• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اكتشاف العبقرية لدى الأطفال وتنميتها والمحافظة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات العقلية، والذهنية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الدعاء للأبناء سنة الأنبياء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إدمان متابعة المشاهير
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإعاقات الحسية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الإهمال في تربية الطفل وكيفية علاجه من المنظور ...
    مازن أيمن عبدالإله محمد شتا
  •  
    إدمان الوجبات السريعة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية النبوية منهج حياة
    أحمد محمد القزعل
  •  
    استخدام الألعاب اللغوية بين الوعي وسوء الفهم
    محمد عبدالله الجالي
  •  
    الإعاقة الجسدية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    أثر النية الحسنة في الأعمال
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ما فوائد النجاح؟
    أسامة طبش
  •  
    كيف تختار زوجة أو زوجا لحياة سعيدة في المغرب؟ ...
    بدر شاشا
  •  
    كيف كانت تربينا أمي بدون إنترنت؟
    آية عاطف عويس
  •  
    فخ أكاذيب التنمية البشرية
    سمر سمير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

التوحيد في القرآن الكريم (2)

ناصر عبدالغفور

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/10/2013 ميلادي - 29/11/1434 هجري

الزيارات: 18393

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوحيد في القرآن الكريم (2)


5- ذِكرُ القرآنِ لجَزاء أهل التوحيد وأهل الشِّرك في الدارَين:

وهذا كثير جدًّا في القرآن، لكن لا بأس أن نَذكُرَ بعض الآيات على سبيل المثال لا الحصر؛ فقد وعد الله تعالى أهل التوحيد والإيمان وعودًا عظيمة في هذه الدار قبل دار القرار، فوعَدَهم في الدنيا بالتمكين والاستِخلاف في الأرض، والثبات والأمن والاستقرار، والمحبة في قلوب الخَلق، والفُرقان الذي يُميِّزون به بين الحق والباطل، والنافع والضار، والرشاد والغي، ومَغفِرة الذنوب.

 

فمن عاقبة أهل التوحيد في هذه الدنيا ما ذكَرَه الله تعالى في قوله: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96]، وقال تعالى: ﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]، ولا ريبَ أن التوحيد أسُّ التقوى وأصله، فكيف يتَّقي اللهَ من لم يوحده؟

 

أما بالنِّسبة لجزائهم الأُخرويِّ، فكثيرة هي الآيات التي وردَت في وصفِ ما أعدَّه الله لأهل توحيده من النعيم المُقيم، والرضوان العظيم، يقول تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: 26]، وقال تعالى: ﴿ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ﴾ [الصافات: 40 - 49]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ﴾ [البروج: 11].

 

وقد جمَع الله لهم بين الحُسنَيينِ - الجزاء الدنيوي والأخروي - في عدة آيات؛ كقوله - جل جلاله -: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64]، وقوله - عز مِن قائل -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأحقاف: 13، 14].

 

أما أهل الشِّركِ والضلال، الذين استكبَروا عن توحيد ذي الجلال، فقد تعرَّضوا لأنواع من النكال؛ لجُرمِهم وقُبحِ ما أتوه من الأفعال؛ قال تعالى: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40].

 

وأما عذابهم الأخروي، فهو أشدُّ وأبقى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ﴾ [طه: 74]، ﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ [إبراهيم: 15 - 17]، ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [النحل: 28، 29]، ﴿ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الصافات: 33 - 35].

 

6- ضرب الأمثال للتوحيد ونقيضه:

تنوَّعت أساليب القرآن في بيان عِظم شأن التوحيد، وتعدَّدت طرُقه في ذلك ودلائلُه بشكل لا يُمكِن أن يُحاكيَه كتاب.

 

يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه الماتع "إغاثة اللهفان": "وليس تحت أديمِ السماء كتاب مُتضمِّن للبراهين والآيات على المطالب العالية من التوحيد مثل القرآن؛ فإنه كفيل بذلك كله، مُتضمِّن له على أتمِّ الوجوه وأحسِنها وأقربها إلى العقول وأفصحها بيانًا".

 

ومِن طرُقِ القرآن في الدعوة إلى التوحيد ضربُ الأمثال التي تُبيِّن مدى بشاعة الشرك - ضد التوحيد ونقيضه - وكما يُقال بضدِّها تتبيَّن الأشياء.

 

وسنكتفي - إن شاء الله تعالى - بذكر أربعة أمثال:

المثل الأول: قوله - جل شأنه -: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 29]، فهذا مثل للموحِّد والمُشرِكِ في طمأنينة الأول واستقرار باله، وتمزُّق الآخَر وتشتُّت باله؛ يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي - رحمه الله تعالى -: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا ﴾؛ أي: عبدًا، ﴿ فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ ﴾ فهم كثيرون وليسو مُتَّفقين على أمر من الأمور، وحالة من الحالات؛ حتى تمكن راحته، بل هم مُتشاكِسون متنازعون فيه، كلٌّ له مطلب يريد تنفيذه، ويريد الآخرُ غيرَه، ﴿ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ ﴾؛ أي: خالصًا له قد عرَف مقصودَ سيدِه، وحصَلت له الراحة التامَّة، ﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ﴾؟ لا يستويان، كذلك المُشرِك فيه شُركاء مُتشاكِسون، يدعو هذا، ثم يدعو هذا، فتراه لا يستقرُّ له قرار، ولا يطمئنُّ قلبه في مَوضِع، والمُوحِّد مُخلِص لربه، قد خلَّصه الله من الشركة لغيره، فهو في أتمِّ راحة، وأكمل طمأنينة"؛ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (670).

 

فكيف يستوي من تعلَّقَ بالأضرحة والقبور، ونزَّل أصحابها منزلة العزيز الغفور، فإليهم يَصرِفُ الدعاءَ، وبهم يستغيث ويتوسَّل، ولهم يُقدِّم الذبائح والنذور، من قبر إلى قبر، ومن زاوية إلى أخرى، ومَن سفَّه فعله دعا عليه بالويل والثُّبور، فكيف يستوي هو ومن وحَّد ربه؛ فلا يدعو غيره، ولا يَستغيث إلا به، ولا يتوكَّل إلا عليه، فشتان شتان بين المُشرِك والموحِّد.

 

المثل الثاني: قوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 41].

 

في هذا المثَل يُبيِّن اللهُ تعالى مدى ضعفِ كل من عُبد من دونه، وأنه عاجزٌ غاية العَجزِ، وأنه لا يزيد عابديه إلا وهنًا على وهنٍ، فمَثَل هؤلاء المشركين كمَثَل العنكبوت - وهي من أضعف الحشَرات - اتَّخذت بيتًا يقيها القرَّ والحرَّ، لكنها لم تزدَد باتخاذِه إلا ضعفًا، وهكذا حال كل من اتَّخذ القبور والأضرحة آلهةً من دون الله، فإنه - والواقع أكبر شاهد - لا يَزداد بها إلا وهنًا وضعفًا، فتجد الواحد من هؤلاء أضعفَ الناسِ عزيمةً، وأوهنَهم قلبًا وبدنًا وحالاً.

 

"وهذا المثَلُ - كما يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - من أحسن الأمثال وأدلِّها على بطلان الشرك، وخسارة صاحبه، وحصوله على ضد مقصوده"؛ الأمثال في القرآن: (1: 14).

 

المثل الثالث: قوله - جل في علاه -: ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ [الرعد: 14]، هذا المثل يبيِّن مدى استحالة انتِفاع المُشرِكِ بمَعبوده.

 

فالله - جل وعلا - شبَّه في هذا المثل العظيم استجابةَ الآلهة الباطلة من قبور وأضرحة وأشجار... لعابِديها، بالذي بسط كفيه إلى الماء لينال شربةَ ماء وهو لا يستطيع نَيله - وما هو ببالغه - فيمد يده وهو في غاية العطش، لكنَّ وصوله إلى الماء مُحالٌ، وكما أن هذا محالٌ، فالمُشبَّه به محال، والتعليق على المُحالِ من أبلغ ما يكون في نفي الشيء كما يقول العلماء.

 

المثل الرابع: قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [الحج: 31]، في هذه الآية شبَّه الله - جل وعلا - المُشركَ الذي عبَدَ معه غيره بمَن خرَّ من السماء، فإما أن تُمزِّقه الطيور في الهواء تمزيقًا، أو تهوي به الريح إلى أبعد مكان، وفي كلا الحالتَين فالهلاك حاصل لا يُرجى معه نجاة.

 

ففي هذا المثل البديع يُبيِّن العليم السميع مدى شناعة الشرك وحال أهله الشنيع، فإن مَن أشركَ بالله قد أهلك نفسه إهلاكًا ليس بعده إهلاك.

 

وإذا اعتُبر التشبيه المضروب في الآية من التشبيه المفروق، فإن الله - جل وعلا - كما قال ابن القيم وبعض أهل التفسير، شبه التوحيد في عُلوِّه وسعته وشرفه بالسماء، وشبَّه تاركه بالساقط منها إلى أسفل سافلين، والطير الذي يَخطف أعضاءه ويُمزِّقه بالشياطين التي يُرسلها الله تعالى عليه فتؤزُّه أزًّا، فكل شيطان له مزعة من دينه وقلبه، كما أنَّ لكل طير مُزعةً من لحمه وأعضائه، والريح التي تهوي به في مكان سَحيق هو هواهُ الذي يَحمله على إلقاء نفسه إلى الهلاك - عياذًا بالله.

 

فهل بعد هذا كله يَليق بمسلم - يشهد شهادة التوحيد، ويَسجُدُ للعليِّ المَجيد، ويؤمِن بيوم لا مفرَّ منه ولا مَحيد، قد رهَّب الله منه وأكثر فيه من الوعيد، لمن جعَل له الشريك والنديد، أن يَصرِف شيئًا من العبادات لغير الله أو يتعلَّق بغيره، أو يحج لغير بيته، أو يطوف بغير كعبته؟

 

7- المحاورات القرآنية في دحضِ الشِّركِ وأهله:

من وجوه القرآن في بيان عظم التوحيد وبُطلانِ الشرك، تلك المُحاوَراتُ التي دارت بين الرسل وأقوامِهم، مُبيِّنةً بالحُجج الدامغة، والبراهين الساطعة، ضلالَ أهل الشرك الذين استكبَروا عن توحيد الرب العليّ، واستبدلوا ذلك بعبادة من عجزُه ظاهر جليّ.

 

وهذه الحوارات كثيرة جدًّا في القرآن؛ لذا أكتفي بنقل حوارَينِ اثنين: الأول بين خليل الرحمن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - وقومه، والثاني بين الكليم موسى - عليه الصلاة والسلام - وفرعون اللعين:

أ- قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الشعراء: 69 - 82].

 

ب- قال تعالى: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الشعراء: 23 - 28].

 

كما نجد القرآن قد تعدَّدت استِدلالاته في إثبات التوحيد وأنه الحق المُبين، وأن الشرك مجرَّد تَخرُّص وظنٍّ، كما قال تعالى: ﴿ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ﴾ [الأنعام: 116]، ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾ [يونس: 36]، وقد ذكر العلماء أقسامًا لهذه الاستدلالات، فمنها الأدلة الحسية الكونية، والأدلة النفسية، والأدلة العقلية، وهذه تَنقسِم بدورها إلى أنواع عدة، منها الدليل البدهي، ودليل التمانُع، ودليل التسليم.

 

المراجع:

♦ مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.

♦ سلم الوصول إلى علم الأصول.

♦ القول المفيد على كتاب التوحيد.

♦ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.

♦ عمدة التفسير.

♦ تفسير المراغي.

♦ درأ تعارض العقل والنقل.

♦ الصواعق المرسلة.

♦ زاد المسير لابن الجوزي.

♦ إغاثة اللهفان.

♦ الأمثال في القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التوحيد في القرآن الكريم (1)

مختارات من الشبكة

  • أقسام التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المزيد في شرح كتاب التوحيد لخالد بن عبدالله المصلح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • حماية جناب التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بنية الحذف في القرآن الكريم: دلالاتها بين البلاغة العربية والنظريات الحديثة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من صفات الرجولة في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المختصر في تربية الأولاد: لمحات تربوية من آيات الذرية في القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإحسان في القرآن الكريم والسنة النبوية: دراسة موضوعية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرف القرآن الكريم وشرف تعليمه وتعلمه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دلالة السياق في تنوع الحركات في البنية نفسها في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- التوحيد
د.عمار الخطيب - العراق 11/12/2018 06:44 AM

الحمد لله على نعمة التوحيد لا اله الا الله مُحمد رسول الله
بمعنى لا معبود بحق إلا الله جل جلاله وعظمة قدرته فهو الأول والآخر والظاهر والباطن الفوز برضا الله تعالى والفوز بالفردوس الأعلى، والفوز بمحبته باتباع نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال تعالى في كتابه الكريم: ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ))[سورة آل عمران، الايات:31-32] بالاتباع نفوز بمحبة الله ومغفرة الذنوب والحمد لله على كل ما أعطانا الله ووهبنا إياه وأولها نعمة التوحيد.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/6/1447هـ - الساعة: 17:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب