• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

سورة ق في خطبة الجمعة وأبرز سننها الكونية والشرعية (خطبة)

سورة ق في خطبة الجمعة وأبرز سننها الكونية والشرعية (خطبة)
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 27/10/2025 ميلادي - 6/5/1447 هجري

الزيارات: 329

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة ق في خطبة الجمعة وأبرز سننها الكونية والشرعية

 

الحمد لله الذي أنزل القرآن المجيد لتذكير عباده بالبعث والوعيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله.. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين...

أيها الإخوة: عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: "ما حفظت (ق) إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخطب بها كل جمعة"[1].

 

وقد أخذ بعض أهل العلم من هذا الحديث استحباب قراءة سورة: (ق) أو بعضها كل جمعة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال النووي في شرح صحيح مسلم: "قال العلماء سبب اختيار (ق) أنها مشتملة على البعث، والموت، والمواعظ الشديدة، والزواجر الأكيدة، وفيه دليل للقراءة في الخطبة ـ كما سبق ـ وفيه استحباب قراءة: ق ـ أو بعضها في كل خطبة".[2]

 

وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود عند قول أم هشام: (يخطب بها كل جمعة) نقل أبو الطيب آبادي عن الطيبي قوله: "إن المراد أول السورة لا جميعها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقرأ جميعها في الخطبة، وقال القاري: وفيه أنه لم يحفظ أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ أولها في كل جمعة، وإلا لكانت قراءتها واجبة أو سنة مؤكدة، بل الظاهر أنه كان يقرأ في كل جمعة بعضها، فحفظت الكل في الكل".[3]

 

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "كيف تكون الخطبة بسورة: ق؟ هل تقرأ أم يُفَسَّر معناها؟ فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بسورة (ق) وكان يقول في خطبته: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وهذا يدل على أنه لا يقتصر على السورة فقط، وأنه يذكر معها أشياء".[4]

 

وقد ذكر بعض المعاصرين من أعل العلم أن سورة ق تقرأ في الصلاة لا في الخطبة وهذه تحتاج إلى مزيد بحث ونظر..

 

وبناء على ما سبق أيها الإخوة، فالثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ سورة(ق) كلها أو بعضها في الجُمع، وأنّ فوائدها وتفسيرها وعبرها مقصودة أيضاً في خطب الجمعة.

 

فسورة (ق) من أعظم السور التي تهزّ القلوب وتوقظ العقول، افتتحها الله بالقَسَم بالقرآن المجيد لتشهد على صدق الرسالة وعظمة الوحي، فهي مرآة تجمع بين آيات الخلق والمصير وسنن الله في الكون والإنسان والإيمان والتكذيب، حتى كأنها تصور رحلة الإنسان من أول نظرةٍ في الدنيا إلى آخر وقفةٍ بين يدي الرحمن.

 

تبدأ السورة بإثبات البعث والنشور، فيقول تعالى: ﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾ [ق: 4]، وهذه آيةٌ تُجلي سنةً كونية عظيمة، وهي أن الله يحفظ ذرات الإنسان بعد موته ويعلم ما تأكل الأرض منه، فيقدر على جمعها يوم القيامة. فالموت ليس نهاية المطاف، بل بابٌ لحياةٍ أخرى، كما أن الأرض التي يراها الناس ميتة، يحييها الله بالماء، فيقول سبحانه: ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾ [ق: 9].


إنها سنةُ تَعاقُب الحياة والموت، تتكرر في كل فصلٍ ومطر، تُذكّر الإنسان بأن القلوب القاسية يمكن أن تعود خضراء بالإيمان كما تعود الأرض بعد جدبها.

 

ثم تبرز السورة سنةً كونية أخرى وهي سنة الإحاطة والمراقبة، حيث يقول جل جلاله: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]، فلا شيء يخفى على الله، لا خاطرٌ ولا نية، فكل ما في القلب واللسان محصيٌّ في كتابٍ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً. إنها سنة المراقبة الإلهية التي تردّ الإنسان عن الظلم، وتدعوه إلى الصدق والإخلاص، وتجعله يعيش تحت عين الله في كل لحظةٍ من حياته.

 

ثم تتجلى سنة الجزاء والمصير في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ [ق: 30] إنه مشهد يبعث الرهبة في النفوس ويذكّر بعدل الله الذي لا يظلم أحدًا، فكما أن الكون قائمٌ على نظامٍ دقيق لا يختل، فإن الآخرة قائمةٌ على ميزانٍ لا يحيف. كل نفسٍ تُجازى بعملها، وكل قلبٍ يلقى مصيره بما قدمت يداه.

 

وفي ثنايا هذه السنن الكونية، تسطع السنن الشرعية التي تهدي الإنسان إلى الطريق المستقيم. يقول الله تعالى: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، فتأمر الآية بجعل القرآن محور الموعظة والتعليم، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يخطب بسورة قٓ، فيجعلها موعظةً تهزّ القلوب وتوقظ الضمائر. فالقرآن ليس للقراءة فحسب، بل للتذكير والتغيير والهداية.

 

ومن السنن الشرعية التي تؤكدها السورة سنة المسؤولية الفردية، في قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾، أي أن كل إنسانٍ سيحاسب وحده، لا يحمل أحدٌ وزر أحد إلا من سنّ أو علم معاص وسيئات فيبشر بأوزار غيره، كبعض مشاهير السوء. وهذه سنة تغرس في النفس وعيًا رقابيًا ذاتيًا يجعل المؤمن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسَب، فلا يغترّ ولا يتواكل، بل يسعى إلى النجاة بعمله الصالح وإيمانه الصادق.

 

كما أن السورة تعلّم الدعاة والمربين سنة الدعوة بالموعظة المؤثرة لا بالجدال العقيم، فآياتها لا تغرق في المناظرة، بل تخاطب القلب بالمشهد والعبرة، لتؤكد أن طريق الهداية يمر عبر الوجدان قبل البرهان، وأن الكلمة إذا خرجت من القلب وصلت إلى القلب. ثم تختم السورة بسنّة الذكر والاتعاظ، إذ يقول سبحانه: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، فهي تذكّر بأن الانتفاع بالوحي لا يكون إلا بقلبٍ حيٍّ وسماعٍ حاضرٍ وشهودٍ للحق.

 

وهكذا تتلاقى السنن الكونية والشرعية في سورة (ق) في لوحةٍ واحدة: فالكون بآياته، والإنسان بسعيه، والشرع بأحكامه، تسير نحو غايةٍ واحدة هي لقاء الله. كل قطرة مطرٍ تنزل تذكّر بالبعث، وكل نبضة قلبٍ تذكّر بالرجوع، وكل آيةٍ تُتلى توقظ في النفس وعد الله ووعيده.

 

إن من تدبر هذه السورة أدرك أن الوجود كله دعوةٌ إلى الإيمان، وأن من وعى سنن الله في الخلق والوحي فقد أبصر طريق النجاة، وصدق فيه قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله........................................

وبعد: في سورة (ق) تلك السورة المهيبة التي تُحرك الساكن من القلب، يقول الله تعالى:﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾[ق: 17 – 18].

 

آيتان تهزان وجدان المؤمن، وتغرس في النفس جذور المراقبة والتقوى، وتؤسس لأعلى درجات التربية الذاتية، تلك التي لا تحتاج إلى سلطةٍ خارجيةٍ لتقوّم السلوك؛ لأن سلطانها ينبع من الداخل، من القلب الذي يعلم أن الله مطلع عليه، وأن كلماته تُسجل، وأن أنفاسه محصاة.

 

إن الله سبحانه يصوّر في هاتين الآيتين مشهدًا من أروع مشاهد الرقابة الإلهية: ملكان موكلان بالإنسان، أحدهما عن اليمين يكتب الحسنات، والآخر عن الشمال يسجل السيئات، لا يغيبان عنه طرفة عين، ولا يتركان حركةً ولا سكنةً إلا كتباها. قال الحسن البصري رحمه الله: "يا ابن آدم، بُسطت لك صحيفة، ووُكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك، فاعمل ما شئت، فإذا مت طُويت صحيفتك وجُعلت في عنقك إلى يوم القيامة".[5]

 

إنها تربية المراقبة الدائمة لنفسك وذاتك وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى العظيم حين قال: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".[6]

 

فهذا الإحسان هو قمّة التربية الذاتية، أن يبلغ العبد من يقينه ومراقبته لله ما يجعله يستحيي أن يُرى على معصيةٍ أو يُفقد في طاعة، لا خوفًا من البشر، بل حياءً من خالقه، وهذه الرقابة لا تزرع الخوف السلبي، بل تُنشئ الضمير الحي، الذي يزجر صاحبه عن الخطأ حتى في خلواته، ويدفعه إلى الخير ولو لم يره أحد. فهي رقابةٌ تولّد الطمأنينة أكثر مما تثير الرعب، لأن من علم أن الله يراه، علم أيضًا أنه يرحمه إذا تاب، ويثيبه إذا أحسن. ولهذا قال تعالى بعدها: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: 16]، ليدلّ على أن رقابة الله ليست فقط بالكتابة والتسجيل، بل بالعلم والإحاطة والرحمة أيضًا.

 

ومن تأمل قوله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]، عَلم أن الكلمة مسؤولية، وأن اللسان طريق الجنة أو النار. فكم من كلمةٍ رفعت صاحبها درجات، وكم من أخرى أهوت به في دركات. لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم"[7].


تلك هي مدرسة سورة (ق)، التي تربّي النفس الإيمانية، وتغسل القلب وتذكّر بأنك في حضرة الله كل لحظة. فليكن شعار المؤمن بعد تدبرها: (إن لم يرني الناس فإن ربي يراني، وإن غاب الشهود فإن الرقيب العتيد لا يغيب) ومن وصل إلى هذه الحال، فقد تربّى حقًا، وبلغ من المراقبة منزلة الإحسان، وسار في طريق الصالحين الذين قال الله فيهم: ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾[الأنبياء: 49].

 

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم



[1] أخرجه مسلم (873).

[2] المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (6/ 470).

[3] عون المعبود شرح سنن أبي داود (3/ 340).

[4] انظر الفتوى رقم (44358) في موقع الفتاوى al-fatawa.com.

[5] انظر: تفسير الطبري (17/ 206)، تفسير ابن كثير (7/ 399).

[6] أخرجه البخاري (50)، ومسلم (8).

[7] أخرجه الترمذي (2616)، وابن ماجه (3973)، والنسائي (11394) وأحمد في مسنده (22016).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة