• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام


علامة باركود

أيها المسلمون هل تحسون أو تشعرون بما يكون في رمضان؟

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد


تاريخ الإضافة: 15/6/2016 ميلادي - 10/9/1437 هجري

الزيارات: 13261

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيها المسلمون

هل تحسون أو تشعرون بما يكون في رمضان؟


إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب:70، 71].


أما بعد: فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.


عباد الله! أيها المسلمون! نحن في رمضان فهل تحسون أو تشعرون بما يكون في رمضان؟؟ رمضان شهر من شهور الله عز وجل يختلف عن غيره في أمور كثيرة لا نراها، لا نسمعها فيما فيها، لا نحس ولا نشعر إلا أن رمضان في الظاهر يشبه غيره من الشهور، وفي الحقيقة يختلف اختلافا كثيرا.


لذلك يا عباد الله هذا ما أخبرنا به رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، - بما يكون ويحدث في رمضان - فآمنا به وصدقنا، وإن لم نحسّ به ولم نشعر، ولم نرَ شخصا، ولم نسمع صوتا، فقد ثبت عند النسائي وابن ماجة ومسند الإمام أحمد: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:) (جة) (1644): ("هَذَا رَمَضَانُ قَدْ جَاءَكُمْ") (س) (2103)، (حم) 13499)، ("شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللهُ عز وجل عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ") (س) (2106)، ("إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ")، [صُفِّدَتْ: قُيِّدَتْ بالسلاسل والأغلال]. هل رأينا ذلك؟ أصلا ما رأينا الشياطين، ولا العفاريت ولا الجن، ومع ذلك نؤمن بهم لأنه جاءنا عن ذلك وحي من الله.


("الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ")

[(مَرَدَةُ الْجِنِّ): جَمْعُ مَارِدٍ، وَهُوَ الْمُتَجَرِّدُ لِلشَّرِّ، وَمِنْهُ الْأَمْرَدُ، لِتَجَرُّدِهِ مِنْ الشَّعْرِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَانَ كَثِيرًا؟! فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ. فَالْجَوَابُ: أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ.


أَوْ الْمُصَفَّدُ بَعْضُ الشَّيَاطِين، وَهُمْ الْمَرَدَةُ، لَا كُلُّهُمْ، وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ فَإِنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِ، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيدِ جَمِيعِهِمْ أَنْ لَا يَقَعَ شَرٌّ وَلَا مَعْصِيَةٌ؛ لِأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْرَ الشَّيَاطِينِ، كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ، وَالْعَادَاتِ الْقَبِيحَةِ، وَالشَّيَاطِينِ الْإِنْسِيَّةِ. تحفة الأحوذي (2/ 219)].


("وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، - فهل رأينا أو سمعنا لا والله، لكن أخبرنا بذلك رسول الله فآمنا وصدقنا - وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ") [أَيْ: يَا طَالِبَ الْعَمَلِ وَالثَّوَابِ]. فهل سمعناه؟ ما سمعناه ولا رأيناه، لكن أخبرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.


("أَقْبِلْ") [أَيْ: أَقْبِلْ إِلَى اللهِ وَطَاعَتِهِ بِزِيَادَةِ الِاجْتِهَادِ فِي عِبَادَتِهِ، وَهُوَ أَمْرٌ مِنْ الْإِقْبَالِ، أَيْ: تَعَالَ، فَإِنَّ هَذَا أَوَانُك، فَإِنَّكَ تُعْطَى الثَّوَابَ الْجَزِيلَ بِالْعَمَلِ الْقَلِيلِ. تحفة الأحوذي (ج 2/ 219)] ("وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ") [أَيْ: أَمْسِكْ وَتُبْ، فَإِنَّهُ أَوَانُ قَبُولِ التَّوْبَة. حاشية السندي على ابن ماجه (ج 3/ 415)].


("وَللهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ")، (جة) (1642)، (ت) (682)، (خ) (3103)، (م) (1079)، (س) (2097). [أَيْ: فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي رَمَضَانَ. تحفة الأحوذي (2/ 219)]. أيضا هل نحش أو نشعر بأعيننا أو نسمع بآذاننا وإنما هذا من علم الغيب الذي جاءنا بالوحي من عند الله، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمنا وصدقنا.


("حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ") (حم) (23538)]. فاللهم اجعلنا من عتقاءك من النار.

("وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ"). (جة) (1644)، (س) (2106)، (حم) (7148).


وما أن يبدأ - شهر - رمضان - بغروب شمس آخر يوم من شعبان - بدون شعور منَّا ولا إحساس، ولا رؤية لما يحدث، ولا سمع؛ فمن أول يوم من هذا الشهر وإذا بالنار وقد أغلقت أبوابها، "... فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ"، طيلة شهر رمضان، - ليس في أوقات دون أوقات في رمضان - بينما في غير رمضان تفتح في ساعات معينة وتغلق في غيرها، فقد ثبت أنها تفتح في وقت الزوال من الظهيرة وهي ساعة تمنع فيه الصلاة، فعن عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه في حديثه - الطويل - عن أوقات الصلوات عن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «... ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ، حَتَّى تَعْتَدِلَ الشَّمْسُ اعْتِدَالَ الرُّمْحِ بِنِصْفِ النَّهَارِ؛ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَتُسْجَرُ، فَدَعِ الصَّلَاةَ حَتَّى يَفِيءَ الْفَيْءُ،...». س (572).


أما الجنة؛ ففي رمضان فتختلف عن بقية الشهور، فأبوابها مغلقة فإذا دخل رمضان "فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ"، ففي غير رمضان ساعاتٌ تفتح فيها أبواب الجنة، ومنها ساعةُ ما بعد الزوال، وقتَ صلاة الظهر، - تغلق أبواب النيران بعد فتحها، وتفتح أبواب الجنان - فقد ثبت عن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله تعالى عنه قَالَ: (نَزَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي جاء عنده نزيلا وضيفا - فَنَظَرْتُ فِي عَمَلِهِ كُلِّهِ، فَرَأَيْتُهُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ أَوْ زَاغَتْ - يعني ذهب وقت الكراهة - أَوْ كَمَا قَالَ؛ إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ عَمَلُ الدُّنْيَا رَفَضَهُ، - أي توقف عنه - فَإِنْ كَانَ نَائِمًا فَكَأَنَّمَا يُوقَظُ لَهُ، فَيَقُومُ فَيَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يُتِمُّهُنَّ وَيُحْسِنُهُنَّ، وَيَتَمَكَّنُ فِيهِنَّ)، - فسأله أبو أيوب عن ذلك الحرص من النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة في ذلك الوقت، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَوَاتِ وَأَبْوَابَ الْجَنَّةِ تُفْتَحْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، فَمَا يُرْتِجْنَ" - أي يغلقن - "أَبْوَابُ السَّمَاوَات وَأَبْوَابُ الْجَنَّةِ حَتَّى تُصَلِّيَ هَذِهِ السَّاعَةَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى رَبِّي مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ". مختصر الأحكام مستخرج الطوسي على جامع الترمذي (2/ 445)، وهي الأربع ركعات التي تكون قبل الظهر وبعد الأذان.


وهناك أيامٌ تفتحُ فيه أبواب الجنان، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا". (م) (2565).


ألا واعلموا عباد الله أن أبوابَ الجنة ثمانيةٌ، فالموحِّدون توحيدا خالصا - لا يشوبه شائبة شرك ولا رياء - يدخلون من أيِّها شاؤوا، فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ - مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ - عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ». خ (3435)، م (28).


وكذلك من يحسن وضوءه يا عباد الله فقد؛ وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ" - أَوْ "فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ، - أي يكمله كاملا تاما - ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ". م (234).


ولا ننسى عباد الله من أصيبوا في أطفالهم وأفلاذ أكبادهم، وفقدوا صغارَهم، - ففقدوهم صغارا -، فقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ». جة (1604).


وكذلك المنفقون من أموالهم بسخاء وإخلاص، ودون خوف من فقر أو إملاق، فقد ثبت أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟!) - يعني عندما ينادي المنادي أين أهل الصلاة؟ فيدخل، أين أهل الصيام فيدخل، أين أهل الجهاد فيدخل، فهل يدعى من هذه كلها أحد؟ - قَالَ: «نَعَمْ! وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». خ (1897).


فـ"الجَنَّةُ لَها ثَمانِيَةُ أبْوابٍ، والنَّارُ لَها سَبْعَةُ أبْوابٍ". (ابْن سعد) عَن عتبَة بن عبد. انظر ح (3119) صحيح الجامع. الصحيحة (1812).


و[إنما كانت أبوابُ الجنة ثمانيةً؛ لأن مفتاحَ الجنة: شهادةُ أن لا إله إلا الله، وكذلك المفتاح - له - ثمانيةُ أسنان: الصلاة والصيام، والزكاةُ والحجُّ، والجهادُ والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر، والبرُّ والصلةُ، فلكون أنواعِ الأعمالِ ثمانيةً جُعلت أبوابها ثمانية.


وإنما كانت أبوابُ النار سبعةً؛ لأن الأديانَ سبعةٌ لأن التي يتدين بها الناس سبعة: واحدٌ للرحمن هو الإسلام، وستةٌ للشيطان، فالتي للشيطان: اليهوديةُ والنصرانية، والمجوسيةُ والوثنية، والدهريةُ والإبراهيمية، والصنف السابع عُصاةُ هذه الأمة عصاة أهلِ التوحيد؛ كالخوارج والمبتدعة، والظلمةِ والمصرِّين على الكبائر، فهؤلاء كلُّهم صنفٍ، فوافق عدَّةَ الأبوابِ عدةَ الأصناف. ذكره السهيلي]. فيض القدير (3/ 361).


[... وطبقات - النار يا عباد الله أعاذنا الله وإياكم وسائرين المسلمين منها، ومن كل عمل يقرب إليها طبقاتها - هي جهنم ثم لظى ثم الحطمة، ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم، ثم الهاوية]، من حاشية الفيض. عافانا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار الحامية، ومن كل ما يؤدي إلى الهاوية.


في رمضان تصفَّدُ الشياطين وتقيَّد مردة الجن، وأصلهم من النار، وأجسامهم نارية، لها القدرة على اختراق أجسادنا الترابيَّة، وتتسبَّب لنا بالوسوسة والمس والصرْع، ولا يراها على حقيقتها إلا الملائكةُ والأنبياءُ عليهم السلام.


في رمضان مما لا نسمعه ولا نعلمه إلا عن طريق الوحي أنه: "يُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ، يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ". (حم) (18795).


وفي رواية: "يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ هَلُمَّ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ،..".


وفي رواية: "يَا طَالِبَ الْخَيْرِ هَلُمَّ، وَيَا طَالِبَ الشَّرِّ أَمْسِكْ". س (2108)، وهذا في كلِّ ليلة من ليالي رمضان، فهل سمعنا؟ لكننا آمنا.


والملائكة أجسام نورانية شفافة، لا تمنعها الحواجز، ولا تعيقها الموانع، أعطاها الله من القُدُراتِ الخارقة، والأجسام الهائلة ما الله به عليم، ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُذِنَ لِي - أي سمح - أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ». (د) (4727)، صحيح الجامع (854)، الصحيحة (151).


والملائكة لا يراهم على صورتهم الحقيقية إلا الأنبياء والمرسلون، أما غيرهم الناس عموما من يرى الملائكة فلا يراهم على صورتهم بل على صورة أخر فقد يرونهم في غير صورهم، بل يتشكلون في صور أخرى جميلة، فقد وصف عمرُ رضي الله تعالى عنه جبريلَ عليه السلام وهو لا يعرفه بأنه (رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ)، (وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ - رضي الله تعالى عنه - ) رواه أحمد.


فـ"... يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ"، فهل نسمع هذا النداء؟ وهل نحس أو نشعر به؟ وهل علمناه إلا عن طريق الوحي؟ عن النبي صلى الله عليه وسلم فآمنا وصدقنا.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الآخرة

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد عبد الله ورسوله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين وبعد؛

وفي رمضانَ يكثر فضل الله ويعم خيره بعتقِ رقابِ كثير من المؤمنين، فاللهم اعتق رقابنا من النار قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلَّهِ تعالى عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وذلكَ في كلِّ ليلةٍ». صحيح الجامع (2170) ورمز له [هـ] عن جابر [حم طب هب] عن أبي أمامة. الترغيب (991).


إنه خير عميم وفضل عظيم في رمضان خاصة، رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ". صحيح الجامع (2169)، ورمز له (حم) عن أبي هريرة أو أبي سعيد، (سمويه) عن جابر. الترغيب (992)، - كل عبد أعتق له دعوة مستجابة. -


[(دعوةٌ مستجابةٌ)... - قال المناوي رحمه الله: - وهذه منقبةٌ عظيمةٌ لرمضانَ وصُوَّامِه، وللدعاء والداعي.

(تنبيه) قال الحكيم: دعاءُ كلِّ إنسانٍ إنما يخرجُ على قدرِ ما عنده من قوةِ القلب؛ فربما يخرج شديدَ النورِ شمسٌ تطلع، وقد يخرج دعاءٌ بمنزلةِ قمرٍ يطلع، ودعاءٌ يخرجُ ببعضِ تقصيرٍ فنوره كالكواكب]. فيض القدير (2/ 476)


بينما هناك يا عباد الله أعمالٌ يقوم بها المسلم تكون سببا للعتق من النار، في رمضان وفي غير رمضان، منها الحجاج يوم عرفة، فـ"مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ...". م (1348).


وكذلك إنفاقُك يا عبد الله على أطفالِك سببٌ للعتقِ من النيران، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: (جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، - البنتين أكلن التمران ويريد غيرها - فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا)، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ». م (2630).


وكذلك يعتق من النار المجاهد الصادق المخلص في جيش المسلمين، الذي يرمي سِهامَه نحو العدو أصابت منهم أم لم تصبْ، يَقُولُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى بَلَغَ الْعَدُوَّ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْ، كَانَ لَهُ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ... ». س (3142).


ومن داوم على الصلوات في جماعة أُعتق من النار، لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ جَمَاعَةً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا عِتْقًا مِنْ النَّارِ". جة (798)، انظر الصحيحة (2652).


وهناك ذِكْرٌ لله؛ - فاذكروا الله يا عباد الله، ذكر الله احفظوه يا عباد الله - من كرَّره ثلاث مرات أُعتق من النار، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَأُشْهِدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، مَنْ قَالَهَا مَرَّةً؛ أَعْتَقَ اللَّهُ ثُلُثَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ؛ أَعْتَقَ اللَّهُ ثُلُثَيْهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا؛ أَعْتَقَ اللَّهُ كُلَّهُ مِنَ النَّارِ». (كم) (1/ 704، ح1920)، وقال: [هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ]. وانظر الصحيحة (267).


والذبُّ عن عِرض أخيك المسلم بظهر الغيب سببٌ للعتق من النار، لا تتكلم في أعراض المسلمين يا عبد الله، فإن وجدت قوما ينتهكون أعراض المسلمين فامتنع يا عبد الله وذب عن عرض أخيك فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: "مَنْ ذَبَّ عَنْ لَحْمِ" - أي عرض - "أَخِيهِ بِالْغِيبَةِ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ". (حم) (27609)، صحيح الترغيب (2847).


ألا وصلُّوا وسلِّموا على رسول الله، استجابة لأمر الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب:56].


اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على نبينا محمد وعلى آله الطيبين العظام، وصحابتِه الكرام، وفي مقدمتهم، أبي بكر وعمر وعثمان وعليِّ، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

نسأل الله عز وجل كما بلَّغنا شهر رمضان أن يبلِّغَنا العشر الأواخر منه، وأن يعظمَ لنا فيها والمثوبة الأجر، وأن يبلغَنا فيه ليلة القدر، وأن يمحوَ عنا فيها الإثم والخطيئة والوزر.


ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفقَنا لعبادتِه ومرضاته، وأن يعيننا على عبادته في ما بقي من رمضان، وأن يختمه لنا بالمغفرةِ والقبولِ والرحمةِ والرضوان، والعتقِ من النيران، وأن يدخلنا فسيح الجنان، ومن جميع أبواب الجنة الثمانية خصوصا بابَ الريان؛ إنه سبحانه وتعالى وليُّ ذلك والقادرُ عليه، اللهم آمين يا رحيم يا رحمن، يا كريم يا وهاب يا منان.


اللهم! تولَّ أمرنا، وارحم ضعفَنا، واجبُرْ كسرَنا، واغفرْ ذنبنَا، وبلغنا فيما يرضيك آمالَنا.

وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة