• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. علي أبو البصل / مقالات
علامة باركود

أسباب الغبن لدى الفقهاء

أسباب الغبن لدى الفقهاء
أ. د. علي أبو البصل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/3/2015 ميلادي - 24/5/1436 هجري

الزيارات: 30399

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسباب الغبن لدى الفقهاء


أسباب الغبن لدى الفقهاء كثيرة، منها:

أولاً: تلقي الركبان: وهم جمع راكب، وهو في الأصل راكب البعير، ثم اتسع فيه فأطلق على كل راكب، والمراد به هنا: القادمون من السفر بالسلع وعُروض التجارة.

 

واختلف الفقهاء في ثبوت الخيار مع اتفاقهم على الإثم والمعصية على النحو الآتي:

أ - ذهب جمهور الفقهاء - ومنهم الشافعية والحنابلة وقول للمالكية - إلى القول بخيار الفسخ للمغبون بشروط، هي:

1 - أن يعلم النهي ويقصد التلقي.

2 - أن يكون الشراء بأرخص من سعر البلد.

3 - ثبوت الضرر والغبن الفاحش.

4 - أن يرد السوق وتكون السلعة قائمة.

 

قال ابن قدامة: (فإن تُلُقُّوا واشتُرِي منهم، فهم بالخيار إذا دخلوا السوق وعرفوا أنهم قد غُبنوا، إن أحبوا أن يفسخوا البيع فسخوا؛ روي أنهم كانوا يتلقون الأجلاب، فيشترون منهم الأمتعة قبل أن تهبط الأسواق، فربما غبنوهم غبنًا بينًا فيضرُّونهم، وربما أضروا بأهل البلد)[1].

 

واستدلوا على رأيهم هذا بما روي عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى أن تتلقى السلع حتى تبلغ الأسواق)[2]، وبما رُوِي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تلقَّوُا الأجلاب، فمن تلقى منه شيئًا فاشترى، فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق))[3].

 

ب - ذهب الحنفية وقول للمالكية إلى القول بصحة العقد، وعدم الخيار، مع المعصية والإثم.

 

قال ابن رشد: (فاختلفوا في مفهوم النهي، ما هو؟ فرأى مالك أن المقصود بذلك أهل الأسواق؛ لئلا ينفرد المتلقي برخص السلعة دون أهل الأسواق، ورأى أنه لا يجوز أن يشتري أحد سلعة حتى تدخل السوق، هذا إذا كان التلقي قريبًا، فإن كان بعيدًا فلا بأس به... ورأى أنه إن وقع جاز، ولكن يشرك المشتري أهل الأسواق في تلك السلعة، التي من شأنها أن يكون ذلك سوقها، وأما الشافعي فقال: إن المقصود بالنهي إنما هو لأجل البائع؛ لئلا يغبنه المتلقي؛ لأن البائع يجهل سعر البلد، وكان يقول: إذا وقع فربُّ السلعة بالخيار، إن شاء أنفَذ البيع أو ردَّه).

 

ج - ذهب الظاهرية إلى منع التلقي مطلقًا؛ عملاً بظاهر الأدلة الواردة في المسألة، وعدم تعليلها؛ لأنهم لا يقولون بالتعليل، قال ابن حزم: (ولا يحل لأحد تلقي الجلب، سواء خرج لذلك أو كان ساكنًا على طريق الجلاب، وسواء بعُد موضع تلقيه أم قرُب، ولو أنه على السوق على ذراع فصاعدًا، لا لأضحية ولا لقوت، ولا لغير ذلك، أضر ذلك بالناس أو لم يضر، فمن تلقى جلبًا، أي شيء كان، فاشتراه، فإن الجالب بالخيار إذا دخل السوق متى ما دخله، ولو بعد أعوام، في إمضاء البيع أو رده، فإن ردَّه حكم فيه بالحكم في البيع برد العيب لا في المأخوذ بغير حق، ولا يكون رضا الجالب إلا بأن يلفظ بالرضا، لا بأن يسكت، علم أو لم يعلم، فإن مات المشتري فالخيار للبائع باقٍ، فإن مات البائع قبل أن يرد أو يمضي فالبيع تام)[4].

 

وأنا أميل إلى رأي الجمهور؛ لقوة أدلتهم، دفعًا للضرر الواقع أو المتوقع؛ لأن الضرر يدفع بقدر الإمكان شرعًا وعقلاً وواقعًا.

 

ثانيًا: النجش: بفتح النون وسكون الجيم: هو الزيادة في ثمن السلعة الحقيقي للتغرير، والناجش: هو الذي يزيد في السلعة على ثمنها الحقيقي، لا لإرادة شرائها، بل ليغر غيره بالزيادة ليقتدي به المشتري، فيشتريه، وهو في الأصل تنفير الصيد وإثارته من مكانه ليصاد، ومنه قيل لصياد: ناجش؛ فالنجش خَتَلٌ وخديعة.

 

وقد اتفق الفقهاء على منع وتحريم النجش عملاً بما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النجش)[5].

 

وما رواه سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لا تناجشوا))[6].

 

واختلف الفقهاء في حكم بيع النجش إذا وقع إلى قولين:

الأول: ذهب جمهور الفقهاء، ومنهم المالكية والحنابلة والظاهرية وقول للشافعية، إلى القول بصحة العقد مع الإثم، وثبوت الخيار للمشتري، إن شاء أن يرد رد، وإن شاء أن يُمسِك أمسَك، إذا تحققت الشروط الآتية:

1 - أن يحصل اتفاق بين البائع والناجش، فيكون التدليس والتغرير.

 

2 - أن يترتب على النجش غبنٌ فاحش.

 

3 - أن يكون المشتري جاهلاً بالنجش، فلو كان عارفًا واغترَّ بذلك، فلا خيار له؛ لعجَلته وعدم تأمُّله.

 

4 - ألا يتصرف المغبونُ فيما غُبِن فيه تصُّرف الملاك، بعد اطلاعه على وجود غبنٍ فاحش؛ كأن يبيعه مثلاً.

 

واستدل الجمهور على ذلك بقولهم: إن هذا تدليس وتغرير وجب أن يثبت الخيار كسائر العيوب.

 

والثاني: ذهب الحنفية والشافعية إلى صحة العقد ولزومه مع الإثم، ولا خيار للمشتري؛ لأنه مقصِّر ومهمل، والنهي لمعنى في غير المبيع، وإنما هو للخديعة، فلم يمنع صحة العقد، قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: (ومن اشترى وقد نجش غيره بأمر صاحب السلعة أو غير أمره، لزمه الشراء كما يلزم من لا ينجش عليه؛ لأن البيع جائز، لا يفسده معصية رجل نجش عليه)[7].

 

ودليلهم في عدم ثبوت الخيار: أن الخيار يثبت بما يكون بالمبيع، وهذا ليس كذلك، وللمشتري حكم نفسه فيما يشتريه دون حكم غيره، فإذا اشترى مضى شراؤُه.

 

قال ابن رشد: (وسبب الخلاف: هل يتضمن النهي فساد المنهي عنه وإن كان النهي ليس في نفس الشيء بل من خارج؟ فمن قال: يتضمن فسخ البيع لم يجزه، ومن قال: ليس يتضمن أجازه).

 

ثالثًا: التغرير: توصيف المَبيع للمشتري بغير صفته الحقيقية.

والتغرير خداع، ويقال للخادع: غارٌّ، وللمخدوع: مغرور؛ كأن يقول البائع للمشتري: إن مالي يساوي كذا وهو لا يساوي ذلك، فخذه، أو يقول المشتري للبائع: إن مالك لا يساوي أكثر من كذا، وهو يساوي أكثر من ذلك، فبِعْه لي به.

 

وقد ذهب جمهورُ الفقهاء إلى حرمة الكذب في التعريف بالثمن، ويثبت الخيار بين أن يمسك بجميع الثمن أو يرده، وقال الحنفية بعدم الرد، والمفتى به لدى الحنفية: الرد بسبب الغبن والتغرير، وهذا ما يسمَّى بخيار الغبن والتغرير.

 

وقد أخذت المجلة برأي الجمهور، والمفتى به لدى الحنفية، وأثبتت الخيار بالغبن الفاحش المتولد عن التغرير في المادة (357)، وجاء فيها: إذا غرَّ أحد المتبايعين الآخر، وتحقق أن في البيع غبنًا فاحشًا، فللمغبون أن يفسخ البيع حينئذ، وهذا يشمل الدلاَّل الذي يعمل بالتواطؤ مع البائع[8].

 

رابعًا: الغش والتدليس: الغش يستلزم تغرير الناس وأكل أموالهم بالباطل؛ حيث يعمد بعض الناس إلى استخدام الغش للحصول على بدل أعلى للسلعة أو الخدمة، وهو من الوسائل المنتشرة قديمًا وحديثًا للحصول على الربح السريع للبائع، والغبن الفاحش للمشتري، والغش يرجع إلى المبيع بإظهار حُسنه، وإخفاء قُبحه، أو تكثيره بما ليس منه، أو أن يدخل في الأمر ما ليس منه، ونحو ذلك، يقال: غش صاحبه غِشًّا: زين له غير المصلحة، وأظهر له غير ما يضمر، والغِش ليس من أفعال المؤمنين وأوصافهم، بل النصحُ مِن أوصافهم، وهو ضد الغش؛ لأنه تصفية العمل من شوائبِ الفساد.

 

والغرور: إظهار النصح مع إبطان الغش.

إذا ثبت هذا، فمن ملك عينًا وعلم بها عيبًا، وأراد بيعها، وجب عليه أن يبينه، فإن لم يفعل أثِم بذلك؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا فيه عيب إلا بيَّنه له))[9].

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من باع عيبًا لم يبيِّنه لم يزل في مقتِ الله، ولم تزَلِ الملائكة تلعنه))[10].

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا))[11].

 

ومر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على صُبرةِ طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: ((ما هذا يا صاحبَ الطعام؟))، قال: أصابَتْه السماء يا رسول الله، قال: ((أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، مَن غشَّ فليس منا))[12].

 

واختلف الفقهاء في حكم التصرف إذا وقع مع الغش والتدليس إلى قولين:

الأول: ذهب جمهور الفقهاء إلى ثبوت الخيار بالغش والتدليس بين الرد وفسخ التصرف، وبين الإمساك، ومنهم المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية، وبه قال ابن مسعود، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى، وأبو يوسف من الحنفية.

 

ودليلهم في ذلك ما روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعدُ فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبَها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعَ تمرٍ)[13].

 

ففي هذا الخبر خمسة أدلة:

أ - التدليس محرم؛ لأنه نهى عن التصرية، وهي تدليس.

ب - التصرية عيب.

ج - بيع المَعِيب جائز.

د - الرد بالعيب جائز.

هـ - يجب رد بدل المصرَّاة.

 

والتصرية: ربط ضرع الناقة أو الشاة، وترك حلبها اليومين أو الثلاثة حتى يجتمع اللبن، ويوهم ذلك أن الحيوان ذو لبن غزير.

 

والمصرَّاة التي صُرِّي لبنها وحُقِن فيها وجمع فلم يحلب أيامًا، وأصل التصرية: حبس الماء، يقال: صريت الماء إذا حبسته.

 

والمحفَّلة: الناقة أو البقرة أو الشاة لا يحلبها صاحبها أيامًا حتى يجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري وجدها غزيرة، فزاد في ثمنها، فإذا حلبها بعد ذلك وجدها ناقصة اللبن عما حلبه أيام تحفيلها، والمحفَّلة والمصرَّاة واحدة[14].

 

والثاني: ذهب الحنفية إلى صحة العقد مع الإثم، وعدم ثبوت الخيار؛ لأن التصرية ليست عيبًا؛ للاتفاق على أن الإنسان إذا اشترى شاة فخرج لبنها قليلاً أن ذلك ليس بعيب، وقالوا في حديث المصراة بأنه مخالف للقياس الثابت بالكتاب والسنة والإجماع من أن ضمان العدوان بالمثل أو القيمة، والتمر ليس منهما؛ فكان مخالفًا للقياس، فلم يعمل به لما مر، وهو منسوخٌ بالحديث الوارد في أن الخراج بالضمان، والغلة بالضمان، فيرد قيمة اللبن عند أبي يوسف، وقال أبو حنيفة: يرجع على البائع بأَرْشِها؛ أي: بقيمة النقص[15].

 

خامسًا: بيع حاضر لباد: القرى الصغيرة المسكونة التي لا يفارقها أهلها تكون في نواحي المدينة العظيمة، فيقدَم بعض أهل القرى الصغار إلى أهل المدينة بالسلعة، فيبيعها لهم أهل المدينة، وكان الإمام مالك يقول: تفسير ذلك: أهل البادية وأهل القرى، وأما أهل المدائن من أهل الريف فإنه ليس بالبيع لهم بأس ممن يرى أنه يعرف السَّوم، إلا أنه من كان يشبه البادية منهم فإني لا أحب أن يبيع لهم حاضرٌ.

 

والبادي هنا: مَن يدخل البلدة من غير أهلها، سواء كان بدويًّا أو من قرية أو بلدة أخرى، والمعنى: والعلة في ذلك: أنه متى ترك يبيع سلعته اشتراها الناس برخص، وفي هذا توسعة على أهل السوق بعيدًا عن استغلال السماسرة، وإذا تولى الحاضر أو السمسار بيعها ارتفع السعر، وضاق ذلك على أهل البلد.

 

وقد اتفق الفقهاء على حرمة هذا البيع بأربعة شروط:

1 - أن يكون الحاضر قصد البادي ليتولى البيع له، وليس العكس.

2 - أن يكون البادي جاهلاً بالسعر، فإذا كان عارفًا لم يحرم.

3 - أن يجلب البدوي السلعة إلى السوق ليبيعها بسعر يومها.

4 - أن يكون بالناس حاجة للسلعة، وضيَّق الوسيط أو السمسار أو الحاضر عليهم في تأخير بيعها مستغلاًّ حاجتهم؛ لرفع سعرها وبيعها لهم بالغبن الفاحش.

 

فمتى اختل منها شرط لم يحرم البيع فيما ترجح لدى جماهير الفقهاء، بخلاف من منع وحرم ذلك مطلقًا، ومنهم الظاهرية.

 

وقد استدل الفقهاء على التحريم بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (نهى أن يبيع حاضر لباد)، وفي رواية قال طاوس لابن عباس: ما قوله: ((حاضر لبادٍ))؟ قال: لا يكن له سمسارًا، وفي رواية: ((لا يبِعْ حاضرٌ لبادٍ، دعُوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض))، وفي رواية عن أنس: (نهينا أن يبيع حاضر لباد، وإن كان أخاه أو أباه)[16].

 

وإذا خالف الحاضر وباع للبادي، اختلف الفقهاء في صحة البيع مع التحريم إلى قولين:

الأول: البيع صحيح مع الإثم؛ لأن النهي لا يعود إلى معنى في البيع، وإنما لمعنى في غير البيع، وهو الإضرار بأهل البلد، وبه قال الحنفية والشافعية وجماعة من المالكية، وقول للحنابلة.

 

والثاني: البيع فاسد، ويجب فسخه؛ لعموم النهي الوارد في ذلك، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، وبه قال الحنابلة وبعض المالكية والظاهرية.

 

سادسًا: الضرورة، يضطر الإنسان إلى طعام أو شراب أو لباس أو دواء أو مسكن أو غيرها، ولا يبيعها البائع إلا بأكثرَ من ثمنها بكثير، وكذلك في الشراء منه، وهذا غبن فاحش، سببه الضرورة، وأصبح الرضا معها مَعيبًا؛ لأن النفس لا تطيبُ مع الإكراه والاستغلال.

 

وقد اتفق الفقهاءُ على حرمة هذا البيع مع القول ببطلانه وفساده، مع مراعاة خلاف الحنفية مع الجمهور في الفساد والبطلان، فلا فرق بينهما قبل القبض، ويظهر الفرق بعد القبض، فالباطل لا أثر له، والفاسد يجب فسخُه مع الإثم، وإذا استهلك تثبت الملكية بالقيمة لا بالثمن.

 

واستدل الفقهاءُ على حرمة بيع المضطر وشرائه بأدلة، منها[17]:

قوله تعالى: ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85]، وقوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ [المطففين: 1]، قال ابن عبدالبر: (وأما بخسُ المكيال والميزان فمن الحرام البيِّن والمنكَر)[18].

 

وعن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لألقيَنَّ الله عز وجل من قبل أن أعطي أحدًا من مال أحد شيئًا بغير طِيب نفسه، إنما البيع عن تراضٍ)[19].

 

ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر، وعن بيع الثمرة قبل أن تطعم)[20].

 

سابعًا: الاحتكار، الحكر: ادخار الطعام للتربص، وصاحبه محتكر، والاحتكار: جمع الطعام ونحوه مما يؤكل، واحتباسه، انتظار وقت الغلاء به[21].

 

وصورة ذلك: أن يشتري الإنسانُ من الطعام ما لا يحتاج إليه في حال ضيقه وغلائه على الناس، فيحبسه عنهم؛ ليزداد في ثمنه.

 

وقد اتفق الفقهاء على كراهة الاحتكار وتحريمه إذا استجمع الشرائط الآتية:

أ - أن يتم شراء الشيء من السوق، فأما المستورد من خارج السوق أو ما ينتجه الشخص من مزرعته أو مصنعه، فيخزنه ويدخره، لم يكُنْ محتكرًا بذلك، إلا أن يكون بالناس ضرورة، وعنده ما يفضل عن قوته وقوت عياله سنة، فيجب عليه بيع الفضل، فإن لم يفعل أجبَره السلطان على ذلك بقيمته دون شطط أو وكس؛ لأن في ذلك نفعًا للناس من غير ضرورة عليه.

 

والجالب أو المستورد لا يضيِّق على أحد، بل ينفع؛ فإن الناس إذا علِموا عنده طعامًا معدًّا للبيع، كان ذلك أطيبَ لقلوبهم من عدمه.

 

واستدل الفقهاء على ذلك بما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون))[22].

 

ب - أن يكون المشترَى قوتًا تتعلَّقُ به الحاجة؛ كالقمح والسكر، فإن كان مما لا تعُمُّ الحاجة إليه فيجوز أن يخزن ويدخر.

 

قال ابن حزم: (فصح أن إمساكَ ما لا بد منه مباح، والشراء مباح، والمذكور بالذم هو غير المباح بلا شك)[23].

 

وقال النووي: (قال أصحابنا: الاحتكار المحرم هو الاحتكار في الأقوات خاصة، وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو ثمنه، فأما إذا جاء من قريته أو اشتراه في وقت الرخص وادخره أو ابتاعه في وقت الغلاء لحاجته إلى أكله أو ابتاعه ليبيعه في وقته - فليس باحتكار، ولا تحريمَ فيه، وأما غير الأقوات فلا يحرم الاحتكار فيه بكل حال، هذا تفصيل مذهبنا، قال العلماء: والحكمة في تحريم الاحتكار دفعُ الضرر عن عامة الناس، كما أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعام، واضطر الناس إليه، ولم يجدوا غيره، أجبِر على بيعه؛ دفعًا للضرر عن الناس)[24].

 

ج - أن يضيق على الناس بشرائه، ويلحق بهم ضررًا.

والأصل أن الإمساك مباح حتى يقوم دليل بالمنع من شيء منه، فهو المذموم حينئذ، يحصل ذلك في بلد يضيق بأهله الاحتكار، كالقرى والمدن الصغيرة، أما البلاد الكبيرة الواسعة التي يكثر فيها الجلب والمرافق، فلا يحرم فيها الإمساك، إلا إذا تواطأ التجار على ذلك، وترتب على ذلك ضرر بالناس[25].

 

ويؤمر المحتكر بالبيع؛ إزالة للظلم، لكن إنما يؤمر ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله، فإن لم يفعل وأصرَّ على الاحتكار ورفع الأمر إلى الحاكم مرة أخرى، وهو مصرٌّ عليه، فإن الحاكم يعِظُه ويهدده، فإن لم يفعل ورفع إليه مرة ثالثة يحبسه ويعزره ويجبَر على البيع لدى جماهير الفقهاء ومحمد بن الحنفية، وقال الحنفية: لا يجبر؛ لأن الجبر على البيع في معنى الحجر[26].

 

ورأي الجمهور أَولى بالقبول والاتباع؛ تحقيقًا للمصلحة، ودفعًا للمفسدة؛ لأن التساوي في اقتصاديات العقد عدالة لطرَفي العقد.

 

واستدل الفقهاء على تحريم الاحتكار بأدلة، منها:

قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

جلب السلع والخدمات للبلاد من خارجها يدخل في عموم التعاون على البر، فيكون مطلوبًا أو مباحًا وفق الحاجة والمصلحة، والاحتكار يدخل في عموم التعاون على الإثم، فيكون حرامًا.

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن احتكر فهو خاطئ))، والخاطئ بالهمز: هو العاصي الآثم[27].

 

وعن مالك: أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لا حُكرةَ في سوقنا، لا يعمِد رجال بأيديهم فضولٌ من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا، ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء والصيف، فذلك ضيف عمر، فليبِعْ كيف شاء الله، وليمسك كيف شاء الله)[28]؛ أي: بالحق والعدل الذي لا وكس فيه ولا شطط، والفضول: السيولة النقدية الزائدة، والأذهاب: جمع ذهب، وعمود كبده: مشقة النقل، كأنه ينقل السلعة على ظهره؛ لأنه عند الحمل يمسك بطنه ويقويه، فصار كالعمود له، وهذا مَثَل يدل على تعب ومشقة جلب الشيء ونقله.



[1] المغني (4/ 152).

[2] صحيح مسلم (3/ 1156)، باب تحريم تلقي الجلب، رقم 1517.

[3] سنن ابن ماجه (2/ 735)، باب النهي عن تلقي الأجلاب، رقم 2187.

[4] المحلى (7/ 374).

[5] صحيح البخاري (2/ 753)، باب النجش، رقم 2035.

[6] سنن أبي داود (3/ 269)، باب النهي عن النجش، رقم 3438.

[7] الأم (3/ 91).

[8] حاشية ابن عابدين (7/ 363)، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/ 369)، والقوانين الفقهية ص287، وروضة الطالبين (7/ 187).

[9] سنن ابن ماجه (2/ 755)، باب من باع عيبًا فبينه، رقم 2246.

[10] سنن ابن ماجه (2/ 755)، باب من باع عيبًا فبينه، رقم 2246.

[11] صحيح مسلم (1/ 99)، باب من غشنا، رقم 101.

[12] صحيح مسلم (1/ 99)، باب من غشنا، رقم 102.

[13] صحيح البخاري (2/ 755)، باب النهي للبائع ألا يحفِّل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة، رقم 2041.

[14] البيان شرح كتاب المهذب (5/ 278)، وبداية المجتهد (5/ 36)، ولسان العرب (11/ 157).

[15] حاشية ابن عابدين (7/ 223)، والاستذكار (6/ 535).

[16] شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 164)، باب تحريم بيع الحاضر للبادي، رقم 1520.

[17] حاشية ابن عابدين (7/ 247)، والقوانين الفقهية ص270، والمحلى (7/ 359)، ومقدمات ابن رشد (9/ 3088).

[18] الاستذكار (6/ 541).

[19] سنن البيهقي الكبرى (6/ 17)، باب ما جاء في بيع المضطر وبيع المكره، رقم 10858.

[20] سنن البيهقي الكبرى (6/ 17)، باب ما جاء في بيع المضطر وبيع المكره، رقم 10859.

[21] لسان العرب (4/ 208)، والتعريفات ص26.

[22] سنن ابن ماجه ص 728، باب الحكرة والجلب، رقم 2153.

[23] المحلى (7/ 573).

[24] شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 43).

[25] بدائع الصنائع (6/ 515) وما بعدها، والاستذكار (6/ 409)، والبيان (5/ 357)، والمغني (6/ 317)، والمحلى (7/ 572)، والبحر الزخار (4/ 510)، وشرح كتاب النيل (8/ 174) وما بعدها.

[26] البدائع (6/ 517)، والبيان (5/ 357)، وشرح كتاب النيل (8/ 179)، والبحر الزخار (4/ 511).

[27] شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 43)، باب تحريم الاحتكار في الأقوات، رقم 1605.

[28] موطأ مالك (2/ 651)، باب الحكرة والتربص، رقم 1327.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقدمة في تعريف الغبن
  • أنواع الغبن
  • أحكام الغبن الفاحش
  • الغبن في المبيع بزيادة الناجش والمسترسل
  • تعريف الغبن في اللغة والفقه والقانون

مختارات من الشبكة

  • نتائج وتوصيات متعلقة بخيار الغبن ودوره في منع التضخم(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • التوحيد في سورة التغابن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغبن LESION(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • مجال إعمال الغبن وحدوده(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • تطور فكرة الغبن(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • خيار الغبن ودوره في منع التضخم - دراسة فقهية مقارنة (PDF)(كتاب - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الإعاقة البصرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب المشكلات لدى المراهقين(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب