• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رأس السنة الهجرية


علامة باركود

عبرة الهجرة

مصطفى لطفي المنفلوطي

المصدر: مؤلفات مصطفي لطفي المنفلوطي الكاملة الموضوعة ص 131 - 133.

تاريخ الإضافة: 22/6/2008 ميلادي - 18/6/1429 هجري

الزيارات: 55989

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
 
إنَّ أخلاق النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وسَجَاياه التي لا تشتمل على مثلها نفس بَشَريَّة ما يغنيه عن خارقة تأتيه منَ الأرض أو السَّمَاء، أو الماء، أو الهواء.

إنَّ ما كان يَبهر العرب مِن معجزات علمه، وحِلْمه، وصَبْره، واحتماله، وتَوَاضعه، وإِيثاره، وصِدْقه، وإِخْلاصه - أكثر ممَّا كان يبهرهم مِن معجزات تسبيح الحَصَى وانشقاق القَمَر، ومَشْي الشَّجر، ولين الحجر؛ وذلك لأنَّه ما كان يَريبهم في الأولى ما كان يريبهم في الأخرى مِنَ الشّبَه بينها وبين عرَافَة العَرَّافينَ، وكَهَانَة الكَهَنَة، وسِحْر السَّحَرَة، فَلَولا صفاته النَّفسيَّة، وغرائزه، وكَمَالاته ما نَهَضَت له الخَوَارق بكل ما يريده، ولا تركت له المعجزات في نفوس العَرَب ذلك الأثر الذي تَرَكَته؛ ذلك هو معنى قوله - تعالى - : {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

كان - صَلَّى الله عَلَيه وَسَلَّم - شُجاع القَلْب، فلم يهب أن يدعوَ إلى التَّوحيد قومًا مُشركينَ يعلم أنَّهم غِلاظ جفاة، شَرسون، متنمِّرون، يغضبون لدينهم غضبَهم لأعراضهم، ويُحبُّون آلِهَتهم حبَّهم لأبنائهم.
كان على ثقةٍ من نَجاح دَعْوَته، فكان يقول لقُريش - أشدَّ ما كانوا هزءًا به وسخرية -: ((يا مَعشَر قريش: والله لا يأتي عليكم غيْر قليل حتَّى تعرفوا ما تنكرونَ، وتُحبُّوا ما أنتم له كارهونَ)).

كان حليمًا سَمح الأخلاق؛ فلم يُزْعِجه أنْ كان قومه يؤذونه، ويزدرونه، ويشعثون[1] منه، ويضعون التُّراب على رأسه، ويُلْقُونَ على ظهره أمعاء الشَّاة، وسلى[2] الجَزور، وهو في صلاته؛ بل كان يقول: ((اللهُمَّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلَمونَ)).

كان واسعَ الأمل، كبير الهمَّة، صلب النَّفس، لبث في قومه ثلاث عشرة سنة؛ يدعو إلى الله فلا يلبي دعوته إلاَّ الرَّجل بعد الرَّجل، فلم يبلغ المَلَل من نفسه، ولم يخلص اليأس إلى قلبه، فكان يقول: ((والله لو وَضَعوا الشَّمس في يَميني، والقمرَ في شِمالي، على أن أتركَ هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك دونه فيه ما تركته)).

وما زالَ هذا شأنه حتَّى عَلمَ أنَّ مَكَّة لن تكونَ مبعث الدَّعوة، ولا مطلع تلك الشمس المشرقَة، فهَاجَرَ إلى المدينة؛ فانتَقَلَ الإسلام بانتقاله منَ السُّكون إلى الحَرَكَة، ومن طَور الخفاء إلى طَور الظُّهور؛ لذلك كانت الهجرة مبدأ تاريخ الإسلام؛ لأنَّها أكبر مظهر من مَظَاهره.

لقد لَقيَ - صلَّى الله عليه وسَلَّم - في هجرته عناءً كثيرًا، وَمَشَقَّةً عظمى؛ فإن قومه كانوا يكرهون مهاجرته لا ضِنًّا به؛ بلْ مَخَافة أن يَجدَ في دار هِجْرته منَ الأعوان والأنصار ما لم يَجِد بينهم، كأنَّما يشعرون بأنَّه طَالب حق، وأنَّ طالب الحق لا بدَّ أن يجدَ بين المحقينَ أعوانًا وأنصارًا، فوَضَعوا عليه العيون والجواسيس؛ فخَرَجَ من بينهم ليلة الهجرة متَنَكِّرًا بعد ما ترك في فراشه ابن عمه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عبثًا بهم، وتضليلاً لهم عنِ اللحاق به.

ومشى هو وصاحبه أبو بكر - رضي الله عنه - يَتَسَلَّقان الصخور، وَيَتَسَرَّبان في الأغوار والكهوف، ويلوذان بأكناف الشعاب والهِضاب حتَّى انقَطَعَ عنهما، وتَمَّ لهما ما أرادَ بفَضل الصَّبر والثَّبات على الحق.
إنَّ حياة النَّبي - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم - أعظم مثال يجب أن يحتذيَه المسلمونَ للوصول إلى التَّخَلُّق بأشرف الأخلاق، والتَّحَلِّي بأكرم الخصال، وأحسن مدرسة يجب أن يَتَعَلَّموا فيها كيف يكون الصِّدق في القول، والإخلاص في العمل، والثَّبات على الرَّأي - وسيلة إلى النَّجاح، وكيف يكون الجِهاد في سبيل الحق سببًا في عُلُوِّه على الباطل.
لا حاجَةَ لنا بتاريخ حياة فلاسفة اليونان، وحكماء الرُّومان، وعلماء الإفرنج؛ فلَدَينَا في تاريخنا حياة شريفة مملوءةٌ بالجد والعمل، والبر والثَّبات، والحب والرَّحمة، والحكمة والسِّياسة، والشَّرَف الحقيقي، والإنسانيَّة الكاملة، وهي حياة نَبينا - صلى الله عليه وسلم - وحسبنا بها وكَفَى.


[1]   يقال شعث فلان من فلان: تنقصه.
[2]  السلى للدواب بمنزلة المشيمة للإنسان. 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة