• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / خطب منبرية
علامة باركود

السماحة في الإسلام

د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/9/2016 ميلادي - 4/12/1437 هجري

الزيارات: 58987

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السماحة في الإسلام


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، معاشر المؤمنين، حديثي وإياكم في هذه الخطبة من هذا اليوم المبارك، عن خُلقٍ عظيم من أخلاق هذا الدين، وما أعظم هذا الدين! وما أعظم أخلاقه، حديثي وإياكم، عن خلق جليلٍ، أثنى به ربنا على رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال عز من قائل: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، إنه خلق السماحة، وما أجمل هذا الخلق!، فمن اتصف به، تراه محبوباً، مقبولا،ً قريباً من الناس، إنه خلق هذا الدين، وخلق أهل هذا الدين، حسّن الحافظ ابن حجر والشيخ الألباني رحمهما الله تعالى حديثاً؛ أن رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: "أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة، وفي رواية "أفضل الإسلام الحنيفية السمحة"، أن تكون حنيفاً لله تعالى، قائمًا بتوحيده، نابذاً للشرك ولأهله، ثم تكون بعد ذلك سمحاً، خلوقاً، متسامحاً مع الناس.

 

جاء هذا الدين سمحاً في عباداته، سمحاً في أحكامه، إذا عجزت أن تتوضأ - أخي الكريم - فتيمم، وإن عجزت أن تصلي قائماً فصلِ قاعداً ولا حرج، وإن عجزت أن تصوم رمضان فاقضِ من أيام أُخر، أو أطعم عن كل يوم مسكيناً، دينٌ سمح، ثم ندبنا -أيها الإخوة- يا حملة هذا الدين أن نتصف نحن كذلك بهذا الخلق الذي قامت عليه أحكام ديننا، أن أكون أنا، وأن تكون أنت، من أهل السماحة.

 

أيها الإخوة الكرام، كنتُ قد حدثتكم في جمعة مضت، عن شر خلقِ الشُّح والشفّ، أن يُعسر الإنسان على من حوله، أن يحرص على أخذ حقوقه وافية بزيادة، ذاك شحيح النفس، ألا فعلموا أن ضد الشح، أن تتصف بالسماحة، ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

فما هي السماحة؟، السماحة -يا عباد الله- أن يتصف الواحد منا بطيب القلب، بسخاء النفس، بكرم اليد، السماحة -أيها الإخوة - أن الإنسان إذا أخذ حقه ما استوفاها، بل تنازل عن بعض حقه وشيء من حظ نفسه، ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، السماحة أن تجد الرجل يتنازل عن حظ نفسه، وعن بعض حقه، في غير وقوع في محرم، لكن ليطيَب خاطر، أو ليألف قلب، أو ليطوي صفحة خصومة، هنيئاً لك أيها السمح، ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

وإذا كنا قد نظرنا إلى أنفسنا، هل اتصفت بالشح أو لا؟، فدعونا في هذه الخطبة، نختبرها هل اتصفت بالسماحة أو لم تتصف بها؟، اختبر نفسك؟ والاختبار الأول، أن نختبرك في موضع البيع والشراء، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، كما عند البخاري وابن ماجه من حديث جابر رضي الله تعالى عنه: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وسمحاً إذا اشترى"، فهل أنت ممن يتصف بهذا الخلق؟، إذا بعت، إذا اشتريت، إذا أخذت أجرة عملك، إذا دفعت للأُجراء أجرهم، هل أنت ممن يتصف بهذا الخلق؟، تجد بعض الناس -سبحان الله - إذا باع، نزّل للناس من الثمن دون أن يطالبوه، وزاد لهم في السلعة، وتبسّم في وجوههم، فإذا بالقلوب مقبلة على الشراء منه، محبة له، وترى بعض الناس إذا باع، ما أنقص من الثمن ريالاً، ولا زاد في السلعة شيئًا، وفوق هذا إذا كاسرته أو فاوضته، رد عليك بكلمة قاسية، فنفرت القلوب منه، ففاز ذاك بمحبة الناس، ورواج ببضاعته، ومحبة رب الناس قبل ذلك، وباء هذا بعداوة الناس، وبوار تجارته، وفقد هذا الخلق الذي أحبه الله سبحانه.

 

أيها الأخوة، لنختبر أنفسنا إذا اشترينا، فترى بعض الناس لا يكثر من المفاوضة ولا من المكاسرة، ويرضى بالسلعة التي وجد، سمحاً إذا اشترى، وترى بعض الناس يحلف الأيمان، ويكثر الحديث، ويزعج من حوله، وهو يفاوض على الثمن، ولا يرضى أن يأخذ مثل الذي أخذ قبله من السلعة، ورحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، هل اختبرت نفسك؟، هل تتصف بالسماحة عند البيع وعند الشراء؟، عند الإمام أحمد من حديث عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أنه اشترى أرضاً – أرضًا أيها الإخوة ما اشترى بضاعة، بدراهم معدودات-، اشترى أرضاً من رجل، فتأخر الرجل عن أخذ ماله، فلقيه عثمان، فقال: مالك، تأخرت عن قبض مالك، قال له الرجل: إنك غبنتني، ما لقيت رجلاً من الناس إلا وهو يلومني على أن بعتك هذه الأرض بهذا الثمن، فقال عثمان الحيي رضي الله تعالى عنه وأرضاه: أو ذاك، قال: نعم هو ذاك، قال: فأنت بالخيار، إن شئت أرضك خذها، وإن شئت مالك فخذه، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله أدخل رجلاً الجنة سهلاً بائعاً، وسهلاً مشتريًا"، ما أجمل - والله - هذه الأخلاق!، فلا تدخل أوساخ الدنيا في قلوبكم، فتضيعوا حسن الخلق لأجلها.

 

اختبر نفسك - يا عبد الله - وإذا أردنا أن نكتشف أنفسنا هل تتصف بهذه الصفة أو لا؟، فلننظر لأنفسنا عند الاقتضاء، والمطالبة بالحقوق، ما منا من أحد إلا وله حقوق عند الناس، فكيف يرى نفسه في المطالبة بحقه؟، رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى، هنا تظهر السماحة، ليست بالدعوى، كيف حالك إذا أردت أن تطلب حقًا من غيرك؟، أما بعض الناس فللأسف، تراه يرفع صوته، ويجر خصومه إلى المحاكم، بل يرفع يده، أما بعض الناس للأسف، تراه يُشهر بخصمه في المجالس الخاصة والعامة، أما بعض الناس للأسف تراه لا يتنازل عن شيء من حقه لوجه الله سبحانه، نعم، "إن لصاحب الحق مقالاً"، كما قال صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، لكن ما أجمل أن تأخذ حقوقك بالطرق السمحة اليسيرة!، وتجتنب الطرق التي فيها ما تقسو به القلوب، وتحدث الشحناء بين المسلمين، ما أجمل أن تأخذ حقك وتتنازل عن بعضه؛ طلباً لما عند الله سبحانه!، وهل ينقص مالك؟، أبداً، وهل تنقص حقوقك؟ أبداً، لأنك تتعامل مع الله، عثمان الذي سمعت قصته قبل قليل رضي الله عنه، كان سمحاً، حيياً، وكان من أغنياء الصحابة، رضي الله عنه وأرضاه -أخي الكريم- إذا طالبت بدينك، فكن سمحاً، واعلم أن الله يقول: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾ [البقرة: 280]، يمدّ له في الأجل، يحط له بعض الحق، يرد عليه بزيادة دون اشتراط، استلف صلى الله عليه وسلم ناقةً بكرة صغيرة من رجل، فلما جاء يريد حقه، ما وجدوا إلا رباعياً خياراً أفضل مما أعطاه، فقال صلى الله عليه وسلم: "أعطوه إياه، فإن خيركم أحسنكم قضاءً"، ورجل وقف بين يدي الله سبحانه، ما وجدت له الملائكة من كثير عمل صالح، لكن كان يداين الناس، ويقول لغلمانه إذا أرسلهم: إذا وجدتم معسراً، فتجاوزوا عنه، لعل الله أن يتجاوز عني، فلما قام بين يدي الله، قال الله لملائكته: تجاوزوا عن عبدي، كما كان يتجاوز عن عبادي، ما أجمل أهل السماحة في الدنيا!، وما أكرمهم عند الله في الآخرة.

 

أيها الإخوة، في صحيح الإمام مسلم أنّ أبا اليسر أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم، الذين علّمهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأدبهم، وتخرجوا من مدرسته، ذهب ليأخذ حقاً من رجل، فجاءه إلى بيته، فقال: أثمّ هو؟، قالوا: لا، فخرج ابن له صغير، قال: أين أبوك؟، قال: لما سمع صوتك دخل أريكة أمي، فناده، فقال: يا فلان، قد علمتُ أين أنت فاخرج، فلما خرج، قال: لماذا اختبأت عني؟، قال: خشيت أن أحدثك، فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت رجلاً معسرًا، فقال: له ألله، قال: ألله، قال: ألله، قال: ألله، قال: ألله، قال: ألله، حلفه ثلاثاً، ثم أتى بصحيفته فمحاها، وقال له: إن وجدت قضاءً فاقضِ، وإلا فأنت في حل، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله"، أنها الجنة، إنها تربية محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه -أيها الأخوة- فهل نحن نتصف بالسماحة؟.

 

أما الاختبار الثالث، حتى تقيس هذا الخُلق في نفسك، اختبر نفسك مع من ظلمك، واعتدى على حقك، وأخطأ عليك، اختبر نفسك مع ذي رحم لك قطعها، اختبر نفسك مع رجل لك عليه الحق وجفاك، هل تتصف معهم بالسماحة؟، أما ربنا فقد قال سبحانه: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35]، ما أجمل السماحة!، ما أجمل السماحة! يُخطئ عليك إنسان ولا ترد عليه، يعتدي على حقك ولا تعتدي عليه، ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]، هذه صفات أهل السماحة، مسامحون، حتى على من أخطأ عليهم، مسامحون، ما أجمل هذا والله!، وصديق هذه الأمة، أبو بكر رضي الله تعالى عنه، كان يتصدق على رجل فقير من قرابته، كان ينفق عليه، فلما وقعت حادثة الإفك، كان هذا الرجل ممن خاض في عرض ابنة الصديق رضي الله عنها، وتكلم بالظلم والخطأ، فلما برأها الله من فوق سبع سماوات، وإذا بصديق الأمة يعيد عليه صدقته ونفقته، على هذا الفقير من أقاربه، أيُّ سماحة هذه وقد فعل ما فعل، أتدري لماذا؟، لأن الله قال له: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، حتى لو كنتَ قد أحسنتَ له بهذا الإحسان، وهو أساء إليك بهذه الإساءة، ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، سامح، لعل الله أن يغفر لك ما هو أكبر من هذا وأعظم، فيما فعلت في حقه سبحانه.

 

اختبروا سماحتكم - أيها الإخوة - مع أهليكم، "فخيركم خيركم لأهله"، إن الرجل إذا دقق على كل خطأ تقع فيه زوجته سئمت منه، وكرهت الحياة معه، ما أجمل أن تتغافل في غير حرام وغير خسة شرف، ما أجمل أن تتجاوز!، ما أجمل أن تسامح!، أما رسولنا عليه الصلاة والسلام، فكان خلقه المسامحة، يقول أنس رضي الله تعالى عنه: كان إذا أعجبه الطعام أكل، وإن لم يعجبه ترك" متفق عليه، يقول أنس رضي الله تعالى عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي في شيء فعلته: لم فعلته؟، ولا قال لي في شيء لم أفعله: لِم لم تفعله"، متفق عليه.

 

هذه هي سماحة الدين، وسماحة الإسلام، فهل أنا وأنت، ممن يتصف بالشح، أم أنا وأنت، ممن يتصف بالسماحة؟، لنختبر أنفسنا إذا بعنا وإذا اشترينا، لنختبر أنفسنا إذا اقتضينا حقوقنا، لنختبر أنفسنا في تعاملنا مع من ظلمنا، ولنختبر أنفسنا كل يوم، في تعاملنا مع أهلينا وأولادنا، أما رسولنا عليه الصلاة والسلام فقد قال: "أفضل الإيمان"، يا من تبحثون عن الإيمان، هاكم أفضله، "أفضل الإيمان: السماحة والصبر"، صححه الشيخ الألباني.

 

أخي الكريم، اسمح، يُسمح لك، قالها عليه الصلاة والسلام: يا عباد الله، "اسمحوا يسمح لكم"، ألا تحب أن الله عز وجل يعفو عنك، فالله الله "إن الله حرم على النار كل هينٍ لينٍ سهلٍ قريبٍ من الناس".

 

اللهم يا رب العالمين، إننا نعوذ بك من الشح ومن أهله، اللهم يا رب العالمين، حسّن لنا أخلاقنا واغفر لنا ذنوبنا، قلت ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر لله على توفيقه وامتنانه، أحمده ربي تعظيماً لشأنه، وأصلي وأسلم على رسوله الداعي إلى رضوانه، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

خلقٌ من أخلاق الإسلام السماحة، وخلق من أخلاق نبيين كريمين، نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان هذا خلقه مع أصحابه، من سماحته عليه الصلاة والسلام أنه كان يجبر خواطرهم، ما يريد أن تبقى في نفوسهم حزازة ولا شيء، سمحٌ صلى الله عليه وسلم، ما يكسر الخواطر، بل يسعى لجبرها، يوم حنين يوم أن أعطى الأعراب الدنيا، ووجد بعضُ الأنصار في نفسه من قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعهم صلى الله عليه وسلم لوحدهم، وأغلق عليهم، وخطبهم، فقال: "يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ظلالاً فهداكم الله بي، قالوا: الله ورسوله أمنّ، يا معشر الأنصار، ألم أجدكم أعداءً فألفكم الله بي، قالوا: الله ورسوله أمنّ، ألم أجدكم عالة فأغناكم الله بي، قالوا: الله ورسوله أمنّ، قال: يا معشر الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاه والبعير وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم، الأنصار شعار، والناس دثار، اللهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار"، فبكى، حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله حظاً ونصيبًا، كان يجبر الخواطر صلى الله عليه وسلم، كان سمحاً مع أصدقائه، بل وكان سمحاً حتى مع أعدائه، دخل مكة فاتحاً لها، دخل على قريش التي طردته، وقتلت أصحابه وسبته، فقال: "ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟"، فقالوا: أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، فقال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ما أعظم سماحتك يا رسول الله؟، وما أجمل أخلاقك!.

 

وما زال في الناس بقايا، وفي الزوايا خبايا، كنتُ هذا اليوم في الصباح مع رجل من كبار السن، فحدثني، عن سماحة أولئك الأوائل من أجدادنا، ما أجمل سماحتهم!، كم كان الله يرحمهم، ويمطرهم، ويغيثهم، ويكفيهم!، لأن قلوبهم سمحة، يقول: كان عندنا رجل يحرس في مزرعته، من أيّ شيء يحرسها؟، قال: كان يحرس البُر من أن تقع الطيور فتأكله، فكان إذا وقع الطير، قال للطير" كُلْ وبت، كل وبت"، قال: فيلومه الناس، لماذا لا ترميه بالحجر؟، فكان يقول: لو أن له رزقًا من الله ما كنتُ أنا لأمنعه، لو أن له رزقًا ما كنتُ أنا لأمنعه، كل وبت، يا ولدي، أما اليوم فحال الناس أصبح: "اقتل، وبت، اقتل وبت"، على خساسات الدنيا، على أموال، يُسرق المال، ويقتل الرجل، ويخرج من بين الناس في وسط مدينتهم، ولا يمنعه أحد، أي ضياع للحقوق أكبر من هذا؟، أي تفريط أشد من هذا؟،.

 

إن الإنسان السمح هو الذي يسامح في حقه للناس، أما أن يكون الناس بهذا الضعف، وبهذه الجرأة، جرأة على قتل النفس المحرمة لأجل حطام دنيا؟!، ثم لا تجد من مخرجه يمنة ولا يسرة، ولا شمالاً ولا جنوباً من يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر، نعوذ بالله أن تصل فينا الحقارة أن نقتل للدنيا، ثم أن يصل بنا الذل إلى أن نسكت عن دم مقتول، نعوذ بالله أن تصبح أمورنا على هذا، وقبلها بأيام يقتل رجل غريب، لاجئ سوري في شارع عام، لأجل وساخة من الدنيا، حسبنا الله ونعم الوكيل، أصار هذا حال الناس وتهاونهم في القتل؟، صدقتَ يا رسول الله، فآخر الزمان يكثر القتل، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن المضلة، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في ديننا، اللهم آمنا في أموالنا وأهلينا، اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، والقائمين على الحق، لا نخاف فيك لومه لائم، اللهم إنا نعوذ بك أن تدخل الدنيا في قلوبنا فنتنافس عليها ونتحاسد، ثم نقاتل لأجلها ونتهارج، اللهم يا رب العالمين اجعل بلدنا هذا خاصة، وبلاد المسلمين عامة بلد أمن وإيمان، وسلامة وإسلام، اللهم يا رب العالمين، اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم يا رب العالمين، افضح القتلة والظالمين، اللهم جمّد الدماء في عروقهم، اللهم أخزهم في أنفسهم وفي أهليهم، اللهم يا رب العالمين انتقم لكل مظلوم، اللهم اثأر من كل ظالم، اللهم يا رب العالمين إنا نسألك ذلك، ونسألك أن ترينا الحق حقاً وترزقنا اتباعه، وترينا الباطل باطلاً، وترزقنا اجتنابه، والله تعالى ربي أعلى وأعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في الترغيب في السماحة في البيع والشراء وإنظار المعسر
  • من مظاهر السماحة في الإسلام .. السلام
  • السماحة في المعاملة
  • السماحة في التعامل
  • فضل السماحة في البيع والشراء

مختارات من الشبكة

  • السماحة واليسر في الحياة الزوجية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من خصائص الإسلام : أنه دين السماحة والحرية والرقي الفكري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خلق السماحة - دعاؤنا لولي أمرنا بتمام العافية(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • السماحة في البيع والشراء سبب لغفران الذنوب (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب ( الاستغراب - السماحة)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • خطبة: الغلاء بين السماحة والاستقصاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السماحة في البيع والشراء في الشريعة الغراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دين السماحة والطهر والكمال - خطبة الجمعة يوم عيد الفطر(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دين السماحة والطهر والكمال - خطبة الجمعة يوم عيد الفطر(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دين السماحة والطهر والكمال - خطبة الجمعة يوم عيد الفطر(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب