• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / مواعظ وخواطر وآداب / خواطر صائم / مقالات


علامة باركود

غصون رمضانية (6) حلية الأخلاق

غصون رمضانية (6) حلية الأخلاق
عبدالله بن عبده نعمان العواضي


تاريخ الإضافة: 11/6/2016 ميلادي - 6/9/1437 هجري

الزيارات: 8417

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حِليةُ الأخلاق

غصون رمضانية (6)


في حياتنا هذه يتباهى الناس بجمال الظاهر- الخَلْقي والمكتسب -، ويتفاخرون بحسن الشارات، وإشراق الهيئات، وانبلاج الصور، ولطافة البِزّة، وترقرق ماء الجمال في الوجوه. وينفقون على ظهور الكمال المستطاع في ذلك كثيراً من الحرص والنظر، والمال والوقت.

 

ويأتي هذا الاعتناء بالتأنّق؛ لكون أكثر الناس المشاهدين يعنون[1] لدولة الحُسْن الذي تراه الأبصار، ولا يستهويهم الحسنُ الذي تراه البصائر والعقول.

 

أما العقلاء والمؤمنون فيحبون الجمال الظاهر؛ لأن الله" جميل يحب الجمال"[2]، ولكون النفس مجبولة على الميل إليه، ولكنهم لا يقدمونه على الجمال الباطن، بل يرونه أدنى الجمالين لا أعلاهما.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)[3].

لَيسَ الجَمالُ بمئزرٍ
فاعلمْ وإِنْ رُدّيتَ بُرْدا
إِنّ الجمالَ مآثرٌ
وَمَناقِبٌ أَوْرَثْنَ مَجْدا[4]

 

وينسب لعلي رضي الله عنه:

ليس الجمالُ بأثواب تزيننا ♦♦♦ إن الجمال جمال العلم والأدبِ[5].

 

كمْ من جمال ظاهر يسبي العيون والأسماع، وفي داخله قبح فسيح يضيق القلوب والصدور، ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المنافقون: 4].

 

وكم من قبح ظاهر تقتحم صاحبَه الأنظار، ولكنْ في قاعه الدر كامن، وفي باطنه آفاق واسعة من الحسن البديع، الذي إذا ظهر عظمّت النفوس صاحبه، وتاهَ ذلك القبح البادي في متاهات ذلك الجمال المعنوي الرحب. فكم من جميل الصورة، قبيح السريرة، وكم من مبغوض المنظر، محبوب الجوهر.

 

إن الجمال المعنوي للذوات هو نصيب القلوب الصافية، والعقول الواعية؛ لإدراكها أثرَ ذلك على الأفكار والسلوك، وأما الجمال الحسي فهو حظ العيون التي لا ترى إلا قشور الذوات، ولا تتجاوز ذلك إلى ألبابها التي قد تكون الدود عبثت بها نخراً وتفتيتًا حتى رمتْ وبليت، فما أكمل أن يجمع المرء بين جمال الباطن وجمال الظاهر، ويرضي القلوب والعيون معًا!

 

وما أجمل قول حسان رضي الله عنه في رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني
وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خُلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ
كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ[6].

 

إن الأخلاق الحميدة جمال معنوي يزين الإنسان ويطريه، ويحبّبه إلى الخلق ويُعليه؛ فهو حلية برّاقة، وكساء ساتر مشرق، ودوحة وارفة الظلال يجد الخلق تحت أوراقها الغضة، وأفنانها الميّادة طيبَ العيش، وحسن الجوار الذي يقيهم وهجَ كدر الأخلاق، وسوءَ لقاء أهلها.

 

فالمتزين بهذه الحلية ينعم باله، ويحسن حاله، ويكثر خلاّنه، ويحتفّ به أخدانه، وتحلّ في داره السعادة، وإذا ابتغى بذلك وجه الله كان في عبادة.

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: (تقوى الله، وحسن الخلق)[7].

 

إن الأخلاق الحسنة سرحةٌ عظيمة كثيرة الفروع تمتد إلى جميع الجهات، وليست فرعًا واحداً إلى جهة واحدة، فهي أخلاق مع الله تعالى: من الإخلاص له في عبادته، ومراقبته، وتقواه، وشكره وذكره وحسن عبادته، وغير ذلك.

 

وهي أخلاق مع النفس: من صبر، وحلم، وقناعة، ومحاسبة، ومجاهدة، وغير ذلك.

وهي أخلاق مع الخلق: من رحمة، وتعاون، ونصيحة، وحب، وسخاء، وحسن عشرة، وعفة، وحفظ للسان، والسمع، والعين، واليدين، والرجلين عن السوء، وغير ذلك.

 

يأتي رمضان الإيمان ليسدل على المجتمع المسلم بساطَ الخلق الكريم بمعناه العام، فيعيش الرمضانيون في ظله حياة يعمرها الصيام والقيام، وصفاء الأحلام، وامتداد المحبة والوئام، وطهارة القلوب، وبشاشة الوجوه، وسلامة الجوارح من الإيذاء.

 

ويأتي رمضان ليزداد خلق التقوى والمراقبة والخشية، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

ويأتي رمضان ليساعد المسلم الصائم على تربية نفسه على الأخلاق الكريمة، فيصبر على ما تكره النفس، ويلجمها عن أهوائها، وانحرافِ ميولها.

 

ويأتي رمضان ليعطي المسلم دروسًا في كسب القلوب، وجذب النفوس، فيحلم الصائم عند الاستغضاب، ويسخو ببشاته وابتسامته، كما يسخو بماله وعطفه.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم)[8].

 

فما أجمل أن ترى الصائمين وهم يسعون صاعدين على مراقي حسن العبادة الخالصة، حتى يؤدوا حق الخُلق الحسن مع الله!

 

وما أحسن أن ترى الصائمين وهم كالأزهار في روض الصفاء، كلهم ينشرون عبير الإخاء في الأرجاء، وتشرق البسمات الصادقة على قسمات وجوههم كما تشرق الشمس عند ميلادها على تلك الزهور المتعانقة، فيزدادون بريقًا وألقًا.

 

وما أكمل أن تنبت هذه الأخلاق السامية في جنة الصوم، ثم تنمو وتشتد سوقها، وتصبح أشجاراً مثمرة بعد رمضان، فينال جناها الداني صاحبُها وغيره.

 

إن الأخلاق ميزان الصيام، فمن حسن خلقه حسن صيامه، ومن ساء خلقه ساء صيامه.

وما سوء الأخلاق التي قد تبدو على بعض الصائمين إلا برهان على وجود خلل في صيامهم فليراجعوا صومهم قبل أن تطوى الصحيفة، ويرتحل الضيف، ويذهب الشاهد، وتُقوّض السوق المعمورة بالخيرات.



[1] عنا يعنو: خضع وذل. الصحاح للجوهري (7/ 290).

[2] رواه مسلم.

[3] رواه مسلم.

[4] البيتان لعمرو بن معد يكرب. عيون الأخبار، لابن قتيبة (ص: 127).

[5] ديوان علي بن أبي طالب (ص: 185).

[6] ديوان حسان بن ثابت (ص: 2).

[7] رواه الترمذي وابن حبان، وهو حسن.

[8] رواه البخاري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة