• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الاتجاه الضمني في تنمية التفكير بين الواقع ...
    د. خليل أسعد عوض
  •  
    الرياضة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    سلسلة دروب النجاح (9) الإبداع.. مهارة لا غنى عنها ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قتل الرغبات
    ياسر جابر الجمال
  •  
    ماذا بعد الستين؟!
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    أبوك ليس باردا بل هو بحر عميق
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التوفيق من الله
    أسامة طبش
  •  
    ظاهرة التظاهر بعدم السعادة خوفا من الحسد: قراءة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي
    دعاء أنور أبو مور
  •  
    "اجلس فقد آذيت": خاطرة تربوية تأصيلية في ضوابط ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    لماذا يدمن الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    كيف تستجلب الفكرة الإيجابية؟
    أسامة طبش
  •  
    الانهيار الناعم... كيف تفككت الأسرة من الداخل
    د. محمد موسى الأمين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/7/2012 ميلادي - 20/8/1433 هجري

الزيارات: 21166

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ ﴾  [الحشر: 18].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

صَحَّ عَنهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ الحَاكِمُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أَنَّ نَفسًا لَن تَمُوتَ حَتى تَستَكمِلَ أَجَلَهَا وَتَستَوعِبَ رِزقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجمِلُوا في الطَّلَبِ، وَلا يَحمِلَنَّ أَحَدَكُمُ استِبطَاءُ الرِّزقِ أَن يَطلُبَهُ بِمَعصِيَةِ اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ - تَعَالى - لا يُنَالُ مَا عِندَهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ" وَمَعنى قَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "وَأَجمِلُوا في الطَّلَبِ" أَيِ اطلُبُوهُ بِالطُّرُقِ الجَمِيلَةِ المُحَلَّلَةِ، بِتُؤَدَةٍ وَتَرَفُّقٍ، وَبِلا كَدٍّ وَلا حِرصٍ، وَلا تَهَافُتٍ عَلَى الحَرَامِ وَالشُّبُهَاتِ، وَلا تَنكَبُّوا عَلَى طَلَبِ الدُّنيَا وَتَشتَغِلُوا بِهِ عَنِ الخَالِقِ الرَّازِقِ - سُبحَانَهُ -.

 

عِبَادَ اللهِ:

المُؤمِنُ يَعلَمُ أَنَّهُ لَو سَعَى في طَلَبِ الدُّنيَا سَعيًا حَثِيثًا، وَوَاصَلَ في ذَلِكَ سَهرَ اللَّيلِ بِتَعَبِ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ لَن يُحَصِّلَ غَيرَ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَلَن يَتَجَاوَزَ مَا قُسِمَ لَهُ، كَيفَ وَقَد كُتِبَ لَهُ رِزقُهُ وَهُوَ في بَطنِ أُمِّهِ، وَمَضَى بِهِ القَلَمُ قَبلَ أَن تُخلَقَ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ بِخَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ؟! وَالوَاقِعُ عَلَى ذَلِكَ خَيرُ شَاهِدٍ، فَكَم ممَّن هُوَ مُنذُ أَن بَلَغَ الحُلُمَ إِلى أَن شَابَ وَهَرِمَ وَهُوَ في شَقَاءٍ وَتَعَبٍ وَنَصَبٍ، لا يَعرِفُ غَيرَ طَلَبِ الدُّنيَا حَرِيصًا عَلَى جَمعِهَا وَمَنعِهَا، مُستَعجِلاً نَصِيبَهُ مِنهُا، بَاذِلاً وُسعَهُ لِزِيَادَتِهَا وَكَثرَتِهَا، وَمَعَ هَذَا هُوَ في عَيشٍ أَشبَهَ مَا يَكُونُ بِالكَفَافِ، إِنْ لم يَكُنْ مُتَحَمِّلاً في ذِمَّتِهِ حُقُوقًا لِلآخَرِينَ، وَفي المُقَابِلِ كَم تَرَى مِن بَطِيءٍ في سَعيِهِ إِلى دُنيَاهُ، قَلِيلِ الاجتِهَادِ في تَحصِيلِ رِزقِهِ، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ وَاسِعُ الرِّزقِ كَثِيرُ المَالِ، يَرَى أَنْ لَو بَاعَ الحَصَى أَو عَرَضَ عَلَى النَّاسِ التُّرَابَ، لاشتَرَوهُ مِنهُ بِأَغلَى مَا يَملِكُونَ.

 

إِخوَةَ الإِيمَانِ:

نَحنُ في زَمَنٍ قَلَّت فِيهِ القَنَاعَةُ، وَزَادَ حِرصُ النَّاسِ عَلَى التَّكَثُّرِ وَالتَّظَاهُرِ بِالغِنى، وَجَعَلَ كُلُّ امرِئٍ يُقَلِّدُ مَن حَولَهُ فِيمَا يَسكُنُونَ وَيَركَبُونَ وَيَلبَسُونَ، وَيُجَارِيهِم فِيمَا يَأكُلُونَ وَيَشرَبُونَ، وَآخَرُونَ خَفَّت مِنهُمُ العُقُولُ وَسَحَرَ أَلبَابَهُم مَا تَرَاهُ أَعيُنُهُم، فَقَلَّدُوا غَيرَهُم حَتى فِيمَا لم تَدعُهُم إِلَيهِ ضَرُورَةٌ قَاهِرَةٌ، وَتَابَعُوا الآخَرِينَ فِيمَا لم تَفرِضْهُ عَلَيهِم حَاجَةٌ مُلِحَّةٌ، حَتى لُيَخَيَّلُ لأَحَدِهِم أَنْ لَوِ اشتَرَى النَّاسُ التُّرَابَ لَوَجَبَ عَلَيهِ أَن يَشتَرِيَهُ لِيُجَارِيَهُم، وَلَو شَرِبُوا الهَوَاءَ لَشَرِبَهُ تَشَبُّهًا بهم، وَلَو سَارُوا عَلَى المَاءِ لَمَا استَرَاحَ حَتى يَسِيرَ سَيرَهُم وَيَتبَعَهُم، وَقَد أَلزَمَت كُلُّ هَذِهِ الأَفكَارِ الرَّدِيئَةِ وَحُبُّ التَّقلِيدِ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ مَا لَيسُوا بِهِ بِمُلزَمِينَ، فَلَم يُجمِلُوا في طَلَبِ الدُّنيَا كَمَا أُمِرُوا، وَلم يَقنَعُوا بما آتَاهُمُ اللهُ مِنهَا فَيُفلِحُوا، بَل تَشَوَّفُوا إِلى مَا عِندَ غَيرِهِم، وَذَهَبُوا في طَلَبِ المَالِ كُلَّ مَذهَبٍ، فَمِن آكِلٍ لِلرِّبَا أَضعَافًا مُضَاعَفَةً، إِلى مُتَنَاوِلٍ لِلرِّشوَةِ وَالسُّحتِ بِلا خَشيَةٍ، إِلى مُتَسَاهِلٍ بِالغِشِّ في المُعَامَلاتِ، مُخَادِعٍ في البَيعِ وَالشِّرَاءِ، إِلى مُتَلَصِّصٍ عَلَى الأَموَالِ العَامَّةِ بِطُرُقٍ مُلتَوِيَةٍ، مُعتَدٍ عَلَى بَيتِ مَالِ المُسلِمِينَ بِحِيَلٍ وَاهِيَةٍ. وَهَذِهِ الطُّرُقُ الَّتي لا يَشُكُّ مُسلِمٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ في حُرمَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الوَاقِعُونَ فِيهَا قِلَّةً إِذَا مَا قُورِنُوا بِالمُتَطَهِّرِينَ مِنهَا، إِلاَّ أَنَّ ثَمَّةَ بَابًا آخَرَ شَدِيدًا عَلَى الذِّمَمِ، ثَقِيلاً عَلَى الصُّدُورِ، مُذهِبًا لِلسُّرُورِ وَالحُبُورِ، جَالِبًا لِلهَمِّ وَالغَمِّ، مُوقِعًا في حُفَرٍ عَمِيقَةٍ، مُدخِلاً في أَنفَاقٍ مُظلِمَةٍ، وَمَعَ هَذَا وَلَجَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ في هَذَا الزَّمَانِ بِلا تَرَوٍّ وَلا حِسَابٍ لِمَا وَرَاءَهُ، ذَلِكُم هُوَ بَابَ الدُّيُونِ، فَكَم ممَّن تَرَاهُ يَتَحَرَّزُ مِن أَكلِ الحَرَامِ، وَيَبتَعِدُ قَدرَ الطَّاقَةِ عَنِ تَنَاوُلِ المُشتَبَهِ، وَلَكِنَّهُ لا يَألُو مَا حَمَّلَ بِهِ نَفسَهُ مِن أَموَالِ الآخَرِينَ وَأَثقَلَ ظَهرَهُ مِن حُقُوقِهِم، وَمَا يَزَالُ بِهِ التَّهَاوُنُ بما أَخَذَ، حَتى يَقَعَ اضطِرَارًا في مُخَالَفَاتٍ وَمَكرُوهَاتٍ، وَقَد يَقتَرِفُ مَعَاصِيَ وَمُوبِقَاتٍ، وَيَتَحَمَّلُ أَوزَارًا وَسَيِّئَاتٍ، مَا كَانَ لَهُ لَولا مَا عَلَيهِ مِن دُيُونٍ أَن يَقَعَ فِيهَا وَيَتَحَمَّلَهَا، فَمِنَ الكَذِبِ وَإِخلافِ الوَعدِ، إِلى كَثرَةِ الحَلِفِ وَإِطلاقِ الأَيمَانِ، مُرُورًا بِسُؤَالِ النَّاسِ وَاستِعطَائِهِم وَاستِجدَائِهِم، وَوُقُوعًا في التَّقصِيرِ في النَّفَقَاتِ الوَاجِبَةِ، وَعَدَمِ القُدرَةِ عَلَى الإِنفَاقِ فِيمَا يُرضِي اللهَ، كُلُّ ذَلِكَ يُصِيبُ المُتَهَاوِنِينَ في الدُّيُونِ، دَعْ عَنكَ مَا تَتَنَغَّصُ بِهِ حَيَاتُهُم، وَالمُشكِلاتِ الَّتي تَنشَأُ في بُيُوتِهِم، وَانشِغَالَهُم في صَلَوَاتِهِم، وَعَدَمَ خُشُوعِهِم في عِبَادَاتِهِم، وَتَقَلُّبَهُم عَلَى فُرُشِهِم وَالنَّاسُ نَائِمُونَ، وَصَمتَهُم وَالنَّاسُ يَضحَكُونَ، وَلَو أَنَّهُم قَنِعُوا بما آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَرَتَّبُوا أُمُورَ حَيَاتِهِم عَلَى قَدرِ مَا عِندَهُم وَمَا يَملِكُونَ، لأَرَاحُوا وَاستَرَاحُوا، وَلَعَاشُوا حَيَاةً هَانِئَةً وَادِعَةً، يَحُفُّهَا الرِّضَا وَتَغشَاهَا السَّعَادَةُ، وَتَنتَهِي بهم إِلى النَّجَاحِ وَالفَلاحِ، مِصدَاقًا لِقَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " قَد أَفلَحَ مَن أَسلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بما آتَاهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ الغَفلَةَ المُطبِقَةَ عَمَّا قَضَاهُ الخُالِقُ وَقَدَّرَهُ، مِن قِسمَةِ المَعِيشَةِ بَينَ النَّاسِ وَاختِلافِ دَرَجَاتِهِم فِيهَا، جَعَلَتِ الكَثِيرِينَ مَعَ مَا هُم فِيهِ مِن ضِيقِ حَالٍ وَتَوَسُّطِ مَعِيشَةٍ، يَستَدِينُونَ وَيَقتَرِضُونَ؛ لِيَتَوَسَّعُوا في المُبَاحَاتِ وَيَتَمَتَّعُوا بِزَهرَةِ الحَيَاةِ، فَهَذَا لا يَقنَعُ إِلاَّ بِأَفخَمِ العِمَارَاتِ وَأَوسَعِهَا، وَذَاكَ لا يَركَبُ إِلاَّ أَحدَثَ السَّيَارَاتِ وَأَوطَأَهَا، وَثَمَّةَ مَن يَختَارُ أَجوَدَ الأَطعِمَةَ وَيَلبَسُ أَفخَرَ الثِّيَابِ، وَهُنَالِكَ مَنِ استَسَاغَ الإِسرَافَ وَالتَّبذِيرَ بِدَعوَى الكَرَمِ، وَتَمتَدُّ الحَالُ حَتى تَصِلَ إِلى هَذِهِ التِّقنِيَاتِ الَّتي استَنزَفَت أَموَالَ النَّاسِ عَبرَ أَجهِزَتِهَا المَحمُولَةِ وَالمَنقُولَةِ وَالثَّابِتَةِ، وَيَتَبَاهَى النَّاسُ في الأَفرَاحِ وَالمُنَاسَبَاتِ، وَيُسَافِرُونَ بِالدَّينِ لِتَزجِيَةِ الأَوقَاتِ، وَلِرَبَّاتِ المَنَازِلِ لَدَى ضِعَافِ القِيَامِ دَورٌ فِيمَا يَحصُلُ، إِذْ يُرهِقنَهُم بِاستِبدَالِ الأَثَاثِ بَينَ الفَينَةِ وَالأُخرَى، أَو جَلبِ الخَادِمَاتِ بِلا حَاجَةٍ، أَو الذَّهَابِ إِلى الأَسوَاقِ الغَالِيَةِ وَشِرَاءِ مَا يَحتَجنَ وَمَا لَيسَ لهن فِيهِ حَاجَةٌ، وَهَكَذَا يَقَعُ النَّاسُ في فَخِّ الدُّيُونِ وَشَرَكِ القُرُوضِ بِسَبَبِ المُجَارَاةِ وَالمُبَاهَاةِ وَالتَّفَاخُرِ، وَالتَّنَافُسِ في مَبَاهِجِ الدُّنيَا وَمُتَعِهَا. وَتَظَلُّ مِثلُ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ تَتَفَشَّى في المُجتَمَعِ يَومًا بَعدَ آخَرَ، وَتَزدَادُ البَلِيَّةُ بها حِينًا بَعدَ حِينٍ؟ وَلا يَتَّعِظُ النَّاسُ لِسُوءِ الحَظِّ بِبَعضِهِم، إِنَّهُ الجَهلُ بِقِيمَةِ الدُّنيَا وَحَقِيقَةِ العَيشِ فِيهَا، إِنَّهُ الاستِسلامُ لِرَغَبَاتِ النَّفسِ وَتَتَبُّعُ شَهَوَاتِهَا، وَلَو تَفَكَّرَ عَاقِلٌ وَتَبَصَّرَ وَتَأَمَّلَ، وَوَعَى مَا وَرَدَ في الأَثَرِ عَمَّن غَبَرَ، لَوَجَدَ النَّفسَ البَشَرِيَّةَ طَمَّاعَةً لا تَرضَى بِالقَلِيلِ وَلا يَكفِيهَا الكَثِيرُ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ((لَو كَانَ لابنِ آدَمَ وَادٍ مِن مَالٍ لابتَغَى إِلَيهِ ثَانِيًا، وَلَو كَانَ لَهُ وَادِيَانِ لابتَغَى لهما ثَالِثًا، وَلا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن تَابَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَغنُوا النُّفُوسَ بِالقَنَاعَةِ، وَاملَؤُوا القُلُوبَ بِالرِّضَا، وَكُونُوا عَلَى ذِكرٍ دَائِمٍ بما عَلِمتُمُوهُ مِن حَقِيقَةِ الدُّنيَا وَأَنَّهَا دَارُ فَنَاءٍ، وَتَأَمَّلُوا فِيمَا آتَاكُمُ اللهُ دُونَ كَثِيرٍ مِمَّن حَولَكُم مِنَ الصِّحَّةِ وَالعَافِيةِ وَالأَمنِ، تَجِدُوا أَنَّ لَدَيكُم مَغَانِمَ غَالِيَةً وَخَيرًا كَثِيرًا، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ((لَيسَ الغِنى عَن كَثرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنى غِنى النَّفسِ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ((كُنْ في الدُّنيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَو عَابِرُ سَبِيلٍ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ((اُنظُرُوا إِلى مَن هُوَ أَسفَلَ مِنكُم، وَلا تَنظُرُوا إِلى مَن هُوَ فَوقَكُم، فَهُوَ أَجدَرُ أَلاَّ تَزدَرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم)) رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ((مَن أَصبَحَ مِنكُم آمِنًا في سِربِهِ، مُعَافىً في جَسَدِهِ، عِندَهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَت لَهُ الدُّنيَا بِحَذَافِيرِهَا)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَغَيرُهُمَا وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ في الغَضَبِ وَالرِّضَا، وَنَسأَلُكَ القَصدَ في الغِنى وَالفَقرِ، وَنَسأَلُكَ نَعِيمًا لا يَنفَدُ، وَقُرَّةَ عَينٍ لا تَنقَطِعُ، وَنَسأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجهِكَ، وَالشَّوقَ إِلى لِقَائِكَ، في غَيرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلا فِتنَةٍ مُضِلَّةٍ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]وَاعلَمُوا أَنَّ أَسبَابَ تَحَمُّلِ النَّاسِ الدُّيُونَ في هَذِهِ الأَزمِنَةِ، لا تَخرُجُ في الغَالِبِ عَن مُخَالَفَتِهِم مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الإِنفَاقِ عَلَى قَدرِ مَا يُؤتَاهُ أَحَدُهُم مِنَ الرِّزقِ، وَقَد قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيهِ رِزقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجعَلُ اللهُ بَعدَ عُسرٍ يُسرًا ﴾ [الطلاق: 7] وَقَد مَدَحَ - سُبحَانَهُ - عِبَادَ الرَّحمَنِ بِقَولِهِ: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لم يُسرِفُوا وَلم يَقتُرُوا وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67] وَمِنَ الأَسبَابِ لِهَذِهِ الدُّيُونِ، الانسِيَاقُ وَرَاءَ الدِّعَايَاتِ الإِعلامِيَّةِ لِشَرِكَاتِ التَّقسِيطِ، وَالانخِدَاعُ بِالتَّسهِيلاتِ الَّتي تُقَدِّمُهَا المَصَارِفُ لِلتَّموِيلِ، وَالَّتي أَظهَرَت أَنَّ كَثِيرِينَ يُفَكِّرُونَ بِأَعيُنِهِم لا بِعُقُولِهِم، وَأَنَّهُم كَثِيرًا مَا يَقَعُونَ فَرَائِسَ لِهَذِهِ الدِّعَايَاتِ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَعِيشُوا حَيَاتَكُم كَمَا قُدِّرَ لَكُم، وَأُنفِقُوا عَلَى قَدرِ مَا أُوتِيتُم، وَلا تُخِيفُوا أَنفُسَكُم بَعدَ أَمنِهَا، فَفِي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، عَن عُقبَةَ بنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((لا تُخِيفُوا أَنفُسَكُم بَعدَ أَمنِهَا)) قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: "الدَّينُ".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فلا تزكوا أنفسكم
  • إنما بغيكم على أنفسكم
  • ولا تلمزوا أنفسكم
  • ابدأ بالبحث عن نفسك قبل البحث عن وظيفتك

مختارات من الشبكة

  • لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمننا مرهون بإيماننا(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الحديث الخامس: خطورة الرياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع دعاء: (اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي لا ترد يد لامس، قال: غربها، قال: أخاف أن تتبعها نفسي! قال: فاستمتع بها(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • كلب لا يجوز إيذاؤه، فكيف بأذية المسلم؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استجابة الله تعالى لأدعية الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب نزول السكينة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صحابة منسيون (1) الصحابي الجليل: خفاف بن ندبة السلمي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/4/1447هـ - الساعة: 9:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب