• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

صلاة التطوع (8) استفتاح صلاة الليل

صلاة التطوع (8) استفتاح صلاة الليل
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/4/2025 ميلادي - 11/10/1446 هجري

الزيارات: 3875

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صلاة التطوع (8)

استفتاح صلاة الليل


الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الصَّلَاةَ أُنْسَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمْنَ الْخَائِفِينَ، وَمَلَاذَ الْمَهْمُومِينَ، وَسُلْوَانَ الْمَحْزُونِينَ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاصْطَفَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَرَعَ قِيَامَ اللَّيْلِ لِعِبَادِهِ، وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهِ بِجَزِيلِ ثَوَابِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَقَرَأَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ السُّوَرَ الثَّلَاثَ الطِّوَالَ، الْبَقَرَةَ وَالنِّسَاءَ وَآلَ عِمْرَانَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمَلُوا فِي يَوْمِكُمْ مَا يَنْفَعُكُمْ فِي غَدِكُمْ، وَقَدِّمُوا فِي دُنْيَاكُمْ مَا تَجِدُونَهُ فِي أُخْرَاكُمْ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ زَوَالٍ وَفَنَاءٍ، وَإِنَّ الْآخِرَةَ دَارُ بَقَاءٍ وَقَرَارٍ، فَاعْمَلُوا لَهَا مَا يَلِيقُ بِهَا ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزَّلْزَلَةِ: 7-8].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لِصَلَاةِ اللَّيْلِ فَضْلٌ عَظِيمٌ، وَثَوَابٌ جَزِيلٌ، وَهِيَ أَفْضَلُ التَّطَوُّعِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «...أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِصَلَاةِ اللَّيْلِ صِيَغٌ عِدَّةٌ مِنَ الِاسْتِفْتَاحِ، يُسَنُّ لِلْمُتَهَجِّدِ الْإِتْيَانُ بِهَا، وَالتَّنْوِيعُ بَيْنَهَا، فَلَا يَهْجُرُ شَيْئًا مِنْهَا؛ لِيَكُونَ مُتَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَلِأَنَّ فِي أَذْكَارِ اسْتِفْتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَأَدْعِيَتِهِ مَعَانِيَ عَظِيمَةً، يَتَهَيَّأُ بِهَا الْمُتَهَجِّدُ لِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

فَمِنْ صِيَغِ اسْتِفْتَاحِ قِيَامِ اللَّيْلِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ. أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَهَذَا الِاسْتِفْتَاحُ مُحْكَمُ الْمَبْنَى، عَظِيمُ الْمَعْنَى؛ يُهَيِّئُ قَلْبَ قَائِلِهِ بِتَدَبُّرٍ لِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى «فَاشْتَمَلَ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةِ: تَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، فَهُوَ تَعَالَى رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ، الْمُتَصَرِّفُ فِيهِ كَيْفَ يَشَاءُ، وَهُوَ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ مَخْلُوقٍ بِمَا يُصْلِحُهُ وَيُرَبِّيهِ، وَالرَّبُّ هُوَ: الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ، الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ مَرْبُوبٍ بِمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ تَرْبِيَةٍ فِي شُؤُونِ حَيَاتِهِ كُلِّهَا».

 

وَمِنْ صِيَغِ اسْتِفْتَاحِ قِيَامِ اللَّيْلِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَهَذَا الِاسْتِفْتَاحُ مِنْ أَنْسَبِ أَنْوَاعِ الِاسْتِفْتَاحِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَحْرَمَ بِصَلَاتِهِ فَهُوَ فِي مُوَاجَهَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَلْبِهِ، وَمُتَّجِهًا بِبَدَنِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي شَرَعَهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَقَدْ جَمَعَ هَذَا الِاسْتِفْتَاحُ أَنْوَاعَ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةَ، وَفِيهِ إِخْلَاصُ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاعْتِرَافُ الْعَبْدِ بِظُلْمِهِ وَخَطَئِهِ، وَسُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَغْفِرَةَ وَالْهِدَايَةَ لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ وَصَرْفِ سَيِّئِهَا. وَفِيهِ تَلْبِيَةُ الْعَبْدِ لِنِدَاءِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَسَعَادَتُهُ بِعُبُودِيَّتِهِ وَطَاعَتِهِ، وَإِثْبَاتُ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالْعُلُوِّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَنَفْيُ الشَّرِّ الْمَحْضِ عَنْهُ سُبْحَانَهُ. وَخُتِمَ هَذَا الِاسْتِفْتَاحُ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ لِيَكُونَ الْمُصَلِّي مُهَيَّأً لِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَمِنْ صِيَغِ اسْتِفْتَاحِ قِيَامِ اللَّيْلِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمَا أَحْوَجَ الْمُؤْمِنَ إِلَى هَذَا الدُّعَاءِ الْمُبَارَكِ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَنِ؛ إِذْ لُبِسَ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ، وَكَثُرَ الْخِلَافُ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْوَاجِبِ، وَصَارَ لِلْمُحَرَّمَاتِ دُعَاةٌ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَيْهَا، وَيُطَبِّعُونَهُمْ عَلَيْهَا، وَيَزْعُمُونَ حِلَّهَا. كَمَا سَطَا قَوْمٌ عَلَى الْوَاجِبَاتِ فَزَيَّنُوا لِلنَّاسِ تَرْكَهَا، وَسَعَوْا إِلَى تَهْوِينِهَا. بَلْ رَفَعَ بَعْضُهُمْ عَقِيرَتَهُ بِأَنَّ الدِّينَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَ أَحْكَامِهِ وَحُدُودِهِ وَحُرُمَاتِهِ لَا تَصْلُحُ لِهَذَا الزَّمَنِ؛ لِإِنْتَاجِ جِيلٍ لَا يَعْرِفُ دِينَهُ وَشَرِيعَتَهُ. كَمَا أَحْيَا أَهْلُ الْبِدَعِ الْكَلَامِيَّةِ بِدَعَهُمُ الْمَيْتَةَ، وَنَشَرُوهَا عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، مُوهِمِينَ لَهُمْ أَنَّهَا الْحَقُّ، بِتَدْبِيرٍ وَمَكْرٍ وَتَخْطِيطٍ وَإِمْدَادٍ مِنَ الْقُوَى الْمُعَادِيَةِ لِلْإِسْلَامِ، وَاسْتَغَلَّ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَارِبِينَ لِلْحَقِّ وَأَهْلِهِ وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ فِي قَذْفِ الشُّبُهَاتِ عَلَى عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ؛ لِإِفْسَادِ دِينِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَالْقُلُوبُ خَطَّافَةُ الشُّبُهَاتِ. وَإِذَا كَانَ هَذَا الدُّعَاءُ الْمُبَارَكُ يَحْتَاجُهُ الْمُؤْمِنُ فِي كُلِّ زَمَنٍ، فَهُوَ أَشَدُّ حَاجَةً إِلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءُ طَلَبٍ بِالْهِدَايَةِ لِلْحَقِّ فِي زَمَنِ الْفِتَنِ وَالِاخْتِلَافِ، وَكَثْرَةِ الِانْتِكَاسِ وَالِانْحِرَافِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لِلْحَقِّ، وَصَلَاحَ الْقَلْبِ، وَالِاسْتِقَامَةَ عَلَى الْأَمْرِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ عِنَايَةِ الْمُؤْمِنِ بِدِينِهِ عِنَايَتُهُ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ، وَلَا سِيَّمَا الصَّلَاةُ الَّتِي هِيَ صِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَفِي الْعِلْمِ بِسُنَنِهَا الْإِتْيَانُ بِهَا، وَعَدَمُ إِحْدَاثِ شَيْءٍ فِيهَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ. وَمِنَ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ مُدَاوَمَةُ الْعَبْدِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ؛ فَفِيهِ سَعَادَةُ الْقَلْبِ، وَعِظَمُ الْأَجْرِ. وَيَزْدَادُ أَجْرُ قَائِمِ اللَّيْلِ بِتَأَسِّيهِ فِي قِيَامِهِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَتَعَلَّمُ الْأَذْكَارَ وَالْأَدْعِيَةَ الْمَأْثُورَةَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ.

 

وَمِنْ صِيَغِ اسْتِفْتَاحِ قِيَامِ اللَّيْلِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَكَانَ يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ -ثَلَاثًا- ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. وَهَذَا الِاسْتِفْتَاحُ فِيهِ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ تَعَالَى، «وَذُو الْمَلَكُوتِ أَيْ: صَاحِبُ الْمُلْكِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالْجَبَرُوتِ: الَّذِي يَقْهَرُ الْعِبَادَ عَلَى مَا أَرَادَ، وَهُوَ الْعَالِي بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ فَوْقَ خَلْقِهِ، وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ: مَعْنَاهُمَا التَّرَفُّعُ عَنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ مَعَ انْقِيَادِهِمْ لَهُ».

 

وَمِنْ صِيَغِ اسْتِفْتَاحِ قِيَامِ اللَّيْلِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَفْتَتِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامَ اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ عَشْرًا، وَحَمِدَ اللَّهَ عَشْرًا، وَسَبَّحَ عَشْرًا، وَهَلَّلَ عَشْرًا، وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي، وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَضِيقُ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ: «ضِيقُ الْقِيَامِ فِي عَرَصَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ». فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَحَرِيٌّ بِالْمُتَهَجِّدِينَ أَنْ يَحْفَظُوا أَدْعِيَةَ الِاسْتِفْتَاحِ الْوَارِدَةَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ، أَوْ يَضَعَهَا الْمُتَهَجِّدُ فِي وَرَقَةٍ أَمَامَهُ فَيَقْرَؤُهَا مِنْهَا فِي افْتِتَاحِ تَهَجُّدِهِ، وَأَنْ يَتَأَمَّلَ مَعَانِيَهَا؛ لِيَتَهَيَّأَ بِهَا لِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَهَجُّدِهِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صلاة التطوع (1) يا أهل القرآن أوتروا (خطبة)
  • صلاة التطوع (2) آداب قيام الليل
  • صلاة التطوع (3) صلاة الأوابين (خطبة)
  • صلاة التطوع (4): نوافل الفرائض
  • صلاة التطوع (5) السنن الرواتب
  • صلاة التطوع (6) النوافل ذوات الأسباب (خطبة)
  • صلاة التطوع (7) فضائلها وأحكامها

مختارات من الشبكة

  • التسبيح في سورة (ق) تفسيره ووصية النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلوا عليه وسلموا تسليما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواقيت الصلوات: الفرع الثاني: وقت صلاة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مائدة الحديث: فضل الصلوات الخمس وتكفيرها للسيئات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التوفيق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام سلس البول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حالات صفة صلاة الوتر على المذهب الحنبلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مواقيت الصلوات: الفرع الثالث: وقت المغرب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/3/1447هـ - الساعة: 7:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب