• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

المسلم بين الخوف والرجاء (خطبة)

المسلم بين الخوف والرجاء (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/9/2022 ميلادي - 19/2/1444 هجري

الزيارات: 38185

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المُسْلِم بين الخَوف والرَّجاء

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:

الرَّجاءُ: هو تَعَلُّقُ القلبِ بالله تعالى، والاسْتِبشارُ بِجُودِه وفَضْلِه، والارْتِياحُ لِمُطالَعَةِ كَرَمِه ومِنَّتِه. وضدُّ الرَّجاءِ:اليَأْسُ؛ الذي هو تذَكُّر فَواتِ رحمةِ الله، وقَطْعُ القلبِ عن الْتماسِها، وهو معصيةٌ كبيرة، ومِنْ أخلاقِ الكُفَّار؛ ولذا حذَّر يعقوبُ عليه السلام أبناءَه فقال: ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

ولا بُدَّ من التَّفرِيقِ بين الرَّجاءِ والتَّمَنِّي؛ لأنَّ كثيرًا من الناس يَظُنُّ أنه رَاجٍ رَحْمَةَ ربِّه، وهو لا يَمْلِكُ إلاَّ مُجَرَّدَ أمانِيّ؛ لَيْسَتْ بِرَجاءٍ شَرْعًا. فالتَّمنِّي: يكون مع الكَسَل، فلا يَسْلُكُ صاحِبُه طريقَ الجِدِّ والاجتهاد، والرَّاجِي: هو الذي يرجو الخيرَ، مع بَذْلِ الأسباب. فَرَجاءُ المؤمنين مَصْحُوبٌ بعمل؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218]، فآمَنوا أوَّلاً، ثُمَّ هاجَروا، ثُمَّ جاهَدوا في سبيل الله، وبعدَ هذه الأعمال الصَّالِحةِ العَظِيمة؛ بيَّنَ أنهم يَرْجون رحمةَ اللهِ الغفورِ الرَّحيم.

 

وقال تعالى – في ذَمِّ التَّمنِّي: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [النساء: 123]. قال الحَسَنُ البَصْرِيُّ رحمه الله: (إِنَّ الإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي، وَلَا بِالتَّمَنِّي، إِنَّمَا الإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي القَلْبِ، وَصَدَّقَهُ العَمَلُ). وقال أيضًا: (إِنَّ قَوْمًا أَلْهَتْهُمْ أَمَانِيُّ المَغْفِرَةِ، حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَتْ لَهُمْ حَسَنَةٌ، يَقُولُ أَحَدُهم: "إِنِّي لَحَسَنُ الظَّنِّ بِرَبِّي"، وَكَذَبَ، لَوْ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ لَأَحْسَنَ العَمَلَ).

 

واللهُ تعالى ذَمَّ أصحابَ الأمانِيِّ من الأُمَمِ السَّابقة، فقال سبحانه: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا ﴾ [الأعراف: 169]، وقال تعالى – على لِسانِ الكافِرِ صاحِبِ الجَنَّة: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا ﴾ [الكهف: 36]، وأنَّى له الخير عند ربِّه، وليس له شيءٌ من العمل الصَّالح؛ فهو صاحِبُ أمَانٍ كاذِبَة. فَلْنَحْذَرِ الأمانِيَّ الكاذِبَة، ولْنَعْمَلْ بِجِدٍّ واجتهاد، مع مُوافَقَةِ السُّنة، ثُمَّ نرجو اللهَ بعدَ ذلك أنْ يَرْزُقَنا مِنْ خَيرِه وفَضْلِه وإحسانِه في الدُّنيا والآخِرَة.

 

عِبادَ الله.. الرَّجاءُ له ثَمراتٌ كثيرة، وفوائِدُ عظيمة، ومن أهمِّها: المُواظَبَةُ على العِبادات، والتَّلذُّذُ بها؛ قال ابنُ القَيِّم رحمه الله: (الرَّجَاءُ حَادٍ يَحْدُو بِهِ [أي: بالرَّاجِي] فِي سَيْرِهِ إِلَى اللَّهِ، وَيُطِيبُ لَهُ المَسِيرَ، وَيَحُثُّهُ عَلَيْهِ، وَيَبْعَثُهُ عَلَى مُلَازَمَتِهِ، فَلَوْلَا الرَّجَاءُ لَمَا سَارَ أَحَدٌ؛ فَإِنَّ الخَوْفَ وَحْدَهُ لَا يُحَرِّكُ العَبْدَ، وَإِنَّمَا يُحَرِّكُهُ الحُبُّ، وَيُزْعِجُهُ الخَوْفُ، وَيَحْدُوهُ الرَّجَاءُ).

 

ومن ثمراتِ الرَّجاء: إظهارُ العُبوديَّةِ لله تعالى، وأنَّ العبد لا يستغني عن فضلِه وإحسانِه طرْفَةَ عين؛ قال ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله: (وَأَمَّا اسْتِسْلَامُ العَبْدِ لِرَبِّهِ، وَاسْتِسْلَامُهُ بِانْطِرَاحِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَرِضَاهُ بِمَوَاقِعِ حُكْمِهِ فِيهِ: فَمَا ذَاكَ إِلَّا رَجَاءً مِنْهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، وَيُقِيلَهُ عَثْرَتَهُ، وَيَعْفُوَ عَنْهُ، وَيَقْبَلَ حَسَنَاتِهِ مَعَ عُيُوبِ أَعْمَالِهِ وَآفَاتِهَا، وَيَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، فَقُوَّةُ رَجَائِهِ أَوْجَبَتْ لَهُ هَذَا الِاسْتِسْلَامَ وَالِانْقِيَادَ، وَالِانْطِرَاحَ بِالبَابِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا بِدُونِ الرَّجَاءِ أَلْبَتَّةَ).

 

ومن ثمراتِه: تَحْقِيقُ عِبادَةِ الدُّعاء، والنَّجاةُ مِنْ غَضَبِ الله؛ فإنَّ الله تعالى يُحِبُّ من عِبادِه أنْ يَسْأَلوه، ويَرْجُوه، ويُلِحُّوا عليه؛ لأنَّه جَوَادٌ كَرِيم، أجْوَدُ مَنْ سِئِلَ، وأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ؛ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» حسن - رواه الترمذي.

 

ومن ثمراتِه: التَّعرُّفُ على أسماءِ اللهِ الحُسْنى، وصِفاتِه العُلَى؛ لأنَّ الرَّاجي مُتَعلِّقٌ بأسماءِ اللهِ تعالى، فهو مُتَعلِّقٌ باسْمِ الكريم؛ يَرْجُو مِنْهُ الكَرَمَ، ومُتَعلِّقٌ باسْمِ الرَّحيم؛ يَرْجُو مِنْهُ الرَّحْمَةَ، ومُتَعلِّقٌ باسْمِ التَّوَّاب؛ يَرْجُو مِنْهُ التَّوبَةَ، ومُتَعلِّقٌ باسْمِ الغَفُور؛ يَرْجُو مِنْهُ المَغْفِرَةَ.

 

ومن ثمراتِه: حُصولُ المَقْصود؛ فإنَّ العبدَ إذا تَعَلَّقَ قلبُه بربِّه؛ أعطاه ما رَجَاه، وحَصَلَ له المقصود، قال ابنُ القَيِّمِ رحمه الله: (وَكُلَّمَا كَانَ العَبْدُ حَسَنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ، حَسَنَ الرَّجَاءِ لَهُ، صَادِقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَهُ فِيهِ الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ آمِلٍ، وَلَا يُضَيِّعُ عَمَلَ عَامِلٍ).

 

ومِنَ الأهمِيَّةِ بِمَكان - أنْ يَجْمَعَ المُسلِمُ بين الخَوفِ والرَّجاء، فَهُما كَجَناحَي الطَّير. إذا اسْتَوَيَا؛ استَوَى الطَّيرُ، وتَمَّ طَيَرانُه، قال بَدْرُ الدِّينِ العَينِي رحمه الله: (المُكَلَّف لَو تَحَقَّقَ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمَا قَطَعَ رَجَاءَهُ أَصْلاً، وَلَو تَحَقَّقَ مَا عِنْدَه مِنَ العَذَاب لَمَا تَرَكَ الخَوْفَ أَصْلاً؛ فَيَنْبَغِي أَنْ يكونَ بَينَ الخَوْفِ والرَّجاء، فَلَا يكونُ مُفْرِطًا فِي الرَّجَاء؛ بِحَيْثُ يَصِيرُ مِنَ المُرجِئَةِ القَائِلين: "بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الإِيمَانِ شَيءٌ"، وَلَا فِي الخَوْف؛ بِحَيْثُ يكون من الخَوَارِجِ والمُعتزِلَةِ القَائِلين: "بِتَخْلِيدِ صَاحِبِ الكَبِيرَةِ إِذا مَاتَ مِنْ غَيرِ تَوْبَةٍ فِي النَّار"، بل يكون وسَطًا بَينهمَا، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ [الإسراء: 57]).

 

والجَمْعُ بين الخَوفِ والرَّجاءِ هو طريقةُ القرآن: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106]؛ فاللهُ تعالى يُرَجِّي عِبادَه بِبَياضِ الوُجُوه، ويُخَوِّفُهم بِسَوادِها يومَ القيامة. وتأمَّلْ قولَه سُبحانه: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأعراف: 167]؛ فجَمَعَ بين التَّخْويفِ بِسُرْعَةِ عِقابِه، والتَّرْغِيبِ بمغفرتِه ورحمتِه. وتأمَّلْ أيضًا: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13، 14]، والآياتُ في هذا المعنى كَثِيرةٌ.

 

ومِنَ الأحوالِ المُهِمَّة التي يُغلِّبُ فيها العبدُ جانِبَ الرَّجاءِ على جانِبِ الخَوفِ: حَالُ المَوتِ؛ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاَثٍ يَقُولُ: «لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ» رواه مسلم. قال النَّوَوِيُّ رحمه الله: (فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَنْبِيهِ المُحْتَضَرِ عَلَى إِحْسَانِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَذِكْرِ آيَاتِ الرَّجَاءِ وَأَحَادِيثِ العَفْوِ عِنْدَهُ، وَتَبْشِيرِهِ بِمَا أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ، وَذِكْرِ حُسْنِ أَعْمَالِهِ عِنْدَهُ؛ لِيَحْسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيَمُوتَ عَلَيْهِ. وَهَذَا الْأَدَبُ مُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ).

 

والسُّوالُ هنا: لِماذا غُلِّبَ جانِبُ الرَّجاءِ على الخَوفِ إِذَا دَنَتْ أَمَارَاتُ المَوْتِ؟ أجابَ النَّوَوِيُّ رحمه الله بقوله: (لِأَنَّ مَقْصُودَ الخَوْفِ الِانْكِفَافُ عَنِ المَعَاصِي وَالقَبَائِحِ، وَالحِرْصُ عَلَى الإِكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالأَعْمَالِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ - أَوْ مُعْظَمُهُ - فِي هَذَا الحَالِ؛ فَاسْتُحِبَّ إِحْسَانُ الظَّنِّ، المُتَضَمِّنُ لِلِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالإِذْعَانِ لَهُ).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله...

أيها المسلمون.. الرَّجاءُ ليس مَقْصُورًا على أُمورِ الآخِرةِ فحَسْب، بل هو حاصِلٌ في الأُمورِ الدُّنيوية؛ فالمُسْلِمُ قد يَرْجُو مِنَ اللهِ مَالاً، أو وَلَدًا، أو زَوْجًا، أو وَظِيفةً، أو زَوالَ مَرَضٍ، أو العُثورَ على مَفْقُودٍ؛ كما جَرَى مِنْ نَبِيِّ اللهِ يعقوبَ عليه السلام – حين قال لِبَنِيه: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

 

والرَّجاءُ مُسْتَمِرٌّ بعدَ المَوت، فإذا لَقِيَ المُؤمنُ ربَّه، ازْدَادَ رَجَاؤُه - إنْ كانَ مُحْسِنًا؛ لأنَّ الأَجِيرَ إذا جاء وقْتُ تَسَلُّمِ الأُجْرَة؛ ازدادَ رجاؤُه في الذي سيَحْصُلُ عليه، وإذا قَدِمَ العِبادُ المُحْسِنون على الله؛ ازدادَ رجاؤُهم فِيمَا سيَحْصُلون عليه، وقد بَيَّنَتِ السُّنةُ الشَّريفةُ أنَّ العبدَ يُنادِي ربَّه: «رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي» صحيح – رواه أحمد؛ لأنَّه فُتِحَ له بابٌ إلى الجنَّةِ في قَبْرِه، فهو يأتيه مِنَ النَّعِيمِ والطِّيب، ثم يُقالُ له: «نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لاَ يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ» حسن – رواه الترمذي. وأمَّا الكُفَّارُ والفُجَّارُ فإنَّهم يَخافون في قُبورِهم، ويَرْجُون ألاَّ تَقُومَ السَّاعَةُ؛ لِمَا يَرونَه من العذابِ في القَبْرِ، ولِمَا يَعْلَمونه مِنْ شِدَّةِ العذاب الذي يَنْتَظِرُهم.

 

عِبادَ الله.. على المُسلِمِ أنْ يكونَ جَامِعًا بين الخَوف والرَّجاء؛ حتى يتحَقَّقَ له مَطْلُوبُه ومُرادُه. ويَبْتَعِدَ عن القُنوطِ مِنْ رحمةِ اللهِ تعالى، وأنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ بالله، ولا يَكُنْ قَلِيلَ الرَّجاء؛ فإنه يكون كالإنسانِ الميِّت.

لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيِّتٍ
إِنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ
إنَّما المَيْتُ مَنْ يَعِيشُ كَئِيبًا
كَاسِفًا بَالُهُ قَلِيلَ الرَّجَاءِ

 

وأَعْمالُ القلوبِ يَرْتَبِطُ بَعْضُها بِبَعْضٍ؛ وكلَّما قَوِيَ أحدُها قَوَّى غيرَه، وكلَّما ضَعُفَ أَضْعَفَ غيرَه؛ قال ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله: (اعْلَمْ أَنَّ مُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ: المَحَبَّةُ، وَالخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ). بل إنَّ الاهتمامَ بِعَمَلٍ قَلْبِيٍّ واحِدٍ، وعَدَمَ الاهتمامِ بالبَقِيَّة؛ قد يُوقِعُ في الخَطأِ والضَّلال. قال ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله: (مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالحُبِّ وَحْدَهُ؛ فَهُوَ زِنْدِيقٌ. وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالخَوْفِ وَحْدَهُ؛ فَهُوَ حَرُورِيٌّ. وَمَنْ عَبْدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ؛ فَهُوَ مُرْجِئٌ. وَمَنْ عَبَدَهُ بِالحُبِّ وَالخَوْفِ وَالرَّجَاءِ؛ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُوَحِّدٌ).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخوف والرجاء (1 - 2)
  • الخوف والرجاء (2-2)
  • عبودية الخوف والرجاء
  • خطبة عن الخوف والرجاء
  • المسلم بين الخوف والرجاء
  • الخوف والرجاء
  • الجمع بين الخوف والرجاء
  • خطبة الرجاء

مختارات من الشبكة

  • نظام التوارث بين المسلم وغير المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلاقة الفردية بين المسلم وغير المسلم في الفقه الإسلامي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث أبي هريرة: "المسلم أخو المسلم لا يخونه"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: المسلم أخو المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حرمة المسلم على أخيه المسلم (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: حق المسلم على المسلم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • حق المسلم على المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق المسلم على أخيه المسلم (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • حق المسلم على المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب