• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات
علامة باركود

إني أضيع

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 11/1/2011 ميلادي - 5/2/1432 هجري

الزيارات: 13074

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السَّلام عليْكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة جامعيَّة عمري 20 سنة، منذ فترة ليست قصيرة أصبحت تُلازمني وساوس كثيرة عن الإسلام، حاولت أن أتهرَّب منها لم أستطع، جرَّبت أن أتعوَّذ من الشَّيطان كما تقولون؛ ولكن هذا أيضًا لَم يُجْدِ.

 

لذا؛ قرَّرت أن أبحث عن تفسيرٍ لكلِّ ما يشغلني، وهُنا بدأت المشْكِلة، فأنا كلَّما وجدتُ تفْسيرًا لشبهة معيَّنة شدَّتني أخرى، بدأت أبحث في المنتديات المسيحيَّة، والمؤلم في الأمر أنَّ كثيرًا من حديثِهم لَم يستطع المسلِمون أن يردُّوا عليه، بل والأمرُّ من ذلك أنَّني زدت على حالة الشَّكّ الَّتي تُصيبُني حالة من الغضَب؛ لتهجُّم آخَرين على ديني وعدم قُدرتي على مُجاراتِهم؛ لأنَّهم ببساطة يظهرون كأنَّهم (الأصحّ).

 

صدِّقوني أنا أحبُّ الإسلام كثيرًا، لا أنكر أنَّني كثيرًا أفكِّر في احتِمال خطئه أو أنَّ كثيرًا من الأمور غير واضحة بالنِّسبة لي، ولكنَّني أيضًا أحبُّه وأشْعُر بالغيرة عليه.

 

دعوتُ الله كثيرًا وقُمت اللَّيل كثيرًا، لماذا لا يُريحني الله؟ قرأت أحاديثَ أنَّ مَن تُصيبه الوسوسة يتعوَّذ من الشَّيطان وتعوَّذتُ، فلماذا بقِيَت معي؟

 

قرَّرت أن أقرأ كثيرًا، قرَّرت أن أبْحث عن كلِّ ما يحيِّرُني لكنِّي خائفة، خائفة من النَّتيجة، أعلم أنَّ كلامي هذا ربَّما يعدُّ كفرًا أو تَجاوزًا، وبحق لا أقصد أن أُذنِب ولكنِّي أتكلَّم بصراحة، فأنا أخاف أن أخرج بنتيجة ضدَّ ديني، آخر ما قرأتُه ولم أجد تفسيرًا له هو عدَم اعتِراف النَّبيِّ - عليه الصَّلاة والسَّلام - بالعدْوى، والتي هي مثبتة ومعروفة علميًّا!

 

هذا الموضوع لأحد النَّصارى:

"(لا عدوى ولا طيرة)، وحديث (إنَّما الشؤم في ثلاث: في الفرس والمرأة والدَّار).

 

هذا حديثٌ صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما، ولفظُه:

عن أبي هريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((لا عدْوى ولا صفَر ولا هامة)).

نأْتي لشرح معنى: "لا عدوى".

 

قولُه - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: "لا عدْوى": "لا": نافية للجِنس، ونفْي الجنس أعمُّ من نفْي الواحد؛ لأنَّه نفي للجنس كلِّه، فنفى الرَّسولُ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - العدوى كلَّها.

 

إذًا؛ هذه الأحاديث تُثبت نفْي محمَّد للأمراض المُعْدية كلِّها، وتناقل الأمراض بين البشَر عن طريق العدْوى، وهذا خطأٌ علْمي؛ فالعدوى موجودة، وهي سبب خوفِنا حاليًّا من انتشار مرض إنفلونزا الخنازير.

 

أحبُّ أن أضيف دليلاً آخَر على العجز العلمي بخصوص الأمراض المعْدية وانتِشارها بالعدوى: تعدُّد الزَّوجات وملك اليمين حلال في الإسلام.

 

فلو أنَّ مسلمًا ذهب للجِهاد، ومن الغنائم أخذ إحدى السَّبايا ونام معها، فهو لا يعرف أي حاجة عنْها ولا مَن كانت تعاشِرُه ولا أي شيء، وهو بكل بساطة ينكحها.

 

هذا يؤدي إلى العدوى بأمْراضٍ كثيرة، والأخطر من ذلك سيؤدِّي إلى انتِشارها إلى كلِّ الزَّوجات والسَّبايا، بل وأولاده، لو كان هذا أمرًا إلهيًّا لكان أدرك هذا الخطأ الفادح، لكنَّه لم يؤمن بالعدوى.

 

أيضًا حديث الذُّبابه يؤكِّد أنَّ لم يسمع بالعدْوى.

 

لو ذبابة فيها تيفود، المفْروض أنَّ المسلم يضَع الذُّبابة كلَّها في الماء كي يأخُذ العلاج؛ لأنَّ جناحًا فيه الدَّاء والثاني فيه الدَّواء.

 

وأيضًا بئر بضاعة النجِس، كان الرَّسول يذهب يتوضَّأ ويشرب منه، هذا البئر كان للمخلَّفات: كلاب ميتة، ودم حيض، ولمَّا قال النَّاس هذا، ردَّ هو - في سنن أبي داود - أنَّ الماء من عند الله، ولا يلوثه أي شيء.

 

وتُوجد قصَّة مُشابهة في ابن ماجه، لكن البئْر كان فيه حمار، اشرب يا مسلم.

 

وكان يمصُّ الألسنة، وبول البعير وبول الرسول والنُّخامة، كل هذا دليلٌ أنَّ الرَّسول لَم يؤمِن بالعدْوى.

 

يعني نَجمع الصورة كلَّها مع بعض، يشْرب من ماء به ذباب وحمار، وبعد هذا يغْسل نفسَه بماء ملوَّث، ولمَّا يمرض يشْرب بول بعير، ويروح ينام مع الأربع وباقي الجواري كي يعديهم.

 

فلو أنَّ المسلم يريد أن يقول: إنَّ هناك إعجازًا علميًّا، الإعجاز أنَّهم عاشوا ولَم يَموتوا مُباشرة من هذه التعاليم!".

 

هناك أمور كثيرة تُحيِّرني، لا أعلم إن كان يَحقُّ لي الإطالة أكثر من ذلك، لكنِّي بحاجة لِمَن يُوجِّهُني ويبْعِدني عن الضَّياع الَّذي أعيشُه، فأنا أشعُر بأنَّ إيماني ينقُص.

الجواب:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمَن نظر في الإسلام أيقن أنَّه دين النَّظافة، فقد أمر المؤمن بالتَّنظُّف والاغتِسال للجمعة والأعياد؛ لأجل اجتِماعه بالناس، ونَهى عن دخول المسجد إذا أكل الثُّوم أو البصل، وأمر بتنْقية البراجم وقصّ الأظافر، والسِّواك، والاستِحْداد، وغير ذلك من الآداب، وإهْمال ذلك ربَّما تعدَّى إلى فساد العبادة، مثل أن يهْمل أظْفاره فيجمع تحتَه الوسخ المانع للماء في الوضوء أن يصل، وسنَّ التزيُّن للنِّساء في قوله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ﴾ [البقرة: 228]، وكان حبر الأمَّة ابن عبَّاس - رضِي الله عنهما - يقول: "إنِّي لأحبُّ أن أتزيَّن للمرأة كما أحبُّ أن تتزيَّن لي"، وقد كان النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنظف النَّاس وأطْيب النَّاس، وفي الحديث عنْه يرفع يديه حتى تبين عفرة إبطيْه، وكان ساقه ربَّما انكشفت فكأنَّهما جمارة.

 

وكان لا يفارقه السواك، وكان يكره أن يشمَّ منه ريح ليست طيِّبة، وكان النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم يحب الطِّيب.

 

ومَن تدبَّر سيرة النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - علِم ضرورةً أنَّه رسولُ الله حقًّا وصدقًا، فلو لم تكن له معجِزة ظاهرة غير سيرتِه العطِرة، لكفت وشفت؛ وذلك أنَّه - عليه السَّلام - نشأ أمّيًّا في بلاد جهْل وصحْراء قاحلة، ولم يَخرج عن تلك البلاد، ولا فارق قومَه إلاَّ مرَّتَين: إحداهما إلى الشَّام، وهو صبي مع عمِّه إلى أوَّل أرض الشَّام، ورجع، والأُخرى أيضًا إلى أوَّل الشَّام، ولم يطل بها البقاء قطّ، ثمَّ مكَّنه الله - تعالى - من العرب كلِّها، فلم تتغيَّر نفسُه، ولا حالت سيرته، إلى أن مات ودرْعُه مرهونةٌ في شعير لقوت أهلِه، أصواع ليست بالكثيرة، ولم يبِت قطُّ في ملكه دينار ولا درهم، وكان يأكُل على الأرض ما وجد، ويخصف نعله بيدِه، ويرقع ثوبه، ويؤْثِر على نفسه، وقتل اليهودُ رجُلاً من أفاضل أصْحابه، قُتل بين أظهر أعدائه من اليهود، فلم يتسبَّب إلى أذى أعدائِه بذلك؛ إذ لم يوجب الله - تعالى - له ذلك، ولا توصَّل بذلك إلى دمائهم، ولا إلى دم واحدٍ منهم، ولا إلى أموالهم، بل فداه من عند نفسِه بمائة ناقة، وهو في تلك الحال محتاجٌ إلى بعيرٍ واحد يتقوَّى به، وهذا أمرٌ لا تسمح به نفسُ ملك من ملوك الأرض وأهل الدنيا، من أصحاب بيوت الأموال بوجه من الوجوه، ولا يوجب هذا أيضًا ظاهر السيرة والسياسة، فصحَّ يقينًا بلا شكٍّ أنَّه إنَّما كان متَّبعًا ما أمر به ربُّه - عزَّ وجلَّ - سواء كان مضرًّا به في دُنياه غاية الإضْرار، أم كان غير مضرٍّ به، وهذا عجب لِمَن تدبَّره، ثمَّ حضرتْه المنيَّة وأيْقن بالموت، وله عمٌّ أخو أبيه هو أحبُّ النَّاس إليه، وابن عمٍّ هو من أخصِّ النَّاس به، وهو أيضًا زوج ابنتِه الَّتي لا ولدَ له غيرها، وله منها ابنان ذكران، وكلا الرجُلين المذكورَينِ - عمّه وابن عمّه - عندهما من الفضْل والدين والسّياسة في الدُّنيا، والبأس والحلْم وخلال الخير، ما كان كلُّ واحدٍ منهُما حقيقًا بسياسة العالَم كلِّه، فلم يحابِهِما وهُما من أشدِّ النَّاس غناء به، ومحبَّة فيه، وهو من أحبِّ النَّاس فيهما، ولكن لما كان غيرُهُما متقدِّمًا عليْهِما في الفضْل، وإن كان بعيد النَّسَب منه، فوَّض الأمر إليه، قاصدًا إلى أمر الحقِّ واتِّباع ما أمر به، ولم يورث ورثَته - ابنته ونساءه وعمه - فلسًا فما فوقه، وهم كلُّهم أحبُّ النَّاس إليه وأطْوَعُهم له، وهذه أمورٌ لمن تأمَّلها كافية مغْنية في أنَّه إنَّما تصرَّف بأمر الله - تعالى - لا بسياسة ولا بهوى نفس.

 

علَّمه الله تعالى الحكمة دون معلِّم، وعصمه من كلِّ مَن أراده بشر، على كثْرة مَن أراد قتله مِن شُجْعان العرب وفُتَّاكهم، كعامر بن الطفيل، وأربد بن جزء، وغوث بن الحارث، وغيرهم، فهل بعد هذا برهانٌ، أو بعد هذه الكفاية من الله - تعالى – كفاية؟! وهو لا يبغي دُنيا، ولا يمنِّي بها من اتَّبعه، بل أنْذَر الأنصار بالأثَرة عليهم بعدَه، وتابعوه على الصَّبر على ذلك، قام له أصحابُه على قدَم فمنعهم وأنكَرَ ذلك عليْهِم، وأعلمهم أنَّ القِيام لله - تعالى - لا لخلقِه، ورضُوا بالسجود له، فاستعْظم ذلك وأنكره إلاَّ لله وحْدَه، ولا شكَّ في أنَّ هذه ليست صفةَ طالبِ دُنيا قطُّ أصلاً، ولا صفة راغبٍ في غلَبة ولا بُعْد صوت، بل هذه حقيقة النبوَّة الخالصة لمن كان له أدْنى فَهْم.

 

كان إسلام جَميع العرب أوَّلهم - كالأوس والخزرج - ثمَّ سائرهم قبيلةً قبيلة؛ لِما ثبت عندهم من آياته، وبهرهم من معجزاته.

 

فاتَّبعوه - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ بلغَهم خبرُه في حياته - عليْه السَّلام - للآيات التي كانت له بحضْرة جَميع أصحابه، كإعجاز القُرآن وانشِقاق القمر، ودُعاء اليهود إلى تمنِّي الموت، وإخْبارهم بعجْزِهم عن ذلك وأنَّهم لا يتمنَّونه أصلاً، والإنذار بالغيوب، ونبعان عين تبوك فهي كذلك إلى اليوم، ونبعان الماء من بين أصابعِه بحضرة العسْكر، وإطْعامه النَّفر الكثير من طعام يسيرٍ مِرارًا جمَّة بحضرة الجموع، وإخباره بأكْل الأرضة كلَّ ما في الصحيفة المكتوبة على بني هاشم وبني عبد المطلب حاشا اسم الله - تعالى - وإخْباره بمصارع أهل بدْر بحضرة الجيش موضعًا موضعًا، والنُّور الواقع في سوط الطُّفيل بن عمرو الدَّوسي، وحنين الجذع بحضرة جميعِهِم، ونجاته من حصار كفار مكة لبيته، وخروجه وهو يرميهم بتُراب أعمى عيونَهم، تاليًا لآيات القرآن الكريم، ثم دخوله الغار ولم تظفر به جموع قريش.

 

وشكْوى البعير إليه، وإبْراء عينَي عليٍّ من الرَّمد بحضرة الجماعات في ساعة، وسوخ قوائم فرَس سُراقة إذ تبعه، ودرّ الشَّاة الَّتي لا لبنَ لها مرارًا، وتسبيح الطَّعام بين يديه، وكلام الذئب ومجيئِه، ودعائِه للمطَر فأتى للوقْت وفي الصَّحو فانجلى للوقت.

 

وكان - صلى الله عليه وسلم - جَمِيل العِشْرَة، دائم البِشْر، يُداعِبُ أهلَه، ويتَلَطَّفُ بهم، ويوسعُهُم نَفَقَته، ويضاحِك نساءَه، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين، يتَوَدَّدُ إليها بذلك؛ قالت: سَابَقَنِي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَبَقْتُهُ، وذلك قبل أن أحملَ اللحم، ثم سابقته بعدما حملتُ اللحمَ فسبقني، فقال: ((هذِهِ بتلْك))، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كلُّ واحدة إلى منْزلها، وكان ينام مع المرأة مِنْ نسائه في شعار واحد، وكان إذا صلَّى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك - صلى الله عليه وسلم.

 

ومات رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - والإسلام قد انتشر وظهر في جَميع جزيرة العرب، وفي هذه الجزيرة من المدُن والقرى ما لا يعْرِف عدده إلاَّ الله - عزَّ وجلَّ - كاليمن والبحرين وعمان ونجد، وجبلي طي، وبلاد مضر، وربيعة وقضاعة، والطَّائف ومكَّة، كلُّهم قد أسلم وبنَوا المساجد، ليس منها مدينة ولا قريةٌ ولا حلَّة لأعرابٍ إلاَّ قد قُرئ فيها القُرآن في الصَّلوات، وعلمه الصِّبيان والرجال والنساء.

 

انتقل رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إلى الرَّفيق الأعْلى والمسلمون ليْس بيْنهم اختِلاف في شيء؛ فكلُّهم أمَّة واحدة، ودين واحد، ومقالة واحدة، ثمَّ ولِي أبو بكْرٍ سنتَين وستَّة أشهر، فغزا فارس والرُّوم، وفتح اليمامة، وقد ارتدَّ كثيرون بعد موْتِ النَّبيِّ فأخرج إليْهم أبو بكر البعوثَ، فلم يمضِ عام واحد حتَّى راجع الجميع الإسْلام، أوَّلهم عن آخرهم، وإنما كانت نزغةً من الشَّيطان كنارٍ اشتعلت فأطْفأها الله للوقت.

 

ثمَّ مات أبو بكر ووليَ عُمر، ففُتِحت بلاد الفرس - إيران - طولاً وعرضًا، وفتحت الشام كلّها، والجزيرة ومصر كلّها، ولَم يبقَ مكانٌ إلاَّ وبُنِيَت فيه المساجد، ونُسِخت فيه المصاحف، وقرأ الأئمَّة القرآن، وعلمه الصبيان في المكاتب شرقًا وغربًا.

 

ثمَّ وليَ عثمان، فزادت الفتوح واتَّسع الأمر، ثمَّ فتح المسلمون الأندلُس وبلاد البربر، وبلاد السودان إلى آخر السند، وكابل وخراسان والترك والصقالبة، وبلاد الهند.

 

فوضح بما ذكرنا - ولله الحمد كثيرًا - أنَّ نبوَّة محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم – حقٌّ، وأنَّ شريعته الَّتي أتى بها هي الَّتي وضحت براهينها واضطرَّت دلائلها إلى تصْديقها، والقطْع على أنَّها الحقّ الَّذي لا حقَّ سواه، وأنَّها دين الله - تعالى - الَّذي لا دين له في العالم غيرُه، والحمدُ لله ربِّ العالمين عددَ خلقِه ورضاءَ نفسِه، وزنةَ عرشِه ومداد كلماتِه، على ما وفَّقنا إليْه من الملَّة الإسلاميَّة.

 

فهذا هو الحقُّ، لا ما تدَّعيه النَّصارى من الكذب البحْت في أنَّ الملوك دخلوا دينَهم طوعًا، وقد كذبوا في ذلك؛ لأنَّ أوَّل ملك تنصَّر قسطنطين، بعد نحو ثلاثمائة عامٍ من رفْع المسيح - عليه السلام - فأي معجزةٍ صحَّت عندَه بعد هذه المدَّة؟! وإنَّما نصَّرته أمُّه لأنَّها كانت نصرانيَّة بنت نصراني، عشِقَها أَبوه فتزوَّجها، وهذا أمر لا تُنكره النَّصارى، وما قدَرَ على إظْهار النَّصرانيَّة حتَّى رحلَ عن روميَّة وبنى بزنطية، وهي قسطنطينية، ثمَّ أجْبَر النَّاس على النصرانيَّة بالسَّيف والعطاء، وكان من عهودِه المحفوظة: أن لا يولي ولايةً إلاَّ مَن تنصَّر، فسارع النَّاس إلى الدُّنيا نافرين عن الأدْنى.

 

ثمَّ مات قسطنطين وولي ابنُه، ورجعَ إلى عبادة الأوْثان، إلى أنْ مات، ثمَّ ولي رجل من أقاربِ قسطنطين فرجع إلى النصرانيَّة، وسنُفْرد في حلقة مستقلَّة عن مَخازي النَّصارى وبطلان دينِهم، من واقع كتبهم التي بين أيديهم.

 

هذا وسوف نبين تهافُت بعض تلك الشبهات وندحْضها - بحول الله وقوَّته – ثم على المستشيرة الكريمة أن تتابع على موقعنا بيان نسف البقية نظرًا لضيق الوقت.

 

وننصح الأخت الكريمة بعدم الدخول على مواقع الضلال ولتدع هذا لأهل العلم المختصين؛ لأن ضعاف اليقين إذا سمِعوا تلك التَّهويشات من أعداء الرُّسُل، ولم يدرِ وجْهَ الرد، أحدث في قلبه رِيبةً؛ لأنه لا يوجد شيءٌ أعظم جنايةً على الشَّرائع والنبوَّات والتَّوحيد من إيهام النَّاس أنَّ المسلمين - أهْل التَّوحيد والدين الحق - ينكرون الأسْباب، فإذا رأوا تلك التهويشات، ساءت ظنونُهم بالإسلام، وبمَن جاء به، ولم يدْروا أنَّ ما نفاه النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قوله: ((لا عدوى ولا صفر ولا هامة)) غير ما أثبته في قوله: ((لا يوردن ممرضٌ على مصح)).

 

أمَّا معنى الحديث الذي في "الصَّحيحين" عن أبي هريرة - رضِي الله عنْه - قال: إنَّ رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((لا عدْوى ولا صفر ولا هامة))، فالجواب من وجوه:

منها: أنَّ تمام الحديث في "الصحيحيْن": فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بالُ إبِلي تكون في الرمل كأنَّها الظباء، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال: ((فمَن أعدى الأوَّل؟!)).

 

فالنَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذا الحديث الشَّريف إنَّما نفى ما كان عليْه أهل الإشْراك وغيرهم، من اعتقاد ثبوت العدوى بطبيعةِ المرض؛ أي: إنَّ السبب يستقلّ بالحادث بدون إذن الله، ولَم يرد أن ينفِيَ كونَ العدْوى سببًا للمرض، وإنَّما نفى أن يكون شيءٌ في كونِه إلاَّ بإذنِه - سبحانه - والسبب قد يتخلَّف عن سببِه كما يتخلَّف الشِّفاء بعد أخْذ الدَّواء، وكما في غيرهما من الأسباب، يُبينه نهيُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن دخول المريض على الصَّحيح، فقال: ((لا يوردن ممرضٌ على مصح))؛ متَّفق عليه، وروى مسلم عن عمرو بن الشَّريد عن أبيه قال: كان في وفد ثقيف رجلٌ مجْذوم، فأرسل إليه النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (إنَّا قد بايعْناك فارجع)).

 

وقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((فرَّ من المجْذوم فرارَك من الأسد))؛ رواه أحمد.

 

ففي تلك الأحاديث وغيرِها إثباتٌ للعدْوى كسبب للمرض بما يقدِّره الله - تعالى - فإيراد الممرض على المصحّ قد يكون سببًا يَخلق الله - تعالى - به المرض في السليم، وقد يصرِف الله - سبحانه - تأثيره بأسباب تضادُّه أو تمنعه قوَّة السببيَّة، وهذا محض التَّوحيد الذي يعزُب فهمُه عن غير الموحِّدين من المشْركين.

 

قال ابن القيِّم في كتاب "مِفتاح دار السَّعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة" (2 /273):

"فالتَّوحيد من أقْوى أسباب الأمْن من المخاوف، والشِّرك من أعظم أسباب حصول المخاوف؛ ولذلك مَن خاف شيئًا غيرَ الله سلّط عليه، وكان خوفه منه هو سببَ تسْليطه عليه، ولو خاف الله دونَه ولم يخفه، لكان عدم خوفِه منْه وتوكُّله على الله من أعظم أسباب نجاته منْه، وكذلك مَن رجا شيئًا غير الله، حُرِم ما رجاه منْه، وكان رجاؤُه غير الله من أقوى أسْباب حِرْمانه، فإذا رجا الله وحْده، كان توْحيد رجائِه أقْوى أسباب الفوز بما رجاه، أو بنظيره، أو بما هو أنفع له منْه". اهـ.

 

ومنها: قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا سمِعْتُم بالطَّاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تَخرجوا منها))؛ رواه البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقَّاص.

 

وقوله: (فلا تدخلوها)؛ أي: مقامكم في الموضِع الَّذي لا طاعون فيه أسكنُ لقلوبِكم وأطيب لعيشِكم، فلو كانت العدْوى منفيَّة بالمعْنى الَّذي فهِمه المنصِّرون، ما نَهاهم النَّبيُّ عن دخول البلَد الموبوء؛ إذِ العلَّة عدم العدوى، فتأمَّل.

 

ومنها: ما قد بيَّنَّاه أنَّ ثبوت الأسباب شرعًا وقدرًا متواتِر في الشَّريعة الإسلاميَّة، وما ظُن أنَّه جاء على خلافها كحديث: (لا عدْوى)، فليس كذلك، وإنَّما هو تنبيه للمؤْمنين أنَّ الله - تعالى - هو خالق السَّبب، وأنَّه يتصرَّف فيه حيث شاء - لا معقِّب لحكمه، ولا يُسْأل عمَّا يفعل - فيسلبه سببيَّته إن شاء، أو يبقيها عليه إن شاء، فليس كلُّ مَن جدَّ وجد، ولا كلّ مَن زرع حصد، ولا كلّ مَن تاجر ربح؛ إلاَّ بإذن الله ومشيئتِه؛ لأنَّ الله - تعالى - كما أمرنا بالأخْذ بالأسباب، أعلَمَنَا أنَّه - سبحانه - هو مَن يقوت السَّبب، فيعمل أو يمنع عنه قوَّته فيبطل، وهذا من معاني اسم الله "المقيت"، الَّذي مَن لا يعرفه لا يعرف الله، ومَن تأمَّل تلك الآيات، علِم هذا: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 63 - 74].

 

ومنها: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يرد إنْكار الأسباب؛ بل أراد إثبات القدَر، وردَّ الأسْباب كلها إلى الفاعل الأوَّل؛ إذْ لو كان كلُّ سبب مستندًا إلى سبب قبله لا إلى غاية، للزِم التسلْسُل في الأسباب، وهو ممتنع عقلاً؛ لما يلزم منه من القول بقدَم العالم، فقطَع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - التسلسُل بقولِه: ((فمن أعْدى الأوَّل؟!))، إذ لو كان الأوَّل قد جرب بالعدْوى والَّذي قبله كذلك - لا إلى غاية - لزِم التسلسل الممتنع.

 

ومنها: أنَّ العدْوى المنفيَّة هي الَّتي أثبتها الأعرابي في قوله: "فيجرب"، ومراده أنَّ سببَ جرب البعير الأوَّل قد استقلَّ في إصابة البَعير الصَّحيح بالمرض بلا إذْنٍ من الله، وهذا ما نفاه النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم.

 

ومنها: أن نفي العدْوى نظير نفْي الشفاعة في قوله تعالى: ﴿ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ ﴾ [البقرة: 254]، فنفى الشفاعة التي أثبتَها أهل الشِّرك، وهي تقدُّم الشَّافع بين يدَي المشفوع عنده وإن لم يأذَن له، ثمَّ أثبتَ شفاعةً للنَّبيِّ وللمؤمنين؛ ولكن بعد إذنه - سبحانه - فقال تعالى: ﴿ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255]، وقال: ﴿ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ [الأنبياء: 28]، وقال: ﴿ وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 23].

 

قال الإمام النَّووي في "شرْح النَّووي على مسلم" (7 /372):

"المراد به نفْي ما كانت الجاهليَّة تزْعُمه وتعتقِده: أنَّ المرَض والعاهة تعْدِي بطبعها لا بفعْل الله تعالى، وأمَّا حديث: ((لا يورد ممرض على مصحّ))، فأرشد فيه إلى مُجانبة ما يحصل الضَّرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وقدَرِه، فنفى في الحديث الأوَّل العدْوى بطبعها، ولم ينْفِ حصول الضَّرر عند ذلك بقدَر الله تعالى وفعْلِه، وأرْشد في الثَّاني إلى الاحتِراز ممَّا يحصُل عنده الضَّرر بفعل الله وإرادتِه وقدَره".

 

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "المراد بنفْي العدوى: أنَّ شيئًا لا يعدي بطبعه، نفيًا لما كانت الجاهليَّة تعتقده أنَّ الأمراض تعْدي بطبعها من غير إضافة إلى الله، فأبطل النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - اعتقادهم ذلك، وأكل مع المجْذوم ليبيِّنَ لهم أنَّ الله هو الذي يُمْرِض ويَشفي، ونهاهم عن الدنوِّ منْه ليبيِّن لهم أنَّ هذا من الأسباب الَّتي أجْرى الله العادة بأنَّها تُفْضِي إلى مسبّباتها، ففي نَهيه إثبات للأسباب، وفي فعْله إشارة إلى أنَّها لا تستقل، بل الله هو الَّذي إن شاء سلبَها قُواها فلا تؤثِّر شيئًا، وإن شاء أبْقاها فأثَّرت".

 

أمَّا ما زعمَه المنصرون: أنَّ المسلمين كانوا يطؤُون السبايا بمجرَّد التمكُّن منهنَّ، فكذب محض؛ فقد أمر النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - باستبراء مَن ملك أمةً، والأصل في ذلك: حديث أبي سعيد - رضِي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال في سبايا أوطاس: ((لا تُوطَأ حاملٌ حتَّى تضَع، ولا غير ذات حمل حتَّى تَحيض حيضة))؛ أخرجه أبو داود وصحَّحه الحاكم، وله شاهد عنِ ابن عبَّاس بلفظ: "نَهى رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أن تُوطأ حاملٌ حتَّى تضَع، أو حائلٌ حتَّى تَحيض"؛ رواه الدارقطني.

 

وروى أحمد وأبو داود عن رويفع بن ثابت الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين – "قال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يسقي ماءه زرع غيره، يعني إتيان الحبالى، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها".

 

قال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (5 /273):

"والحديث دليلٌ على أنَّه يجب على السَّابي استبراء المسبيَّة إذا أراد وطْأَها بحيضةٍ، إن كانت غير حامل؛ ليتحقَّق براءة رحِمها، وبوضع الحمل إن كانت حامِلاً، وقيس على غير المسبيَّة المشتراةُ والمتملَّكة بأي وجه من وجوه التملُّك، بجامِع ابتِداء التملُّك، وظاهر قوله: ((ولا غير ذات حمل حتَّى تحيض حيضة)) عموم البِكْر والثَّيب؛ فالثيّب لما ذكر، والبِكْر أخذًا بالعموم، وقياسًا على العدَّة، فإنَّها تجِب على الصَّغيرة مع العلم ببراءة الرَّحِم، وإلى هذا ذهَب الأكثرون".

 

أمَّا أحاديث مصّ اللِّسان، فلم يصحَّ منها شيء؛ قال الحافظ ابن حجر "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" (12 /54): "قال ابن عدي: "ويمصُّ لسانَها": لا يقوله إلاَّ محمَّد بن دينار، وقد ضعَّفه يحيى بن معين، وسعد بن أوس؛ قال ابن معين فيه أيضًا: بصري ضعيف، وقال عبدالحق في "أحكامه": "هذا حديثٌ لا يصحّ؛ فإنَّ ابن دينار، وابن أوْس لا يحتجُّ بهما، وقال ابن الأعرابي: بلغني عن أبي داوُد، قال: هذا الحديث غير صحيح". انتهى كلام عبدالحق.

 

وأعلَّه ابن القطان في كتابه بمصدع فقط، وقال: قال السَّعدي: كان مصدع زائغًا حائدًا عن الطَّريق – يعني: في التشيُّع - وتعقِّب بأنَّه أخرج له مسلم في "صحيحه"، وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية": محمَّد بن دينار، وسعد بن أوس، ومصْدع ضُعفاء بمرَّة. انتهى".

 

أمَّا قولُه - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إذا وقع الذُّباب في شرابِ أحدِكم، فليغمسْه ثمَّ لينزعْه؛ فإنَّ في إحْدى جناحيْه داءً، والأخْرى شفاء))؛ متَّفق عليه، فآية من آيات نبوته، وعلم من أعلام رسالته - صلَّى الله عليْه وسلَّم – وإن رغمت أنوف المشركين.

 

فمِن المعْلوم أنَّ الذُّباب يحمِل على جسْمِه كمّيَّات كبيرة من الفيروسات، والبكتيريا الضارَّة، وعلى الرَّغْم من ذلك أمَرَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بغمْس الذُّبابة في الإناء، ثمَّ الشُّرب منْه، وأخبر - صلَّى الله عليْه وسلَّم - عن وجود سُمٍّ في الذُّباب قاتل لتلك الفيروسات، وهذا السمّ القاتل للفيروسات لم يكشَف بصفةٍ قاطعة إلاَّ في العصر الحديث، فصار الحديث من أعْلام النبوَّة، ولو أنَّ هذا المنصِّر قد نصَحَ نفسَه، وأراد الله به الخير، لأسلم بعد اطِّلاعه على تقارير غيرِ المسلمين، الَّتي أثبتوا فيها ما أخبر به محمَّد بن عبدالله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قبل أكثر من أربعةَ عشر قرنًا من الزَّمان، يقيِّض الله له من غير المسلمين مَن يثبِت صحَّة قولِه؛ فقرر أن الذُّبابة تحتوي على كمّيَّات من المضادَّات الحيويَّة يقولون: إنَّها من أكفأ المضادَّات الحيويَّة، وأنَّه بمجرَّد غمس الذُّباب في السوائل تتحرَّر منه مضادَّات للبكتريا والفيروسات، وهو ما قالتْه باحثة أستراليَّة، وكذلك البروفيسير الألماني برفلت، وهو أستاذ بجامعة "هال" بألمانيا، حيث توصَّل إلى أنَّ الذبابة تحمِل أنواعًا من الجراثيم تسبِّب التيفود والدوسنتريا، وغيرها من الأمراض، ووجد في الوقت ذاتِه أنَّها تحمل نوعًا من الفطريات سمَّاها (النيوزموسكي)، وهذا الفطر يقتُل جميع الجراثيم الَّتي تفْرِزها الذُّبابة من جناحها الآخر، وقد توصَّل بالبحث العلمي أنَّ الذبابة لا تفْرِز هذا الفِطْر إلاَّ إذا غُمست كلّها.

 

أمَّا البرفسور جون برافو في جامعة طوكيو، فقال: إنَّه سوف يصدر بحثًا عن دواء جديد، وهو فعَّال لكثير من الأمراض، مستخلَص من السَّطح الخارجي للذُّباب، من جسده وجناحه والغلاف الخارجي للذباب.

 

ويقولُ علماءُ في جامعة ستانفورد: "إنَّها المرَّة الأولى في العالم 2007 م الَّتي نكتشِف فيها مادَّة في الذُّباب تقوِّي جهاز المناعة لدى الإنسان".

 

قال الأستاذ الدكتور أمين رضا - أستاذ جراحة العظام والتَّقويم بجامعة الإسكندريَّة -: "عندي من المراجع القديمة ما يصِف وصفات طبّيَّة لأمراض مختلِفة باستعمال الذباب، أمَّا في العصْر الحديث، فجميع الجرَّاحين الَّذين عاشوا في السَّنوات الَّتي سبقت اكتِشاف مركَّبات السَّلفا رأَوا بأعينهم علاج الكسور المضاعفة، والقرحات المزمنة، بالذُّباب، وكان الذباب يربَّى لذلك خصيصًا، وكان هذا العلاج مبنيًّا على اكتِشاف فيروس البكتريوفاج القاتل للجراثيم، على أساس أنَّ الذُّباب يحمل في آنٍ واحد الجراثيم التي تسبِّب المرض، وكذلك البكتريوفاج الَّذي يُهاجم هذه الجراثيم.

 

وكلمة "بكتريوفاج" هذه معناها: "آكلة الجراثيم"، وجديرٌ بالذِّكْر أنَّ توقُّف الأبحاث عن علاج القرحات بالذُّباب لم يكن سببه فشَل هذه الطَّريقة العلاجيَّة، وإنَّما كان ذلك بسبب اكتِشاف مركَّبات السلفا التي جذَبَتْ أنظار العُلماء جذبًا شديدًا، وكلّ هذا مفصَّل تفصيلاً دقيقًا في الجزْء التَّاريخي من رِسالة الدكتوراه الَّتي أعدَّها الزَّميل الدكتور/ أبو الفتوح مصطفى عيد، تحت إشرافي، عن التِهابات العظام، والمقدَّمة لجامعة الإسكندرية من حوالي سبْع سنوات، وقد أثبت العلم الحديث أنَّ الأحياء الدَّقيقة من بكتريا وفيروسات وفطريَّات تقتُل بعضها الأخرى، بإفراز موادَّ سامَّة يستعمل بعضُها في العلاج، وهي ما تسمَّى بالـ "المضادَّات الحيويَّة"، مثل البنسلين والكلوروميستين وغيرهما". اهـ. موضع الحجَّة منْه مختصرًا.

 

أمَّا ما رواه أنس بن مالك: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يطوف على نسائِه في اللَّيلة الواحدة، وله يومئذٍ تِسْعُ نسوة، قال قتادة: قلتُ لأنس: أوكان يطيقُه؟ قال: "كنَّا نتحدَّث أنَّه أُعطيَ قوَّة ثلاثين".

 

ففي هذا الحديث - أيضًا - معجِزة ظاهرة للنَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بِخرق العادة له في كثْرة الجماع، مع التقلُّل من المأكول والمشروب، وكثْرة الصيام والوِصال في الصيام اليوم واليومَين، الَّتي تكسِر الشَّهوة، فانخرقت هذه العادة في حقِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

ومن المعلوم عند جَميع العُقلاء: أنَّ ممَّا يُمدح به الرَّجُل كامِل الرُّجولة، وتام الفحولة: شدَّة الباءة والقوَّة على الجماع، والنَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو سيِّد البشر وسيِّد الخلق أجْمعين - له الغاية القصْوى في صفات الكمال.

 

هذا؛ وقد ذكرنا في المقال السَّابق: أنَّ قوى الإنسان ثلاثٌ: قوَّة العقل، وقوَّة الغضب، وقوَّة الشهوة، وهي الَّتي فيها جلب المنفعة، وهي القوَّة الجاذِبة الجالبة للملائِم، وقوام النَّوع الإنساني بها، وحسب تلك القُوى كان مَجموع الفضائل ثلاثًا؛ فكمال القوَّة العقليَّة: العلم والإيمان، وكمال القوَّة الغضبيَّة: الشُّجاعة والحلم، وكمال القوَّة الشهويَّة: العفَّة.

 

ولكمال النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - في القُوى الثَّلاث؛ أباح الله لهُ ما لم يُبِحْه لأحد من أمَّته، فليْس مذمومًا في حقِّ الأنبياء أو يُنافي عصمتَهم، جِماعهم لنسائِهم إلاَّ عند مدَّعي الرَّهبنة، والنَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لكماله في قوَّة الشَّهوة كان يطوف على نسائِه في اللَّيلة الواحِدة، كما طاف نبيُّ الله سليمان على تِسْعين امرأةً في ليلة.

 

أمَّا إن كان مقصود المنصِّرين مسألة تعدُّد الزَّوجات، فالخلْق والشَّرع والأمْر لله وحْده، يُبيح ما يَشاء ويَمنع ما يشاء، كما أباح لِداود مائةَ زوجةٍ، ولِسليمان ألفَ زوجة، وأباح لخليلِه محمَّد بن عبدالله إحدى عشرة امرأة، كما أباح التعدُّد للرجال دون النِّساء؛ لحكم جليلةٍ لا تَخفى على العُقلاء، تدلُّ على كمال الشَّريعة الخاتمة، وعلى حكمة الرَّبّ - تعالى - وإحْسانه، ورحْمته بخلْقِه ورعاية مصالحهم، ومن هذه الحكم:

أنَّ الرَّجُل الصَّحيح إذا جامعَ امرأتَه، أمكنَه أن يُجامِع غيرَها من نسائِه في الحال، والمرأة العفيفة إذا قضى الرَّجُل وطرَه، فترتْ شهوتُها، وانكسرتْ نفسُها، ولم تطلُب قضاءَها من غيره في ذلك الحين.

 

ومنها: أنَّه لو أبيح للمرْأة أن تكون عند زوجَين فأكثر، لفسَدَ العالَم، وضاعت الأنساب، وقتل الأزْواج بعضُهم بعضًا، وعظمت البليَّة، واشتدَّت الفِتنة، وقامت الحرب على ساق؛ إذ كيف يَستقيم حال امرأةٍ فيها شركاء متشاكِسون؛ فمَجيء الشَّريعة الإسلامية السمحة بما جاءت به، مِن أعظم الأدلَّة على حكْمة الشَّارع ورحمته وعنايته بخلْقه.

 

ومنها: أنَّ الرَّجل أُعْطي من القوَّة والحرارة - الَّتي هي سلطان الشَّهوة - أكثرَ ممَّا أعْطِيَته المرْأة، وبُلي بما لم تُبلَ به، فأطلق له من عدد المنكوحات ما لم يُطْلَق للمرأة، وهذا ممَّا خصَّ الله به الرِّجال وفضَّلهم به على النِّساء، كما فضَّلهم عليهنَّ بالرِّسالة والنبوَّة، وغير ذلك.

 

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" (ج4 /ص 228):

"وأمَّا الجماع والباه، فكان هدْيه فيه أكملَ هدْي، يحفظ به الصحَّة، وتتمُّ به اللذَّة وسرور النفس، ويحصل به مقاصدُه التي وضع لأجلها؛ ولذلك كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتعاهدُه ويحبُّه ويقول: ((حبِّب إليَّ مِن دنياكم: النِّساء والطيب))، وحثَّ على التَّزويج أمَّتَه فقال: ((تزوَّجوا؛ فإنِّي مكاثر بكم الأُمَم)).

 

وقال ابن عبَّاس: خير هذه الأمَّة أكثرها نساء.

 

وقال: ((إني أتزوَّج النساء، وأنام وأقوم، وأصوم وأفطر، فمَن رغب عن سنَّتي فليس منّي))، وقال: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءَة فليتزوَّج؛ فإنَّه أغضُّ للبصَر وأحفظ للفرْج، ومَن لَم يستطع فعليْه بالصَّوم؛ فإنَّه له وجاء))، ولمَّا تزوَّج جابر ثيِّبًا قال له: ((هلاَّ بكرًا تُلاعِبُها وتلاعبك))، وقال: ((لم نرَ للمتحابَّين مثل النكاح))، وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمر قال: قالَ رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((الدنيا متاع، وخيرُ متاع الدُّنيا المرأة الصَّالحة)).

 

وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يحرِّض أمَّته على نكاح الأبْكار الحسان وذوات الدين، وفي سنن النَّسائي عن أبي هريرة قال: سُئِل رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: أي النساء خير؟ قال: ((التي تسرُّه إذا نظر، وتطيعُه إذا أمر، ولا تخالفُه فيما يكره في نفسِها وماله)).

 

وفي "الصَّحيحين" عنْه عن النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((تنكح المرأة لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفَرْ بذات الدِّين ترِبَتْ يداك))، وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - ربَّما جامع نساءَه كلَّهنَّ بغسْلٍ واحد، وربَّما اغتسل عند كلِّ واحدة منهنَّ؛ فروى مسلم في صحيحه عن أنس: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - كان يطوف على نسائه بغسل واحد.

 

وروى أبو داود في سُننه عن أبي رافع موْلى رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - طاف على نسائِه في ليلةٍ، فاغْتَسَل عند كلِّ امرأةٍ منهنَّ غسلاً، فقلتُ: يا رسول الله، لو اغتسلت غسلاً واحدًا، فقال: ((هذا أزْكى وأطهر وأطيب)).

 

وشرع للمُجامع إذا أراد العوْد قبل الغسل الوضوءَ بين الجِماعين؛ كما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إذا أتى أحدُكُم أهله ثمَّ أراد أن يعود فليتوضَّأ)).

 

وفي الغسل والوضوء بعد الوطْء من النَّشاط وطِيب النَّفس، وإخلاف بعضِ ما تحلَّل بالجِماع، وكمال الطُّهْر والنَّظافة، واجتماع الحار الغريزي إلى داخل البدَن بعد انتشاره بالجِماع، وحصول النَّظافة التي يحبُّها الله ويُبغض خلافها - ما هو من أحسن التَّدبير في الجِماع وحفظ الصحَّة والقوى فيه". اهـ.

 

أمَّا مسألة التداوي بألْبان وأبوال الإبل؛ كما ورد في حديث أنسٍ - رضي اللهُ عنْه - "أنَّ ناسًا اجْتَوَوا في المَدينَة فأمَرَهُم النَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنْ يَلْحَقُوا بِراعِيه – يعْنِي: الإبِلَ - فيَشْرَبُوا مِن ألْبانِها وأبْوالِها، فلَحِقُوا بِراعِيه فشَرِبُوا مِن ألْبانِها وأبْوالِها، حتَّى صَلَحَتْ أبْدانُهُمْ، فقَتَلُوا الرَّاعيَ وساقُوا الإبلَ، فبَلَغَ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فبَعَثَ في طَلَبِهمْ، فجِيءَ بِهِمْ، فقَطَعَ أيْدِيَهُم وأرْجُلَهُم وسَمَر أعْيُنَهُم"؛ رواه البخاري.

 

فهذا الحديث شاهدٌ على كذِب النَّصارى الضلاَّل؛ لأمور:

منها: أنَّ الطِّبَّ بابُه التَّجرِبة والنَّتيجة المترتِّبة على تلك، فالأعراب الَّذين أمرَهم النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بشرْب ألبان الإبل وأبوالِها، قد شفاهُم الله بها؛ كما في الحديث السَّابق.

 

ومنها: أنَّ المنصِّرين حذَفوا أجزاء الحديث الَّتي فيها أنَّ الأعراب قد صحُّوا، ولم يذكروا باقيَ القصَّة، وهي قوله: "حتَّى صلحت أبدانهم"، وفي راوية: "فلمَّا صحّوا".

 

ومنها: أنَّهم زعَموا أن الإسلام يحث على ترَك الأخْذ بالأسباب، وفي هذا الحديث بيان كذبهم لأنه - صلَّى الله عليْه وسلَّم – أمرهم بالتداوي ببول الإبل واللبن.

 

ومنها: أنَّ التَّداوي في الشَّريعة الإسلاميَّة ليس واجبًا أصْلاً، سواء ببوْل الإبل وألبانها، أو غيرِه، فمَن عافت نفسُه شربَه، ترَكَه؛ كما ثبت عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه أباح أكْلَ الضَّبّ ولم يأكله، وقال ((لَم يكن بأرض قوْمي فأجدني أعافه)).

 

هذا؛ وقد أثبت الطّبُّ الحديث علاجَ بعض الأمراض ببوْل الإبل ولبنه، فصار الحديث حجة عليهم، إذ غدا علمًا من أعلام نبوته.

 

ففي دراسة علميَّة تجريبيَّة أجْرَتْها كلّيَّة المختبرات الطبّيَّة بجامعة الجزيرة بالسودان، عن استِخْدامات قبيلة البطانة في شرْق السودان (بول الإبل) في علاج بعْض الأمراض، حيث إنَّهم يستخْدِمونه شرابًا لعلاج مرض (الاستِسْقاء) والحمّيَّات والجروح.

 

وقد كشفَ الدُّكتور أحمد عبدالله محمدانى تفاصيلَ تِلْك الدراسة العلميَّة التَّطبيقيَّة داخل ندوة جامعة الجزيرة؛ حيثُ ذكر أنَّ الدِّراسة استمرَّت 15 يومًا، اختير 25 مريضًا مصابين بمرض الاستِسقاء المعروف، وكانت بطونهم منتفِخة بشكل كبير قبل بداية التَّجربة العلاجيَّة، وبدأت التَّجربة بإعطاء كلّ مريض يوميًّا جرعة محسوبة من (بول الإبل)، مخلوطًا بلبَن الإبل، وبعد 15 يومًا من بداية التَّجربة أصابنا الذُّهول من النَّتيجة؛ إذ انخفضت بطونُهم، وعادت لوضْعِها الطَّبيعي، وشُفي جَميع أفراد العيِّنة من الاستسقاء، وتصادف وجود بروفسور إنجليزي أصابه الذُّهول أيضًا وأشاد بالتَّجربة العلاجيَّة.

 

وأوضح د. أحمد المكوِّنات الموجودة في بول الإبل؛ حيث قال: إنَّه يَحتوي على كمّيَّة كبيرة من البوتاسيوم والزلال والمغنسيوم، ومعروف أنَّ مرض الاستسقاء هو نقْص في الزلال والبوتاسيوم، وبول الإبل غني بالاثنَين معًا". اهـ. موضع الحجة منه مختصرًا "نقلا عن جريدة الخرطوم".

 

"وفي دراسة للدكتور محمَّد مراد "الإبل في مجال الطّبّ والصحَّة"، يشير إلى أنَّه في الماضي البعيد استخدم العرب حليبَ الإبل في معالجةِ الكثير من الأمراض، ومنها أوْجاع البطن، وخاصَّة المعدة والأمعاء، ومرض الاستِسْقاء، وأمراض الكبِد، وخاصَّة اليرقان وتليّف الكبد، وأمراض الربو وضِيق التنفُّس، ومرض السكري". اهـ. نقلاً عن مقال بجريدة الاتّحاد، العدد (9515).

 

وقد ذكر ابن سينا في كتاب "القانون" في الطّبّ - وهو من أمَّهات كتب الطّبّ القديمة -:    "فقد علم أنَّ لبن النُّوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفق، وما فيه من خاصّيَّة، وأنَّ هذا اللَّبن شديد المنفعة، فلو أنَّ إنسانًا أقام عليه بدلَ الماء والطَّعام شفِي به، وقد جرِّب ذلك في قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتْهم الضَّرورة إلى ذلك، فعُوفوا، وأنْفع الأبوال بول الجمل الأعرابي وهو النَّجيب". اهـ.

 

والعجب لا يكاد ينتهي من المنصرين، كيف يتكلمون عن النظافة وكتابهم المقدَّس طافح بالبذاءات، والألفاظ الخادشة للحياء، والقصص المُخجلة، وزنا محارم، ودعارة صريحة، وقتْل للأطْفال والشُّيوخ والنساء، وسفك دماء الأبرياء، وهذا ما أحدث أثرًا كبيرًا في نفوس المنصِّرين، فدفعهم اليأس لمُحاولات طائِشة لصرْف النَّاس عن طوامِّهم واختلافهم في ربِّهم، وهذا تطوافة عاجلة في كتابهم المقدس!:

"فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ، وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا" (عدد 17 : 31).

 

"الشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ، اقْتُلُوا لِلهَلاَكِ، ولا تَقْرُبُوا مِنْ إنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي، فَابْتَدَؤُوا بِالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ البَيْتِ" (حز 6:9).

 

"طُوبى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ" (مز 137 :39).

 

"وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ، وَهكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ، ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ" (1 أخبار الأيام 3: 20).

 

سفر هوشع - 16: "تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا، بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ، تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ".

 

إنجيل لوقا - 27: "أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي".

 

"فَعَلِمَ أُونَانُ أَنَّ النَّسْلَ لاَ يَكُونُ لَهُ، فَكَانَ إِذْ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ أَخِيهِ أَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَى الأَرْضِ؛ لِكَيْ لاَ يُعْطِيَ نَسْلاً لأَخِيهِ" (تك 9:38).

 

(حزقيال 4 - 12): "وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ، عَلَى الخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ".

 

(حزقيال 4 - 15) "فَقَالَ لِي: انْظُرْ، قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ البَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ".

 

(أشعياء) (Is-36-12): "فقال ربشاقي: هل إلى سيدك وإليك أرسلني سيّدي لكي أتكلَّم بهذا الكلام؟ أليس إلى الرجال الجالسين على السور ليأكلوا عذرَتَهم ويشربوا بوْلَهم معكم".

 

فهذا هو كتاب النَّصارى المقدَّس، ثم يتعرضون للمسلمين، بدلا من ستر عورتهم.

 

هذا؛ والقرآن والسنَّة قد اتَّفقا على إثبات قاعدة الأسباب وارتِباطها بمسبباتِها، ولكنَّ السبب لا يستقلُّ بالحادث حتَّى ينتفي المانع ويأذن الله، ونصوص ربْط الأسباب بمسبّباتها شرعًا وقدرًا، وجعل الأسباب محلَّ حكمتِه في أمره الدّيني والشَّرعي، وأمْره الكوني القدَري، ومحل ملكه وتصرُّفه - ممَّا يعجز المرءُ عن حصْرِها، ومَن قرأ القرآن الكريم ونظَر في السنَّة المشرَّفة، علِم أنَّ إنكار الأسْباب والقُوى والطَّبائع جحْدٌ للضَّروريَّات، وقدْحٌ في العقول والفِطَر، ومُكابرة للحسِّ وجحد للشَّرائع، فجَعَل - سبحانه - مصالحَ العباد في معاشِهم ومعادهم، والثَّواب والعقاب، والحدود والكفَّارات، والأوامر والنَّواهي، والحلّ والحرمة، جعل كلَّ ذلك مرتبطًا بالأسباب، قائمًا بها، بل العبد نفسه وصفاته وأفعاله سببٌ لِما يصدر عنْه، بل الموجودات كلّها أسباب ومسببات، والشَّرع كلّه أسباب ومسببات، والمقادير أسباب ومسببات؛ كقوله تعالى: ﴿ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ﴾ [آل عمران: 79]، ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 39]، ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ﴾ [الحج: 10]، ﴿ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [الشورى: 30]، ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ ﴾ [الحاقة: 24]، ﴿ جَزَاءً وِفَاقاً ﴾ [النبأ: 26]، ﴿ فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء: 160، 161]، {﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ﴾ [النساء: 155 - 157]، وقوله: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ [المائدة: 13]، وقوله: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159]، وقوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ ﴾ [غافر: 22]، وقوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، وقوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا البَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ ﴾ [محمد: 3]، وقوله: ﴿ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ﴾ [الحاقة: 10]، وقوله: ﴿ فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ المُهْلَكِينَ ﴾ [المؤمنون: 48]، ﴿ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً ﴾ [المزمل: 16]، ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴾ [الشمس: 14]، وقوله: ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ ﴾ [الزخرف: 55، 56]، وقوله: ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ ﴾ [ق: 9]، وقوله: ﴿ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾ [الأعراف: 57]، وقوله: ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ﴾ [المائدة: 16]، وقوله: ﴿ قَاتِلُوَهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ ﴾ الآية [التوبة: 14]، وقوله: ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً * لِنُخْرِجَ بِهِ حَباًّ وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً ﴾ [النبأ: 14 - 16].

 

وكل موضع رتّب فيه الحكم الشَّرعي أو الجزائي على الوصف أفاد كونه سببًا له؛ كقوله: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 38]، وقوله: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2]، وقوله: ﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُصْلِحِينَ ﴾ [الأعراف: 170]، وقوله: ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾ [النحل: 88]، وهذا أكثَر من أن يستوْعَب.

 

وكلّ موضع تضمَّن الشَّرط والجزاء أفاد سببه الشرط والجزاء؛ كقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ﴾ [الأنفال: 29]، وقوله: ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

 

وكل موضع رتَّب فيه الحكم على ما قبْله بحرف الفاء أو غيره، أفاد التسبُّب، وكل موضع تقدَّم وذكرت فيه الباء تعليلاً لما قبلها بما بعدَها، أفاد التسبُّب، وكل موضع صرّح فيه بأنَّ كذا جزاءٌ لكذا، أفاد التسبيب؛ فإنَّ العلَّة الغائيَّة علَّة للعلَّة الفاعليَّة؛ قال تعالى عن ذي القرنين: ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ﴾ [الكهف: 84]، قال ابن عبَّاس: "عِلْمًا"، وقال قتادة وابن زيد وابن جريج والضحَّاك: "علمًا تسبَّب به إلى ما يُريد"، وقال كثيرٌ من المفسِّرين: آتيناه من كل ما بالخلق إليه حاجة علمًا ومعونةً له.

 

وقوله: ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَباً ﴾ [الكهف: 85]، قال مجاهد: طريقًا؛ أي: أتْبع سببًا من تلك الأسباب التي أُوتيها ممَّا يوصِّلُه إلى مقصوده.

 

وكقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ﴾ [النساء: 102]، وقال تعالى: ﴿ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ ﴾ [يوسف: 47]، وهما نص في قاعدة الأخذ بالأسباب.

 

والسنَّة المشرفة مليئةٌ بذلك؛ فقد ظاهرَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بين درعَين، وشاور طبيبَين، وعالج سعد بن معاذ بكيه في أكحله، ولمَّا خرج إلى الطَّائف لم يقدِر على دخول مكَّة حتَّى بعث إلى المطعم بن عدي وكان كافرًا، فقال: ((أَدخل في جوارِك))، وقد كان يُمكنه أن يدخُل متوكِّلاً بلا سبب.

 

بل الإعراض عن الأسباب، دفع لحكمة الله؛ والتَّداوي من هذا الباب، فندب إليه الشارع؛ قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ما أنزل الله داءً إلاَّ وأنزل له دواء؛ فتداوَوا))، وقد كوى - عليْه الصَّلاة السَّلام - ابن زرارة، ورقى الكثيرين، وشرع لأمته الرقية.

 

والحاصل: أنَّك لن تجِد كتابًا من الكتُب أعظم إثباتًا للأسْباب من القرآن الكريم، وإذا كان الله خالق السَّبب والمسبب، وهو الَّذي جعل هذا سببًا لهذا، والأسباب والمسببات طوع مشيئته وقدرته، منقادة لحكمه، إن شاء أن يبطل سببيَّة الشيء أبطلها؛ كما أبطل إحْراق النَّار عن خليلِه إبراهيم، وإغراق الماء عن كليمِه موسى وقومه، وكما أبطل ذبح السكين عن نبيه إسماعيل، وإن شاء أقام لتلك الأسْباب موانع تمنع تأثيرَها مع بقاء قواها، وإن شاء خلَّى بيْنها وبين اقتِضائه لآثارها، ولا يستقلُّ سبب بِحادث؛ فهو - سبحانه - يفعل هذا وهذا وهذا!

 

فأي قدحٍ يوجب ذلك في الإسلام بوجْهٍ من الوجوه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • إني صائم، إني صائم (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث: إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث عائشة: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إني صائم... إني صائم(مقالة - ملفات خاصة)
  • قول عمر بن الخطاب في الحجر الأسود: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تفسير قوله تعالى: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة يا غلام إني أعلمك كلمات(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • حديث: يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • نبيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب