• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد الجرفاليالشيخ د. عبدالله بن محمد الجرفالي شعار موقع الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد الجرفالي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي / الدروس المقروءة


علامة باركود

دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (3)

دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (3)
الشيخ د. عبدالله بن محمد الجرفالي

تاريخ الإضافة: 24/3/2016 ميلادي - 14/6/1437 هجري

الزيارات: 4481

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

باب

﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾

 

13- (م) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا. يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ. يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ. يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي. يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ. يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ)).

 

التعليق:

قوله: ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا)) أي لا أظلم أحداً لا بزيادة سيئة ولا بنقص حسنة. قال الله: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه: 112]. وكذلك جعلت الظلم بينكم محرماً، فيحرم أن يظلم بعضكم بعضاً؛ ولذلك قال: فلا تظالموا.

 

وقوله: ((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)) أي أن العباد كلهم ضال في العلم وفي التوفيق للعمل إلا من هداه الله عز وجل، فعليهم طلب الهداية من الله، وهي شاملة لهداية العلم وهداية التوفيق.

 

وقوله: ((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ)) أي أن العباد كلهم جياع إلا من أطعمه الله، فعليهم أن يستطعموه ليطعمهم؛ لأنه ربهم الذي يخرج الزرع، ويدر الضرع. قال الله تبارك وتعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾ [الواقعة: 63 - 65].

 

وقوله: ((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ)) أي قد بدت عورته إلا من كساه الله ويسر له الكسوة؛ ولذلك قال: إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، أي اطلبوا مني الكسوة أكسكم؛ لأن كسوة بني آدم مما أخرجه الله تعالى من الأرض، ولو شاء الله لم يتيسر لهم ذلك، فتطلب من الذي أخرجها ويسرها لهم.

 

وقوله: ((يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ)) هذا حال الناس أنهم يخطئون بالليل والنهار، ولكنّ الله من رحمته طلب منهم أن يستغفروه، ووعدهم بأن يغفر لهم. والله لا يخلف الميعاد.

 

وقوله: ((يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي))؛ لأن الله سبحانه وتعالى غني عن العالمين، ولو كفر كل أهل الأرض لن يضروه شيئاً، ولو آمن أهل الأرض كلهم لن ينفعوه شيئاً، فهو غني بذاته عن جميع مخلوقاته.

 

وقوله: ((يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ، وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ، وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ))؛ لأن طاعة الطائع إنما تنفع الطائع نفسه أما الله عز وجل، فلا ينتفع بها؛ لأنه غني عنها، فلو كان الناس كلهم على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك ملك الله شيئاً؛ ولأن ملكه لا ينفد، فلا تزيده طاعة المطيعين، ولا تنقصه معصية العاصين؛ ولكمال جوده وكرمه وسعة ما عنده، فإنه لو أعطى كل إنسان مسألته لم ينقصه شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، وهذا من باب تأكيد عدم النقص؛ لأنه من المعلوم أن المخيط إذا أدخل في البحر ثم نزع منه، فإنه لا ينقص البحر شيئاً.

 

قوله: ((يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ)) أي أعدها لكم وتكتب لكم أو عليكم، فمن وجد خيراً، فليحمد الله الذي وفقه لذلك، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فقد أنزل الله الكتب، وأرسل الرسل، ووعد، وتوعد، لكنه سبحانه رحيم كريم يضاعف الحسنة إلى عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، بل إلى أضعاف كثيرة، ويجزي السيئة بمثلها أو يعفو ويصفح فيما دون الشرك [1].

♦♦♦♦♦


باب: إن الله لا ينام

14- (م) عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ - وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ".

 

التعليق:

القسط الميزان، وسمى قسطاً لأن القسط العدل، وبالميزان يقع العدل، والمراد أن الله تعالى يخفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة ويوزن من أرزاقهم النازلة. وقيل المراد بالقسط: الرزق الذى هو قسط كل مخلوق، يخفضه فيقتره، ويرفعه فيوسعه. وقوله: (( يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل ))، وفي الرواية الثانية (( عمل النهار بالليل، وعمل الليل بالنهار )) فمعنى الأول والله أعلم يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار الذى بعده وعمل النهار قبل عمل الليل الذى بعده، ومعنى الرواية الثانية يرفع إليه عمل النهار في أول الليل الذى بعده، ويرفع إليه عمل الليل في أول النهار الذى بعده؛ فإن الملائكة الحفظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل. وقوله: ((حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)). فيه إشارة إلى أن حجابه خلاف الحجب المعهودة، فهو محتجب عن الخلق بأنوار عزه وجلاله عظمته وكبريائه، وذلك هو الحجاب الذي تدهش دونه العقول وتبهت الأبصار وتتحير البصائر، فلو كشفه فتجلى لما وراءه بحقائق الصفات وعظمة الذات لم يبق مخلوق إلا احترق ولا منظور إلا اضمحل. وأصل الحجاب الستر الحائل بين الرائي والمرئي والمراد به هنا منع الأبصار من الرؤية له بما ذكر، فقام ذلك المنع مقام الستر الحائل فعبر به عنه. وقد ظهر من نصوص الكتاب والسنة أن الحالة المشار إليها في هذا الحديث هي في دار الدنيا المعدة للفناء دون دار الآخرة المعدة للبقاء، فالمؤمنون يرون ربهم يوم القيامة [2].

♦♦♦♦♦


باب: صفة الصبر وغيرها

15- (ق) عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيْسَ أَحَدٌ، أَوْ: لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ".

 

التعليق:

الصبر هو: حبس النفس على المكروه، والله تعالى منزّه عن ذلك، فالمراد: لازمه وهو ترك المعاجلة والعقوبة. وقوله: ((على أذى سمعه من الله يدّعون)) أي بنسبتهم إليه الولد. وقوله: ((وإنه ليعافيهم، ويرزقهم)) من العلل والبليات والمكروهات، ويرزقهم ما ينتفعون به من الأقوات وغيرها مقابلة للسيئات بالحسنات [3].

 

16- (ق) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللَّهِ".

 

التعليق:

غيرة الله هي كراهيته الإتيان بالفواحش أي عدم رضاه بها لا عدم إرادتها. وقيل: الغضب لازم الغيرة، أي غضبه عليها، ثم لازم الغضب إرادة إيصال العقوبة عليها [4].

 

والتحقيق أن الله تعالى يغار غيرة تليق بذاته وجلاله؛ ولذلك حرّم المعاصي والفواحش، فوضع الحدود والموانع من ارتكاب هذه المعاصي والفواحش.

 

وقوله: ((وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللَّهِ)) .

مدح الله هو: ذكره بأسمائه الحسنى، ونعته بصفاته الجليلة العظيمة، وتعداد أفعاله الحكيمة. وحمد العبد لربه وثناؤه عليه من أجل الذكر وأحبه إلى الله من أجل ذلك أثنى الله على نفسه، فقال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، وقال تعالى: ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 45]، وحمد نفسه في خلق السماوات والأرض بقوله : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ [الأنعام: 1]، وحمد نفسه بكمال ملكه لما في السماوات والأرض فقال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [سبأ: 1]، وحمد نفسه لانفراده بابتداء الخلق من غير مثال سابق في قوله: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾. وثناء العبد على ربه لا يستغرق جميع المحامد، ولا يستطيع أن يحصي أحد الثناء عليه. ونبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق تعظيماً لله وحمداً له، حيث كان من دعائه:" لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك"، وبعد الرفع من الركوع يقول: "اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" [5].

 

17- (ق) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ".

 

التعليق:

ألقى عليهم هذا السؤال من أجل أن ينتبهوا؛ لأن إلقاء الأسئلة يوجب الانتباه، فقالوا: الله ورسوله أعلم، وهكذا كل إنسان يجب عليه إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله ورسوله أعلم في الأمور الشرعية، أما الأمور الكونية القدرية، فهذا لا يقول: ورسوله أعلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، كما لو قال قائل: أتظن المطر ينزل غدا؟ تقول: الله أعلم، ولا تقل: الله ورسوله. وقوله: ((أصبح من عبادي مؤمن بي...)) يعني في تلك الليلة قال الله عز وجل، والباء هنا للسببية يعني معناه أنك إذا أضفت المطر إلى النوء، فقلت: هذا النجم نجم بركة وخير يأتي بالمطر، فهذا حرام عليك كفر بالله عز وجل وأما إذا قلت: مطرنا بفضل الله ورحمته في هذا النوء، فلا بأس لأن هذا اعتراف منك بأن المطر بفضل الله ولكنه صار في هذا النوء كثير. ثم إن اعتقد أن الكوكب هو الذي يأتي بالمطر، فهذا كفر أكبر مخرج عن الملة، وإن اعتقد أن الكوكب سبب، وأن الخالق هو الله عز وجل فهذا كفر بنعمة الله وليس كفراً مخرجاً عن الملة [6].



[1] ينظر: شرح النووي على مسلم 16/ 133، وتطريز رياض الصالحين ص 95 96.

[2] ينظر: شرح النووي على مسلم 3/ 13 14، وتحفة الأحوذي 7/ 226.

[3] ينظر: إرشاد الساري 10/ 362.

[4] ينظر: عمدة القارئ 36/ 36.

[5] ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة 24/ 143 145.

[6] ينظر: شرح رياض الصالحين لابن عثيمين ص 2057.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب وبحوث ومؤلفات
  • مرئيات
  • صوتيات
  • خطب مكتوبة
  • الدروس المقروءة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة