• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآيات (272 – 274)

تفسير سورة البقرة .. الآيات (272 – 274)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/6/2014 ميلادي - 19/8/1435 هجري

الزيارات: 25499

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآيات (272 – 274)

 

قال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 272].


صدر الله هذه الآية الكريمة بأنه هو الهادي الموفق لحسن معاملته وإيثار مرضاته، وأنه ليس على رسوله هداهم، بل عليه إبلاغهم، والله سبحانه يوفق من شاء للهداية ممن أصغى لآياته، وأناب إليه مصدقاً بهما، قد خشي الرحمن بالغيب، فأما الهارب عن الله المعرض عن آياته المكذب بالغيب فإنه ليس أهلاً للهداية كما سبق، وسيأتي مزيد تفصيل لذلك.


وقد استدل بعض العلماء بهذه الجملة في الآية على جواز إعطاء الكافر من الصدقة، وأوردوا آثاراً في سبب النزول، منها ما أخرج ابن أبي شيبة عن سعيد ابن جبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصدقوا إلى على أهل دينكم)).


فأنزل الله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ﴾[1]. وما أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن لا نتصدق إلى على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية[2].


وأخرج ابن جرير عنه أنه قال: كان أناس من الأنصار لهم أنسباء وقرابة، وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم ويريدونهم أن يسلموا. فنزلت[3].


ومعنى هذا أن هذه الوقائع تقدمت نزول هذه الآية، فلما نزلت كانت فيصلاً فيها، والظاهر أنها مرتبطة بما قبلها من الآيات، وكلها نزلت في الفقراء عامة، ولكن الزكاة الواجبة وردت نصوص تقيدها بالمسلمين، منها قوله صلى الله عليه وسلم: ((تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم))[4].


ومنها ظواهر الآيات ونصوصها كالآية المقبلة التي خصصت بصرف الزكاة الواجبة بهم.


وأما صدقة التطوع والتبرعات العامة فتشمل الكفار رحمة بهم وتأليفاً لهم كما خصص من مصرف الزكاة الواجبة لبعض من خواص الكفار المؤلفة قلوبهم.


وقال الشيخ ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى المصرية:

لا ينبغي أن تعطى الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله، فإن الله فرضها معونة على طاعته، فمن لا يصلي لا يعطى حتى يتوب ويلتزم بأداء الصلاة. ولعله يقصد بذلك حرمان الكافر المرتد بالكلية لا الكافر الأصلي مع أن قوله وجيه في الكافر الأصلي، لأن الزكاة غير الصدقة المستحبة.


وقد سئل الشيخ ابن تيمية عن دفع الزكاة إلى قوم منتسبين إلى المشايخ مشايخ الطرق هل يجوز أم لا؟

فأجاب بقوله: وأما الزكاة فينبغي للإنسان أن يتحرى بها المستحقين من الفقراء والمساكين والغارمين وغيرهم من أهل الدين المتبعين للشريعة، فمن أظهر بدعة أو فجوراً فإنه يستحق العقوبة بالهجر وغيره والاستتابة، فكيف يعان على ذلك؟


وسئل رحمه الله عن دفع الزكاة إلى الأقارب المحتاجين الذين لا تلزمه نفقتهم، هل هو الأفضل أو دفعها إلى الأجنبي؟

فأجاب: أما دفع الزكاة إلى أقاربه فإن كان القريب الذي يجوز دفعها إليه حاجته مثل حاجة الأجنبي إليها فالقريب أولى وإن كان البعيد أحوج لم يحاب بها القريب، قال أحمد عن سفيان بن عيينة: كانوا يقولون: لا يحابي بها قريباً ولا يدفع بها مذمة ولا يقي بها ماله، يعني لا يجعل الزكاة الواجبة وقاية لماله، كأن يدفعها لمن يخشى شرهم من أي جنس، وكذلك لا يقي بها عرضة من الشعراء والسبابين، لأنها حق الله. وقد تولى تعيين صرفها إلى ثمانية أقسام، كما نصت عليها الآية (60) من سورة التوبة.


وقوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ﴾ معناه أن نفع الإنفاق خاص بكم وعائد عليكم في الدنيا والآخرة، فالله المشرع لا ينتفع به قطعاً وإنما تشريعه لمصلحتكم، مما يجازيكم عليه في الدنيا والآخرة، ومما تجدون نفعه وفائدته في الدنيا غير جزاء الله مما يدفع الله به عنكم شر الفقراء فإنهم إذا احتاجوا وليس عند الأغنياء دوافع روحية لسد حاجاتهم وضاق بهم الأمر، فإنهم يندفعون إلى الاعتداء على الأغنياء بالسرقة والنهب والاختطاف وسائر أنواع القرصنة والتخريب حتى يتفاقم شرهم، فيذهبوا بأمن الناس وراحتهم، فإن الإنسان إذا لم يجد عملاً يغنيه ولم يجد حناناً من أخيه الإنسان تضطره لقمة العيش إلى أن يصير وحشاً كاسراً مؤذياً مفسداً، فالزكاة فيها مصلحة عظيمة للمجتمع، وفي تشريعها حكم كثيرة، وإنفاقها عائد نفعه على المنفق، هذا زيادة على الأجر والثواب من الله في العاجل والآجل.


وقوله سبحانه: ﴿ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ﴾ يعني أنكم أيها المسلمون متجردون عن أغراضكم، لستم كغيركم، فإنفاقكم خاص لوجه الله، يعني ابتغاء مرضاته.


ففي هذه الجملة من الآية فائدتان:

إحداهما: تمييز المسلم المؤمن عن غيره لأنه لا ينفق لأغراض نفسه من أجل جاه أو مكانة عند المنفق عليه، ولا لشيء آخر من حاجات النفوس، وإنما قصده مرضاة الله، فهذه الآية الكريمة تحصر مقاصد المسلمين المؤمنين لله بإعطاء المستحق وإزالة ضرورته.


ثانيها: أنه ينبثق من الإخلاص لله حرمان الكافر حتى من الصدقة المستحبة إذا كان في إعطاء الكافر إعانة لهم على إيذاء المسلمين، لأن هذا الإعطاء لا يكون مرضياً لله، بل مسخطاً له بخلاف ما إذا كان إعطاؤهم فيه تأليف لهم واستعطاف نافع. وأكثر المفسرين قالوا عن قوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ﴾. أنه خبر بمعنى النهي، أي لا تنفقوا إلا لوجه الله وابتغاء مرضاته.


وقوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ﴾ يعني يوفيكم الله نفعه في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فتوسعة الرزق ودفع سوء القضاء كما ورد في الحديث: ((إن القضاء والصدقة يعتلجان بين السماء والأرض حتى تغلبه الصدقة))[5]. وما يحصل للمنفق من المحبة وتزكية المال وحصانته، وأما في الآخرة فتوفية الجزاء بمضاعفة الأجور وتكفير الخطايا مما يحصل به الوقاية من النار، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار))[6]. وكما قال: ((فاتقوا النار ولو بشق تمرة))[7].


وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ يعني لا تنقصون من أجور إنفاقكم شيئاً في سبيل الله بل يضاعفه الله أضعافاً مضاعفة كما سبق تفصيله فحقيقة الإخلاص تفيد المخلص في تثبيت نفسه في مقامات الإيمان والإحسان. وكما أن الإنسان يحب أن يكون كاملاً في وجوه الناس فليصلح عمله لله ويخلصه ليراه الله كاملاً، فرؤية الله خير من رؤية الناس.


قال تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 273].

بعد أن بين الله في الآية السابقة أن المؤمن لا ينفق إلا ابتغاء وجه الله، وأنه لا ينفق عن هوى ولا غرض، ولا عن رياء خص الله في هذه الآية مصرفاً من مصارف الصدقة بالذكر، ويعرض لنا صورة كريمة نبيلة لطائفة من المؤمنين تأنف السؤال وتأبى الكلام. فقال: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾.


وهذا وصف ينطبق على جماعة من المهاجرين الذين انقطعوا إلى الله وإلى رسوله وسكنوا المدينة تاركين وراءهم في مكة أموالهم وأهليهم، وحبسوا أنفسهم للجهاد في سبيل الله وحراسة بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يستطيعون سفراً للتجارة والكسب، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ ﴾.


وقوله: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾. أي أن الجاهل يحسبهم أغنياء من تعففهم في لباسهم وحالهم ومقالهم. وفي هذا المعنى الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس شيئاً))[8].


وقوله: ﴿ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ ﴾ أي بما يظهر لذوي الألباب من صفاتهم، كما قال تعالى: ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ﴾ [الفتح: 29].


وقال: ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ [محمد: 30]. كما يعرفهم ذوو الفراسة. كما في الحديث الذي في السنن: ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله))[9]. ثم قرأ: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾ [الحجر: 75].


وقوله: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾. أي لا يلحفون في المسألة، ويكلفون الناس ما لا يحتاجون إليه، فإن من سأل وله ما يغنيه عن المسألة فقد ألحف في المسألة. وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، اقرءوا إن شئتم يعني قوله تعالى: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾))[10].


وفي مسند الإمام أحمد: حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن رجل من مزينة أنه قالت له أمه: ألا تنطلق فتسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يسأله الناس، فانطلقت أسأله، فوجدته قائماً يخطب وهو يقول: ((من استعف أعفه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن يسأل الناس وله عدل خمس أواق فقد سأل الناس إلحافاً)). فقلت بيني وبين نفسي: لنا ناقة لهي خير من خمس أواق، ولغلامه ناقة فهي خير من خمس أواق، فرجعت ولم أسأل[11]. والأوقية أربعون درهماً.


وفي مسند الإمام أحمد أيضاً عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خدوشاً أو كدوماً في وجهه)). قالوا: يا رسول الله، وما غناه؟ قال: ((خمسون درهماً أو حسابها من الذهب))[12].


وقوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ أي لا يخفى عليه شيء منه، وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمه يوم القيامة أحوج ما يكون إليه.


قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274].


لما ذكر الله في الآيات السابقة ترغيبه بالإنفاق، وبيان فوائده في أنفس المنفقين، وفي نفوس المنفق عليهم، وفوائده في الأمة التي يكفل أغنياؤها فقراءها وأقوياؤها ضعفاءها، ويقوم فيها القادرون بالمصالح الدينية، كما ذكر الله سبحانه آداب النفقة والمستحق لها وأحق الناس بها، أعقب تلك الآيات بذكر صنفين من الناس: صنف صالح مصلح عادل في إخوانه المسلمين، متصف بالرحمة والحنان والبر والإحسان، يجود بما أعطاه الله بسخاء نفس ورقة وطيب وإخلاص. وصنف آخر على عكس هذا في جميع الأحوال، ظالم لنفسه ولإخوانه يذبح المحتاج منهم والمضطر، وهو الذي يذكره الله في الآية التالية لهذه الآية.


وقد حقق الله هنا حسن مصير المتصدقين ممن ينفق ماله بالليل والنهار سراً وعلانية، يعني في جميع الأوقات، فإن أجرهم محفوظ لا ينقص منه شيئاً بل يضاعفه الله.


وفي قوله تعالى: ﴿ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ إشعار بأن هذا الأجر عظيم، وفي إضافتهم إلى ربهم إشعار أيضاً بمزيد التكريم، وأنه ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يوم الفزع الأكبر، كما يحصل الخوف على البخلاء الممسكين ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ كما يحزن البخلاء والمراؤون والمبطلون لصدقاتهم بالأذى، بل هم أهل السرور الأمن والطمأنينة، فهم في سرور دائم ونعيم مقيم.


وفي تقديمه سبحانه ذكر الليل على النهار إشعار بفضل صدقة الليل لكونها سرية صادرة عن قوة وإخلاص، ولكن الجمع في هذه الآية بين السر والعلانية يقتضي أن لكل منهما موضعاً تقتضيه الحال وتفرضه المصلحة، فلا يحل غيره محله، كما مضى إيضاحه في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾.


وفي هذه الآية تنويه بذكر المديمين للإحسان المستقيمين على الإنفاق في كل وقت يلوح لهم طريقه، فإنهم على إنفاقهم في هذه الحالات قد بلغوا ذروة الجود والكرم والإحسان والحنان، فكان أجرهم حقيقاً على ربهم، وكان لهم أحسن المصير الذي لا يخافون فيه ولا يحزنون.


وقد ورد في أسباب النزول أنها نزلت في أبي بكر الصديق، إذ أنفق أربعين ألف دينار، منها عشرة آلاف بالليل، وعشرة آلاف بالنهار، وعشرة آلاف بالسر، وعشرة آلاف بالعلانية.


وورد في هذا غير ذلك. والآية يجب أن تحمل على عمومها، وإن وردت على سبب على فرض صحة الأخبار الواردة، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما قرره الأصوليون فمعناها عام في الذين ينفقون أمالهم بالليل والنهار سراً وعلانية في كل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.


تتمة: قد روج الناس حديث: ((للسائل حق وإن جاء على فرس))[13] وهو حديث مرسل ليس بالمرفوع، فقد رواه الإمام أحمد وأبو داود بروايات كلها مرسلة، بل في إسناد الحديث يعلى بن أبي يحي مجهول كما قاله أبو حاتم الرازي، فروايته لا تصح مع كونها مرسلة، ولكن قالوا ينبغي للسمحاء حسن الظن وأن يعطوه معتقدين أن الفرس عارية لا يملكها، أو أنه عليه غرم ونحو ذلك.



[1] [مرسل] أخرجه ابن أبي شيبة مرسلاً عن سعيد بن جبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، [2/401]، [10398]، وذكره الزيلعي بنصب الراية: [2/398].

[2] ذكره ابن كثير: [2/323]، وقال: رواه أبو حاتم.

[3] أخرجه ابن جرير: [3/95].

[4] أخرجه البخاري، كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة، [1395]، ومسلم: [19].

[5] لم أقف عليه، والحمد لله على كل حال. وما هداني الله إليه بلفظ: ((إن القضاء والدعاء يعتلجان...)) الحديث.

[6] أخرجه الترمذي: [2616]، والنسائي بالكبرى: [11394]، وابن ماجه: [3973]، من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.

[7] أخرجه البخاري، كتاب: الزكاة، باب: الصدقة قبل الرد، [1413]، ومسلم: [1016].

[8] [صحيح] سيأتي تخريجه، انظر الحديث بعد القادم إن شاء الله.

[9] أخرجه الترمذي: [3127]، والطبري: [14/46]، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وفي الباب عن أبي أمامة، وثوبان، وأبي الدرداء، وأنس، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.

وذكره العجلوني بكشف الخفا: [1/42، 43].

[10] أخرجه البخاري، كتاب: الزكاة، باب: قول الله تعالى: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [1476]، ومسلم: [1039].

[11] أخرجه الإمام أحمد: [4/138]، والطحاوي في شرح معاني الآثار: [4/372]، وأصل الحديث في الصحيحين بدون هذه القصة الطويلة.

[12] أخرجه الإمام أحمد: [1/388، 441]، وابن ماجه: [1840].

[13] أخرجه أبو داود: [1665]، من حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما والإمام أحمد: [1/201]، وابن خزيمة عن وكيع، وعبد الرحمن مرسلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم [2468]، وابن أبي شيبة: [2/353]، [9823].

وقال الإمام أحمد: حديثان يدوران بالأسواق لا أصل لهما. ولا اعتبار:

الأول: للسائل حق وإن جاء على فرس.

والثاني: يوم نحركم يوم صومكم. اهـ.

قال العجلوني: هذا لا يصح عن أحمد اهـ. انظر الكلام على الحديث هناك كشف الخفا: [2/193، 356].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (268 – 269)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (270 – 271)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (275 - 276)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (277)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (278 - 281)

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تفسير بعض من سورة البقرة ثم تفسير سورة يس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مقدمة بين يدي تفسير سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الفاتحة وسورة البقرة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- nasiha
malak - marocan 19-02-2016 08:36 PM

جزاكم الله على كل شيء و الحمد لله

1- nasiha
malak - marocan 19-02-2016 08:29 PM

tl3e jami3 layat li 3liha lbaht machi nas fiha jazakemo allah khairan

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب