• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الاتجاه الضمني في تنمية التفكير بين الواقع ...
    د. خليل أسعد عوض
  •  
    الرياضة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    سلسلة دروب النجاح (9) الإبداع.. مهارة لا غنى عنها ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قتل الرغبات
    ياسر جابر الجمال
  •  
    ماذا بعد الستين؟!
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    أبوك ليس باردا بل هو بحر عميق
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التوفيق من الله
    أسامة طبش
  •  
    ظاهرة التظاهر بعدم السعادة خوفا من الحسد: قراءة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي
    دعاء أنور أبو مور
  •  
    "اجلس فقد آذيت": خاطرة تربوية تأصيلية في ضوابط ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    لماذا يدمن الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    كيف تستجلب الفكرة الإيجابية؟
    أسامة طبش
  •  
    الانهيار الناعم... كيف تفككت الأسرة من الداخل
    د. محمد موسى الأمين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

التناصر بالحق والتناصر على الباطل (خطبة)

التناصر بالحق والتناصر على الباطل (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/12/2018 ميلادي - 23/3/1440 هجري

الزيارات: 20627

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التناصر بالحق والتناصر على الباطل


أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الإِنسَانُ مَخلُوقٌ اجتِمَاعِيٌّ، يَأنَسُ بِغَيرِهِ وَيَتَقَوَّى بِهِ، وَتَستَقِرُّ حَيَاتُهُ وَيَهنَأُ عَيشُهُ، كُلَّمَا وَجَدَ مِمَّن حَولَهُ العَونَ وَالمُسَاعَدَةَ. وَالتَّعَاوُنُ وَالتَّنَاصُرُ وَالتَّعَاضُدُ وَالتَّظَاهُرُ، كَانَت وَمَا زَالَت مِن سِمَاتِ المُجتَمَعَاتِ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً، عَلَى مُستَوَى الشُّعُوبِ وَالقَبَائِلِ وَالأُسَرِ، وَفي البُلدَانِ وَالمُدُنِ وَالقُرَى، لا يَكَادُ يَصلُحُ لإِنسَانٍ شَأنٌ بِمُفرَدِهِ، وَلا يَكتَمِلُ لَهُ مَطلُوبٌ دُونَ عَونٍ مِن غَيرِهِ. فَهَل كُلُّ تَعَاوُنٍ مَحمُودٌ، وَهَلِ التَّنَاصُرُ مَمدُوحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهَل هُوَ مِمَّا يَدعُو لِلافتِخَارِ أَن يَتَعَاضَدَ النَّاسُ في كُلِّ مَوقِفٍ وَعَلَى أَيِّ رَابِطَةٍ، وَهَل يَحِقُّ لَهُمُ التَنَاصُرُ لِلوُصُولِ إلى أَيِّ هَدَفٍ وَغَايَةٍ؟! أَمَّا عِندَ أَهلِ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى وَفي بَعضِ عُصُورِ غَفلَةِ العَرَبِ وَضَعفِ تَدَيُّنِهِم، فَإِنَّ التَّعَاوُنَ بَينَهُم مَطلُوبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالتَّنَاصُرَ وَاجِبٌ قَبَلِيٌّ عُنصُرِيٌّ، تَفرِضُهُ الحَمِيَّةُ، وَتُؤَجِّجُهُ العَصَبِيَّةُ، وَبِهِ يَتَفَاخَرُونَ وَيَتَبَاهَونَ، وَيَتَقَوَّونَ عَلَى غَيرِهِم وَيَتَطَاوَلُونَ، وَيَتَمَدَّحُونَ بِسُرعَةِ استِجَابَةِ بَعضِهِم لِبَعضٍ في التَّنَاصُرِ وَالتَّضَافُرِ، حَتى قَالَ قَائِلُهُم في مَدحِ هَذِهِ الصِّفَةِ:

قَومٌ إِذَا الشَّرُّ أَبدَى نَاجِذَيهِ لَهُم
طَارُوا إِلَيهِ زُرَافَاتٍ وَوُحدَانَا
لا يَسأَلُونَ أَخَاهُم حِينَ يَندُبُهُم
في النَّائِبَاتِ عَلَى مَا قَالَ بُرهَانَا


نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لَقَد كَانَ حَالُ أَهلِ الجَاهِلِيَّةِ (انصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَو مَظلُومًا) بِلا نَظَرٍ وَلا رَوِيَّةٍ، وَلا تَفَكُّرٍ وَلا تَأَخُّرٍ، عَلَى حَقٍّ كَانَ أَو عَلَى بَاطِلٍ، وَمَن تَبَاطَأَ أَو لم يَفعَلْ فَهُو المَذمُومُ المُحتَقَرُ. وَأَمَّا في الإِسلامِ، فَقَد أَنزَلَ اللهُ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، وَأَتى رَسُولُهُ بِالأَحَادِيثِ الوَاضِحَاتِ، وَتَعَدَّدَتِ النُّصُوصُ الَّتي تُهَذِّبُ الأَخلاقَ وَتُقَوِّمُ السُّلُوكَ، وَتَزِنُ العُقُولَ وَتَضبِطُ المَشَاعِرَ، وَتُوَّجِّهُ النَّاسَ إِلى مَا فِيهِ نَفعُ جَمَاعَتِهِم وَحُصُولُ الخَيرِ لَهم كُلهم، وَتَمنَعُهُم عَمَّا يَضُرُّ وَلَو فَردًا وَاحِدًا مِنهُم، أَو يَمنَعُهُ حَقَّهُ أَو يَنتَهِكُ كَرَامَتَهُ، وَلَو لم يَكُنْ في ذَلِكَ إِلاَّ قَولُ اللهِ - تَعَالى -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لَقَد بَيَّنَت هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ أَنَّهُ لَيسَ كُلُّ تَعَاوُنٍ مَحمُودًا، وَلا كُلُّ تَنَاصُرٍ مَمدُوحًا، وَأَنَّ المَمدُوحَ مِنَ التَّعَاضُدِ، هُوَ مَا كَانَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، أَو في نَفعِ عِبَادِ اللهِ، وَلأَجلِ هَذَا فَقَد طَلَبَ الأَنبِيَاءُ مَن يَنصُرُهُم في الخَيرِ وَالبِرِّ، وَيُعِينُهُم عَلَى الطَّاعَةِ وَالذِّكرِ، قَالَ - تَعَالى - عَن مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴾ [طه: 29 - 34]، وَقَالَ عَنهُ أَيضًا: ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ﴾ [القصص: 34، 35]، وَعَن جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: مَكَثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ عَشرَ سِنِينَ، يَتبَعُ النَّاسَ في مَنَازِلِهِم بعُكَاظٍ وَمَجَنَّةَ، وَفي المَوَاسِمِ بِمِنًى يَقُولُ: " مَن يُؤوِيني؟ مَن يَنصُرُني حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الجَنَّةُ؟ " وَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلى أَن قَالَ: فَرَحَلَ إِلَيهِ مِنَّا سَبعُونَ رَجُلاً حَتَّى قَدِمُوا عَلَيهِ في المَوسِمِ، فَوَاعَدنَاهُ شِعبَ العَقَبَةِ، فَاجتَمَعنَا عِندَهُ مِن رَجُلٍ وَرَجُلَينِ حَتَّى تَوَافَينَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، علامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: " تُبَايِعُوني عَلَى السَّمعِ وَالطَّاعَةِ في النَّشَاطِ وَالكَسَلِ، وَالنَّفَقَةِ في العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَعَلَى الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَأَن تَقُولُوا في اللهِ لا تَخَافُونَ في اللهِ لَومَةَ لائِمٍ، وَعَلَى أَن تَنصُرُوني، فَتَمنَعُوني إِذَا قَدِمتُ عَلَيكُم مِمَّا تَمنَعُونَ مِنهُ أَنفُسَكُم وَأَزوَاجَكُم وَأَبنَاءَكُم، وَلَكُمُ الجَنَّةُ " قَالَ: فَقُمنَا إِلَيهِ فَبَايَعنَاهُ " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.


وَلَقَد أُمِرَ المُسلِمُونَ بِالاعتِصَامِ بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا، وَأَن يُعِينَ بَعضُهُم بَعضًا عَلَى الطَّاعَةِ وَالبِرِّ، وَيَنصُرَ بَعضُهُم بَعضًا فِيمَا يَنفَعُهُم، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذكُرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم إِذْ كُنتُم أَعدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوَانًا ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ يَرضَى لَكُم ثَلاثًا وَيَكرَهُ لَكُم ثَلاثًا، فَيَرضَى لَكُم أَن تَعبُدُوهُ وَلا تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا..." الحَدِيثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وَاللهُ في عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أَخِيهِ " أَخرَجَهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ، لا يَظلِمُهُ وَلا يَخذُلُهُ وَلا يَحقِرُهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المُؤمِنُ لِلمُؤمِنِ كَالبُنيَانِ يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِن امرِئٍ يَخذُلُ مُسلِمًا في مَوطِنٍ يُنتَقَصُ فِيهِ مِن عِرضِهُ وَيُنتَهَكُ فِيهِ مِن حُرمَتِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللهُ في مَوطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصرَتَهُ، وَمَا مِن امرِئٍ يَنصُرُ مُسلِمًا في مَوِطٍن يُنتَقَصُ فِيهِ مِن عِرضِهِ وَيُنتَهَكُ فِيهِ مِن حُرمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللهُ في مَوطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصرَتَهُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن رَدَّ عَن عِرضِ أَخِيهِ رَدَّ اللهُ عَن وَجهِهِ النَّارَ يَومَ القِيَامَةِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِسَبعٍ وَعِشرِينَ دَرَجَةً " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. بَل وَحَتى فِيمَا يَنفَعُ النَّاسَ في حَيَاتِهِمُ الدُّنيَوِيَّةِ فَقَد أُمِرُوا بِالاجتِمَاعِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " اِجتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُم وَاذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَيهِ يُبَارَكْ لَكُم فِيهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْيَنصُرْ بَعضُنَا بَعضًا في الحَقِّ، وَلْنَتَعَاوَنْ عَلَى الخَيرِ؛ فَقَد كَانَ أَصحَابُ نَبِيِّنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَرَضِيَ اللهُ عَنهُم - عَونًا لَهُ في الحَقِّ، وَبِهِم نُصِرَ وَأُعِينَ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - مُمتَنًّا عَلَيهِ بِذَلِكَ: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 62، 63].

♦    ♦    ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَدِ اعتَادَ النَّاسُ وَخَاصَّةً العَرَبَ عَلَى التَّنَاصُرِ في كُلِّ شَأنٍ، وَالحَمِيَّةِ لِبَعضِهِم في الخَيرِ وَالشَّرِّ، وَهَذَا وَإِن كَانَ مَصدَرَ فَخرٍ وَاعتِزَازٍ لَدَى الكَثِيرِينَ، إِلاَّ أَنَهُ في النَّظَرِ الصَّحِيحِ مِن قَبِيحِ العَادَاتِ وَمُستَنكَرِ الصِّفَاتِ، وَرَوَاسِبِ الجَاهِلِيَّةِ الَّتي جَاءَ الإِسلامُ بِتَهذِيبِهَا وَتَوجِيهِهَا الوِجهَةَ الصَّحِيحَةَ، لِتَكُونَ بَانِيَةً لا هَادِمَةً، وَرَافِعَةً لا وَاضِعَةً، وَمُنجِيَةً لا مُردِيَةً، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَو أَنَّ أَهلَ السَّمَاءِ وَأَهلَ الأَرضِ اشتَرَكُوا في دَمِ مُؤمِنٍ لأَكَبَّهُمُ اللهُ في النَّارِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ بِلَفظِ: " لَو أَنَّ أَهلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ اجتَمَعُوا عَلَى قَتلِ مُسلِمٍ، لَكَبَّهُمُ اللهُ جَمِيعًا عَلَى وُجُوهِهِم في النَّارِ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ الَّذِي يُعِينُ قَومَهُ عَلَى غَيرِ الحَقِّ كَمَثَلِ بَعِيرٍ تَرَدَّى في بِئرٍ فَهُوَ يُنزَعُ مِنهَا بِذَنَبِهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَمَعَنى الحَدِيثِ أَنَّهُ قَد وَقَعَ في الإِثمِ وَهَلَكَ، كَالبَعِيرِ إِذَا تَرَدَّى في بِئرٍ فَصَارَ يُنزَعُ بِذَنَبِهِ وَلا يَقدِرُ عَلَى الخَلاصِ. فَلا قِيمَةَ عِندَ اللهِ وَلا وَزنَ، لاجتِمَاعٍ وَتَعَاوُنٍ يَكُونُ عَلَى الشِّرِّ وَإِيذَاءِ الآخَرِينَ وَالإِضرَارِ بِهِم، أَو نَصرِ المُعتَدِينَ وَإِيوَاءِ مَن يَضُرُّ بِالمُسلِمِينَ، وَمَن فَعَلَ ذَلِكَ حَمِيَّةً جَاهِلِيَّةً وَعَصَبِيَّةً قَبَلِيَّةً، فَآوَى مُحَارِبًا أَو سَارِقًا، أَو أَعَانَ قَاتِلاً مِمَّن وَجَبَ عَلَيهِ حَدٌّ أَو حَقٌّ للهِ - تَعَالى - أَو لآدَمِيٍّ، أَو خَاصَمَ في ذَلِكَ بِبَاطِلٍ وَكَانَ مَانِعًا مِنِ استِيفَاءِ الوَاجِبِ بِأَيِّ وَجهٍ مِنَ الوُجُوهِ، فَهُوَ شَرِيكٌ في الجُرمِ وَالإِثمِ، مُستَحِقٌّ لِسَخَطِ اللهِ وَالطَّردِ مِن رَحمَتِهِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " المُؤمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُم، وَهُم يَدٌ عَلَى مَن سِوَاهُم، وَيَسعَى بِذِمَّتِهِم أَدنَاهُم، أَلا لا يُقتَلْ مُؤمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلا ذُو عَهدٍ في عَهدِهِ، مَن أَحدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفسِهِ، وَمَن أَحدَثَ حَدَثًا أَو آوَى مُحدِثًا، فَعَلَيهِ لَعنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ " رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلمٍ لم يَزَلْ في سَخَطِ اللهِ حَتَّى يَنزِعَ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَلَمَّا سُئِلَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنَ العَصَبِيَّةِ أَن يُحِبَّ الرَّجُلُ قَومَهُ؟ قَالَ: " لا، وَلَكِنْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يَنْصُرَ الرَّجُلُ قَومَهُ عَلَى الظُّلمِ " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

 

وَهَكَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فَإِنَّ كُلَّ نَصرٍ خَرَجَ عَن سَعَةِ الرَّابِطَةِ الإِسلامِيَّةِ، إِلى ضِيقِ الرَّوَابِطِ الدُّنيَوِيَّةِ، مِن نَسَبٍ أَو بَلَدٍ أَو جِنسٍ، أَو مَذهَبٍ أَو طَرِيقَةٍ أَو قَبِيلَةٍ، فَهُوَ مِنَ القَبِيحِ المَذمُومِ، أَلا فَمَا أَحرَى المُسلِمَ أَن يَتَّقِيَ اللهَ - تَعَالى - وَيَحذَرَ مِن أَن يَكُونَ عَونًا لأَيِّ أَحَدٍ عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ كَائِنًا مَن كَانَ، وَلْيَحرِصْ عَلَى أَن يَكُونَ عَونًا لإِخوَانِهِ المُسلِمِينَ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، وَلا يَحمِلَنَّهُ عَلَى العَودَةِ إِلى الجَاهِلِيَّةِ أَن بَرَزَت وَارتَفَعَ عُنُقُهَا في زَمَانٍ مَا أَو مَكَانٍ، أَو دَعَا إِلَيهَا مَوقِفٌ أَو زَيَّنَهَا لَهُ جَاهِلٌ، فَفِي مُسنَدِ الإِمَامِ أَحمَدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ عَن مُحَمَّدِ بنِ مَسلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ إِلَيهِ سَيفًا فَقَالَ: "قَاتِلْ بِهِ مَا قُوتِلَ العَدُوُّ، فَإِذَا رَأَيتَ النَّاسَ يَقتُلُ بَعضُهُم بَعضًا، فَاعمَدْ بِهِ إِلى صَخرَةٍ فَاضرِبْهُ بِهَا، ثُمَّ الزَمْ بَيتَكَ حَتَّى تَأتِيَكَ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ أَو يَدٌ خَاطِئَةٌ".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الموقف مع شدة الباطل
  • تجديد الدين بين الحق والباطل
  • اليوم الآخر بين أهل الحق وأهل الباطل
  • شهر صفر والاعتقادات الباطلة
  • وصار الحق أمنية (خطبة)
  • قصة المقترض ألف دينار (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 24/6/1432 هـ - وجوب التناصر بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وحي عاشوراء: ثبات الإيمان في مواجهة الطغيان وانتصار التوحيد على الباطل الرعديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع قوله تعالى: { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه }(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • تفسير: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مناصرة المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا دعاة الباطل لا تكونوا كاليهود: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • اللغو الباطل(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • رسالة تبصرة السائل بنور الحق وزيف الباطل (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/4/1447هـ - الساعة: 18:39
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب