• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اكتشاف العبقرية لدى الأطفال وتنميتها والمحافظة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات العقلية، والذهنية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الدعاء للأبناء سنة الأنبياء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إدمان متابعة المشاهير
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات الحسية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الإهمال في تربية الطفل وكيفية علاجه من المنظور ...
    مازن أيمن عبدالإله محمد شتا
  •  
    إدمان الوجبات السريعة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية النبوية منهج حياة
    أحمد محمد القزعل
  •  
    استخدام الألعاب اللغوية بين الوعي وسوء الفهم
    محمد عبدالله الجالي
  •  
    الإعاقة الجسدية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    أثر النية الحسنة في الأعمال
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ما فوائد النجاح؟
    أسامة طبش
  •  
    كيف تختار زوجة أو زوجا لحياة سعيدة في المغرب؟ ...
    بدر شاشا
  •  
    كيف كانت تربينا أمي بدون إنترنت؟
    آية عاطف عويس
  •  
    فخ أكاذيب التنمية البشرية
    سمر سمير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

مسارعة في الخيرات لدعوات مستجابات

مسارعة في الخيرات لدعوات مستجابات
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/8/2012 ميلادي - 15/9/1433 هجري

الزيارات: 37034

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسارعة في الخيرات لدعوات مستجابات


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

في الآيَاتِ الَّتي ذَكَرَ اللهُ فِيهَا الصِّيَامَ وَإِنزَالَ القُرآنِ في شَهرِ رَمَضَانَ، وَبَيَّنَ فِيهَا لِعِبَادِهِ بَعضَ الأَحكَامِ لِمَن شَهِدَ مِنهُمُ الشَّهرَ وَلِمَن كَانَ مُسَافِرًا، وَغَيرَ ذَلِكَ مِن أَحكَامٍ مَعَ أَهلِيهِم وَبَدءِ صِيَامِهِم وَانتِهَائِهِ، في ثَنَايَا تِلكَ الآيَاتِ العَظِيمَةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَستَجِيبُوا لي وَلْيُؤمِنُوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدُونَ ﴾ ممَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَهرَ رَمَضَانَ وَمَوسِمَ القُرآنِ وَأَيَّامَ الصِّيَامِ وَلَيَاليَ القِيَامِ، مِن أَعظَمِ المَوَاضِعِ الَّتي يُشرَعُ فِيهَا الدُّعَاءُ وَاللُّجُوءُ إِلى اللهِ، إِذْ هُوَ - تَعَالى - قَرِيبٌ مُجِيبٌ، يَسمَعُ الدُّعَاءَ وَيُحَقِّقُ الرَّجَاءَ، وَيَستَجِيبُ لِلدَّاعِي وَيُرشِدُهُ وَيُوَفِّقُهُ وَيُسَدِّدُهُ، غَيرَ أَنَّ ممَّا يَلفِتُ الانتِبَاهَ، أَنَّ اللهَ - تَعَالى - جَعَلَ لإِجَابَةِ دُعَائِنَا شَرطًا فَقَالَ: ﴿ فَلْيَستَجِيبُوا لي ﴾ فَحَتى يُجِيبَ - سُبحَانَهُ - دُعَاءَنَا وَيُحَقِّقَ رَجَاءَنَا وَيُبَلِّغَنَا آمَالَنَا، فَلا بُدَّ مِنِ استِجَابَتِنَا لَهُ قَبلَ ذَلِكَ، وَإِذَا نَحنُ فَعَلنَا ذَلِكَ وَكُنَّا للهِ - تَعَالى - عَلَى مَا يُحِبُّ وَيُرِيدُ، فَسَوفَ يَستَجِيبُ - سُبحَانَهُ - لَنَا وَيَجَعَلُنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ. فَهَل فَكَّرنَا بِجِدٍّ كَيفَ نَستَجِيبُ للهِ حَتى يُجِيبَ دُعَاءَنَا؟ إِنَّهُ لأَمرٌ كَبِيرٌ وَقَد يَكُونُ وَاسِعًا، وَلَكِنَّ ثَمَّةَ مَوَاضِعَ وَرَدَ فِيهَا إِجَابَةُ اللهِ - تَعَالى - لِعَدَدٍ مِنَ أَنبِيَائِهِ، ثم بَيَانُ استِجَابَتِهِم لَهُ قَبلَ ذَلِكَ، فَتَعَالَوا بِنَا نَستَعرِضُهَا عَلَى عَجَلٍ، لِنَتَعَرَّفَ كَيفَ استَجَابُوا لِرَبِّهِم قَبلَ أَن يَستَجِيبَ هُوَ دُعَاءَهُم، فَإِنَّ أَنبِيَاءَ اللهِ - عَلَيهِمُ السَّلامُ - هُم أَعرَفُ الخَلقِ بِرَبِّهِم، وَأَبصَرُهُم بما يُرضِيهِ وَيَستَدِرُّ رَحمَتَهُ وَيَستَجلِبُ إِجَابَتَهُ، فَفِي سُورَةِ الأَنبِيَاءِ يَقُولُ اللهُ - تَعَالى -: ﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبلُ فَاستَجَبنَا لَهُ فَنَجَّينَاهُ وَأَهلَهُ مِنَ الكَربِ العَظِيمِ ﴾ فَمَا هُوَ إِلاَّ أَن نَادَى - عَلَيهِ السَّلامُ - حَتى جَاءَتهُ الاستِجَابَةُ مِن رَبِّهِ - تَعَالى - مُبَاشَرَةً، وَنُجِّيَ هُوَ وَأَهلُهُ مِنَ الكَربِ العَظِيمِ، وَيَقُولُ - تَعَالى -: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاستَجَبنَا لَهُ فَكَشَفنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَينَاهُ أَهلَهُ وَمِثلَهُم مَعَهُم رَحمَةً مِن عِندِنَا وَذِكرَى لِلعَابِدِينَ ﴾ لَقَد جَاءَتِ الاستِجَابَةُ بَعدَ الدُّعَاءِ وَالابتِهَالِ إِلى اللهِ بِصِفَةِ الرَّحمَةِ، فَكَشَفَ اللهُ المَرَضَ عَن نَبِيِّهِ أَيُّوبَ - عَلَيهِ السَّلامُ - وَرَدَّ عَلَيهِ أَهلَهُ وَبَارَكَ لَهُ في جِسمِهِ وَمَالِهِ. وَيَقُولُ - تَعَالى - عَن يُونُسَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَن نَقدِرَ عَلَيهِ فَنَادَى في الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالمِينَ * فَاستَجَبنَا لَهُ وَنَجَّينَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤمِنِينَ ﴾ لَقَدِ ابتُلِيَ - عَلَيهِ السَّلامُ - بِظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ: ظُلمَةُ البَحرِ وَظُلمَةُ بَطنِ الحُوتِ وَظَلامُ اللَّيلِ، وَمَا هُوَ إِلاَّ أَنِ ابتَهَلَ إِلى رَبِّهِ وَدَعَاهُ دُعَاءَ المُعَظِّمِ لِرَبِّهِ المُقِرِّ بِذَنبِهِ، حَتى جَاءَتهُ الاستِجَابَةُ لِتُنقِذَه مِن تِلكَ الظُّلُمَاتِ. وَأَمَّا زَكَرِيَّا - عَلَيهِ السَّلامُ - فَإِنَّهُ لم يُرزَقْ وَلَدًا تَقَرُّ بِهِ عَينُهُ، فَدَعَا اللهَ - تَعَالى - وَنَادَاهُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرني فَردًا وَأَنتَ خَيرُ الوَارِثِينَ. فَاستَجَبنَا لَهُ وَوَهَبنَا لَهُ يَحيى وَأَصلَحنَا لَهُ زَوجَهُ ﴾ نَعَم، لَقَدِ استَجَابَ اللهُ دُعَاءَهُ وَوَهَبَهُ الوَلَدَ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ وَكِبَرِ سِنِّ زَوجِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، استَجَابَ لَهُ وَرَزَقَهُ يَحيى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.

 

لَقَدِ استَجَابَ اللهُ - تَعَالى - لأَنبِيَائِهِ، وَآتَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُم سُؤلَهُ، فَمَا سِرُّ تِلكَ الاستِجَابَاتِ؟! إِنَّ الجَوَابَ الشَّافيَ مَوجُودٌ في سُورَةِ الأَنبِيَاءِ نَفسِهَا، ذَكَرَهُ - تَعَالى - بَعدَ ذِكرِهِ دُعَاءَ أَنبِيَائِهِ وَاستِجَابَتَهُ لهم، فَمَاذَا قَالَ - تَعَالى - عَنهُم؟ وَبِأَيِّ شَيءٍ وَصَفَهُم؟ لَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ في الخَيرَاتِ وَيَدعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ ذَلِكُم هُوَ سِرُّ استِجَابَةِ اللهِ لَهُم، وَتِلكَ هِيَ الصِّفَاتُ العَظِيمَةُ الَّتي استَحَقُّوا بها الإِجَابَةَ، إِنَّهَا صِفَاتٌ بَيِّنَةٌ، وَشُرُوطٌ وَاضِحَةٌ، وَطَرِيقٌ لا لَبسَ فِيهَا وَلا غُمُوضَ ﴿ إِنَّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ في الخَيرَاتِ وَيَدعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ مُسَارَعَةٌ في الخَيرَاتِ، وَخَوفٌ وَرَجَاءٌ، وَخُشُوعٌ وَخُضُوعٌ، فَأَينَ نَحنُ مِن هَذِهِ الصِّفَاتِ؟ وَمَا حَالُنَا في شَهرِنَا مَعَ الخَيرَاتِ، هَل نَحنُ في الخَيرَاتِ مُسَارِعُونَ؟ وَإلى أَسبَابِ المَغفِرَةِ مُسَابِقُونَ؟ أَم أَنَّنَا مُتَبَاطِئُونَ مُتَكَاسِلُونَ؟ لِيَنظُرْ كُلٌّ مِنَّا حَالَهُ مَعَ الصَّلَوَاتِ المَفرُوضَةِ أَوَّلاً، مَا حَظُّهُ مِنَ المُحَافَظَةِ عَلَيهَا مَعَ الجَمَاعَةِ؟ وَهَل هُوَ حَرِيصٌ عَلَى إِدرَاكِ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ؟ وَإِذَا كَانَ ممَّن يَسهَرُ في لَيلِهِ عَلَى القِيلِ وَالقَالِ أَوِ اللَّعِبِ أَو مُشَاهَدَةِ القَنَوَاتِ، فَهَل هُوَ ممَّن يُفَوِّتُ صَلاةَ الفَجرِ وَلا يَحسِبُ لها حِسَابًا؟ وَإِذَا كَانَ ممَّن يَتَحَامَلُونَ عَلَى أَنفُسِهِم حَتى يُصَلُّوا الفَجَرَ مَعَ الجَمَاعَةِ، فَكَيفَ حَالُهُ بَعدَ ذَلِكَ مَعَ صَلاتَيِ الظُّهرِ وَالعَصرِ؟ إِنَّ ذَلِكُم هُوَ أَعظَمُ مِيزَانٍ لِمَعرِفَةِ حَظِّ النَّفسِ مِنَ المُسَارَعَةِ في الخَيرَاتِ، إِنَّهَا الصَّلَوَاتُ، فَمَن كَانَ عَلَيهَا مُحَافِظًا، وَلِخَمسِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ شَاهِدًا، وَعَلَى إِدرَاكِ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ حَرِيصًا، فَهُوَ فِيمَا سِوَاهَا مِنَ الخَيرَاتِ مُسَارِعٌ، مَن حَافَظَ عَلَى الصَّلاةِ كَمَا يَجِبُ، دَفَعَهُ ذَلِكَ إِلى أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَمَلَهُ عَلَى الإِنفَاقِ في سَبِيلِ اللهِ، وَسَهَّلَ عَلَيهِ حِفظَ جَوَارِحِهِ عَنِ الحَرَامِ وَاقتِرَافِ الآثَامِ، وَأَحيَا قَلبَهُ فَحَفِظَ عَهدَهُ وَقَامَ بما يَجِبُ عَلَيهِ لِرَبِّهِ وَلِخَلقِهِ، وَاقرَؤُوا في ذَلِكَ قَولَ رَبِّكُم - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الخَيرُ مَنُوعًا * إِلاَّ المُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُم عَلَى صَلاتِهِم دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ في أَموَالِهِم حَقٌّ مَعلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالمَحرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَومِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِن عَذَابِ رَبِّهِم مُشفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِم غَيرُ مَأمُونٍ * وَالَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزوَاجِهِم أَو مَا مَلَكَت أَيمَانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ * وَالَّذِينَ هُم لأَمَانَاتِهِم وَعَهدِهِم رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُم عَلَى صَلاتِهِم يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ في جَنَّاتٍ مُكرَمُونَ ﴾ لَقَد بُدِئَت صِفَاتُ هَؤُلاءِ المُسَارِعِينَ في الخَيرَاتِ بِالصَّلاةِ وَخُتِمَت بِالصَّلاةِ، فَاتَّقُوا اللهَ يَا مَن تَرجُونَ أن يُجِيبَ اللهُ في هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ دُعَاءَكُم، وَيَسمَعَ نِدَاءَكُم وَيُحَقِّقَ رَجَاءَكُم، وَسَارِعُوا في الخَيرَاتِ وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، ثم ليَكُنْ دَافِعُكُم في ذَلِكَ الرَّغبَةَ فِيمَا عِندَ اللهِ مِنَ النَّعِيمِ المُقِيمِ، وَالرَّهبَةَ ممَّا أَعَدَّهُ مِن العَذَابِ الأَلِيمِ، كُونُوا بَينَ خَوفٍ وَرَجَاءٍ، تَذَكَّرُوا أَنَّ عِندَ اللهِ جَنَّةً أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ، وَنَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ، وَأَنَّ اللهَ قَد تَعَهَّدَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَلئِهَا، وَلْيَكُنْ ذَلِكَ سَبَبًا في خُشُوعِكم بَينَ يَدَي رَبِّكُم، خُشُوعًا عَامًّا في كُلِّ أَمرِكُم، لَيسَ في صَلاتِكُم وَدُعَائِكُم فَحَسبُ، وَلَكِنْ في كُلِّ أَمرِكُم وَجَمِيعِ شَأنِكُم، أَطِيبُوا المَطَاعِمَ وَالمَشَارِبَ خَوفًا مِنَ اللهِ، وَاعفُوا وَاصفَحُوا رَجَاءَ مَا عِندَ اللهِ، وَأَخبِتُوا إِلى رَبِّكُم وَأَنِيبُوا لَهُ، وَكُونُوا إِلى الحَقِّ رَجَّاعِينَ، ذَلِكُم هُوَ شَأنُ الخَاشِعِينَ ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاقُو رَبِّهِم وَأَنَّهُم إِلَيهِ رَاجِعُونَ ﴾ قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَبَشِّرِ المُخبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُم وَالمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ ﴾.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

سَارِعُوا في الخَيرَاتِ، وَتَسَابَقُوا إِلى الصَّالِحَاتِ، وَآمِنُوا بِرَبِّكُم إِيمَانَ الصَّادِقِينَ، وَاحتَسِبُوا كُلَّ مَا تَعمَلُونَهُ وَتُقَدِّمُونَهُ لِوَجهِ اللهِ، رَغبَةً فِيمَا عِندَهُ وَخَوفًا ممَّا أَعَدَّهُ، وَاخشَعُوا لَهُ - تَعَالى - وَأَخبِتُوا، ثم أَبشِرُوا بِإِجَابَةِ دُعَائِكُم وَتَحَقُّقِ رَجَائِكُم، وَنَيلِكُم أَعظَمَ مَرغُوبٍ فِيهِ وَهُوَ جَنَّةُ رَبِّكُم، فَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن أَصبَحَ مِنكُمُ اليَومَ صَائِمًا؟" قَالَ أَبُو بَكرٍ: أَنَا. قَالَ: "فَمَن تَبِعَ مِنكُمُ اليَومَ جَنَازَةً؟" قَالَ أَبُو بَكرٍ: أَنَا. قَالَ: "فَمَن أَطعَمَ مِنكُمُ اليَومَ مِسكِينًا؟" قَالَ أَبُو بَكرٍ: أَنَا. قَالَ: "فَمَن عَادَ مِنكُمُ اليَومَ مَرِيضًا؟" قَالَ أَبو بَكرٍ: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا اجتَمَعنَ في امرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الجَنَّةَ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. إِنَّهَا صُورَةٌ مُشرِقَةٌ مِن صُوَرِ المُسَارَعَةِ في الخَيرَاتِ وَاستِبَاقِهَا، يُطَبِّقُهَا صِّدِيقُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَعظَمُهَا إِيمَانًا بَعدَ نَبِيِّهَا، لِيُبَيِّنَ لَنَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ المُسَابَقَةَ في الخَيرَاتِ، سَبَبٌ لِحُصُولِ أَعظَمِ مَرغُوبٍ وَهُوَ الجَنَّةُ، فَكَيفَ بما عَدَاهُ ممَّا يَسأَلُهُ العَبدُ رَبَّهُ مِن أَمرِ دِينِهِ أَو دُنيَاهُ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَكُونُوا مِنَ المُسَارِعِينَ المُسَابِقِينَ المُخبِتِينَ الخَاشِعِينَ، وَاضرِبُوا في كُلِّ بِرٍّ وَخَيرٍ بِسَهمٍ ﴿ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم وَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤمِنِينَ ﴾ وَاحذَرُوا ممَّا زَيَّنَهُ الشَّيطَانُ لِبَعضِ العَابِدِينَ، الَّذِينَ بَدَلاً مِنَ المُسَابَقَةِ في الخَيرَاتِ وَالتَّنَافُسِ في الطاَّعَاتِ، صَارُوا يَتَسَابَقُونَ إِلى الخُرُوجِ مِنَ المَسَاجِدِ وَالتَّخَفُّفِ مِنَ العِبَادَاتِ.

 

وَصَلاةُ التَّرَاوِيحِ عَلَى ذَلِكَ من الشَّواهِدِ، فَاصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ، فَإِنَّمَا لأَنفُسِكُم تُقَدِّمُونَ ﴿ مَن كَفَرَ فَعَلَيهِ كُفرُهُ وَمَن عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنفُسِهِم يَمهَدُونَ * لِيَجزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الكَافِرِينَ ﴾.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضائل الصيام
  • تذكرة موجزة بشيء من أحكام الصيام وآدابه
  • الصيام.. معنى وحكمة ومشروعية
  • إنهم كانوا يسارعون في الخيرات
  • فضائل الإسراع بالخير في القرآن الكريم والسنة النبوية
  • ثلاث دعوات مستجابات (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تميز منهج الصحابة رضي الله عنهم في تلقي القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • بين الخوف والرجاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متى ينال البر؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إدمان تكنولوجي(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • عناية الصحابة - رضي الله عنهم - بحفظ القرآن وضبطه في محفوظا في الصدور(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • خطبة: موقف المسلم من فتن أعداء الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المبادرة حياة والتسويف موت بطيء(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الموازنة بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأمته وبين دعاء كل نبي لأمته(مقالة - ملفات خاصة)
  • مفتاح الخيرات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/6/1447هـ - الساعة: 10:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب