• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام


علامة باركود

في ختام شهر الصيام

الشيخ عبدالله بن محمد البصري


تاريخ الإضافة: 19/8/2012 ميلادي - 2/10/1433 هجري

الزيارات: 12852

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في ختام شهر الصيام

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفىَّ كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ ﴾.

 

أّيُّهَا المُسلِمُونَ:

شَهرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ، شَهرُ القُرآنِ وَمَوسِمُ العَفوِ وَالغُفرَانِ، الَّذِي كُنَّا بِالأَمسِ نَنتَظِرُهُ، وَتَبَادَلنَا التَّهَانيَ بِبُلُوغِهِ، ثم فَرِحنَا بِإِدرَاكِ العَشرِ الأَخِيرَةِ مِنهُ، وَمِنَّا مَنِ استَثمَرَ أَوقَاتَهُ الفَاضِلَةَ وَمِنَّا مَنِ استَثقَلَهَا، هَا هُوَ اليَومَ يُؤذِنُ بِالرَّحِيلِ وَيُلَوِّحُ بِالوَدَاعِ،،

مَضَى رَمَضَانُ مَحمُودًا وَأَوفى
عَلَينَا الفِطرُ يَقدُمُهُ السُّرورُ
وَفي مَرِّ الشُّهُورِ لَنَا فَنَاءٌ
وَنَحنُ نُحِبُّ أَن تَفنى الشُّهُورُ

 

 

اللهُ المُستَعَانُ، مَضَى رَمَضَانُ كَأَنَّمَا هُوَ سَحَابَةُ صَيفٍ سَرِيعَةٌ، أَمَّا الأَعمَالُ فَقَد أُودِعَت كِتَابًا لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحصَاهَا، وَسَجَّلَهَا حَافِظُونَ كِرَامٌ كَاتِبُونَ، يَعلَمُونَ مَا تَفعَلُونَ، وَغَدًا سَتَجِدُ كُلُّ نَفسٍ مَا عَمِلَت مِن خَيرٍ مُحضَرًا، وَمَا عَمَلِت مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَو أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا، فَلَيتَ شِعرِي أَيَّ شَيءٍ أَودَعنَاهُ صَحَائِفَنَا؟ وَمَا الَّذِي سَنَلقَاهُ غَدًا بَينَ أَيدِينَا إِذَا بُعِثنَا؟ هَل سَنَجِدُ قِيَامًا طَوِيلاً وَقُنُوتًا، وَاستِغفَارًا في الأَسحَارِ وَطُولَ دُعَاءٍ في السُّجُودِ؟ هَل سَنَرَى خَتَمَاتٍ عَدِيدَةً لِكِتَابِ اللهِ وَذِكرًا كَثِيرًا؟ هَل سَنُوَاجِهُ أَموَالاً أُنفِقَت في سَبِيلِ اللهِ زَكَاةً وَصَدَقَةً وَتَفطِيرَ صَائِمِينَ وَتَفرِيجَ كُرُبَاتٍ وَقَضَاءَ حَاجَاتٍ؟ أَم سَتَكُونُ الأُخرَى وَنَكُونَ مِمَّنَ أضَاعَ صَلاتَهُ وَاتَّبَعَ شَهَوَاتِهِ، وَهَجَرَ كِتَابَ رَبِّهِ وَلم يَذكُرْهُ إِلاَّ قَلِيلاً، وَبَخِلَ بما آتَاهُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَطَفَّفَ وَلم يُتقِنْ عَمَلَهُ؟ كُلُّ امرِئٍ أَدرَى بما أَمضَى، وَهُوَ أَعلَمُ بما قَدَّمَ ﴿ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَو أَلقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ وَأَمَّا اللهُ - تَعَالى - فَهُوَ الكَرِيمُ البَرُّ الرَّحِيمُ الغُفُورُ الشُّكُورُ، وَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَمَن يَعمَلْ مِنَ الصَّالحَاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلا كُفرَانَ لِسَعيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَمَن يَعمَلْ مِنَ الصَّالحَاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلمًا وَلا هَضمًا ﴾، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ لَيسَ بِأَمَانِيِّكُم وَلا أَمَانيِّ أَهلِ الكِتَابِ مَن يَعمَلْ سُوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * وَمَن يَعمَلْ مِنَ الصَّالحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمُونَ نَقِيرًا * وَمَن أَحسَنُ دِينًا مِمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ وَهُوَ مُحسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقنَاهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُم وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾، وَقَالَ في أَهلِ الجَنَّةِ: ﴿ وَأَقبَلَ بَعضُهُم عَلَى بَعضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبلُ في أَهلِنَا مُشفِقِينَ * فَمَنَّ اللهُ عَلَينَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبلُ نَدعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

في كُلِّ مُوسِمٍ مِن مَوَاسِمِ الخَيرَاتِ، الَّتي لا تُقَدَّرُ سَاعَاتُهَا بِثَمَنٍ وَلا تُعَوَّضُ لَحَظَاتُهَا، يَعِظُ الوَاعِظُونَ وَتَرتَفِعُ أَصوَاتُ النَّاصِحِينَ، يَصِيحُونَ بِالنَّاسِ أَنْ هَلُمَّ إِلى رَبٍّ كَرِيمٍ، يُعطِي الجَزِيلَ عَلَى القَلِيلِ، وَيُضَاعِفُ الأَجرَ لِمَن يَشَاءُ وَهُوَ الوَاسِعُ العَلِيمُ، إِلاَّ أَنَّ العِبَادَ لا يَنفَكُّونَ عَن تَوفِيقٍ مِنَ اللهِ أَو خِذلانٍ، بِحَسَبِ طَلَبِ الخَيرِ وَالاستِعدَادِ لِقَبُولِ الحَقِّ، أَوِ الإِعرَاضِ عَنهُ وَنِسيَانِ العَهدِ، فَثَمَّةَ أَقوَامٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ وَيُحِبُّونَهُ، قَد عَلِمَ - سُبحَانَهُ - مِن نُفُوسِهِم حُبًّا لِلخَيرِ وَاستِعدَادًا لِلهُدَى، وَمِن ثَمَ يَبعَثُ - تَعَالى - نُفُوسَهُم لِلعِبَادَةِ وَيُحَبِّبُ إِلَيهِمُ الطَّاعَةَ، وَيُوَفِّقُهُم لِلتَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرِ وَالمُنَافَسَةِ فِيهِ، وَيُكَرِّهُ إِلَيهِم مَا يَشغَلُهُم عَنهُ مِن مُلهِيَاتٍ وَشَهَوَاتٍ، وَيُزَهِّدُهُم فِيمَن لا يَأمُرُونَ بِخَيرٍ وَلا يُعِينُونَ عَلَى حَقٍّ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ في قُلُوبِكُم وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضلاً مِنَ اللهِ وَنِعمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَالَّذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدًى وَآتَاهُم تَقوَاهُم ﴾ وَفي المُقَابِلِ فَإِنَّ هُنَالِكَ مَن هُم بَعِيدُونَ عَنِ اللهِ مُعرِضُونَ عَن رَحمَتِهِ، لا يَرفَعُونَ بِمَوَاسِمِ الخَيرِ رَأسًا، وَلا يَتَقَرَّبُونَ فِيهَا بِمَزِيدِ طَاعَةٍ، وَلا يَنتَهُونَ عَن سَابِقِ مَعصِيَةٍ، وَلِذَا فَهُم غَيرُ مُوَفَّقِينَ وَلا مُسَدَّدِينَ، بَل لا تَرَاهُم إِلاَّ مُتَكَاسِلِينَ مُتَأَخِّرِينَ، لا يُهِمُّ أَحَدَهُم جَاءَ مَعَ السَّابِقِينَ أَم قَعَدَ مَعَ الخَالِفِينَ، وَلا يَتَحَرَّكُ لَهُ شُعُورٌ أَن تَقَدَّمَ المُوَفَّقُونَ إِلى الخَيرِ خُطُوَاتٍ وَارتَقُوا في التَّقوَى دَرَجَاتٍ، وَهُوَ مَا زَالَ في أَوحَالِ تَقصِيرِهِ وَطَاعَةِ نَفسِهِ وَاتِّبَاعِ هَوَاهُ وَشَيطَانِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمِنهُم مَن يَستَمِعُ إِلَيكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِن عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم وَاتَّبَعُوا أَهوَاءَهُم ﴾، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَو أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقِيلَ اقعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ ﴾.

 

وَبَينَ أُولَئِكَ القَومِ السَّابِقِينَ وَهَؤُلاءِ الخَالِفِينَ، أَقوَامٌ وَفِئَامٌ كَثِيرُونَ، تَتَجَاذَبُهُم نَوَازِعُ خَيرٍ وَدَوَاعِي شَرٍّ، فَإِن صَفَت نُفُوسُهُم وَنَظَرُوا إِلى تِلكَ القِلَّةِ المُؤمِنَةِ المُسَابِقَةِ المُسَارِعَةِ، اِرتَقَوا قَلِيلاً وَزَادُوا مِن طَاعَاتِهِم، وَإِن هم أَرخَوا لأَنفُسِهِم العِنَانَ وَجَالَسُوا المُخَذِّلِينَ وَأَطَاعُوهُم فِيمَا يَشتَهُونَ، رَجَعُوا إِلى يَسِيرٍ مِنَ العَمَلِ وَلم يَذكُرُوا اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً، فَحَرَمُوا أَنفُسَهُم أُجُورًا كَثِيرَةً وَفَرَّطُوا في حُسنِ ثَوَابٍ، وَإِنَّ ممَّا يُؤسَفُ لَهُ في السَّنَوَاتِ المُتَأَخِّرَةِ، أَن صَارَ مَن يُرِيدُ الاجتِهَادَ في الطَّاعَةِ وَالاستِكثَارَ مِنهَا قَدرَ طَاقَتِهِ، لا يَجِدُ مَن يُعِينُهُ ممَّن حَولَهُ، بَل لا يَجِدُ إِلاَّ التَّثبِيطَ وَالتَّرَاجُعَ وَالدَّعوَةَ إِلى التَّخفِيفِ، وَكَأَنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَسُنَنَ سَيِّدِ المُرسَلِينَ قَد ثَقُلَت عَلَى النُّفُوسِ أَو صَارَت لها أَغلالاً وَقُيُودًا، مِمَّا يُشعِرُ مُرِيدَ الخَيرِ بِالغُربَةِ وَالعُزلَةِ، وَإِنَّ وَاقِعَ النَّاسِ في صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَتَسَابُقَهُم في الخُرُوجِ مِنهَا وَتَخفِيفِهَا، ممَّا يَشهَدُ لِذَلِكَ، فَلِلهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ، وَنَسأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى الحَقِّ وَالصَّبرَ عَلَى السُّنَةِ ﴿ وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُختَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَملأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ ﴾ وَإِنَّهُ لَمِن أَعجَبِ العَجَبِ أَن يَزدَادَ العِلمُ انتِشَارًا، وَيَعلَمَ النَّاسُ أَنَّ خَيرَهُم مَن طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَمَعَ هَذَا تَرَى مِنهُم مَن كُلَّمَا تَقَدَّمَ بهم العُمُرُ وَازدَادُوا مِنَ الدُّنيَا بُعدًا وَلِلآخِرَةِ قُربًا، وَحَقَّ عَلَيهِمُ الازدِيَادُ مِنَ صَالحِ العَمَلِ، وَالتَّجَانُفُ عَنِ الدُّنيَا وَطُولِ الأَمَلِ، أَخَذُوا يَتَرَاجَعُونَ وَيَتَصَابَونَ، وَإِلى التَّفَلُّتِ يَصبُونَ، أَوَهَذَا هُوَ مَا استَفَادُوهُ مِن عِلمِهِم طُولَ عُمرِهِم؟ أَوَهَذَا هُوَ مَا أَفَادَهُم بِهِ تَعَمُّقُهُم في المَعرِفَةِ؟ أَلا تَبًّا لِعِلمٍ لا يُقَرِّبُ صَاحِبَهُ مِن رَبِّهِ وَيَجعَلُهُ لِلجَنَّةِ أَكثَرَ شَوقًا، ذَاكَ وَاللهِ عِلمٌ هُوَ وَالجَهلُ سَوَاءٌ، بَل قَد يَكُونُ الجَهلُ خَيرًا مِنهُ، وَصَدَقَ القَائِلُ:

إِذَا مَا لم يُفِدْكَ العِلمُ خَيرًا
فَخَيرٌ مِنهُ أَنْ لَو قَد جَهِلتَا
وَإِنْ أَلقَاكَ فَهمُكَ في مَهَاوٍِ
فَلَيتَكَ ثم لَيتَكَ مَا فَهِمتَا

 


لَقَد بَيَّنَ اللهُ في كِتَابِهِ أَنَّ العِلمَ مَضِنَّةُ التَّذَكُّرِ وَالخَشيَةِ، وَدَاعٍ إِلى طُولِ العِبَادَةِ وَكَثرَةِ الطَّاعَةِ، وَأَنَّ أَهلَهُ هُم أَهلُ العُقُولِ الزَّاكِيَةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَمَّن هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحذَرُ الآخِرَةَ وَيَرجُو رَحمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَل يَستَوِي الَّذِينَ يَعلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبَابِ ﴾، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّمَا يَخشَى اللهَ مِن عِبَادِهِ العُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾.

 

فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَمِن دُعَاءٍ لا يُسمَعُ، وَمِن قَلبٍ لا يَخشَعُ، وَمِن نَفسٍ لا تَشبَعُ، اللَّهُمَّ اجعَلْنَا ممَّن صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا فَغَفَرتَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، اللَّهُمَّ اجعَلْنَا ممَّن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا واحتِسَابًا فَغَفَرتَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، اللَّهُمَّ أَيقِظْ قُلُوبَنَا مِن رَقَدَاتِ الغَفلَةِ، وَأَحسِنْ عَاقِبَتَنَا في الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِن خِزيِ الدُّنيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ .

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَأَحسِنُوا في بَقِيَةِ شَهرِكُم، وَكُونُوا مَعَ اللهِ طُولَ دَهرِكُم، فَإِنَّ عَملَ المُؤمِنِ لا يَنقَضِي أَبَدًا حَتى يَلقَى رَبَّهُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتى يَأتِيَكَ اليَقِينُ ﴾ لَقَدِ اِنقَضَى رَمَضَانُ وَقَدِ اعتَادَ كَثِيرٌ مِنَّا الطَّاعَاتِ وَأَلِفُوهَا، وَمَضَى وَقَد صَامُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَنَبَذُوهَا، فَيَا مَن أَلِفتَ الخَيرَ تَمَسَّكَ بِهِ وَاستَمِرَّ عَلَيهِ، وَاستَقِمْ كَمَا أُمِرتَ وَحَافِظْ عَلَى تَوبَتِكَ، وَإِيَّاكَ أَن تَعُودَ بَعدَ رَمَضَانَ إلى الفُتُورِ وَالكَسَلِ، فَإِنَّ مِن عَلامَاتِ قَبُولِ العَمَلِ الصَّالحِ الاستِمرَارَ فَيهِ وَالازدِيَادَ مِنهُ، ثم تَذَكَّرُوا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَقَد أَنعَمَ اللهُ عَلَيكُم فَصُمتُم وَقُمتُم، في أَمنٍ وَعَافِيَةٍ وَرَخَاءٍ، أَنَّ حَولَكُم مَن يَنتَظِرُونَ أَن تَمُدُّوا لهم يَدَ العَونِ وَتُقَدِّمُوا لهم المُسَاعَدَةَ، لِيَهنَؤُوا بِالعِيدِ مَعَكُم وَيَلبَسُوا الجَدِيدَ مِثلَكُم، فَاجعَلُوا مِن شُكرِ اللهِ عَلَى نِعمَتِهِ أَن تُقَدِّمُوا لإِخوَانِكُمُ الفُقَرَاءِ وَالمُحتَاجِينَ مَا تَجِدُونَهُ عِندَ اللهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا، وَاستَغفِرُوا اللهَ في خِتَامِ شَهرِكُم، وَكَبِّرُوهُ في لَيلَةِ العِيدِ، وَأَخرِجُوا زَكَاةَ الفِطرِ، وَاشهَدُوا صَلاةَ العِيدِ، فَإِنَّهَا شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ، أَوجَبَهَا بَعضُ العُلَمَاءِ عَلَى الأَعيَانِ، وَإِيَّاكُم وَمَا اعتَادَهُ بَعضُ النَّاسِ هَدَاهُمُ اللهُ، حَيثُ لا يُصَدِّقُونَ أَن يَسمَعُوا بِخُرُوجِ رَمَضَانَ حَتى يَعمَدُوا إِلى أَسلِحَتِهِمُ النَّارِيَّةَ، وَيُوقِدُوا السَّمَاءَ بها وَيُبَارِيَ بَعضُهُم بَعضًا بِإِطلاقِ أَكبرِ عَدَدٍ مِن رَصَاصِهَا، وَكَأَنَّمَا هُم يُعلِنُونَ الفَرحَةَ وَالبَهجَةَ بِانقِضَاءِ رَمَضَانَ، أَو لَكَأَنَّمَا كَانُوا في سِجنٍ فَأُطلِقَ سَرَاحُهُم مِنهُ. وَحَتى وَإِن كَانَ هَذَا فَرَحًا بِالعِيدِ، فَإِنَّ ممَّا لا يَخفَى خُطُورَةَ هَذِهِ الأَسلِحَةِ، وَأَنَّ لِلإِمسَاكِ بها سَكرَةً وَنَشوَةً وَخَاصَّةً لَدَى الجُهَّالِ، قَد يَحصُلُ بِسَبَبِهَا مَا لا تُحمَدُ عُقبَاهُ، وَالمُعَافى مَن عَافَاهُ اللهُ وَجَمَّلَهُ بِالتَّعَقُّلِ، وَرَزَقَهُ شُكرَ النِّعمَةِ بِالعَمَلِ الصَّالحِ وَذِكرِ اللهِ القائل: ﴿ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ ﴾.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة