• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع / خطب منبرية مفرغة
علامة باركود

‏من دلالات قول الله تعالى: (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا)

‏من دلالات قول الله تعالى: (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا)
الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/10/2016 ميلادي - 23/1/1438 هجري

الزيارات: 14981

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من دلالات قول الله تعالى

﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾

 

إن الحمد لله، نَحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ:

فيا أيها الإخوة المؤمنون، تأمَّلُوا وتدبَّرُوا في كتابِ ربِّكم، فإنَّ فيه من الخيرِ والهدى والتوجيه إلى ما فيه نفعُكم وخيرُكم، وحُسن العقبى في الآخرة والأولى - ما ينهلُ منه المؤمنون ويَرِدُهُ المتدبِّرون، فينالون من ذلك خيرًا كثيرًا.

 

وقد أبدى كتابُ ربِّنا وأعاد فيما ينبغي علينا من المنهج القويم في هذه الحياةِ الدنيا، فليس من شيءٍ يُحتاج إليه في أمورِ المعاش والمعاد، إلا وقد جاء بيانُه في هذا الكتابِ العظيم: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38].

 

ومن جملة ما تضمَّنَهُ هذا الكتاب العزيز من القضايا الكبار والأمورِ العظام، ما يتعلَّق بموقف غير المسلمين من المسلمين، كيف ينظرون إليهم؟ وماذا يدبِّرون نحوهم؟ وما تمتلئ به قلوبُ الأعداءِ من المكرِ والخديعة وإرادةِ السوء بالمسلمين!

 

وقد جاءت في ذلك آياتٌ كريماتٌ شريفاتٌ عظيمات، ينبغي لأهل الإسلام أن يتدبَّروها، وأن يعلموا ويَعوا ما فيها من توجيهاتٍ ربَّانية وأخبارٍ إلهية؛ حتى يكون لهم المنهجُ الرشيد الذي يتعاملون من خلاله مع غيرهم.

 

ومن جملةِ تلكمُ الآيات الكريمة: قول ربنا جل وعلا في كتابه الكريم مخبرًا عمَّا يكونُ من موقفِ غير المسلمين من أهلِ الكتاب وعمومِ المشركين؛ قال سبحانه: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186].

 

فهذا خطابٌ ربانيٌّ عظيم، يخاطبُ فيه ربُّنا جل وعلا نبيَّه المصطفى محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم، وهو خطابٌ لعمومِ أُمته إلى أن يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها، فقول ربنا جل وعلا: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 186] هذا كقوله سبحانه: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ﴾ [البقرة: 155]، فالابتلاء لا بد أن يحصل.

 

ومن جملة هذا الابتلاء خبرُ ربنا سبحانه: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾ [آل عمران: 186]، فيقولُ اللهُ جل وعلا للمؤمنين: إنَّه ولا بد أن يحصل لكم أنواعٌ من الأذى، وتأملوا: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ﴾ [آل عمران: 186]، فقال: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ ﴾ [آل عمران: 186] مع أنَّ الأذى يتنوَّع، فمنه ما يكون بالأقوال، ومنه ما يكون بالأفعال، ومنه ما يكون بالمكر والكيد، وهذا ما وقع للمسلمين أول مقدمهم إلى المدينة النبويَّة المنوَّرة، وهو يتكرر في كل عصر بما يكيده المشركون لأهل الإسلام، فاللهُ يقول للمؤمنين عند مقدمهم المدينة قبل وقعة بدر، مسلِّيًا لهم عمَّا ينالهم من الأذى من أهل الكتاب من اليهود ومن النصارى، ومن عموم المشركين من أهل الأوثان وغيرهم، آمرًا المؤمنين بالصفح والصبر والعفو حتى يُفرِّج الله، ولذا قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186].

 

وهذه الآية الكريمة أورَد بعضُ المفسرين سببًا لنزولها، ومن جملة ذلك ما ساقه الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه الجامع الصحيح في كتاب التفسير منه، قال: باب: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾ [آل عمران: 186]، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير أنَّ أسامة بن زيد رضي الله عنهما أخبره أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركب على حمار على قَطيفة فَدَكيَّة، وأردف أسامة بن زيد وراءه يعود سعد بن عبادة رضي الله عنه في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مرَّ بمجلسٍ فيه عبدالله بن أُبي ابن سلول، وذلك قبل أن يسلم - يعني قبل أنْ يُظْهِر إسلامه - فإذا في المجلس أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عَبَدَةِ الأوثان، واليهود والمسلمين، وفي المجلس عبدالله بن رواحة رضي الله عنه وأرضاه، فلمَّا غشيت المجلس عَجاجَة الدابة - يعني أثر الغبار الذي حصل من أثر الحمار لدى مشيه على الأرض - خمَّر عبدالله بن أُبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبِّروا علينا، فسلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبدالله بن أُبي ابن سلول: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا، فلا تؤذنا به في مجلسنا، ارجع إلى رَحلك، فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبدالله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، رضي الله عن عبدالله بن رواحة؛ حيث انتصر لنبيه عليه الصلاة والسلام، وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن في كل زمانٍ ومكان، بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا؛ فإنا نحب ذلك، فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود، حتى كادوا يَتثاوَرُون، فلم يزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخفِّضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابَّته، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة رضي الله عنه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا سعد، ألم تسمع ما قال أبو حباب - يريد عبدالله بن أُبي - قال: كذا وكذا)، قال سعد بن عبادة: يا رسول الله، اعفُ عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهلُ هذه البحيرة على أن يُتوِّجوه فيعصبوه بالعصابة - يعني ملكًا عليهم - فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك، شَرِق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويَصبرون على الأذى؛ قال الله عز وجل: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾  [آل عمران: 186]، وقال الله جل وعلا: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 109].

 

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأوَّل العفو ما أمره الله به، حتى أَذِن الله فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا، فقتل الله به صناديدَ كفَّارِ قريش، قال ابن أُبي ابن سلول ومَن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمرٌ قد تَوَجَّهَ، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأسلموا؛ انتهت رواية البخاري.

ويعني بذلك أن عبدالله بن أُبي أظهر الإسلام مع بقائه على كفره، فكان رأسًا في النفاق قاتَله الله!

 

والمقصود أيها الإخوة الكرام أنَّه كل من قام بالحق ودعا إلى الهدى، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فلا بد أن يُؤذَى، لا بد له أن يكون له من الأذية ما له، فما له من دواءٍ إلا الصبرُ في الله، والاستعانة بالله والرجوع إليه.

 

وقد أخبرنا الله جل وعلا ووجَّهنا في هذه الآية الكريمة إلى ما نواجه به المشركين ومن يكيد للمسلمين؛ حيث أمر الله جل وعلا بالتقوى والصبر، فقال: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186].

 

أمرهم بالتقوى، وذلك بالدوام على أمور الإيمان، والثبات على الإسلام، والإقبال على دين الله وبثِّه ودعوته، ودعوة الناس إليه، وكذلك بالصبر: الصبرُ على الابتلاء في الأموال والأنفس، وهذا يشمل الجهاد، ويشمل كلَّ ما يكون به نصر دين الله جل وعلا؛ ولذا سمَّى الله هذا الأمر أنَّه من عزم الأمور، يعني أنَّ العزم إمضاء الرأي وعدم التردد، بعد تبيُّن الهدى والسداد، ولذا قال الله جل وعلا مخاطبًا نبيَّه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159]، والمراد هنا بالعزمِ العزمُ في الخيرات والمبادرة إليها، وألا يُتَنَازَلَ عن شيء من دين الله؛ لأنَّ أهل الإشراك لا يرضيهم أيَّ تنازُلٍ عن دين الله؛ لأنهم يريدون من المسلمين أنْ ينسلخوا من دينهم، وهذا خبر ربنا جل وعلا يقول: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالكِ يوم الدين، وصلى اللهُ وسلَّم على عبد الله ورسوله نبينا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

هذا خبرُ ربِّنا، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122]، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 87]، ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186].


وفي إخبارِ الله جل وعلا لعباده المؤمنين بهذه الحقيقةِ الواضحة التي يتوارثُها المشركون جيلًا بعد جيل - في حربهم للمسلمين وأذيَّتهم لهم في هذا الخبرِ الرباني - فوائدُ عدَّة:

من ذلك أنَّ حكمة الله تعالى تقتضي هذا؛ ليتميَّز المؤمنُ الصادقُ من غيره، ولذا يشاهد أنَّ بعض المسلمين يتنازلون عن دينهم ويرضون بالدعاوى والشعارات التي ينادي إليها أهل الإشراك، تحت مسميات عديدة من الحرية والمدنية والديمقراطية، وغير ذلك من الشعارات التي يضمحل معها دينهم؛ حتى لا يكون بينهم وبين المشركين فَرْقٌ فيما يعتقدونه، بل يصل بهم الأمر إلى الإلحاد وإلى الانسلاخ من الدين، عياذًا بالله من ذلك كله!

 

فهذه الأذية من أهل الإشراك للمسلمين، يريدون من ورائها أن يضمحل الدين في قلوب أهل الإسلام، ومن الفوائد في إخبارِ الله لنا بذلك أنه جل وعلا يقدِّر عليهم هذه الأمور لما يريده بهم من الخير؛ ليعلي درجاتهم، ويكفِّر من سيئاتهم، وليزداد بذلك إيمانهم، ويتمَّ به إيقانهم؛ فإنه جل وعلا أخبرهم بذلك، فوقع كما أخبر: ﴿ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].

 

ومن الفوائد في إعلام الله للمؤمنين بكيد المشركين، أنَّه أخبرهم جل وعلا بذلك؛ لتتوطن نفوسهم على وقوع هذا، وليصبروا إذا وقع؛ لأنهم قد استعدوا لوقوعه، فيهون عليهم حمله، وتخف عليهم مؤونته، ويلجؤون إلى الله جل وعلا بالصبر والتقوى، ولذا قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا ﴾ [آل عمران: 120]؛ أي: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا ﴾ [آل عمران: 120] على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم من الابتلاء والامتحان على أذية الظالمين، ﴿ وَتَتَّقُوا ﴾ [آل عمران: 120] الله في ذلك الصبر بأن تَنووا به وجه الله والتقرُّب إليه، ولم تتعدوا في صبركم الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال، بل وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله، ﴿ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186]؛ أي: من الأمور التي يعزم عليها وينافس فيها، ولا يوفَّق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]، قال هذا الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله.

 

وبعد أيها الإخوة المؤمنون، إنَّه بتأمُّل دلالة هذه الآية الكريمة، وخبر الله جل وعلا عما يكيد به أهل الإشراك لأهل الإيمان وأذيَّتهم لهم، فهذا واضح جلي، وهذا بيِّنٌ في موقف الدول الظالمة الباغية من أهل الإسلام، فكم آذَوْا أهل الإسلام، وحصل ما حصل من الاحتلال لبلدانهم ونهب خيراتهم، وإشاعة الفوضى فيما بينهم، وهذا أمرٌ واضحٌ اليوم أشدَّ الوضوح، ولذلك كان الواجب على المسلمين أن يكون عندهم من الفَهم والفقه في هذا الأمر، ما يفوِّتون به الفرصة على المشركين ألا يشيعوا بينهم هذا الافتراق والاختلاف واختلال الأمن، ومن أعظم ما يكون من تحقيق مآرب المشركين فيما بين المسلمين، أن يخلوا بأمنِ أوطانهم، فقد شاهدنا اليوم كيف أنَّ البلاد الإسلامية لما اختلَّ فيها الأمن واضمحلت فيها الحكومة، حصل ما حصل من إزهاق الأرواح، ومن البغي على الأعراض والأموال، ومما حصل من المآسي ومن أمور شديدة لا يُعرف أنه قد مرَّ مثلها إلا القليل، وإنما كان ذلك بسبب ما دبَّره واحتال به أهل الإشراك، واغتر به بعض المسلمين، فظنوا أنَّ بذلك تحقيق حرياتهم التي يريدون أو غير ذلك مما يزينون، وهذا مما نهت عنه الشريعة نهيًا واضحًا بيِّنًا، وأكدت ما يجب من الاجتماع والائتلاف، ونبذ الفرقة والاختلاف، وأمرت بالصبر على ما قد يكون من جَوْر بعض الحكام؛ حتى لا يفضي الخروج عليهم والاعتراض عليهم إلى انفراط عِقد الأمن واختلال الاطمئنان الذي شاهدنا كيف أنَّه حصل في عددٍ من الدول.

 

فمن أعظم ما يُواجه به كيد المشركين وبغي الظالمين، ائتلاف المسلمين فيما بينهم، ولذا امتنَّ الله تعالى على نبيه محمدٍ عليه الصلاة والسلام بهذه النعمة العظمى، فقال: ﴿ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 62، 63]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]، وقال عز من قائل: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1].

 

كما أنَّ من كيدِ المشركين كيدهم لدين الإسلام، وللنبي المصطفى محمدٍ خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، ولذلك نشاهد هذه الحملات المسعورة التي تشن من عددٍ من الدول على نبينا عليه الصلاة والسلام، وعلى الإسلام والقرآن، تلك الحملات التي لا تفتأ كلما خمدت واحدة أثاروا أخرى، وذلك من أجل تشويه دين الإسلام، وصدِّ الناس عن اتباع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا يوجب علينا أيضًا أفرادًا وحكوماتٍ أن نقوم بواجبنا في هذا؛ امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40]، والله جل وعلا ﴿ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21].

 

ألا صلُّوا وسلِّمُوا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا ربنا بذلك، فقال عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.

اللهم أدم على بلادنا الأمن والطمأنينة، اللهم احفظ علينا أَمْننا وإيماننا وقيادتنا.

اللهم وفِّق ولاة أمورنا لما تحبه وترضاه، اللهم أعنهم وأيِّدهم بتأييدك، واجعلهم خيرًا على العباد والبلاد يا رب العالمين.

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ، فاشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا سميع الدعاء.

اللهم عجِّل بالفرج لكل مكروب من المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين في الشام وفي فلسطين والعراق، وفي اليمن والصومال وليبيا، وفي غيرها من البلاد يا رب العالمين.

اللهم إنَّ بأمة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام من الفرقة واللأْواء ومِن تسلُّط الأعداء، ما لا يعلمه إلا أنت، ولا نشكوه إلا إليك، فنسألك اللهم فرجًا عاجلًا لكل مكروبٍ يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربَّوْنا صغارًا.

ربنا أصلح لنا نيَّاتنا وذريَّاتنا وأهلينا.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

سبحان ربنا ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • باب قول الله تعالى: { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه }

مختارات من الشبكة

  • من دلالات قوله تعالى {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • ‏من دلالات قول الله تعالى: (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دلالات قوله تعالى (لمثل هذا فليعمل العاملون)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المجتبى من دلالة قوله تعالى {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير قوله تعالى: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول ببدعية صيام الست من شوال: قول باطل(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب