• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)

فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/5/2025 ميلادي - 18/11/1446 هجري

الزيارات: 4255

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ[1] امْرَأَةٍ وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ[2] وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلَادَهَا.


فَغَزَا، فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ[3]، وَأَنَا مَأْمُورٌ[4]، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ، فَجَاءَتْ -يَعْنِي النَّارَ- لِتَأْكُلَهَا[5]، فَلَمْ تَطْعَمْهَا[6]. فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ[7]، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، فَلْتُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ. فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ[8]، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ. فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعَهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا. فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَنَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ؛ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا، فَأَحَلَّهَا لَنَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَهَذَا النَّبِيُّ هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَحَدُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ الَّذِي اصْطَحَبَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُ إِلَى الْخَضِرِ؛ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ ﴾ [الْكَهْفِ: 60]. وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «فَخَرَجَ مُوسَى، وَمَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَمَعَهُمَا الْحُوتُ، حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَنَزَلَا عِنْدَهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَإِنَّمَا سُمِّيَ فَتَاهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُلَازِمُهُ، وَيَأْخُذُ عَنْهُ الْعِلْمَ، وَيَخْدِمُهُ)[9]. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، وَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَخَلَفَهُ فِي شَرِيعَتِهِ، فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى)[10].

 

وَجَاءَ التَّصْرِيحُ بِاسْمِهِ، وَبِحَبْسِ الشَّمْسِ لَهُ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ، لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ هَذَا كَانَ فِي فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ)[11]. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الشَّمْسَ حُبِسَتْ عَلَى يُوشَعَ ‌لَيَالِيَ ‌قَاتَلَ ‌الْجَبَّارِينَ)[12].

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ:

1- أَنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَدَدًا جَمًّا لَمْ يُسَمَّ فِي الْقُرْآنِ: مِنْهُمْ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، الَّذِي دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فِي عَهْدِهِ.

 

2- مَشْرُوعِيَّةُ الْجِهَادِ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ: وَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 146]، وَكَذَلِكَ قِصَّةُ طَالُوتَ وَجَالُوتَ وَدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: [246-252].

 

3- الْأُمُورُ الْمُهِمَّةُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُفَوَّضَ إِلَّا لِحَازِمٍ، فَارِغِ الْبَالِ لَهَا: قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْأُمُورُ الْمُهِمَّةُ يَنْبَغِي أَلَّا تُفَوَّضَ إِلَّا إِلَى أُولِي الْحَزْمِ، وَفَرَاغِ الْبَالِ لَهَا، وَلَا تُفَوَّضَ إِلَى مُتَعَلِّقِ الْقَلْبِ بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ عَزْمَهُ، وَيُفَوِّتُ كَمَالَ بَذْلِ وُسْعِهِ)[13].

 

4- فِتَنُ الدُّنْيَا تَدْعُو النَّفْسَ إِلَى الْهَلَعِ، وَمَحَبَّةِ الْبَقَاءِ: قَالَ الْمُهَلَّبُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ دَخَلَ بِهَا، وَكَانَ عَلَى قُرْبٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ قَلْبَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا، ‌وَيَجِدُ ‌الشَّيْطَانُ ‌السَّبِيلَ إِلَى شَغْلِ قَلْبِهِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَرْأَةِ مِنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا)[14].

 

5- حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ فِي اسْتِثْنَاءِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ: لِأَنَّهُمْ سَيُشْغَلُونَ بِمَا أَهَمَّهُمْ؛ فَالْأَوَّلُ: مَشْغُولٌ بِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا. وَالثَّانِي: مَشْغُولٌ بِبَيْتِهِ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ بِنَاؤُهُ. وَالثَّالِثُ: مَشْغُولٌ بِغَنَمِهِ وَإِبِلِهِ الَّتِي يَنْتَظِرُ وِلَادَتَهَا، فَكَيْفَ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُجَاهِدُوا؟!

 

6- لَا بُدَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُفَرِّغَ قَلْبَهُ لِلطَّاعَةِ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالْغَرَضُ أَنْ ‌يَتَفَرَّغَ ‌قَلْبُهُ ‌لِلْجِهَادِ، وَيُقْبِلَ عَلَيْهِ بِنَشَاطٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعْقِدُ عَقْدَهُ عَلَى امْرَأَةٍ يَبْقَى مُتَعَلِّقَ الْخَاطِرِ بِهَا؛ بِخِلَافِ مَا إِذَا دَخَلَ بِهَا؛ فَإِنَّهُ يَصِيرُ الْأَمْرُ فِي حَقِّهِ أَخَفَّ غَالِبًا، وَنَظِيرُهُ الِاشْتِغَالُ بِالْأَكْلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ)[15] ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (نَهَى هَذَا النَّبِيُّ قَوْمَهُ عَنِ اتِّبَاعِهِ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَهَا يَكُونُونَ مُتَعَلِّقِي النُّفُوسِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، فَتَضْعُفُ عَزَائِمُهُمْ، وَتَفْتُرُ رَغَبَاتُهُمْ فِي الْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ، وَرُبَّمَا يَفْرُطُ ذَلِكَ التَّعَلُّقُ فَيُفْضِي إِلَى كَرَاهِيَةِ الْجِهَادِ، وَأَعْمَالِ الْخَيْرِ)[16].

 

7- النَّصْرُ لَا يَأْتِي بِالْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي بِالْكَيْفِيَّةِ وَالنَّوْعِيَّةِ: فَرَجُلٌ صَادِقٌ مُخْلِصٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ تَشُوبُ قُلُوبَهُمْ الشَّوَائِبُ، وَفِعْلُ يُوشَعَ أَشْبَهُ مَا يَكُونُ بِفِعْلِ طَالُوتَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 249]، وَبِذَلِكَ صَفَّى طَالُوتُ جَيْشَهُ مِنَ الْعَنَاصِرِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي تَكُونُ سَبَبًا فِي الْهَزِيمَةِ.

 

8- التَّغْلِيظُ عَلَى فَوَاتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ: لِأَنَّ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ؛ حَتَّى يَتَمَكَّنُوا مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَهَزِيمَةِ أَعْدَائِهِمْ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:

9- اسْتِجَابَةُ دُعَاءِ الْأَنْبِيَاءِ: وَسَبَبُ الدُّعَاءِ: هُوَ أَنْ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَشِيَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، وَدَخَلَ اللَّيْلُ أَلَّا يَنْتَصِرُوا عَلَى أَعْدَائِهِمْ؛ لِصُعُوبَةِ الْقِتَالِ لَيْلًا.

 

10- عَظَمَةُ اللَّهِ وَقُدْرَتُهُ، وَأَنَّهُ الْمُدَبِّرُ لِهَذَا الْكَوْنِ: فَيُجْرِي الْأُمُورَ عَلَى غَيْرِ طَبَائِعِهَا؛ كَحَبْسِ الشَّمْسِ، وَنُزُولِ النَّارِ مِنَ السَّمَاءِ، فَلَا هِيَ مِنْ أَشْجَارِ الْأَرْضِ، وَلَا مِنْ حَطَبِ الْأَرْضِ، بَلْ مِنَ السَّمَاءِ؛ فَتَأْكُلُ هَذِهِ الْغَنِيمَةَ الَّتِي جُمِعَتْ. فَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ؛ بِلَا مُدَافِعٍ، وَلَا مُنَازِعٍ، وَلَا مُمَانِعٍ، وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ[17].

 

11- تَأْيِيدُ الْأَنْبِيَاءِ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ: فَالسُّنَنُ الْإِلَهِيَّةُ فِي الْأَنْفُسِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ أَكْثَرُ مُضِيًّا مِنَ السُّنَنِ الْكَوْنِيَّةِ، فَالشَّمْسُ سُنَّةٌ كَوْنِيَّةٌ، أَوْقَفَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ؛ لِتَمْضِيَ سُنَّتُهُ الْإِلَهِيَّةُ فِي عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ[18].

 

12- الشَّمْسُ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ الْأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ضَعْفِ مَا يُرْوَى أَنَّهُ وَقَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ)[19].

 

13- فِيهِ الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الطَّبِيعَةِ، الَّذِينَ يَزْعُمُونَ: بِأَنَّ الْأَفْلَاكَ لَا تَتَغَيَّرُ: لِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْخَالِقَ سُبْحَانَهُ، وَيَعْتَقِدُونَ بِأَنَّهُ لَا أَحَدَ يَتَصَرَّفُ فِي هَذِهِ الْأَفْلَاكِ!

 

وَقَدْ دَلَّتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْأَفْلَاكَ تَتَغَيَّرُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ مِنْهَا: أَنَّ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا اللَّهَ وَوَقَفَتِ الشَّمْسُ، وَلَمَّا طَلَبَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ؛ أَشَارَ إِلَى الْقَمَرِ؛ فَانْشَقَّ شُقَّتَيْنِ، وَهُمْ يُشَاهِدُونَ شُقَّةً عَلَى الصَّفَا، وَشُقَّةً عَلَى الْمَرْوَةِ، وَفِي هَذَا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾ [الْقَمَرِ: 1-2][20].

 

14- لُجُوءُ الْمُؤْمِنِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمُلِمَّاتِ وَالشَّدَائِدِ: وَلَا بُدَّ أَنْ يُوقِنَ بِاسْتِجَابَةِ اللَّهِ لِدُعَائِهِ، وَلَا يَسْتَعْظِمَ شَيْئًا عَلَى اللَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ.

 

15- الْغُلُولُ وَخِيمُ الْعَاقِبَةِ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ.

 

16- مُعَاقَبَةُ الْجَمَاعَةِ بِفِعْلِ سُفَائِهَا: وَمِنْ دُعَاءِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 155][21].

 

17- تَحْرِيمُ الْأَخْذِ مِنَ الْغَنَائِمِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا.

 

18- الْأَنْبِيَاءُ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ: إِلَّا مَا أَطْلَعَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ﴾ [الْجِنِّ: 26-27]. فَلَوْ كَانَ هَذَا النَّبِيُّ يَعْلَمُ الْغَيْبَ لَمَا احْتَاجَ أَنْ يُبَايِعَ الْقَبَائِلَ لِيَصِلَ إِلَى الْجَانِي.

 

19- فَضِيلَةُ إِظْهَارِ الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى: لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ؛ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا، فَأَحَلَّهَا لَنَا».

 

20- أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْغَنَائِمَ، وَسَتَرَ عَلَيْهَا الْغُلُولَ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَحِمَهَا؛ لِشَرَفِ نَبِيِّهَا عِنْدَهُ؛ فَأَحَلَّ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ ‌وَسَتَرَ ‌عَلَيْهِمُ ‌الْغُلُولَ، فَطَوَى عَنْهُمْ فَضِيحَةَ أَمْرِ عَدَمِ الْقَبُولِ)[22].

 

21- الْأَضْعَفُ قَدْ يَكُونُ الْأَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى: فَالْفَضْلُ لَا يُقَاسُ بِالْقُوَّةِ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا: بِدَعْوَتِهِمْ، وَصَلَاتِهِمْ، وَإِخْلَاصِهِمْ» صَحِيحٌ - رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. فَالْأُمَمُ السَّابِقَةُ أَقْوَى، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ هِيَ الْأَفْضَلُ.



[1] البُضْع: كناية عن فرج المرأة، أي: مَلَكَ فرجَها بالنكاح. أو المَهْر، أو عَقْد النكاح. والمراد: رجُلٌ عقَدَ على امرأة ولم يدخل بها. انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (3/ 531).

[2] خَلِفَات: جمع خَلِفَة، وهي الناقة الحامل. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (2/ 68).

[3] إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ: أي: أمرًا كونيًّا؛ بالسَّير.

[4] وَأَنَا مَأْمُورٌ: أي: أمرًا شرعيًّا؛ بالجهاد.

[5] كانت عادة الأنبياء في الغنائم: أن يجمعوها، فتجيئ نار من السماء فتأكلها، فيكون ذلك علامة قبولها، وعدم الغلول فيها، فلما جاءت هذه النار فلم تأكلها؛ عُلِمَ أنَّ فيها غلولًا. انظر: دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، لابن علان (ص215).

[6] فَلَمْ تَطْعَمْهَا: أَيْ: لَمْ تَذُقْ لَهَا طَعْمًا، ‌وَهُوَ ‌بِطَرِيقِ ‌الْمُبَالَغَةِ. انظر: فتح الباري، لابن حجر (6/ 223).

[7] فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ: لَيْسَتْ هَذِهِ مُبَايَعَةٌ حَقِيقَةٌ، كَمَا وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَإِنَّمَا صُورَتُهَا صُورَةُ الْمُبَايَعَةِ بِوَضْعِ الْكَفِّ فِي الْكَفِّ لِلْمُعْجِزَةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ ‌لُصُوقُ ‌كَفِّ ‌الْغَالِّ أَوْ مَنْ كَانَ مِنْ قَبِيلَتِهِ. انظر: طرح التثريب في شرح التقريب، للعراقي (7/ 248).

[8] فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ بِيَدِهِ: جعل اللهُ علامةَ الغلول إلزاق يد الغال، وفيه تنبيهٌ على أنها يدٌ عليها حَقٌّ، يُطلب أنْ يُتَخَلَّص منه، أو أنها يدٌ ينبغي أنْ يُضرَب عليها، ويُحْبَس صاحبها حتى يؤدِّي الحقَّ إلى الإمام، وهو من جنس شهادة اليد على صاحبها يوم القيامة. وهذه الطريقة التي كشف بها النبيُّ عليه السلام الغلولَ لا تكون إلاَّ بوحي. انظر: فتح المنعم شرح صحيح مسلم، (7/ 114).

[9] زاد المسير في علم التفسير، (3/ 95).

[10] جامع الأصول في أحاديث الرسول، (12/ 115).

[11] البداية والنهاية، (1/ 376).

[12] اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، للسيوطي (1/ 312).

[13] شرح النووي على مسلم، (12/ 51).

[14] فتح الباري، لابن حجر (6/ 223).

[15] المصدر نفسه، (6/ 122).

[16] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (3/ 531).

[17] انظر: شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين (1/ 316).

[18] انظر: شرح صحيح القصص النبوي، (ص63).

[19] سلسلة الأحاديث الصحيحة، (1/ 399).

[20] انظر: شرح رياض الصالحين، (1/ 316).

[21] انظر: من قصص الماضين في حديث سيد المرسلين، (ص62).

[22] فتح الباري، (6/ 224).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة يوشع بن نون عليه السلام
  • قصة يوشع بن نون عليه السلام وعاشورا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فوائد البنوك: الخطر الذي يهدد العالم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة فوائد أبي محمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان أبي الشيخ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • مخطوطة فوائد القاضي أبي الحسين أحمد بن محمد بن حمزة الثقفي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الجزء الثاني من فوائد أبي الحسن علي بن إبراهيم بن نصرويه السمرقندي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • سالم بن عبد الله بن عمر رحمه الله وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السيرة النبوية للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • تراجم: المأمون – عبدالحميد الكاتب – عبدالله بن معاوية – طارق بن زياد – الأحنف بن قيس - عمرو بن العاص(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة حديث محمد بن عبدالله بن المثنى بن أنس بن مالك الأنصاري عن شيوخه(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 16:46
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب