• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي رحمه الله الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي شعار موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي / مقالات


علامة باركود

كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن

كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن
الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي

المصدر: البُرْهَانُ فِي حَقِيقَةِ حُبِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ لِلقُرْآنِ (بحث محكم) (PDF)

تاريخ الإضافة: 2/9/2025 ميلادي - 10/3/1447 هجري

الزيارات: 252

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كان – صلى الله عليه وسلم – خلقه القرآن

 

لقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- من أحسن الناس خلقًا، وألينهم عريكةً، وأكرمهم على الله وأتقاهم له - سبحانه - قال الله تعالى مادحًا وواصفًا ما جمع له من محاسن الأخلاق، وكريم السجايا وحسن الطباع في قوله - سبحانه -: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، والمعنى في قوله سبحانه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾: هكذا جاء وصَفُ اللهِ - تعالى- في محكم كتابه لخلق نبيه - صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه عَظِيم، والمُراد بذلك أن محمدًا - عليه الصلاة والسلام - قد تأدَّب بآداب الإسلام التي تَمثَّلت جميعها بالقرآن الكريم، وقيل: إن الخُلق العظيم الذي كان عليه رسول الله هو الإحسان إلى الناس[1]، والسعي إلى قضاء حوائجهم، والتَّعامل معهم برفقٍ ولين، ولُقياهم بطلاقة الوجه[2].

 

وقال قتادة: إن النبي - عليه الصَّلاة والسَّلام - كان يفعل كلَّ ما أمر الله تعالى به، ويبتعد عمَّا نهاه عنه، وقيل لأنَّه امتثل قول الله تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وقد حقَّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغاية التي بعثه الله بها، وقال - عليه الصلاة والسلام -: (إِنَّما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صالِحَ الأَخْلاقِ)[3] ، وكان - عليه السّلام - يقول: (ما شيءٌ أثقلُ في ميزانِ المؤمِنِ يومَ القيامةِ مِن خُلُقٍ حسَنٍ، فإنَّ اللَّهَ تعالى ليُبغِضُ الفاحشَ البَذيءَ)[4]، [5].

 

من أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -:

لقد وصفه الله تعالى باللين والرِّفق، والخُلق الحَسن؛ حيث تَخلَّق بأخلاق القرآن الكريم.

 

وقد ثبت عن عائشة أم المؤمنين (ت: 58هـ) - رضي الله عنها - في وصف خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل في قصة سعد بن هشام بن عامر حين قدِم المدينة، وقد أتى عائشة - رضي الله عنها - يسألها عن بعض المسائل، فقال: فَقُلتُ: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ، أَنبئِينِي عَن خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَت: أَلَستَ تَقرَأُ القُرآنَ؟ قُلتُ: بَلَى، قَالَت: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ القُرآنَ؛ قَالَ: فَهَمَمْتُ أَن أَقُومَ وَلَا أَسأَلَ أَحَدًا عَن شَيْءٍ حَتَّى أَمُوت............. [6].

 

وفي رواية أخرى قُلتُ: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ، حَدِّثِينِي عَن خُلُقِ رَسُولِ - اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - قَالَت: يَا بُنَيَّ أَمَا تَقرَأُ القُرآنَ؟ قَالَ اللَّهُ: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾[القلم: 4]، خُلُقُ مُحَمَّدٍ القُرآنُ [7].

 

وفي رواية عنها - رضيَ الله عنها - قالت: (كان خُلُقُه القُرآنَ)[8].


قال النووي (ت: 676هـ) - رحمه الله -: معناه: العمل به، والوقوف عند حدوده، والتأدب بآدابه، والاعتبار بأمثاله وقصصه، وتدبُّره، وحُسن تلاوته[9].

 

يعني أنه كان يتأدَّب بآدابه ويتخلَّق بأخلاقه، فما مدحه القرآن كان فيه رضاه، وما ذمَّه القرآن كان فيه سخطه، وجاء في رواية عنها قالت: كَانَ خُلُقُهُ القُرآنُ، يَرضَى لِرِضَاه، وَيَسخَطُ لِسَخَطِهِ [10].


وقال المُناوي (ت: 1031هـ) - رحمه الله -: " أي ما دل عليه القرآن من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده إلى غير ذلك.
وقال القاضي: أي خلقه كان جميع ما حصل في القرآن، فإنَّ كُلَّ ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه، فقد تحَلَّى به، وكل ما استهجنه ونهى عنه تَجَنَّبَه وتَخَلَّى عنه، فكان القرآن بيان خلقه.........[11].

 

ومن جملة أخلاقه الكريم وجميل سجياه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان:

1- يكره الكذب ومساوئ الأخلاق:

لقد كان - صلى الله عليه وسلم - يَكره الكذب، وكان ذلك أكثر خلق يكرهه، يتجنَّب اللعن والسب والفاحش من القول، والدعاء على الكافرين، فعن أنس بن مالك - رضيَ الله عنه - قال: (لَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا، ولَا لَعَّانًا، ولَا سَبَّابًا) [12].

 

2- يُحب التفاؤل ويَكره التشاؤم، ويحب العفو والصفح:

يُحب الاسم ذا المعنى الجميل، ويُحب التفاؤل ويَكره التشاؤم؛ أرسله الله شاهدًا ومبشِّرًا ونذيرًا، عفوًّا يَصفح عمن أساء إليه، إلا إن كان في ذلك انتهاك لحُرمات الله تعالى.

 

يُحبُّ اليسير من الأمور، ويختاره على العسير ما لم يكن فيه وقوع في المعصية، فعن عائشة أمِّ المؤمنين - رضيَ الله عنها - قالت: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بيْنَ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُما أَيْسَرُ مِنَ الآخَرِ، إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا، كانَ أَبْعَدَ النَّاسِ منه)[13].

 

3- يَرفق بالخدم:

يَرفق بالخدم، ولا يعيب عليهم فعلَهم، فعن أَنَس بن مالك - رضيَ الله عنه - قال: (وَاللَّهِ لقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ، ما عَلِمْتُهُ قالَ لِشيءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ أَوْ لِشيءٍ تَرَكْتُهُ: هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا)[14].

 

4- يقضي حوائج السائلين:

يَقضي حوائج سائليه، ويُشعِر كل جليس أنه الأقرب إليه والأعز عليه، ويعز عليه دخول المشقة على أحد من المؤمنين وحصول المكروه والأذى لأي منهم؛ كما وصفه الله بقوله: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

 

5- كريمًا جوادًا سخيًّا:

وكان مع جوده وكرمه وسخائه يَهتم بأَمْرِ الدَّينِ وأدائِه، ويرغِّبُ في الصَّدَقةِ، ويحثُّ عليها ويرغب فيها، ويجلي هذه المعاني والأخلاق الكريمة قوله - صلى اله عليه وسلم-: (لَوْ كانَ لي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا ما يَسُرُّنِي ألا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاثٌ، وعِندِي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ) [15].

 

6- أشَدَّ حَياءً مِن العَذْراءِ في خِدْرِها:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ الناس حياءً من العذراء في خدرها، قال أبو سعيد الخدري ( ت: 74هـ) - رضي الله عنه -: (كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أشَدَّ حَياءً مِن العَذْراءِ في خِدْرِها) [16].

 

ومما يُجلي خُلق الحياء عنده - صلى الله عليه وسلم - ما ورد عن عائشة أم المؤمنين (ت: 58هـ) - رضي الله عنها - أنَّ امرأة سألت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن غسلها مِن المحيض، فأمرها كيف تغتسل، ثمَّ قال: خذي فرصة مِن مسك فتطهَّري بها، قالت: كيف أتطهر بها؟ قالت: فستر وجهه بطرف ثوبه، وقال: سبحان الله، تطهَّري بها، قالت عائشة: فاجتذبت المرأة فقلت: تتبَّعي بها أثر الدم [17].

7- يأمر بإفشاء السلام ويبدأ به:

كان مِنْ هَدْيِهِ - صلى الله عليه وسلم - السلامُ عند المجيء إلى القوم، والسلامُ عند الانصراف عنهم، وأَمَرَ بإفشاءِ السلام، وكان يبدأُ مَنْ لَقِيهُ بالسلامِ، وإذا سَلَّم عليه أحدٌ رَدَّ عليه مِثلَها أو أحسنَ على الفورِ إلا لعذرٍ؛ مثل: الصلاةِ أو قضاءِ الحاجةِ، وكان يُحَمِّل السلامَ للغائبِ ويتحمَّلُ السلامَ، وإذا بَلَّغَهُ أحدٌ السلام عن غيره أن يَرُدَّ عليه: وعلى المبَلِّغ [18].


8- يحرص على توزيع الغنائم في وقتها:

وكان يحرص على توزيع الغنائم في ذات اليوم الذي يحصل عليها [19].

 

9- كان رحيمًا متواضعًا زاهدًا:

كان أرحم الناس بجميع الخلق، وخاصة الصِّبيان منهم؛ يُجيب دعوة من دعاه، ويتفقَّد المسلمين بنفسه، ويُصلح ما تلف من ثيابه، وما ذلك إلا دليلًا على تواضُعه، يَزهد في الدنيا، فلا يُخبِّئ للغد، وكان ينام وأهله الليالي العديدة دون طعام أو حتى تمرٍ يملأ به بطنه، وكان أكثر خبزهم من الشعير [20]، ويأكل ما قُدِّم له من الطّعام دون أن يَعيبه إن رأى فيه عيبًا[21]، يخدم نفسه بنفسه، ويساعد أهل بيته في أعمال البيت، ويشارك أصحابه في الأعمال الموكَّلة إليهم.

 

يَستمع لمن يَتكلَّم إليه دون أن يقاطعه، ويشارك صحابته في حديثهم ومجالسهم، وإذا دخل الغريب عليه مع صحابته لم يُميِّزه عنهم، فعن أبي هريرة (ت: 57هـ) - رضي الله عنه - قال: كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْلِسُ بينَ ظهرَيْ أصحابِه، فيجيءُ الغريبُ، فلا يدري أيُّهم هو، حتى يسألَ، فطلَبْنا إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن نَجْعَلَ له مجلسًا يَعْرِفُه الغريبُ إذا أتاه [22]، وكان يلبس البسيط من الثياب، ويَحرص على نظافة ثوبه وأسنانه، وكان يحرص على استخدام السواك.

 

10- يعدل في حكمه بين الناس:

يعدل في كلِّ ما يقع تحت حُكمه، فلا ينظر في ذلك إلى مسلم أو كافر، وكان خير مَن طبَّق كلام الله - تعالى - في قوله - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8][23].

 

11- يكرم أضيافه ويوقِّر الصغير والكبير:

يُكرم من يأتيه ضيفًا، ويقوم بخدمة ضيوفه بنفسه، وإن كان بيته لا يتَّسع لمن جاءه ضيفًا، يقوم بتوزيع ضيوفه على صحابته الذين يَعلم أنهم سيُكرمونهم، يَحترم الصِّغار والكبار، وكلَّما دخلت عليه أمَّه أو أخته من الرَّضاعة، قام احترامًا لها، وبسط لها ثوبه لتجلس عليه [24].

 

12- عظيم التوكل على الله آخذًا بالأسباب:

يأخذ بالأسباب ثم يتوكل على الله - تعالى - ولم تفتر هِمَّته أو تَضعُف عزيمته ذات يوم، وكان - عليه الصلاة والسّلام - يشعُّ قلبه بالإيمان الراسخ [25].


ولكريم أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - وجميل سجاياه، فقد نال أعظم وأجل التزكيات من ربه جل في علاه:

1- لقد زكَّى الله عقله، فقال سبحانه: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2].

 

2- وزكَّى لسانه وشرعه، فقال سبحانه: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4].

 

3- وزكَّى معلِّمه، فقال سبحانه: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5].

 

4- وزكَّى قلبه، فقال سبحانه: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11].

 

5- وزكَّى شرحه لصدره، فقال سبحانه: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1].

 

6- وزكَّى تطهيره إياه، فقال سبحانه: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ﴾ [الشرح: 2].

 

7- وزكَّاه بإعلاء ذكره، فقال سبحانه: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4].

 

8- وزكَّى بصره، فقال سبحانه: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17].

 

9- وزكَّى حلمه، فقال سبحانه: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

 

10- وزكَّى أخلاقه كلها، فقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

 

وفي خاتمة الكلام عن خلقه - صلى الله عليه وسلم - نقول: لقد شهد الله في كتابه المجيد لخير خَلْقه وخاتم أنبيائه ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بمحاسن الأخلاق، ونفى عنه سيئ الصفات، وزكَّى أخلاقه كلها، وأمر عباده المؤمنين التأسي به في كل ما جاء به عن رب العالمين، فأمرهم بالتأسي به في: عقيدته، وعبادته، وكريم خلقه ومحاسن صفاته، وفي معاملاته مع أصحابه وأعدائه، وفي كل ما يرد عنه في عموم أقواله وأفعاله، فقال سبحانه: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].

 

قال ابن كثير (ت: 774هـ) - رحمه الله -: هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله وأحواله [26].

 

ففي هذه الآية شهادة من الله تعالى لمكارم أخلاق النبيِّ الكريم - صلى الله عليه وسلم - والإشادة بها، وبيان رِفعة منزلته وعُلو قدره - صلى الله عليه وسلم - ولذا فقد اصطفاه ربُّه ليكون للعالمين نذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ كما قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46]، وقد ختم الله بنبوته النبوات، وبرسالته الرسالات، وبشريعته نُسخت كلُّ الشرائع السماوية، وأنزل عليه كتابًا وجعله مهيمنًا وناسخًا وحاكمًا على كل كتاب قبله، وجعله قدوة وأسوة للناس كافة، وجعل بَعثته رحمة للعالمين، وبعثه لإتمام مكارم ومحاسن وصالح الأخلاق.

 

- واعلَم أن مفتاح دار السعادة في اتباع السنة، والاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم[27].

 

- وأن المتأسي به - صلى الله عليه وسلم - سالك الطريق الموصل إلى كرامة الله، وهو الصراط المستقيم [28]، والمؤتسي به عليه الصلاة والسلام محسنٌ مأجور[29].

 

لذا فإنه يجب على كل مكلف الاقتداء والتأسي به - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأن الاقتداء أساس الاهتداء؛ كما قال ربُّ الأرض والسماء: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54].



[1] تفسير القرآن، لمنصور السمعاني: (6/ 18). دار الوطن، الرياض، (الطبعة الأولى) (1997م). بتصرّف.

[2]ا لهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه: مكّي بن أبي طالب: (12/ 619-620)، الناشر: جامعة الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، (الطبعة الأولى) (2008م)؛ بتصرُّف.

[3] صحيح الجامع للألباني: ( 2349).

[4] أخرجه أبو داود: (4799)، وأحمد: (27517) مختصرًا، والترمذي: (2002) باختلاف يسير، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي: (2002).

[5] تفسير القرطبي: (18/ 227-228).

[6] رواه مسلم: (746).

[7] أخرجها أبو يعلى (8/ 275) بإسناد صحيح .

[8] رواه مسلم: (746).

[9] شرح مسلم: (3/ 268).

[10] جامع العلوم والحكم: (1/ 148).

[11] فيض القدير: (5/ 170).

[12] صحيح البخاري: (6046).

[13] صحيح مسلم: (2327).

[14] رواه مسلم: (2309).

[15] رواه البخاري: (2389).

[16]- رواه البخاري: (3562).

[17] - رواه البخاري: (314).

[18] زاد المعاد: (2/ 371).

[19] النبي صلّى الله عليه وسلّم كأنك تراه: (ص: 11)، القسم العلمي بمدار الوطن، الرياض. بتصرف.

[20] نفس المرجع السابق: (ص: 9، وما بعدها).

[21] حياة محمد ورسالته محمد القادياني: (ص: 265، وما بعدها)، بيروت: دار العلم، (الطبعة الثانية)، (1390هـ)؛ بتصرُّف.

[22] صححه الألباني في: صحيح أبي داود: (4698).

[23] حياة محمد ورسالته محمد القادياني: نفس المرجع.

[24] نفس المرجع السابق.

[25] وإنك لعلى خلق عظيم، فادي كهادر، عن موقع: موضوع، بتاريخ: 28/ 3/ 2021م؛ بتصرف.

[26] تفسير ابن كثير: (3/ 457).

[27] المدخل لابن الحاج: (1/ 143).

[28] تفسير ابن سعدي: (ص: 660 ).

[29] الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم: (2/ 147).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة