• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

خطبة عن العبودية

خطبة عن العبودية
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/8/2018 ميلادي - 2/12/1439 هجري

الزيارات: 55517

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن العبودية


الْخُطْبَةُ الْأُولَى

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ أَفْضَلَ مَا رُزِقَ الْعَبْدُ مِنَ النِّعَمِ، الْعُبُودِيَّةُ لِلَّهِ، وَهِيَ الْخُضُوعُ وَالذُّلُّ لِلَّهِ وَالطَّاعَةُ مَعَ الْحُبِّ وَأَدَاءُ العِبَادَةِ بِإِقْبَالِ قَلْبٍ وَفَرَحٍ وَسَعَادَةٍ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَحَبَّ إِلَى الْعَبْدِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَعْظَمَ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَحَبَّةَ وَالذُّلَّ التَّامَّ إِلَّا اللهُ، وَكُلُّ مَا أُحِبَّ لِغَيْرِ اللهِ فَمَحَبَّتُهُ فَاسِدَةٌ، وَمَا عُظِّمَ بِغَيْرِ أَمْرِ اللهِ كَانَ تَعْظِيمُهُ بَاطِلًا، لَكِنْ لَوْ أَحَبَّ إِنْسَانًا وَلَمْ يَخْضَعْ لَهُ فَلَا تَكُونُ عِبَادَةً، أَوْ خَضَعَ لِإِنْسَانٍ وَلَم يُحِبَّهُ فَلَا تَكُونُ عِبَادَةً؛ فَقَدْ يَعْتَرِضُكَ لِصٌّ أَوْ ظَالِمٌ فَيَذِلُّكَ وَقَدْ تَخْضَعُ لَهُ لَكِنَّكَ لَا تُحِبُّهُ وَالْعُبُودِيَّةُ لِلَّهِ هِيَ أَجَلُّ الْأَعْمَالِ وَأَعْظَمُهَا، وَهِيَ الْغَايَةُ الَّتِي خُلِقَ الْخَلْقُ مِنْ أَجْلِهَا ، ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وَدَعْوَةُ الرُّسُلِ أَقْوَامَهُمْ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].

 

وَالْعُبُودِيَةُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ كَأَرْكَانِ الْإِيمَانِ وَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَجِمَاعِ الْأَخْلَاقِ. وَقَدْ ذَمَّ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنْ عِبَادَتِهِ فَقَالَ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، وَأَثْنَى عَلَى مَنْ عَبَدُوهُ فَقَالَ: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ [الحجر: 42] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63] وَلِذَلِكَ وَعَدَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾ [الإنسان: 6] وَأَعْظَمُ مَنْ عَبَدَ اللهَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَا قَالَ ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ ﴾ [النجم: 10] وَقَالَ: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ [الإسراء: 1].


عِبَادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ لَوَازِمِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ التَّوَكُّلَ وَالِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ وَالْخَوْفَ مِنْهُ. فَلَا غِنَى لِعَبْدٍ عَنْ رَبِّهِ وَلَا عَنْ دِينِ رَبِّهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ ﴾ [آل عمران: 83]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا ﴾ [الأنعام: 164]. وَمِنْ أَخَصِّ خَصَائِصِ الْعُبُودِيَّةِ: الِافْتِقَارُ الْمُطْلَقُ للهِ تَعَالَى، فَهُوَ حَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ وَلُبُّهَا، قَالَ اللهُ - تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]، وَقَالَ - تَعَالَى -: ﴿ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24] وَحَقِيقَةُ الْفَقْرِ: أَنْ تَكُونَ كُلُّكَ لِلَّهِ، وَأَنْ تَكُونَ دَائِمَ الِافْتِقَارِ إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَأَنْ يُجَرِّدَ الْعَبْدُ قَلْبَهُ مِنْ كُلِّ حُظُوظِهِ وَأَهْوَائِهِ، وَيُقْبِلُ بِكُلِّيَّتِهِ إِلَى رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مُتَذَلِّلًا بَيْنَ يَدَيْهِ، مُسْتَسْلِمًا لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، مُتَعَلِّقًا قَلْبُهُ بِمَحَبَّتِهِ وَطَاعَتِهِ. قَالَ اللهُ - تَعَالَى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، وَالنُّسُكُ هُوَ: الْعِنَايَةُ بِالسَّرَائِرِ، وَإِخْرَاجُ مَا سِوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنَ الْقَلْبِ.


♦ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ أَنْ تُخْضِعَ نَفْسَكَ لِأَقْوَالِهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، وَأَلَّا تُقَدِّمَ هَوَاكَ عَلَى أَوَامِرِهِ، وَأَلَّا تُخْضِعَ أَحْكَامَهُ لِعَقْلِكَ أَوْ قِيَاسِكَ الْفَاسِدِ؛ فَإِنَّ مِنْ أَضَلِّ الضَّلَالِ تَقْدِيمَ الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ عَلَى النَّصِّ الْمُنَزَّلِ، فَإِذَا عَجَزَ عَقْلُكَ عَنْ فَهْمِ نَصٍّ فَاتَّهِمْ عَقْلَكَ لَا كَلَامَ رَبِّكَ أَوْ سُنَّةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ ارْضَ بِكُلِّ أَحْكَامِهِ حَتَّى تَذُوقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيَجْعَلُ حَيَاتَهُ كُلَّهَا لِلَّهِ. وَالِاسْتِقَامَةُ الْحَقِيقِيَّةُ هِيَ عِبَادَتُهُ بِمَا أَمَرَ وَشَرَعَ، وَالتُّوَكُّلُ عَلَى اللهِ وَالثِّقَةُ وَإِحْسَانُ الظَّنِّ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123] فَإِنَّ التَّوَكُّلَ وَالِاسْتِعَانَةَ هِيَ الْعَوْنُ عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ فَلَا يُعْبَدُ اللهُ إِلَّا بِمَعُونَتِهِ؛ وَلِذَا أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا فَقَالَ لَهُ: ("أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ) رَوَاه أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.


♦ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْحَقَّةِ ابْتِغَاءُ الرِّزْقِ مِنَ اللهِ، لِذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ ﴾ [العنكبوت: 17]. وَمِنَ العُبُودِيَّةِ الْحَقَّةِ أَلَّا يَسْأَلَ رِزْقَهُ إِلَّا مِنَ اللهِ، وَلَا يَشْتَكِي إِلَّا إِلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]، وَكُلَّمَا قَوِيَ طَمَعُ العَبْدِ فِي فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ وَرَجَائِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَدَفْعِ ضَرُورَتِهِ قَوِيَتْ عُبُودِيَّتُهُ لَهُ؛ فَنَالَ مَطْلُوبَهُ، وَحَصَلَ مَقْصُودُهُ.


♦ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ أَلَّا تُحِبَّ إِلَّا لَهُ وَلَا تَكْرَهَ إِلَّا فِيهِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ) رَوَاه أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.


♦ وَمِنَ الْعُبُودِيَّة الْحَقَّةِ أَنْ تُقَدِّمَ مَحَبَّةَ اللهِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


♦ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ أَنْ تَتْرُكَ التَّكَبُّرَ وَالتَّعَاظُمَ عَلَى الخَلْقِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَالْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِيَاءُ مِنْ خَصَائِصِ الْعُبُودِيَّةِ.


♦ وَمَنِ اسْتَغْنَى عَنْ عِبَادَةِ اللهِ لَا بُدَّ أَنْ يَخْضَعَ وَيَذِلَّ لِغَيْرِهِ. وَهَذَا أَمْرٌ مُلَاحَظٌ، كَيْفَ ذَلَّ عِبَادٌ لِعِبَادٍ وَأَنْزَلُوهُمْ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْعِبَادِ وَكَانَتِ النَّتِيجَةُ أَنْ ذَلُّوا لَهُمْ وَخَضَعُوا.


♦ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ أَنْ يُحْسِنَ الْعَبْدُ الظَّنَّ بِاللهِ وَيَثِقَ بِأَقْدَارِهِ، وَأَنْ يَأْمَلَ فِي رَحْمَتهِ وَأَلْطَافِهِ.


♦ وَمِنَ الْعُبُودِيَّة لِلَّهِ شُكْرُهُ عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ.


♦ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالِانْتِصَارُ لِدِينِ اللهِ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ كُلَّ مَا فِي هَذَا الْكَوْنِ هُوَ عَابِدٌ لِلَّهِ: فَالْحَيَوَانَاتُ وَالنَّبَاتَاتُ، وَالْجَمَادَاتُ كُلُّهَا عَابِدَةٌ لِلَّهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44] فَالْكَائِنَاتُ كُلُّهَا تُسَبِّحُ خَالِقَهَا تَسْبِيحًا لَا نَفْقَهُهُ، وَكَمَا أَفْهَمَنَا عَزَّ وَجَلَّ طَرِيقَةَ عِبَادَتِهِ فَقْدَ أَفْهَمَهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴾ [النور: 41] فَالطَّيْرُ يُصَلِّى صَلَاةً وَيُسَبِّحُهُ تَسْبِيحًا يَعْلَمُهُ اللهُ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُهُ، بَلْ جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الْحِيتَانَ تَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ وَالنَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَقَدْ صَحَّتْ بِذَلِكَ أَحَادِيثُ فِي السُّنَنِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ: (وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ وَالتَّسْبِيحَ أَفْعَالٌ لِهَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ)، وَلَيْسَ شَرْطًا أَنَّ كُلَّ مَا يُخْلَقُ فِي الْكَوْنِ مِنْ أَجْلِ مَصْلَحَةِ الْبَشَرِ بَلْ خَلَقَ اللهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مَا لَيْسَ لِلْبَشَرِ فِيهَا مَصْلَحَةٌ كَالسِّبَاعِ مِنْ أُسُودٍ وَنُمُورٍ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ الظَّاهِرَةَ مِنْ خَلْقِهَا الْعُبُودِيَّةُ لِلَّهِ. بَلْ وَذَكَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ تَأَذِّي الْجَمَادَاتِ مِنْ مَعْصِيَةِ ابْنِ آدَمَ لِلَّهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴾ [مريم: 90] وَهَذَا بَيَانٌ لِرَدِّ فِعْلِ الْجِبَالِ عَلَى تِلْكَ الْفِرْيَةِ الْعَظِيمَةِ، يَقُول ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: (عِنْد سَمَاعِهِنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ فُجْرَةِ بَنِي آدَمَ إِعْظَامًا لِلرَّبِّ وَإِجْلَالًا لَأَنَّهُنَّ مَخْلُوقَاتٌ وَمُؤَسَّسَاتٌ عَلَى تَوْحِيدِهِ) وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلَا سَمَاءٍ، وَلَا أَرْضٍ، وَلَا رِيَاحٍ، وَلَا جِبَالٍ، وَلَا بَحْرٍ، إِلَّا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.


اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقيقة العبودية
  • إشكالية توصيف العلاقة بين مفهوم الحرية والعبودية
  • انحرافات في مفهوم العبودية
  • العبودية (خطبة)
  • تحصيل الحرية في تحقيق العبودية
  • العبودية لله وصف تكريم وثناء
  • مفهوم العبودية في اللغة
  • مفهوم العبودية في الشرع
  • من أقسام العبودية: عبودية الغلبة والقهر والملك
  • مكانة العبودية والاستعانة وتحقيق التلازم بينها
  • عبودية الصحابة رضي الله عنهم

مختارات من الشبكة

  • السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حسن الظن بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعم أجر العاملين (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • غزوة الأحزاب وتحزب الأعداء على الإسلام في حربهم على غزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وحي عاشوراء: ثبات الإيمان في مواجهة الطغيان وانتصار التوحيد على الباطل الرعديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العناية بالوالدين وبرهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • أعلى النعيم رؤية العلي العظيم (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: كيف ننجح في التواصل مع الشباب؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/2/1447هـ - الساعة: 19:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب