• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآيات (252 - 254)

تفسير سورة البقرة .. الآيات (252 - 254)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/4/2014 ميلادي - 22/6/1435 هجري

الزيارات: 24355

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآيات (252 - 254)

 

قال تعالى: ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [البقرة: 252].


أي: تلك القصص التي سقناها في هذه السورة من أخبار بني إسرائيل مع فرعون ثم مع موسى، وما قابلوه من الإيذاء والتعنت، وما كشفه الله من دفائن أنفسهم الخبيثة إلى عهد طالوت، وما جرى منهم، كل هذه الآيات بينات شاهدات على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لكونه أميّاً لا علم له بأخبار الماضين لولا أنه أوحى إليه بها.


وقوله سبحانه: ﴿ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ توكيد لنبوته صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته حيث أخبر عن الأمم الماضية، وعرف تكذيبهم لأنبيائهم ومدى صبر الأنبياء وشدة تحملهم.


قال تعالى: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [البقرة: 253].


قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ ﴾ يعني: المشار إليهم بقوله في ختام الآية السابقة ﴿ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ والمراد جماعة الرسل.


وقوله سبحانه: ﴿ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ هذا مع استوائهم في اختيار الله إياهم للتبليغ عنه وهداية خلقه.


وقد أجمعت الأمة على أن بعض الرسل أفضل من بعض، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل من الكل، ويدل عليه عدة وجوه:


أحدها: قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، فلما كان رحمة لكل العالمين لزم أن يكون أفضل من كل العالمين.


ثانيها: قوله تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4] أي قرن ذكره بذكره في الشهادتين، وهذا لم يكن لغيره من الرسل.


ثالثها: أن الله قرن طاعته بطاعته، ومحبته بمحبته، حيث قال: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80] وقوله: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].


رابعها: أنه صلى الله عليه وسلم أعطي القرآن الكريم، فهو معجزة باقية ورسالة الله للناس جميعاً، وهذا يدل على فضل الرسول على سائر خلق الله.


خامسها: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر))[1].


سادسها: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي))[2]. الحديث.


وقوله سبحانه: ﴿ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ﴾ المقصود منه بيان منقبة الأنبياء الذي كلمهم الله، وقرأ بعضهم بنصب لفظ الجلالة (الله) والرفع أولى وأدل على الفضل، لأن كل مؤمن يكلم الله في صلاته، ولكن التفضيل لمن يكلمه الله، فموسى عليه السلام قد خص بتكليم الله لم يكن لغيره سوى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.


فيجب اعتقاد أن الله يتكلم بما شاء كيف يشاء، وأن كلامه مخالف لكلام المخلوقين، وأنه لا يحتاج في كلامه إلى لسان وشفتين، ومخارج للحروف كالإنسان المخلوق، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات فكلامه لا يشبه كلام الذوات، وهو سبحانه ينطق الجلود فتتكلم بلا لسان وشفتين، فكيف يحتاج هو في كلامه إلى ذلك، أو ينكر كلامه بالكلية طلباً للتنزيه الذي لم ينزه نفسه عنه.


وأما قوله سبحانه: ﴿ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ﴾ فذهب جمهور المفسرين إلى أن المراد به محمد صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن جرير عن مجاهد وأيده، بل إن أسلوب القرآن يؤيده ويقتضيه.


والقرآن الكريم مليء بالآيات الدالة على ذلك.


وقوله سبحانه: ﴿ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾ البينات هي ما يتبين به الحق ويتضح من الآيات الدلائل، كما قال في الآية (92) من هذه السورة: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾.


أما روح القدس فهو روح الوحي الذي يؤيد الله به رسله، كما قال سبحانه في الآية (52) من سورة الشورى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾ [الشورى: 52].


وكما قال في الآية (102): ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 102].


وقال أبو مسلم: إن روح القدس عبارة عن الروح الطيبة المقدسة التي أيد الله بها عيسى عليه السلام.


ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَر ﴾.


إن بعض المفسرين فسروا هذه الجملة من هذه الآية بما يدل على الجبر وينبغي للمسلم أن يعلم أن الله لم يخلق الناس بقوى محدودة متساوية في أفرادهم، بل خلق الإنسان كما نعرفه الآن بعقل يتصرف به في أنواع شعوره، وجعل ارتقاءه في إدراكه وأفكاره بالتطوير، وركب فيه طبائع كثيرة، فجعله كنوداً هلوعاً عجولاً كفوراً فخوراً، كثير الجدل، ذا غرور وفرحة يأس وقنوط، جهولاً ظلوماً حسوداً، لا تنتهي مطامعه، فلأجل هذا يحصل بينهم الشقاق والاختلاف، وهكذا شاء الله أن يخلق الإنسان، أن يعطيه الإرادة والقدرة على التعالي عن هذه الشهوات والغرائز، فلا يكون في ملك الله إلا ما شاء وما يريد.


ولم تختلف أمة كاختلاف النصارى، ولم تقتتل أمة كاقتتالهم.


كل ذلك كان بسبب نسيانهم لدين الله، وارتكابهم الافتراء عليه، كما قال تعالى في سورة المائدة: ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة: 14].


وقال في شأن اليهود الذين قالوا: ﴿ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ [المائدة: 64] قال: ﴿ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [المائدة: 64].


فعلى المسلمين أن يحذروا غاية الحذر مما يغضب الله ويستنزل مقته، فيغري بينهم العداوة والبغضاء، كما أغراها بين طوائف اليهود، وبين طوائف النصارى، وأن يراقبوا الله في وحيه المبارك من كتاب وسنة، وأن يأخذوه بقوة، ويلتزموا على وجهه الصحيح.


قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254].


لما بين الله لعباده حالة الرسل وأقوامهم وما جرى منهم من الاختلاف والاقتتال عاد يأمر عباده بالإنفاق بأسلوب غير أسلوب الآية السابقة قبل تسع آيات: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245].


وقد نبهنا على ما في هذا التساؤل في تلك الآية من اللطف والبلاغة، وأنه سبحانه يستحث عباده على المتاجرة معه لتكون متاجرتهم متاجرة رابحة، ولكن هذا اللطف في التعبير لا يظهر تأثيره الصحيح إلا فيمن بلغ من الإيمان إلى حد اليقين، ويمدح في الكمال إلى مدارج السالكين، ولطف وجدانه وشعوره، وتألق في قلبه ضياء الإيمان، وما كل المؤمنين يصلون هذا الموصل، فأكثرهم يفعل في نفسه الترهيب ما لا يفعل الترغيب، فلا ينفقون في سبيل الله إلى خوفاً من عقابه أو طمعاً في ثوابه، وقد يعرض لبعضهم الغرور فيتعلق بشفاعة تغنيه عن العمل، أو فدية تقي صاحبها جميع ما عمله من زلل، فأمثال هؤلاء يعالجهم الله بنفي جميع ما يتعلقون به من الشبهات، فلأجل هذا قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ واستدركوا فرصة جدكم وغناكم ووجودكم قبل وفاتكم فاغتنموا ذلك ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ ﴾ البيع هنا الفدية كما قال في سورة الحديد: ﴿ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الحديد: 15].


وكقوله: ﴿ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ﴾ [البقرة: 48]. وقوله: ﴿ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا ﴾ [الأنعام: 70].


فكأنه سبحانه قال: من قبل أن يأتي يوم لا تجارة فيه فتكتسب ما تفتدي به من العذاب، أو يكون المعنى: يا أيها الذي آمنوا قدموا لأنفسكم من المال الذي هو في ملككم قبل أن يأتي اليوم الذي لا يكون فيه مال ولا تجارة، ولا مبايعة يفتدى بها، بل الافتداء مرفوض بتاتاً من الأساس، كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾ [الزمر: 47].


وكما قال في سورة المائدة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 36].


وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا خُلَّةٌ ﴾ يعني ولا مودة، ومثله قوله تعالى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67].


ومثله قوله: ﴿ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ﴾ [البقرة: 166]. وقوله: ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [العنكبوت: 25]، وقوله حكاية عن الكفار: ﴿ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ﴾ [الشعراء: 100، 101]. وأما قوله سبحانه: ﴿ وَلَا شَفَاعَةٌ ﴾ فيه نفي للشفاعة يوم القيامة، فيوم القيامة لا خلة فيه ولا شفاعة لعدة أمور:

أحدها: أن كل أحد يكون مشغولاً بنفسه على حد وصفه تعالى: ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 37].


ثانيها: أن الخوف الشديد والذعر غالب على كل أحد كما وصفه الله بقوله: ﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 2].


ثالثها: أنه إذا أنزل العذاب بسبب الكفر والفسق صار مبغضاً لهذين الأمرين، وإذا صار مبغضاً لهما صار مبغضاً لمن كان موصوفاً بهما.


والأمر في هذه الآية بالإنفاق هو للوجوب، لأنها تتضمن الوعيد على الترك، والوعيد لا يكون إلى على ترك الواجب، وقال بعضهم إنه يشمل المندوب والواجب، ومن الواجب على أغنياء المسلمين إذا وقع الفساد في الأمة وتوقف إزالته على المال أن يبذلوا أموالهم لدفع المفاسد الفاشية حتى لا يصيبهم الله بغاشية من عذابه. وفي قوله سبحانه: ﴿ مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ إشعار بأنه أعطاهم الكثير وجعلهم مستخلفين فيه، وطلب منهم القليل لمصلحتهم، فكأنه يقول: إني ما رزقتكم الرزق الحسن واستخلفتكم عليه إلا بعد ما انتزعته من قوم آخرين قد أساءوا التصرف فحبسوا المال وأمسكوه عن المنافع العامة التي يرتقي بها شأن المسلمين بالتعاون على البر والخير، فلا تكونوا مثلهم، فإنهم ظلموا أنفسهم وأمتهم ببخلهم، فكانوا كافرين بنعم الله عليهم، إذ لم يضعوها في مواضعها، فاستحقوا انتزاعتها منهم، فإن سلكتم مسلكهم في البخل انتزعها منكم كما انتزعها منهم وأنا العزيز الغلاب، هكذا معنى خطاب الله لهم.


وقد جاء في ختام سورة القتال سورة محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: ﴿ هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38].


وقوله تعالى: ﴿ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ يعني الكافرين بنعمة الله، المصرين على ترك الإنفاق، حيث تركوا تقديم الخيرات ليوم فقرهم وحاجتهم الصحيحة، فلا تقتدوا بهم في اختيارهم الفاسد، وقدموا لأنفسكم ما تجعلونه ذخراً لكم يوم القيامة، ووقاية من عذاب الله، قال البيضاوي في تفسير الظالمين: يريد والتاركون للزكاة هم الذين ظلموا أنفسهم إذ وضعوا المال في غير موضعه وصرفوه على غير وجهه، فوضع (الكافرون) موضعه تغليظاً وتهديداً كقوله ﴿ وَمَنْ كَفَرَ ﴾ [آل عمران: 97] مكان ومن لم يحج، وإيذاناً بأن ترك الزكاة من صفات الكفار. كقوله في الآية (6) من سورة فصلت: ﴿ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ﴾ [فصلت: 6، 7]. اهـ


قال الشيخ محمد عبده: لو فتشتم عن خفايا النفس لوجدتم أن العلة الصحيحة في منع الزكاة ونحوها من النفقات الواجبة هي أن حب المال أعلى في قلب المانع من حب الله تعالى، وشأن المال في نفسه أعظم من حقوق الله، لأن النفس تذعن دائماً لما هو أرجح في شعورها، ولو وزنتم جميع أنواع الظلم الذي يصدر من الإنسان لوجدتم أرجحها ظلم الباخل بفضل ماله على ملهوف يغيثه ومضطر يكشف ضرورته، أو على المصالح العامة التي تقي أمته مصارع الهلكات أو ترفعها على غيرها درجات، أو تسد الخروق التي حدثت في بناء الدين، أو تزيل السدود والعقبات من طريق المسلمين، فإن هذا النوع من الظلم الذي لا يعذر صاحبه. اهـ باختصار.


وأنا أقول وبحول الله أصول وأجول: لقد تبين لك أيها القارئ والسامع مما أوضحته بأن الكافرين الظالمين هم المصرون على ترك الواجبات التي منها الإنفاق في سبيل الله للجهاد وللمعوزين لتعلقهم بالمال دون تعلقهم بالله ومحبتهم للمال أعظم من محبة الله وإيثارهم مرادات أنفسهم على مراد الله، وكل هذا إخلال بالألوهية الواجبة لله، وتأليه لأنفسهم على حساب سلطان الله.


وجاءت نصوص القرآن المجيد بربط محبة الله بمتابعة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الآية (31) من سورة آل عمران: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].


وكما جاء في سورة التوبة الوعيد والتهديد الشديد والحكم بالفسق الذي معناه الكفر لمن فضل شيئاً من محبوبات الدنيا الثمانية التي منها الأولاد والمال على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله، فقال في الآية (24) من سورة التوبة: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].


فهذه الآية والآية التي قبلها تنص على الفسوق، فسق الكفر لكل من تولى آباءه أو إخوانه وهم على الكفر، قائلاً سبحانه في الآية التي قبلها: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [التوبة: 23].


وفي هذه الآية تفضيل محبة هذه الأصناف الثمانية على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله فعلى هذا كل من جعل حياته وعمله للقومية والوطنية ولم يجعله لله ونصرة دينه وبذل النفس والمال في سبيله فليس مؤمناً، وكل من جعل حياته وكدحه لأهله وأولاده في حاضرهم ومستقبلهم يجمع الأموال ويبني العقارات لهم معرضاً عن العمل لدينه والبذل لنصرة المسلمين فيما يقدر عليه من جهات العمل مقابلاً تخطيط الماسونية اليهودية بتخطيط إسلامي ينشئ جيلاً مسلماً عقائدياً.


أقول: من قصر بجهوده على أولاده، كما وصفت معرضاً عن العمل لدينه بما أشرت فليس مؤمناً، وهكذا من بخل بماله في بذل ما أوجب الله عليه منه، وأصر على ذلك، فليس مؤمناً بل هو من الكافرين الظالمين بحكم الله سبحانه، ولكن الكثير من الناس يحسب أن من نطق بالشهادتين فقد سلم من الكفر، إن لم يأت بحقهما ويعمل بمدلولهما، وهذا جهل فاضح يكشفه القرآن بقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ﴾ [التوبة: 5] أي توقفوا عن قتالهم، وبالحديث النبوي الذي ذكرناه قبل حلقات قليلة، فمن نطق بالشهادتين ولم يصل أو اقتصر على صلاة الجمعة فقط ودام إصراره على ذلك فهو كافر تجري عليه أحكام المرتدين ولا تجري عليه أحكام اليهود والنصارى، ومن نطق بالشهادتين وأصر على ترك الزكاة فحكمه كذلك، وهكذا كل من عطل أوامر الله بإصراره، وسيأتي إن شاء الله مزيد تفصيل.



[1] أخرجه الترمذي بهذا اللفظ: [3148]، وغيره، والحديث أصله أخرجه البخاري، كتاب: الأنبياء، باب: قول الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ﴾ [3340]، ومسلم: [194، 2278]، وغيرهما.

[2]أخرجه البخاري، كتاب: التيمم، [335] ومسلم: [521].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (246 – 247)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (248 - 251)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (255)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (256 - 257)

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تفسير بعض من سورة البقرة ثم تفسير سورة يس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب