• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    اللغة العربية في بنغلاديش: جهود العلماء في النشر ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي ...
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

غضب الله تعالى (خطبة)

غضب الله تعالى (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/8/2023 ميلادي - 7/2/1445 هجري

الزيارات: 36682

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غضب الله تعالى


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى؛ ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾ [الْأَعْلَى: 2-5]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ اتَّصَفَ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَالْكَمَالِ، وَتَنَزَّهَ عَنِ الْأَشْبَاهِ وَالنُّظَرَاءِ وَالْأَمْثَالِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَسْعَى لِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ، وَيَخْشَى غَضَبَهُ وَنِقْمَتَهُ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّ تَقْوَاهُ وَطَاعَتَهُ أَمْنٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفَوْزٌ أَكْبَرُ بِالْخُلْدِ فِي الْجَنَّةِ؛ ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 15].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: يُحَاذِرُ الْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ غَضَبَ الْآخَرِينَ عَلَيْهِ؛ اتِّقَاءً لِعِتَابِهِمْ أَوْ سِبَابِهِمْ أَوْ عِقَابِهِمْ. وَكُلَّمَا عَظُمَ شَأْنُ الْإِنْسَانِ، وَزَادَتْ قُوَّتُهُ؛ اتَّقَى النَّاسُ غَضَبَهُ وَنِقْمَتَهُ. قَالَتِ الْعَرَبُ: «لَا تُعَانِدْ مَنْ إِذَا قَالَ فَعَلَ».

 

وَإِذَا كَانَ الْمَخْلُوقُ يَتَّقِي غَضَبَ الْمَخْلُوقِ وَنِقْمَتَهُ فَكَيْفَ لَا يَتَّقِي الْمَخْلُوقُ غَضَبَ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَنِقْمَتَهُ، وَهُوَ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى الْمَخْلُوقِ وَعَمَلِهِ، عَالِمٌ بِسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ، قَادِرٌ عَلَيْهِ مَهْمَا كَانَتْ قُوَّتُهُ وَمَنَعَتُهُ، لَا يَسْتَطِيعُ الْمَخْلُوقُ دَفْعَ قَدَرِهِ، وَلَا الِاحْتِمَاءَ مِنْ بَطْشِهِ وَعَذَابِهِ، فَلَا فِرَارَ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلَّا بِهِ عَزَّ وَجَلَّ.

 

وَقَدْ أَخْبَرَنَا سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ أَنَّهُ غَضِبَ عَلَى الْيَهُودِ؛ لِأَنَّهُمْ تَنَكَبُّوا طَرِيقَهُ، وَحَرَّفُوا كُتُبَهُ، وَبَدَّلُوا شَرِيعَتَهُ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَهُ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 61]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ [الْبَقَرَةِ: 90]. وَلَمَّا اتَّهَمُوا الْمُؤْمِنِينَ أَتْبَاعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُمْ عَلَى شَرٍّ؛ كَانَ الْجَوَابُ عَلَيْهِمْ: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 60]، وَفِي مَقَامٍ آخَرَ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ غَضِبَ عَلَيْهِمْ بِاتِّخَاذِهِمُ الْعِجْلَ إِلَهًا مِنْ دُونِهِ تَعَالَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: 152]. وَقَدْ حَذَّرَهُمُ اللهُ تَعَالَى غَضَبَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ [طه: 81].

 

وَلَا جُرْمَ أَعْظَمُ مِمَّنْ بَلَغَتْهُ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى الْبَالِغَةُ، وَظَهَرَتْ لَهُ آيَاتُهُ الْبَاهِرَةُ، ثُمَّ هُوَ يُجَادِلُ فِيهَا بِالْبَاطِلِ لِيَرُدَّهَا، وَيَصُدَّ النَّاسَ عَنْهَا، كَمَا فَعَلَ الْيَهُودُ، فَهَذَا مُسْتَحِقٌّ لِغَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [الشُّورَى: 16].

 

وَغَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ خَاصًّا بِالْيَهُودِ دُونَ سِوَاهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، بَلْ يُصِيبُ كُلَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ، لَكِنَّ اخْتِصَاصَ الْيَهُودِ بِكَثْرَةِ ذِكْرِهِمْ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ عِلْمٍ وَكِتَابٍ، وَكَانَ تَكْذِيبُهُمْ عَنْ حَسَدٍ وَإِصْرَارٍ وَاسْتِكْبَارٍ؛ وَإِلَّا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْضَبُ عَلَى سَائِرِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النَّحْلِ: 106]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [الْفَتْحِ: 6].

 

وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِغَضَبِهِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الْكُفَّارَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 14-15]، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ تَوَلِّي الْكُفَّارِ سَوَاءً كَانُوا وَثَنِيِّينَ أَمْ أَهْلَ كِتَابٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ [الْمُمْتَحَنَةِ: 13].

 

وَكَانَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يُحَذِّرُونَ أَقْوَامَهُمْ غَضَبَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُنْذِرُونَهُمْ عُقُوبَتَهُ؛ كَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [الْأَعْرَافِ: 71]، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ [طه: 86].

 

وَالْمُؤْمِنُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا يَدْعُو رَبَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَهْدِيَهُ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، وَأَنْ يُجَنِّبَهُ سَبِيلَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ؛ لِئَلَّا يَحِلَّ بِهِ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 6-7]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّ النَّصَارَى ضُلَّالٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

وَالذُّنُوبُ كُلُّهَا تَسْتَوْجِبُ غَضَبَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ جَاءَ النَّصُّ عَلَى بَعْضِهَا لِخَطَرِهِ عَلَى الْعَبْدِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ الْمُؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: 93]، وَمِنْهَا الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الْأَنْفَالِ: 16]، وَمِنْهَا كَذِبُ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ فِي يَمِينِ الْمُلَاعَنَةِ: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النُّورِ: 9]، وَمِنْهَا التَّكَبُّرُ عَلَى الْخَلْقِ، وَظُلْمُهُمْ وَضَرْبُهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَنْ تَرَى قَوْمًا فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ، يَغْدُونَ فِي غَضَبِ اللَّهِ، وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ بُرْدَيْنِ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ الْأَرْضَ فَبَلَعَتْهُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَمِنْهَا الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ الَّتِي تُؤْكَلُ بِهَا الْحُقُوقُ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَكَذَلِكَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ إِلَى حَاجَتِهِ فَأَبَتْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ، إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَحِينَ جُرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُحُدٍ قَالَ: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ، يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِمَّا يُوجِبُ غَضَبَهُ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ رِضَاهُ وَالْجَنَّةَ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ سَخَطِهِ وَمِنَ النَّارِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَحِلُّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى بِكُلِّ نَفْسٍ تَمُوتُ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ لِرُوحِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: «اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ «اخْرُجِي إِلَى غَضِبِ اللَّهِ، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ».

 

وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَعْلَمُونَ شِدَّةَ غَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى وَآثَارَهُ؛ وَلِذَا فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ حِينَ تُطْلَبُ مِنْهُمُ الشَّفَاعَةُ فِي الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ: «إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ... نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. «وَالْعَذَابُ إِنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ صِفَةِ غَضَبِهِ سُبْحَانَهُ، وَمَا سُعِّرَتِ النَّارُ إِلَّا بِغَضَبِهِ عَزَّ وَجَلَّ».

 

وَمِنْ لُطْفِهِ بِخَلْقِهِ أَنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. «وَقَدْ أَنْزَلَ فِي هَذِهِ الدَّارِ رَحْمَتَهُ وَغَضَبَهُ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ آثَارَ الرَّحْمَةِ وَالْغَضَبِ، وَيَسَّرَ لِأَهْلِ الرَّحْمَةِ أَسْبَابَ الرَّحْمَةِ، وَلِأَهْلِ الْغَضَبِ أَسْبَابَ الْغَضَبِ، ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَهُ الْغَلَبَةَ وَالْعَافِيَةَ لِمَا كَانَ عَنْ رَحْمَتِهِ، وَجَعَلَ الِاضْمِحْلَالَ وَالزَّوَالَ لِمَا كَانَ عَنْ غَضَبِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ حِينِ قَامَتِ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ يَرِثَهَا اللَّهُ وَمَنْ عَلَيْهَا أَنْ تَغْلِبَ آثَارَ غَضَبِهِ وَلَوْ فِي الْعَاقِبَةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَغْلِبَ الرَّخَاءُ الشِّدَّةَ، وَالْعَافِيَةُ الْبَلَاءَ، وَالْخَيْرُ وَأَهْلُهُ الشَّرَّ وَأَهْلَهُ، وَإِنْ أُدِيلُوا أَحْيَانًا».

 

وَالْمُؤْمِنُ الْحَقُّ هُوَ مَنْ يَلْحَظُ رَحْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَرْجُوهُ، وَيَلْحَظُ غَضَبَهُ فَيَخْشَاهُ وَيَتَّقِي مَعْصِيَتَهُ. فَلَا يُوصِلُهُ رَجَاءٌ إِلَى الْإِرْجَاءِ وَالْفُسُوقِ، وَلَا يَسْتَبِدُّ بِهِ خَوْفٌ فَيَقْذِفُهُ فِي الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ. ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزُّمَرِ: 9].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غضب الله تعالى وإهلاكه للمفسدين
  • أهمية التقوى لدفع غضب الله وعذابه
  • تفسير: (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين)
  • النار أهون على المحب من غضب الله
  • غضب الله ورضاه (خطبة)
  • يوم الحسرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • آفة الغضب وفضل العمل بقوله تعالى (وإذا ما غضبوا هم يغفرون)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • آفة الغضب وقوله تعالى {وإذا ما غضبوا هم يغفرون}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • هل للغضب أنواع؟! هذا ما حاول الإجابة عنه "يسري أبو العنين" في قصته "غضب مختلف"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • طرق ووسائل لعلاج الغضب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تغضب!(مقالة - ملفات خاصة)
  • الغضب وأثره في وقوع الطلاق بين الأزواج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لا تغضب (أقسام الغضب ومفاسده وعلاجه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تجرع الغضب وكظم الغيظ (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترك الغضب مطلقا: سبب لطرد الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صيام يوم عرفة يكفر الله بها عامين وصيام يوم عاشوراء يُكفر الله بها عاما(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/3/1447هـ - الساعة: 13:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب