• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / فضائل رمضان


علامة باركود

الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان

الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان
محمود سعيد عيسى


تاريخ الإضافة: 14/5/2019 ميلادي - 10/9/1440 هجري

الزيارات: 9774

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان

 

تكاد تتَّفِقُ المجتمعاتُ في مداناتها لقيم إنسانية عُلْيا تكاد تكون محل إجماع، وتأتي في أعلى مراتب تلك القيم وأسمى درجاتها قيمة الصبر؛ لشدَّة الحاجة إليها مدارَ عمر الإنسان، فعليه أن يصبر: على التعلُّم إن كان طالبًا، وعلى أذى الناس في سبيل أهداف عُلْيا إن كان مُصلِحًا، وفي المعركة إن كان جنديًّا، وعن هوى نفسه إن كان موظفًا أو مسؤولًا، وعلى تجاربه فلا يحبط إن كان عالِمًا، وعلى مشقَّة التدريب إن كان رياضيًّا يسعى للفوز، وعلى فقد الأحِبَّة... وهكذا دواليك، فالصبر فضيلةٌ مرغوبةٌ وسجيةٌ مطلوبةٌ في كل أحوال الإنسان؛ لتحمُّل مصاعب ومصائب الحياة وتجاوُزها، أو لتحقيق النجاح أو لديمومته.

 

ولا شكَّ أن أفضل مرحلة لتعلُّم القيم وتمثُّلها وتطبُّعها هي مرحلة الطفولة؛ فقابلية اكتساب المعارف والمهارات والاتِّجاهات في الطفولة أسرع استجابة وأعمق أثرًا، ولا سيَّما إنْ رافَقَ اكتسابها شعورٌ بالرضى والسعادة، أو القناعة تكون أدْعَى وأسرع لتمثُّلها وانتظامها ضمن المنظومة القيمية والسلوكية للإنسان.

 

وأفضل طريقة لتعلُّم القيم واكتسابها يكون من خلال ممارستها والتدرُّب عليها؛ فالعلم بالتعلُّم والحلم بالتَّحلُّم، والصبر بالتصبُّر والمصابرة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، وعن أبي سعيد الخُدْري عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال: ((ومَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ))[1].

 

وقد قام أحد علماء النفس بجامعة "ستانفورد" في فترة الستينيَّات هو "والتر ميشيل" بتجربة فريدة على أطفال مدرسة "بينج نيرسري سكول"؛ لدراسة أثر سجية الصبر وضبط الذات في حياة الفرد، وقد اصطُلِح عليها لاحقًا باسم "اختبار المارشملو"؛ وهي تخيير الطفل بين قطعة واحدة من حلوى "المارشملو" ليتناولها على الفور، أو قطعتين إذا استطاع أن ينتظر ويصبر مدة 15 دقيقة، وجاءت ردود الأطفال متباينةً أمام قطعة "المارشملو"؛ ولكن اللافت للنظر في تلك التجربة كان دراسة أحوال أولئك الأطفال بعد 12 سنة (في مرحلة المراهقة)؛ حيث بدا واضحًا أن الأطفال الذين تمكَّنوا من تأخير ملذَّاتهم وضبط أنفسهم لفترة أطول كانوا أكثرَ تركيزًا واعتمادًا على النفس، وأكثر ثقةً وتفكيرًا وتخطيطًا، وأفضل من ناحية الدرجات الأكاديمية.

 

وبين سني الخامسة والعشرين والثلاثين، كانوا أكثر قدرةً على السعي لتحقيق الأهداف، وبلغوا مستويات تعليمية أعلى وأكثر صحَّةً ومرونةً وتكيُّفًا، وعندما بلغوا منتصف الأربعينيَّات كانوا أفضل من الناحية العقلية والسلوكية والانفعالية[2].

 

وقد غدَتِ التجربةُ السابقة أسلوبًا معتمدًا في كثير من المؤسسات التي تُعنى بالطفولة؛ لتقييم أو لتعليم قيمة الصبر.

 

وفي التربية الإسلامية التي تعنى بالإنسان كلًّا متكاملًا وفي مراحل حياته كافة، نرى أن هناك نوعًا أرقى من هذا التدريب، وهو تعويد الأطفال (من سن التمييز إلى ما قبل البلوغ) صومَ نهارِ رمضانَ المبارك بعضِه أو كلِّه حسب طاقته واستطاعته، وقد عرفنا هذا الصوم ونحن صغار، كما عُرِف هذا الصوم الجزئي في مجتمعنا باسم طريف هو (صوم الحجل)؛ بل ذهب عددٌ من الفقهاء إلى ضرورة أن يأمر الوليُّ الطفلَ بالصيام "إن كان يطيق الصوم دون وقوعِ ضَرَرٍ عليه؛ ليتمَرَّنَ عليه ويتعوَّدَه"[3].

 

واستدلوا على ما جاء عن الرُّبيِّع بنتِ مُعَوِّذٍ رَضِيَ الله عنها قالت: "أَرْسَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ: مَن أصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ومَن أصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ، قالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، ونَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حتَّى يَكونَ عِنْدَ الإفْطَارِ"[4].

 

حيث يصوم الطفل سويعات معدودات، تزداد حسب عمره وطاقته، وحسب توافر رغبته؛ فتقوى بذلك هِمَّتُه، وتشتدُّ عزيمتُه، ويتعلَّم الصبر، كما ينمو لديه شعورُ الثقة بذاته وقدراته على مواجهة أول التحديات، وهو حرمانه من إحدى رغباته الملحَّة؛ ألا وهي الطعام، ويتعزَّز لديه شعور الاستقلالية، وينمو لديه حِسُّ المشاركة والانتماء من خلال مشاركة مَنْ حولَه في شعائرهم؛ كالسحور، والإفطار، والقيام، وقراءة القرآن، وتقوى إرادتُه؛ فلا تنقاد للأهواء والرغبات الآنية، زِدْ على ذلك كله أن ربط صوم بعض النهار أو كله (صوم الحجل) للأطفال بمعاني الصوم النبيلة والأجر الأخروي، تجعل من الصبر والتضحية بشهوات عاجلة أمرًا مقبولًا في سبيل قيم عُلْيا؛ ولكن في اختبار "المارشملو" ترتبط بملذَّة دنيوية سريعة؛ وهي قطعتا الحلوى؛ مما قد يُنمِّي لديه حبَّ الماديَّات.

 

ولربما وقف بعض الآباء أمام رغبة أبنائهم القادرين على الصوم، فيضُره من حيث أراد أن ينفعَه، ولربما اعترض قائلٌ على الأمر بأهمية التغذية المناسبة للأطفال في تلكم السِّنِّ، فأقول: نعم، ولا شك في ذلك، والإسلام راعى حاجات الطفل الغذائية والنمائية؛ فلا يجب الصوم عليه؛ لانتفاء ركني البلوغ والإطاقة؛ بل وأباح للحامل والمرضع الإفطار في رمضان رعاية للجنين والرضيع؛ ولكن بضع سُويعات من الجوع الذي لا يترتَّب عليه ضررٌ تربيةً للنفس، لا تقلُّ أهميةً عن تربية الجسد.

 

وأخيرًا فالصبرُ فضيلةٌ مطلوبةٌ تمنح الإنسان قوةً نفسيَّةً عظيمةً تُساعِده على مُجابهة التحديات وتجاوز الصعاب، وتُعزِّز من فرص النجاح؛ لتحقيق المستقبل المشرق الذي ينعم فيه كلُّ أبناء المجتمع بالسعادة في الدارين؛ قال تعالى: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24].



[1] أخرجه البخاري (1469)، وأبو داود (1644)، وابن حبان (3400)، والترمذي(2024) وغيرهم.

[2] امتحان المارشملو، والتر ميشيل، مكتبة جرير، الطبعة الأولى 2016، الصفحات من 11-23.

[3] انظر: موقع الدرر السنية - الموسوعة الفقهية: https://dorar.net/feqhia/2634.

[4] رواه البخاري (1960)، ومسلم (1136)، وابن حبان (3620)، واللفظ للبخاري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
4- رائع
أيمن الهادي 02/04/2022 09:49 PM

سلم اليراع أ.محمود
دام إبداعكم

3- شكر للكاتب المتميز أ/ محمود سعيد عيسى
محمد الحديدي - قطر 26/04/2020 09:01 PM

شكرا جزيلا أ/ محمود عيسى، على لفتاتك الطيبة، وتأصليك المنهجي، وطرحك العلمي.

2- سلمت يداك
شيار عيسى - ألمانيا 24/04/2020 07:22 PM

الله يعطيك العافية ابن العم مقال رائع

1- أحسنت وسلمت يداك
رجب عبدالحميد 14/05/2019 02:35 PM

ما شاء الله مقالة أكثر من رائعة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة