• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

الآثار الإيمانية لحب النبي صلى الله عليه وسلم

الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/11/2017 ميلادي - 1/3/1439 هجري

الزيارات: 10054

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الآثار الإيمانية لحبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

 

الحمدُ لله الذي منَّ ﴿ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]، وأشهدُ أن لا إله إلا الله الملكُ الحقُّ المبين، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسولُه سيِّدُ المرسلين وإمامُ المتقين، اللهمُّ صلِّ وسلِّم على محمدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.


أمَّا بعدُ: يا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى بالإيمان بالله ورسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وطاعة الله ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومحبَّة الله ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.


أيها المسلمون: إنَّ من أعظم واجباتِ الدِّين: حُبُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه رسول الله، ومحبَّتُه من محبة الله الذي أرسله، فهي حُبٌّ لله تعالى وفي الله، ليسَ مَحبةَ محبوبٍ مع الله، فإذا أحببتَ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأجلِ قيامِه بما أَرسله اللهُ فقد أحببته لله، فتُطيعُه فيما أمرَ، وتجتنبُ ما عنه نهى وزجر، وأن تُصدِّقه فيما أخبر، وألاَّ تعبُدَ اللهَ إلا بما شرع، لأنه رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فتُوالي من يُواليه، وتُعادي من يُعاديه ولو كان أقرب قريب، وقد دلَّ على ذلك الكتاب والسنة وهدي سلف الأُمَّة.


قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].


قال ابنُ كثيرٍ: (أيْ: إِنْ كانت هذهِ الأشياءُ ﴿ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا ﴾ [التوبة: 24] أيْ: فانتظِرُوا ماذا يَحِلُّ بكم مِن عِقابهِ ونَكَالِهِ بكُم) انتهى.


وقال الإمامُ ابنُ تيميَّة رحمه الله: (فحقيقَةُ المحبَّةِ لا تَتِمُّ إلا بمُوالاةِ المحبُوبِ، وهُوَ مُوافقَتُهُ في حُبِّ ما يُحِبُّ وبُغضِ ما يُبغِضُ) انتهى.


وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ما مِن مُؤمِنٍ إلاَّ وأنا أولى الناسِ بهِ في الدُّنيا والآخِرةِ، اقرَءُوا إنْ شِئتُم: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6] رواه البخاري.


قال ابنُ القيم رحمه الله: (لا يَتمُّ لهم مقامُ الإيمان حتى يكون الرَّسُولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أحبَّ إليهم من أنفسهم) انتهى.


وعن عبدِ اللهِ بنِ هِشَامٍ رضي الله عنه قال: (كُنَّا معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهُوَ آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه، فقالَ لَهُ عُمَرُ: يا رسولَ اللهِ، لأَنْتَ أحَبُّ إليَّ مِن كُلِّ شيءٍ إلاَّ مِن نَفْسِي، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «لا، والذي نفسي بيَدِهِ حتى أكُونَ أحَبَّ إليكَ مِن نَفْسِكَ»، فقالَ لَهُ عُمَرُ: فإنَّهُ الآنَ واللهِ لأَنْتَ أحَبُّ إليَّ مِن نَفْسِي، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «الآنَ يا عُمَرُ») رواه البخاري، قال ابنُ باز: (أي قد تمَّ الإيمان وكَمُل) انتهى.


وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لا يُؤمِنُ أحَدُكُم حتى أكُونَ أحَبَّ إليهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والناسِ أجمعِينَ) رواه البخاري ومسلم.


وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (فوالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُؤْمِنُ أحَدُكُم حتى أكُونَ أحَبَّ إليهِ مِن والدِهِ ووَلَدِهِ) رواه البخاري.


فإذا قويت محبتُكَ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلم وزادت أثمرت لك فائدتان:

الأولى: الحصول على حلاوة الإيمان، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (لا يَجِدُ أحَدٌ حلاوَةَ الإيمانِ حتى يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّهُ إلا للهِ، وحتى أنْ يُقْذَفَ في النارِ أحَبُّ إليهِ مِن أنْ يَرجِعَ إلى الكُفرِ بعدَ إذ أنقَذَهُ اللهُ، وحتى يكُونَ اللهُ ورسولُهُ أحَبَّ إليهِ ممَّا سِواهُمَا) رواه البخاري.


الثانية: أن تكون مَعَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الجنة: فعن أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رجُلاً سَأَلَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الساعةِ، فقالَ: مَتى الساعةُ؟ قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «وماذا أعْدَدْتَ لَها»، قالَ: لا شَيْءَ، إلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسُولَهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «أنْتَ مَعَ مَن أحْبَبْتَ»، قالَ أنَسٌ: فَمَا فَرِحْنا بشيْءٍ فَرَحَنَا بقولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «أنتَ مَعَ مَن أحْبَبْتَ»، قالَ أنَسٌ: «فأنا أُحِبُّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبا بَكْرٍ وعُمَرَ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ معَهُم بحُبِّي إيَّاهُم، وإنْ لَم أعْمَلْ بمِثلِ أعمالِهِم) رواه البخاري ومسلم.


أيها المسلمون: إن حُبَّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ له علاماتٌ: فمنها:

تمنِّي رُؤيتِه وصُحبته ولم بفقدِ الدُّنيا وما فيها:

قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مِن أشَدِّ أُمَّتِي لي حُبَّاً: ناسٌ يكونُونَ بعدِي، يوَدُّ أحَدُهُم لَوْ رآني بأهلِهِ ومالِهِ) رواه مسلم.

وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (ولَيَأْتِيَنَّ على أحَدِكُم زَمَانٌ لأنْ يَرَاني أحَبُّ إليهِ مِن أن يَكُونَ لهُ مِثلُ أهلِهِ ومالِهِ) رواه البخاري.

ولذلك بكى أبو بكرٍ رضي الله عنه فَرَحَاً بصحبة النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الهجرة، (قالت عائشةُ: فبَيْنَما نحنُ يوماً جُلُوسٌ في بيْتِ أبي بكرٍ في نحرِ الظهيرَةِ، قالَ قائلٌ لأبي بكرٍ: هذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُتَقَنِّعاً، في ساعةٍ لم يَكُن يَأتِينا فيهَا، فقالَ أبُو بكرٍ: فِدَاءٌ لهُ أبي وأُمِّي، واللهِ ما جاءَ بهِ في هذِهِ الساعةِ إلاَّ أمْرٌ، قالتْ: فجاءَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فاستَأْذنَ، فأُذِنَ لهُ فَدَخَلَ، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأبي بكرٍ: «أخْرِجْ مَن عِندَكَ»، فقالَ أبُو بكرٍ: إنما هُم أهلُكَ بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ، قالَ: «فإنِّي قد أُذِنَ لي في الخُرُوجِ»، فقالَ أبُو بكرٍ: الصحابَةُ بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «نَعَم») رواه البخاري.


قال ابنُ حجر: (زاد ابنُ إسحاقَ في روايتِهِ: «قالت عائشةُ: فرأيتُ أبا بكرٍ يَبكي، وما كُنتُ أحْسَبُ أنَّ أحداً يَبكِي مِنَ الفَرَحِ») انتهى.


ومن ذلك: عِظَمُ فَرَحِ الأنصارِ يومَ الهجرةِ في استقبالِهم لرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قال عروةُ: (وسَمِعَ المسلمُونَ بالمدينةِ مَخْرَجَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مكَّةَ، فكانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غداةٍ إلى الحَرَّةِ، فيَنْتَظِرُونَهُ حتى يَرُدَّهُم حَرُّ الظهيرَةِ، فانقَلَبُوا يوماً بعدَ ما أطَالُوا انتِظَارَهُم، فلَمَّا أَوَوْا إلى بُيُوتِهِم، أوْفَى رَجُلٌ مِن يَهُودَ على أُطُمٍ مِن آطَامِهِم، لأَمْرٍ يَنظُرُ إليهِ، فَبَصُرَ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بهِمُ السَّرَابُ، فلَمْ يَمْلِكِ اليهودِيُّ أنْ قالَ بأعلَى صَوْتِهِ: يا مَعَاشِرَ العَرَبِ، هذا جَدُّكُمُ الذي تَنتَظِرُونَ، فثارَ المسلِمُونَ إلى السِّلاحِ، فتَلَقَّوْا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بظَهْرِ الحرَّةِ) الحديث رواه البخاري.


وفي روايةٍ قال أبو بكر رضي الله عنه: (ومَضَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنا مَعَهُ حتى قَدِمْنا المدِينةَ، فتَلَقَّاهُ الناسُ، فخَرَجُوا في الطريقِ، وعلَى الأجاجِيرِ - أي السطوح - فاشتَدَّ الخَدَمُ والصِّبْيانُ في الطرِيقِ يقُولُونَ: اللهُ أكبَرُ، جاءَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، جاءَ محمَّدٌ) رواه الإمام أحمد.


وقال البراء رضي الله عنه: (جاءَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فمَا رأَيْتُ أهلَ المدينةِ فرِحُوا بشيْءٍ، فرَحَهُم بهِ حتى رأَيْتُ الولائِدَ والصِّبْيَانَ، يقُولُونَ: هذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد جَاءَ) رواه البخاري.


قالَ أنسٌ رضي الله عنه: (فمَا رأيتُ يوماً قَطُّ أنْوَرَ ولا أحسَنَ مِن يومِ دَخَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأبُو بكرٍ المدينَةَ) رواه الإمام أحمد.


هذا موقِفُ الأنصار رضي الله عنهم لَما هاجرَ إليهم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.


فمَا موقِفُهم لَمَّا ظنُّوا أنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سيسكنُ مكَّة ويترك المدينة؟.

قال أبو هريرة رضي الله عنه في غزوة فتح مكة المشرَّفة: (فنَظَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فرآني، فقال أبو هريرةَ: قلتُ: لبَّيْكَ يا رسولَ اللهِ، فقال: «لا يَأتيني إلا أنصارِيٌّ»، فقالَ: «اهْتِفْ لي بالأنصارِ»، قال: فأَطَافُوا بهِ، ووَبَّشَتْ قُريشٌ أوباشاً لَهَا وأتباعاً، فقالُوا: نُقدِّمُ هؤُلاءِ، فإن كانَ لهم شيءٌ كُنَّا مَعَهُم، وإنْ أُصِيبُوا أعْطَيْنا الذي سُئِلْنا، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «تَرَوْنَ إلى أوباشِ قُريشٍ وأتباعِهِم»، ثُمَّ قالَ بيديهِ إحداهُما على الأُخرى «احصُدُوهم حَصْداً»، ثم قال: «حتى تُوافُوني بالصَّفا»، قال: فانطَلَقنا فمَا شاءَ أحَدٌ منَّا أنْ يَقتُلَ أحَداً إلا قَتَلَهُ، وما أحَدٌ منهُم يُوَجِّهُ إلينا شيئاً، قالَ: فجاءَ أبُو سُفيانَ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، أُبيحَتْ خَضْراءُ قريشٍ، لا قريشَ بعدَ اليومِ، ثم قال: «مَن دخَلَ دارَ أبي سُفيانَ فهُوَ آمِنٌ»، فقالتِ الأنصارُ بعضُهُم لبعضٍ: أمَّا الرَّجُلُ فأدركَتْهُ رغْبَةٌ في قَرْيَتِهِ، ورَأْفَةٌ بعشيرَتهِ، قال أبو هُريرةَ: وجاءَ الوَحيُ وكانَ إذا جاءَ الوحْيُ لا يَخفَى علينا، فإذا جاءَ فليسَ أحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتى يَنْقَضيَ الوَحْيُ، فلمَّا انقَضَى الوَحْيُ، قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «يا مَعشَرَ الأنصارِ»، قالُوا: لبَّيكَ يا رسولَ اللهِ، قال: قُلتُم: أمَّا الرَّجُلُ فأدركتهُ رغْبَةٌ في قَريتِهِ؟ قالوا: قد كانَ ذاكَ، قال: «كلاَّ، إني عبدُ اللهِ ورسولُهُ، هاجَرْتُ إلى اللهِ وإليكُم، والْمَحْيَا مَحياكُم والْمَمَاتُ مَمَاتُكُم»، فأقبَلُوا إليهِ يَبكُونَ ويَقُولُونَ: واللهِ ما قُلنا الذي قُلنا إلاَّ الضِّنَّ باللهِ وبرسولِهِ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّ اللهَ ورسولَهُ يُصدِّقانِكُم ويَعْذِرَانِكُمْ») رواه مسلم.


وللأنصار رضي الله عنهم موقفٌ آخر بعد غزوة حنينٍ إذ اختاروا أن يرجعوا بالرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمدينةِ ويَذهبَ الناسُ بالأموالِ إلى بُلدانهم، فعن (عبدِ اللهِ بنِ زيدِ بنِ عاصمٍ قال: لَمَّا أفَاءَ اللهُ على رسولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَ حُنينٍ، قَسَمَ في الناسِ في المُؤلَّفَةِ قُلُوبُهُم، ولَمْ يُعْطِ الأنصارَ شيئاً، فكأنَّهُم وَجَدُوا إذ لم يُصِبهُم ما أصابَ الناسَ، فخَطَبَهُم فقالَ: يا معشَرَ الأنصارِ، ألَم أجِدكُم ضُلاَّلاً فهَدَاكُمُ اللهُ بي، وكُنتُم مُتفرِّقينَ فألَّفَكُمُ اللهُ بي، وعالَةً فأغناكُمُ اللهُ بي، كُلَّما قالَ شيئاً قالُوا: اللهُ ورسولُهُ أمَنُّ، قالَ: ما يَمنَعُكُم أن تُجِيبُوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: كُلَّما قالَ شيئاً، قالُوا: اللهُ ورسولُهُ أمَنُّ، قال: لو شِئتُم قُلتُم: جئتَنا كذا وكذا، أتَرضَوْنَ أنْ يَذهَبَ الناسُ بالشاةِ والبعيرِ، وتذهبُونَ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى رِحالِكُم، لَولا الهجرةُ لكُنتُ امرأً منَ الأنصارِ، ولو سَلَكَ الناسُ وادياً وشِعْباً لسَلَكْتُ واديَ الأنصارِ وشِعْبَها، الأنصارُ شِعارٌ والناسُ دِثارٌ، إنكُم سَتَلْقَوْنَ بَعدِي أَثَرَةً، فاصبرُوا حتى تَلْقَوْني على الحوضِ) رواه البخاري ومسلم.


اللهم ارزقنا حُبَّ نبيِّك صلى الله عليه وسلم أكثرَ من حُبِّنا لأنفسنا ووالدينا وأولادنا والدنيا وما فيها، وارزقنا طاعته فيما أمر، والانتهاء عمَّا نهى عنه وزجر، وتصديقه فيما أخبر، وألا نعبُدك إلا بشريعته صلى الله عليه وسلم، آمين.

♦   ♦  ♦


إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.

 

أمَّا بعدُ: ومن مواقف الصحابةِ في تقديم صُحبةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم على الدُّنيا وما فيها:أن الواحدَ منهم إذا حَصَلَ له الانفرادُ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَسْألهُ غيرَ المرافقةِ في الآخرةِ، فلا يَسْأَلُه من الدُّنيا شيئاً، فعَن رَبِيعَةَ بن كعبٍ الأسلَمِيِّ رضي الله عنه قال: (كُنتُ أَبيتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَتَيْتُه بوَضُوئِه وحاجَتِهِ فقالَ لي: سَلْ، فقُلتُ: أسأَلُكَ مُرافَقَتَكَ في الجنَّةِ، قالَ: أوْ غَيْرَ ذلكَ، قُلتُ: هُوَ ذاكَ، قال: فأَعِنِّي على نفسِكَ بكثرَةِ السُّجُودِ) رواه مسلم.


ومنها: اهتمامُ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا طُعنَ بمجاورة الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قبره: فقال لابنه عبدِالله: (انطَلِقْ إلى عائشةَ أُمِّ المُؤمنينَ، فقُلْ: يَقْرَأُ عليكِ عُمَرُ السلامَ، ولا تَقُلْ أميرُ المؤمنينَ، فإني لَسْتُ اليومَ لِلمؤمنينَ أميراً، وقُلْ: يَستأذنُ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ أنْ يُدْفَنَ معَ صاحبيهِ، فسلَّمَ واستأذنَ، ثُمَّ دخَلَ عليها، فوَجَدَها قاعدَةً تَبكي، فقال: يَقرَأُ عليكِ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ السلامَ، ويَستأذِنُ أنْ يُدْفَنَ معَ صاحبيهِ، فقالت: كُنتُ أُرِيدُهُ لنفسي، ولأُوثِرَنَّ بهِ اليومَ على نفسي، فلَمَّا أقْبَلَ، قيلَ: هذا عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ قد جاءَ، قال: ارْفَعُوني، فأَسْنَدَهُ رجُلٌ إليهِ، فقال: ما لَدَيْكَ؟ قالَ: الذي تُحِبُّ يا أميرَ المؤمنينَ، أَذِنَتْ، قال: الحمدُ للهِ، ما كانَ من شيءٍ أهَمُّ إليَّ من ذلكَ) رواه البخاري.


ومنها: بكاءُ أبي بكر رضي الله عنه عند إدراكِهِ قُربَ فِراقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فعن أبي سعيدٍ الخُدرِيِّ رضيَ اللهُ عنهُ قال: (خَطَبَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الناسَ وقال: إنَّ اللهَ خَيَّرَ عبداً بينَ الدُّنيا وبينَ ما عِندَهُ، فاختارَ ذلكَ العبدُ ما عندَ اللهِ، قال: فَبَكَى أبو بكرٍ، فعجِْبنا لبُكائِهِ: أنْ يُخْبِرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عبدٍ خُيِّرَ، فكانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هُوَ المُخيَّرَ، وكانَ أبو بكرٍ أعْلَمَنا) الحديث رواه البخاري.


ومنها: أن أحبَّ الأيام والليالي عند أبي بكر هي التي تُقرِّبُه من اللَّحاقِ برسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعد موتهِ: فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (إنَّ أبا بكرٍ لَمَّا حضَرَتْهُ الوفاةُ، قال: أيُّ يوْمٍ هذا؟ قالوا: يومُ الاثنينِ، قال: فإنْ مِتُّ مِن لَيْلَتي، فلا تَنتظِرُوا بي الغَدَ، فإنَّ أحَبَّ الأيَّامِ واللَّيالي إليَّ أقْرَبُها مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) رواه الإمام أحمد وصححه أحمد شاكر.


وللحديث بقية إن شاء الله في جمعة قادمة....

واعلموا عباد الله كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله (أنه لا نَجاةَ لأحَدِ مِن عذابِ اللهِ ولا وُصُولَ لهُ إلى رَحمةِ اللهِ إلاَّ بواسِطَةِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بالإيمانِ بهِ ومَحَبَّتِهِ ومُوالاتهِ واتِّباعِهِ، وهُوَ الذي يُنْجيهِ اللهُ بهِ من عذابِ الدُّنيا والآخِرَةِ، وهُوَ الذي يُوصِلُهُ إلى خيرِ الدُّنيا والآخرةِ، فأعظَمُ النِّعمِ وأنفَعُها نِعْمَةُ الإيمانِ، ولا تَحصُلُ إلا بهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهوَ أنصَحُ وأنفَعُ لكُلِّ أحَدٍ مِن نفسِهِ ومالِهِ، فإنهُ الذي يُخرِجُ اللهُ بهِ من الظُّلُماتِ إلى النُّورِ لا طرِيقَ لهُ إلاَّ هُوَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) انتهى.


رزقني الله وإياكم من فضله العظيم، آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هكذا نحب النبي صلى الله عليه وسلم
  • العقد الثمين في حب النبي الأمين صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • الآثار الإيمانية لحب النبي صلى الله عليه وسلم(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مباني الأخبار في شرح معاني الآثار ج18 ( شرح معاني الآثار )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الآثار الإيجابية لموقف قريش من النبي والمسلمين على الدعوة الإسلامية (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الآثار السلبية لموقف قريش من النبي والمسلمين على الدعوة الإسلامية (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الآثار: إحباط محاولة تهريب مخطوط أثري بمطار القاهرة(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • أثر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المداومة على العمل الصالح: أدلته، دلائله، فضائله، أسبابه، آثاره(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تخريج حديث: اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم وزوجته من جفنة فيها أثر العجين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب