانصرهم، وارحم ضعفهم وعجزهم، وقوِّ عزائمهم، وادحر أعداءهم، إنك على كلِّ شيءٍ قدير.

وصلُّوا وسلِّموا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اليهود ونقض العهود
  • صفات اليهود

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث: لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدكتور المسيري: مع اليهود أم ضد اليهود؟(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • لن تضيع القدس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الكوشر... هل هو مجرد منتجات من اليهود لليهود؟!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حق اليهود التاريخي في فلسطين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اليهودية والاستغراب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الأدلة من السنة على نهاية اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عداوة اليهود للإنسانية عامة وللمؤمنين خاصة(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • مرحلة المجابهة في عقيدة اليهود (3)(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • نسبة ما يكتبه أحبار اليهود إلى الوحي السماوي(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب