• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. حسني حمدان الدسوقي حمامة / بحوث ودراسات
علامة باركود

اليخضور أساس الطاقة

اليخضور أساس الطاقة
د. حسني حمدان الدسوقي حمامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/6/2014 ميلادي - 29/8/1435 هجري

الزيارات: 22027

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عصور الحضارة في القرآن (1)

اليخضور أساس الطاقة


﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ﴾ [يس: 80]

من عجيب القرآن أنه أشار بوضوح إلى العصور الرئيسية التي مرت بها حضارة البشر على مر التاريخ؛ مثل: عصر الفحم، وعصر الذرة، وعصر غزو الفضاء، وعصر ثورة علوم الحياة.

 

وفي بداية الحديث عن عصر الطاقة في إشارات القرآن الكريم، نطرح السؤال التالي: ما هي قدّاحة العرب؟ كان عرب الجزيرة العربية إذا أرادوا إشعال النار جاؤوا بعود أخضر من شجرة المرخ أو العفار، وضربوهما ببعض، فتنطلق شرارة من النار، ولذا فإن تلكما الشجرتين كانتا تعتبران قداحة (ولاعة) العرب، ولهذا فإنه حينما نزل قول الله تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ﴾ [يس: 80]، فُهِمت الآية على أنها إشارة إلى أهمية شجرة المرخ وشجرة العفار؛ ولذا فإن العرب تقول: وفي كل شيء نار، واستوقد بالمرخ والعفار، وهذا للآية فهم جيد لا بأس به، ولكن الآية إشارة موجهة للناس جميعًا إلى عصر الطاقة الذي بدأ باكتشاف الإنسان للفحم والبترول، والغاز الطبيعي، وهذا إعجاز علمي في حد ذاته، فها نحن اليوم نعرف من خلال علم الأرض (الجيولوجيا) أن مصدر الفحم هو النباتات الخضراء كالأشجار، وعرفنا أن الفحم الحجري يتكون عبر ملايين السنين حينما تموت الأشجار الخضراء، وتُدفن وتتراكم عليها الصخور، وتتحول مادة الشجر إلى حجر، وهو الفحم الحجري الذي يمدنا بالطاقة.

 

وجعل الله سبحانه وتعالى في الشجر مادة اليخضور التي تختزن طاقة الشمس في وجود الماء والعناصر التي يحصل عليها النبات من التربة؛ لينتج طاقة يستخدمها النبات؛ لتكون مصدرًا للنار التي نحتاج إليها في الحياة؛ يقول تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ﴾ [الواقعة: 71 - 73].

 

ولعل تلك الشجرة التي تحدثت الآية عنها بصفة الإنشاء، وليس الإنبات أو الإخراج، إنما هي الشمس التي هي مصدر أغلب أنواع الطاقة على الأرض.

 

كما أثبت العلم الحديث أن البترول ينتج من تحلُّل العوالق النباتية التي تعيش في البحار العميقة، والتي يؤدى تحلُّلها بعد دفنها إلى تكوين المواد الكربوهيدراتية التي تكون البترول والغاز الطبيعي، ويتجلى في تلك الإشارة القرآنية شيئان: أولهما تحديد مصدر الطاقة من البترول والغاز الطبيعي والفحم، وهذا في حد ذاته إعجاز علمي كبير، وثانيهما الإشارة إلى أن الناس سوف يكتشفون مصادر تلك الطاقة، ويستخدمونها في حياتهم العملية، وقد حدث ذلك بالفعل.

 

لله الفضل والمنة على إنشاء شجرة النار التي تمدنا بالطاقة؛ كما ورد في قوله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ﴾ [الواقعة: 71 - 73].

 

الشجر في القرآن:

بالبحث عن كلمة الشجر، وجد أنها ذكرت في مواضع تشير إلى شجر الرعي، وبيت النحل، وسجود الشجر لله، واخضرار الشجر الذي هو مصدر النار، وأخيرًا وصف شجرة الزقوم التي يأكل منها الضالون في النار.

 

وقد ذكرت كلمة "الشجرة" في القرآن ثمان عشرة مرة، وذكرت الكلمة في معرض أمر الله لآدم وزوجه ألا يأكلا من شجرة بعينها، وجاءت أيضًا في مقام المثل بالكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة، وذلك في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم: 24، 26].

 

وجاءت الشجرة وصفا لشجرة الزيتون المباركة التي تنبت في جبل الطور بسيناء، كما ذكرت في القرآن شجرة ذات نفع، وهي شجرة اليقطين (القرع)، وورد ذكر الكلمة في وصف شجرة الزقوم الخبيثة، وأشار القرآن إلى شجرة الطاقة في قوله تعالى: ﴿ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ﴾ [الواقعة: 72]، وأعظم من شجرة تمت تحتها بيعة الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والأعظم منها الشجرة التي ذكرت في قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35].

 

ومن وجوه الإعجاز العلمي في الأشجار في القرآن علاقة اليخضور والنار، وأهمية شجرتي الزيتون واليقطين. وسيقتصر حديثنا عن النقطة الأولى.

 

أولًا: اليخضور والنار:

كما أن في الدم خلايا حمراء تلعب دورًا أساسًا في عملية التنفس في الإنسان، فإن في النبات مادة شبيهة، إنها اليخضور أو "الكلوروفيل"، التي تتكون من البلاستيدات؛ أي: خلايا المادة الخضراء.

 

إن الله سبحانه وتعالى قد أودع في ذلك اليخضور سرًّا، جعله يقتنص طاقة الشمس ومكونات الهواء؛ ليحوله إلى مادة يدَّخرها النبات؛ لينتج منها مصادر الطاقة اللازمة للحياة، فسبحان من خلق طاقة الحياة من شعاع الشمس ومن اليخضور في النبات، حقًّا إن النبات الأخضر أعظم مصنع للطاقة بتسخير الله لأسباب عدة ليس للإنسان دخل فيها، ومن ثَم لا جواب سوى القول: بل أنت يا رب في قوله تعالى ﴿ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ﴾ [الواقعة: 72].

 

هو سبحانه وتعالى الذي أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض الهامدة، فاهتزت وربت، وأنبتت الشجر الأخضر، سبحان من جعل الأرض كفاتًا للشجر حيًّا وميتًا، سبحان من أودع في الأرض سُننًا تُحول الشجر إلى مادة عضوية! سبحان من بسننه تحوَّلت المادة العضوية إلى مصدر للطاقة!

 

انظر لتلك الشجرة، ذات الغصون النضرة، كم أنبتت من حبة، وكيف صارت شجرة، من أنبتها؟ ذلك هو الله الذي أنعمه منهمرة.

 

إن عملية عملية التمثيل الضوئي عملية مبهرة حقًّا، زوَّد الله سبحانه وتعالى النبات بصبغ اليخضور في بنيات تسمى البلاستيدات، والبلاستيدات؛ إما خضراء، أو بيضاء، أو ذات ألوان أخرى مبهجة، ويقوم اليخضور باصطياد أشعة الشمس، وكما هو معلوم فإن الماء يتكون من غاز الأكسجين وغاز الهيدروجين، ومكونات أخرى، وهنا تقوم طاقة الشمس بتحويل ذرات الأكسجين إلى أيونات الأكسجين ذات الشحنة السالبة، فينطلق الأكسجين عبر ثغور النباتات الخضراء في الهواء، وبذلك يتم الحفاظ على نسبة الأكسجين في الهواء، والتي تفقد باستمرار في عمليات النشاط الحيوي كالتنفس، أما الهيدروجين وهو الناتج الثاني من تأيُّن الماء، فيتحد مع ثاني أكسيد الكربون ليمد النبات بالسكريات والنشويات والكربوهيدرات وبعض البروتينات النباتية.

شكل (1): دورة ثاني أكسيد الكربون في الأرض

إن الكربون عنصر مهم للنبات، له دورة مخصوصة، فحينما يتحول النبات عند جفافه إلى حطب وقش وتبن، وخشب وفحم نباتي، وفحم حجري، وتمد تلك المكونات الإنسان والأحياء بالطاقة اللازمة للحياة، وينتج من احتراقها ثاني أكسيد الكربون الذي ينطلق في الغلاف الجوي؛ ليعيد دورته العجيبة التي فيها يخرج الله النبات الحي من النبات الميت، وذلك من مكونات الهواء والماء.

 

كم تبلغ كمية الكربون التي يكونها النبات في العام الواحد؟

خلال دورة الكربون لحفظ ثاني أكسيد الكربون، الذي يسبب تركيزه في الهواء بكثرة احتباسًا حراريًّا في هواء الأرض، تُرى بكم يشتري الناس تلك أربعمائة مليار طن سنويًّا من الكربون التي تمثل المصدر الرئيسي للطاقة في العالم؟

 

ومن قدرة الله أن تجد تشابها كبيرًا في تركيب الجزيء في كل ليخضور في النبات والدم في الإنسان، مع فارق يكمن في استبدال عنصر الماغنسيوم في جزيء الهيموجلوبين بعنصر الحديد في جزيء اليخضور، والبلاستيدات في النبات؛ إما خضراء، أو بيضاء، أو ملونة، وتقوم تلك البلاستيدات باصطياد طاقة الشمس؛ لتُحوِّل الماء إلى أيونات الأيدروجين والأكسجين، وينطلق الأكسجين في الهواء، ويتفاعل الأيدروجين مع ثاني أكسيد الكربون الذي يتنفسه النبات؛ ليكون السكريات والنشويات والكربوهيدرات.

 

ومن بديع صنع الله، أن يتكون الغلاف الصخري أولاً؛ لأنه الوسط الذي تنمو عليه النباتات، ثم يعقبه في الخلق تكوُّن الغلاف المائي الذي تعتمد عليه جميع الأحياء ومنها النبات الذي بدوره يطلق في الجو الأكسجين أثناء عملية التمثيل الضوئي، والشجر يبهج العين بخضرته، ويُسر النفس ببهجته، ويثير العقل بأسراره، والشجر مصنع الطاقة الكبير، وفي ذلك المصنع تتم واحدة من أهم العمليات، إنها عملية التمثيل الضوئي، ويتم ذلك في دورة عجيبة هي دورة الكربون في الطبيعة فيها ينتج الكربون -14 من النيتروجين في الغلاف الجوي بواسطة الأشعة الكونية، ويتَّحد الكربون بدوره مع أكسجين الهواء، مكونًا ثاني أكسيد الكربون ومركبات الكربون التي تكون مخزون الكربون في الغلاف الجوي والغلاف المائي والغلاف الحيوي، ويؤدي تحلُّل وحرْق النباتات إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الجو.

 

إنها عملية يدخل فيها الماء الذي يمتصه النبات من التربة مع ثاني أكسيد الكربون الذي يأخذه الشجر من الجو، ويتفاعلان في وجود ضوء الشمس؛ ليُكوِّنا الأكسجين ومادة النشا ( الكربوهيدرات )، وفقًا للمعادلة التالية:

6CO2 + 6 H2O à C6H2O6 +6 O2

أي: كربون وماء يعطيان أكسجينًا وموادَّ كربوهيدراتية.

 

وهكذا يُنقى الهواء من ثاني أكسيد الكربون، الذي يؤدي تركيزه في الجو إلى ارتفاع درجة الحرارة، في عملية تسمى بالاحتباس الحراري، وينطلق الأكسجين اللازم لتنفس الكائنات، وتنتج مصادر الطاقة المختزنة في النبات على هيئة فحم حجري وبترول سائل وغاز طبيعي، وفي تلك العملية يتم تركيز الكربون داخل خلايا الشجر الأخضر باستمرار، ويستخلص النبات كما قلت من قبل ما مقداره 400 مليار طن من الكربون الموجود في غاز ثاني أكسيد الكربون، ويخزنها في أنسجة النباتات كل عام.

 

فهل للإنسان دخْل في إرسال أشعة الكون، وهل له دور في اندماج الذرات حتى أعطت ذرة الكربون؟! من المؤكد أن قصارى جهد الإنسان قد انحصر في معرفة تكوين ثاني أكسيد الكربون من ذرات العنصرين الكربون والأكسجين، وهل تدبر الإنسان في بديع خلق الله في مادة اليخضور التي عن طريقها تَمَّ اختزان الكربون في أنسجة الشجر الأخضر الذي هو مصدر الطاقة الأساسي في العالم؟

 

يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21، 22].

 

وهنا نتدبَّر الترتيب المعجز في الإشارة إلى أغلفة الأرض في ضوء ما توصل إليه العلم الحديث، الماء سابق في وجوده على الأرض لخلق جميع أحيائها، والنبات سابق في وجوده لخلق الحيوان، وكلاهما سابق في وجوده لخلق الإنسان، والحكمة من ذلك جلية واضحة؛ وذلك لأن النبات لعب - وما يزال يلعب - الدور الرئيسي في إمداد الغلاف الغازي للأرض بالأكسجين؛ لأنه المصنع الذي تتخلق فيه الجزيئات العضوية اللازمة لبناء أجساد كل من النبات والحيوان والإنسان، ومن هنا كان اعتماد كل من الإنسان والحيوان في غذائه أساسًا على النبات.

 

العلاقة بين اخضرار الشجر والنار:

الفحم نار الشجر الأخضر، وكذا البترول والغاز الطبيعي: مما لا شك فيه أن إشارة القرآن الكريم إلى جعل النار من الشجر الأخضر هي تلخيص رائع ودقيق لتكوين الفحم، بل إنه إشارة بالغة لمصادر الطاقة من فحم وبترول وغاز طبيعي على النحو الذي سيأتي في السطور التالية.

 

أولاً: الفحم وعلاقته بالشجر الأخضر:

"الجعل" في اللغة العربية يفيد تحويل الشيء إلى شيء آخر، فالدقيق يتحول إلى خبز مثلاً، وهنا في قوله تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ﴾ [يس: 80] إشارة إلى تحوُّل الشجر الأخضر إلى فحم وبترول.

 

ويتم تكوين الفحم على مراحل وضَّحها علم الأرض (الجيولوجيا) في خطوتين متتاليتين:


شكل ( 2): مراحل تكون الفحم


1- تسقط النباتات الميتة على الأرض في مناطق الغابات والحشائش، وتتحلل تلك النباتات نتيجة اختلاطها بالماء والأكسجين، وحينما يسري الماء في التربة يزيل نواتج تحلُّل النباتات، وهذا ما نلحظه في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الأعلى: 4، 5].

 

2- ويحدث في بعض البرك أن تنمو النباتات سريعًا، وتتجمع مكوناتها في الأرض بمعدل يفوق معدل تحلُّلها، وتغطي النباتات المتساقطة التي وقعت على الأرض من قبل، فتعوق اختراق الأكسجين الجوي إلى الطبقات القديمة، ويتوقف تحلُّل النباتات.

 

وحينئذ ينتج الخث أو الدوبال (Peat)، وهي مادة نباتية متحللة، لونها بني، وغالبًا ما تدفن مادة الدوبال بواسطة وحل المستنقعات، وتؤدي حمولة الوحل إلى انضغاط وعصر الوبال، وانطلاق الماء والمواد الطيارة.

 

وتتكون النباتات أساسًا من الكربون والأيدروجين والأكسجين، وفي أثناء دفن المواد العضوية السابقة، يترسب في صورة غازات كل من الأكسجين والأيدروجين، وتزداد بالتالي نسبة الكربون، وينتج عن ذلك الفحم (Coal )، وهو صخر قابل للاحتراق يتكون من الكربون الذي نشأ في الشجر الأخضر أثناء عملية التمثيل الضوئي، ومن دلالة الفعل "جعل" في آية سورة " يس " الإشارة إلى عمليات تؤدي إلى اختلاف أنواع الفحم؛ من حيث درجة الصلابة، ومحتوى الكربون، والقيمة الحرارية.

 

من الشجر الأخضر ذهب أسود:

سبقت إشارة القرآن العلم الحديث في الإخبار بأن أهم مصدر للطاقة التي يستخدمها الإنسان وهو البترول، إنما يأتي في الأصل من الشجر الأخضر، وقد ثبت علميًّا أن مصدر المادة العضوية المكونة للبترول، فإنما تأتي من النباتات والحيوانات البحرية بعد موتها واختلاطها بطينة البحر، وأيضًا تسهم المادة العضوية المنقولة من الأرض بواسطة الأنهار إلى المناطق الضحلة من البحار بعد ترسيبها مع وحل البحار.

 

وبعد أن تدفن تلك المادة العضوية، تتراكم عليها الرواسب الأخرى، وتتعرض للضغط والحرارة، وينكمش وحل البحار إلى حجر مرقق يسمى الطفلة ( Shale)، وتتحول المادة العضوية عبر مراحل متطاولة من الزمن إلى سائل، ويخزن السائل في حجر الرمل بعد هروبه من الطين المنضغط في خزائن تشققت تسمح بحركة البترول، ويهاجر البترول إلى أن يتم اصطياده في مصائد محددة، ويأتي الإنسان ليحصل على البترول والغاز الطبيعي عن طريق حفر الآبار في تلك الخزائن.

شكل(3)

يستغرق تحوُّل الشجر الأخضر بترول ملايين السنين تحت ظروف خاصة وخزائن يُخزَّن فيها، ولا يقدر على ذلك سوى الله، وهكذا بدأت النشأة مع الشجر الأخضر الذي نما في الأرض، والنباتات والحيوانات التي علقت فوق مياه البحر الهادئة، وبموت الشجر الأخضر والنباتات الخضراء والحيوانات الدقيقة، نتج البترول من مادتها.

 

وتكفلت يد القدرة في حفظه حتى جاء الإنسان في القرن العشرين؛ ليحصل على البترول الذي تولت يد العناية تكوينه وحفظه عبر ملايين السنين، قبل أن يعمر الإنسان الأرض، فهل يعي الإنسان عطاء الله مع كل قطرة من البترول وكل حجم من الغاز، لم يكن للإنسان دخل في مراحل تكوينهما.

 

كم تبقى لنا من البترول والفحم؟

يقدر احتياطي البترول - (كمية النفط التي يمكن استخراجها من الأرض) - على مستوى الوضع العالمي بـ 1000 - 1. 100بليون برميل ( البرميل 42 جالون )، أما الرصيد الكلي، فيبلغ وفقًا لأحدث التقديرات بثلاثة آلاف بليون برميل، وبما أن الاستهلاك العالمي من البترول يبلغ 24 بليون برميل سنويًّا، فمن المتوقع أن يستنفذ الاحتياطي بعد 42 سنة - 45 سنة، وبالتالي سينفذ الرصيد العالمي بعد مائة سنة.

 

أما بالنسبة للفحم، فتختلف التقديرات حول رصيد واحتياطي الفحم في العالم، وبصفة عامة يوجد 1700 بليون طن من الفحم في الألف متر السطحية من الأرض، ويزداد التقدير كلما زاد العمق، ومن المتوقع أن تنفذ الاحتياطيات في سنة 2200 م، ومع ذلك توجد تقديرات تعلي من احتياطيات الفحم؛ بحيث لا يَنفَد إلا في سنة 2700م.

 

ووفقًا لتلك التقديرات، فمن المتوقع أن يزداد الطلب على الفحم؛ بحيث يبلغ قمته في عام 2200م، وحينما يصبح البترول نادرًا ربما يتم تسييل الفحم على مستوى كبير.

 

وبالنسبة للغاز الطبيعي تختلف التقديرات أيضًا، وكلما تقدمت التقنية، أمكن ترشيد الاستخدام، ففي ظل التقانة الحالية، فلربما نفد الغاز الطبيعي في خلال 32 - 42 سنة، بينما يستمر وجود الغاز الطبيعي خلال 48 - 77 سنة في ضوء التقانة المتقدمة، وتتراوح التكلفة في الحالتين من 3- 5 دولارات لكل ألف قدم مكعب من الغاز.

 

وماذا بعد نفاد الفحم والنفط والغاز الطبيعي؟

يوجد الآن مصدر وفير للطاقة في العالم تحت مياه البحار، وقد أشار حديث النبي صلى الله عليه وسلم بوجود نار تحت البحر قبل اكتشاف - (من عام 1970م) - وجود تجمُّع للميثان المتميئ (هيدرات الميثان) في قيعان البحار، ويقدًّر محتوى المواد الهيدروكربونية بما يبلغ ضعف المحتوى الكربوني للبترول والفحم والغاز الطبيعي، ومن المحتم أن يزداد الطلب على استخراج هيدرات الميثان من حيد "جبل الميثان" الممتد تحت قيعان البحار على عمق يقارب 600 مترًا من سطح البحر.

 

ومن المحتمل أن يتعاظم الحصول على الطاقة من المصادر البديلة؛ مثل: الطاقة النووية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والمصادر المائية.

 

شكل (4) الجليد اللهوب أو الذهب الأبيض في قاع البحر





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدارونية الحديثة خطر
  • الثورة البيولوجية بين حدود الشرع وجنوح العلم
  • اليخضور في النبات
  • الطاقة المعطلة

مختارات من الشبكة

  • اليخضور والنار(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • الطاقة عمار أو دمار (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العامل المساعد النموذجي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الطاقة عمار أو دمار (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أسس بناء المدينة الفاضلة من خلال الهجرة النبوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القاعدة الإيمانية للتربية الإسلامية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القرارات الجماعية في البطاقات البنكية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الأساس في أصول الفقه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرفق كقيمة تربوية في الإسلام: أساس بناء مجتمع متماسك(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب