• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآية (196)

تفسير سورة البقرة .. الآية (196)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/9/2013 ميلادي - 28/10/1434 هجري

الزيارات: 50140

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآية (196)


قال تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة: 196].


فيها الأمر الصريح من الله للمسلمين بالإخلاص له في إتمام الحج والعمرة على الوجه الكامل، وإن المتلبس بهما يلزمه إتمامهما دون أن يتأثر بأحوال اجتماعية أو أحداث سياسية أو عواطف عصبية، بل يجب عليهم ألا يبالوا بجميع ذلك، وألا يقحموا علاقات الأشخاص بالشعائر الدينية أو العوائد الاجتماعية، بل يتموا ما تلبسوا به وابتدءوه من الأعمال - أعمال الحج والعمرة - لتكون خالصة لله، حتى يمنعوا من ذلك جبراً وقهراً، فإذا لم يحصل الجبر والقهر فهم مطالبون بالإتمام وملزمون بحكم الإحرام، لمراعاتهم الأشخاص وغضبهم للأشخاص دون مراعاتهم لرب الأشخاص ﴿ مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 2، 3].


والله العليم الخبير إذ يوجب إتمام الحج والعمرة على المتلبس بهما يعلم ما يعترضه وما يجري عليه من هوج المقاصد البشرية، فيوجب عليه ألا يلتفت إليها ولا يتأثر بها، وقد وقع في عام (1381هـ) حادث على بعض الحجاج حين رفض ولاة الحرم كسوة الكعبة لأسباب فنية أو شخصية، فرجعت الباخرة ثم أغاثهم ولاة الحرم بالطائرات ليقوموا بإتمام حجتهم، وبذلك قامت عليهم الحجة بوجوب إتمام الحج والعمرة لله حتى يمنعوا من جهة أخرى فيكونون كالمحصرين.


وقد صدرت الفتاوى الإسلامية المقابلة لضدها، فالقرآن الحكيم يصدر أحكاماً عامة على بني الإسلام يجب عليهم مراعاتها وإتمامها لله دون التأثر بالعواطف وحاجات النفوس حتى يقوم لهم العذر الواضح بالإحصار، ومن أفتى بعكس ذلك فليس مراقباً لله، وقد يكون ليس عابداً لله لمشابهته الذين ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31].


وقد ابتدأ الله أحكام الحج هنا بقوله: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ دون أن يقول: كتب عليكم الحج كما قال: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾، لأن الحج معروف وقت النزول أنه من شعائر ملة إبراهيم عليه السلام، وكان العرب يقومون به مع إحداث تغييرات أزالها الله عنه حتى أعادهم إلى حقيقة المناسك التي أراها أباهم إبراهيم مستجيباً لدعوته لله ﴿ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ﴾ [البقرة: 128]، وقد كتبت في أكثر من موضع أن الإسلام أصيل متأصل في العرب، وأنهم مسلمون قبل أن يكونوا عرباً، عكس ما يزعمه طغاة القومية من أنهم عرب قبل أن يكونوا مسلمين، وأن هذه الدعوى جناية على العرب وإهدار لكرامة العرب بتجريدهم من النبوات والهداية وتفضل الأعاجم عليهم في ذلك، وأنهم لو عقلوا وأدركوا هذه الإهانة من قائلها، لرجموه باللعن والبغض والطرد والإبعاد، ولصرخوا في وجهه الصرخة الصادقة الصافعة القامعة بأنهم مسلمون قبل أن يكونوا عرباً، وأنهم أبناء سام بن نوح المسلم ثم أتباع ملة إبراهيم أبي المسلمين، وأن الوثنية دخيلة عليهم تسربت إليهم بمكر من اليهود على يد (عمرو بن لحي الخزاعي) الذي زوده اليهود بالأصنام والخمور من الشام، وأغروه على جلبها إلى مكة لتبديل ملة إبراهيم عليه السلام، وقد رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجر قصبه في النار، لأنه أول من بدل ملة إبراهيم في العرب. فلكون الحج مشهوراً وجوبه عندهم لم يبتدئ موضوعه بذكر وجوبه كالصيام، وإنما أمرهم بإتمام الحج والعمرة إخلاصاً لله لما جرى عليهم عام الحديبية، ولما يعلم الله من جريان أمثالها على مدى العصور، كما ذكرنا من تلك الحادثة.


وفي هذه الآية دليل على أن الحج والعمرة يجب إتمامهما على المتلبس بهما ولو لم يكونا مفروضين، وقد وردت فرضية الحج في سورة آل عمران وفي حديث جبريل وغيره من الأحاديث. وثبت وجوب العمرة من تقديم الرسول العمرة، ومن أحاديث أخرى، مع وجود خلاف يعتبر الصحيح منه الوجوب، والمقصود من هذه أمور عديدة:

أولها: ما ذكرناه من وجوب إتمام الحج والعمرة لمن تلبس بهما حتى ولو كان قد أتى بالواجب قبل هذه المرة كما فصلته أول البحث فيها.


ثانيها: حكم المحصر وهو الممنوع عن دخول البيت، فهذا عليه دم يذبحه ويتحلل، وأقل الهدي شاة، فإن كان قد ساق هدياً من بلده الذي خرج منه ذبحه أو نحره في نفس المحل الذي أحصر فيه، يعني حبس فيه عن البيت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية.


ثالثها: قوله: ﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ [البقرة: 196] هذا حكم ثالث لمن ساق الهدي وهو بقاؤة على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله، وهو وصوله الكعبة، لقوله تعالى: ﴿ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴾ [المائدة: 95] وقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 33].


فالمحصر يحل له الذبح بمكان إحصاره ليتحلل، وغير المحصر لا يخرج من إحرامه إلا بذبح الهدي في الحرم، واقتصر الله من ذكر شعائر الإحرام على حلق شعر الرأس، لأنه بحلقه له يحصل له التحلل الأول، ثم يكمل التحلل بطواف الإفاضة.


رابعها: قوله: ﴿ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ خطاب عام للمحصرين والآمنين، فهو خطاب عام لجميع الأمة، لكن المحصر ينحر ما أهداه في الموضع الذي حبس فيه، كما نحر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية ثم حلق رأسه، وغير المحصر لا ينحر الهدي إلا في الحرم الذي هو محله، ويلتزم بأحكام الإحرام كما فصلها الفقهاء في أبواب المناسك من كتب الفقه.


خامسها: ذكر حكم المريض ومن برأسه جرح أو قمل يؤذيه، فإنه يحلق رأسه وعليه الفدية من صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، لحديث كعب بن عجرة المشهور وهو يرد على القائلين بأن الفدية صوم عشرة أيام أو إطعام عشرة مساكين أو ذبح شاة، وفي قدر الإطعام اختلاف مذكور في موضعه من مباحث المناسك، ولكن الصحيح هو ما ورد في بعض ألفاظ حديث كعب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((تصدق بثلاثة أصواع من تمر على ستة مساكين))[1]


وبه قال الإمام أحمد، لكن قال بنصف ذلك من الحنطة، ومحل الإطعام والفدية بمكة على فقراء الحرم في أصح الأقوال وأقربها إلى الصواب، وأما الصيام فحيث شاء وفعله في مكة أفضل.


سادسها: قول تعالى: ﴿ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ المتمتع هو الذي يحرم بالعمرة ثم يحل منها، سمي متمتعاً لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله إلى وقت دخوله في الحج، أو لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين، فلم يخص العمرة بسفر يقصدها به والحج بسفر آخر، ولذا وجب عليه ما استيسر من الهدي وهو شاة كما تقدم، وذلك لسقوط السفر عنه من ميقاته للحج أو لسقوط السفر عنه من بلده للحج، حيث قدم محرماً بالعمرة فتحلل واستباح ما يحرم على المحرم فعله، فإذا لم يجد هدياً لفقده أو عسره صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع كما هو نص الآية.


واشترط العلماء لوجوب الهدي على المتمتع شروطاً مذكورة في كتب الفقه، منها أن يكون من غير أهل الحرم، وألا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر، لأنه يبطل تمتعه خصوصاً إذا رجع محرماً بالحج، ومنها أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، وأن ينوي التمتع حال الإحرام وغيرها مما هو مذكور في موضعه.


وأنساك الحج ثلاثة: التمتع والإفراد والقران. وكل من العلماء فضل نوعاً منها على الآخر، وأهل الحديث فضلوا التمتع، وجماعة من أهل العلم والحديث فضلوا القران مع سوق الهدي كفعله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الأئمة والعلماء فضلوا الإفراد وهو المناسب لأحوال هذا الوقت الذي تضيع فيه لحوم الهدايا أو أكثرها بلا فائدة، والعبرة في الحج إيقاعاً وفضيلة بأمرين:

أحدهما: الإخلاص لله بفعله، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ بأن يكون صادراً عن حب لله، وجرعة روحية إلى رؤية بيته وإقامة مناسكه وتعظيم شعائره، كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30].


وقال: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32] لا أن يحج للرؤية والسياحة مشاهدة ما يقال عنه، فإن كثيراً من المحسوبين على الإسلام لا يصلي ولكنه يحج، أو يكن مغرقاً في فعل المعاصي ويكثر من الحج، أو يحج لأجل الكسب والتجارة قصداً ورأساً لا أن يكن أصل مقصده الحج، ولكن يستعين بالتجارة ويتروض عليها، فإن من كان قصده الحج بنية خالصة لا يضره الاشتغال بالتجارة ولا يجرح من إخلاصه، ولكن الذي لولا الأعمال التجارية ما ذهب إلى الحج، لكن يذهبه إلى الحج ظروف اقتصادية، كالتحجيرات على التجارة بالأنظمة العصرية، فيستغل اسم الحج من المراقبة والتفتيش، ليرجع من الحجاز بأموال لولا الحج لما دخلت بلاده، كذلك الاشتغال في مصارفات وتهريبات شتى مخلة بالنية، بل مسقطة لها من الأساس ومنهم من يحج للرياء والسمعة لينال لقب (الحاج) الذي يغضب على من لم يسمه به، حتى إن بعضهم يستدين بالربا ليحج ويحظى بهذا اللقب، إلى غير ذلك من المقاصد الهادمة لحقيقة الحج من الأساس.


وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))[2]. فهذا الحديث الشريف أصل عظيم في جدوى الأعمال وقبولها عند الله. فكيف بمن يحج للتجسس على دول الإسلام لدوله علمانية أو دولة شيوعية ونحوها من دل الكفر؟! وكيف بمن يحج ليأخذ تصاوير لمشاهد الحج إما يتكسب بها في الأفلام السينمائية ونحوها أو يأخذها للتشهير والسخرية؟


فما أكثر من يحج لقصد منكر أو هو متلبس بالمنكر من استدانته بالربا للحج ونحو ذلك، وقسم كبير من حجاج هذا الزمان لا يخطر ببالهم ما يريده الله منهم في الحج، وإنما يحج لزيارة النبي - صلى الله عليه سلم - كما هو مشهور عند بعض أهل الأمصار (نزور أبو إبراهيم) يعني الرسول، فلا يعرفون للحج معنى غير ذلك، ومنهم من يحج لأجل الاحتفال به إذا رجع، ومنهم من يحج للتلصص في هذا الزحام المنقطع النظير، فقد يرجع كثير من الحجاج وهو متلبس بالآثام أو بأنواع من الشرك لا يزداد بها الإخلاص، وشروداً عن صراط الله، وينبثق من قاعدة الإخلاص أكل الحلال والحرص على اكتسابه، واجتناب الحرام وتطهير المكسب، حتى يكن ساعياً لما يحصل به قبول العمل ومضاعفة الأجر واستجابة الدعاء في تلك المواقف العظيمة، وإن يخرج من مظالم الناس وخصوصاً أموال المسلمين وأعراضهم.


ثانيها: شهود المنافع العامة في الحج وتحصيلها، فقد أجمل الله حكمة الحج بقوله: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾ [الحج: 28] على الإطلاق، فتشمل المنافع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأدبية.


فعلى حجاج بيت الله الحرام تحقيق الحكمة من الحج بتحصيل هذه المنافع، فإن الله سبحانه جعل الحج لعباده مؤتمراً عالمياً سنوياً خصوصياً وعمومياً، شعبياً وحكومياً، تلتقي فيه جميع الأجناس والطوائف الإسلامية على مستوى واحد وفي أماكن متعددة من شعائر الله، يلتقي فيها الكبير والصغير، والغني والفقير، من لم يلتق بالآخر حول الكعبة التقى حول زمزم، أو التقوا في المسعى بين الصفا والمروة، أو في سائر الأسواق والمنازل، أو في طريق منى وعرفات، أو في المخيم، أو في مزدلفة أو مسجد الخيف وغيره في ذهابهم إلى تلك المشاعر وإيابهم، فإن الله العليم الحكيم جعل هذه التنقلات لحكمة الالتقاء والتعارف حتى في رمي الجمرات وطريقها. فينبغي للحجاج اغتنام الفرصة في هذا المؤتمر العظيم الذي يحصل لهم شهود منافع في جميع نواحي الحياة، يفضي كل جنس منهم إلى الآخر بمشاكله المختلفة، فيتدارسونها ليوجدوا لها الحلول، ويتحسس كل منهم آلام الآخر ليعالجوها على ضوء دينهم، فيرفد بعضهم بعضاً رفداً حسياً ورفداً معنوياً في كل ناحية من نواحي الحياة، فإن الحج مؤتمر إسلامي عمومي لتوحيد غايات المسلمين وتوجيههم إلى مصادر الحياة الطيبة الصحيحة، فإن الدين والدنيا مترابطان في نظر الإسلام، لأن الدين يمد الأرواح بالإيمان الصحيح المدعم بالأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة. أما أمور الدنيا فتمد المسلمين بعناصر القوة والنماء مع جعلها وسيلة لا غاية.


وما قيمة الحج للمسلمين إذا لم يقتبس بعضهم من بعض حلولاً لمشاكلهم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟ وما قيمة حجهم إذا لم يقم بعضهم برفد بعض رفداً مادياً ومعنوياً؟

وكذلك في الحج شهود منافع لهم في النواحي الاقتصادية، ليكون المعرض العام لمنتجاتهم ومجلوباتهم مما يحصل انتفاع بعضهم بما ينتجه البعض الآخر من مصنوع أو مزروع، وإنعاش بعضهم البعض، وتشجيع بعضهم البعض، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198] يعني بالتجارة التي لا تخل بأصل نية الحج، فإن في الحج غايات سامية تعود بالإنسان إلى فطرته الأصيلة، تطهره مما ران على قلبه وما غشاه من صنوف الأنانية والولوع بالمادية، فالحج فيه ترك ومنح معاً: فيه ترك للمظاهر الزائدة على الفطرة الإنسانية والفاتنة للإنسان والمقسية لقلبه، وفيه منح عن طريق الهدي والأضحية مما ينتفع به من بهيمة الأنعام وأنواع المواساة الأخرى لمن يلتقي بهم من إخوته الحجاج، فيعمل على إرشادهم وعلى رفع مستواهم فكرياً ومادياً.


وبذلك تصب عبادة الحج في نفس الغاية التي تهدف إليها عبادة الصلاة والزكاة والصوم من الوحدة الدينية التي يوجبها الله على جميع المسلمين ليكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضاً[3]، وكالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر[4]، لأنهم تحقق لهم اتجاه واحد حصلوا على الاستقامة والاتزان في سلوكهم، فلا يتأرجح بعضهم بين شيئين متناقضين يكون للواحد منهم بسببها شخصيات متعددة، يلبس اليوم وجهاً، ويلبس في غد وجهاً آخر، فلا بد للمسلمين من تحصيل المنافع التي شرع الله الحج من أجلها، لا أن ينقلب الحج إلى زحام ولكام وشتم وجدال واستمرار على الجهل والتنافر، كما هي الحالة الآن لأكثرهم، والعياذ بالله.


وقوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ أمر منه سبحانه لعباده بالتزام تقواه في أداء فريضة الحج على الوجه الأكمل بالمحافظة على امتثال الأوامر فيه، المصححة لفعله والمقومة لأخلاق أهله والمضاعفة لأجورهم، وباجتناب النواهي والمحظورات المخلة بحجهم والمكلفة لهم بأداء الفدية والمنقصة من أجورهم، فإنه لا يتم لهم حجهم كاملاً إلا بتقوى الله ومراقبته لا سيما في تحصيل المنافع التي إذا عملوا على تحصيلها في الحج كملت هدايتهم وحصلوا على السعادة بالوحدة والتضامن، ليرتبطوا بحبل الله جميعاً باجتماعهم حول بيته المبارك، والتقائهم فيه، متجردين عن جميع الأغراض النفسية، كما تجردوا عن المخيط، فتتلاقى أبدانهم وقلوبهم حول الكعبة التي يتجهون إليها في جميع أوقات صلاتهم، معتزين أعظم اعتزاز بنسبهم الديني الذي هو أعلى وأغلى من جميع الأنساب، والذي يحقق لهم الوحدة الكبرى إذا تمسكوا به، فكانوا هم الكثرة الكاثرة بين الأمم، وهم القوة التي لا يوقف في وجهها بإذن الله.


فلهذا يوصيهم الله بتقواه في سلوك ما أمرهم به من تحقيق المنافع بالحج وأدائها مشبعة بروح الحب والتراحم والتعاطف والتفاهم، لا بالتسابق والازدحام وسوء المعاملة مما يحدث النفرة.


يتقي الحاج ربه في إخوّته للمسلم المشارك له في أداء هذه الشعيرة المباركة، فيكون له معواناً على كل خير، ببشاشة وجه وصفاء قلب، ويتقي الحاج ربه في ترك الزحام خصوصاً للنساء، ويتقي ربه باجتناب البخل وسوء الظن، ويتقي ربه بحفظ لسانه وغض بصره، ويتقي الله برحمة الأعمى والضعيف وتوقير الكبير ورحمة الصغير، ويتقي الله بتعليم الجاهل وإرشاد الضال. ويتقي الله بصيانة حجه عن الرفث والفسوق والجدال كما سيأتي.


ويتقي الله بحفظ وقته عن كل إسفاف، وإشغاله بذكر الله وقراءة القرآن الذي هو مطردة لشياطين الجن وتعليم أو إرغام لشياطين الإنس، ويتقي الله بالنصح لكل مسلم، كما يتقي الله بالحرص على فعل الأفضل وتحري متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه يقول للحاضرين معه في حجته عند أداء كل شعيرة من شعائر الحج: ((خذوا عني مناسككم))[5]. فيتقي الله في عدم الترخص لما لم يرخص فيه إلا للضعفاء والسقاة ونحوهم، لأن الحج لا يتكرر كالصلاة، ويتقي الله في مراعاة جميع أعمال الحج من ركن وواجب ومندوب، دون تساهل في أي شيء منها في جميع ما قدمنا من عقوبات الله ﴿ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ عقابه ليس كعقاب غيره لشدة إيلامه ودوامه، وقد يعجله في الدنيا بإنزال عاهة به، أو داهية عليه، أو تسليط ظالم، أو صدم سيارة، أو غير ذلك من عقوبات الله المتنوعة، وإما يؤجلها في البرزخ أو في القيامة وذلك أشد وأفظع.



[1] أخرجه البخاري، كتاب: أبواب الإحصار، وجزاء الصيد، باب: قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ ﴾، [1814]، ومسلم: [1201]، وغيرهما.

[2] [صحيح] سبق تخريجه.

[3]يشير بذلك لحديث أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه)).

أخرجه البخاري، كتاب أبواب المساجد، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، [481]، ومسلم [2585].

[4]يشير إلى حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادهم، وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضواً تداعي له سائر جسده بالسهر والحمى)).

أخرجه البخاري، كتاب: الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، [6011]، ومسلم: [2585].

[5]أخرجه مسلم: [1297]، وغيره من حديث جابر رضي الله عنهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (190 : 192)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (193)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (194)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (195)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (197)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (198)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 199: 202 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (203)

مختارات من الشبكة

  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تيسير الوصول في تفسير آمن الرسول: الآية (285 - 286) من سورة البقرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (284)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (283)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب