• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / فقه الصيام وأحكامه


علامة باركود

الصيام ركن من أركان الإسلام

الصيام ركن من أركان الإسلام
الشيخ محمد طه شعبان


تاريخ الإضافة: 3/6/2017 ميلادي - 9/9/1438 هجري

الزيارات: 36152

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصيام ركن من أركان الإسلام


• تعريف الصوم في اللغة والشرع:

الصَّوْمُ لُغَةً: الْإِمْسَاكُ عَنِ الشَّيْءِ وَالتَّرْكُ لَهُ؛ وَقِيلَ لِلصَّائِمِ صَائِمٌ لإِمْسَاكِهِ عَنِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَنْكَحِ، وَقِيلَ لِلصَّامِتِ صَائِمٌ لِإِمْسَاكِهِ عَنِ الْكَلَامِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ﴾ [مريم: 26]، وَقِيلَ لِلْفَرَسِ صَائِمٌ لإِمْسَاكِهِ عَنِ العَلَفِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ مُمْسِكٍ عَنْ طَعَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ سَيْرٍ فَهُوَ صَائِمٌ[1].

وَالصَّوْمُ شَرْعًا: هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ، مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، بِنِيَّةٍ[2].

 

• أركان الصوم:

للصوم ركنان:

الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: النِّيَّةُ:

لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ، وَالْعِبَادَاتُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نِيَّةٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"[3].


فَمَنْ أمسك عن المفطِّرات بلا نِيَّة فلا يصح صومه، باتفاق أهل العلم.

ولا بُدَّ في صيام الفرض - سواء كان رمضان أو كفارة أو نذر أو غيره - مِنْ تبييت النِيَّةِ مِنَ الليل؛ وذلك لِمَا روَتْهُ حَفْصَةُ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ"[4].


ولأنَّ النيَّة لا بُدَّ أنْ تكون سابقةً للعمل.

وأما صيام النفل فيجوز فيه إنشاءُ نِيَّةٍ في النهار، وإنْ لم ينوِ بالليل - وهو قول الجمهور- واستدلوا على ذلك بحديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنه، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ "يَا عَائِشَةُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟" قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ قَالَ: "فَإِنِّي صَائِمٌ"[5].

فدل هذا الحديث على أنه يصح صوم التطوع بِنِيَّة مِنَ النهار، وأنَّ صوم التطوع مستثنًى مِنْ عموم حديث "مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ".


واختلف العلماء بالنسبة لصيام شهر رمضان: هل تجزئ فيه نِيَّةٌ واحدة في أوَّل الشهر، أم لا بُدَّ مِنْ تجديد النِّيَّةِ لكل يوم؟

ومنشأ الخلاف هو: هل يُعَدُّ شهرُ رَمَضَانَ جَمِيعُهُ عِبَادَةً وَاحِدَةً مُتَّصِلَةً، أَمْ كل يوم يُعَدُّ عِبَادَةً مُنْفَصِلَةً عَلَى حِدَةٍ؟

فذهب مالك ورواية عَنْ أحمد إلى أنه يُعَدُّ عِبَادَةً مُتَّصِلَةً فَتُجْزِئ فيه نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ في أول الشهر، وذهب الجمهور، وهو رواية عن أحمد إلى أنه عِبادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، تَجِبُ فيه النِّيَّةُ لكل يوم على حِدَةٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ عِبَادَاتٌ لَا يَفْسُدُ بَعْضُهَا بِفَسَادِ بَعْضٍ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابنُ قُدَامَةَ والشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ.


قال ابنُ قُدَامَةَ رضي الله عنه:

"وَلَنَا أَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ لَيْلَتِهِ، كَالْقَضَاءِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ عِبَادَاتٌ لَا يَفْسُدُ بَعْضُهَا بِفَسَادِ بَعْضٍ، وَيَتَخَلَّلُهَا مَا يُنَافِيهَا، فَأَشْبَهَتِ الْقَضَاءَ، وَبِهَذَا فَارَقَتِ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ"اهـ[6].


وقال الشَّوْكَانِيُّ رضي الله عنه:

"وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَجْدِيدِهَا لِكُلِّ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مُسْقِطَةٌ لِفَرْضِ وَقْتِهَا، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ قَاسَ أَيَّامَ رَمَضَانَ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ بِاعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ لِلْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عَمَلٌ وَاحِدٌ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِفِعْلِ مَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَالْإِخْلَالُ بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْكَانِهِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ إجْزَائِهِ"اهـ[7].


الركن الثاني: تَرْكُ المُفَطِّرَاتِ:

مِنْ أكْلٍ وَشُرْبٍ وَغَيْرِهَا، مِنْ طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

لقوله تعالى: ﴿ مْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187].

 

• فَضْلُ الصِّيَامِ:

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رضي الله عنه:

"فَهُوَ لِجَامُ الْمُتَّقِينَ، وَجُنَّةُ الْمُحَارِبِينَ، وَرِيَاضَةُ الْأَبْرَارِ وَالْمُقَرَّبِينَ، وَهُوَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنَّ الصَّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا؛ وَإِنَّمَا يَتْرُكُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ، فَهُوَ تَرْكُ مَحْبُوبَاتِ النَّفْسِ وَتَلَذُّذَاتِهَا إِيثَارًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَهُوَ سِرٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ؛ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ، وَالْعِبَادُ قَدْ يَطَّلِعُونَ مِنْهُ عَلَى تَرْكِ الْمُفَطِّرَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَرَكَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ، فَهُوَ أَمْرٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَشَرٌ؛ وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الصَّوْمِ.

وَلِلصَّوْمِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ وَالْقُوَى الْبَاطِنَةِ، وَحِمْيَتِهَا عَنِ التَّخْلِيطِ الْجَالِبِ لَهَا الْمَوَادَّ الْفَاسِدَةَ الَّتِي إِذَا اسْتَوْلَتْ عَلَيْهَا أَفْسَدَتْهَا، وَاسْتِفْرَاغِ الْمَوَادِّ الرَّدِيئَةِ الْمَانِعَةِ لَهَا مِنْ صِحَّتِهَا، فَالصَّوْمُ يَحْفَظُ عَلَى الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ صِحَّتَهَا، وَيُعِيدُ إِلَيْهَا مَا اسْتَلَبَتْهُ مِنْهَا أَيْدِي الشَّهَوَاتِ، فَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى التَّقْوَى؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الصَّوْمُ جُنَّةٌ"اهـ[8].


وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمً ﴾ [الأحزاب: 35].

وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُبَيِّنُ فَضْلَ الصِّيَامِ، وَعِظَمَ أَجْرِهِ.

فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ"[9].

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"[10].

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ"[11].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ"[12].

وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ".

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا: "وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ"[13].

قَالَ النَّوَوِّيُّ رضي الله عنه: "قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَمَّا فَرْحَتُهُ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، فَبِمَا يَرَاهُ مِنْ جَزَائِهِ وَتَذَكُّرِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِتَوْفِيقِهِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا عِنْدَ فِطْرِهِ، فَسَبَبُهَا تَمَامُ عِبَادَتِهِ وَسَلَامَتُهَا مِنَ الْمُفْسِدَاتِ وَمَا يَرْجُوهُ مِنْ ثَوَابِهَا"اهـ[14].

 

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: مُرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ" ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لِي: "عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ"[15].

وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الفِتْنَةِ، قُلْتُ: أَنَا - كَمَا قَالَهُ - قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ، قُلْتُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ... "[16].

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ"، قَالَ: "فَيُشَفَّعَانِ"[17].


وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه"[18].

قَالَ النَّوَوِّيُّ رضي الله عنه: "مَعْنَى إِيمَانًا: تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ مُقْتَصِدٌ فَضِيلَتَهُ. وَمَعْنَى احْتِسَابًا: أَنْ يُرِيدَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ؛ لَا يَقْصِدُ رُؤْيَةَ النَّاسِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِخْلَاصَ"اهـ[19].

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه:"وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ: الِاعْتِقَادُ بِحَقِّ فَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ. وَبِالِاحْتِسَابِ: طَلَبُ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ (احْتِسَابًا) أَيْ: عَزِيمَةً؛ وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى الرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَثْقِلٍ لِصِيَامِهِ وَلَا مُسْتَطِيلٍ لِأَيَّامِهِ" اهـ[20].


وَقَالَ الْمِنَاوِيُّ رضي الله عنه: "إِيمَانًا: تَصْدِيقًا بِثَوَابِ اللهِ، أَوْ أَنَّهُ حَقُّ، وَاحْتِسَابًا لِأَمْرِ اللهِ بِهِ، طَالِبًا الْأَجْرَ، أَوْ إِرَادَةَ وَجْهِ اللهِ؛ لَا لِنَحْوِ رِيَاءٍ. فَقَدْ يَفْعَلُ الْمُكَلَّفُ الشَّيْءَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ صَادِقٌ، لَكِنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ مُخْلِصًا؛ بَلْ لِنَحْوِ خَوْفٍ أَوْ رِيَاءٍ" اهـ[21].



[1] انظر: "لسان العرب" (12/ 350).

[2] "المغني" (3/ 105).

[3] متفق عليه: أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).

[4] أخرجه: أبو داود (2454)، والنسائي في "المجتبى" (2334)، وفي "الكبرى" (2655)، والترمذي (730)، وابن ماجه (1700)، وأحمد (26457)، وابن خزيمة (1933)، والبيهقي في "الكبرى" (7909)، وفي "فضائل الأوقات" (134)،وصححه الألباني في "الإرواء" (914).

[5] أخرجه مسلم (1154).

[6] "المغني" (3/ 111).

[7] "نيل الأوطار" (4/ 233).

[8] "زاد المعاد" (2/ 28).

[9] متفق عليه: أخرجه البخاري (1896)، ومسلم (1152).

[10] متفق عليه: أخرجه البخاري (2840)، ومسلم (1153).

[11] متفق عليه: أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151).

(جُنَّة): أي: "وقاية وسترة مِنَ الوقوع في المعاصي التي تكون سببًا في دخول النار، أو وقاية مِنْ دخول النار لأنه إمساك عَنِ الشهوات والنار قد حفت بها".

[12] متفق عليه: أخرجه البخاري (5927)، ومسلم (1151).

"الْخُلُوفُ": بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللَّامِ: تَغَيُّرُ رَائِحَةِ فَمِ الصَّائِمِ، وَإِنَّمَا يَحْدُثُ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ.

[13] مسلم (1151).

[14] "شرح صحيح مسلم" (8/ 31، 32).

[15] أخرجه النسائي (2220)، وأحمد (22149)، وغيرهما، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4044).

[16] أخرجه البخاري (525).

[17] أخرجه أحمد (6626)، وصححه الألباني "صحيح الجامع" (3882).

[18] متفق عليه: أخرجه البخاري (38)، ومسلم (759).

[19] "شرح مسلم" (6/ 39).

[20] "فتح الباري" (4/ 115).

[21] "فيض القدير" (6/ 160).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة