• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رأس السنة الهجرية


علامة باركود

من وحي الهجرة المباركة .. قصة أمة!

من وحي الهجرة المباركة .. قصة أمة!
أ. محمود العيسوي


تاريخ الإضافة: 12/12/2013 ميلادي - 9/2/1435 هجري

الزيارات: 8034

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من وحي الهجرة المباركة

قصة أمة!


نعم؛ إنها قصة أُمَّة شِيدتْ دعائمها على عمُد صلبة لا تأخذ منها مَعاولُ الزمان بقدر ما تأخذ هي من المعاول، وثَبتتْ أركانُها على أوتاد راسخة في أعمق جذور الحضارة، فارتفع بناؤها سامقًا شامخًا في سماء المجد، فكانت بحق ﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110].


إنها قصة أمة أفذاذِ العُظماء، أولئك الشجعان الذين لا يخافون في الله لومةَ لائم، ولا ينزلون أبدًا على رأيٍ لفاسدٍ، ولا يرضون أبدًا بالدنيَّة في دينهم مهما كانت عواقبُ أمورهم.


إنها قصة أمة عظيمة جليلة، حُقَّ لكل مُنتسِب إليها أن يَفخَر بها، ولم لا، وقد وضَع لبناتِها الأولى خيرُ الناس جميعًا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم؟!


لقد كان العربُ أُمَّة مُشتَّتة بيوتاتُهم في مجاهل الصحاري القاحلة، مشتتة نفوسهم في صحاري الفِكر وصحاري الشعور وصحاري الضمائر البَوار، التي لا تَنبُت فيها زهرةٌ من زهور الإحساس، ولا تُورِق فيها ورقةٌ من ورق المشاعر، لقد كانوا يَفتقِدون إلى أدنى مقوِّمات الحياة؛ حياة الرُّوح، حياة الضمير، حياة العقل، حياة الفِكْر، حياتهم ظُلمات بعضها فوق بعض - إلا من عصَم الله من عقلائهم - مزَّقتهم العصبيَّة القبلية، وفرَّقتهم العداوات والإحن وضغائن النفوس، وتَطابَقوا بين عبدٍ ذليل مُنكَّس الرأس لا حقوق له، وبين سيد طاغٍ لا حدَّ يَحدُّه، ولا حقًّا يراه لخادمه عليه فيصدُّه، واستعبدت الأمم المجاورة من روم وفرس أطرافهم، وتَملَّك اليهود العِلمَ والمال والجاه فانحنت أمامهم قلوبهم، فلا ريادة عندهم، ولا فضلَ لهم على أحد، ولا هيبة لهم تَمنعهم من الناس إلا ما كان من جوارهم بيت الله وتعظيمهم إياه، حتى تجرَّأ عليهم حبشيٌّ فغزاهم في عقرِ دارهم، فلم يستطيعوا أن يرفعوا فيه طَرْفًا، فأراهم الله سلْب أموالهم أمام أعينهم، ثم ردَّها الله عليهم وتولَّى الله حِفْظَ بيته، بعدما رأى من هوانهم وضعْفهم، وأهلك الله هذا الطاغي الباغي الحبشي.


وبينما هم على ذلك، إذ بعَث الله إليهم رسولاً اختاره واصطفاه من بينهم، فأتاهم بالنور المبين، والحق المستبين، فتَبِعه أطهارهم وأصفاهم قلوبًا، ووقف له بالمرصاد طغاتُهم وظَلَمتُهم، فنكَّلوا بأصحابه، وآذوه في نفسه، وصدُّوا عن سبيله، فعاش بينهم حياة ملؤها الكفاح والجهاد والمثابرة، وظلَّ يدعوهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى أَذِن الله - عز وجل - له بعد ثلاثة عشر عامًا بأن يترك هذه الأرض القاحلة، ويذهب فيَغرِس بذورَه الرطبة الناضرة بأرض ذات خَصْب ونماء، فخرج من بين قومه مستخفيًا منهم غير خائف، واثقًا في وعدِ الله له بالنصر والغَلَبة والتمكين، حتى وصل إلى أرض يثرب الطاهرة، فوجد فيها بذورًا عطشى لما معه من العَذْب الزُّلال، لكنه وجد في أرض يثرب شوكًا كثيفًا يُحيط ببذورها؛ فاقتَلَع ما كان في طريقهم من أشواك، وجمَعهم الله على كلمته وحُكمه، وروى تلك البذورَ العطشى من ماء حِكمته فحَييتْ واخضرَّت، حتى صارت شجرةً وارفة الظلال، مترامية الأفرع، جِذْرها في أرض يثرب المباركة، وفروعها ترامت حتى ظلَّلت أرضَ الأندلس والصين ومجاهل إفريقيا...


بلادٌ بها الإسلامُ مَدَّ ظلالَه
وليس سوى الإسلام ظِلٌّ له مَدُّ[1]


يا للعجب! أي دوحة عظيمة هذه التي تنمو في أيام قلائلَ من عُمر الدنيا، فتَبسُط ظلالها الوارفة على أرجاء الأرض؛ حتى يَحجُب هذا الظلُّ عن الأرض نيرانَ كسرى، وتنطفئ تحت أوراقها الخضراء أضواءُ قيصر؟!!


كانت أمة الإسلام أُمَّةً منيعة شديدة الهيبة، يخشاها كلُّ ملوك الأرض وهي لم تَزَل فتيَّة شابة بنت قرن واحد، وما قرن في عمر الأمم؟! فسادت الأرضَ بالحق والعدل، عزيزة منيعة مستعصية على محاولات الإذلال والإضعاف قرونًا عديدة، حتى تغنَّى شاعرُنا[2] يومًا فقال:

ملكْنا هذه الدنيا قُرونا
وأخضَعَها جدودٌ خالِدونا
وسطَّرنا صحائفَ مِن ضياء
فما نسيَ الزمان ولا نسينا
وكُنا حين يأخُذُنا وليٌّ
بطُغيان ندوسُ له الجَبينا
تَفيضُ قلوبنا بالهَدْي بأسًا
فما نُغضي عن الظلم الجُفونا
بنَينا حِقبةً في الأرض مُلْكًا
يُدعِّمه شبابٌ طامِحونا
شبابٌ ذلَّلوا سُبل المعالي
وما عرَفوا سوى الإسلامِ دِينا
تعهَّدهم فأنبتَهم نباتًا
كريمًا طاب في الدنيا غُصونا
إذا شَهِدوا الوغى كانوا كُمَاةً
يَدكُّون المعاقل والحُصونا
شبابٌ لم تُحطِّمْه الليالي
ولم يُسلِمْ إلى الخَصم العَرينا
وإن جنَّ المساء فلا تراهُم
مِن الإشفاق إلا ساجِدينا
كذلك أخرج الإسلامُ قومي
شبابًا مُخلِصًا حرًّا أمينا
وعلَّمه الكرامةَ كيف تُبنى
فيأبى أن يُقيَّد أو يَهونا

 

أما بعد، فإنني ما طالعت فصلاً من فصول ماضي هذه الأمة العظيمة المشرِق الزاهر، إلا وتملَّكتني الدهشةُ، وأخذني العجب بكل أطرافه من كل منافذي، ثم أتملَّك أنا العجَبَ فليس لي دونه متنفَّس!


أي أمة هذه؟! وأي أناس كان أسلافنا مجدًا وحضارةً وسؤددًا وكفاحًا؟!


وأي بناء شامخ هذا البناء الذي أسَّسوا قواعدَه، ثم شادوه على أتمِّ الوجوه وأحسنها؟!


وأي لَبِنة هذه التي وُضِعت في أساسه فجعلته صلبًا قويًّا، لا يأبه بمصائب الدنيا؟ حتى إنني لأتخيَّله ينظر إلى كل حادثةٍ مهما بلغت عَظَمتُها وشِدَّتُها بعين المزدري لكل صغير حقير، وعين الواثق من نفسِه، المؤمن بوعد ربه، ليقول لها: "أنا هنا"، ثم يَلتفِت عنها مقهقهًا قهقهةَ العجَبِ والفخر في آنٍ!


إنها قصة أُمَّة عظيمة هي خير الأمم، قصة بناءٍ شامخ من خير ما عَرَف الزمانُ قوةً وعلوًّا، وإني لفي عجبٍ من أمر هذه الأمة وقصَّتها، وقد أشرت في هذا اللقاء إلى بداية بزوغ النور فيها، وسنُتابِع الإشارة إلى إشعاعات  هذا النور في اللقاء القادم إن شاء الله.



[1] من قصيد للشاعر أحمد نسيم، مطلعها:

قطر النوى هل وقفةٌ قبلما تعدو
نودِّع وفدًا ما لنا غيره وفْدُ

[2] هو الشاعر هاشم الرفاعي - رحمه الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة