• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع / خطب منبرية مفرغة
علامة باركود

قواعد في حفظ حقوق الخلق

الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/3/2015 ميلادي - 24/5/1436 هجري

الزيارات: 34129

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قواعد في حفظ حقوق الخلق

حديث: المسلم من سلم الناس من لسانه ويده


إن الحمد لله، نَحمَده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ:

أيها المؤمنون، إن الله جل وعلا - وقد ارتضى لنا شريعة الإسلام؛ كما قال سبحانه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] - جعل في هذه الشرعة الطاهرة السامية تنظيم أحوال العباد في علاقاتهم كلها - علاقتهم بربهم، وعلاقاتهم فيما بينهم - فكلٌّ قد عُرِفت حقوقه وواجباته.

 

ولذا فإن هذه الشريعة العظيمة ليست شريعة متحجرة على المرء في تعامُل محدد، ولكنها شريعة سامية فيَّاضة في تنظيم أمور الناس لنشْر الخير والبر، ومنْع الأذى والشر والضر.

 

وفي هذا السياق لفت النبي صلى الله عليه وآلهِ وسلم أنظار المسلمين في مناسبات عديدة إلى أن حقيقة الإيمان وكمال الإسلام، ليس في أن يقوم المرءُ بالشعائر التعبدية التي تختص به، وهي شعائر عظيمة عليها تقوم دعائم الإسلام؛ من مثل: الصلاة والزكاة والصيام والحج.

 

إن الأمر أوسع من ذلك، فلا يُكتفى ولا يُرتضى من المسلم أن يكون - على سبيل المثال - قائمًا بحقوق ربه في صلاة وزكاة وصيام وحج - وأنعِم بذلك - ثم يُفرِّط في حقوق الخلق، فإنه إن ظن أنه بذلك سيدخل جنة ربه بسلام، فقد فاتته الحقيقة، وأخطأ فَهْم الإسلام.

 

ولذا لَما عُرِض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم شأن واحدة من المسلمات، لَما عُرِج به إلى السماء، رآها تُعذب في النار مع أنها كانت مسلمة تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإنها عُذِّبت في النار لإخلالها بحقٍّ من الحقوق العظيمة، ليس لبني الإنسان فحسب، ولكن في شأن الحيوان، قال: ((رأيت امرأة تُعذَّب في النار في هِرَّة حبستها لا هي أطعمتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض))؛ يعني: حتى ماتت.

 

وحق الإنسان ولا شك أعظم وأجَلُّ، ومن جملة هذه الالتفاتات النبوية إلى أن يكون المسلم واعيًا لهذه الحقيقة الكبرى - ما ثبت في مسند الإمام أحمد عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع: ((ألا أُخبركم بالمؤمن؟ مَن أمِنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم مَن سلِم الناس من لسانه ويده، والمجاهد مَن جاهَد نفسه في طاعة الله، والمهاجر مَن هجَر الخطايا والذنوب))؛ هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وسنده جيد، وله أصل ثابت في الصحيحين؛ صحيح البخاري، وصحيح مسلم، من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجَر ما نهى الله عنه))، وجاء عند الإمام مسلم: ((المؤمن مَن أمِنه الناس على أموالهم وأعراضهم)).

 

إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد في هذا المقام العظيم، وهو حجة الوداع، والتي ودَّع الناس فيها، وأصَّل وأسَّس للحقوق الكبرى التي تقوم عليها مصالح البشرية.

 

نعم إنها حقوق عظمى، لو أخذت بها البشرية لسعِدت وكفَّت عن إضرار بعضها بعضًا.

إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُنبِّه إلى أمور كبرى في شأن الإيمان وفي شأن الإسلام، وفي شأن الجهاد والهجرة، إنما هذه المفاهيم واسعة تحمل المؤمن الحق على أن يكون قائمًا بها حق القيام.

 

((ألا أخبركم بالمؤمن؟ إنه من أمِنه الناس على أموالهم وأنفسهم)):

إن هذا المؤمن إنما يبلغ هذه الدرجة بعد صلته الوطيدة بربه جل وعلا، حينما يقوم بالفرائض ويُتبعها بالنوافل، فإنه لا بد أن يكون الناس آمنين من هذا الإنسان؛ لأنه لَما عظُمت صلته بربه، فهو يراقب الله في الناس، ولا يراقب أنظارهم.

 

لو هُيِّئ له أن يصل إلى أموالهم وإلى ما شاء من حقوقهم على غفلة منهم، وعلى خفاء من الأنظار، لكنه مع ذلك كله لا يقدم على هذا؛ لأنه يراقب ربه جل وعلا، ولذا عظَّم الله جل وعلا شأن الذين يخشونه بالغيب، وضاعَف أجورهم؛ كما دلَّت على ذلك نصوص الكتاب والسنة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12].

 

ثم تأمَّلوا واقعة من الوقائع التي عظَّم الله جل وعلا فيها شأن أولئك الذين يحفظون حقوق الآخرين ولو غابوا عنهم؛ كما جاء في قصة النفر الثلاثة الذين أطبقت الصخرة عليهم فمَ الغار الذي دخلوه، وكلٌّ منهم توسَّل إلى الله بصالح عمله، أعظم أعماله التي يرجو بها قبول إجابة دعائه.

 

كان منهم رجل لما اختلف مع آخر في شأن عمل استأجره عليه، واختلفا على الثمن، فصاحب العمل يقول: هذه قيمته، والأجير يقول: لا، إنه أكثر من ذلك، فذهب مغاضبًا وترك المال، فهل جحده وأخذه وأكَله؟

 

لقد أبقاه عنده ونمَّاه له، ولم يَزَل ينمو، فلما كان بعد حين، رجع هذا الرجل الأجير يقول لهذا الإنسان: أعطني مالي، قنعت أن آخذ الذي قلت لي من قبلُ، قال: انظر في هذا الوادي، فإن كل ما فيه من النَّعم من ماشية هو لك وحقك، إنه أصل مالك وهذا نَماؤه، قال: أتهزَأ بي، أتسخر بي، قال: لا والله، لا أسخر ولا أهزَأ، هذا مالك نما، وهو حقك، فأعطاه إياه وذهَب به يسوقه كله، قال: اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرِّج عنا ما نحن فيه، فأجاب الله دعاءه، وفرَّج عنه وعمن معه بدعواتهم الثلاث.

 

والشاهد هنا هذه المراقبة لمال هذا الإنسان مع أنه غاب عنه، ومع أنه أيضًا كان ضعيفًا مستأجرًا، وأيضًا مع أنه كان قد أخطأ حينما ذهب وترك الحق، كان بإمكان صاحب المال وصاحب العمل أن يقول: إنه نكص واستكبر، وذهب وترَك المال، وتأوُّل في التأوُّلات التي تقع من بعض الناس في زماننا في استحلال أموال الآخرين، لكنه مع ذلك راقَب الله جل وعلا.

 

((المؤمن من أمِنه الناس على أموالهم وأنفسهم)):

وهذه القضية الكبرى إنما ذُكِر المال قبلها - قبل النفوس - لأن الأكثر في أحوال الناس أن يكونوا ظالمين لبعضهم في شأن الأموال، الظلم فيما بينهم منتشر وكثير، وذلك بما تُزيِّنه لهم النفوس الأمَّارة بالسوء، ثم جاء العطف على شأن الأنفس والأرواح؛ لأنها معظَّمة في دين الإسلام، ولا يُقبل من أحد أي تأوُّل في استحلال أرواح الآخرين مهما كان المبرر، ولذا عظَّم الله شأن الدماء، وجاء فيها من الآيات الوعيد الشديد؛ فإن الله جل وعلا توعَّد القاتل ظلمًا بأنه غضِب عليه ولعَنه، وأنه في نار الجحيم.

 

نعم أيها الأخوة الكرام، هذه القضية حينما أبدى فيها كتاب الله وأعاد، وأبدى فيها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم وأعاد؛ لأنه وُجِد فيها من التساهل بها ما هو مشاهد في زماننا اليوم، وللأسف الشديد من ينظر في التاريخ يجد أن أولئك الذين يستحلون الأرواح بمبررات شرعية، هم أخطر من أولئك الذين يُجرمون بمبررات دنيوية؛ لأن الذين يقتلون الناس ظنًّا منهم أنهم مُحِقون في ذلك، أو بناءً على شُبهات معينة؛ بتكفير أو تفسيق، أو تبديع وإضلال - شرهم عظيم وخطرهم كبير، وهم الذين حذَّر منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووُصِفوا بأنهم الخوارج بخروجهم على شريعة الإسلام وأُمة الإسلام.

 

((المؤمن من أمِنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلِم الناس من لسانه ويده)):

إن المسلم الحق الذي بلغ في درجات وصف الإسلام منزلة عالية، هو من أتْبع أداءَ حقوق ربه أداءَ حقوق خلقه، فالناس منه في سلامة من لسانه ويده.

 

إنه قد يوجد من المسلمين من يكون محافظًا على فرائض الإسلام؛ صلوات في أوقاتها، ونوافل كريمة، وزكاة وصيام وحج، وأنواع من الطاعات، بل ربما بادَر إلى عون المحتاجين، لكنه مع ذلك لا يَسلَم من أن يُطلق لسانه في أعراض عباد الله - غيبة ونميمة، كذبًا وزورًا، فجورًا وتوسعًا في أعراضهم - وهذا ذنبٌ عظيم قد يؤدي بالإنسان إلى حتْفه؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر أن أكثر ما يدخل الناس النار (الفم والفرج)؛ يعني بذلك: اللسان وحديث الإنسان به، مع أنه قد عُلِم في دين الإسلام أنه: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

 

وهذا يوجب على المسلم أن يكون مراجعًا لنفسه قبل أن ينطق بالكلام، أن ينظر: هل هذا الكلام الذي يتفوَّه به خير ومصلحة وبِر، فينطق به؟

أما إن كان سوءًا، فواجب عليه أن يكفَّ عنه، أما إن لم يتبيَّن هو خير أو شر، فإن من حُسن إسلام المرء، ومن مقتضيات إيمانه بالله واليوم الآخر - أن يقول خيرًا أو يصمت؛ ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت))، ما لم يترجَّح لديه الخير في قوله، فإنه يجب عليه أن يصمت ولا يتحدث.

 

إن الكلام يُورد الإنسان موارد الهلكة في الدنيا والآخرة، ولذا كما جاء في حديث معاذ رضي الله عنه لَمَّا حدَّث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشأن أصول الإسلام العظيمة، ثم قال: ((ألا أُخبرك بملاك ذلك كله؟))، الصلاة والجهاد، وقيام الليل، وعبادات عظمى، ((ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟))، قال: بلى يا رسول الله، قال: ((كُفَّ عنك هذا))، وأشار إلى لسان نفسه عليه الصلاة والسلام، قال معاذ رضي الله عنه: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ قال ذلك لَمَّا كان العلم ليس كثيرًا لديه رضي الله عنه، وكان يتعلم من النبي عليه الصلاة والسلام، وإنا لمؤاخذون به بما نتكلم به يا رسول الله؟ قال: ((ثكَلتْك أُمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم؟!)).

 

هل يؤدي بالناس إلى النار إلا ما يكون من حصاد الألسن، حينما تتحدث بكذب أو غيبة أو نميمة، أو غير ذلك من البهتان، فكم من كلمة أوردت الإنسان هلكة أدخلته النار! نعوذ بالله من ذلك.

 

ولذا كما ثبت في الصحيحين لَمَّا مرَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقبرين، فأوحى الله إليه، وأتاح له أن يسمع ما يَصدُر من هذين القبرين، قال: ((إنهما ليُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير - بلى إنه كبير - أما أحدهما فكان يمشي بين الناس بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يَستتر من بوله))، وفي رواية: ((لا يَستنزه من بوله)).

 

وهذان القبران صاحباهما مسلمان بدليل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلَب من بعض الصحابة رضي الله عنهم أن يجعل على قبريهما جريدة نخلٍ شقَّها بينهما، قال: ((لعله أن يُخفِّف عنهما ما لم يَيبَسا)).

 

إنما خُفِّف عنهما؛ لأنهما مسلمان بشفاعة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، والشاهد: ((إنهما ليُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير))، في نظرهما أو فيما يشق عليهما الاحتراز منه، بلى إنه كبير عند الله: ((أما أحدهما فيمشي بين الناس بالنميمة)).

 

فالمسلم من سلِم الناس من لسانه ويده، وتأمَّل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الناس"، وليس المسلمون فحسب كما في رواية أخرى.

 

والقاعدة في هذا الباب أن هذا النص وهذا الحق محفوظ ومحترم لكل أحد له حقٌّ - مسلمًا كان أو كافرًا - والمسلم من سلِم الناس من لسانه ويده.

 

وهكذا أيضًا ما قد يكون من أذية الآخرين، وهنا عبَّر باليد، وقد تكون الأذية معنوية بأن يأمر هو أو يتسبَّب لأحدٍ بالشر والضر، فالمسلم لا يبلغ درجة الإسلام العالية، حتى يكون محافظًا على حقوق الخلق كما أدَّى حقوق الحق جل وعلا.

 

((والمجاهد مَن جاهَد نفسه في طاعة الله)):

إن الجهاد الذي هو ذِروة سنام الإسلام، والذي له من الفضل في دين الإسلام ما لا يَخفى - إنما يكون ويتحقق، ويكون مرضيًّا عند الله إذا كان الإنسان قبل ذلك مجاهدًا نفسه في طاعة الله؛ لأن الطاعة ليست شيئًا سهلًا هيِّنًا، بل لا بد من مجاهدة، ولا بد من صبر ومصابرة؛ لأن فيها مخالفة الهوى، فمن استقام على هذه الجادة، فهو المجاهد على الحقيقة.

 

((والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)):

نعم إن الهجرة شأنها عظيم في دين الإسلام، وحقيقتها كما يقول العلماء: هي مغادرة الإنسان ومفارقته لدار الكفر التي لا يستطيع فيها إقامة دينه إلى دار الإسلام التي يستطيع فيه إقامة شعائر دينه، فقد يوجد في بعض الأحوال أن المسلم يكون في دار يُحارَب فيها في دينه، ولا يستطيع فيها إظهار الشعائر، فالواجب عليه أن يذهب إلى بلد يتمكن فيها من إقامة شعائر الله الظاهرة.

 

وهناك نوع آخر وهو الذي يشير إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا، وهي هجرة الحال، فثمَّت هجرة المكان، وهي التي قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عنها: ((لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها)).

 

ثمت نوع آخر من الهجرة، وهي هجرة الحال السيئة - حال الذنوب والعصيان - فالمهاجر من هجر الخطايا والذنوب؛ ولذلك لَمَّا وجَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا الخطاب للمهاجرين وللأنصار، ولأهل الإسلام في كل زمان ومكان أن يَهجروا الخطايا والذنوب، فهذه أعظم هجرة يترحَّل بها المؤمن من حال الذنب والعصيان إلى حال طاعة الرحمن.

 

فهذه القضايا الكبرى حين نبَّه إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يتحقق بها الخير للمؤمن ولمن حوله، هكذا أخبرنا فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع: ((ألا أُخبركم بالمؤمن؟ مَن أمِنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم مَن سلِم الناس من لسانه ويده، والمجاهد مَن جاهَد نفسه في طاعة الله، والمهاجر مَن هجَر الخطايا والذنوب)).

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعني وإياكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

♦♦♦♦


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ:

أيها الأخوة الكرام، إن هذه القضايا الكبرى التي تقدَّمت الإشارة إليها، والتي تدور حول حقوق الآخرين ورعايتها، والحذر من الإخلال بها - أمرٌ كما تقدَّم قد أبدت فيه نصوص القرآن والسنة وأعادت؛ جاءت الترغيب في الإحسان إلى الآخرين، وتعظيم الأجور لمن بادَر في ذلك، كما جاء التحذير الشديد والوعيد الأكيد في شأن مَن أخَلَّ بحقوق الآخرين، وتأمَّلوا إن شئتم هذا الحديث الذي ينبغي أن يكون حاضرًا بين ناظري المسلم في كل صباح يوم وكل مساء ليلة؛ قال عليه الصلاة والسلام مخاطبًا الصحابة رضي الله عنهم، ومخاطبًا أُمته إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومَن عليها: ((ما تعدون المفلس فيكم؟))، ما هي حقيقة الإفلاس؟ والإفلاس كما يعرفه عامة الناس، ويؤكده المختصون: هو أن يكون الإنسان بين عشية وضحاها ليس في يده شيء من مال، هكذا قال الصحابة: "المفلس فينا مَن لا درهمَ له ولا دينار"، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لكن المفلس من أُمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام))، يأتي بعبادات عظمى وشعائر كبرى، لكن قال: ((ويأتي وقد ضرَب هذا، وسفَك دمَ هذا، وأخذ مال هذا، فيؤخذ لهذا من حسناته، ولهذا من حسناته، ولهذا من حسناته)).

 

يكون القصاص بالعملة الدارجة، وهي أن يؤخذ من حسنات هذا المصلي المزكي، الصائم الحاج لأولئك الذين انتهك حقوقهم، ((فإن فَنِيتْ حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخِذ من سيئاتهم، ثم طُرِحت عليه، ثم طُرِح في النار)).

 

هذا هو الإفلاس الحقيقي حينما يظن الإنسان أنه إن أقام الشعائر التعبدية للخالق جل وعلا، لكنه أهدر حقوق الخلق - أنه سالم يوم القيامة، فيقال له: لا؛ إن ثمت حقوقًا للخلق؛ فكما أمر الله بالصلاة، أمر بحفظ حقوق الآخرين؛ بر الوالدين، صلة الأرحام، الإحسان إلى الجار، إلى غير ذلك من حقوق الخلق التي مَن راعاها عظَّم الله له الأجور.

 

ولذلك فإن المتعين على المسلم أن يكون مراجعًا لنفسه: هل ظلم أحدًا؟ هل أخلَّ بحق أحد؟ فينبغي أن تكون المحاسبة والقصاص هنا في الدنيا قبل الآخرة، وهذا ما نبَّه إليه النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: ((مَن كان له على أخيه مظلمة، فليَتحلله اليوم))؛ إما بأن يطلب السماح منه، أو يرد هذا الحق، لماذا؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم))؛ يعني: إنما هي الحسنات التي يحصل بها القِصاص، وينبغي للمؤمن كما تقدَّم أن يكون مراجعًا لنفسه في هذه الحقوق قبل أن يَندمَ ولات ساعة مندم!

 

وما أحسَن ما قاله الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله: "رحِم الله امْرأً أقبل على شأنه، وقصَّر من لسانه، وأقبلَ على تلاوة قرآنه، وبكى على زمانه، وعبَد الله قبل أن يَبغتَه الأجلُ"!

 

فنسأل الله جل وعلا أن يُثبتنا على الحق، وأن يُعيذنا من ظلم الخلق، إن ربي سميع قريب مجيب.

 

ألا وصلوا وسلموا على خير الخلق نبيِّنا محمدٍ؛ فقد أمرنا ربُّنا بذلك، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم وارضَ عن خلفائه الراشدين - أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي - وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربَّوْنا صغارًا، ربنا هبْ لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرة أعينٍ، واجعلنا للمتقين إمامًا.

 

اللهم بمنِّك وفضلك، لا تدَع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا كربًا إلا نفَّسته، ولا دَينًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا مذنبًا إلا إليك ردَدته، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذِل الكفر والكافرين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.

 

اللهم إن بأُمة نبيِّك محمد عليه الصلاة والسلام من الفُرقة والخلاف، ومن الضَّعف وتسلُّط الأعداء، ومِن سفْك الدماء، وأنواع الأدواء - ما لا يعلمه إلا أنت، ولا يَقدِر على كشفه إلا أنت، فنسألك اللهم فرَجًا للمسلمين في كل مكان.

 

اللهم إنا نسألك فرجًا عاجلًا قريبًا للمسلمين في كل مكان، اللهم فرِّج همَّ المهمومين، ونفِّس كرب المكروبين، واقضِ الدَّيْن عن المدينين.

 

اللهم إنا نسألك الأمن والطُّمأنينة في بلادنا، اللهم أدِمْ علينا الخيرات، واكْفَنا الشرور والفتن والْمُلِمَّات.

 

اللهم أصلح أئمَّتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق ولي أمرنا ونائِبَيْه لما فيه خير البلاد والعباد يا رب العالمين.


اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واكْفِهم شرارهم يا رب العالمين.

 

اللهم عجِّل بالفرج وحُسن الحال لإخواننا في سوريا، اللهم احقن دماءهم، اللهم احمِ أعراضهم، اللهم بدِّل خوفهم أمنًا، وفُرقتهم اجتماعًا، اللهم عجِّل لهم بهلاك طاغية الشام وأعوانه وجنده يا قوي يا عزيز.

 

اللهم احقن دماء المسلمين في ليبيا ومصر والعراق وفي اليمن، وغيرها من البلاد يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.

 

سبحانك ربك ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • متى نخوف الناس؟
  • قضاء حوائج الناس
  • مجالس الناس

مختارات من الشبكة

  • نشأة القاعدة النحوية وتطورها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المسلم من سلم الناس من لسانه ويده: قواعد في حفظ الحقوق(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • المسلم من سلم الناس من لسانه ويده (قواعد في حفظ الحقوق)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • ‏حديث " المسلِم من سلِم النَّاسُ من لسانه ويده" قواعد في حفظ الحقوق(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تعريف القاعدة الفقهية لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة القواعد والضوابط المفيدة في مسائل وقضايا المنهج والعقيدة (1) قواعد منهجية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • قواعد قرآنية: 50 قاعدة قرآنية في النفس والحياة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القواعد من المجموع المذهب في قواعد المذهب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • بعض قواعد المال وفن إدارته وحفظه من الضياع وحصول البركة فيه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب