• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رأس السنة الهجرية


علامة باركود

تأملات في القرار العمري العبقري

د. بسيوني نحيلة


تاريخ الإضافة: 28/9/2017 ميلادي - 8/1/1439 هجري

الزيارات: 5966

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تأملات في القرار العمَري العبقري


لقد كان الخليفة الفاروق عمرُ رضي الله عنه موفَّقًا عندما اتخذ قراره الحضاريَّ بجعلِ حدثِ الهجرة النبوية بدايةً للتأريخ السنويِّ المعتمَد في دولة الإسلام الراشدة؛ فبفضل هذا القرار النيِّر أصبحت الهجرة النبوية الحدثَ النبويَّ الأشهر بين المسلمين على مدار التاريخ، والأكثر بقاءً في ذاكرتهم مع مرور السنين، وعند تأمُّل هذا القرار العُمَريِّ الصائب وتحليله، نجد أننا أمام قائدٍ حكيمٍ مُلْهَم، يفهم رسالته، ويدرك مقاصدها، ويتخذ قراراتِه تلبيةً لحاجة أمَّتِه الحاضرة، مع استشراف مصلحتها المستقبلية في إرشاد الأجيال المتعاقبة نحو المعاني الأصيلة التي تحفظ كيان الأمة وتصونها من الانحراف والتردِّي، يظهر ذلك من بيان بعض الحيثيات التي يمكن استخلاصها من هذا القرار الخالد، ونكتفي هنا بذكر أمرين:

• (الهجرةُ صناعةُ أُمَّةٍ): إن تخليد حدث الهجرة، وجعله محطةً سنويةً لبداية العام الإسلاميِّ ونهايته - يمثِّل تكريمًا وتخليدًا لحدثٍ عظيم صنعته الأمةُ بجميع شرائحها وأفرادها؛ بدايةً من القيادة المتمثِّلة في الرسول صلى الله عليه وسلم ووزيره المقرَّب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومرورًا بالرجال والنساء، الأغنياء والفقراء، الضعفاء والأقوياء، وانتهاءً بالصبية والأطفال... لقد تحرَّك الجميع في تضحيةٍ فريدةٍ؛ استجابةً لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة المجتمع المسلم الذي سيصبح الدعامةَ الأساسية لإنشاء دولة الإسلام الأُولى بالمدينة المنورة؛ لنشر العدل والحرية والسلام في ربوع الأرض، وكأن الخليفة الملهَمَ عمرَ يريد أن يلفت انتباه الأجيال المتعاقبة إلى أنَّ أَوْلى ما يجب تخليدُه في ذاكرة التاريخ هو جهاد الأُمَّةِ وتضحياتها، وأهم ما يَحتفي به الأجيال هو المنجزات الجماعية التي قام بها الآباء، وليس جهود الأفراد ومنجزاتهم الفردية، حتى وإن كانت لقيادات وزعامات، لقد ظهر هذا المعنى العميق جليًّا عندما لم يأخذ عمر رضي الله عنه بمقترح بعض الصحابة في اتخاذ يوم مولد النبيِّ صلى الله عليه وسلم بدايةً للتأريخ أو يوم مبعثه؛ ذلك أن هذين الحدثين - مع عظمة مكانتهما، وعظيم أثرهما - لا يزالان يمثِّلان شخص النبي صلى الله عليه وسلم وحده، أما حدث الهجرة، فهو يُبْرِز أثر مولدِه على البشرية في هذه الرحمة التي هي للعالَمين، ويؤكِّد على ثمار بعثته في هذه الأمة التي خيرها للناس، كما أنه يحتفي بأعظم منتجات رسالته الخالدة، في تأسيس المجتمع الفاضل، وإقامة الدولة العادلة، لقد ذُكر أمام الفاروق رضي الله عنه في هذا المجلس الاستشاريِّ نفسِه أن التاريخ الفارسيَّ يؤرَّخ له مع تولية كل ملِك جديد، والروم يؤرِّخون من مولد الإسكندر، فزاده ذلك إصرارًا على أن يكون قراره مميزًا وشامةً وضَّاءةً للأمة دون تبعية أو تقليد، كما أراده أن يكون مَعْلمًا حضاريًّا تلتفُّ حوله الأمة في كل عام، فتُقيِّم أداءها الجماعيَّ في خدمة الرسالة وتحقيق نهضتها، والدفاع عن أتباعها والزود عن أوطانها؛ وذلك على معيار إنجازات الهجرة التي قامت بها الأمة في جيلها الربانيِّ الأول.

 

ولا أظن مطلقًا أن الخليفة العادل أراد بقراره هذا أن تستقبل الأمة - الغافلة عن رسالتها، الحائرة في خلافاتها، الممزَّقة على موائد أعدائها، الغارقة في دماء أبنائها - عامها الهجريَّ في كل عام بالاحتفالات الليلية، والموائد النهارية المحفوفة بالأطعمة وصنوف الحلوى، ولا بإلقاء الخطب الرنَّانة، وإنشاد الأشعار والابتهالات الطنانة!

 

لا بد من وجود الأمَّة الحيَّة اليقظة؛ حتى يكون الاحتفال بالهجرة، فإن كانت الأُمَّة ثَكلى بجراحها، هامدةً خاملة في مخطَّطات أعدائها، فلتكن الهجرة في كل عام طاقةً حيَّة لانبعاثها، وروحًا نابضةً لإحيائها، ومقومًا دافعًا لانطلاقها، وموردًا متدفِّقًا لعزِّها وفخارها.

 

• (الهجرةُ فارقةٌ بين الحق والباطل): ذكر الخليفة عمرُ رضي الله عنه صراحةً حيثيةً هامة عند قراره في اتخاذ حدث الهجرة بداية للتاريخ، فقال: "بل نؤرِّخ بالهجرة؛ فإن الهجرة فرق بين الحقِّ والباطل" (ابن الأثير، الكامل في التاريخ)، وكأن الخليفة المُلْهَم يريد أن يلفت انتباه الأمة من خلال أجيالها المتعاقبة إلى الدرس الأعظم في هذه الهجرة، وهو حتمية الصراع بين الحقِّ والباطل، وضرورة التدافع بينهما؛ حتى يأتي يومٌ يَمِيزُ الله فيه الخبيث من الطيب، ويجعل الخبيث بعضه على بعضٍ.

 

• لقد كانت الهجرة النبويَّة مرحلةً فاصلةً بين الحق والباطل، فبعد ثلاثة عشر عامًا من انتفاش (الباطل) زورًا وبهتانًا، واستعلائه على أتباع الحقِّ ظلمًا وطغيانًا، تحوَّل (الحق) إلى وطن منيف أليف، بَان الحق فيه وظهر، فدخل الناس في دين الله أفواجًا، وقد كانت الدعوة قبل ذلك تتوارى في جُنْح الظلام، ويتسلَّل دعاتها تسلُّل القَطَا من أجل تبليغ الحقِّ والتعريف به، لقد تحوَّل المسلمون من طائفةٍ مضطهَدة مستضعَفة، استُبيحت دماؤها، وأُخرِجت من أوطانها، إلى أمَّةٍ فتيَّة تمتلك سيادتها، وتقود دولتها بدينها تحت إمرة رسولها، لقد كانت الهجرة انتقالًا بالحقِّ مِن نصرٍ إلى نصر، ومن تمكينٍ إلى تمكين، فقلَبَت موازينَ القوى، وبعثرت حسابات البشر، وغيَّرت مواقع الأوفياء الأتقياء؛ يقول تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26].

 

لقد كان شرف الانتماء إلى الهجرة مرهونًا بتحقُّق شرطها الأكبر، وهو مفاصلة أهل الباطل، وإعلان مقاطعتهم، والتبرؤ من أفعالهم، مع الانتماء الصريح إلى الحقِّ وأهله، والزودِ عن حياضهم، في مفارقةٍ حاسمة لا تسمح بالمداهنة ولا المواربة؛ ولهذا لم يسوِّ الإسلام - بعد الإذن بالهجرة - بين مؤمن هاجَرَ إلى معسكر الحقِّ بالمدينة ومؤمنٍ لم يهاجِر؛ يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾ [الأنفال: 72]، بل أوجب الإسلام يومها على المرأة المسلمة أن تفاصل زوجها الذي لم يُسْلِم، وأن تُهرع إلى الحق في المجتمع الأول بالمدينة المنوَّرة، وكانت مفارقة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم العاصيَ بنَ الربيع، مِن أبرز أنواع المفارقة بالهجرة من أجل الحقِّ.

 

لقد أدرَك الخليفة أن الأمةَ على مدار تاريخها ستحتاج إلى هذا النوع من الهجرة ما بقيت ممسكةً بالحق مدافعةً عنه؛ ذلك أن الباطل لن ينفكَّ عن مجابهتها؛ ليطفئ نورَ الله فيها، وليطمس معالمَ الهداية في أرجائها، فلتكن الهجرةُ هي البريقَ الذي يضيء طريقها نحو الحقِّ الأبلج دون مساومة أو ملاينة، ولتكن الأمة في ثباتها وتجرُّدها، وفي إخلاصها وتضحياتها، وفي تخطيطها وعملها - القذيفةَ الربانية التي يفرِّق الله بها دومًا بين الحقِّ والباطل، حتى يتم وعد الله؛ يقول تعالى: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة