ترجمة الحجاج بن أرطأة وحكم روايته

ترجمة الحجاج بن أرطأة وحكم روايته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن الحجاج بن أرطأة، أحد رواة الحديث، من أئمة التابعين، برز في الكوفة في القرن الثاني الهجري، واشتهر بطلبه للعلم وحرصه على الرواية.

ورغم ما أُخِذ عليه من سوء الحفظ والتدليس فقد بقيت له مكانة بين المحدِّثين، وأخرج له أصحاب السُّنَن وغيرهم، وتباينت فيه أقوال النُّقَّاد ما بين موثق ومضعف؛ مما يجعله نموذجًا مهمًّا لدراسة موازين الجرح والتعديل.

وهذه ترجمة شاملة ومختصرة تبين: اسمه ونسبه وطبقته وشيوخه وتلاميذه وأقوال العلماء فيه وخلاصة القول في روايته.

اسمه ونسبه وكنيته ولقبه[1]:

هو حجاج بن أرطاة بفتح الهمزة بن ثور بن هبيرة النخعي بن شراحيل بن كعب، أبو أرطاة الكوفي القاضي.

طبقته ووفاته: من الطبقة السابعة[2]، مات سنة (245 هــ).

من شيوخه: عكرمة، وعطاء، والحكم، ونافع، ومكحول، وجبلة بن سحيم، والزُّهْري، وقتادة، وغيرهم.

ومن تلاميذه: منصور بن المعتمر- وهو من شيوخه- وقيس بن سعد، وابن إسحاق، وشعبة- وهم من أقرانه- والحمادان، والثوري، وشريك.

أخرج له: البخاري في الأدب المفرد، ومسلم مقرونًا بغيره، وأصحاب السنن الأربعة.

من كلام العلماء فيه:

قال أبو حاتم: "صدوق يدلس عن الضعفاء يُكتب حديثه، فإذا قال: حدثنا، فهو صالح لا يُرتاب في صدقه وحفظه إذا بين السماع، لا يُحتج بحديثه، لم يسمع من الزهري، ولا من هِشام بن عروة، ولا من عِكرمة[3]".

وقال أبو طالب أحمد بن حميد، سألت أحمد بن حنبل عن حجاج بن أرطأة، فقال: " كان يدلس، كان إذا قيل له: مَنْ حدَّثك؟ مَنْ أخبرك؟ قال: لا تقولوا: من أخبرك؟ من حدَّثك؟ قولوا: من ذكره؟ وروى عن الزُّهْري، ولم يره[4]".

وقال ابن حبان: سمعت محمد بن نصر، سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، عن عيسى بن يونس قال: "كان الحجاج بن أرطاة لا يحضر الجماعة، فقيل له في ذلك فقال: أحضر مسجدكم حتى يزاحمني فيه الحمَّالون والبقَّالون[5]".

وخرج ابن حِبَّان حديثه في "صحيحه"، فيما ذكره الصريفيني[6].

وقال أبو بكر الخطيب: "الحجاج أحد العلماء بالحديث والحفاظ له[7]".

وقال العجلي: كان فقيهًا، وكان أحد مفتي الكوفة، وكان فيه تيه، وكان يقول: أهلكني حب الشرف، وولي قضاء البصرة، وكان جائز الحديث إلا أنه صاحب إرسال، وكان يرسل عن يحيى بن أبي كثير، ومكحول، ولم يسمع منهما، وإنما يعيب الناس منه التدليس، قال: وكان حجاج راويًا عن عطاء، سمع منه[8]".

وقال الذهبي: "الإمام، العلامة، مفتي الكوفة مع الإمام أبي حنيفة، والقاضي ابن أبي ليلى، أبو أرطاة النخعي، الكوفي، الفقيه، أحد الأعلام[9]".

وقال ابن حجر: "أحد الفقهاء صدوق كثير الخطأ والتدليس[10]".

خلاصة القول في حجاج بن أرطأة:

هناك رسالة بحث ماجستير من جامعة أم القرى للباحثة/ فايزة بنت عبدالله الخزاعي، قالت فيها: "مَنْ وثَّقه من العلماء نظر إلى فقهه وحفظه، فقد كان حافظًا فقيهًا.

ومن جرحه من العلماء نظر إلى إرساله وتدليسه عن الضعفاء والمجهولين، واضطرابه في الحديث.

الحكم فيه:

من خلال دراستي لمرويات الحجاج في الكتب التسعة، والتي تناولت فيها (337) حديث بالمكرر، و(191) حديث بغير المكرر، ظهر لي أن مروياته الصحيحة: 47 %، والحسنة: 35 %، فالحجاج صدوق، يخطئ، كثير التدليس، فإذا صرح بالتحديث ووافق حديثه الثقات يرتقي إلى الصحة، أما إذا دلَّس وتابعه ثقة، فالحديث حسن لغيره[11].