• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خماسية إدارة الوقت بفعالية
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    100 قاعدة في المودة والرحمة الزوجية
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    "إني لأكره أن أرى أحدكم فارغا سبهللا لا في عمل ...
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    ملخص كتاب: كيف تقود نفسك للنجاح في الدنيا والآخرة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    القدوة وأثرها في حياتنا
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    "إن كره منها خلقا رضي منها آخر"
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي في المجتمع ...
    بدر شاشا
  •  
    إدمان المواقع الإباحية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    بين الحب والهيبة..
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (10) الحافز الداخلي: سر ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أثر التفكير الغربي في مراحل التعليم في العالم ...
    بشير شعيب
  •  
    التعليم المختلط ومآلات التعلق العاطفي: قراءة في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملامح تربية الأجداد للأحفاد
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    الاتجاه الضمني في تنمية التفكير بين الواقع ...
    د. خليل أسعد عوض
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

حمر النعم كفر النعم

حمر النعم كفر النعم
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/1/2012 ميلادي - 2/3/1433 هجري

الزيارات: 21858

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حمر النعم كفر النعم

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

ممَّا جَاءَ في القُرآنِ الدَّعوَةُ إِلَيهِ وَالحَضُّ عَلَيهِ، تَدَبُّرُ الإِنسَانِ فِيمَا حَولَهُ ممَّا أَبدَعَهُ خَالِقُهُ وَفَطَرَهُ مَولاهُ، وَتَفَكُّرُهُ في خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَينَهُمَا، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 185] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾ [النحل: 48] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [الأنبياء: 30 - 33] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 7، 8] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ ﴾ [السجدة: 27].

 

وَإِنَّ مِن أَخَصِّ مَا أُمِرَ الإِنسَانُ بِالتَّفَكُّرِ فِيهِ لِمُخَالَطَتِهِ إِيَّاهُ وَانتِفَاعِهِ بِهِ وَمِنهُ، الأَنعَامَ الَّتي سَخَّرَهَا لَهُ المَولى - سُبحَانَهُ - وَذَلَّلَهَا وَمَلَّكَهُ إِيَّاهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 71 - 73] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَلم يَرَوا إِلى الطَّيرِ مُسَخَّرَاتٍ في جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يُؤمِنُونَ * وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِن بُيُوتِكُم سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِن جُلُودِ الأَنعَامِ بُيُوتًا تَستَخِفُّونَهَا يَومَ ظَعنِكُم وَيَومَ إِقَامَتِكُم وَمِن أَصوَافِهَا وَأَوبَارِهَا وَأَشعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلى حِينٍ * وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُم مِنَ الجِبَالِ أَكنَانًا وَجَعَلَ لَكُم سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأسَكُم كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعمَتَهُ عَلَيكُم لَعَلَّكُم تُسلِمُونَ * فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيكَ البَلاغُ المُبِينُ * يَعرِفُونَ نِعمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكثَرُهُمُ الكَافِرُونَ ﴾ [النحل 79، 83].

 

وَإِنَّ مِن أَحَبِّ الأَنعَامِ إِلى العَرَبِ وَأَغلاهَا عِندَهُم ثَمَنًا، وَأَجَلِّهَا في نُفُوسِهِم مَكَانَةً وَأَرفَعِهَا قَدرًا، مَخلُوقًا عَجِيبًا أَلِفُوهُ وَأَحَبُّوهُ، وَاقتَنَوهُ وَأَكرَمُوهُ، وَأَطعَمُوهُ وَسَقَوهُ وَحَمَوهُ، بَل وَتَفَاخَرُوا بِهِ وَتَقَاتَلُوا لأَجلِهِ وَتَنَاهَبُوهُ، إِنَّهَا الإِبِلُ، تِلكُمُ المَخلُوقَاتُ العَجِيبَةُ الغَرِيبَةُ، الَّتي حَضَّ الخَالِقُ - سُبحَانَهُ - عِبَادَهُ عَلَى التَّأَمُّلِ في خَلقِهَا، حَيثُ قَالَ تَعَالى في آيَاتٍ كَثِيرًا مَا نَسمَعُهَا: ﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾ [الغاشية: 17 - 20] لم تُخلَقِ الإِبِلُ قَبلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ كَمَا قَد يَدَّعِي بَعضُ مُحِبِّيهَا أَو يَظُنُّونَ، وَلَكِنَّهَا كَانَت بهم أَلصَقَ وَإِلى نُفُوسِهِم أَقرَبَ، وَأَعيُنُهُم إِلَيهَا في كُلِّ وَقتٍ تَنظُرُ وَتَتَأَمَّلُ، وَهُم حَولَهَا وَمَعَهَا يَغدُونَ وَيَرُوحُونَ، لا يَستَغنُونَ عَنهَا في صُبحٍ وَمَسَاءٍ، وَمِن ثَمَّ فَقَد أُمِرُوا بِالتَّفَكُّرِ فِيهَا وَتَأَمُّلِ خَلقِهَا؛ لِئَلاَّ تُنسِيَهُم كَثرَةُ تَعَامُلِهِم مَعَهَا مَا أَودَعَهُ اللهُ في خَلقِهَا مِن أَسرَارٍ وَآيَاتٍ، أَو يَغفُلُوا عَن كَبِيرِ إِنعَامِهِ عَلَيهِم بِتَسخِيرِهَا. وَإِنَّمَا دَعَاهُم سُبحَانَهُ إِلى ذَلِكَ؛ لِيَكُونَ نَظَرُهُم إِلَيهَا وَتَأَمُّلُهُم عَجِيبَ صُنعِهِ فِيهَا مَدخَلاً إِلى الإِيمَانِ الخَالِصِ بِعَظِيمِ قُدرَتِهِ تَعَالى وَبَدِيعِ صُنعِهِ، وَأَنَّهُ رَبُّ العَالمِينَ المُستَحِقُّ لِلعِبَادَةِ، جَزَاءَ مَا أَنعَمَ بِهِ عَلَيهِم مِن نِعَمٍ عَظِيمَةٍ، وَمَا شَمِلَهُم بِهِ مِن آلاءٍ جَسِيمَةٍ، مِن أَخَصِّهَا وَأَقرَبِهَا إِلَيهِم هَذِهِ الإِبِلُ، ذَاتُ الخَلقِ العَجِيبِ وَالتَّركِيبِ الغَرِيب، وَالبَالِغَةُ الغَايَةَ في القُوَّةِ وَالنِّهَايَةَ في الشِّدَّةِ، وَمَعَ هَذَا سَخَّرَهَا القَادِرُ سُبحَانَهُ لهم وَمَلَّكَهُم قِيَادَهَا، فَلَيَّنَهَا لِلحِملِ الثَّقِيلِ، وَذَلَّلَهَا لِتَنقَادَ لِلقَائِدِ الضَّعِيفِ، وَأَحَلَّ أَكلَ لَحمِهَا وَشُربَ لَبَنِهَا، وَالانتِفَاعَ بِوَبَرِهَا وَجُلُودِهَا، فَعَلَيهَا يَحمِلُونَ أَثقَالَهُم وَأَمتِعَتَهُم، وَمِن لُحُومِهَا يَأكُلُونَ وَمِن أَلبَانِهَا يَشرَبُونَ، وَمِن بَعرِهَا يُوقِدُونَ وَبِأَبوَالِهَا يَستَشفُونَ، وَبِجُلُودِهَا وَوَبرِها يَستَمتِعُونَ وَيَستَتِرُونَ، وَلَهُم فِيهَا عِزٌّ وَجَمَالٌ وَقُوَّةٌ وَغِنىً، وَلَهُم فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَعَلَيهَا وَعَلَى الفُلكِ يُحمَلُونَ، قَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَالأَنعَامَ خَلَقَهَا لَكُم فِيهَا دِفءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنهَا تَأكُلُونَ * وَلَكُم فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسرَحُونَ * وَتَحمِلُ أَثقَالَكُم إِلى بَلَدٍ لم تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُم لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ * وَالخَيلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ لِتَركَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخلُقُ مَا لا تَعلَمُونَ * وَعَلَى اللهِ قَصدُ السَّبِيلِ وَمِنهَا جَائِرٌ وَلَو شَاءَ لَهَدَاكُم أَجمَعِين ﴾ [النحل: 5، 9] وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: "الإِبِلُ عِزٌّ لأَهلِهَا، وَالغَنَمُ بَرَكَةٌ، وَالخَيرُ مَعقُودٌ في نَوَاصِي الخَيلِ إِلى يَومِ القِيَامَةِ" أَخرَجَهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

عِبَادَ اللهِ:

يَكفِي الإِبِلَ فَضلاً وَشَرَفًا، أَنَّ اللهَ تَعَالى جَعَلَهَا خَيرَ مَا يُهدَى إِلى بَيتِهِ الحَرَامِ وَجَعَلَهَا مِن شَعَائِرِهِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَكُونُوا مِنَ النَّاظِرِينَ إِليهَا نَظرَ تَفَكُّرٍ وَاعتِبَارٍ، وَلا تَكُونُوا مِنَ المُتَبَاهِينَ بها مِن أَهلِ الكِبرِ وَالفَخَارِ، فَإِنَّ للهِ غَيرَهَا في الأَرضِ وَالسَّمَاوَاتِ آيَاتٍ بَاهِرَاتٍ، لَكِنَّ أَهلَ العُقُولِ الرَّاجِحَةِ الزَّاكِيَةِ هُمُ المُتَدَبِّرُونَ المُنتَفِعُونَ ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 190 - 194] وَأَمَّا المُسرِفُونَ فَإِنَّهُم لا يَهتَدُونَ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [يوسف: 105] وَتِلكَ نَتِيجَةُ الإِسرَافِ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28] أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَومِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيهِم وَآتَينَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالعُصبَةِ أُولي القُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَومُهُ لا تَفرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ * وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا وَأَحسِنْ كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَلا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلمٍ عِندِي أَوَلم يَعلَمْ أَنَّ اللهَ قَد أَهلَكَ مِن قَبلِهِ مِنَ القُرُونِ مَن هُوَ أَشَدُّ مِنهُ قُوَّةً وَأَكثَرُ جَمعًا وَلا يُسأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المُجرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَومِهِ في زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيتَ لَنَا مِثلَ مَا أُوتيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوَابُ اللهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ * فَخَسَفنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ * وَأَصبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوا مَكَانَهُ بِالأَمسِ يَقُولُونَ وَيكَأَنَّ اللهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَيَقدِرُ لَولا أَن مَنَّ اللهُ عَلَينَا لَخَسَفَ بِنَا وَيكَأَنَّهُ لا يُفلِحُ الكَافِرُونَ * تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأَرضِ وَلا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 76، 83].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ فَاذكُروهُ وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

لَيسَ العَجَبُ مِن حُبِّ العَرَبِ لِلإِبِلِ، فَهُوَ نِتَاجُ عِلاقَةٍ فِطرِيَّةٍ طَبِيعِيَّةٍ، أَنبَتَتهَا الحَاجَاتُ وَدَعَت إِلَيهَا الضَّرُورَاتُ، وَأَحكَمَتهَا الأَيَّامُ وَالسَّنَوَاتُ، وَأَورَثَهَا الأَجدَادُ لِلآبَاءِ وَغُذِّيَ عَلَيهَا الأَحفَادُ وَالأَبنَاءُ، حَتى جَعَلَ أَحَدُهُم يُطعِمُ ذَودَهُ كَمَا يَغذُو وَلَدَهُ، بَل وَيُعطِي مِن وَقتِهِ لِرَعيِ نَعَمِهِ وَالاعتِنَاءِ بها مَا لا يُعطِيهِ أَهلَهُ وَمَن تَحتَ يَدِهِ، لَكِنَّ هَذَا لَيسَ بِغَرِيبٍ وَلا مُستَنكَرًا، وَلَكِنَّ المُستَنكَرَ حَقًّا أَن يَنسَاقَ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ اليَومَ وَرَاءَ مَا تُملِيهِ عَلَيهِم دَوَاعِي أَنفُسِهِم وَيَجرُوا خَلفَ نَزَوَاتِهَا، وَيَستَسلِمُوا لِتَوهِيمَاتِ الشَّيَاطِينِ وَيَنقَادُوا لِنَزَغَاتِهَا، وَتُؤُزَّهُمُ الجَاهِلِيَّاتُ أَزًّا فَتَطِيشَ أَحلامُهُم وَتَسفَهَ عُقُولُهُم، وَتَعمَى بَصَائِرُهُم لِشَهوَةِ أَبصَارِهِم، فَيَجعَلُوا مِن هَذَا المَخلُوقِ الَّذِي جَمَّلَهُ اللهُ وَأَمَرَهُم بِالنَّظَرِ إِلَيهِ لِلاعتِبَارِ، مَجَالاً لِلتَّبَاهِي وَالافتِخَارِ، وَيُغَالُوا في ثَمَنِهِ حَتى يُجَاوِزُوا بِهِ آلافَ الآلافِ، ثم يُحِيطُوا كُلَّ ذَلِكَ بِاجتِمَاعَاتٍ وَاحتِفَالاتٍ، وَيُقِيمُوا عَلَيهَا خِيَامًا وَسُرَادِقَاتٍ، تَبرُزُ فِيهَا دَوَاعِي الكِبرِ وَالأَشَرِ، وَيَظهَرُ فِيهَا التَّعَالي وَالبَطَرُ، وَيَغِيبُ عَنهَا مُنَادِي التَّقوَى وَالإِيمَانِ وَدَاعِي شُكرِ الرَّحمَنِ، فَتُذبَحُ المِئَاتُ مِنَ النَّعَمِ وَالغَنَمِ، لِيُقَالَ فُلانٌ كَرِيمٌ أَو جَوَادٌ، وَاللهُ يَعلَمُ أَنَّهُ قَد لا يَكُونُ عَرَفَ الكَرَمَ في حِيَاتِهِ وَلا مَشَى في الجُودِ يَومًا وَلا سَمَحَت بِهِ نَفسُهُ، وَإِلاَّ لأَنفَقَ ممَّا رَزَقَهُ اللهُ فِيمَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرضَاهُ، وَلَتَحَرَّى سُبُلَ الخَيرِ وَأَبوَابَ المَعرُوفِ، وَلَبَحَثَ عَنِ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالمُحتَاجِينَ، وَلَتَجَافى عَن إِخوَانِ الشَّيَاطِينِ مِنَ المُبَذِّرِينَ المُسرِفِينَ، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِن هَؤُلاءِ يَمُرُّونَ عَلَى مَشرُوعَاتِ الخَيرِ مُصبِحِينَ وَبِاللَّيلِ، وَيَرَونَ حَولَهُم مَن يَتَقَلَّبُونَ في الفَقرِ وَالمَسكَنَةِ، وَتُمَدُّ إِلَيهِم أَيدٍ تَستَجدِي وَتَستَعطِي، فَلا يَهُونُ عَلَى أَحَدِهِم أَن يُنفِقَ قَلِيلاً لِوَجهِ اللهِ، فَإِذَا مَا دَعَاهُ دَاعِي الهَوَى وَأَحَاطَ بِهِ المُفَاخِرُونَ، عَمَدَ إِلى نِعَمِ اللهِ يُبَدِّدُهَا وَيَعِيثُ فِيهَا فَسَادًا ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64] وَمِن ثَمَّ فَلا عَجَبَ أَلاَّ تَجنيَ الأُمَّةُ بِسَبَبِ هَذَا الطُّغيَانِ إِلاَّ غَلاءَ الأَسعَارِ وَقِلَّةَ الأَمطَارِ، وَنَزعَ البَرَكَاتِ وَذَهَابَ الخَيرَاتِ، فَنَسأَلُ اللهَ أَلاَّ يُؤَاخِذَنَا بما فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَالزَمُوا الشُّكرَ فَإِنَّهُ قَيدُ النِّعَمِ، وَجَانِبُوا الإِسرَافَ فَإِنَّهُ جَالِبٌ لِلنِّقَمِ، وَاحذَرُوا الفَخرَ وَأَهلَهُ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلبَغيِ وَالظُّلمِ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّ اللهَ أَوحَى إِليَّ: أَن تَوَاضَعُوا حَتى لا يَفخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَإِذَا اقتَنَى النَّاسُ حُمْرَ النَّعَمِ وَتَبَاهَوا بها وَتَفَاخَرُوا، فَاسمَعُوا إِلى شَيءٍ ممَّا هُوَ خَيرٌ مِن ذَلِكَ وَعُوا، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "لأَن يَهدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا، خَيرٌ لَكَ مِن أَن يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "أَيُّكُم يُحِبُّ أَن يَغدُوَ كُلَّ يَومٍ إِلى بُطحَانَ أَوِ إِلى العَقِيقِ فَيَأتيَ مِنهُ بِنَاقَتَينِ كَومَاوَينِ زَهرَاوَينِ في غَيرِ إِثمٍ وَ لا قَطعِ رَحِمٍ؟ فَلأَن يَغدُوَ أَحَدُكُم إِلى المَسجِدِ فَيَتَعَلَّمَ أَو يَقرَأَ آيتَينِ مِن كِتَابِ اللهِ خَيرٌ لَهُ مِن نَاقَتَينِ، وَثَلاثٌ خَيرٌ لَهُ مِن ثَلاثٍ، وَأَربَعٌ خَيرٌ لَهُ مِن أَربَعٍ وَمِن أَعدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ زَادَكُم صَلاةً إِلى صَلاتِكُم هِيَ خَيرٌ لَكُم مِن حُمْرِ النَّعَمِ أَلا وَهِيَ الرَّكعَتَانِ قَبلَ الفَجرِ" رَوَاهُ البَيهَقِيُّ وَغَيرُهُ وَقَالَ الأَلبَانيُ: إِسنَادُهُ جَيِّدٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المعرفة الحقيقية للنعم تقود إلى شكرها

مختارات من الشبكة

  • حديث: إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شكر النعم سبيل الأمن والاجتماع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شكر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شناعة جحود النعم وقوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • التذكير بالنعم المألوفة (7) الطعام والشراب(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • من أقوال السلف في الحسبلة "حسبي الله ونعم الوكيل"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من النعم أن يحجب عنك بعض النعم!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حديث حمران مولى عثمان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/5/1447هـ - الساعة: 17:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب