• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الاتجاه الضمني في تنمية التفكير بين الواقع ...
    د. خليل أسعد عوض
  •  
    الرياضة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    سلسلة دروب النجاح (9) الإبداع.. مهارة لا غنى عنها ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قتل الرغبات
    ياسر جابر الجمال
  •  
    ماذا بعد الستين؟!
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    أبوك ليس باردا بل هو بحر عميق
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التوفيق من الله
    أسامة طبش
  •  
    ظاهرة التظاهر بعدم السعادة خوفا من الحسد: قراءة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي
    دعاء أنور أبو مور
  •  
    "اجلس فقد آذيت": خاطرة تربوية تأصيلية في ضوابط ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    لماذا يدمن الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    كيف تستجلب الفكرة الإيجابية؟
    أسامة طبش
  •  
    الانهيار الناعم... كيف تفككت الأسرة من الداخل
    د. محمد موسى الأمين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

حسن الظن بالله تعالى (خطبة)

حسن الظن بالله تعالى (خطبة)
الشيخ محمد بن إبراهيم السبر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2025 ميلادي - 22/3/1447 هجري

الزيارات: 5511

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى[1]


الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ الْمُجْتَبَى وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضَى وَنَبِيُّهُ الْمُصْطَفَى، صَلى اللهُ وَسَلِّمْ عَلَيِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ فِي الْآخِرَةِ وَالْأوْلَى.

أمَّا بَعدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194].


أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ:إِنَّ مِنْ أَجَلِّ مَقَامَاتِ الْإِيمَانِ وَأَسْمَى مَرَاتِبِ الْإِحْسَانِ: أَنْ يُحْسِنَ الْعَبْدُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَيَعْتَقِدَ فِي رَبِّهِ مَا يليقُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْكَمَالِ، فَيُحْسِنَ الظَّنَّ بِهِ، وَيَمْلَأَ قَلْبَهُ بِحَمْدِهِ وَتَعْظِيمِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَخَشْيَةِ عِقَابِهِ وَالطَّمَعِ فِي فَضْلِهِ.


وَحُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى هُوَ قُوَّةُ الْيَقِينِ بِمَا وَعْدَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ مِنْ سَعَةِ كَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَنَصْرِهِ وَفَرَجِهِ، وَثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ. وَمَنْ أَحْسَنَ ظَنَّهُ باللهِ وَقَوَّى يَقِينُهُ بِهِ؛ كَانَ اللهُ لَهُ كَمَا ظَنَّ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِيْ» مُتَّفقٌ عَلَيِهِ.


حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى هُوَ خُلُقُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَطَرِيقُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، فَهَذَا نَبِيُّ اللَّهِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- خَرَجَ بِقَوْمِهِ فَاِتْبَعَهُ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيَّاً وَعَدْوَّاً، فِي مَوْقِفٍ عَصِيبٍ، وَمَشْهَدٍ يَحَارُ فِيهِ اللَّبِيبِ: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 61-62] فَكَانَ اللَّهُ عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّهِ بِهِ، فَانْفَلَقَ لَهُ الْبَحْرُ؛ ﴿ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ﴾ [الشعراء: 63-66].


وَهَذِهِ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ هَاجَرُ يَأْتِي بِهَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَعَ رَضِيعِهَا إِلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، فَتَرَكَهَا وَمَضَى لِوَجْهِهِ، فَتُنَادِيهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ! يَا إِبْرَاهِيمُ! وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَقَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا، فَكَانَ اللَّهُ عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ هذه الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ، فَتَفَجَّرَ مَاءُ زَمْزَمَ مِنْ تَحْتِ قَدَمِي رَضِيعِهَا.


وَهَذَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ تَوَكُّلَاً وَثِقَةً بِرَبِّهِ؛ يَخْرُجُ مِنْ مَكَةَ مُهَاجِرَاً مُتَخَفِيَاً، فَيَطْلُبُهُ الْمُشْرِكُونَ حَتَّى وَصِلُوا إلى الْغَارِ وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ إِلَّا خُطْوَاتٍ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ وَاثِقَاً مُسْتَيْقِنَاً بِوَعْدِ رَبِّهِ مُحْسِنَاً الظَّنَّ بِهِ، قَالَ أَبِو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا! فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا» مُتَّفقٌ عَلَيِهِ. فَأَعْمَى اللهُ أَبْصَارَهُمْ وَخَيَّبَ سَعِيُّهُمْ، وَنَصَرَهُ وَأَظْهَرَ دِينَهُ.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ: صِحَّةِ الْاِعْتِقَادِ فِي اللهِ، وَإحْسَانِ الْعَمَلِ فِي طَاعَتِهِ. فَحُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى عِبَادَةٌ قَلْبِيَّةٌ جَلِيلَةٌ، تَبْعَثُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِمَّةٍ عَالِيَةٍ، وَمَتَى خَلَا إِحْسَانُ الظَّنِّ مِنَ الْعَمَلِ فَهُوَ غُرُورٌ خَادِعٌ، وَسَرَابٌ لَامِعٌ؛ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ، فَأَحْسَنَ الْعَمَلَ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ أَسَاءَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ، فَأَسَاءَ الْعَمَلَ"، وقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: "فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَحْمِلُهُ عَلَى حُسْنِ الْعَمَلِ ظَنُّهُ بِرَبِّهِ أَنْ يُجَازِيَهُ عَلَى أَعْمَالِهِ وَيُثِيبَهُ عَلَيْهَا وَيَتَقَبَّلَهَا مِنْهُ، فَالَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الْعَمَلِ حُسْنُ الظَّنِّ، فَكُلَّمَا حَسُنَ ظَنُّهُ حَسُنَ عَمَلُهُ، وَإِلَّا فَحُسْنُ الظَّنِّ مَعَ اتِّبَاعِ الْهَوَى عَجْزٌ".


عِبَادَ اللهِ: إِنَّ سُوءَ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى قَدْحٌ فِي التَّوْحِيدِ، وَهُوَ حَالُ اِلْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [الفتح: 6]، وَذمَ سُبْحَانَهُ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ أَسَاءُوا الظَّنَّ بِهِ؛ فَقَالَ: ﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران: 154]، فَظَنُّ السُّوءِ بِاللَّهِ هُوَ ظَنُّ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ ظَنٌّ لَا يَلِيقُ بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى وَذَاتِهِ المُبرَّأةِ مِنْ كُلِ سُوءِ، وَمَا تَقْتَضِيهِ رُبُوبِيَّتُهُ وَتَسْتَلْزِمُهُ أُلُوهِيَّتُهُ، وَمَتَى عَرَفَ الْعَبْدُ رَبَّهُ وَمَا لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْجَلَالِ وَنُعُوتِ الْكَمَالِ فَاضَ قَلْبُهُ بِمَحَبَّتِهِ، وَلَانَتْ جَوَارِحُهُ لِطَاعَتِهِ.


أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ: ثَمَّةَ مَوَاطِنُ وَأَحْوَالٌ يَتَأَكَّدُ فِيهَا حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْهَا: عِنْدَ التَّوْبَةِ، فَمَتَى أَيْقَنَ التَّائِبُ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيُقِيلُ الْعَثْرَةَ وَيَغْفِرُ الزَّلَّةَ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ تَوْبَتَهُ وَمَحَا هَفْوَتَهُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 104].


وَمِنْ مَوَاطِنِ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ؛ فَيَدْعُوهُ، وَيُحْسِنُ الظَّنَّ بِأَنَّهُ سَيُجِيبُ سُؤلَهُ وَيَنِيلَهُ طَلَبُهُ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. قَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ:" وَحُسُنُ الظَّنِّ بِاللهِ لَقَاحُ الْاِفْتِقَارِ وَالْاِضْطِرَارِ إِلَيْهِ، فَإِذَا اِجْتَمَعَا أَثْمَرَ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ".

 

وَإِنِّي لَأَرْجُو اللهَ حَتَّى كَأَنَّنِي
أَرَى بِجَمِيلِ الظَّنِّ مَا اللهُ صَانِعُ

وَعِنْدَ الْمَوْتِ يُحْسِنُ الْعَبْدُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ؛ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: " إذا رأيْتُمُ الرَّجُلَ بالْمَوْتِ، فَبَشِّرُوهُ حتَّى يَلْقَى رَبَّهُ وَهُوَ حَسَنُ الظَّنِّ بِهِ، وَإذَا كَانَ حَيَّاً فخَوِّفُوهُ برَبِّهِ -عَزَّ وجَلَّ-".

 

وَعِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكُرَبِ يَعْظُمُ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ؛ فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لَمْ يُكْشَفْ عَنْهُمْ مَا بِهِم مِنْ كَرْبٍ وَضَيِّقٍ إِلَّا بَعْدَمَا أَحْسَنُوا الظَّنَّ بِرَبِّهِمْ. ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118].


قَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ: " كُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ حَسَنَ الظَّنِّ بِاللهِ، حَسَنَ الرَّجَاءِ لَهُ، صَادِقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَهُ فِيهِ الْبَتَّةَ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ آمِلٍ، وَلَا يُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ".

 

حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ لَا يَعْنِي التَّوَاكُلَ أَوِ الرُّكونَ إِلَى الْكَسَلِ، بَلْ هُوَ قُوَّةٌ تَحْفِزُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْجِدِّ وَالْاِجْتِهَادِ، وَأَنْ يَبْذُلُ الْمَرْءُ جُهْدَهُ، وَيَسْتَفْرِغَ وُسْعَهُ لِخِدْمَةِ دِينِهِ، وَبِنَاءِ وَطَنِهِ، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2-3].


وَمِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِاللهِ، الشَّكُّ فِي إنَفَاذِ وَعَدِّهِ، وَالظَّنُّ بِأَنَّهُ لَا يَنْصُرُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ يُعْجِزُونَهُ بِقُوَّتِهِمْ، فَهَذَا ظَنٌّ بَاطِلٌ، وَحُسْبَانٌ فَاسِدٌ ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ﴾ [إبراهيم: 47]، ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [النور: 57].


فَاِحْذَرُوا رَحِمَكُمِ اللهُ مِنْ تَسَلُّطِ الْيَأْسِ وَالْقَنُوطِ إِلَى النُّفُوسِ عِنْدَ تَوَالِي النَّكْبَاتِ وَنُزُولِ الْبَلَايَا بِالْمُسْلِمِينَ، فَاصْبِرُوا وَاِسْتَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا؛ وَاعْلَمُوا أَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ الْبَلَاءَ مَهْمَا طَالَ فَهُوَ إِلَى زَوَالٍ بِإِذْنِ اللهِ، ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7].


اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ صِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَّنِّ بِكَ؛ يَا ذ الْجَلَاَلِ وَالْإكْرَامِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطبَةُ الثَّانيةُ:

الْحَمْدُ للّهِ وَكَفَى، وَسَلَاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَبَعدُ؛ فَاِتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكُمْ، وَأَحْسِنُوا لَهُ الْعَمَلَ؛ تَفُوزُوا بِالرِّضَا وَالرِّضْوَانِ مِنَ الرَّبِّ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، وَنُزُوُلِ رَفيعِ الْجِنَّانِ.


وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمْرِكُمْ بِالصَّلَاَةِ وَالسَّلَّامِ عَلَى نَبِيهِ فَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]؛ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ، وَصَلِّ عَلَى الآلِ الْأَطْهَارِ، وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَجَمِيعِ الصَّحْبِ الْأَخْيَارِ.


اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمينَ، وأَذِلَّ الشِرْكَ وَالمُشْرِكِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنَاً مُطْمَئِنَّاً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمينَ. اللَّهُمَّ وفِّقْ خَادَمَ الحَرَمينِ الشَريفينِ، وَوَليَ عَهْدِهِ لمَا تُحبُ وَتَرضَى.


عِبَادَ اللهِ: عِبَادَ اللَّهِ: اذكُرُوْا اللَّهَ ذِكْرَاً كَثِيرَاً، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلاً، وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.



[1] للشيخ محمد السبر، قناة التلغرام https://t.me/alsaberm





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حسن الظن بالله تعالى
  • حسن الظن بالله تعالى والثقة بنصره
  • حسن الظن بالله تعالى
  • هل نغلب الرجاء وحسن الظن بالله تعالى أم الخوف والخشية؟
  • ثمرات حسن الظن بالله تعالى
  • حسن الظن بالله تعالى (خطبة)
  • خطبة حسن الظن بالله تعالى

مختارات من الشبكة

  • حسن الظن بالعلماء (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حسن الظن بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالمسلمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضل القرض الحسن: القرض الحسن كعتق رقبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفتاح العلم: حسن السؤال وحسن الإصغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأرزاق والأعمار وعمران الديار تزيد بصلة الأرحام وحسن الأخلاق وحسن الجوار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجازة الشيخ حسن حسن الجريسي للشيخ عواد علي الحفناوي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وخالق الناس بخلق حسن (محاسن الأخلاق)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا الحسن(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/4/1447هـ - الساعة: 12:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب