• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قتل الرغبات
    ياسر جابر الجمال
  •  
    ماذا بعد الستين؟!
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    أبوك ليس باردا بل هو بحر عميق
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التوفيق من الله
    أسامة طبش
  •  
    ظاهرة التظاهر بعدم السعادة خوفا من الحسد: قراءة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي
    دعاء أنور أبو مور
  •  
    "اجلس فقد آذيت": خاطرة تربوية تأصيلية في ضوابط ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    لماذا يدمن الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    كيف تستجلب الفكرة الإيجابية؟
    أسامة طبش
  •  
    الانهيار الناعم... كيف تفككت الأسرة من الداخل
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    مناهجنا التعليمية وبيان بعض القوى المؤثرة في ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سلسلة دروب النجاح (6) العقلية النامية: مفاتيح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قاعدة الأولويات في الحياة الزوجية عندما يزدحم ...
    د. محمد موسى الأمين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

تفسير سورة الشرح

تفسير سورة الشرح
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/1/2025 ميلادي - 22/7/1446 هجري

الزيارات: 895

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سُورَةُ الشَّرْحِ

 

سُورَةُ (أَلَمْ نَشْرَحْ): مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ[1]، وَآيُهَا ثَمَانِي آيَاتٍ.

 

أَسْمَاءُ السُّورَةِ:

وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمائِهَا: سُورَةُ (أَلَمْ نَشْرَحْ)، وَسُورَةُ (الشَّرْحِ)، وَسُورَةُ (الاِنْشِراحِ)[2].


الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ للسُّورَةِ:

حَوَتْ هَذِهِ السُّورَةُ الْكَثِيرَ مِنَ الْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي الْعَظِيمَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ[3]:

• شَرْحُ صَدْرِ الْمُصْطَفَىصلى الله عليه وسلم، وَرَفْعُ قَدْرِهِ وَذِكْرِهِ.


• الْوَعْدُ بِأَنَّ الْعُسْرَ بَعْدَهُ يُسْرٌ وَفَرَجٌ وَنَصْرٌ مِنَ اللهِ.


• الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَالرَّغْبَةِ إِلى اللهِ تَعَالى.


شَرْحُ الْآيَاتِ:

قَوْلُهُ: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ ﴾، أَيْ: أَلَمْ نُفْسِحْ وَنُوَسِّعْ يَا مُحَمَّدُ[4]، ﴿ لَكَ صَدْرَك ﴾، أي: لِلْهُدَى وَالإْيمَانِ[5]، وَالاسْتِفْهَامُ هُنَا اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ[6]، وَهَذا كَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ﴾ [سورة الأنعام:125].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَوَضَعْنَا ﴾، أَيْ: وَحَطَطْنَا[7]، ﴿ عَنكَ وِزْرَك ﴾، أي: ذَنْبَكَ[8]، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى: ﴿ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ [سورة الفتح:2][9].

 

قَوْلُهُ: ﴿ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَك ﴾، أَيْ: الَّذِي أَثْقَلَ وَأَتْعَبَ ظَهْرَكَ[10].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك ﴾، أي: في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِذَا ذُكِرَ اللهُ تَعَالَى ذُكِرَ مَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَيْسَ صَاحِبُ صَلاةٍ وَلَا مُتَشَهِّدٌ وَلَا خَطِيبٌ إِلَّا يَقُولُ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ)[11]، وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ اللهَ تَعَالى قَرَنَ طاعَتَهُ بِطاعَتِهِ عليه الصلاة والسلام، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [سورة النور:54]، وَقَالَ: ﴿ مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ﴾ [سورة النساء:80][12].

 

قَوْلُهُ: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾، أَيْ: مَعَ مَا تَراهُ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالْأَذَى يُسْرًا وفَرَجًا، ومَعَ الضِّيقَةِ سَعَةٌ، وَمَعَ الشِّدَّةِ رَخَاءٌ، وَمَعَ الكَرْبِ فَرَجٌ[13].

 

قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾، تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ أَوِ اسْتِئْنَافُ وَعْدِهِ بِأَنَّ الْعُسْرَ مَتْبُوعٌ بِيُسْرٍ آخَرَ[14].

 

قَوْلُهُ: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ ﴾، مِنْ أَيِّ عَمَلٍ دينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ،﴿ فَانصَب ﴾، أي: فَاتْعَبْ وَاجْتَهِدْ في الْعِبادَةِ؛ شُكْرًا لِمَا عَدَّدْنَا عَلَيْكَ مِنَ النِّعَمِ السَّالِفَةِ، وَوَعَدْناكَ مِنَ النِّعَمِ الْآتِيَةِ[15].


قَوْلُهُ: ﴿ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب ﴾، أي: ارْغَبْ بِالسُّؤَالِ وَالتَّضَرُّعِ، وَلَا تَسْأَلْ إِلَّا فَضْلَهُ، فَإنَّهُ الْقادِرُ وَحْدَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَبِيَدِهِ كُلُّ شَيْءٍ[16].

 

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ:

بَيَانُ عَظِيْمِ نِعْمَةِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك ﴾: بَيَانٌ لِنِعْمَةِ اللهِ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرْحِ صَدْرِهِ، فَقَدْ شَرَحَ صَدْرَهُ، وَنَوَّرَهُ بِالْوَحْيِ وَالْحِكْمَةِ، وَأَذْهَبَ عَنْهُ جَمِيعَ الْهُمومِ وَالْغُمومِ الَّتي أَصابَتْهُ؛ مِنْ تَكْذيبِ قَوْمِهِ، وَاسْتِكْبَارِهِمْ عَنْ دَعْوَتِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمِنَنِ الَّتِي يَمْتَنُّ اللهُ تَعَالى بِهَا عَلَى الْعَبْدِ: أَنْ يَشْرَحَ صَدْرَهُ، وَيُنَوِّرَهُ بِالْعِلْمِ وَالْهُدَى؛ وَلِهذَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ مُوسَى عليه الصلاة والسلام: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ﴾ [سورة طه:25-27]، فَكَانَ الدُّعَاءُ بِانْشِرَاحِ الصَّدْرِ أَوَّل دَعْوَةٍ دَعَا بِهَا مُوسَى عليه الصلاة والسلام.

 

وهذا لأَنَّ ذَلِكَ -أي: انْشِرَاحُ الصَّدْرِ- مِنْ أَعْظَمِ مَا يُعِينُ عَلَىْ تَحَمُّلِ أَعْبَاءِ الرِّسَالَةِ، وَالْقِيامِ بِوَاجِبِ الْبَلَاغِ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ أَوَّلَ النِّعَمِ الَّتِي امْتَنَّ اللهُ بِهَا عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم.

 

غُفْرَانُ اللهِ تَعَالَى ذُنُوبَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:

فِي قَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَك ﴾ [سورة الشرح:2]: بَيَانُ مِنَّةِ اللهِ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَطْهِيرِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَفي ذَلِكَ عِدَّةُ دَلَالَاتٍ، مِنْهَا:

أولًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقَعُ مِنْهُ الْخَطَأُ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعالى لَا يُقِرُّهُ عَلى خَطَئِهِ، بَلْ يُبَيِّنُ لَهُ خَطَأَهُ رَحْمَةً بِهِ وَبِأُمَّتِهِ، وَيَعْفُو عَنْ زَلَّتِهِ، وَيَقْبَلُ تَوْبَتَهُ فَضْلًا مِنْهُ وَرَحْمَةً، وَاللهُ غَفورٌ رَحيمٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ لِمَنْ تَأَمَّلَ الْقُرآنَ، كَهَذِهِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا، لَكِنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ الْخَطَأِ في كُلِّ مَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللهِ عز وجل، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾[سورة النجم:1-5].

 

ثانيًا: أَنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالى عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم: أَنْ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَحَطَّ عَنْهُ مَا أَثْقَلَ ظَهْرَهُ مِنْ أَعْبَاءِ الرِّسَالَةِ حَتَّى يُبَلِّغَهَا[17]، وإنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمِنَنِ الَّتِي يَمْتَنُّ اللهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ.

 

ضَرَرُ الذُّنُوبِ وَالْمَعاصِيْ عَلَىْ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَك * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَك ﴾[سورة الشرح:2-3]: أَنَّ لِلذُّنُوبِ وَالْمَعَاصَي ثِقَلًا عَظِيمًا عَلَى الْمُؤْمِنِ، مِمَّا يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ دَائِمًا إِلَى الاِسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ، وَأَنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِيْ تُؤَدِّيْ إِلَىْ عَدَمِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ.

 

لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾[سورة الشرح:5-6]: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاللهِ، وَأَنْ يُقَوِّيَ يَقِينَهُ بِفَرَجٍ مِنْ عِنْدِهِ سَبْحَانَهُ، فَهُوَ عز وجل عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ، وَأَنْ يَبْذُلَ أَسْبَابَ الْفَرَجِ مِنَ الصَّبْرِ وَالتَّقْوَى وَالتَّوَكُّلِ وَحَمْدِ اللهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [سورة الطلاق:2-3].

 

وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»[18].

 

وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ رحمه الله: "وَمِنْ لَطَائِفِ أَسْرَارِ اقْتِرَانِ الْفَرَجِ بِالْكَرْبِ وَالْيُسْرِ بِالْعُسْرِ: أَنَّ الْكَرْبَ إِذَا اشْتَدَّ وَعَظُمَ وَتَنَاهَى، وَحَصَلَ لِلْعَبْدِ الْإِيَاسُ مِنْ كَشْفِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَخْلُوْقِيْنَ، وَتَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ التَّوَكُّلِ عَلَىْ اللَّهِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُطْلَبُ بِهَا الْحَوَائِجُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْفِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [سورة الطلاق:3]"[19].

 

وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله فِيْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَىْ: ﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [سورة الشرح:6] قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا مَسْرُورًا فَرِحًا، وَهُوَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ»[20].

 

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: "قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾[سورة الشرح:5-6]: فَالْعُسْرُ -وَإِنْ تَكَرَّرَ مَرَّتَيْنِ- فَتَكَرَّرَ بِلَفْظِ الْمَعْرِفَةِ فَهُوَ وَاحِدٌ، وَالْيُسْرُ تَكَرَّرَ بِلَفْظِ النَّكِرَةِ فَهُوَ يُسْرَانِ، فَالْعُسْرُ مَحْفُوفٌ بِيُسْرَيْنِ، يُسْرٍ قَبْلَهُ، وَيُسْرٍ بَعْدَهُ، فَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ"[21].

 

الْأَمْرُ بِاسْتِغْلَالِ الْوَقْتِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَب ﴾ [سورة الشرح:7]: أَنَّ اللهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم -وَأَمْرُهُ لِنَبِيِّهِ أَمْرٌ لِأُمَّتِهِ-: أَنْ يَمْلَأَ وَقْتَهُ في عِبَادَةِ اللهِ، وَيَجْتَهِدَ في ذَلِكَ، وَكُلَّمَا فَرَغَ مِنْ عَمَلٍ أَتْبَعَهُ بِعَمَلٍ آخَرَ حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالَى، وَيَسْتَحْضِرَ النِّيَةَ الْخَالِصَةَ في أَيِّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ حَتَّى يُثَابَ عَلَيْهِ.

 

الْحَثُّ عَلَىْ الرَّغْبَةِ فِيْمَا عِنْدَ اللهِ، وَاطِّرَاحِ الرَّغْبَةِ فِيْمَنْ عَدَاهُ، فِيْ كُلِّ شَيْءٍ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَىْ: ﴿ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب ﴾ [سورة الشرح:8]: حَثَّ اللهُ تَعَالَىْ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وحهو حَثٌّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَرْغَبَ فِيمَا عِنْدَ اللهِ في كُلِّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالى حَذَفَ مَفْعُولَ ﴿ فَارْغَب ﴾، وَحَذْفُهُ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ كُلِّ مَا يَرْغَبُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم [22]؛ لأَنَّ الرَّغْبَةَ فِيمَا عِنْدَ اللهِ تُثْمِرُ في حَيَاةِ الْمُؤْمِنِ السَّعَادَةَ، وَالسُّكُونَ وَالطُّمَأْنِينَةَ وَالرّاحَةَ، وَتَسْتَقيمُ الْجَوَارِحُ عَلَى طاعَةِ اللهِ، وَتُشَمِّرُ النَّفْسُ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَمْلَأُ النَّفْسَ بِالشَّوْقِ وَالْحَنينِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى مَا عِنْدَ اللهِ، عِنْدَ ذَلِكَ تَتَصَاغَرُ في نَفْسِ الْمُؤْمِنِ هَذِهِ الدُّنْيَا، فَلَا تَفْتِنُهُ شَهَوَاتُهَا، وَلَا تَغُرُّهُ مَلَذَّاتُهَا، وَلَا يَبِيعُ دِينَهُ وَلَا أَخْلَاقَهُ وَلَا قِيَمَهُ وَمَبَادِئَهُ مِنْ أَجْلِهَا.

 

وقَدِ امْتَثَلَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ، فَكَانَ أَكْثَرَ الْخَلْقِ رَغْبَةً في مَا عِنْدَ اللهِ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِه، وَصَبَرَ عَلَى مَرْضَاتِهِ، وَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِطاعَتِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَفي الْحَديثِ عَنْ أَبِي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ ذَلِكَ العَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ: أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْر»[23].

 

إثبات توحيد الربوبية والألوهية:

فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب ﴾: تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْأُلُوِهِيَّةِ، فَتَوْحيدُ الرُّبُوبِيَّةِ في قَوْلِهِ: ﴿ وَإِلَى رَبِّكَ ﴾، وَتَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ في قَصْرِ الرَّغْبَةِ فيمَا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى؛ فَيَنْبَغِيْ عَلَىْ الْعَبْدِ قَصْرُ الرَّغْبَةِ في الْمَطَالِبِ وَالْحَاجَاتِ عَلَى اللهِ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْجَارِّ وَالْمَجْرورِ ﴿ وَإِلَى رَبِّكَ ﴾ عَلَى الْفِعْلِ ﴿ فَارْغَب ﴾ يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ وَالاِخْتِصَاصِ، أَيْ: فَلَا تَرْغَبْ في غَيْرِهِ، وَلَا تَطْلُبْ مِنْ أَحَدٍ سِوَاهُ[24].



[1] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 496).
[2] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 407).
[3] ينظر: بصائر ذوي التمييز (1/ 526)، مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور(3/ 207)، التحرير والتنوير (30/ 407).
[4] ينظر: تفسير البغوي (8/ 463).
[5] ينظر: تفسير الطبري (24/ 492).
[6] ينظر: زاد المسير (4/ 460)، تفسير الخازن (4/ 441).
[7] ينظر: ينظر: تفسير القرطبي (20/ 106).
[8] ينظر: تفسير الطبري (24/ 492).
[9] ينظر: تفسير البغوي (8/ 463)، تفسير ابن كثير (8/ 430).
[10] ينظر: تفسير الماوردي (6/ 297)، تفسير البغوي (8/ 463).
[11] ينظر: تفسير الطبري (24/ 494).
[12] ينظر: تفسير الرازي (32/ 208)، تفسير النسفي (3/ 656).
[13] ينظر: تفسير السمعاني (6/ 250)، فتح القدير (5/ 564).
[14] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 321).
[15] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 433)، تفسير البيضاوي (5/ 321-322).
[16] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 322).
[17] ينظر: تفسير الخازن (4/ 441).
[18] أخرجه أحمد (2803).
[19] جامع العلوم والحكم (1/ 493).
[20] أخرجه الحاكم في المستدرك (3950) مرسلًا. وقال الحاكم (2/ 575): "وقد صحت الرواية عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب: «لن يغلب عسر يسرين»".
[21] بدائع الفوائد (2/ 155).
[22] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 418).
[23] أخرجه البخاري (3654).
[24] ينظر: تفسير ابن جزي (2/ 493).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الشرح للأطفال
  • تفسير سورة الشرح
  • تفسير سورة الشرح
  • تفسير سورة التين
  • تفسير سورة العصر
  • تفسير سورة الشرح

مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حياة القلوب تفسير كلام علام الغيوب (الجزء الرابع عشر) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث السابع: تفسير الحياء من الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ...}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/4/1447هـ - الساعة: 16:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب