• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / ملف الحج / مقالات في الحج


علامة باركود

ما يقول الحاج والمعتمر إذا استوى على راحلته

ما يقول الحاج والمعتمر إذا استوى على راحلته
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف


تاريخ الإضافة: 12/5/2024 ميلادي - 5/11/1445 هجري

الزيارات: 1573

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما يقول الحاج والمعتمر إذا استوى على راحلته

 

قَالَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ الله-: [وَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ. يُصَوِّتُ بِهَا الرَّجُلُ، وَتُخْفِيهَا الْمَرْأَةُ].


هُنَا تَكَلَّمَ -رَحِمَهُ الله- عَلَى التَّلْبِيَةِ، وَالْكَلَامُ عَنْهَا فِي فُرُوعٍ:

الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: تَعْرِيفُ التَّلْبِيَةِ.

التَّلْبِيَةُ لُغَةً: الْإِجَابَةُ، أَوْ إِجَابَةُ الْمُنَادِي[1]، تَقُولُ: لَبَّيْكَ، مَعْنَاهُ: قُرْبًا مِنْكَ وَطَاعَةً؛ لِأَنَّ الْإِلْبَابَ الْقُرْبُ، أَدْخَلُوا الْيَاءَ كَيْلَا يَتَغَيَّرَ الْمَعْنَى[2]. وَمَعْنَى لَبَّيْكَ: "أَنَا مُقِيمٌ عِنْدَ طَاعَتِكَ وَعَلَى أَمْرِكَ؛ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا شَارِدٍ عَلَيْكَ"[3].

 

التَّلْبِيَةُ اصْطِلَاحًا: أَنْ يَقُوْلَ الْمُحْرِمُ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ"[4].

 

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ الله-: "وَالتَّلْبِيَةُ هِيَ: إِجَابَةُ دَعْوَةِ اللهِ تَعَالَى لِخَلْقِهِ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى حَجِّ بَيْتِهِ عَلَى لِسَانِ خَلِيلِهِ، وَالْمُلَبِّي: هُوَ الْمُسْتَسْلِمُ الْمُنْقَادُ لِغَيْرِهِ؛ كَمَا يَنْقَادُ الَّذِي لُبِّبَ وأُخِذَ بِلَبَّتِهِ، وَالْمَعْنَى: إِنَّا مُجِيبُوكَ لِدَعْوَتِكَ، مُسْتَسْلِمُونَ لِحِكْمَتِكَ، مُطِيعُونَ لِأَمْرِكَ، مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، دَائِمًا لَا نَزَالُ عَلَى ذَلِكَ"[5].

 

الْفَرْعُ الثَّانِي: حُكْمُ التَّلْبِيَةِ.

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ التَّلْبِيَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّلْبِيَةَ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ[6]، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ الله- الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا[7].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا رُكْنٌ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ بِدُونِهَا؛ كَـتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ[8]، وَالظَّاهِرِيَّةِ[9].

 

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، يُجْبَرُ تَرْكُهَا بِدَمٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ كَلٍّ مِنَ: الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ[10]، وَدَلِيلُ وُجُوبِهَا: حَدِيثُ الْخَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلاَلِ وَالتَّلْبِيَةِ»، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ الْحَافِظُ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ[11]، وَلِأَنَّهَا شِعَارُ الْحَجِّ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُخِلَّ بِهَا، وَقَالَ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ»[12]؛ فَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا قَوْلٌ قَوِيٌّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

وَالْوَاجِبُ: يَصْدُقُ فِعْلُهُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.

 

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: الْحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ التَّلْبِيَةِ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ -رَحِمَهُ الله-: "وَحِكْمَةُ مَشْرُوْعِيَّةِ التَّلْبِيَةِ: ‌إِجَابَةُ ‌الدَّاعِيْ ‌الذِيْ ‌دَعَا ‌إِلَى ‌الْحَجِّ، وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ إِذْ قَالَ اللهُ لَهُ: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ﴾ [الحج: 27]؛ فَصَعِدَ عَرَفَةَ، فَنَادَى: (أَلَا إِنَّ للهِ بَيْتًا فَحُجُّوهُ)، فَبَلَّغَ اللهُ دَعْوَتَهُ كَيْفَ شَاءَ، وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَوْجَبَهُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِينَ"[13].

 

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: وَقْتُ التَّلْبِيَةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ).

لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ: فِي أَنَّ الْمُحْرِمَ لَهُ أَنْ يُلَبِّيَ مِنْ حِينِ أَنْ يُحْرِمَ.

 

لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْأَفْضَلِيَّةِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: إِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِِ[14].

 

الْقَوْلُ الثَّاني: مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ الرَكْعَتَيْنِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ[15].

 

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَهُ يُلَبِّي عَقِبَ إِحْرَامِهِ، وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ[16]، وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ[17].

 

وَكُلُّ هَذَا ثَابِتٌ عَنِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَاجًّا فَلَمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ أَوْجَبَ فِي مَجْلِسِهِ، فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظْتُهُ عَنْهُ، ثُمَّ رَكِبَ فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ، وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالًا، فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ يُهِلُّ، فَقَالُوا: إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ»، وَالْحَدِيثُ فِيهِ مَقَالٌ؛ لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ خَصِيفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ، لَكِنْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: إِنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ, وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِرٌ فِي تَحْقِيقِ الْمُسْنَدِ[18]، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْفَرْعُ الْخَامِسُ: صِيغَةُ التَّلْبِيَةِ، وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا وَرَدَ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (قَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكُ لَا شَرِيكَ لَكَ).

 

هَذِهِ هِيَ صِيغَةُ التَّلْبِيَةِ الْوَارِدَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الزِّيَادةِ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنّهُ يُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، وَهَذَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ[19].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ؛ لَكِنَّهَا لَا تُسْتَحَبُّ، وَلَا تُكْرَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[20]، وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ؛ حَيْثُ قَالَ: "وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ: لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ، أَوْ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ جَازَ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَزِيدُونَهُ وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْمَعُهُمْ فَلَا يَنْهَاهُمْ، وَكَانَ هُوَ يُدَاوِمُ على تَلْبِيَتِهِ"[21].

 

وَالَّذِي يَظْهَرُ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ: أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الِاقْتِدَاءُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالاِقْتِصَارُ عَلَى تَلْبِيَتِهِ، فَإِنْ زَادَ: فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- كَانُوا يَزِيدُونَ وَالرَّسُولُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْمَعُهُمْ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَلِأَنَّ عُمَرَ، وَابْنَهُ عَبْدَ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- كَانَا يَزِيدَانِ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولَانِ: «لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ»؛ كَمَا فِي مُسْلِمٍ[22]، وَلَوْ كَانَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَحْذُورٌ: لَمَا فَعَلَهَا عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

 

الْفَرْعُ السَّادِسُ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (يُصَوِّتُ بِهَا الرَّجُلُ، وَتُخْفِيهَا الْمَرْأَةُ).

أَيْ: يَجْهَرُ بِالتَّلْبِيَةِ الرَّجُلُ، وَقَدْ نُقِلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى رَفْعِ الرَّجُلِ صَوْتَهُ بِهَا، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ -رَحِمَهُ الله-: "وَأَجْمعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ وَالاِضْطِبَاعِ... وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ لِلرَّجُلِ"[23]، قَالَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ الله-: "قَوْلُهُ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا...» فِيهِ اسْتِحْبَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ ‌وَهُوَ ‌مُتَّفَقٌ ‌عَلَيْهِ ‌بِشَرْطِ ‌أَنْ ‌يَكُونَ ‌رَفْعًا ‌مُقْتَصِدًا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي نَفْسَهُ... وَرَفْعُ الرَّجُلِ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً"[24].

 

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ: فَتُخْفِي التَّلْبِيَةَ بِقَدْرِ مَا تُسْمِعُ رَفِيقَتَهَا، وَقَدْ نُقِلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى هَذَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ -رَحِمَهُ الله-: "‌وَأَجْمَعَ ‌الْعُلَمَاءُ ‌عَلَى ‌أَنَّ ‌السُّنَّةَ ‌فِي ‌الْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَرْفَعَ صَوْتَهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تُسْمِعَ نَفْسَهَا؛ فَخَرَجَتْ مِنْ جُمْلَةِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَخُصَّتْ بِذَلِكَ"[25].

 

الْفَرْعُ السَّابِعُ: وَقْتُ انْتِهَاءِ التَّلْبِيَةِ.

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ في هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَنْتَهِيَ مِنْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَهَذَا قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ[26]؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ في الصَّحيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ -وَكَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى-، قَالَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ»[27]، وَفِي لَفْظٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ»[28]، وَهَذَا فِيهِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَنْتَهِيَ مِنْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.

 

وَمِمَّنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ: ابْنُ حَزْمٍ[29] -رَحِمَهُ الله-.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَقْطَعُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَأَنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ: «حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ»، يُرَادُ بِهِ: الشُّرُوعُ فِي رَمْيِهَا لَا الِانْتِهَاءُ مِنْهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[30]، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ[31].

 

فـَـائِـــدَةٌ: سُمِّيَتِ التَّلْبِيَةُ تَوْحِيدًا، قَالَ فِي تَوْضِيحِ الْأَحْكَامِ: "تَسْمِيَةُ التَّلْبِيَةِ تَوْحِيدًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ؛ فَفِيهَا أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةِ، فَتَوْحيدُ الْإِلَهِيَّةِ فِي (لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ)؛ فَهُوَ الاِسْتِقَامَةُ عَلَى عُبُودِيَّتِهِ وَحْدَهُ، وَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَةِ فِي إِثْبَاتِ (أَنَّ النِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكُ، لَا شَرِيكَ لَكَ)، وَتَوْحِيدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ فِي إِثْبَاتِ (الْحَمْدِ) الْمُتَضَمِّنِ إِثْبَاتَ صِفَاتِهِ تَعَالَى الْكَامِلَةِ"[32].



[1] ينظر: تاج العروس (4/ 185).

[2] ينظر: العين (8/ 341).

[3] ينظر: غريب الحديث، لابن قتيبة (1/ 220).

[4] ينظر: اختلاف الأئمة العلماء (1/ 278).

[5] مناسك الحج (ص: 56).

[6] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (8/ 210)، والإيضاح في مناسك الحج والعمرة (ص: 142).

[7] انظر: المجموع للنووي (7/ 245).

[8] ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط، للشيباني (2/ 550).

[9] ينظر: فتح الباري، لابن حجر (3/ 411).

[10] ينظر: رؤوس المسائل، للزمخشري (ص: 258)، والرسالة، للقيرواني (ص: 148)، والمجموع، للنووي (7/ 246)، والإنصاف، للمرداوي (8/ 210).

[11] أخرجه أحمد (2949)، وأبو داود (1814 )، والترمذي (829) وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي (2753)، وابن ماجه (2922)، وصححه ابن حبان (3802)، وفتح الباري، لابن حجر (3/ 408).

[12] أخرجه مسلم (1297).

[13] المفهم (3/ 266).

[14]ينظر: حاشية العدوي (1/ 522)، ومختصر خلافيات البيهقي (3/ 166)، والمغني، لابن قدامة (3/ 270).

[15]ينظر: مختصر اختلاف العلماء (2/ 62)، ومختصر خلافيات البيهقي (3/ 166).

[16] الإنصاف، للمرداوي (8/ 207).

[17]مناسك الحج (ص: 55).

[18]أخرجه أحمد (2358)، وأبو داود (1770)، وصححه الحاكم (1657).

[19] ينظر: التمهيد (15/ 128).

[20] ينظر: التجريد، للقدوري (4/ 1773)، والذخيرة، للقرافي (3/ 230)، والإيضاح في مناسك الحج والعمرة (ص: 142)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 483).

[21]مناسك الحج (ص: 55).

[22] أخرجه مسلم (1184).

[23]اختلاف الأئمة العلماء (1/ 299).

[24] شرح مسلم (8/ 232).

[25]التمهيد، لابن عبدالبر (17/ 242).

[26] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (9/ 197).

[27] أخرجه البخاري (1670)، ومسلم (1281)، واللفظ له.

[28] أخرجه البخاري (1544)، ومسلم (1281)، واللفظ له.

[29] ينظر: المحلى بالآثار (5/ 133).

[30] ينظر: بدائع الصنائع (2/ 156)، والكافي في فقه أهل المدينة (1/ 375)، والأم،للشافعي (2/ 242)، والمغني، لابن قدامة (3/ 383).

[31] ينظر: مناسك الحج (ص: 107).

[32] ينظر: توضيح الأحكام (4/ 120).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة