• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

قدرة الله تعالى

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/10/2007 ميلادي - 16/10/1428 هجري

الزيارات: 272924

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قدرة الله تعالى

 

﴿ الحَمْدُ لله فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ المَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1]، و﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1]، أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ تفرد بصفات الجلال والكمال، وتنزه عن الأنداد والأمثال. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أعلم الناس بربهم، وأتقاهم له، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فيأيها الناس: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، اتقوا من له ملك السموات والأرض وما فيهن، وهو على كل شيء قدير، قدرته فوق كل قدرة، وقوته تغلب كل قوة. أرانا عجائب قدرته، ودلائل قوته فيما خلق وقدّر. خلق السموات والأرض، ثم قال لهما: ﴿ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصِّلت: 11].

 

قدرته تعالى لا تخضع لما عرفه البشر من قوانين الكون والحياة؛ فقدرته تخرق هذه القوانين، ومن وضع هذه القوانين في الكون إلا هو سبحانه وتعالى! وقانون الكون يقتضي أن كل شيء يبنى لابد له من عمد لكيلا يسقط والله تعالى ﴿ رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾ [الرعد: 2]. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "أي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها، وهذا هو الأكمل في القدرة، كما قال تعالى: ﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [الحج: 65][1].

إنَّ السماءَ لمِنْ أكبر الأدلة على قدرة الخالق تبارك وتعالى في ارتفاعها، وما فيها من أنجم وأفلاك، وشمس وقمر وسحاب.

 

وفي الأرض من المخلوقات والعجائب ما يبهر العقول، ويستولي على النفوس ﴿ وَفِي الأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾ [الذاريات: 20]. فيها من الآيات الدالة على عظمة خالقها وقدرته الباهرة مما قَدْ ذرأ فيها من صنوف النَّبات والحيوان والمهاد والجبال والقفار والأنهار والبحار[2]، وما بثَّ فيها من أنواع الدوابّ ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ﴾ [الشُّورى: 29].

 

ونوّع بقدرته هذه الدواب ﴿ وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَّمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَّمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَّمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَّخْلُقُ اللهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [النور: 45]. 

ومن دلائل قدرته تعالى: ما ينزل من السماء من ماء، فيبقيه في الأرض ولو شاء لذهب به ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾. [المؤمنون: 18- 19].

 

إنه تعالى بقدرته وحكمته جعل حياة الأرض ومن عليها بهذا الماء، إن ارتوت منه حيت، وإن فقدته ماتت، وكما يحيي الأرض بالماء فهو قادر على بعث المخلوقين، ولو كذّب المكذبون، وعاند المعاندون ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فصِّلت: 39]، ﴿ فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الرُّوم: 50].

 

لقد كذَّب المشركون والملاحدة بذلك، فلم يؤمنوا بقدرته تعالى على إحياء الموتى، وبعث الخلق مرة أخرى، ولم ينظروا إلى قدرته تعالى في خلق السموات والأرض التي هي أكبر من خلق هذا الإنسان ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ المَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأحقاف: 33]، ﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الخَلَّاقُ العَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 81 - 83]، ألا يقدر على إعادة الخلق كرة أخرى من خلق المرة الأولى؟! ألا تظهر قدرته لكل من يعقل وقد خلق الإنسان من طين، ومن ماء مهين، ومن صلصال من حمأ مسنون؟ وسواه من نطفة لا قيمة لها ﴿ أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ المَوْتَى ﴾ [القيامة: 36 - 40] بلى وعزة ربنا وقدرته ﴿ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ﴾ [الطًّارق: 8]. 

وخلْقُ الإنسان، وسيره في الحياة، بداية ونهاية، وضعفًا وقوة، لمن دلائل قدرة الخالق سبحانه وتعالى. جعل للجنين في بطن أمه أطوارًا ينمو فيها شيئًا شيئًا حتى يأذن بخروجه إلى الدنيا ضعيفًا، ثم يقوى، ثم يضعف حتى ينتهي، إنها لعبرة، وإنها لدليل قدرة؛ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴿ اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ العَلِيمُ القَدِيرُ ﴾ [الرُّوم: 54].

 

رزق الإنسان العقل، وسخر له الخلق، وأمره بحمل الأمانة وعمارة الأرض، وإقامة الدين له تعالى؛ فآمن أقوام، وكفر آخرون؛ فكان الاختلاف والاحتراب على الأرض بين الإيمان والكفر، بين الهدى والضلال، بين الحق والباطل قائمًا إلى قيام الساعة. 

وقد أخبرنا أنه تعالى ينصر المؤمنين، ويُهلك المكذبين. من أغرق فرعون وجنده؟ ومن أرسل الريح على عاد وقومه؟ ومن أهلك ثمودَ بالصيحة؟ ومن خسف بقارون وداره؟ ومن دمّر جموعًا من المعاندين؟ ومن نصر أولياءه المؤمنين، وأظهر عباده المتقين؟ إنه الله تعالى وهو على كل شيء قدير.

 

لقد حذرنا سبحانه وتعالى من التمرد والعصيان، وأبان لنا عاقبة ذلك، وضرب لنا الأمثال بمن خَلَوْا قبلنا، وأوضح لنا أنه على كل شيء قدير، فقال في المكذبين ﴿ وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 95]، وقال في المنافقين: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]. 

إنه تعالى حذّرنا من عاقبة القعود عن نصرة الدين مهما كانت التبعات والتضحيات، وإذا قصرنا فهو قادر على أن يبدلنا بخير منا ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38]، ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾ [المعارج: 40 -41]، ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾ [النساء: 133].

 

وما نعمل من طاعات تنفعنا ولا تنفعه تعالى، وما نقارف من عصيان يضرنا ولا يضر الله تعالى شيئًا. 

ولما استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًّا من العرب فتثاقلوا عنه أمسك الله عز وجل عنهم القطر فكان عذابهم[3] ﴿ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التوبة: 39]، ولا يستطيع أحد من الخلق أن يملك النفع والضر مهما بلغ؛ بل ذلك بيد الله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 17 - 18].

 

إن البشر يشاهدون قدرة الله تعالى في الإهلاك والعذاب، ولا يملكون حيالها شيئًا مع كل ما وصلوا إليه من علوم وصناعات. يأمر الله تعالى الريح فتأتي تدمر ما أمرت به؛ تقتلع الأشجار، وتهدم البيوت، وتهلك من شاء الله تعالى لا يملك البشر لها دفعًا. ويأتي الفيضان بأمر الله تعالى فيغرق المدن ومن فيها، والزلزلة آية أخرى من آيات قدرته تعالى، يسوي الله تعالى بها مدنًا بالأرض في أقل من ثانية، فأين هي قوة البشر وقدرتهم، وأين دراساتهم وأبحاثهم، ومكتشفاتهم ومخترعاتهم؟ هل دفعت لله أمرًا؟ أو منعت عذابًا؟ أو عطلت قدره؟! كلا؛ بل ما شاء الله تعالى كان، وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطَّلاق: 12].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا يليق بجلال ربنا وعظيم سلطانه، أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فيأيها الناس: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأخلصوا له الدين، فما خلقتم إلا لهذا، قال قتادة رحمه الله تعالى: "من تفكر في خلق نفسه عرف أنه إنما خلق ولُيّنت مفاصله للعبادة"[4]. 

أيها الإخوة: إن المؤمن الحق لا يغتر بجاهه أو ماله أو قدرته، ويتبرأ من حوله وقوته، ويسأل الله الإعانة في أموره؛ فقدرته تعالى نافذة، فإذا سمع المؤمن المؤذن يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، كأنه يقول: هذا الذي تدعوني إليه وهو الصلاة والفلاح أمر عظيم لا أستطيع مع ضعفي القيام به إلا إذا وفقني الله بحوله وقوته[5]. إنه يطلب الإعانة من الله تعالى حتى في أمور دينه.

 

وإذا حار بين أمرين لا يدري ما الخير له فيهما استخار الله تعالى وسأله بقدرته وعلمه أن يختار له الأحسن فقال: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب))[6].

 

وإذا شكا وجعًا وألمًا علم أن الله تعالى قادر على أن يذهب وجعه، وأن يسكن ألمه؛ فيضع يده على مكان الوجع ويقول: "أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر"[7]. 

إن من قوي إيمانه بالله تعالى قوي يقنه بقدرة الله تعالى وقوته؛ فلا يعظم ولا يخاف إلا الله تعالى. لا يعظم مخلوقًا كتعظيم الله تعالى مهما كان له من الإنجازات والعطاءات، ومهما شاهد من قدرته وقوته؛ لأنه يعلم أن الله تعالى أقوى وأقدر.

 

ومن كان كذلك فإنه لا يظلم العباد؛ لأنه إن رأى قدرته فوق قدرتهم علم أن قدرة الله تعالى فوق قدرته،وهو كذلك لا يخاف الظلمة والمتسلطين؛ لأنه إن رأى أن قدرتهم فوق قدرته علم أن قدرة الله تعالى فوق قدرتهم. 

والمؤمن مأمور دائمًا أن يتذكر قدرة الله تعالى وقوته في كل أحواله وشؤونه؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: ((ألا أدلك على كلمة من تحت العرش، من كنز الجنة؟ تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقول الله: أسلم عبدي واستسلم))؛ أخرجه الحاكم بإسناد صحيح[8].

 

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واطلبوا منه العون في الأمور كلها، وتبرؤوا من حولكم وقوتكم، ولوذوا بحمى من هو على كل شيء قدير.

 

وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله كما أمركم بذلك ربكم[9].

 


[1] تفسير ابن كثير (2 /772) عند تفسير الآية الثانية من سورة الرعد.

[2] تفسير ابن كثير (4 /362) عند تفسير الآية (20) من سورة الذاريات.

[3] أخرجه أبو داود في الجهاد باب في نسخ نفير العامة بالخاصة (2506) والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (2 /104) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

[4] تفسير الطبري والدر المنثور للسيوطي (6 /137).

[5] فتح الباري لابن حجر (2 /109).

[6] كما في حديث جابر الذي أخرجه البخاري في الدعوات باب الدعاء عند الاستخارة (3685)، وأبو داود في الصلاة باب الاستخارة (1538)، والترمذي في الصلاة باب صلاة الاستخارة (480)، والنسائي في النكاح باب الاستخارة (3255)، وابن ماجه في إقامة الصلاة باب صلاة الاستخارة (1383).

[7] كما في حديث عثمان بن أبي العاص عند مسلم في السلام باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء (2202)، وأبي داود في الطب باب كيف الرقى (3891)، والترمذي في الطب (2081)، وابن ماجه في الطب باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم (3522).

[8] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2 /184)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1 /21) وله شاهد من حديث أبي موسى بلفظ: ((ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة))؟ قلت: "بلى" قال: ((لا حول ولا قوة إلا بالله))؛ أخرجه البخاري في الدعوات باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله (6409).

[9] فائدة: للاستزادة في موضوع قدرة الله تعالى انظر:

1 - "الأسماء والصفات" للبيهقي (1 /314) لكن يحذر من تأويله؛ لأنه - عفا الله عنه ورحمه -   يميل إلى التأويل في بعض الصفات لكن يستفاد من الآثار المرفوعة والموقوفة التي ذكرها.

2 - "التوحيد" لابن منده (2 /162).

3 - فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (8 /7 - 52) ففيه كلام نفيس جدًّا، وتفصيل لا مزيد عليه.

4 - "شرح نونية ابن القيم" للدكتور محمد خليل هراس (2 /78).

5 - "فتح الباري" لابن حجر كتاب القدر باب لا حول ولا قوة إلا بالله (11 /509).

6 - "الحق الواضح المبين" للشيخ عبدالرحمن السعدي (45).

7 - تفسير السعدي (5 /624).

8 - الكتب التي اهتمت بشرح الأسماء الحسنى عند اسم (القدير) أو صفة (القدرة).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حاكمية الله في قلب المؤمن
  • قدر الله وما شاء الله فعل
  • القدر: قدرة الله
  • قانون السببية
  • قدرة الله
  • أعظم قوة
  • قدرة الله جل جلاله
  • لماذا الإيمان بطلاقة قدرة الإله الخالق جل وعلا؟ تأملات في طلاقة قدرة الله سبحانه وتعالى

مختارات من الشبكة

  • المرض بقدر والصحة بقدر والعلاج بقدر والدواء من القدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • 20 آية قرآنية تدل على إثبات القضاء والقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم قول: (وشاءت قدرة اللّه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالقدر وآثاره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان قدر ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • سمو القدر في إحياء ليلة القدر (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • قدر ليلة القدر(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • التمسوا القدر في ليلة القدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل قدرنا الله حق قدره؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعوة بقدر حال الداعي وقدرته(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
9- جميل
شيماء ابحيح - مغرب 22-11-2016 12:27 AM

جميل استفدت شكرا

8- مشكور
علي - الكويت 11-10-2016 12:35 AM

السلام عليكم الموضوع أعجبني، شكرا لكم

7- شكر
ضلايثق - tunisie 05-04-2016 09:59 PM

thanks

6- nuestaron
park ha - alger 18-09-2015 03:44 PM

thank you so mutch

5- bien fait
bouty tibta - algerie 13-09-2013 11:08 PM

ce programe est très bien merci beaucoup



this is coool

4- الألوكة
بسمة - الجزائر 27-11-2012 10:35 PM

it is agood thing ilove this. This makes a great degree of God

3- الشكر
محمد - الجزائر 20-10-2012 12:38 PM

الحمد لله ونفعنا وإياكم بالقرآن الكريم وأوجه شكري إلى كل العاملين على هذه الآيات والشرح الرائع وأتمنى لكم التوفيق والسداد

2- allah
NOURIA - Algrie 04-10-2012 10:08 PM

mon dieu qui donne moi la force

1- الايات
ريري - فلسطين 25-10-2010 10:30 PM

سبحان الله وبحمدة شيئ جميل للغاية

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب