• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / يوم عرفة والأضحية
علامة باركود

حكم صيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة

حكم صيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة
د. كامل صبحي صلاح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/7/2022 ميلادي - 7/12/1443 هجري

الزيارات: 54220

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

«حكم صيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة»

 

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

إنّ يوم عرفة يوم من أيام الله تبارك وتعالى الفاضلة المباركة، وهو يوم يحمل من الخصائص والمميزات والمكرمات ما ليس في غيره من سائر الأيام، فهو يوم تجاب فيه الدعوات، وتقال فيه العثرات، ويباهي الله تعالى فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم الله جل وعلا أمره وقدْره ومنزلته ومكانته على باقي الأيام، وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة والفضل، وهو يوم مغفرة الخطايا والذنوب وهو يوم العتق من النيران. وعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة أجاب بأن صيامه يكفّر ذنوب سنتين، السنة الماضية، والسنة الآتية، ففي الحديث عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صِيامُ يومِ عرفةَ إنِّي أحتسِب على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنةَ التي بعدَه، والسَّنةَ التي قَبلَه» «أخرجه مسلم (١١٦٢)، وأبو داود (٢٤٢٥)، وأحمد (٢٢٦٥٠)».

 

فما حكم صوم يوم عرفة إن وافق يوم الجمعة؟

قبل الحديث عن حكم صيام يوم عرفة إن وافق يوم الجمعة لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ صيام يوم الجمعة مكروه لمن قصده بذاته وأفرده بالصوم، وذهب إلى هذا القول جمهور أهل العلم، من الشافعية، والحنابلة، والحنفية، وابن القيم، والشوكاني، وغيرهم[1]، واستدلوا على ذلك بما يلي:

 

ففي الحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ» «أخرجه البخاري (1849) ومسلم (1929)».

 

وفي الحديث كذلك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إِلا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» «أخرجه مسلم (1930)».

 

وفي الحديث عَنْ جُوَيْرِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ أَصُمْتِ أَمْسِ قَالَتْ لا قَالَ تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا قَالَتْ لا قَالَ فَأَفْطِرِي وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ الْجَعْدِ سَمِعَ قَتَادَةَ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَتْهُ فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ»؛ أخرجه البخاري (1850).

 

قال النووي: «قَالَ أَصْحَابُنَا ( يعني الشافعية ): يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ فَإِنْ وَصَلَهُ بِصَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ شِفَاءِ مَرِيضِهِ، أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ أَبَدًا، فَوَافَقَ الْجُمُعَةَ لَمْ يُكْرَهْ» «المجموع شرح المهذب، للنووي، 6/ 479».

 

وقال ابن قدامة: «يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، إلا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ، مِثْلُ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَيُوَافِقُ صَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ عَادَتُهُ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ، أَوْ آخِرِهِ، أَوْ يَوْمِ نِصْفِهِ». «المغني، لابن قدامة، 3/ 53».

 

وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: «إنّ السنة مضت بكراهة إفراد رجب بالصوم، وكراهة إفراد يوم الجمعة». «الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، 6/ 180».

 

لكن هذا النهي ليس على إطلاقه، فقد جاء في النهي عن صوم الجمعة تطوعاً دون أن يُسبق بيوم قبله، أو بعده، ولأن النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام مخصوص بمن قصد ذلك، وبالتالي فإذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة، فلا حرج في إفراده بالصيام ولا يجب صيام يوم قبله، لأن نيته صوم يوم عرفة، وليس صوم يوم الجمعة.

 

وبناءً على ذلك فإذا كان من عادة الإنسان أن يصوم يوماً ويفطر يوماً فصادف يوم صومه يوم الجمعة فلا بأس بصومه، وكذلك لو أراد إنسان أن يصوم يوم عرفة فصادف يوم عرفة يوم الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يصوم يوم الجمعة ويقتصر عليه؛ لأنه إنما أفرد هذا اليوم لا من أجل أنه يوم الجمعة، ولكن من أجل أنه يوم عرفة، فهو صيام له سبب، كما إذا وافق يوم الجمعة عادةً للصائم؛ كمَنْ يصوم يومًا ويُفطر يومًا، أو صادف هذا اليوم يوم عاشوراء واقتصر عليه، فإنه لا حرج عليه في ذلك، وإن كان الأفضل في يوم عاشوراء أن يصوم يوماً قبله، أو يوماً بعده.

 

خلاصة الحكم:

يُشرع صوم يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة أو يوم السبت، ولا يشترط صوم يوم قبله أو بعده، لأنّ صوم يوم عرفة عبادة ذات سبب وسنة مستقلة، لذا ينبغي للعبد أن يستثمر مثل هذه المواسم الطيبة المباركة، فهي مواسم الطاعات والبركات والخيرات، ومغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، وعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة أجاب بأنّ صيامه يكفّر ذنوب سنتين، السنة الماضية، والسنة الآتية، فالموفق من وفّق لصيامه، وأعانه الله تعالى على ذلك.

 

وإنّ من مما ينبغي الإشارة إليه في هذا المقام، أنّ لوقفة الجمعة يوم عرف مزيّة على سائر الأيام من عدة وجوه، ذكرها ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد.

 

قال ابن القيم في زاد المعاد: «وَالصَّوَابُ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ، وَكَذَلِكَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَلِهَذَا كَانَ لِوَقْفَةِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ مَزِيَّةٌ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

 

أَحَدُهَا: اجْتِمَاعُ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَيَّامِ.

 

الثَّانِي: أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي فِيهِ سَاعَةٌ مُحَقَّقَةُ الْإِجَابَةِ، وَأَكْثَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَأَهْلُ الْمَوْقِفِ كُلُّهُمْ إِذْ ذَاكَ وَاقِفُونَ لِلدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ.

 

الثَّالِثُ: مُوَافَقَتُهُ لِيَوْمِ وَقْفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

الرَّابِعُ: أَنَّ فِيهِ اجْتِمَاعَ الْخَلَائِقِ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ لِلْخُطْبَةِ وَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ اجْتِمَاعَ أَهْلِ عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ، فَيَحْصُلُ مِنَ اجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَمَوْقِفِهِمْ مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ مَا لَا يَحْصُلُ فِي يَوْمٍ سِوَاهُ.

 

الْخَامِسُ: أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمُ عِيدٍ لِأَهْلِ عَرَفَةَ؛ وَلِذَلِكَ كُرِهَ لِمَنْ بِعَرَفَةَ صَوْمُهُ، وَفِي النَّسَائِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: « نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ »، وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مهدي بن حرب العبدي لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَمَدَارُهُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أم الفضل: «أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَهُ».

 

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ فِطْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لِيَتَقَوَّى عَلَى الدُّعَاءِ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الخرقي وَغَيْرِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ - مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية -: الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ عِيدٌ لِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ لَهُمْ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي " السُّنَنِ " عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ مِنًى، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ».

 

قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنَّمَا يَكُونُ يَوْمُ عَرَفَةَ عِيدًا فِي حَقِّ أَهْلِ عَرَفَةَ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِيهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَجْتَمِعُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَكَانَ هُوَ الْعِيدَ فِي حَقِّهِمْ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ إِذَا اتَّفَقَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ جُمُعَةٍ، فَقَدِ اتَّفَقَ عِيدَانِ مَعًا.

 

السَّادِسُ: أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِيَوْمِ إِكْمَالِ اللَّهِ تَعَالَى دِينَهُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِتْمَامِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ، كَمَا ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: «جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ تَقْرَءُونَهَا فِي كِتَابِكُمْ لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ وَنَعْلَمُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ لَاتَّخَذْنَاهُ عِيدًا، قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] [الْمَائِدَةِ: 3] فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنِّي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَنَحْنُ وَاقِفُونَ مَعَهُ بِعَرَفَةَ».

 

السَّابِعُ: أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِيَوْمِ الْجَمْعِ الْأَكْبَرِ، وَالْمَوْقِفِ الْأَعْظَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ»، وَلِهَذَا شَرَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ يَوْمًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، فَيَذْكُرُونَ الْمَبْدَأَ وَالْمَعَادَ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَادَّخَرَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِذْ فِيهِ كَانَ الْمَبْدَأُ وَفِيهِ الْمَعَادُ، وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي فَجْرِهِ سُورَتَيِ (السَّجْدَةِ) وَ(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ) لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ فِي هَذَا الْيَوْمِ، مِنْ خَلْقِ آدَمَ، وَذِكْرِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، وَدُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَكَانَ يُذَكِّرُ الْأُمَّةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِمَا كَانَ فِيهِ وَمَا يَكُونُ، فَهَكَذَا يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ بِأَعْظَمِ مَوَاقِفِ الدُّنْيَا - وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ - الْمَوْقِفَ الْأَعْظَمَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ، وَلَا يَتَنَصَّفُ حَتَّى يَسْتَقِرَّ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَأَهْلُ النَّارِ فِي مَنَازِلِهِمْ.

 

الثَّامِنُ: أَنَّ الطَّاعَةَ الْوَاقِعَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَكْثَرُ مِنْهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ حَتَّى إِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْفُجُورِ يَحْتَرِمُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَهُ، وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ تَجَرَّأَ فِيهِ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَجَّلَ اللَّهُ عُقُوبَتَهُ وَلَمْ يُمْهِلْهُ، وَهَذَا أَمْرٌ قَدِ اسْتَقَرَّ عِنْدَهُمْ وَعَلِمُوهُ بِالتَّجَارِبِ، وَذَلِكَ لِعِظَمِ الْيَوْمِ وَشَرَفِهِ عِنْدَ اللَّهِ، وَاخْتِيَارِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ لِلْوَقْفَةِ فِيهِ مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهِ.

 

التَّاسِعُ: أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِيَوْمِ الْمَزِيدِ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي وَادٍ أَفْيَحَ، وَيُنْصَبُ لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَرَوْنَهُ عِيَانًا، وَيَكُونُ أَسْرَعُهُمْ مُوَافَاةً أَعْجَلَهُمْ رَوَاحًا إِلَى الْمَسْجِدِ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ أَقْرَبَهُمْ مِنَ الْإِمَامِ، فَأَهْلُ الْجَنَّةِ مُشْتَاقُونَ إِلَى يَوْمِ الْمَزِيدِ فِيهَا لِمَا يَنَالُونَ فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَهُوَ يَوْمُ جُمُعَةٍ، فَإِذَا وَافَقَ يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ لَهُ زِيَادَةُ مَزِيَّةٍ وَاخْتِصَاصٍ وَفَضْلٍ لَيْسَ لِغَيْرِهِ.

 

الْعَاشِرُ: أَنَّهُ يَدْنُو الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَشِيَّةَ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَوْقِفِ، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: «مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ» وَتَحْصُلُ مَعَ دُنُوِّهِ مِنْهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةُ الْإِجَابَةِ الَّتِي لَا يَرُدُّ فِيهَا سَائِلًا يَسْأَلُ خَيْرًا فَيَقْرُبُونَ مِنْهُ بِدُعَائِهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَيَقْرُبُ مِنْهُمْ تَعَالَى نَوْعَيْنِ مِنَ الْقُرْبِ، أَحَدُهُمَا: قُرْبُ الْإِجَابَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَالثَّانِي: قُرْبُهُ الْخَاصُّ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ، وَمُبَاهَاتُهُ بِهِمْ مَلَائِكَتَهُ، فَتَسْتَشْعِرُ قُلُوبُ أَهْلِ الْإِيمَانِ هَذِهِ الْأُمُورَ فَتَزْدَادُ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِهَا، وَفَرَحًا وَسُرُورًا وَابْتِهَاجًا، وَرَجَاءً لِفَضْلِ رَبِّهَا وَكَرَمِهِ، فَبِهَذِهِ الْوُجُوهِ وَغَيْرِهَا فُضِّلَتْ وَقْفَةُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى غَيْرِهَا.

 

وَأَمَّا مَا اسْتَفَاضَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامِّ بِأَنَّهَا تَعْدِلُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ حَجَّةً، فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. «زاد المعاد، لابن القيم، (٦٠/ ١-٦٥)».

 

هذا ما تمّ ايراده، نسأل الله العلي القدير أن ينفع به وأن يجعله من العلم النافع والعمل الصالح، اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، والحمد لله ربّ العالمين.

 



[1] «المجموع، للنووي (6/ 436)، ومغني المحتاج، للشربيني (1/ 447)، والفروع، لابن مفلح (5/ 103)، والمغني، لابن قدامة (3/ 170)، وإعلام الموقعين، لابن القيم (3/ 174)، والدراري المضية، للشوكاني (2/ 178)، وأضواء البيان، للشنقيطي (7/ 365)».





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • يوم عرفة.. يوم المنح
  • يوم عرفة والأيام العشر
  • خير الدعاء دعاء يوم عرفة
  • خطبة عن يوم عرفة

مختارات من الشبكة

  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أجوبة مختصرة حول أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل صيام ستة أيام من شوال - بعدة لغات(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • صيام يوم عرفة يكفر الله بها عامين وصيام يوم عاشوراء يُكفر الله بها عاما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام متفرقة في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • صيام الجوارح صيام لا ينتهي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأيام المنهي عن صيامها(مقالة - ملفات خاصة)
  • الشجرة الرمضانية: الورقة الثانية: هل هلاله(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل صيام شهر الله المحرم وصيام يوم الاثنين والخميس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم صيام يوم عرفة للحاج(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/9/1444هـ - الساعة: 6:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب