• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / مقالات
علامة باركود

يوم الحج الأكبر

يوم الحج الأكبر
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/10/2019 ميلادي - 3/2/1441 هجري

الزيارات: 13144

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يوم الحج الأكبر


هذا اليوم من أعظم أيام الحج، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا يوم الحج الأكبر"؛ لاجتماع عبادات متنوعة وعظيمة فيه (رمي، نحر، حلق، طواف، وسعي)، ولذا يسمى يوم النحر أيضًا؛ لأن فيه ينحر الهدي، وتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم في أول اليوم العاشر صلى الفجر في مزدلفة، ثم أتى المشعر الحرام فدعا وكبَّر الله تعالى، وهلَّله ووحَّده حتى أسفر جدًّا، ثم دفع قبل أن تطلُع الشمس.

 

قال جابر رضي الله عنه: "فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاس رضي الله عنه وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ يَدَهُ مِنَ الشق الآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشق الآخَرِ يَنْظُرُ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسر، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطريقَ الْوُسْطَى التِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتى أَتَى الْجَمْرَةَ التِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ".

 

فيه عدة فوائد:

الفائدة الأولى: الحديث فيه جواز الإرداف على الدابة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل بن عباس رضي الله عنه حين دفع من مزدلفة إلى منى، وأردف أسامة رضي الله عنه حين دفع من عرفة إلى مزدلفة، وتقدَّم بيانُه.

 

الفائدة الثانية: قصة الفضل بن عباس رضي الله عنه، وكان وسيمًا؛ أي: حسنًا، ونظره إلى الظعُن (وهي جمع ظعينة، وكل بعير عليه امرأة يسمى ظعينة، ثم سميت المرأة به مجازًا لملامستها البعير)؛ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ؛ أي: أخذ الفضل رضي الله عنه ينظر إليهنَّ.

 

وفي الحديث النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل في الموضعين، استدل بهذه القصة من قال بجواز النظر إلى المرأة الأجنبية حال أمن الفتنة استدلالًا بفعل الفضل رضي الله عنه، وأجاب المانعون بأن الحديث دليل على عدم جواز النظر للأجنبية مطلقًا، ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صرف وجه الفضل رضي الله عنه في كل مرة ينظر فيها إلى النساء، وهذا من إنكار المنكر باليد ولو كان جائزًا لتركه، والإنكار يدل على عدم الجواز، والقول بعدم النظر مطلقًا هو الأظهر والله أعلم، ولأن العبرة بالاستدلال هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا فعل غيره، وفعله صلى الله عليه وسلم يدل على الإنكار باليد، وفيه أن تغيير المنكر في الأصل يكون باليد لا يُنتقل لغيره إلا مع عدم الاستطاعة.

 

الفائدة الثالثة: الحديث فيه مشروعية الإسراع عند المرور بوادي مُحسِّر لقول جابر رضي الله عنه: "حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا"، ومُحسِّر: بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة: هو وادٍ بين مزدلفة ومنى، فيُسن لمن مرَّ به في طريقه أن يسرع في مسيره سواءً كان بسيارته، أو على قدميه إن استطاع ذلك، واختُلف في سبب إسراع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع، فقيل: لأن النصارى كانت تقف هناك، فأسرع مخالفةً لهم، وقيل: لأن المشركين كانوا يقفون هناك فيذكرون أمجادهم وأحسابهم، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة لهم كما خالفهم في خروجه من عرفة وخروجه من مزدلفة.

 

وقيل: لأن وادي مُحسِّر هو موضع هلاك أصحاب الفيل، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم هو الإسراع حين يمر بديار أهل العذاب، وهذا القول أضعفها؛ لأن أصحاب الفيل نزل بهم العذاب في مكان يسمى المغمَّس والفيل، لم يدخل الحرم أصلًا.

 

وكل ما تقدم اجتهادات لا دليل عليها في إثبات الحكمة من إسراع النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل أن يتعبد الإنسان بما ورد، فإن ظهرت له الحكمة، وإلا فهو من الخير الذي خفيت على العبد حكمته.

 

الفائدة الرابعة: الحديث فيه بيان قصد النبي صلى الله عليه وسلم حين سار إلى جمرة العقبة، وذلك بسلوكه الطريق الوسطى المؤدية إليها؛ لأنها هي التي تُرمى يوم النحر دون بقية الجمرات، وقوله: "التِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ"، هذا وصف لها في الزمن السابق، وأما اليوم فلا لأنها أُزيلت.

 

نعود لسياق الحديث:

قال جابر رضي الله عنه: "حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، (وفي رواية: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: «لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه»، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًّا، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قِدرٍ فطُبخت، فأكلا من لحمها وشرِبا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبدالمطلب يسقون على زمزم، فقال: «انزعوا بني عبدالمطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم»، فناولوه دلوًا فشرب منه".

 

في بقية الحديث عدة فوائد:

الفائدة الأولى: الحديث دليل على أن السنة أن يبدأ الحاج إذا دخل منى برمي جمرة العقبة، وسيأتي في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن المخالفة في أعمال هذا اليوم لا حرج فيها، فالسنة أن يبدأ برمي الجمرة.

 

ودلَّ حديث جابر رضي الله عنه على عدة إشارات في الرمي:

الإشارة الأولى: أن عدد الحصيات سبع حصيات لا بد منها.

 

الإشارة الثانية: أنه لا بد من رميها رميًا؛ لقوله: "فَرَمَاهَا"، فلو وضعها وضعًا فإنه لا يجزئ؛ لأنه لا يسمى رميًا.

 

الإشارة الثالثة: أن يكبِّر مع كل حصاة يقول: (الله أكبر) وهذا من كمال التعبد والتعظيم؛ ليكون بالقلب والقول وهو التكبير، وبالفعل وهو الرمي.

 

الإشارة الرابعة: السنة أن تكون الجمار حجم الواحدة منها كحصى الخذْف، وحصى الخذف أكبر من حبَّة الحمص قليلًا، فلا يُرمى بالحصى الكبيرة ولا الصغيرة جدًّا، لا إفراط ولا تفريط، وسميت حصى الخذْف؛ لأن العرب كانوا يخذفون بها، يجعلها الإنسان بين أصبعيه السبابة والإبهام، أو بين السبابتين، ثم يرمي بها.

 

الإشارة الخامسة: في الحديث بيان السنة في مكان الرمي، أين يقف الرامي؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم رماها من بطن الوادي، وفي حديث ابن مسعود المتفق عليه أكثر بيانًا لهذا الموقف؛ حيث قال: "رمى رسول الله الجمرة الكبرى بسبع حصيات، فجعل البيت عن يساره ومِنى عن يمينه"، ولو رماها من أي مكان لأجزأه، ولكن السنة أن يرمي من الموضع الذي رمى منه النبي صلى الله عليه وسلم إن تيسَّر له.

 

الإشارة السادسة: رمي النبي صلى الله عليه وسلم بالحصى فيه دلالة على أنه لا يصح الرمي بغيره، كمن يرمي بالحديد، أو الخشب، أو الإسمنت ونحوه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بالحصى، وقال: "لتأخذوا عنى مناسككم"، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة الكبرى بسبع حصيات، وقال: "بأمثال هؤلاء فارموا"، والحديث رواه أحمد والنسائي، وابن ماجه من حديث ابن عباس.

 

الإشارة السابعة: ليس في الحديث بيان من أين لقط النبي صلى الله عليه وسلم حصى جمرة العقبة، وهذا يدل على أنه ليس هناك موضع معيَّن في أخذ الجمار، فيأخذ الحاج من حيث شاء بخلاف ما يعتقده البعض أن السنة أن يكون من مزدلفة.

 

الإشارة الثامنة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى راكبًا، قال جابر: "رَأَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي عَلى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ".

 

الفائدة الثانية: الحديث فيه الحث على تتبُّع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، واستغلال فرصة الحج معه، فلربما لا يدركها مرة أخرى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَحُج بَعْدَ حَجَّتِي هذِهِ»، وهذا من حرصه صلى الله عليه وسلم في تبليغ ما لديه، فإنه يُشعرهم صلى الله عليه وسلم بأنه قد لا يحج بعد هذا العام، وهذا ما حصل، فنقل الصحابة رضوان الله عليهم عنه أفعاله بدقة وفي كل موضع، وها هو جابر رضي الله عنه ينقل منسكًا كاملًا؛ مما يدل على تتبُّعه وقوة حفظه وأخذه لوصية النبي صلى الله عليه وسلم: "لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ".


الفائدة الثالثة: الحديث فيه دلالة على أن ثاني أعمال هذا اليوم - يوم النحر - هو النحر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وفي النحر خمس إشارات:

الإشارة الأولى: قوة النبي صلى الله عليه وسلم البدنية؛ حيث نحر ثلاثة وستين بدنة بنفسه، ويؤخذ من هذا أن الأفضل للحاج أن يباشر ذبح الهدي بنفسه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولأن في ذلك مباشرة للعبادة.

 

الإشارة الثانية: إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا لينحر ما غَبر - أي: ما تبقى - يؤخذ منه جواز النيابة في النحر، وقيل: إنما أعطاه ليذبح عن نفسه؛ لأنه أشركه في هديه لقوله: "وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ"، ويؤخذ من هذا أيضًا جواز إشراك الغير في الهدي، بشرط ألا يقل عن القدر الواجب وهو شاة، أو سبع بدنة للحاج متمتعًا كان أو قارنًا، وقيل: إنما نحر ثلاثة وستين؛ لأنها هي التي أتى بها من المدينة؛ كما في رواية الترمذي، وقيل: إنما نحر ثلاثة وستين؛ لأن منتهى عمره صلى الله عليه وسلم ثلاثة وستون سنة، فكأنه أهدى عن كل سنة من عمره بدنة.

 

الإشارة الثالثة:الحديث فيه استحباب تكثير الهدي وتقدَّم بيانُه.

 

الإشارة الرابعة: الحديث فيه دلالة على أن السنة أن يأكل الحاج من هديه، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل بدنة بِبُضعة (وهي القطعة من اللحم)، فطُبخت فأكل هو وعلي رضي الله عنه من اللحم، وشرِبا من المرق، وأيضًا لقوله تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، "فالسنة أن يأكل من هديه، ويطعم غيره، ففي هذا الموضع السنة أن يأكل؛ لأن الدم هنا دم شكران لا دم جبران، ودم الجبران هو الذي يذبحه الحاج لخلل حاصل في حجه؛ إما بفعل محظور، أوترك واجب، فيجبره بدم على حسب خلله، فدم الجبران لا يأكل منه صاحبه بخلاف دم الشكران، فإنه يأكل منه صاحبه كدم القارن والمتمتع والمضحي، ونحوه مما يتعبد لله به.

 

الإشارة الخامسة: لم يُذكر في حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق بعدما نحر، لكن هذا فعله صلى الله عليه وسلم؛ حيث ثلَّث بحلق رأسه، وقد ذُكر ذلك عند أحمد من حديث جابر رضي الله عنه قال: "نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حلق"؛ [انظر حجة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني (93)]، وفي حديث أنس عند مسلم وسيأتي إن شاء الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للحلاق: "خُذ"، وأشار إلى شقه الأيمن ثم الأيسر، ثم جعل يعطي الناس، وفي هذا بيان أن السنة الحلق بعد النحر، وأن السنة أن يبدأ الحلاق بالشق الأيمن، وهذه سنة مندثرة.

 

الفائدة الرابعة: الحديث فيه دلالة على أن السنة أن يكون الطواف بعد النحر، فيكون ترتيب الأعمال في يوم النحر كما يلي: رميٌ، ثم نحرٌ، ثم حلقٌ، ثم طوافٌ، ثم سعيٌ، والسعي لم يأت ذكره في الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّم سعي الحج بعد طواف القدوم، وتقدَّم الكلام عنه في أول الحديث، ولا بأس بمخالفة الترتيب في هذه الأعمال، بدلالة حديث ابن عمرو رضي الله عنه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لكل من قدَّم أو أخَّر في هذا اليوم: "افعَل ولا حرَج"؛ متفق عليه.

 

وللحاج أن يؤخر طواف الإفاضة، وجمهور العلماء على أنه له تأخيره ولو بعد ذي الحجة، ولكن الأحوط ألا يؤخره إلا بعذرٍ من مرض، أو نفاس ونحوه؛ [انظر بدائع الصنائع (2 /132)، والمجموع (8 /224)]، وكذا يقال أنه يجوز تقديم طواف الإفاضة ليلة النحر إذا كان وقف قبلها بعرفة وبات بمزدلفة، وذلك للضَّعَفَةِ؛ ككبير السن، أو نساء يخاف عليهنَّ الزحام، أو نزول العادة الشهرية؛ [انظر فتاوى ابن باز (17 /284)].

 

وعليه يقال لطواف الإفاضة ثلاثة أحوال:

الأول: تقديمه: بأن يكون بعد غيبوبة القمر ليلة النحر، وهو جائز للضعفة الذين يُخاف عليهم، ومن قام بشأنهم من الأقوياء.

 

الثاني: يوم النحر: وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأفضل في تطبيق هذا النسك.

 

الثالث: تأخيره عن يوم النحر، وتقدَّم أنه يجوز أن يؤخره عن يوم النحر في أي يوم من أيام التشريق، ولو بعدها.

 

الفائدة الخامسة: الحديث فيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه عند مسلم: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى بمنى"، وبينهما تعارض، والجمع بينهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة في أول وقتها، ثم رجع إلى منى، فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه؛ [انظر شرح النووي لمسلم حديث (1218)].

 

الفائدة السادسة: الحديث فيه بيان بركة وقت النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث خرج من مزدلفة بعدما أسفر إلى منى، ثم رمى جمرة العقبة، ثم نحر ثلاثًا وستين بدنة، ثم حلق، ثم ذهب إلى مكة وطاف، وكل ذلك قبل صلاة الظهر، ولا تنس أنه يتخلل هذه الأعمال انشغال من النبي صلى الله عليه وسلم بالناس يبيِّن لهم ما يحتاجون بيانه، وأن دوابهم ليست سريعة كاليوم.

 

الفائدة السابعة: الحديث فيه بيان أن الأفضل لمن طاف طواف الإفاضة أن يشرب من ماء زمزم؛ لفعله صلى الله عليه وسلم؛ حيث أتى بني عبدالمطلب يسقون على زمزم، فناولوه دلوًا فشرب منه، وقال لهم قبل ذلك: "انْزِعُوا" بكسر الزاي؛ أي: استقوا بالدِّلاء للناس، "فَلَوْلاَ أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ، لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ"، وهذا فيه خصوصية بني عبدالمطلب بالسقاية، وفيه فضيلة عملهم هذا؛ حيث صدَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمل كعملهم هو خشية الإشقاق على الناس، وهذا من رأفته صلى الله عليه وسلم بأمَّته؛ حيث خشِي أن لو سقى مع بني عبدالمطلب، لازدحم الناس بعد ذلك رغبةَ أن يفعلوا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

 

هذه جملة من الفوائد أو الإشارات في هذا الحديث العظيم ذكرتها من غير بسط ولا إخلال، وإنما تناولت ما جاء في حديث الباب، ولم يأت في الحديث فعل النبي صلى الله عليه وسلم أيام التشريق في اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، والنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام بات لياليها في منى ورمى في نهارها بعد الزوال الجمار الثلاث بادئًا بالصغرى، ثم دعا بعدها طويلًا، ثم الوسطى، ثم دعا بعدها طويلًا، ثم الكبرى ولا يدعو بعدها. كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، وفي اليوم الثالث من أيام التشريق - يوم الثلاثاء - خرج النبي صلى الله عليه وسلم من منى إلى المحصَّب وهو الأبطح بعدما رمى جمار ذلك اليوم، وصلى في الأبطح الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وكان أبو رافع رضي الله عنه قد ضرب قبة للنبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح، ثم طاف النبي صلى الله عليه وسلم للوداع ليلًا في السحر، ثم صلى الفجر يوم الرابع عشر في المسجد الحرام، ثم ارتحل راجعًا إلى المدينة صلى الله عليه وسلم؛ [انظر زاد المعاد (2 /290،295)].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موسم الحج والحج الأكبر
  • الحج الأكبر
  • يوم النحر هذا يوم الحج الأكبر
  • حج الفقراء وحج الأغنياء
  • يوم الحج الأكبر وأيام التشريق (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الأضحى المبارك للعام 1438هـ يوم النحر يوم الحج الأكبر(مقالة - ملفات خاصة)
  • الحج الأكبر (فضائل الحج، والحج على الفور)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مفارقات من الحج ومقارنات(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم الحج الأكبر(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم الحج الأكبر(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الفطر: العيد ومظاهر وحدة الأمة(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر: العيد سعادة وأمان(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر (وكونوا عباد الله إخوانا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • أيام الله المعظمة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب