• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أحلام على الرصيف (قصة قصيرة)

أحلام على الرصيف (قصة قصيرة)
د. محمد زكي عيادة


تاريخ الإضافة: 21/6/2025 ميلادي - 25/12/1446 هجري

الزيارات: 773

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(أحلامٌ على الرَّصيف)

 

في ذلك الزُّقاق الهَرِم كانت ثمَّة حياة أخرى، رائحة العَوز تفوح من ملامح البشر وزوايا المكان!


يخرج قاسم باكرًا، يمشي مسافة طويلة حتى يصل إلى المدينة؛ حيث صخب الحياة، وضجيج السَّيارات، ورائحة اللحم المشوي.


يتناول الصندوق الخشبيَّ من يد صاحب المحلِّ، يُرتِّب ما فيه من خواتم وسبْحات ملوَّنة، ثم يُعلِّقه في عنقه الأسمر الذي خطَّ فيه الحبل أثرًا داكنًا لا يفارقه.


يمضي قاسم في شوارع المدينة بصندوقه المزركش وصوته النَّدي، يلتقط رزقه من المارَّة، دائم التنقُّل؛ فدوريات الشُّرطة لا تفتأ تجوب شوارع المدينة.


في ذلك الصّباح كان خوفه يتعاظم مع كلّ خطوةٍ؛ فقد اعترضه في الطّريق شِجارٌ عنيفٌ بين فتيَين يتنازعان الرّصيف لبسط كُتبهما، وقد احتشد المارّة يتفرّجون بشغفٍ حتى قدِمت الشّرطة، فاعتقلتهما وصادرت الكتب. ولم يكد يبتعد خطوات قليلة حتى شُلَّت الحركة من جديدٍ؛ إذ اندفع موكب أحد المسؤولين يجتاح الشّارع، أولئك الذين لا يطيقون رؤية النّاس في الشّارع.


وأخيرًا، وصل قاسم، حمل صندوقه وخرج مسرعًا هربًا من اللَّوم والتقريع، وقصد زاويته، كان أوّلَ الواصلين من الباعة، ثبَّت قدميه على الأرض، رفع الصندوق قليلًا ليغيِّر مكان مرور الحبل حول عنقه، شرع يُنادي: "مَسابح بهيَّة، خواتم سحريَّة، هدايا للأحبَّة...".


وبينما تستجدي عيناه المارّة، توقّف أمامه ظِلّ أنيق، رفعت المرأة رأسها بوقار، أرسلت نظرها تتأمّل هيئته:

• ما اسمك يا صغيري؟

• قاسم، سيِّدتي.

• وكم عمرك يا قاسم؟

• عشر سنوات.


تناولت قلمًا من حقيبتها الجلديَّة، خطّت كلماتٍ على ورقة صغيرة، ثم ناولته إياها ومضت.


"ليتني أعرف القراءة" تمتم قاسم في سِرِّه، ألقى الورقة في الصندوق، ثم ترك المكان قاصدًا زاويةً أخرى لعلَّها تكون أوفر حظًّا!


شرع يُعدِّل الصندوق وهو يقول في نفسه: "ليتها أعطتني شيئًا من المال بدل هذه الورقة البالية!"


وفي آخر النهار، سلّم الصّندوق والغلَّة لصاحب المحلّ، الذي بالكاد أعاد له شيئًا من المال على مضض.


في الصّباح التّالي، هَمَّ بحمل الصندوق فإذا بصوت صاحب المحلّ، كان مدويًّا:

• توقَّف يا ولد، أريدك في أمر.

• حاضر سيِّدي!

• ما شأنُ هذه الورقة؟

• أعطتني إيّاها سيّدة أمس.


سيّدة؟ ومن أين تعرفها؟ بحسب الأخبار هي رئيسة الحكومة! لقد كتبت لك:

• "تسلَّمت منصبي أمس، وأعدك أن أُخلّصك من هذا الصّندوق قريبًا".


• تبسَّم قاسم: اطمئن سيِّدي، نحن لا نعرف أناسًا بهذه الصِّفات.


لمعت عيناه وهو يهمس في نفسه: ستخلِّصني من الصُّندوق! أخشى أن تجرّني معه إلى السجن!


عاد قاسم إلى بيته فرحًا؛ فما يحمله بين يديه أنساه عناء النهار: دواء يخفّف وجع أمّه، وقطعة حلوى تبهج قلب أخته الصغرى. وما إن دخل حتى اندفعت أمّه نحوه، تضمّه بحرارة إلى صدرها كما يلفّ الغطاء الدافئ جسد طفلٍ في ليلةٍ باردةٍ، كأنها تعيد الحياة إلى قلبها، وهمست:

"حمدًا لله على سلامتك بنيَّ، سامحنا على تعبك".


ثم راح قاسم يتفقّد المكان، ويُهيئ الفانوس قبل أن يحلّ الظّلام. فإذا بصوتها الدافئ يتناهى إلى سمعه:

"لا تحزن بُني، إن رأوك الشَّخص الأخير، فأنت في هذا البيت الرجلُ الأوّل".


ازداد نور تلك الليلة، غفا قاسم وعيناه الواسعتان تلاعبان ضوء النُّجوم وهي تتسلّل من ثقوب الخيمة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة