• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم (2)

خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم (2)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/11/2019 ميلادي - 21/3/1441 هجري

الزيارات: 21909

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بركاتُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (2)

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ محَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها، وَكُلَّ مُحْدثةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وكُلَّ ضَلالةٍ فِي النَّارِ.

 

كانَ الْحَدِيثُ فِي الأُسْبُوعِ الْمَاضِي حَدِيثاً مَاتِعاً عَن بَرَكَاتِ الْحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَيْفَ لَا يَكُونُ كذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثٌ عَنْ سَيِّدِ الْخَلْقِ وَأَكْرَمِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ وأَمجَدِهِمْ وأَنبَلِهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَالْيَوْمَ نُكْمِلُ شيئاً مِنْ ذَلِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ.

 

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَامُ: لَقَد كَثُرَتِ الْأَخْبَارُ وتَكاثرَتْ وَهِيَ تَتَحَدّثُ عَن بَرَكَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمَلَتْهَا إلَيْنَا الْأَسَانِيدُ الصِّحَاحُ الَّتِي بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: "وقد تَظَاهَرَتْ أَحَادِيثٌ آحادٌ بِمِثْلِ هَذَا، حَتَّى زَادَ مَجْمُوعُهَا عَلَى التَّوَاتُرِ، وَحَصَلَ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ بِالْمَعْنَى الَّذِي اشْتَرَكَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآحَادُ، وَهُوَ انْخِراقُ الْعَادَةِ بِمَا أَتَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَكثِيرِ الطعامِ القليلِ الكثرةِ الظَّاهِرَةِ، ونبعِ الْمَاءِ وتكثيرِهِ، وتسبيحِ الطَّعَامِ، وحنينِ الجِذْعِ وغيرِه".

 

وَمِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي تَوَاتَر مَعْنَاهَا: مَا رَوَاهُ لَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَيْثُ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوْا وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «إِذَا جَدَدْتَهُ فَوَضَعْتَهُ فِي المِرْبَدِ -مَوضعُ التَّجفِيفِ- آذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ غُرَمَاءَكَ، فَأَوْفِهِمْ»، فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إِلَّا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَسْقًا. [أي قُرابةَ أَلفٍ وسَبعِمائةِ كيلو جرام]، رواه البخاريُّ.

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، عَنْ جَابِرٍ بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ، وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ بِبَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُعَائِهِ لَهُ، وَمَشْيِهِ فِي حَائِطِهِ وَجُلُوسِهِ عَلَى تَمْرِهِ، وَفَّى اللَّهُ دَيْنَ أَبِيهِ، وَكَانَ قَدْ قُتِلَ بِأَحَدٍ، وَجَابِرٌ كَانَ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَلَا مَا بَعْدَهُ، وَمَعَ هَذَا فَضَلَ لَهُ مِنَ التَّمْرِ أَكْثَرُهُ فَوْقَ مَا كَانَ يُؤَمِّلُهُ وَيَرْجُوهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ".

 

وَمِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ: مَا رَوَاهُ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَقَال: «يَا جَابِرُ نَادِ بِوَضُوءٍ» فَقُلْتُ: أَلَا وَضُوءَ؟ أَلَا وَضُوءَ؟ أَلَا وَضُوءَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ فِي أَشْجَابٍ لَهُ (سقاءٍ له)، فَقَالَ لِيَ: «انْطَلِقْ إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ؟» قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ فِيهَا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً، قَالَ: «اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ» فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَيَغْمِزُهُ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَانِيهِ، فَقَالَ: «يَا جَابِرُ نَادِ بِجَفْنَةٍ» فَقُلْتُ: يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ، فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ هَكَذَا، فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ، وَقَالَ: «خُذْ يَا جَابِرُ فَصُبَّ عَلَيَّ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ» فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: بِاسْمِ اللهِ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفُوَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ فَارَتْ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلَأَتْ، فَقَالَ: «يَا جَابِرُ نَادِ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ» قَالَ فَأَتَى النَّاسُ فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوُوا، قَالَ: فَقُلْتُ: هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ؟ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الْجَفْنَةِ وَهِيَ مَلْأَى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

قَال الـمُزَنِيُّ: "نَبعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ مِن نَبعَةِ الْمَاءِ مِنْ الْحَجَرِ حَيْثُ ضَرَبَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْعَصَا، فتفجَّرتْ مِنْهُ المِيَاهُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَاءِ مِنْ الْحِجَارَةِ مَعْهُودٌ، بِخِلَافِ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْنِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ".

 

وَصَدَقَ الْقَائِلُ:

وَإِنْ كَانَ مُوسَى أَنْبَعَ المَاء بالْعَصَا
فَمِن كَفِّه قَدْ أَصْبَحَ الْمَاءُ يَطفَحُ

 

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: "هذه الْمُعْجِزَة تَكَرَّرَتْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً فِي مَشَاهِدَ عَظِيمَةٍ، وَجُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، بَلَغَتْنَا بطُرُقٍ صَحِيحِةٍ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ، وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِ أَخْبَارِهِمُ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ التَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ حَصَلَ لَنَا الْعِلْمُ بِأَكْثَرِ مُعْجِزَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ رِسَالاتِهِ".

 

عِبَادَ اللَّهِ: قَدْ كَانَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ نَصِيبٌ مَنْ بَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ أَمَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ أَنْ يَدْعُوَهُمْ، فَحَضَرُوا جميعاً، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «خُذْ فَأَعْطِهِمْ» قَالَ: فَأَخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوِيَ القَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ القَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: «فَأَرِنِي» فَأَعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الفَضْلَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَمِن دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَارِ بَرَكَتِهِ: مَا يُحْكَى مِنْ خَبَرِ عِتَاقِ سَلْمَانَ مِنْ سَيِّدِهِ الْيَهُودِيِّ، حَيْثُ شَرَطَ الْيَهُودِيُّ لعِتاقِهِ أَنْ يَغْرِسَ نخلاً يَعْمَلُ سَلْمَانُ فِيهَا حَتَّى يُنْتِجَ النَّخْلُ.

 

قَالَ بُرَيْدَةُ: فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَ إِلَّا نَخْلَةً وَاحِدَةً غَرَسَهَا عُمَرُ، فَحَمَلَتِ النَّخْلُ مِنْ عَامِهَا وَلَمْ تَحْمِلِ النَّخْلَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا شَأْنُ هَذِهِ؟» قَالَ عُمَرُ: أَنَا غَرَسْتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَنَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ غَرَسَهَا فَحَمَلَتْ مِنْ عَامِهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وحسَّنهُ الأَلبَانِيُّ.

 

وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّخْلَ لَا يُثْمِرُ إلَّا بَعْدَ غَرْسِهِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَحَملُ النَّخْلِ فِي سَنَةِ غِرَاسِه مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلِيلٌ بَاهِرٌ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ.[1]


بَارَكَ اللَّهُ لي ولَكُم..

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.. أَمَّا بَعْدُ:


فَمِنَ الْكَرَامَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُصُولُ الشِّفَاءِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ بِبَرَكَةِ لَمْسِهِ لأِمَاكِنِ مَرَضِهِم أَو إصَابَتِهِم. كَمَا حَصَلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَمَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ، فأُتي بِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُ مِنَ الْوَجَعِ، فَبَصَقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأ، حَتَّى كَأنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَكَمَا حَصَل لِسَاقِ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمّا أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثُ نَفَثَات، فَمَا اشْتَكَى مِنْهَا حَتَّى مَاتَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَصَلَ مَعَ الصَّحَابِيِّ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَمَا انْكَسَرَتْ سَاقُهُ فِي طَرِيقِ عَوْدَتِهِ مِنْ قَتْلِ أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْسُطْ رِجْلَكَ"، قَال: فَبَسَطتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشتَكِهَا قَطُّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَكَمَا حدَّثَ جَابِرُ بن عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما فَقَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأ فصَبُّوا عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فعَقَلْتُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أَيُّهَا الْكِرَامُ: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَستقصِيَ كُلَّ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ لبركَاتِهِ الْحِسِّيَّةِ لَطَال بِنَا الْمَقَامُ وَهِيَ بِلَا شَكٍّ مِنْ عَظِيمِ فَضَائِلِهِ وَمِن دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ، لَكِن أَيْنَ نَحْنُ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِبَرَكَتِه الْمَعْنَوِيَّةِ؟ الَّتِي هِيَ مُتاحَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ! والمتمَثِّلةُ فِي اتِّبَاعِ هَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ وَشَرِيعَتِهِ، وَاقْتِفَاءِ آثَارِه فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَالتَّمَسُّكِ بِسُنَّتِه فَإِنَّهَا النَّجَاةُ وَالْعِصْمَةُ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِطَاعَتِه، وَالتَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ نَبِيِّه قولاً وعملاً؛ وَأَنْ يَرْزُقَنَا شَفَاعَتَه، وَوُرُودَ حَوْضِهِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

اللهمَّ صلِّ على محمدٍ..

 


 

[1] مستفادة من مقال د. منقذ السقار: "تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم" وغيره.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • من بركات النبي على أمته أن الله اختصهم بالتأمين والسلام، وجعل التائب من الذنب كمن لا ذنب له

مختارات من الشبكة

  • أثر البركة والبركات محقها بالسيئات وللحصول عليها مسببات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف يوفق الشباب إلى البركة وحسن العمل؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحلال بركة والحرام هلكة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • إجلال الكبير: وقار الأمة وبركتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • البركة مع الأكابر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بركة الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فيح الأزهار من كرم النبي المختار صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة للطامع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/4/1447هـ - الساعة: 15:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب