• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

القصاص حياة: فضل إقامته، وفضل العفو فيه، ومساوئ المبالغة في الصلح فيه (خطبة)

القصاص حياة: فضل إقامته، وفضل العفو فيه، ومساوئ المبالغة في الصلح فيه (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/10/2019 ميلادي - 7/2/1441 هجري

الزيارات: 42605

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القصاص حياة

فضل إقامته، وفضل العفو فيه، ومساوئ المبالغة في الصلح فيه

 

الحمدُ للهِ الذي خصَّنا بأكملِ شريعةٍ، ورَسَمَ لنا أقومَ طريقٍ، جَعلَ شَرْعَهُ حِمايةً للحُرُمات، وصيانةً للدِّماء، وحياةً للخَلْقِ جميعاً، فشَرَعَ سُبحانهُ شَرْعاً حكيماً مُتكاملاً إبقاءً للنفوسِ وأمنِها، فجَعلَ لها شَرْعاً حَمَى الخلْقَ ووقاهم من عُدوانِ بعضِهِم عَمْدَاً كانَ أو خَطَأً، فجَعَلَ أعظمَ الذنوبِ بعدَ الشِّركِ: قتل النفْسِ التي حرَّمَ اللهُ إلاَّ بالحقِّ، فقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ القائل: (لَنْ يَزالَ الْمُؤمنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ ما لَمْ يُصِبْ دَمَاً حَرَاماً) رواه البخاري.


أمَّا بعدُ: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى، وتذكَّرُوا ما كان عليهِ العربُ قبلَ الإسلامِ، فقد كانوا أهلَ سَلْبٍ ونَهْبٍ وقَتْلٍ، وغاراتٍ وحُروبٍ، وكانوا يُسمُّون الحُروبَ والوقائعَ أيَّاماً، وهي كثيرةٌ مُدوَّنةٌ في كُتُبِ الأدب، ويُذكَرُ أنَّ أبا عُبيدةَ المتوفَّى سنةَ (211) ألَّفَ كتاباً ذكَرَ فيهِ ألفاً ومائتي يومٍ من أيَّامهِم، ومن أشهرها: حَرْبُ البَسُوس، وسبَبُها قتلُ كليبِ بن ربيعة التغلبي لناقةِ جارٍ للبَسُوس خالةِ جساس بن مُرَّة، فقام جساس فقتلَ كُليباً، فقامت الحرب بين القبيلتين أربعين سنة، ومن أواخر حُروبهم في الجاهلية: حربُ داحس والغبراء، وسببها سباق على رِهانٍ بين فَرَسَين، فسُمِّيت باسميهما، واشتركت فيها كثير من القبائل العربية، واستمرَّت أربعين سنة، وهكذا استمرَّت حياتُهُم، سَلْبٌ ونَهْبٌ، وقتْلٌ وسَبْيٌّ، كأنهم يتمَثَّلُون قول شاعرهم الجاهلي عمرو بن كلثوم:

ألا لا يَعْلَمُ الأَقْوَامُ أَنَّا
تَضَعْضَعْنَا وأَنَّا قَدْ وَنِيْنَا
أَلا لا يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَيْنَا
فنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا

 

حتى جاء الله بهذا الدِّين لإنقاذِ العبادِ من عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ ربِّ العبادِ، وأن يكون الدِّينُ كُلُّه للهِ، وإحلالِ العدلِ والمودَّةِ والأُخوَّةِ بدلَ الظلْمِ والعداوةِ، قال سبحانه وتعالى مُذكِّراً بهذه النِّعمةِ: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ﴾ [آل عمران: 103]، وشدَّدَ سُبحانَهُ في مواضعَ من كتابهِ في دَمِ الْمُؤْمنِ، واعتبرَ قَتْلَ واحدٍ من الناسِ وإراقةَ دَمِهِ كقتلِ الناسِ جميعاً، قال تعالى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]، وقال سُبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ [الإسراء: 33]، وكان من آخر وصايا نبيِّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأُمَّتهِ في حَجَّةِ الوَدَاعِ: (فإنَّ دِماءَكُمْ وأموالَكُمْ عليكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، إلى يومِ تَلْقَوْنَ ربَّكُمْ، ألا هلْ بَلَّغْتُ؟» قالُوا: نعَمْ، قالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فلْيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سامِعٍ، فلا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ») رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري، وقالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لَزَوَالُ الدُّنيا أَهْوَنُ على اللهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بغَيْرِ حَقٍّ) رواه ابنُ ماجهَ وحسَّنه المنذريُّ، وقالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ومنِ استطاعَ أنْ لا يُحالَ بينَهُ وبينَ الجنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِن دَمٍ أَهْرَاقَهُ فلْيَفْعَلْ) رواه البخاريُّ.


وللزجرِ عن هذه الجريمةِ الكبيرةِ العظيمة، شَرَعَ اللهُ القِصاص من الجاني، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33]، وقال تعالى:(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)، ففي هذه الآية أكثر من عشرين وجهاً من وجوه الإعجاز، ولقد أجمعت الكتب السماوية والفطر السوية على وجوب رفع الظلم عن المظلوم وأخذ حقه، ومعاقبة الجاني، ومن ذلك أن يُقتصَّ من القاتل، وفي ذلكَ محافظة على الحياة وصيانةً للبلاد من المجرمين، وتحقيقاً لمبدأ العدالة، وزيادةِ الخيراتِ والبركاتِ، قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (حَدٌّ يُعْمَلُ بهِ في الأرضِ، خيرٌ لأهلِ الأرضِ منْ أنْ يُمْطَرُوا أربعينَ صَبَاحاً) رواه ابنُ ماجه وحسَّنه الألباني.


وقد أوجبت شريعتُنا تنفيذ القِصاص على الجاني متى توفَّرت شُروطُه وطالبَ به وليُّ الدَّمِ، وقد وردت نصوصٌ في الكتابِ والسنةِ مُرَغِّبةٍ في العَفْوِ، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 178]، وقال تعالى: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، و(عنْ أنسِ بنِ مالكٍ قالَ: ما رأَيْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رُفِعَ إليهِ شَيْءٌ فيهِ قِصَاصٌ إلاَّ أَمَرَ فيهِ بالْعَفْوِ) رواه أبو داود وصحَّحه الألبانيُّ، و (عنْ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ثلاثاً والذي نفْسي بيَدِهِ إنْ كُنْتُ لَحَالِفاً عليهِمْ: لا يَنْقُصُ مالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا، ولا يَعْفُو عَبْدٌ مِن مَظْلَمَةٍ يَبْتَغي بها وَجْهَ اللهِ إلاَّ رَفَعَهُ اللهُ بها دَرَجَةً يومَ القيامَةِ، ولا يَفْتَحُ رَجُلٌ على نَفْسهِ بابَ مَسْأَلَةٍ إلاَّ فَتْحَ اللهُ بابَ فَقْرٍ) رواه البزَّارُ وقال هو (أصَحُّ مِنْ حديثِ يُونُسَ بنِ خَبَّابٍ) انتهى.


قال الشوكاني: (والتَّرْغيبُ في العَفْوِ ثابتٌ بالأحاديثِ الصَّحيحَةِ ونُصُوصِ القُرآنِ الكريمِ، ولا خِلافَ في مَشرُوعيَّةِ العَفْوِ في الْجُمْلَةِ، وإنما وَقَعَ الخلافُ فيما هُوَ الأَولى للمَظْلُومِ هَل العَفْوُ عَنْ ظالِمِهِ أوْ التَّرْكُ؟) انتهى.


وإذا عَفَى أولياءُ المقتُولِ عن حقَّهم في القِصَاصِ، فلا يُسْقِطُ ذلكَ حقَّ المقتُولِ يومَ القيامةِ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (أوَّلُ ما يُقْضَى بينَ الناسِ يومَ القيامةِ في الدِّماءِ) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم، و(عنْ سالمِ بنِ أبي الجَعْدِ قالَ: سُئِلَ ابنُ عبَّاسٍ عمَّنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ثُمَّ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى، قالَ: وَيْحَهُ، وأنَّى لَهُ الْهُدَى؟ سَمِعْتُ نبيَّكُمْ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقُولُ: «يَجيءُ القاتِلُ والْمَقْتُولُ يومَ القيامةِ مُتَعَلِّقٌ برَأْسِ صاحبهِ يَقُولُ: رَبِّ سَلْ هذا لِمَ قَتَلَني؟»، واللهِ لقدْ أَنْزَلَهَا اللهُ عزَّ وجلَّ على نبيِّكُمْ، ثُمَّ ما نَسَخَهَا بعْدَمَا أَنْزَلَهَا) رواه ابنُ ماجه وصحَّحه الألباني.


اللهُمَّ إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نعوذ بكَ أنْ نَظْلِمَ أو نُظْلَم.

أقول قولي هذا واستغفرُ الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كُلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله الذي لا عِلْمَ ولا عَمَلَ لأحدٍ إلاَّ بعونِه وتعليمه وتوفيقه وتفهيمه، وصلَّى الله على النبيِّ المبعوثِ لإقامة العدلِ وقمعِ الفسادِ والمفسدين، وعلى من اقتفى أثرَه واتبع ملَّتَهُ وداوَمَ على ذلك واستقام.

 

أمَّا بعدُ: (فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و(لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).


أيها المسلمون: إنَّ الصُّلْحَ عن القِصاصِ على مبالغَ مادية حَقٌّ كَفَلَهُ الإسلامُ لأولياءِ المقتولِ، ولكنْ دُون أيّ مُبالغةٍ أو مُغالاةٍ، كما حَدَثَ في هذه السنينَ المتأخِّرةِ، فإنَّ مَنْ يَرْصُدُ الوقائعَ التي يَتمُّ التنازلُ فيها عن القِصاصِ، يَقِفُ على مُبالغاتٍ وتجاوزاتٍ وأحوالٍ حَمَلَتِ البُؤْسَ والشَّقَاءَ، وحوَّلت هذا الصُّلْحَ المشروعَ إلى مُتاجرةٍ وإذلالٍ، ومُزايدةٍ ومُعاندَةٍ أذكَتْ نارَ الفتنةِ، وولَّدتِ الشحناءَ والبغضاءَ، وأثقَلَت كاهِلَ القاتلِ وأوليائهُ، وألجأتهُم إلى الذُّلِّ والصَّغَارِ باسترحامِ أهلِ الخيرِ والإحسانِ، وشَجَّعَتِ السُّفَهاءَ إلى التَّهَاوُنِ بأمرِ الدِّماءِ والاعتداءِ.


أيها المسلمون: لا خلافَ بينَ الفقهاءِ في جوازِ المصالحةِ عن القصاص بقدرِ الدِّيةِ وبأقلَّ منها، وأنه يجوزُ على قولِ جمهورِ الفقهاءِ الصلح عن القصاص بأكثرَ من الدِّيةِ، وعلى أيِّ مَبلغٍ يتفقُ عليهِ الطَّرَفانِ، ولكن ما لم تتحول صورة الصلح المشروعةِ إلى متاجرةٍ وإذلالٍ بفرض مبالغَ باهظةٍ تتجاوزُ حدود المعقول، فالخيرُ في تشجيع مبدأ العفو والصفح، أو الصلح على مبالغ معقولةٍ تُرضي الطرفين، أو إقامةِ الْحَدِّ، وفي ذلك جَبْرُ مُصابِ الأولياء، وردعِ القاتل، وإشاعة الأمن بين الناس، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ومَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فهُوَ بخيرِ النَّظَرَيْنِ: إمَّا أنْ يُفْدَى، وإمَّا أنْ يُقْتَلَ) رواه البخاريُّ ومسلمٌ واللفظُ لمسلمٍ.


نسألك اللهم -يا بديعَ السماواتِ، يا حيُّ يا قَيُّومُ- الأَمْنَ في الدُّنيا والآخرةِ، آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحكمة في القصاص والحدود
  • الفرق بين الحدود المقدرة "الحدود والقصاص" والتعزير
  • مسائل في القصاص
  • رحمة الإسلام وسعته في تشريع القصاص
  • شروط القصاص
  • استيفاء القصاص
  • العفو في القصاص
  • القصاص في الأطراف
  • الفروق بين الحدود والقصاص والتعازير

مختارات من الشبكة

  • القصاص: حياة، فضل إقامته، وفضل العفو فيه، ومساوئ المبالغة في الصلح فيه(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • سعة الإسلام في تشريعاته مقارنة بما عداه في أمر القصاص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجناية بين الرجل والمرأة فيما دون النفس عمدا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القصاص محمود طاهر لاشين: حياته وفنه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القصاص محمود طاهر لاشين: حياته وفنه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تأجيل القصاص رجاء العفو من أولياء الدم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صلح بعض الورثة عن القصاص بأكثر من الدية (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • أحكام القصاص (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب