• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قتل الرغبات
    ياسر جابر الجمال
  •  
    ماذا بعد الستين؟!
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    أبوك ليس باردا بل هو بحر عميق
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التوفيق من الله
    أسامة طبش
  •  
    ظاهرة التظاهر بعدم السعادة خوفا من الحسد: قراءة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي
    دعاء أنور أبو مور
  •  
    "اجلس فقد آذيت": خاطرة تربوية تأصيلية في ضوابط ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    لماذا يدمن الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    كيف تستجلب الفكرة الإيجابية؟
    أسامة طبش
  •  
    الانهيار الناعم... كيف تفككت الأسرة من الداخل
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    مناهجنا التعليمية وبيان بعض القوى المؤثرة في ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سلسلة دروب النجاح (6) العقلية النامية: مفاتيح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قاعدة الأولويات في الحياة الزوجية عندما يزدحم ...
    د. محمد موسى الأمين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

خطبة عن الصحابي أبي بن كعب رضي الله عنه

خطبة عن الصحابي أبي بن كعب رضي الله عنه
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2019 ميلادي - 17/5/1440 هجري

الزيارات: 33424

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن الصحابي أبي بن كعب

رضي الله عنه

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:


فَاتَّقُوا اللهَ - عبادَ اللهِ - فإنَّ خَيرَ زَادٍ لِلعبدِ هوَ التَّقْوَى ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].


أَيُّهَا الْإِخْوَةُ.. إِنَّ التَّارِيخَ لَمْ يَشْهَدْ رِجَالاً اشْتَدَّ بِاللهِ عَزْمُهُمْ، وَصَدَقَتْ للهِ نَوايَاهُمْ، فِي غَايَاتٍ شَرِيفَةٍ مِنَ الإيمَانِ وَالإِصْلاحِ، نَذَرُوا لَهَا حَيَاتَهُمْ، صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ فِي جَسَارَةٍ وَتَضْحِيَةٍ.


نَعَمْ! إِنَّ التَّارِيخَ لَمْ يَشْهَدْ ذَلكَ كَمَا شَهِدَهُ مِنْ صَحْبِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم، ورَضِيَ عَنْهُمْ وَأرْضَاهُمْ أجْمَعِينَ - فِي حُبِّهِمْ وَتَضْحِيَتِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ وَزُهْدِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ للهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.


وَالْيَوْمَ نَحْنُ مَعَ رَجُلٍ عَظِيمٍ، جَلِيلِ الْقَدْرِ، رَفِيعِ الْمَنْزِلَةِ، عَالِمٍ بالقُرآنِ، فَقِيهٍ في الدِّينِ، إنَّهُ سَيِّدُ القُرَّاءِ أُبَيُّ بنُ كَعْبِ بنِ قَيْسِ الأَنْصَارِيُّ رضي اللهُ عَنه.


جَاءَ في صِفَتِهِ الْخَلْقِيَّةِ: أنَّهُ كَانَ رَجُلاً دَحْدَاحاً، أيْ: لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ، وَلاَ بِالقَصِيْرِ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.


شَهِدَ العَقَبَةَ، وَبَدْراً، وَأُحُدًا، وَالْخَنْدَقَ، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَم يَتخلَّفْ عَن غَزوةٍ غَزَاهَا ولا عَنْ مَوْقِعَةٍ حَضَرَهَا.


جَمَعَ القُرْآنَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَرَضَه عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَحَفِظَ عَنْهُ عِلْماً مُبَارَكاً، وَكَانَ رَأْساً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وكَانَ مِنَ القِلَّةِ التي تَعرِفُ الكِتَابةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ يَكْتُبُ فِي الْإِسْلَامِ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ يقولُ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ: "جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُم مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ".


عُرِفَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ بالتَّقوَى والوَرَعِ والغَيرَةِ علَى الدِّينِ وشِدَّةِ الخَوفِ مِنَ اللهِ تعَالَى والزُّهدِ في الدُّنيَا، وكَانَ يَبكِي إذَا ذَكَرَ اللهَ، ويَهتَزُّ كَيانُهُ حِينَ يُرتِّلُ آيَاتِ القُرآنِ أَو يَسمَعُهَا، وكَانَ إذَا تَلاَ أَو سَمِعَ قَولَه تعَالَى: ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 65]، يَغشَاهُ الْهَمُّ والأَسَى.


أَثنَى عَليهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في قَراءَتِهِ وعِلمِهِ؛ فقَد رَوَى الإمامُ التِّرمذِيُّ مِن حَديثِ أَنَسٍ رضيَ اللهُ عَنه، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَقْرَأُ أُمَّتِي أُبَيٌّ". وأمرَ الصَّحابةَ رضوانُ اللهُ عليهِم أَن يَستقرِئُوا القرآنَ مِن أَربعَةٍ، مِنهُم أُبَيُّ بنُ كَعبٍ.


وإِنْ تَعجَبُوا -يَا عِبادَ اللهِ- فعَجَبٌ مِمَّا رَواهُ البخارِيُّ ومُسلمٌ مِن حَديثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَيٍّ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ" قَالَ أُبَيٌّ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: "اللَّهُ سَمَّاكَ لِي" فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي. قِيلَ لأُبِيٍّ: فَرِحْتَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَهُوَ تَعَالَى يَقُوْلُ: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس: 58].



كَانَ رَضيَ اللهُ عنه رَأْساً في العِلمِ والعَمَلِ، عَالِمًا بأَسبَابِ النُّزولِ والنَّاسخِ والمنسُوخِ، وأَحدَ فُقهاءِ الصَّحابةِ وقُرَّائِهِم، ومِن أَكثرِ الصَّحابةِ تَفسِيراً لكتابِ اللهِ تعَالى، فقَد خَصَّهُ الرُّسولُ صلى الله عليه وسلم بالدُّعاءِ، حِينَ سَألَهُ ذَاتَ يَومٍ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: "أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟" قَالَ: قُلْتُ: ﴿ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾، قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: "وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ" وفِيهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُبَيٍّ، وَدَلِيل عَلَى كَثْرَة عِلْمه.


أيهَا الموحِّدونَ.. لقَد كَانَ أُبيُّ بنُ كَعبٍ حَريصًا كُلَّ الحِرصِ على أَن يَجمَعَ الحَسنَاتِ، زَاهِدًا كُلَّ الزُّهدِ في الدُّنيَا، فلا يَهُمِّهُ فَقرهَا ولا مَرضهَا، الْمُهِمُّ أَن يتَقَرَّبَ إلى اللهِ ولَو علَى حَسَابِ رَاحَتِهِ وصِحَّتِهِ؛ جاء عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: "أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِي لَيَالٍ، وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَخْتِمُهُ فِي سَبْعٍ".


ومِن زُهدِهِ رضي اللهُ عنه مَا جَاءَ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ رضي اللهُ عنه، قَالَ: قَالَ أُبَيٌّ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا جَزَاءُ الحُمَّى؟ قَالَ: "تُجْرِي الحَسَنَاتِ عَلَى صَاحِبِهَا"، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُمَّىً لاَ تَمْنَعُنِي خُرُوْجاً فِي سَبِيْلِكَ. فَلَمْ يُمْسِ أُبَيٌّ قَطُّ إِلاَّ وَبِهِ الحُمَّى. أخرجه الطبرانيُّ.


جَاءَ رَجُلٌ يَطلُبُ حَاجَةً إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، وَإِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ أَبْيَضُ الثِّيَابِ وَالشَّعْرِ، فَقَالَ: "إِنَّ الدُّنْيَا فِيْهَا بَلاَغُنَا وَزَادُنَا إِلَى الآخِرَةِ، وَفِيْهَا أَعْمَالُنَا الَّتِي نُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ". فقال الرجل: مَنْ هَذَا يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ المُسْلِمِيْنَ؛ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ.

 

وعَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: أَوْصِنِي. قَالَ: اتَّخِذْ كِتَابَ اللهِ إِمَاماً، وَارْضَ بِهِ قَاضِياً وَحَكَماً، فَإِنَّهُ الَّذِي اسْتَخْلَفَ فِيْكُم رَسُوْلُكُم، شَفِيْعٌ مُطَاعٌ، وَشَاهِدٌ لاَ يُتَّهَمُ، فِيْهِ ذِكْرُكُم وَذِكْرُ مَنْ قَبْلَكُم، وَحَكَمُ مَا بَيْنَكُم، وَخَبَرُكُم، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُم.


كَانَ -رَضي اللهُ عنه- مُتَّبِعًا مُقتَدِيًا مُقتَفِيًا أَثرَ الكِتابِ والسُّنةِ؛ يَقُولُ عَبدُالرحمنِ بنُ أَبْزَى: لَمَّا وَقَعَ النَّاسُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَبَا الْمُنْذِرِ، مَا الْمَخْرَجُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: "كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ، مَا اسْتَبَانَ لَكُمْ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ، فَكُلُوهُ إِلَى عَالِمِهِ" رواهُ الحَاكِمُ في المُستدركِ.


كمَا كانَ -رضي اللهُ عنه- شَدِيدَ الحُبِّ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولاَ أَدَلَّ علَى ذَلكَ مِمَّا رَوَاهُ التِّرمذيُّ أَنَّ أُبيَّ بنَ كَعبٍ قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: "مَا شِئْتَ". قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: "مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قال: قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ: "إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ".


وَكمَا كَانَ أُبيُّ بنُ كَعبٍ يُحبُّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ؛ ومِن حُبِّهِ لَه صلى الله عليه وسلم أنَّه لَمَّا أُصِيبَ يَومَ الأَحزابِ في ذِراعِهِ كَوَاهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيدِهِ. رَواهُ مسلمٌ.


ولَمْ تَكُنِ العِبَادةُ والمُعاملَةُ معَ اللهِ لِتَذْهَبَ هَباءً، فهَا هُو أُبيُّ بنُ كَعبٍ صَاحِبُ الدَّعوةِ المستجَابةِ؛ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَالَ عُمَرُ رضي اللهُ عنه: اخْرُجُوا بِنَا إِلَى أَرْضِ قَوْمِنَا. فَكُنْتُ فِي مُؤَخَّرِ النَّاسِ مَعَ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، فَهَاجَتْ سَحَابَة، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنَّا أَذَاهَا. قَالَ: فَلَحِقْنَاهُمْ، وَقَدِ ابْتَلَّتْ رِحَالُهُم. فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَصَابَكُمُ الَّذِي أَصَابَنَا؟ قُلْتُ: إِنَّ أَبَا المُنْذِرِ قَالَ: اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنَّا أَذَاهَا. قَالَ: فَهَلاَّ دَعَوْتُمْ لَنَا مَعَكُمْ.


عِبادَ اللهِ.. كَانَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ إِمامَ المسلمينَ في رَمضَانَ علَى عَهدِ عُمرَ بنِ الخطابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَجمَعينَ، يَؤُمُّ القَومَ ويُصلِّي بهِم عِشرينَ رَكعةً، وظَلَّ مُعلِّمًا للنَّاسِ قَارِئًا فيهِم فَقيهًا بَينَهُم، حتَّى جَاءَ أَجَلُهُ ولاَ مَفَرَّ مِنَ الأَجَلِ، فضَجَّتِ المدينَةُ حُزْنًا عَليهِ، يَقُولُ عُتَيُّ بنُ ضَمْرَةَ: رَأَيْتُ أَهْلَ المَدِيْنَةِ يَمُوْجُوْنَ فِي سِكَكِهِم. فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَؤُلاَءِ؟ فقَالوا: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ اليَوْمَ سَيِّدُ المُسْلِمِيْنَ؛ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ.


مَاتَ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، ولما مات قَالَ عمر: اليَوْمَ مَاتَ سَيِّدُ المُسْلِمِيْنَ..


فَرَضِيَ اللهُ عَنِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ وَأَرْضَاهُ، وَجَعَلَنَا مِمَّنْ يَقْتَفُونَ أثَرَهُ وَيَسِيرُونَ عَلَى نَهْجِهِ، وَجَمَعَنَا بِهِ فِي جَنَّتِهِ مَعَ الْحَبيبِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم.. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، جَلَّ شَأْنُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُهُ وَلَا إلَهَ غَيْرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم.. أَمَّا بَعْدُ:


هَذِهِ هِيَ حَياةُ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وتِلكَ لَمَحاتٌ مِن حَياتِهِ، كانَ مِثَالاً وقُدوَةً في الصِّدقِ والمَحبَّةِ للهِ ولِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، قُدْوةً صَالِحةً نَافِعةً في العِبَادَةِ والتَّقوَى.. إنَّهُ العَالِمُ العَابِدُ الزَّاهِدُ، والمحُبُّ الصَّادِقُ، والمُطِيعُ العَابِدُ.. غَايَتُهُ وهَدَفُهُ رِضَا اللهِ تعَالَى ولَو كَانَ علَى حِسَابِ نَفْسِهِ.. أُمنِيَتُهُ الفَوزُ برِضوَانِ اللهِ ولَوُ في ذَلكَ هَضْمُ لِرَاحَتِهِ..


قَدْ قَسَمَ يَومَهُ ولَيلَتَهُ بَينَ صَلاةٍ وذِكرٍ وتَعلِيمٍ لكِتابِ اللهِ وجِهادٍ معَ رَسُولِ اللهِ وفي سبيلِ اللهِ.

فأينَ نَحنُ مِنْ هَذِه المَواقفِ.. أينَ مَن يتُركونَ الصَّلاةَ عَن هذَا الصِّدقِ؟ أينَ مَن يَهجُرُونَ كِتَابَ اللهِ عَن هذَا الصِّدقِ؟!

نَسْأَلُ اللهَ تعَالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا فِيهِ مَرْضَاتُهُ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ والسَّيْرِ علَى هَدْيِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.


اللهمَّ اهدِنا فيمَن هَديتَ، وعَافِنَا فيمن عَافيتَ، وتَولَّنا فيمَن تَوليتَ، وبَارِكْ لنَا فيمَا أَعطيتَ، وقِنا شَرَّ مَا قَضيتَ، إنكَ تَقضِي ولا يُقضَى عَليكَ..


إنَّه لا يَذلُّ مَن وَاليتَ، ولا يَعِزُ مَن عَاديتَ، تَباركتَ رَبَّنا وتَعالَيتَ، لكَ الحَمدُ علَى مَا قَضيتَ، ولكَ الشُّكرُ على ما أعطيتَ، نَستغفِرُكَ اللهم مِن جَميعِ الذنوبِ والخَطايا ونَتوبُ إِليكَ.


اللهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، اللهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقوَى، اللهم اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، اللهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ، اللهم اغْفِرْ لآبَائِنَا وأمهَاتِنَا اللهمَّ اغفِرْ لَهم وارْحَمهُمْ وعَافِهِمْ واعْفُ عَنهُم، اللهمَّ اجْزِهِمْ عنَّا رِضَاكَ والجَنَّةَ.


سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أبي بن كعب - رضي الله عنه -
  • عبدالله بن كعب وابن مسعود رضي الله عنهما
  • أرطاة بن كعب بن شراحيل النخعي
  • أمنية ربيعة بن كعب رضي الله عنه
  • ربيعة بن كعب رضي الله عنه
  • من هو أبي بن كعب؟
  • خطبة: وسام أبي بن كعب

مختارات من الشبكة

  • خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موعظة الإمام مالك بن أنس للخليفة هارون الرشيد رحمهما الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مصعب بن عمير باع دنياه لآخرته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة الصحابة رضي الله عنهم في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: يكفي إهمالا يا أبي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالرسل وثمراته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/4/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب