• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / مثنى الزيدي / خطب منبرية
علامة باركود

الإيمان بالقدر خيره وشره

الدكتور مثنى الزيدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/12/2010 ميلادي - 22/1/1432 هجري

الزيارات: 192532

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإيمان بالقدر خيره وشره

 

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِ الله فهو المهتدي، ومَن يُضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحْدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

 

أمَّا بعدُ:

أيُّها الأحبَّة الكِرام، تكلَّمْنا في الجمعة الماضية مع حَضَراتكم عن الرُّكن الخامس من أركان الإيمان، وأمَّا اليوم فسنقف - إن شاء الله - عند الرُّكن السادس والأخير من هذه الأركان العظيمة، ألا وهو "الإيمان بالقَدَر؛ خيرِه وشرِّه".

 

وكما تعوَّدنا مع حَضَرَاتكم، فإنَّ حديثَنا إذا كان مُهِمًّا وحسَّاسًا، فإنَّنا نُدْرِجه ضمن محاور مختلفة؛ علَّنا نخرج من هذه الكلمات بذنبٍ مغفور، وعيب مستور، وعقيدة صافية.

التعريف بالقضاء والقدر، وما الفرق بينهما؟

فأوَّلُّ ما يجبُ على المؤمن معرفته من القضاء والقَدَر هو معرفةُ ماهيَّة كلِّ واحدٍ منهما، وما هو تعريفُه؟

فالقضاء: إيجاد الله - تعالى - الأشياءَ حسب عِلمه وإرادته.

والقَدَر: هو عِلم الله بما ستكون عليه المخلوقات في المستقبل.

وهذا تعريفٌ من تعريفات كثيرة عرَّفها العلماء.

فالإمام أحمد - رحمه الله - عرَّف القدر بتعريف مختصرٍ مُجملٍ، فقال: القَدَر: هو قُدرة الله[1].

حتى قال ابن القَيِّم في نونيَّته:

فَحَقِيقَةُ الْقَدَرِ الَّذِي حَارَ الْوَرَى
فِي شَأْنِهِ هُوَ قُدْرَةُ الرَّحْمَنِ
قَالَ الإِمَامُ شَفَى الْقُلُوبَ بِلَفْظَةٍ
ذَاتِ اخْتِصَارٍ وَهْيَ ذَاتُ بَيَانِ

 

ولكن الأقرب - والله أعلم - في تعريف القضاء: هو أنُّه عِلمُ الله السابقُ بالأشياء وكتابته لها، وأمَّا القدر فهو: وقوع هذه الأشياء وحصولها كما كتَبَ الله - تعالى.

 

وهذا ما دلَّتْ عليه آياتٌ كثيرة من القرآن الكريم وأحاديثُ صحيحة من سُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال - تعالى -: ﴿ مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [مريم: 35].

 

فالقضاء كما هو واضحٌ من الآية الكريمة هو ما سَبَق القدر ووقوعه، وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [الأنفال: 44].

 

فقضاء الله - تعالى - هو عِلْمُه السابق بالأشياء وكتابته لها.

وقال - تعالى - في الآيات التي تُقَرِّر أنَّ القدرَ هو قدرةُ الرحمن الواقعة: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 21].

فذَكَر - تعالى - هنا أنَّ القدرَ السابق عند الله - تعالى - وفي عِلْمه إنما هو مُصاحِبٌ لنزوله ووقوعه، وغيرها من الآيات التي تدلُّ على أنَّ هذه التعريفات وغيرها ممَّا عَرَّفه علماء السلف الصالح كلها صحيحة متقارِبة - والله تعالى أعلم.

 

أهل المعاصي والقدر:

وإنَّ أهل الإيمان الصحيح والعقيدة السليمة هم وَسَطٌ في كلِّ الأمور، فعلى المؤمن أنْ يؤمِن بالقدر خيرِه وشرِّه، بهذا يكون من أهل الإيمان، وأمَّا مَن كَفَر بذلك أو أنكَرَ القَدر أو القَضاء، واعتَرَض على الله - تعالى - فإنَّه خارِجٌ من مِلَّة الإسلام.

 

وهذه هي عقيدة المؤمن الصالح، وهم وسَطٌ بين المُغالين في القَدر؛ فأهل المعاصي والموبقات يحتجُّون بالقدر في تبرير معاصيهم ومُنْكَراتهم، فساء فعلُهم هذا؛ إذ تشبَّهوا بالكفار من قَبْلِهم، الذين كانوا يحتجُّون بالقدر في كُفْرهم، وخاطَبَنا الله - تعالى - مُعْلِنًا ذاك في قرآنه فقال: ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 148].

 

فقالوا: ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ ﴾؛ أي إنَّ كُفْرَنا ليس منَّا، وإنما بمشيئة الله وإرادته - تعالَى الله عمَّا يقولون عُلوًّا كبيرًا - لكنَّ الله - تعالى - فَجَأَهم بالردِّ في الآية الكريمة ردًّا صارمًا وصارخًا، مُحتويًا على أمرين مُهِمَّين:

الأول: أنَّ الله - تعالى - ذَكَر البأس والعقاب لِمَن قال هذا، فلو لَم يكونوا مُخَيَّرين لماذا أنزل الله بأسَه عليهم وعاقَبَهم؟

ثانيًا: أنَّ المحتجَّ بالقَدَر مُتَقوِّل على الله بغير عِلْمٍ ومُدَّعٍ لعِلْم الغيب؛ لأنَّ قدرَ الله غيبٌ لا يعلمه إلاَّ الله، فكيف يقول: إنَّ الله أرادَ هذا وهذا؟! مع العلم بأنَّ المأمور به هو تنفيذُ أمر الله، والسَّعي لطاعته، وطلب ثوابه ورِضاه.

 

واليوم تجد أهل المعصية يحتجُّون بالقَدَر على معصيتهم، فتكلِّم الواحدَ منهم عن الصلاة، عن الطاعة، عن الخير، عن الهداية، فيُجيبك: إنَّ الله لا يريد لي الهداية، ولو أراد لي الهداية لَهَداني؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 28].

 

فهذا مثل قولِهم، فكيف يقول أحدهم: ﴿ وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ﴾، هل عَلِم الغيبَ؟ أو هي مُبرِّرات صاغَها الشيطانُ، فغَمَسها في قلوبهم؟ وهل هناك قلبٌ أهْوَنُ للشيطان من قلوبهم؟

وللبُعد من التقوُّل على الله بحجَّة القضاء والقدر كَرِهَتِ الشريعة الإسلاميَّة البحث في القدر؛ لأنها من الأمور التي لا يُدْرِك العقلُ حقيقتَها.

فقد روى الإمام الترمذي أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - غَضِب غضبًا شديدًا عندما خَرَج على أصحابه يومًا وهم يتنازَعُون في القَدَر، حتى احمرَّ وجهُه، حتى كأنما فُقِئ في وجْنَتَيه الرُّمَّان، فقال: ((أبهذا أُمِرتُم، أم بهذا أُرسِلتُ إليكم؟ إنَّما هَلَك مَن كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمتُ عليكم ألاَّ تنازعوا فيه)).

 

واستجابَ الصحابة - رضوان الله عليهم - لعزيمة نبيِّهم وتوجيهه، فلم يُعرَف عن أحدٍ منهم أنَّه نازَع في القَدَر في حياة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو بعد وفاته[2].

ولَمَّا سُئِل الإمام علي - رضِي الله عنه - عن القَدَر، فقال: بحر عميق فلا تَلِجْه، ثم سأله مرَّة أخرى فقال: طريق مُظلم، فلا تَسْلُكه، ثم سأله مرَّة أخرى فقال: سِرُّ الله، فلا تكلفه.

بل شدَّد الإمام الطحاوي في هذه المسألة أيَّما تشديدٍ، فقال: العلمُ عِلْمان؛ عِلْم في الْخَلق موجود، وعِلْم في الْخَلق مفقود، فإنكارُ العلم الموجود كُفْرٌ، وادِّعاء العلم المفقود كُفْرٌ، ولا يَثبتُ الإيمانُ إلا بقَبول العلمِ الموجود، وتَرْكِ طلب العلم المفقود.

 

الأسباب والقدَر:

ومن الذين غَالَوا في القَدَر المتواكِلُون الذين يقولون: إنَّ أعمالنا كلَّها مُقَدَّرة، ولا حاجة لنا بالقَدَر.

وأمَّا المؤمن فيعلم أنَّه مأمورٌ بالأخْذ بالأسباب مع التوكُّل على الله - تعالى - والآيات في الأخْذ بالأسباب كثيرة، كذلك الأحاديث النبويَّة، وحتى أفعال الصحابة؛ فهذا أبو عبيدة عامر بن الجرَّاح - رضِي الله عنه - اعْتَرَض على رجوع "عمر" بالناس عن دخول الشام عندما انتشر بها الطاعون، وقال لعمر بن الخطَّاب: "يا أمير المؤمنين، أفِرارًا من قدَر الله؟"، فقال عمر: "لو غيرُك قالَها يا أبا عبيدة، نعم، نَفِرُّ من قَدَرِ الله إلى قَدَرِ الله، أرأيتَ إنْ كان لك إبلٌ هبطتْ واديًا له عُدْوتان؛ إحداهما خَصيبة، والأخرى جَدْبة، أليس إنْ رعيت الخصبة بقَدَر الله، وإنْ رعيت الْجَدبة رعيْتها بقدَر الله؟"؛ صحيح البخاري.

 

ولَمَّا سُئِل نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الرُّقَى والأدوية: هل تَرُدُّ من قَدَر الله شيئًا؟ فأخبرهم أنها من قَدَر الله، فتَرْك الأخْذِ بالأسباب قَدْحٌ في الشريعة.

فالنبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما خرَجَ مهاجرًا خوفًا من القتْل؛ لأنَّ الله قال له: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67].

فأعْلَمَه بعصْمَته من كُلِّ مكروه وسُوءٍ، لكنَّ هِجرتَه إثباتٌ لأمَّته وتعليمٌ لها بالأخْذِ بالأسباب، وأنها جزءٌ من الدِّين.

 

فكيف ينافي الأخذُ بالأسباب الإيمانَ بالقضاء والقدر؟ فكما أنَّ الإيمان بالقَدَر مأمور به، فالأخذ بالأسباب مأمورٌ به كذلك، بل هو من قَدَر الله - عز وجل - وهذا ما كان نبيُّنا وحبيبُنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعلِّمه أصحابَه؛ لئلاَّ يتَّكِلوا؛ حيث روى مسلم في صحيحه عن علي - رضي الله عنه - قال: "كنَّا في جنازةٍ في بقيع الغَرقَد، فأتانا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقَعَد وقعدْنا حوله، ومعه مِخْصَرةٌ - عصًا صغيرة - فنكَّس - خفَضَ رأْسَه - فجعل ينكثُ بمِخْصَرته، ثم قال: ((ما منكم من أحدٍ، ما من نفسٍ منفوسة، إلا وقد كتَبَ الله مكانها من الجنَّة أو النار، وإلا قد كُتِبتْ شقيَّة أو سعيدة))، قال: فقال رجلٌ: يا رسول الله، أفلا نمكثُ على كتابنا، وندع العمل؟ فقال: ((مَن كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهلِ السعادة، ومَن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة))، فقال: ((اعملوا؛ فكلٌّ مُيَسَّر؛ أمَّا أهل السعادة فيُيَسَّرون لعمل أهل السعادة، وأمَّا أهل الشقاوة فيُيَسَّرون لعمل أهل الشقاوة))، ثم قرأ: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [الليل : 5 - 10].

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم؛ إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصَحْبه أجمعين.

 

وبعد:

أيُّها الأحبَّة الكِرام، إنَّ للعقيدة عمومًا والإيمان بالقَدَر خصوصًا أثرًا في حياة المسلم، فإنَّ الإيمان بهذا الرُّكن العظيم يُسْبِغ على النفس السكينة والطمأنينة، فتُورِث الشجاعة؛ فلا تخشى إذ ذاك إلا الله - تعالى - ولسان حاله يقول:

أَيُّ يَوْمَيَّ مِنَ الْمَوْتِ أَفِرْ
يَوْمَ لاَ قُدِّرَ أَوْ يَوْمَ قُدِرْ
يَوْمَ لاَ قُدِّرَ لاَ أَرْهَبُهُ
وَمِنَ الْمَقْدُورِ لاَ يُنْجِي الْحَذَرْ

 

فهل يَخْشى مَن هذا حاله وذاك لسانُه؟

وعندما أورثَتْ هذه النفْس الساكنة صاحبَها شجاعةً، فهي تزيد عليها بالرضا، فهل تجد هَمًّا لِمَن رَضِي؟ ولهذا أخبر المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمرَه كلَّه خيرٌ؛ إن أصابتْه سرَّاء شكَر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبَرَ فكان خيرًا له)).

وهذا كله لا يتحقَّق إلا بعد أن يعلم المؤمن أنَّ الإيمان إنما هو تصديق بالْجَنان، وقولٌ باللسان، وعمل بالأركان.

اللهم اجعلْنا من المؤمنين بك، المتوكِّلين عليك، الراضين بقضائك، المؤمنين بقَدَرك، الداعين لدينك، الشاكرين لنِعَمك؛ إنَّك على كلِّ شيءٍ قدير، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.



[1] مجموع الفتاوى (8/ 308).

[2] "العقيدة على ضوء الكتاب والسُّنة"؛ لعمر بن سليمان الأشقر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم الإيمان بالقدر
  • حكم الإيمان بالقدر وكيفيته أيضا
  • الإيمان بالقدر
  • الإيمان باليوم الآخر
  • في الحث على الصبر والإيمان بالقدر
  • الإيمان بالقدر
  • الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والرد على ذلك
  • تعريف القدر ووجوب الإيمان به
  • جنة الدنيا الإيمان بالقدر (خطبة)
  • الإيمان بالقدر خيره وشره
  • فضل الرضا بالقدر
  • الرضا بالقدر أجمل اختيار في الحياة
  • كيف يكون الإيمان بالقدر؟
  • الإيمان بالقدر ومنزلته
  • الإيمان بالقدر والتسليم لله تعالى
  • كلمة عن الإيمان بالقدر
  • الإيمان بالقدر خيره وشره

مختارات من الشبكة

  • الإيمان بالكتب السماوية(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • الإيمان بالقدر خيره وشره (س/ج)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالقدر خيره وشره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالقدر خيره وشره (mp3)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان بالقدر خيره وشره(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالقدر من أركان الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حلاوة الإيمان في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • مسائل في الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- Merci
Nourdine 17-04-2020 12:41 PM

merci beaucoup

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب